تعريف الشركات القابضة في النظام الجديد

تسعى حكومة المملكة العربية السعودية دائمًا لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية وجلب الأنشطة التجارية المختلفة إلى أراضيها وخلق فرص عمل في جميع القطاعات، ولذلك تحرص على تعديل الأنظمة القائمة لاسيما التجارية منها، لإزالة المعوِّقات التشريعية التي يمكن أن تَحُول دون تحقيق غايتها.

وقد صدر نظام الشركات الجديد بالمرسوم الملكي رقم (م/3) وتاريخ 28/1/1437هـ، من أجل مسايرة هذه التوجهات؛ لخلق بيئة نظامية مرنة تدفع عجلة الإنتاج إلى الأمام وتحقق التنمية المستدامة للاقتصاد السعودي، وذلك بالنظر إلى الدور البارز الذي تؤديه الشركات متعددة الجنسيات في الارتقاء بالاقتصاد الوطني.

وجاء نظام الشركات الجديد بالعديد من الأحكام الحديثة التي لم تكن موجودة في النظام القديم، ومنها النصّ على تنظيم أحكام الشركات القابضة، واستحدث المنظم بابًا خاصًا للشركات القابضة التي تعدُّ نتاجًا مهمًا في ظل التقدم الاقتصادي الذي تشهده الكثير من دول العالم.

ويهدف هذا النوع من الشركات إلى التركيز الاقتصادي بين المشاريع لشركات كثيرة تجتمع في كيان واحد، وهو ليس نوعًا مستقلًا بشكله القانوني عن أشكال الشركات المعروفة في الأنظمة التجارية، وعَرف النظام الجديد الشركات القابضة في المادة (182) منه بأنَّها (شركة مساهمة أو ذات مسؤولية محدودة تهدف إلى السيطرة على شركات أخرى مساهمة أو ذات مسؤولية محدودة، تدعى الشركات التابعة، وذلك بامتلاك أكثر من نصف رأس مال تلك الشركات أو بالسيطرة على تشكيل مجلس إدارتها. ويجب أن يقترن اسم الشركة الذي اتخذته بالإضافة إلى نوعها بكلمة قابضة).

ويفهم من التعريف السابق أن هذا النوع من الشركات يقوم على السيطرة المالية والإدارية على شركة أو مجموعة شركات تعرف بالتابعة، وتتم السيطرة بطريقتين؛ الأولى: أن تمتلك أكثر من نصف رأسمالها، والثانية: أن تكون لها السيطرة على تكوين مجلس إدارتها.

تأسيس الشركات القابضة وأهدافها في النظام الجديد

أقّر المشرِّع السعودي، في نظام الشركات الجديد الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/3) وتاريخ 28/1/1437هـ، أن تأخذ الشركات القابضة شكل شركة المساهمة، كما أجاز لها أن تأخذ شكل الشركة ذات المسؤوليَّة المحدودة، ولكن يجب أن يستمد اسمها من موضوع نشاطها مع مراعاة ذكر مصطلح (شركة قابضة) في جميع الأوراق والمراسلات التي تصدر عنها إلى جانب اسمها التجاري.

ويجب ألا يتجاوز الغرض الذي أنشئت من أجله الشركات القابضة شركات المساهمة والشركات ذات المسؤولية المحدودة، وحددت المادة (183) من نظام الشركات الجديد أهداف الشركة القابضة، وهي:-

• أن يكون الغرض من الشركة القابضة هو إدارة الشركات التابعة لها.
• المشاركة في إدارة الشركات الأخرى التي تساهم فيها وتوفير الدعم اللازم لها.
• استثمار أموالها في الأسهم وغيرها من الأوراق المالية.
• امتلاك العقارات والمنقولات اللازمة لمباشرة نشاطها.
• تقديم القروض والكفالات والتمويل للشركات التابعة لها.
• امتلاك حقوق الملكية الصناعية مثل براءات الاختراع والعلامات التجارية وحقوق الامتياز.
• استغلال الحقوق المعنوية وتأجيرها للشركات التابعة لها أو لغيرها.
• أي غرض آخر مشروع قانونًا يتفق مع طبيعة الشركة.

أما بشأن كيفية تأسيس الشركات القابضة، فهناك ثلاث طرق؛ الأولى: أن يتم إنشاء شركة مساهمة منفردة أو بالاشتراك مع أشخاص اعتبارية عامَّة أو خاصَّة أو بعض الأفراد، والثانية: أن يتمَّ شراء أسهم شركات المساهمة أو بيعها أو المساهمة في رأسمالها، والثالثة: أن يتم تأسيس أو شراء أسهم شركات ذات مسؤولية محدودة.
وتخضع الشركة القابضة للأحكام التي تخضع لها وتُبنى عليها الشركة التي تتخذ شكلها، سواء أكانت شركة ذات مسؤولية محدودة أم شركة مساهمة.

