الدفع ببطلان الاعتراف في أحكام القانون والقضاء المصري

الطعن 17149 لسنة 60 ق جلسة 23 / 4 / 1992 مكتب فني 43 ق 67 ص 442 جلسة 23 من إبريل سنة 1992

برئاسة السيد المستشار/ عبد اللطيف أبو النيل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عمار إبراهيم نائب رئيس المحكمة وأحمد جمال عبد اللطيف ومحمد حسين مصطفى وبهيج القصبجي.
——————
(67)
الطعن رقم 17149 لسنة 60 القضائية

(1)نيابة عامة. نقض “ميعاده”. إعدام.
قبول عرض النيابة لقضايا الإعدام. ولو تجاوزت الميعاد المقرر في القانون. علة ذلك؟
(2) حكم “بيانات الديباجة” “وضعه والتوقيع عليه وإصداره”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
اشتراك غير القضاة الذين سمعوا المرافعة في المداولة. أثره: بطلان الحكم. المادة 167 مرافعات.
وجوب حضور القضاة الذين اشتركوا في المداولة تلاوة الحكم. حصول مانع لأحدهم. وجوب توقيعه على مسودته. المادة 170 مرافعات.
اشتمال الحكم على بيان المحكمة التي أصدرته وأسماء القضاة الذين سمعوا المرافعة واشتركوا في الحكم وحضروا تلاوته. واجب.
مثال.
(3)حكم “وضعه والتوقيع عليه وإصداره” “بطلانه”. شهادة سلبية. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”. بطلان.
التوقيع على ورقة الحكم من رئيس المحكمة. ماهيته؟
التمسك ببطلان الحكم لعدم التوقيع عليه في الميعاد. شرطه: الحصول على شهادة من قلم الكتاب بأن الحكم لم يودع ملف الدعوى موقعاً عليه حتى وقت تحريرها رغم انقضاء ذلك الميعاد.
(4)حكم “وضعه والتوقيع عليه وإصداره” “بطلانه”. بطلان. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
عدم توقيع كاتب الجلسة على ورقة الحكم. لا بطلان.
(5)إثبات “اعتراف”. دفوع “الدفع ببطلان الاعتراف”. دفاع “الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
النعي على الحكم إغفال الرد على الدفع ببطلان اعتراف الطاعنة الثانية. غير مجد. متى كان الحكم لم يعول عليه.
(6) إثبات “اعتراف”. دفوع “الدفع ببطلان الاعتراف”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
إثارة الدفع ببطلان الاعتراف للإكراه لأول مرة أمام النقض. غير جائز.
(7)قتل عمد. جريمة “أركانها”. قصد جنائي. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير القصد الجنائي”. سبق إصرار. ظروف مشددة. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”.
قصد القتل. أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه. استخلاص توافره. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر نية القتل لدى الطاعنين.
(8) قتل عمد. جريمة “أركانها”. قصد جنائي. اشتراك. فاعل أصلي. حكم. “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
إثبات الحكم توافر نية القتل في حق الفاعل. مفاده: توافرها في حق من أدانه معه بالاشتراك في القتل. متى أثبت علمه بذلك.
(9)سبق إصرار. ظروف مشددة. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”. اشتراك. فاعل أصلي.
البحث في توافر ظرف سبق الإصرار. موضوعي.
استظهار الحكم علم الشريك بتوافر ظرف سبق الإصرار لدى الفاعل. مفاده: توافره لديه. مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر ظرف سبق الإصرار لدى الطاعنة.
(10)إثبات “شهود”. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
عدم التزام محكمة الموضوع بالإشارة إلى أقوال شهود النفي. كفاية القضاء بالإدانة لأدلة الثبوت رداً عليها.
(11)إثبات “بوجه عام” “شهود”. محكمة الموضوع “سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى”.
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي.
(12)دفاع “الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
عدم التزام المحكمة بتتبع المتهم في مناحي دفاعه المختلفة. استفادة الرد عليها من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(13) دفوع “الدفع بنفي التهمة” “الدفع بتلفيق التهمة”. دفاع “الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
الدفع بنفي التهمة أو تلفيقها. موضوعي. استفادة الرد عليها من القضاء بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(14)إجراءات “إجراءات التحقيق”. محاماة. دفاع “الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. استجواب. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
الالتزام بدعوة محامي المتهم بجناية إن وجد لحضور الاستجواب أو المواجهة. شرطه: إعلان المتهم اسم محاميه بتقرير في قلم كتاب المحكمة أو أمام مأمور السجن. المادة 124 إجراءات.
تعييب التحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة. لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم.
(15)حكم “ما لا يعيبه في نطاق التدليل”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم. ماهيته؟
مثال لخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم.
(16)نيابة عامة. إعدام. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. قتل عمد. سبق إصرار. ظروف مشددة. اشتراك.
الحكم الصادر بالإعدام. ما يلزم من تسبيب لإقراره؟

———————
1 – لما كانت النيابة العامة قد عرضت هذه القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم طلبت فيها إقرار الحكم الصادر حضورياً بإعدام المحكوم عليهما، عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 – بعد ميعاد الأربعين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة العامة، بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى – ما دام الحكم صادراً فيها حضورياً بالإعدام – بمجرد عرضها عليها لتفصل فيه وتستبين من تلقاء نفسها ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من أخطاء أو عيوب يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة العامة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية شكلاً.
2 – لما كانت المادة 167 من قانون المرافعات المدنية والتجارية تنص على أنه “لا يجوز أن يشترك في المداولة غير القضاة الذين سمعوا المرافعة وإلا كان الحكم باطلاً” كما تنص المادة 170 على أنه “يجب أن يحضر القضاة الذين اشتركوا في المداولة تلاوة الحكم، فإذا حصل لأحدهم مانع وجب أن يوقع مسودة الحكم” كما توجب المادة 178 – فيما توجبه – بيان المحكمة التي أصدرته وأسماء القضاة الذين سمعوا المرافعة واشتركوا في الحكم وحضروا تلاوته، وكان البين من النصوص القانونية سالفة الذكر أن عبارة المحكمة التي أصدرته والقضاة الذين اشتركوا في الحكم إنما تعني القضاة الذين فصلوا في الدعوى، لا القضاة الذين حضروا فحسب – تلاوة الحكم. لما كان ذلك، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة وما أثبت في خاتمة الحكم المطعون فيه أن الهيئة التي سمعت المرافعة في الدعوى وأجرت المداولة فيها هي ذاتها الهيئة التي أصدرت الحكم وأن دور المستشار…….. قد اقتصر على الاشتراك في الهيئة التي تلت الحكم بدلاً من المستشار……. الذي اشترك في إصدار الحكم – وحدث لديه مانع حال بينه وبين حضور جلسة النطق بالحكم وقد وقع على مسودته الأمر الذي يتفق وأحكام القانون.
