جريمة التعذيب في المواثيق الدولية

1-الإعلان العالمي لحقوق الإنسان:

تم إعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة ومن خلاله وافقت الدول على إعتبار أن حقوق الإنسان الأساسية هي حق لكل شخص وتطبق في كل مكان وليس فقط الدول الموافقة على الإعلان ويستتبع ذلك المبدأ وجوب أن تحترم جميع الحكومات حقوق الأشخاص الخاضعين لولايتها القضائية. وقد كان الإعلان العالمي لحقوق الإنسان السباق في النص على حظر التعذيب والعقوبة القاسية أو اللإنسانية أو المهينة .

وقد نص هذا الإعلان في مادته الخامسة على “لا يعرض أي إنسان للتعذيب ولا للعقوبات أو المعاملات القاسية أو الوحشية أو المحطة بالكرامة.”، بمعنى أنه حظر إستعمال التعذيب لكنه حظر عام لا يتضمن أي إلزام غير انه يفرض إلزام معنوي على الدول في ضرورة إحترامه وتطبيق أحكامه لكن هذا الإعلان لم يعرف التعذيب كما لم ينص على العقوبة فحتى عند محاولة تطبيقه من طرف الدول فلن تتمكن من ذلك قبل إتخاذ نصوص داخلية تسمح بتطبيقه

2-العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية:

تم إعتماده سنة 1966 وقد حظر ممارسة التعذيب في مادته السابعة وعلى عكس الإعلان العالمي لحقوق الإنسان فإن الدول التي تصبح طرفا في العهد تكون ملزمة دوليا بإحترام هذا الحظر وأن تعمل على تمتع جميع الأفراد الداخلين في ولايتها القضائية بالحق في عدم التعرض للتعذيب أو سوء المعاملة وإلا تعرضت للمسؤلية الدولية لأن الدول في علاقاتها الدولية تتعامل بمبدأ حسن النية والمعاملة بالمثل.

كما نجد فضلا عن هذه الوثيقتين النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (روما) تعرض لجريمة التعذيب في المادة السابعة بإعتبارها تشكل جريمة ضد الإنسانية ووصفها بأنها من أخطر الجرائم التي تثير قلق المجتمع الدولي بأسره. كما تم النص على حظر التعذيب في المعاهدات الإقليمية ومنها الإتفاقية الأروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية التي بدأ نفاذها في 1953/11/03 في مادتها الثالثة (لا يجوز تعريض أحد للتعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللإنسانية أو المهينة). وكذا الإتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان التي إعتمدت في 1969/11/22 في مادتها الخامسة (لا يجوز تعريض أي شخص للتعذيب)، والميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب المعتمد في 1981 في مادته الخامسة (وتحظر جميع أشكال… والتعذيب) .

3-إعلان الأمم المتحدة المتعلق بحماية جميع الأشخاص من التعرض للتعذيب:

إن إعلان الأمم المتحدة حول التعذيب الذي إعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة يشكل أقدم وثيقة دولية نصت على تجريم التعذيب وقد وصفه بأنه (إمتهان للكرامة الإنسانية) ويرى فيه شكلا متفاقما من أشكال المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المحطة بالكرامة حسب مادته الثانية التي نصت على “يعتبر أي عمل من أعمال التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة إمتهانا للكرامة الإنسانية يدان بوصفه إنكارا لمقاصد الأمم المتحدة وإنتهاكا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.”، وقد مثل هذا الإعلان خطوة هامة في الطريق لإعداد إتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللانسانية أو المهينة التي استوحت معظم قواعدها من هذا الإعلان .

4-إتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب:

لقد إعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بتوافق الأراء في 1984/12/10 في قرارها رقم 46/39 وهي أهم وثيقة لحظر التعذيب على المستوى العالمي تتكون من

33 مادة تتضمن أحكام تفصيلية حول الوقاية وقمع التعذيب فبعد تعريفها التعذيب في مادتها الأولى، نجد الجزء الأول منها ينص على أن تتخذ الدول الأطراف تدابير تطبيقية من أجل إعمال مبدأ الحظر بكل جوانبه، بطريقة فعالة وعلى أي إقليم يخضع لولايتها القضائية، ولا تجوز ممارسة التعذيب بأي مبرر، سواء في الظروف الإستثنائية مثل حالة الحرب أو حالة الإضطرابات الداخلية، كما لا يجوز التذرع بطاعة أمر صادر عن موظف أعلى رتبة أو عن سلطة عامة للقول بإباحة التعذيب، كما تتعهد الدول بألا تطرد أي شخص أو تقيده أو تسلمه إلى دولة أخرى، إذا توافرت أسباب حقيقية تبعث على الإعتقاد بأنه سيتعرض فيها للتعذيب. وعليها أن تضمن بأن تكون جميع أعمال التعذيب، أو محاولات ممارسة التعذيب والتواطئ أو المشاركة فيها جرائم خطيرة تتصدى لها القوانين الجنائية للدول الأطراف بالتجريم والعقاب وتنص الإتفاقية أيضا على أن الأشخاص الذين يزعم إرتكابهم أعمال تعذيب يقدمون إلى المحاكمة أو يتم تسليمهم ويطلب إلى الدول أن تقدم إلى بعضها البعض المساعدة القضائية فيما يتعلق بالدعاوى الجنائية المتعلقة بإقتراف مثل تلك الأعمال اللإنسانية .