حقوق الشركات القابضة في نظام الشركات الجديد

أكد نظام الشركات الجديد الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/3) وتاريخ 28/1/1437هـ، أن الشركات القابضة تتحقق سيطرتها على الشركات التابعة لها من خلال امتلاكها الأسهم التي تكفي للتصويت بغرض السيطرة عليها وإدارتها، أي السيطرة على عملية إصدار القرار، ولا يجوز للشركات التابعة لها امتلاك أسهم أو حصص في الشركات القابضة.

وجاء هذا الحظر في نصَّ المادة (184) من النظام الجديد، وجاء فيها أنَّه (لا يجوز للشركة التابعة امتلاك حصص أو أسهم في الشركة القابضة، ويعد باطلًا كل تصرُّف من شأنه نقل ملكيَّة الأسهم أو الحصص من الشركة القابضة إلى الشركة التابعة).

وينطبق هذا الحظر فقط على الشركات التابعة، بمعنى أن الشركة القابضة لا يوجد قيد عليها يمنعها من امتلاك أسهم وحصص الشركات التابعة.

بينما يجوز للشركات القابضة امتلاك حقوق الملكية الصناعية والفكرية مثل براءات الاختراع أو العلامات التجارية والرسوم الصناعية أو أية حقوق أخرى تتعلق بذلك وتأجيرها لشركات أخرى لاستخدامها داخل الدولة أو خارجها، وكذلك امتلاك المنقولات والعقارات اللازمة لمباشرة نشاطها.

ومن الجائز أيضًا أن تملك الشركات القابضة حقوق الامتياز وغيرها من الحقوق المعنوية الأخرى وتأجيرها للشركات التابعة لها أو لغيرها، إلى جانب تقديم القروض والكفالات والتمويل للشركات التابعة لها، وغيره من الأغراض الأخرى التي تتفق مع طبيعة هذه الشركة.

وإدارة الشركة القابضة تتمّ بواسطة مجلس الإدارة، الذي يصدر قرار بتشكيله من الجمعية العامة، ويتكون من عدد فردي لا يقلّ عن ثلاثة أفراد، ويحدد عقد الشركة الأساسي اختصاصات المجلس والأعمال الموكلة إليه ومدته الزمنية.

النظام المالي للشركة القابضة والشركات التابعة لها

أّقر نظام الشركات الجديد، الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/3) وتاريخ 28/1/1437هـ، إدارة الشركة القابضة بواسطة مجلس الإدارة، الذي يصدر قرار بتشكيله من الجمعية العامة، ويتكون من عدد فردي لا يقلّ عن ثلاثة أفراد، ويحدد عقد الشركة الأساسي اختصاصات المجلس والأعمال الموكلة إليه ومدته الزمنية.

وتنطبق الأحكام والقواعد الواردة ذاتها في نظام الشركات بشأن تعيين أعضاء مجلس الإدارة أو عزلهم وكذلك السلطات الممنوحة لهم في ممارسة أعمالهم والمقيّدة لممارسة هذه الأعمال وغيرها من الأحكام الأخرى الخاصة بالشركة ذات المسؤولية المحدودة وبشركة المساهمة، بالقدر ذاته على الشركة القابضة حال اتخذت الأخيرة شكل شركة مساهمة أو شركة ذات مسؤولية محدودة.

ومن المعروف أنَّ الشركة القابضة لها نظام ماليٌّ، حيث يحدد عقد التأسيس بداية ونهاية السنة المالية لها، وتعد الشركة القابضة قوائم مالية موحدة لأصول والتزامات وحقوق المساهمين وإيرادات ومصروفات الشركة والشركات التابعة لها.

ونصَّت المادة (185) من نظام الشركات على أنَّه (على الشركة القابضة أن تعدَّ في نهاية كل سنة قوائم مالية موحدة تشملها وتشمل الشركات التابعة لها، وذلك وفق المعايير المحاسبية المتعارف عليها).

ولو تم التدقيق في العلاقة التي تربط الشركة القابضة والشركات التابعة، فإنَّ نشأة الشركات التابعة يكون في الأساس بقرار صادر عن مجلس إدارة الشركة القابضة، ورغم أن الشركات التابعة تتمتع بشخصية اعتباريَّة مستقلة، فتكون لها أهليَّة تمكِّنها من اكتساب الحقوق وتحمُّل الالتزامات، فتظلُّ رغم ذلك تابعة للشركة القابضة، ويرجع السبب إلى أنَّ الشركة القابضة تسيطر غالبًا على أكثر من نصف أسهم الشركات التابعة، وهو ما يضمن للشركة القابضة تبعيَّة الشركات التابعة.

وبما أن الشركة القابضة تسيطر ماليًا وإداريًّا على الشركات التابعة، فإنَّ هذا الأمر تنتج عنه مسؤوليَّة الشركة القابضة عن ديونها والتزاماتها تجاه الغير، وكذلك تنعقد مسؤوليتها عن ديون الشركات التابعة لها على حدٍّ سواء.