يستطيع الحائز الرجوع على المدين بدعوى الحلول محل الدائنين، ويثبت حق الحائز في الحلول، سواء قام بدفع ديون الدائنين مباشرة . أم قام بعرض مبلغ لتحرير العقار من الرهن ودفعه للدائنين المسجلة حقوقهم على العقار في حالة قبولهم لعرض الحائز ، أم دفع هذا المبلغ لشراء العقار في المزاد ، أم إذا خسر العقار في حالة رسو المزاد على الغير. فإذا وفى الحائز للدائن المرتهن دينه ، أو دفع أياً من هذه المبالغ ، فانه يحل محله بحكم القانون في جميع حقوقه تجاه المدين باستثناء التأمينات التي قدمها شخص آخر غير المدين ، وهذه هي حالة الكفيل الشخصي والكفيل العيني وبذلك يحل الحائز محل الدائن المرتهن في حق الرهن المقرر على العقار الذي في يده ، وبالتالي إذا طلب الدائنون المرتهنون الآخرين بيع العقار وجدوا الحائز قد حل محل الدائن المرتهن في حق الرهن وبذات مرتبة الدائن المرتهن المتقدمة(1). وقد أشارت المادة (1307) مدني عراقي الى حق الحائز في الحلول محل الدائن المرتهن ، إذ نصت ((إذا وفى الحائز الدين الموثق بالرهن التأميني حل محل الدائن فيما له من حقوق إلا ما كان منها متعلقاً بتأمينات قدمها شخص آخر غير المدين))(2). وبذلك فان الأصل ، هو أن يحل الحائز محل الدائن المرتهن في حقه بما لهذا الحق من خصائص وما يكفله من تأمينات وما يرد عليه من دفوع . إلا انه يرد عل هذا الأصل استثناءان ، الأول – يتعلق بحلول الحائز محل الدائن المرتهن في مواجهة الحائزين الآخرين . والثاني – يتعلق بحلول الحائز محل الدائن المرتهن في مواجهة الكفيل العيني والكفيل الشخصي .

بالنسبة الى الاستثناء الأول ، والذي يتعلق بحلول الحائز محل الدائن في مواجهة الحائزين الآخرين . فنلاحظ بان الفرض الذي يتحقق فيه رجوع الحائز على غيره من الحائزين يحصل عندما يقوم المدين الراهن بالتصرف في العقار أو العقارات المرهونة في دين واحد الى أكثر من شخص ، فيصبح كل منهم حائزاً لعقار مرهون في ذات الدين(3). فالأصل ، وطبقاً لقاعدة عدم تجزئة الرهن ، أن يكون كل جزء من العقار أو العقارات المرهونة ضامن لكل الدين ولكل جزء منه(4) . فإذا قام احد الحائزين بوفاء كل الدين ، وحل محل الدائن كان له أن ينفذ على أي عقار في مواجهة أي من الحائزين الآخرين لاستيفاء كل ما دفعه للدائن المرتهن استناداً الى المبدأ المتقدم . ولكن يرد على هذا الأصل استثناء حيث لا يرجع الحائز الموفي على غيره من الحائزين إلا بمقدار قيمة ما حازه كل منهم من عقار(5). وقد أشارت قسم من القوانين الى تجزئة رجوع الحائز على غيره من الحائزين ، ومن هذه القوانين ، القانون المدني المصري ، إذ نصت المادة (331) على ((إذا وفى حائز العقار المرهون كل الدين وحل محل الدائنين ، فلا يكون له بمقتضى هذا الحلول أن يرجع على حائز لعقار آخر مرهون في ذات الدين إلا بقدر حصة هذا الحائز بحسب قيمة ما حازه من عقار))(6). وبذلك فان المدين إذا أعطى الدائن حق رهن على أكثر من عقار لضمان الوفاء بالدين ثم قام بنقل ملكيتها الى عدة مشترين ، فان هؤلاء المشترين يعد كل واحد منهم حائزاً للعقار المرهون ، فإذا طالب الدائن المرتهن احدهم بالدين المضمون بالرهن ودفعه إليه فانه يحل محل الدائن المرتهن ولكنه لا يستطيع الرجوع على الحائزين الآخرين إلا بمقدار ما حازه كلٌ منهم من عقار(7).

ومثال على ذلك ، إذا كان دين الدائن هو عشر ملايين دينار، وقام المدين بترتيب حق رهن على ثلاثة عقارات لضمان الوفاء بالدين ونقل ملكيتها الى ثلاثة أشخاص وكانت قيمة العقار الأول عشرة ملايين دينار وقيمة العقار الثاني ست ملايين دينار وقيمة العقار الثالث أربع ملايين دينار ، فإذا قام الحائز للعقار الأول بدفع كل الدين المضمون بالرهن، فانه لا يستطيع الرجوع على الحائز للعقار الثاني والثالث إلا بمقدار ما حازه من عقار، فالحائز الموفي لا يرجع على الحائزين الآخرين إلا بقدر نصيب كل حائز من الدين والذي يتمثل بنسبة ما حازه من عقار الى قيمة جميع العقارات المرهونة. وبذلك فان الحائز الموفي يرجع على الحائز للعقار المرهون الثاني بمبلغ ثلاثة ملايين ، وعلى الحائز للعقار المرهون الثالث بمبلغ مليوني دينار. والحكمة من تجزئة رجوع الحائز على غيره من الحائزين ، هي من اجل وضع حد لرجوع الحائزين بعضهم على البعض الى ما لا نهاية ، أي لتلافي تكرار الرجوع فيما بين الحائزين(8). ولم يتضمن القانون المدني السوري وقانون الموجبات والعقود اللبناني والقانون المدني العراقي على نص يقابل النص المصري ، يحدد فيه أحكام الرجوع بين الحائزين ، ولكن لا مانع من الأخذ بالحكم المقرر في القانون المدني المصري ، لأنه يحقق العدالة ، ويعمل على تلافي حالة تكرار الرجوع فيما بين الحائزين.

ويبدو إن السبب في عدم وجود نص في القانون المدني العراقي يحدد أحكام الرجوع فيما بين الحائزين يعود الى ان الحائز عندما قام بالوفاء فانه كان ملتزماً بالدين مع غيره من الحائزين ومن ثم تطبق عليه نفس الأحكام التي تطبق على المدينين المتضامنين ، وبخصوص التضامن بين المدينين ، نلاحظ بن المادة (337/1 ،2) نصت على ((1- إذا تعدد المدينون في التزام غير قابل للانقسام كان كل منهم ملزماً بوفاء الدين كاملاً. 2- وللمدين الذي وفي الدين حق الرجوع على الباقين كل بقدر حصته إلا إذا تبين من الظروف غير ذلك))(9).وبذلك إذا قام المدين المتضامن بالوفاء بكل الدين ، فلا يستطيع الرجوع على الملتزمين معه إلا بعد خصم حصته في الدين ، كذلك فانه لا يرجع على كل منهم ، إلا بقدر حصته في الدين. وقد أيد القضاء المصري الحكم الذي نصت عليه المادة (331) مدني مصري إذ أشارت محكمة الاستئناف المصرية الى ((إن هذا الحل هو الذي تمليه العدالة حفظاً للتوازن في الحقوق والواجبات بين جميع الحائزين، لان القانون يخول كل منهم حق الحلول محل الدائن الأصلي في حقوقه متى وفى الدين. وله بهذه المثابة أن يرجع على سواه من الحائزين ومنهم من دفع أولاً فخير وسيلة لحفظ الموازنة بين الجميع هي أن يحصل رجوع بعضهم على بعض متناسباً مع قيمة ما يحوزون))(10).

 أما بالنسبة الى الاستثناء الثاني الذي يتعلق بحلول الحائز محل الدائن المرتهن في مواجهة الكفيل العيني والشخصي فقد بحثناه عند الكلام على آثار وفاء الدين من قبل الحائز، إذ لاحظنا بان الحائز يحل محل الدائن المرتهن في التأمينات الأخرى المقدمة من المدين دون التأمينات المقدمة من الغير، أي التأمينات المقدمة من الكفيل العيني والشخصي(11).

__________________

– انظر ، محمد طه البشير، الوجيز في الحقوق العينية التبعية، مصدر سابق،ص140. د.عبد الرزاق السنهوري ، الوسيط ، ج10، مصدر سابق ،ص476-478.

2- تقابلها المادة (1061) مدني مصري (موافق)، والمادة (1363) مدني أردني (موافق)، والمادة (1006) مدني كويتي(موافق).

3- انظر، د. مصطفى محمد الجمال ،أحكام الالتزام ، بلا مكان طبع ، 2000، ص281.

4- انظر، المادة (1294) مدني عراقي ، والمادة (1041) مدني مصري.

5- انظر، د.سليمان مرقس ، الوجيز في شرح القانون المدني، الالتزامات ، المطبعة العالمية ، القاهرة ،1964، ص830، هامش(1). عبد الفتاح عبد الباقي ، مصدر سابق،ص462. د.أنور سلطان، النظرية العامة للالتزام ، أحكام الالتزام ،دار المطبوعات الجامعية ، 1997، ص354. انظر كذلك في الفقه الفرنسي ،

Josserand ،op،cit،Tome،11.P.1030; Planiol et Ripert،op،cit،N.1182.

6- تقابلها المادة (296) مدني جزائري ، والمادة (398) مدني كويتي.

7- وهذا الحكم يطبق في حالة تعدد الحائزين بسبب تعدد العقارات المرهونة لدين واحد أو كان تعددهم بسبب بيع الراهن العقار المرهون الى أكثر من شخص ، فيصبح كل منهم حائزاً لذات العقار المرهون.

8- انظر ، د. سمير عبد السيد تناغو، مصدر سابق، ص265. د.جلال محمد إبراهيم، مصدر سابق، ص299.

9- ولمزيد من التفصيل انظر، علي كاظم مزهر ، الوفاء مع الحلول ، رسالة ماجستير مقدمة الى كلية القانون– جامعة بابل ،1998، ص156.

10- انظر( استئناف مصر 7/ابريل سنة 1947، المجموعة الرسمية 48رقم 280) نقلاً عن، د.شمس الدين الوكيل ، مصدر سابق،ص341.

11- انظر ، ص 81 من الرسالة.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .