شاهدنا في الآونة الأخيرة قيام البعض بالتحريض على ارتكاب بعض الجرائم من بينها القتل أو الحرق ومن حيث أن المساهمة الجنائية التبعية للشريك في ارتكاب هذه الجرائم وغيرها، تتحقق بإحدي الصور من بينها (التحريض)، وفقاً لما نصت عليه المادة 40 من قانون العقوبات” علي انه يعد شريكا في الجريمة: أولاً: كل من حرض علي ارتكاب الفعل المكون للجريمة إذا كان هذا الفعل قد وقع بناء علي هذا التحريض، ثانياً: من اتفق مع غيره علي ارتكاب الجريمة فوقعت بناء علي هذا الاتفاق، ثالثاً: من أعطي للفاعل أو الفاعلين سلاحًا أو آلات أو أي شيء آخر مما استعمل في ارتكاب الجريمة مع علمه بها أو ساعدهم بأي طريقة أخري في الأعمال المجهزة أو المسهلة أو المتممة لارتكابها”.

وأضاف المستشار الدكتور عمرو عبدالرحيم قاضى بمجلس الدولة بأن التحريض هو أمر بالغ الخطورة، لأنه يتمثل في بث التصميم أو التشجيع أو دفع شخص أو عدة أشخاص بأي وسيلة كانت، بهدف تنفيذ الجريمة، ويستوي هنا ان يكون التحريض مباشرا أو غير مباشر، فردي موجه لشخص بعينه، أو تحريض عام موجه إلي جماعة غير محدودة من الناس، بشرط إن تكون الجريمة التي تم التحريض علي ارتكابها معاقب عليها قانوناً، كما يتعين لمعاقبة مرتكبي جرائم التحريض توافر ركنين معاً:

– (الركن المادي) ويتمثل في ان يكون مرتكبها قد قام بالفعل بالاتصال بشخص أو عدة أشخاص آخرين، وحاول التأثير علي عقولهم لكي يرتكبوا جريمة معينة، ويتحقق هذا الركن سواء اقتنع هؤلاء ودفعهم ذلك لارتكاب الجريمة، أو غير ذلك، اما (الركن المعنوي) فهو انه يجب ان تتوافر النية والقصد والعزم لدي الشخص المحرض علي استقطاب من حرضهم للقيام بالأعمال غير المشروعة وارتكاب الجرائم.

ونظراً لخطورة ذلك فقد نص المشرع في الباب الرابع عشر (الجرائم التي تقع بواسطة الصحف وغيرها) من قانون العقوبات في المادة 171 المعدلة بالقانون رقم 147 لسنة 2006 علي ان: – كل من حرض واحدا أو أكثر بارتكاب جناية أو جنحة بقول أو صياح أو جهر به علنًا أو بفعل أو إيماء صدر منه علناً أو بكتابة أو رسوم أو صور أو صور شمسية أو رموز أو أية طريقة أخري من طرق التمثيل جعلها علنية أو بأية وسيلة أخري من وسائل العلانية يعد شريكا في فعلها ويعاقب بالعقاب المقرر لها إذا ترتب علي هذا التحريض وقوع تلك الجناية أو الجنحة بالفعل.

أما إذا ترتب علي التحريض مجرد الشروع في الجريمة فيطبق القاضي الأحكام القانونية في العقاب علي الشروع.ويعتبر القول أو الصياح علنيا إذا حصل الجهر به أو ترديده بإحدي الوسائل الميكانيكية في محفل عام أو أي مكان آخر مطروق أو إذا حصل الجهر به ترديده بحيث يستطيع سماعه من كان في مثل ذلك الطرق أو المكان أو إذا أذيع بطريق اللاسكي أو بأية طريقة أخري، ويكون الفعل أو الإيماء علنيا إذا وقع في محفل عام أو طريق عام أو في أي مكان آخر مطروق أو إذا وقع بحيث يستطيع رؤيته من كان في مثل ذلك الطريق أو المكان، وتعتبر الكتابة والرسوم والصور والصور الشمسية والرموز وغيرها من طرق التمثيل علنية إذا وزعت بغير تمييز علي عدد من الناس أو إذا عرضت بحيث يستطيع أن يراها من يكون في الطريق العام أو أي مكان مطروق أو إذا بيعت أو عرضت للبيع في أي مكان.

كما نص في المادة 172 من ذات القانون والمعدلة بالقانون رقم 93 لسنة 1995 ثم بالقانون رقم 95 لسنة 1996 علي إن: – ( (كل من حرض مباشرة علي ارتكاب جنايات القتل أو النهب أو الحرق بواسطة إحدي الطرق المنصوص عليها في المادة السابقة ولم تترتب علي تحريضه أية نتيجة يعاقب بالحبس) )، وكذلك في المادة 174 المعدلة بالقانون رقم 93 لسنة1995 علي ان: – يعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد علي عشرة آلاف جنيه كل من ارتكب بإحدي الطرق المتقدم ذكرها فعلا ًمن الأفعال الآتية:

أولاً: التحريض علي قلب نظام الحكومة المقرر في القطر المصري،

ثانياً: ويعاقب بنفس العقوبات كل من شجع بطريق المساعدة المادية أو المالية علي ارتكاب جريمة من الجرائم المنصوص عنها في الفقرتين السابقتين دون أن يكون قاصدًا الاشتراك مباشرة في ارتكابها، وبالنص أيضاً في المادة 176 المستبدلة بالقانون رقم 147 لسنة 2006 علي ان:
(يعاقب بالحبس كل من حرض بإحدي الطرق المتقدم ذكرها علي التمييز ضد طائفة من طوائف الناس بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة إذا كان من شأن هذا التحريض تكدير السلم العام).

وأخيراً حذر المستشار د – عمرو عبدالرحيم، هؤلاء (المحرضين) بأنهم لن يفلتوا من العقاب عن جريمتهم، سواء نجح تحريضهم أم لم ينجح، حتي ولو عدلوا عما حرضوا عليه من جرائم، وقد ناشد سيادته المشرع المصري بسرعة التدخل لإجراء التعديلات اللازمة لتشديد العقوبات في هذه الجرائم، لتكون أكثر شدة وردعاً لمرتكبيها لوقاية المجتمع المصري وحماية نظامه العام.

المستشار د. عمرو عبد الرحيم

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .