مقدمة:
يعاني الأطفال عادة من ضعف قدراتهم الجسمية والعقلية إذا ما قورنت بتلك التي يتمتع بها البالغون، الشيء الذي قد يساهم في تسهيل المأمورية على الغير الذي يرغب في الاعتداء على حقهم في الحياة ، ولكون هذا الأخير يعد من بين أسمى الحقوق التي يتمتع بها الطفل ، فإنه أصبح في الوقت المعاصر مهددا أكثر في عدة اتجاهات، منها ذات الصلة بالنزاعات السياسية كالحروب، ومنها تلك المتصلة بالإهمال و اللامبالاة نتيجة سوء التغذية و التطبيب التي تؤدي في غالب الأحيان إلى وفاة الطفل، ومنها على الخصوص المرتبطة بالأعمال الإجرامية الصرفة الرامية إلى سلب حياة الطفل لتحقيق مصالح ثانوية

و تمثل صفة الطفولة عموما إما عنصرا تكوينيا في التجريم ، أو ظرفا مشددا في تحديد العقوبة وذلك لما تتميز به المرحلة التي تمر منها من ميزات خاصة لاسيما إذا كان الطفل حديث العهد بالولادة ، ولاعتبار أن هذا الأخير يعد إنسانا بالدرجة الأولى فإنه يستفيد من الحماية الجنائية العامة المقررة للإنسان لضمان تمتعه بما يعرف بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها كونيا، فضلاً عن استفادته من الحماية الجنائية الخاصة المقررة له كطفل وليد ، التي تمليها ظروفه الخاصة المتمثلة بضعف إدراكه وعجزه عن الدفاع عن نفسه في حال الاعتداء عليه.

       و سينحصر نطاق هذه الدراسة على الحماية الجنائية المتعلقة بالأطفال حديثي الولادة، دون الغوص في جوانب هذه الحماية المرتبطة بمبادئ حقوق الإنسان ، التي تدخل في إطار الحماية الجنائية العامة، وبذلك فلن نتناول جرائم القتل الخطأ و جرائم الضرب المفضي إلى الموت و عموما غيرها من الجرائم غير العمدية.

و تبقى أهم جريمة تقترف في حق الطفل الوليد هي جريمة القتل العمدي التي يراد من ورائها تحقيق نتائج غير قانونية ترتبط غالبا في مهدها بارتكاب جرائم أخلاقية. وقد حاول جانب من الفقه وضع تعريف قانوني لمفهوم القتل العمدي المذكور، فمنهم من اعتبره ” الاعتداء الإرادي و الباغي على حياة إنسان بفعل إنسان أخر،و كان من عرفه بأنه “صدور فعل أو ترك من إنسان بقصد إزالة حياة إنسان أخر بغير حق و يؤدي ذلك إلى وفاته ، أما تعريف القتل الذي وضعه المشرع المغربي في إطار الفصل 392 من القانون الجنائي فهو ” كل من تسبب عمدا في قتل غيره يعد قاتلا “، أو كما عبر عنه القانون الفرنسي في المادة 221 من القانون الجنائي أن القتل هو” إزهاق الروح المرتكب إراديا.

وبالرغم من كون جل التشريعات المقارنة تعتمد نفس مفهوم القتل ، الذي يقتضي أن يكون محل الجريمة إنسانا على قيد الحياة ، وأن يرتكب في حقه فعلا غير قانوني يؤدي إلى إزهاق روحه ، و بأن يكون هذا السلوك صادرا عن شخص أخر، فإن القليل من هذه التشريعات من خصص لجريمة قتل الطفل بشكل عام و الطفل حديث الولادة بشكل خاص مقتضيات قانونية خاصة في منظوماتها الجنائية ، و من ذلك نذكر قانون العقوبات اللبناني الذي نص على تشديد عقوبة قتل الطفل الذي لم يكمل خمس عشرة سنة من العمر.إذ أن غالبية التشريعات اعتبرت جريمة قتل الأطفال حديثي الولادة مثلها مثل باقي الجرائم المرتكبة ضد الإنسان البالغ. بحيث أنها لم تفرد لها أي نص قانوني خاص وهذا ما سار عليه قانون العقوبات المصري و قانون الجزاء الكويتي.