3 – لما كان الشارع فيما أورده في المادة 312 من قانون الإجراءات الجنائية قد دل على أن التوقيع على ورقة الحكم من رئيس المحكمة هو بمثابة شهادة بما حصل بحيث لا يكون باقياً بعد النطق به سوى صياغة الأسباب على أساس ما تقرر في المداولة، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أفصح في خاتمته بما لا يدع مجالاً للشك على أن الهيئة التي أصدرت الحكم هي التي سمعت المرافعة وتداولت في الدعوى وحررت مسودته والتي تبين أنها حملت توقيع أعضاء الهيئة التي أصدرته وأنها مطابقة لورقة الحكم الصادر في الدعوى والتي حصل توقيع رئيس المحكمة وكاتبها وكان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أنه يجب على الطاعن لكي يكون له التمسك ببطلان الحكم لعدم توقيعه في خلال الثلاثين يوماً التالية لصدوره أن يحصل من قلم الكتاب على شهادة دالة على أن الحكم لم يكن وقت تحريرها قد أودع ملف الدعوى موقعاً عليه على الرغم من انقضاء ذلك الميعاد، وكان الطاعنان لم يقدما الشهادة سالفة البيان فإن منعاها على الحكم بالبطلان في هذا الصدد يكون غير سديد.
4 – لما كان النعي بعدم توقيع كاتب الجلسة على ورقة الحكم بعيداً عن الصواب – على ما يبين من ورقة الحكم – هذا إلى أن القانون لم يرتب البطلان على عدم توقيع كاتب الجلسة على الحكم بل يكون له قوامه الصحيح بتوقيع رئيس الجلسة عليه ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الصدد حرياً بالإطراح.
5 – لما كان الحكم المطعون فيه لم يعول في إدانة الطاعنين على اعتراف الطاعنة الثانية ولم يشر إليه في مدوناته فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد.
6 – لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين أو المدافع عنهما لم يدفعا بأن الاعتراف المنسوب إلى الطاعن الأول قد صدر منه نتيجة إكراه وقع عليه، فلا يقبل منهما إثارة هذا لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه يتطلب تحقيقاً تنحسر عنه وظيفتها.
7 – لما كان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، وكان استخلاص هذا القصد موكولاً إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان الحكم فضلاً عما حصله من اعترافات الطاعن الأول من أنه انتوى قتل المجني عليه وأنه فكر فيما اعتزمه وتدبر عواقبه وهو هادئ البال – عرض لنية القتل وتوافرها لدى الطاعنين – استظهرها في قوله: “وحيث إنه وعلى ضوء ما سلف البيان ومن جماع أدلة الثبوت القاطعة في الدعوى يكون المتهم الأول…… قد قتل المجني عليه……. عمداً مع سبق الإصرار على ذلك وتكون المتهمة الثانية……. شريكته في ارتكاب هذه الجريمة بتحريضها على ارتكابها واتفاقها معه على ذلك ومساعدتها له في تنفيذها وتفصيل ذلك أنه بالنسبة للمتهم الأول فقد استجاب لإلحاح المتهمة الثانية……. في التخلص من زوجها المجني عليه…… بقتله وراقت له فكرة القتل ووجدت لديه قبولاً على حد قوله في اعترافاته أمام النيابة وأخذ يفكر في هدوء وروية في الجريمة حتى استقر عزمه على ارتكابها وتنفيذها فبات أمسيته من مساء اليوم السابق على ارتكابها وهو مساء يوم 24/ 6/ 1989 يفكر في ضرورة التخلص من المجني عليه بقتله وبكيفية تنفيذ ذلك وانتهى إلى التصميم على ارتكابها بعد أن قام بتقليب الأمر على أوجهه المختلفة إذ ثبت من اعترافاته أنه ما أن كشفت المتهمة الثانية له عن عورتها مدعية أن المجني عليه قد جامعها رغماً عنها وأنها لا تطيقه حتى شعر بالضيق لذلك وراقت له تماماً فكرة التخلص من المجني عليه بقتله وأخذ يفكر من الساعة الرابعة صباح يوم 25/ 6/ 1989 وحتى غلبه النعاس – في قتله إرضاء للمتهمة الثانية التي أحبها بشدة ولإزالة المجني عليه من طريق علاقتهما الآثمة وانتهى إلى ضرورة قتله والخلاص منه وصمم على ذلك وفي الصباح أخذ يتناقش مع المتهمة الثانية في طريقة الخلاص وتدبيرات الجريمة لقتل المجني عليه بعد أن كان قد خلص في إصرار وانعقد عزمه على ارتكابها ولم يبق إلا مناقشة أسلوب تنفيذ ذلك مع المتهمة ثم ما أن شيعها وأولادها واطمأن على ركوبهم الحافلة حتى عاد إلى منزل المجني عليه وأخذ يفكر وهو مسيطر على نفسه تماماً وفي هدوء وروية في الطريقة التي يقوم بواسطتها في تنفيذ ما عزم عليه وهو ارتكاب هذه الجريمة وما أن حضر المجني عليه حتى قابله بصورة طبيعية مسيطراً على مشاعره حتى لا يلاحظ المجني عليه شيئاً وأعد له طعاماً من الفول وجلس بجواره على سريره يشاهد معه التليفزيون وينظر إليه كل حين حتى تحين له الفرصة المناسبة، فقام بالتنفيذ في إصرار على ذلك بأنه توجه إلى حيث تابلوه نور الشقة ونزع أحد المصاهر لتنقطع الكهرباء وينطفئ التليفزيون ثم نادى على المجني عليه لإصلاح النور وما أن توجه المجني عليه لإصلاح هذا النور حتى رأى أنه قد ظفر به فقام بالأعمال المادية للجريمة بتصميم إرادي في الإتيان بها فأمسك بيد الهون التي أعدتها له المتهمة الثانية وضرب المجني عليه على مؤخرة رأسه فنتج عن ذلك ما أشار إليه تقرير الصفة التشريحية من كسر مفتت منخسف مستدير الشكل بخلفية فروة الرأس فسقط المجني عليه على الأرض إلا أنه قد وجده لم يفارق الحياة بعد ورأى المتهم أنه لم يحقق النتيجة التي يرجوها ويبغى إليها وهي إزهاق روح المجني عليه ولم يتحقق بعد نيته في قتل المجني عليه فذهب مسرعاً إلى المطبخ وأحضر السكين السابق إعدادها له من المتهمة الثانية وكال للمجني عليه عدة طعنات نتج عنها ما وصفه تقرير الصفة التشريحية بالإصابات القطعية التي أحدثت قطوعاً بالأنسجة الرخوة والأوعية الدموية بمنطقة الوجه والرقبة والمعصم الأيسر والبطن ثم جلس بجوار المجني عليه على كرسي فخال له أنه ما زال على قيد الحياة فأحضر مرة أخرى يد الهون في إصرار منه على إزهاق روحه وانهال بها على الرأس بعدة ضربات نتج عنها كسور في الجمجمة وصفها تقرير الصفة التشريحية بالكسور التفتيتية التي اخترقت معها عظامها نسيج المخ وأحدثت به نزيفاً داخلياً وقد أدت هذه الإصابات مجتمعة إلى إحداث الوفاة……. ومن ثم يكون المتهم في إصرار سابق منه قد عقد العزم على إزهاق روح……. بأن اعتنق فكرة قتله والتخلص منه بعد أن فحص الأمر مع نفسه طيلة الليلة السابقة على الجريمة حتى استقر رأيه وأجمعت مشاعره وجاشت رغبته واستقرت نفسه في إصرار وعزم على ارتكاب هذه الجريمة……..، وحيث إنه بالنسبة للمتهمة الثانية فالثابت مما سلف من الأدلة القاطعة أنها قامت بتحريض المتهم الأول على الخلاص من المجني عليه إذ ألحت عليه في ذلك قبل يوم الحادث…… ونتج عن هذا التحريض له أنه صمم على ارتكاب الجريمة وتلاقت إرادتهما على ذلك حتى أن هذا التحريض من جانبها كان السبب المباشر في ارتكاب الجريمة…….. فقام المتهم بقتل المجني عليه والخلاص منه بعد ذلك تنفيذاً لهذا الاتفاق بينهما وبناء عليه كما ساعدته في تنفيذ جريمته…….. وقد قام المتهم فعلاً بتنفيذ جريمته بأداتي الجريمة اللتين أمدته بهما المتهمة الثانية، ومن ثم تكون المتهمة الثانية…….. قد اشتركت مع المتهم الأول…….. في قتل المجني عليه……. مع سبق الإصرار على ذلك بكل طرق الاشتراك المبينة قانوناً من تحريض واتفاق ومساعدة وقد تمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وهذا التحريض وتلك المساعدة”.
8 – لما كان ما أورده الحكم – على السياق المتقدم – يكفي في استظهار نية القتل كما هي معرفة به قانوناً قبل الطاعنين بوصف أولهما فاعلاً أصلياً في جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار وبوصف الثانية شريكة له فيها بطريق الاتفاق والتحريض والمساعدة واستظهر عناصر هذا الاشتراك وطريقته وبين الأدلة الدالة على ذلك بياناً يوضحها ويكشف عن قيامها من واقع الدعوى وظروفها، هذا فإنه متى أثبت الحكم توافر نية القتل في حق الفاعل، فإن ذلك يفيد توافرها في حق من أدانه معه بالاشتراك في القتل ما دام قد أثبت علمه بذلك – كما هو الحال في الدعوى المطروحة بالنسبة للطاعنة الثانية – ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور في بيان نية القتل للطاعنين وبعدم تلاقي إرادة الطاعنة الثانية مع إرادة الطاعن الأول يكون في غير محله.
9 – لما كان الحكم قد دلل على توافر ظرف سبق الإصرار لدى الطاعنة الثانية بقوله “……. أنها قامت بتحريض المتهم الأول على الخلاص من المجني عليه إذ ألحت عليه في ذلك قبل يوم الحادث ولدى وقوفها معه في شرفة المنزل فطلبت منه قتل المجني عليه زوجها بإلقائه من الشرفة أو خنقه حتى الموت ولما لم تجد لديه قبولاً لخشيته من الفشل في ذلك لضخامة جسد المجني عليه، حضرت إليه في جنح الليل حوالي الرابعة من صباح يوم الجريمة لتقوم بإثارة حفيظته وتهييج مشاعره وحتى تبلغ بها الذروة فلجأت إلى حيلة شيطانية بأن استغلت حبه لها وغيرته عليها حتى من زوجها المجني عليه وكشفت له عن عورتها وطلبت منه النظر إليها مستفزة إياه ومحرضة له على قتله والخلاص منه مدعية أن زوجها الشرعي قد جامعها عنوة وعلى غير إرادتها فأثار ذلك حفيظة المتهم الأول وغيرته عليها من زوجها ونتج عن هذا التحريض أن صمم على ارتكاب الجريمة وتلاقت إرادتهما على ذلك حتى أن هذا التحريض من جانبها كان السبب المباشر في ارتكاب الجريمة فوقعت هذه الجريمة بعد سويعات من هذا التحريض كنتيجة حتمية ومباشرة له، ثم اتفقت معه على كيفية ارتكابها وتنفيذها…… كما ساعدته في تنفيذ جريمته……… ومن ثم تكون المتهمة الثانية……. قد اشتركت مع المتهم الأول…….. في قتل المجني عليه……. مع سبق الإصرار على ذلك بكل طرق الاشتراك المبينة قانوناً من تحريض واتفاق ومساعدة وقد تمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وهذا التحريض وتلك المساعدة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات محكمة الموضوع تستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج، وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه – على السياق المتقدم – قد استظهر توافر هذا الظرف قبل الطاعنة الثانية من اتفاقها السابق مع المتهم الأول وتحريضها له على ارتكاب جريمة القتل العمد والإلحاح عليه في ذلك وإعدادها وسيلة الجريمة تلك وخطة تنفيذها كل ذلك في هدوء وروية وبعد تفكير وتدبر فإنه بذلك يكون قد دلل تدليلاً سائغاً على تحقق هذا الظرف قبلها، هذا فضلاً عن أنه استظهر بما يسوغه علم الطاعنة الثانية بتوافر ظرف سبق الإصرار لدى الطاعن الأول ومن ثم يكون هذا الظرف متوافراً لديها كذلك وتحق مساءلتها عنه. لما كان ما تقدم فإن منعى الطاعنة الثانية في هذا الصدد يكون على غير أساس.
10 – من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به وهي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها وأن قضاءها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فأطرحتها ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد.
11 – من المقرر أنه من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفه من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق – كما هو الحال في الدعوى الراهنة.
12 – من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بأن تتبع المتهم في مناحي دفاعه المختلفة بالرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ الرد مستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم ومن ثم فإن ما تنعاه الطاعنة الثانية في هذا الصدد لا يكون له محل.
13 – من المقرر أن الدفع بنفي التهمة أو بتلفيقها هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة الثانية في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
14 – لما كانت المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه “في غير حالة التلبس وحالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة، لا يجوز للمحقق في الجنايات أن يستجوب المتهم أو يواجهه بغيره من المتهمين أو الشهود إلا بعد دعوة محاميه للحضور إن وجد، وعلى المتهم أن يعلن اسم محاميه بتقرير يكتب في قلم كتاب المحكمة أو إلى مأمور السجن، كما يجوز لمحاميه أن يتولى هذا الإقرار أو الإعلان……” وكان مفاد هذا النص أن – المشرع استمد ضمانة خاصة لكل متهم في جناية هي وجوب دعوة محاميه إن وجد لحضور الاستجواب أو المواجهة، إلا أن هذا الالتزام مشروط بأن يكون المتهم قد أعلن اسم محاميه بالطريق الذي رسمه القانون وهو التقرير في قلم كتاب المحكمة أو أمام مأمور السجن. لما كان ذلك، وكان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنة لم تعلن اسم محاميها سواء للمحقق في محضر الاستجواب أو قبل استجوابها بتقرير في قلم الكتاب أو أمام مأمور السجن، فإن استجوابها في تحقيق النيابة يكون قد تم صحيحاً في القانون ويكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير قويم، هذا فضلاً عن أن ما تنعاه الطاعنة من ذلك لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم.
15 – لما كانت ما تثيره الطاعنة الثانية من قالة الخطأ في الإسناد في شأن ما نسبه إليها الحكم من أنها كشفت عن موضع العفة منها للطاعن الأول وأنه لم تضبط سوى دبلة واحدة على خلاف ما أثبته الحكم من ضبط دبلتين، فإنه مردود بأن البين من المفردات أن الطاعن أقر في التحقيقات بأن الطاعنة الثانية حضرت إليه في مرقده في جنح الليل وأيقظته من نومه ورفعت له قميص نومها وطلبت منه النظر إليها ليشاهد آثار جماع زوجها لها على غير رغبتها وذلك بقصد إثارة حفيظته وتهييج مشاعره فإن مفاد هذا القول أنها كشفت له عن موضع العفة منها ومن ثم فإن ما أثبته الحكم على لسان الطاعن الأول في هذا الشأن كون له سنده الصحيح في الأوراق مما ينفي عن الحكم قالة الخطأ في الإسناد، وكان البين من الاطلاع على المفردات أن الطاعن الأول أقر في التحقيقات أنه والطاعنة الثانية اشتريا دبلتين نقشا عليهما اسميهما وتبادلاها وأنه وإن أورد الحكم ضبط الدبلتين رغم أن الثابت من أقوال ضابط الواقعة أنه لم يتم سوى ضبط دبلة واحدة فإن ذلك مردود بأن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها فلا يقدح في سلامة الحكم الخطأ في الإسناد فيما خرج عن سياق استدلاله وجوهر تسبيبه، ومن ثم فإن خطأ الحكم في عدد الدبل الذي ضبط لا يعيب الحكم ولا ينال من صحته إذ ليس له من أثر في جوهر الواقعة التي اقتنعت بها المحكمة ومن ثم فإن ما تنعاه الطاعنة الثانية في هذا الصدد يكون غير سديد.
16 – لما كان الحكم المعروض قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار التي دان بها المحكوم عليه الأول بوصفه فاعلاً أصلياً لها ودان الطاعنة الثانية بوصفها شريكاً فيها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة مردودة إلى أصولها الثابتة في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها واستظهر الحكم نية القتل كما استظهر سبق الإصرار وعناصر الاشتراك على النحو المعرف به قانوناً وفند في منطق سائغ ما قام عليه دفاع المحكوم عليهما، وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة بعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية، وجاء خلواً من مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله، وصدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يغير ما انتهى إليه الحكم، فإنه يتعين مع قبول عرض النيابة العامة إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليهما.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما بدائرة قسم البساتين محافظة القاهرة. المتهم الأول: أولاً: قتل…….. عمداً مع سبق الإصرار بأن عقد العزم وبيت النية على قتله وأعد لهذا الغرض أداتين راضة وحادة (يد هون وسكين) وما أن ظفر به حتى انهال عليه ضرباً وطعناً قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. ثانياً: أحرز سلاحاً أبيض (سكين) دون أن يكون هناك مسوغاً من الضرورة الشخصية أو الحرفية. المتهمة الثانية: اشتركت بالتحريض والاتفاق والمساعدة في جناية القتل العمد مع سبق الإصرار المنسوبة إلى المتهم الأول بأن حرضته واتفقت معه على قتل المجني عليه سالف الذكر وقدمت له مفتاح المسكن محل الحادث وأداتي الجريمة فوقعت الجريمة بناء على هذا التحريض وذلك الاتفاق وتلك المساعدة على نحو المبين بالوصف الأول. وأحالتهما إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، والمحكمة المذكورة قررت إحالة أوراق الدعوى إلى فضيلة مفتي الجمهورية وحددت جلسة……. للنطق بالحكم وبالجلسة المحددة قضت تلك المحكمة حضورياً وبإجماع الآراء عملاً بالمواد 13، 30، 40، 41/ 1 – 2، 3، 230، 235 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهمين بالإعدام شنقاً ومصادرة أداة الجريمة المضبوطة.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض….. كما عرضت النيابة مذكرة مشفوعة برأيها…….. إلخ.

المحكمة
من حيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت هذه القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم طلبت فيها إقرار الحكم الصادر حضورياً بإعدام المحكوم عليهما، عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 – عبد ميعاد الأربعين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة العامة، بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى – ما دام الحكم صادراً فيها حضورياً بالإعدام – بمجرد عرضها عليها لتفصل فيه وتستبين من تلقاء نفسها ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من أخطاء أو عيوب يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة العامة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية شكلاً.
ومن حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن الأول بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار ودان الطاعنة الثانية بجريمة الاشتراك مع الأول في ارتكاب الجريمة سالفة الذكر، قد شابه البطلان والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع كما انطوى على فساد في الاستدلال وخطأ في الإسناد، ذلك أن المستشار…….. اشترك في إصدار الحكم المطعون فيه رغم أنه لم يكن ضمن الهيئة التي استمعت إلى المرافعة في الدعوى، وأن المستشار…….. لم يكن من ضمن الهيئة التي أصدرت الحكم رغم أنه كان من ضمن الهيئة التي استمعت إلى المرافعة في الدعوى، كما خلا الحكم من توقيع رئيس المحكمة الذي اشترك في إصداره ومن كاتبها خلال الثلاثين يوماً التالية لصدوره، والتفتت المحكمة عن الدفع المبدى منهما ببطلان اعترافاتهما بالتحقيقات وأمام قاضي المعارضات لكونه وليد إكراه، ولم يدلل الحكم تدليلاً كافياً على توافر نية القتل لدى المحكوم عليهما، وجاء قاصراً في التدليل على توافر ظرف سبق الإصرار لدى الطاعنة الثانية وعلى تلاقي إرادتها مع إرادة المتهم الأول على قتل المجني عليه، كما التفت الحكم عن أقوال شاهدي النفي وعن دفاعهما بأن الحادث وقع نتيجة مشاجرة بين المجني عليه وآخر أو بدافع السرقة وأنه لا يمكن أن يقع طبقاً للتصوير الذي اعتنقه الحكم المطعون فيه نظراً لسابقة مرض المجني عليه بالشلل مما يستحيل معه صعوده فوق مقعد لإصلاح التيار الكهربائي وأن الطاعن الأول كان في مكنته التخلص من قميصه بدلاً من إلقائه بمكان ضبطه مما يقطع بأن الاتهام ملفق من ضابط الواقعة، وأن تحقيقات النيابة العامة جاءت باطلة لرفضها السماح لمحامي الطاعنة الثانية حضور استجوابها، كما أسند الحكم إلى الطاعنة الثانية أنها توجهت إلى الطاعن الأول ليلة الحادث وكشفت له عن موضع العفة منها محرضة إياه على قتل زوجها المجني عليه وهو ما لا أصل له في الأوراق، وأنه لم تضبط سوى دبلة واحدة على خلاف ما أثبته الحكم من ضبط دبلتين، كل ذلك يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما حاصله أن الطاعنة الثانية وهي زوجة المجني عليه – قد نشأت بينها وبين الطاعن الأول علاقة آثمة كانت باكورتها لقاء جمعهما في مسكن ابنتها المتواجدة بالخارج مع زوجها، وفي خلال هذا اللقاء أهدته سروالها بعد أن حررت عليه بالمداد تاريخ هذا اللقاء، ثم اصطحبته إلى أحد محلات الصاغة حيث اشتريا دبلتين نقشا عليهما اسميهما وتبادلاها، ورغبة منها في استمرار تلك العلاقة واجتماعهما في يسر حرضت الطاعن الأول على خطبة ابنتها فاعترض زوجها المجني عليه على ذلك إلا أنها نجحت في مسعاها وبهذه الطريقة تمكنت من استقبال عشيقها في مسكن الزوجية ويسرت له المبيت فيه عادة، كانت تعتقد بقرب حلول أجل زوجها نظراً لسابقة مرضه وإصابته بالشلل ولما رأت أمنيتها لم تتحقق نتيجة لتحسن صحة زوجها، فكرت في التخطيط لقتله حتى جاء اليوم السابق لارتكاب الحادث فحرضت الطاعن الأول – حال وجوده بمسكن الزوجية – على قتل زوجها في هذا اليوم إما بإلقائه من شرفة المسكن أو القيام بخنقه إلا أنه في البدء اعترض على ذلك خشية افتضاح أمره فانصرفت عنه بعد أن استهزأت به وتركته في الحجرة المجاورة لحجرة نوم زوجها، ثم عادت إليه في جنح الليل وأيقظته من النوم حيث رفعت قميصها وطلبت منه مشاهدة آثار جماع زوجها لها على غير رغبتها وحرضته ثانية على سرعة التخلص من زوجها وعندئذ لاقت فكرة قتل المجني عليه لديه قبولاً وأخذ يفكر في روية في طريقة الخلاص من المجني عليه إلا أنها أخبرته بأنها ستتدبر معه في الصباح خطة قتل المجني عليه، وفي صباح اليوم التالي وعقب انصراف زوجها إلى مقر عمله أخبرته بأنها ستتوجه إلى شقيقتها صحبة أولادها للمبيت عندها وجهزت له سكيناً ويد هون ليختار بينهما في تنفيذ الجريمة عقب عودة زوجها من عمله ثم غادرا المسكن بعد أن سلمته مفتاحه وتظاهر أمام أولادها باستقلال الحافلة المتجهة إلى مسكنه وما أن انصرفت الطاعنة الثانية هي وأولادها حتى عاد إلى مسكن المجني عليه وظل أكثر من ثلاث ساعات يتدبر أمره منتظراً قدوم المجني عليه وما أن وصل الأخير حتى أعد له الطعام ثم جلسا سوياً بحجرة نوم الزوج لمشاهدة برامج التليفزيون، وما أن انقضت ساعة من الزمن حتى رأى أن الوقت قد حان لتنفيذ جريمته فرأى استدراج المجني عليه إلى صالة المسكن فتوجه إلى لوحة كهرباء المسكن ونزع التيار الموصل إلى حجرة النوم ثم استدعى المجني عليه بحجة إصلاح التيار الكهربائي وأثناء قيام المجني عليه لتبين الأمر، عاجله من الخلف بضربة على رأسه بيد الهون مما أدى إلى سقوط المجني عليه على الأرض راقداً على ظهره فسارع المتهم بإحضار السكين وعاود وطعن المجني عليه في رقبته وبطنه ثم ضربه على رأسه من الأمام عدة مرات بيد الهون، وما أن تأكد من وفاته حتى قام بوضع أداتي الجريمة في لفافة وغادر المسكن ثم ألقى بهما على مقربة من المسكن، ثم توجه إلى مسكن صديقه……. وأخبره بأنه تشاجر مع آخرين لتبرير تلوث قميصه بالدماء، فأعاره قميصاً قام بارتدائه ثم تخلص من القميص الملوث بالدماء بأن وضعه خلف باب العقار الذي يقطن فيه صديقه حيث عثر عليه……. أحد سكان العقار، وعقب ذلك اتصل بالزوجة هاتفياً في مكان تواجدها وأبلغها بإتمامه ما اتفقا عليه فتقبلت هذا الخبر بفرحة غامرة واتفقت معه على اللقاء في صباح اليوم التالي على مقربة من مسكن الزوجية ليصعدا إليه سوياً مع أبناء المجني عليه لمحاولة إبعاد الشبهة عنهما والتظاهر بالمفاجأة بالحادث، وقد كشفت تحريات الشرطة ارتكاب الطاعن الأول للحادث بالاشتراك مع الطاعنة الثانية وجرى ضبط يد الهون المستعمل في ارتكاب الحادث وسروال الطاعنة الثانية الذي أهدته إلى الطاعن الأول، والقميص الملوث بدماء المجني عليه وساق الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة استمدها من اعتراف الطاعن الأول بتحقيقات النيابة العامة وأمام