ومن هذا المنطلق نورد أن جريمة قتل الأطفال حديثي الولادة تتكون من نفس الأركان القانونية التي تقوم عليها جرائم القتل المرتكبة في حق الرشداء، مع فارق أساسي يتعلق بصفة المجني عليه الذي هو الطفل حديث الولادة باعتباره يؤثر في تقدير العقوبة.

ويقصد بمفهوم حداثة الولادة حسب بعض الفقهاء تلك المدة الزمنية الواقعة بين فترة الولادة و فترة ما قبل إتمام الطفل سنته الأولى من العمر[5]،بينما هناك من اعتبر الطفل حديث الولادة متى ارتكبت جريمة القتل في حقه بعد ولادته بفترة زمنية قصيرة جدا.

وأمام هذا التباين الفقهي حول المرحلة العمرية التي يكون فيها الطفل حديث الولادة كان لابد من تدخل التشريعات المقارنة لتحديد هذه المرحلة الفاصلة بين الولادة والقتل، والتي يعتبر فيها الطفل وليدا ، فمن جانبه حدد المشرع البلجيكي هذه الفترة في يوم واحد فقط من تاريخ الولادة، بينما جعلها المشرع الدنماركي في يومين من تاريخ الولادة حسب ما جاء بمقتضيات المادة 234 من قانون العقوبات.

و هناك من القوانين من حددها في مدة ثلاثة أيام من تاريخ الولادة كالتشريع الفرنسي، فتحديد هذه المدة كان بصورة ضمنية بعدما استنتجها القضاء الفرنسي باعتبارها المدة اللازمة التي يجب خلالها تقييد المواليد بسجلات الحالة المدنية.أما التشريع المصري فقد حددها هو الأخر بشكل غير مباشر وجعلها في حدود خمسة عشر يوما من تاريخ الولادة، وهي المدة التي استشفها القضاء المصري باعتبارها الفترة القصوى لتسجيل الطفل بسجلات الحالة المدنية. في حين حددها القانون الإنجليزي الصادر سنة 1952 في مدة زمنية طويلة شيئا ما مقارنة بالمدد السالفة الذكر، وجعلها تمتد إلى بلوغ الطفل سنة كاملة من تاريخ ولادته.

وبخصوص معالجة القانون المغربي لهذه الفترة فبالرجوع إلى مقتضيات الفصل 397 من القانون الجنائي نجده لم يحددها على غرار ما ذهبت إليه التشريعات المقارنة المذكورة ، وإن كان بعض الفقه المغربي قد اعتبر أن الفصل المذكور وإن لم يحدد صراحة هذه الفترة فإنه حسب رأيه قد جعل هذه الفترة قصيرة عندما استعمل المشرع مصطلح ” وليد” و لم يوظف مصطلح ” ولد” في ذات الفصل.

 و أمام سكوت المشرع عن تحديد النطاق الزمني لحداثة العهد بالولادة ، و كذا أمام غياب اجتهاد قضائي يقضي بتحديد هذه المدة الزمنية، نرى إن الأمر يبقى متروكا للسلطة التقديرية لقضاة الموضوع على أساس أن تكون المدة بين واقعة القتل ولحظة الميلاد قصيرة.

ويلاحظ أن ارتكاب جريمة قتل الطفل الوليد تتم عادة إما من قبل الأم بنفسها رغبة منها في اتقاء العار، لاسيما في حالة ما إذا ازدياد هذا الوليد كان نتيجة علاقة جنسية غير شرعية ( المطلب الأول )، أو يتم قتله من طرف الغير نتيجة أسباب اجتماعية مختلفة (المطلب الثاني).

المطلب الأول: قتل الأم لطفلها الوليد اتقاء للعار:

يكون إقدام الأم على قتل وليدها نتيجة الضغوط الاجتماعية و الظروف النفسية و البيولوجية التي تتحملها عندما يكون حملها ناتجا عن علاقة جنسية غير شرعية، فبدافع هذه الظروف الصعبة قام المشرع الجنائي في العديد من الدول العربية على تمتيع الأم التي تزهق روح وليدها نتيجة هذه العوامل بتخفيف العقوبة في حقها.

وتنقسم السياسات الجنائية بشأن جريمة قتل الأم لوليدها إلى اتجاهين أساسيين، اتجاه يأخذ بالعذر المخفف للعقوبة في حق الأم اعتبارا للباعث وراء إقدامها على ارتكاب هذه الجريمة بدافع اتقاء العار و التستر على الفضيحة ، إذ يمثل هذا الاتجاه قانون العقوبات السوري في مادته 537، و قانون العقوبات اللبناني في المادة 551 ، و قانون الجزاء الكويتي في مادته 159، و قانون العقوبات العراقي في المادة 408. بينما الاتجاه الثاني فإنه لا يشترط لقيام الجريمة المذكورة سوى نية إزهاق الروح دونما تطلبه في ذلك توفر القصد الجنائي الخاص الذي قوامه اقتراف الجريمة بغرض التستر على الفضيحة ،و يمثل هذا الاتجاه كل من القانون المغربي و القانون الفرنسي القديم.

وبخلاف ذلك هناك من التشريعات العربية التي جعلت من قتل الأم لوليدها لا تستفيد من أي عذر قانوني مخفف للعقوبة ، ويمثل هذا الاتجاه التشريع المصري، إذ لم يقرر أي حكم خاص يتعلق بقتل الطفل حديث الولادة سواء كان مرتكب هذا القتل الأم كيفما كان دافعها في ذلك ، أو من قبل الغير.

و فيما يتعلق بتشريعات الدول الغربية فإن مواقفها قد تباينت في تناول هذا الموضوع، و يعود السبب في ذلك إلى اختلاف غرض قتل الأم لوليدها. فهناك من القوانين من خفف العقوبة في حق الأم أيا كان غرضها من قتل ابنها حديث العهد بالولادة ، ولو لم يكن الهدف هو اتقاء العار، إذ يقر هذا الاتجاه القانونين الفرنسي و الإنجليزي، إذ جعل هذا الأخير جريمة قتل الأم لوليدها الذي لم يكمل سنته الأولى متى كانت حالتها النفسية متدهورة بسبب الأعراض الناتجة عن الولادة شبيهة بجريمة القتل غير العمدي في أحكامها القانونية، في حين هناك من اقرن تخفيف العقوبة في حق الأم كلما كان دافعها في قتل وليدها هو اتقاء العار و هو الاتجاه الذي سار عليه التشريع الإيطالي.

و تجدر الإشارة إلى أن المشرع المغربي قد تناول الموضوع من جهته أيضا بعدما نص في الفقرة الثانية من الفصل 397 من القانون الجنائي على أنه: “…إلا أن الأم سواء كانت فاعلة أصلية ، أو مشاركة في قتل وليدها تعاقب بالحبس من خمس سنوات إلى عشر ، ولا ينطبق هذا النص على مشاركيها ولا على المساهمين معها .

فمن خلال وضع المشرع لهذه المقتضيات يكون قد نحى منحى التشريعات الجنائية التي لم تقرن استفادة الأم التي أزهقت روح وليدها من العذر القانوني المخفف للعقوبة ، و ذلك متى كان غرض هذا القتل هو اتقاء العار، وإنما متعها بهذا العذر لمجرد كون القتيل يعد ابنها.

ومن هذا المنطلق و لتسليط المزيد من الضوء على جريمة قتل الأم لوليدها لكونها تعد جريمة استثنائية ضمن جرائم القتل العمد العادية ، كان لابد من إبراز المبررات القانونية و الواقعية التي دفعت التشريعات الجنائية لتخفيف العقوبة في حق الأم ، وذلك سواء كان الهدف في قتل وليدها هو اتقاء العار، أو كان بدافع أخر، سعيا من هذه التشريعات في منح فرصة أخرى للأم للمساهمة في تكوين أسرة مستقبلية عمادها الاستقرار لأداء دورا أساسيا في بناء المجتمع بصفة عامة ( الفقرة الأولى) ، مع التطرق إلى الأركان القانونية المتطلبة لتفعيل هذا العذر المخفف للعقوبة في التشريع الجنائي المغربي ( الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: مبررات تمتيع الأم الجانية بعذر مخفف للعقوبة:

لقد صدرت في مطلع القرون الوسطى عدة قوانين صارمة تجرم قتل الطفل من  طرف أية جهة كانت بما فيهم والديه، إذ كانت تنفذ على الجاني المدان من أجل هذا القتل عقوبة الإعدام . و يعود سبب هذا التشديد في العقاب إلى إقرار اهتمام خاص بالأطفال لاعتبارهم، حسب هذه القوانين يشكلون طرفا ضعيفا تجب حمايته جنائيا.

وقد امتد هذا التوجه القانوني في الزمان إلى أن برز تيار فقهي يتزعمه جانب من الفلاسفة و المفكرين الذين انتقدوا هذا النهج المتشدد في العقاب مع مرتكبي جرائم القتل في حق الأطفال بصفة عامة ، لاسيما إذا كان الجناة من بين والدي هؤلاء الأطفال ، بحيث نادوا بضرورة تخفيف عقوبة هذه الجرائم لاعتبارات متعددة منها ذات الصلة بالجانب الاجتماعي للجاني، وأخرى ترتبط بالضغوط و الإكراهات التي ترمي إلى حماية شرف العائلة.

ومن بين أهم دوافع إقدام الأمهات على ارتكاب جرائم القتل في حق أطفالهم حديثي الولادة هو دافع إنقاذ سمعة العائلة ، خاصة إذا كان الطفل المجني عليه قد ولد في إطار غير شرعي سواء كان ذلك برضا الأم أو نتيجة فعل إجرامي كما لو نتج حملها بسبب جريمة اغتصاب . و لكي يتم اعتبار قتل الأم لوليدها يعود أساسه إلى رغبتها في اتقاء العار، و بالتالي إمكانية استفادتها من العذر المخفف للعقوبة ، يجب توفر ركنين أساسيين، وهما:

أولا: أن يكون المحيط الأسري للأم التي أزهقت روح وليدها يستنكر الحمل متى كان ناتجا عن علاقة جنسية غير شرعية.

ثانيا: أن تتقاسم الأم مع محيطها الأسري نفس الاستنكار اتجاه حملها غير الشرعي، مع استحضار أن هذا الشرط لا يسري في حال كون الأم تمتهن الدعارة مثلا، لأنها في هذه الحالة لا تشارك محيطها الاجتماعي قيمه المتعارف عليها.

ويرجع كذلك تبرير تخفيف العقاب عن الأم للظروف النفسية الصعبة والمتردية التي تكون عليها لحظة وضعها مولودا يكون ثمرة علاقة غير شرعية، لأنها في هذه اللحظة تعاني من لعنة العار التي تلاحقها، ويظهر ذلك جليا من خلال علاقتها بمحيطها الأسري و الخارجي وكذا من خلال علاقتها بنفسها . الشيء الذي يولد لديها رغبة كبيرة في التخلص السريع من وليدها قصد تجنب الفضيحة.

ويستنتج من خلال ما سبق ذكره أن وضعية الأم في هذه المرحلة تشبه وضعية الشخص الواقع  تحت تأثير إكراه معنوي كبير، الشيء الذي تكون معه جريمة قتل وليدها أقل خطورة من جميع صور القتل العادية الأخرى التي قد ترتكب لأتفه الأسباب، بخلاف جريمة القتل التي تقدم عليها الأم وهي خاضعة لمشاكل نفسية و ظروف فيزيولوجية استثنائية.

و هناك من يعتبر أن إقدام الأم على هذا القتل يبرره عدم علم المجتمع و السلطات العامة بواقعة وضعها لمولود خارج الإطار الشرعي، وذلك نتيجة تسترها المستمر قبل وبعد هذه الواقعة، متوقعة أن ارتكابها لهذه الجريمة لن يكتشفها أحد. و أن قتل الطفل حديث العهد بالولادة في مراحله الأولى من العمر يكون عادة أقل خطورة من غيره من الجرائم ، لكون المجني عليه يكون في هذه المرحلة من حياته في غاية من العجز و الضعف و الإدراك ، و لم تتكون له بعد أية قيمة اجتماعية حقيقية تستوجب حمايتها جنائيا ، بل و ربما كونه غير صالح  حتى للحياة بسبب مشكل صحي لا ينفع معه علاج أو تشوه خلقي خطير.

الفقرة الثانية: أركان جريمة قتل الأم لوليدها في التشريع المغربي:

لقد نصت الفقرة الثانية من الفصل 397 من القانون الجنائي على المقتضيات التالية: “… إلا أن الأم سواء كانت فاعلة أصلية أو مشاركة في قتل وليدها تعاقب بالحبس من خمس سنوات إلى عشر ، و لا ينطبق هذا النص على مشاركيها و لا على المساهمين معها “.

ومن أجل تحقق جريمة قتل الأم لوليدها يتعين أولا توفر الأركان العامة للجريمة شأنها في ذلك شأن باقي الجرائم الأخرى، بحيث تتطلب قيام الركن المادي و المتمثل في إتيان الأم لفعل أو الامتناع عن فعل يؤديان إلى إزهاق روح الطفل حديث الولادة، وموازاة مع ذلك يجب توفر الركن المعنوي الذي يترجم في نية إزهاق الأم لروح وليدها بشكل عمدي دون وجوب انحصار القصد الجنائي في صورة معينة ، أي دون التقيد  بتحقق قصد جنائي خاص.

و بالإضافة إلى تحقق الأركان العامة يتعين لقيام هذه الجريمة توفر شروط خاصة أخرى تستشف من مضمون الفقرة الثانية من الفصل 397 المذكور، و التي يمكن حصرها فيما يلي:

أولا: صفة الجاني: بقراءة مقتضيات الفقرة الثانية من الفصل المذكور نجدها تنص على ضرورة أن تكون صفة الجاني هي أم الطفل الوليد، بحيث استثنت غيرها من الإعفاء بما في ذلك أقاربها مهما كانت درجة قرابتهم من جهتها أو من جهة الوليد المجني عليه. كما أن صفة الأم التي أشارت إليها هذه المقتضيات لا تنطبق على الأم بالتبني أو الأم المرضعة للوليد وذلك تطبيقا لقاعدة عدم جواز التوسع في تفسير النص الجنائي. وعلى خلاف من ذلك نجد بعض التشريعات المقارنة كالتشريع الإيطالي قد وسع من دائرة الأشخاص الذين يشملهم العذر المخفف للعقوبة في حال قتل احدهم لطفل حديث العهد بالولادة بدافع إنقاذ شرفه، وهم الأب و الأم و العم و الخال، أو أي شخص أخر تربطه بالأم علاقة قرابة مباشرة.

ثانيا: صفة المجني عليه:يتعين أن يكون المجني عليه طفلا حديث الولادة، وهذا مع ضرورة استحضار أن الفصل 397 من القانون لم يحدد بشكل دقيق السن الذي يعتبر فيه الطفل طفلا حديث الولادة وذلك كما فعلت بعض التشريعات المقارنة التي حددته قانونا كما أشرنا سابقا.

و جدير بالذكر أن المجني عليه لا يهم جنسه سواء كان ذكرا أو أنثى، و أيا كانت عليه حالته الصحية، ولو كان يعاني من أمراض أو عاهات خطيرة تحد بشكل كبير من فرص بقائه على قيد الحياة.

ثالثا:  شرعية الطفل حديث الولادة :إن مقتضيات الفصل 397 من القانون الجنائي لم تتناول بالتحليل الإطار الذي ازداد فيه الوليد المجني عليه، وإنما جاءت هذه المقتضيات القانونية بشكل مبهم ، بحيث نصت بشكل عام على تجريم إقدام الأم على قتل وليدها دون تحديدها فيما إذا كان يتعين لتفعيل هذه المقتضيات حصريا أن تكون الضحية نتاج علاقة جنسية غير شرعية.

ومن هذا المنطلق ، و تفعيلا لمبدأ ضرورة تفسير النص الجنائي تفسيرا ضيقا، يمكن القول أن هذا التجريم ينتج جميع آثاره القانونية ، وذلك سواء كان هذا الطفل مزدادا في إطار شرعي أو غير شرعي لعمومية السياق الذي جاء فيه النص القانوني، وسواء كان نتيجة تغرير أو اغتصاب ، وبغض النظر فيما إذا كانت الأم الجانية عازبة أو متزوجة.

رابعا: القصد الجنائي:يتبين من خلال مقتضيات الفصل 397 من القانون الجنائي أنه لم يتطلب أي قصد جنائي خاص لقيام جريمة قتل الأم لوليدها، فلا يهم سبب إقدام الأم على اقتراف جريمتها ، سواء كان ذلك لاتقاء العار، أو لصون شرفها، أو للحفاظ على سمعة عائلتها، أو كان بدافع العوز أو الفقر، أو لكون الوليد ازداد مشوه الخلقة ، أو مريضا مرضا خطيرا.

لنستكمل فى مقالة ثانيه