قاضي المعارضات بارتكابه الحادث بناء على تحريض واتفاق الطاعنة الثانية ومساعدتها له في ارتكابها طبقاً للتصوير الذي أورده الحكم ومن أقوال كل من……… الذي شهد بحضور الطاعن إليه بمسكنه وقميصه ملوث بالدماء واستعارته منه قميصاً قام بارتدائه، وأقوال……. الذي عثر على قميص الطاعن الأول الملوث بدماء المجني عليه، ومن أقوال الرائد…….. ضابط مباحث قسم البساتين الذي شهد بأن التحريات أسفرت عن ارتكاب الطاعنين للحادث وفقاً للتصوير الذي أورده الحكم، ومن تقرير الصفة التشريحية والمعامل الطبية بمصلحة الطب الشرعي ومن تقرير مصلحة تحقيق الأدلة الجنائية، وحصل الحكم مؤدى هذه الأدلة بما يتفق مع أصلها الثابت في الأوراق وخلص من ذلك إلى إدانة الطاعن الأول بجناية القتل العمد مع سبق الإصرار وإدانة الطاعنة الثانية بجناية الاشتراك في ارتكاب الجناية سالفة الذكر مع الطاعن الأول بطريق التحريض والاتفاق والمساعدة وأنزل بهما العقاب المنصوص عليه في المواد 40، 41، 230، 231، 235 من قانون العقوبات. لما كان ذلك وكانت المادة 167 من قانون المرافعات المدنية والتجارية تنص على أنه “لا يجوز أن يشترك في المداولة غير القضاة الذين سمعوا المرافعة وإلا كان الحكم باطلاً” كما تنص المادة 170 على أنه “يجب أن يحضر القضاة الذين اشتركوا في المداولة تلاوة الحكم، فإذا حصل لأحدهم مانع وجب أن يوقع مسودة الحكم.” كما توجب المادة 178 – فيما توجبه – بيان المحكمة التي أصدرته وأسماء القضاة الذين سمعوا المرافعة واشتركوا في الحكم وحضروا تلاوته، وكان البين من النصوص القانونية سالفة الذكر أن عبارة المحكمة التي أصدرته والقضاة الذين اشتركوا في الحكم إنما تعني القضاة الذين فصلوا في الدعوى، لا القضاة الذين حضروا – فحسب – تلاوة الحكم. لما كان ذلك، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة وما أثبت في خاتمة الحكم المطعون فيه أن الهيئة التي سمعت المرافعة في الدعوى وأجرت المداولة فيها هي ذاتها الهيئة التي أصدرت الحكم وأن دور المستشار……. قد اقتصر على الاشتراك في الهيئة التي تلت الحكم بدلاً من المستشار…….. – الذي اشترك في إصدار الحكم – وحدث لديه مانع حال بينه وبين حضور جلسة النطق بالحكم وقد وقع على مسودته الأمر الذي يتفق وأحكام القانون. لما كان ذلك، وكان الشارع فيما أورده في المادة 312 من قانون الإجراءات القانونية قد دل على أن التوقيع على ورقة الحكم من رئيس المحكمة هو بمثابة شهادة بما حصل بحيث لا يكون باقياً بعد النطق به سوى صياغة الأسباب على أساس ما تقرر في المداولة، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أفصح في خاتمته بما لا يدع مجالاً للشك على أن الهيئة التي أصدرت الحكم هي التي سمعت المرافعة وتداولت في الدعوى وحررت مسودته والتي تبين أنها حملت توقيع أعضاء الهيئة التي أصدرته وأنها مطابقة لورقة الحكم الصادر في الدعوى والتي حملت توقيع رئيس المحكمة وكاتبها، وكان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أنه يجب على الطاعن لكي يكون له التمسك ببطلان الحكم لعدم توقيعه في خلال الثلاثين يوماً التالية لصدوره أن يحصل من قلم الكتاب على شهادة دالة على أن الحكم لم يكن وقت تحريرها قد أودع ملف الدعوى موقعاً عليه على الرغم من انقضاء ذلك الميعاد، وكان الطاعنان لم يقدما الشهادة سالفة البيان فإن منعاهما على الحكم بالبطلان في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان النعي بعدم توقيع كاتب الجلسة على ورقة الحكم بعيداً عن الصواب – على ما يبين من ورقة الحكم – هذا إلى أن القانون لم يرتب البطلان على عدم توقيع كاتب الجلسة على الحكم بل يكون له قوامه الصحيح بتوقيع رئيس الجلسة عليه ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الصدد حقيقياًً بالإطراح. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يعول في إدانة الطاعنين على اعتراف الطاعنة الثانية ولم يشر إليه في مدوناته فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين أو المدافع عنهما لم يدفعا بأن الاعتراف المنسوب إلى الطاعن الأول قد صدر منه نتيجة إكراه وقع عليه، فلا يقبل منهما إثارة هذا لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه يتطلب تحقيقاً تنحسر عنه وظيفتها. لما كان ذلك، وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، وكان استخلاص هذا القصد موكولاً إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان الحكم فضلاً عما حصله من اعترافات الطاعن الأول من أنه انتوى قتل المجني عليه وأنه فكر فيما اعتزمه وتدبر عواقبه وهو هادئ البال – عرض لنية القتل وتوافرها لدى الطاعنين – استظهرها في قوله: وحيث إنه وعلى ضوء ما سلف البيان ومن جماع أدلة الثبوت القاطعة في الدعوى يكون المتهم الأول……. قد قتل المجني عليه……. عمداً مع سبق الإصرار على ذلك وتكون المتهمة الثانية…….. شريكته في ارتكاب هذه الجريمة بتحريضها له على ارتكابها واتفاقها معه على ذلك ومساعدتها له في تنفيذها وتفصيل ذلك أنه بالنسبة للمتهم الأول فقد استجاب لإلحاح المتهمة الثانية…… في التخلص من زوجها المجني عليه……. بقتله وراقت له فكرة القتل ووجدت لديه قبولاً على حد قوله في اعترافاته أمام النيابة وأخذ يفكر في هدوء وروية في الجريمة حتى استقر عزمه على ارتكابها وتنفيذها فبات أمسيته من مساء اليوم السابق على ارتكابها وهو مساء يوم 24/ 6/ 1989 يفكر في ضرورة التخلص من المجني عليه بقتله وبكيفية تنفيذ ذلك وانتهى إلى التصميم على ارتكابها بعد أن قلب الأمر على أوجهه المختلفة إذ ثبت باعترافاته أنه ما أن كشفت المتهمة الثانية له عن عورتها مدعية أن المجني عليه قد جامعها رغماً عنها وأنها لا تطيقه حتى شعر بالضيق لذلك وراقت له تماماً فكرة التخلص من المجني عليه بقتله وأخذ يفكر من الساعة الرابعة صباح يوم 25/ 6/ 1989 وحتى غلبه النعاس – في قتله إرضاء للمتهمة الثانية التي أحبها بشدة ولإزالة المجني عليه من طريق علاقتهما الآثمة وانتهى إلى ضرورة قتله والخلاص منه، وصمم على ذلك وفي الصباح أخذ يتناقش مع المتهمة الثانية في طريقة الخلاص وتدبيرات الجريمة لقتل المجني عليه بعد أن كان قد خلص في إصرار وانعقد عزمه على ارتكابها ولم يبق إلا مناقشة أسلوب تنفيذ ذلك مع المتهمة ثم ما أن شيعها وأولادها واطمأن على ركوبهم الحافلة حتى عاد إلى منزل المجني عليه وأخذ يفكر وهو مسيطر على نفسه تماماً وفي هدوء وروية في الطريقة التي يقوم بواسطتها في تنفيذ ما عزم عليه وهو ارتكاب هذه الجريمة وما أن حضر المجني عليه حتى قابله بصورة طبيعية مسيطراً على مشاعره حتى لا يلحظ المجني عليه شيئاً وأعد له طعاماً من الفول وجلس بجواره على سريره يشاهد معه التليفزيون وينظر إليه كل حين حتى تحين له الفرصة المناسبة، فقام بالتنفيذ في إصرار على ذلك بأنه توجه إلى حيث تابلوه نور الشقة ونزع أحد المصاهر لتنقطع الكهرباء وينطفئ التليفزيون ثم نادى على المجني عليه لإصلاح النور وما أن توجه المجني عليه لإصلاح هذا النور حتى رأى أنه قد ظفر به فقام بالأعمال المادية للجريمة بتصميم إرادي في الإتيان بها فأمسك بيد الهون التي أعدتها له المتهمة الثانية وضرب المجني عليه على مؤخرة رأسه فنتج عن ذلك ما أشار إليه تقرير الصفة التشريحية من كسر مفتت منخسف مستدير الشكل بخلفية فروة الرأس فسقط المجني عليه على الأرض إلا أنه قد وجده لم يفارق الحياة بعد ورأى المتهم أنه لم يحقق النتيجة التي يرجوها ويبغى إليها وهي إزهاق روح المجني عليه ولم يتحقق بعد نيته في قتل المجني عليه فذهب مسرعاً إلى المطبخ وأحضر السكين السابق إعدادها له من المتهمة الثانية وكال للمجني عليه عدة طعنات نتج عنها ما وصفه تقرير الصفة التشريحية بالإصابات القطعية التي أحدثت قطوعاً بالأنسجة الرخوة والأوعية الدموية بمنطقة الوجه والرقبة والمعصم الأيسر والبطن ثم جلس بجوار المجني عليه على الكرسي فخيل له أنه ما زال على قيد الحياة فأحضر مرة أخرى يد الهون في إصرار منه على إزهاق روحه وانهال بها على الرأس بعدة ضربات نتج عنها كسور في الجمجمة وصفها تقرير الصفة التشريحية بالكسور التفتيتية التي اخترقت معها عظامها نسيج المخ وأحدثت به نزيفاً داخلياً وقد أدت هذه الإصابات مجتمعة إلى إحداث الوفاة…… ومن ثم يكون المتهم في إصرار سابق منه قد عقد العزم على إزهاق روح……. بأن اعتنق فكرة قتله والتخلص منه بعد أن فحص الأمر مع نفسه طيلة الليلة السابقة على الجريمة حتى استقر رأيه وأجمعت مشاعره وجاشت رغبته واستقرت نفسه في إصرار وعزم على ارتكاب هذه الجريمة……، وحيث إنه بالنسبة للمتهمة الثانية فالثابت مما سلف من الأدلة القاطعة أنها قامت بتحريض المتهم الأول على الخلاص من المجني عليه إذ ألحت عليه في ذلك قبل يوم الحادث…… ونتج عن هذا التحريض أنه صمم على ارتكاب الجريمة وتلاقت إرادتهما على ذلك حتى أن هذا التحريض من جانبها كان السبب المباشر في ارتكاب الجريمة…. فقام المتهم بقتل المجني عليه والخلاص منه بعد ذلك تنفيذاً لهذا الاتفاق بينهما وبناء عليه كما ساعدته في تنفيذ جريمته…….. وقد قام المتهم فعلاً بتنفيذ جريمته بأداتي الجريمة اللتين أمدته بهما المتهمة الثانية، ومن ثم تكون المتهمة الثانية…….. قد اشتركت مع المتهم الأول……. في قتل المجني عليه……. مع سبق الإصرار على ذلك بكل طرق الاشتراك المبينة قانوناً من تحريض واتفاق ومساعدة وقد تمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وهذا التحريض وتلك المساعدة. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم – على السياق المتقدم – يكفي في استظهار نية القتل كما هي معرفة به قانوناً قبل الطاعنين بوصف أولهما فاعلاً أصلياً في جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار وبوصف الثانية شريكة له فيها بطريق الاتفاق والتحريض والمساعدة واستظهر عناصر هذا الاشتراك وطريقته وبين الأدلة الدالة على ذلك بياناً يوضحها ويكشف عن قيامها من واقع الدعوى وظروفها، هذا فإنه متى أثبت الحكم توافر نية القتل في حق الفاعل، فإن ذلك يفيد توافرها في حق من أدانه معه بالاشتراك في القتل ما دام قد أثبت علمه بذلك – كما هو الحال في الدعوى المطروحة بالنسبة للطاعنة الثانية – ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور في بيان نية القتل بالنسبة للطاعنين وبعدم تلاقي إرادة الطاعنة الثانية مع إرادة الطاعن الأول يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم قد دلل على توافر ظرف سبق الإصرار لدى الطاعنة الثانية بقوله: “…….. أنها قامت بتحريض المتهم الأول على الخلاص من المجني عليه إذ ألحت عليه في ذلك قبل يوم الحادث ولدى وقوفها معه في شرفة المنزل فطلبت منه قتل المجني عليه زوجها بإلقائه من الشرفة أو خنقه حتى الموت. ولما لم تجد لديه قبولاً لخشيته من الفشل في ذلك لضخامة جسد المجني عليه، حضرت إليه في جنح الليل في حوالي الرابعة من صباح يوم الجريمة لتقوم بإثارة حفيظته وتهييج مشاعره وحتى تبلغ بها الذروة فلجأت إلى حيلة شيطانية بأن استغلت حبه لها وغيرته عليها حتى من زوجها المجني عليه وكشفت له عن عورتها، وطلبت منه النظر إليها مستفزة إياه ومحرضة له على قتله والخلاص منه مدعية أن زوجها الشرعي قد جامعها عنوة وعلى غير إرادتها فأثار ذلك حفيظة المتهم الأول وغيرته عليها من زوجها ونتج عن هذا التحريض أن صمم على ارتكاب الجريمة وتلاقت إرادتهما على ذلك حتى أن هذا التحريض من جانبها كان السبب المباشر في ارتكاب الجريمة فوقعت هذه الجريمة بعد سويعات من هذا التحريض كنتيجة حتمية ومباشرة له، ثم اتفقت معه على كيفية ارتكابها وتنفيذها…… كما ساعدته في تنفيذ جريمته……. ومن ثم تكون المتهمة الثانية…….. قد اشتركت مع المتهم الأول…… في قتل المجني عليه…….. مع سبق الإصرار على ذلك بكل طرق الاشتراك المبينة قانوناً من تحريض واتفاق ومساعدة، وقد تمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وهذا التحريض وتلك المساعدة”. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات محكمة الموضوع تستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج، وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه – على السياق المتقدم – قد استظهر توافر هذا الظرف قبل الطاعنة الثانية من اتفاقها السابق مع المتهم الأول وتحريضها له على ارتكاب جريمة القتل العمد والإلحاح عليه في ذلك وإعدادها وسيلة الجريمة وخطة تنفيذها كل ذلك في هدوء وروية وبعد تفكير وتدبير فإنه بذلك قد دلل تدليلاً سائغاً على تحقق هذا الظرف قبلها، هذا فضلاً عن أنه استظهر بما يسوغه علم الطاعنة الثانية بتوافر ظرف سبق الإصرار لدى الطاعن الأول ومن ثم يكون هذا الظرف متوافر لديها كذلك وتحق مساءلتها عنه. لما كان ما تقدم فإن منعى الطاعنة الثانية في هذا الصدد يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به وهي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها. وأن قضاءها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فأطرحتها ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد، لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفه من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق – كما هو الحال – في الدعوى الراهنة -، وكان من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بأن تتبع المتهم في مناحي دفاعه المختلفة بالرد على كل شبهة يثيرها على استقلال أن الرد مستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم ومن ثم فإن ما تنعاه الطاعنة الثانية في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك من المقرر أن الدفع بنفي التهمة أو بتلفيقها هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة الثانية في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكانت المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه: “في غير حالة التلبس وحالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة، لا يجوز للمحقق في الجنايات أن يستجوب المتهم أو يواجهه بغيره من المتهمين أو الشهود إلا بعد دعوة محامية للحضور إن وجد، وعلى المتهم أن يعلن اسم محاميه بتقرير يكتب في قلم كتاب المحكمة أو إلى مأمور السجن، كما يجوز لمحاميه أن يتولى هذا الإقرار أو الإعلان……” وكان مفاد هذا النص أن – المشرع استمد ضمانة خاصة لكل متهم في جناية هي وجوب دعوة محاميه إن وجد لحضور الاستجواب أو المواجهة، إلا أن هذا الالتزام مشروط بأن يكون المتهم قد أعلن اسم محاميه بالطريق الذي رسمه القانون وهو التقرير في قلم كتاب المحكمة أو أمام مأمور السجن. لما كان ذلك، وكان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنة لم تعلن اسم محاميها سواء للمحقق في محضر الاستجواب أو قبل استجوابها بتقرير في قلم الكتاب أو أمام مأمور السجن، فإن استجوابها في تحقيق النيابة يكون قد تم صحيحاً في القانون ويكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير قويم، هذا فضلاً عن أن ما تنعاه الطاعنة من ذلك لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم. لما كان ذلك، وكانت ما تثيره الطاعنة الثانية من قالة الخطأ في الإسناد في شأن ما نسبه إليها الحكم من أنها كشفت عن موضع العفة منها للطاعن الأول وأنه لم تضبط سوى دبلة واحدة على خلاف ما أثبته الحكم من ضبط دبلتين، فإنه مردود بأن البين من المفردات أن الطاعن أقر في التحقيقات بأن الطاعنة الثانية حضرت إليه في مرقده في جنح الليل وأيقظته من نومه ورفعت له قميص نومها وطلبت منه النظر إليها ليشاهد آثار جماع زوجها لها على غير رغبتها وذلك بقصد إثارة حفيظته وتهييج مشاعره فإن مفاد هذا القول أنها كشفت له عن موضع العفة منها ومن ثم فإن ما أثبته الحكم على لسان الطاعن الأول في هذا الشأن يكون له سنده الصحيح في الأوراق مما ينفي عن الحكم قالة الخطأ في الإسناد، وكان البين من الاطلاع على المفردات أن الطاعن الأول أقر في التحقيقات أنه والطاعنة الثانية اشتريا دبلتين نقشا عليهما اسميهما وتبادلاها وأنه وإن أورد الحكم ضبط الدبلتين رغم أن الثابت من أقوال ضابط الواقعة أنه لم يتم سوى ضبط دبلة واحدة فإن ذلك مردود بأن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها فلا يقدح في سلامة الحكم الخطأ في الإسناد فيما خرج عن سياق استدلاله وجوهر تسبيبه، ومن ثم فإن خطأ الحكم في عدد الدبل الذي ضبط لا يعيب الحكم ولا ينال من صحته إذ ليس له من أثر في جوهر الواقعة التي اقتنعت بها المحكمة ومن ثم فإن ما تنعاه الطاعنة الثانية في هذا الصدد يكون غير سديد، لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً، لما كان ما تقدم، وكان الحكم المعروض قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار التي دان بها المحكوم عليه الأول بوصفه فاعلاً أصلياً لها ودان الطاعنة الثانية بوصفها شريكاً فيها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة مردودة إلى أصولها الثابتة في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها واستظهر الحكم نية القتل كما استظهر سبق الإصرار وعناصر الاشتراك على النحو المعرف به قانوناً وفند في منطق سائغ ما قام عليه دفاع المحكوم عليهما، وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة بعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية، وجاء خلواً من مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله، وصدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى بغير ما انتهى إليه الحكم، فإنه يتعين مع قبول عرض النيابة العامة إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليهما.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .