الخطأ القضائي بين التأصيل والتنزيل

الطالب الباحث: سيف الدين احميطوش

ماستر القانون والممارسة القضائية

مقدمة:

(لا يمنعك قضاء قضيته بالأمس فرجعت فيه نفسك وهديت فيه رشدك أم تراجع فيه الحق فإن الحق قديم ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل). ([1]) وقال الله تعالى ” بسم الله الرحمن الرحيم؛ {وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل.} صدق الله العظيم سورة النساء الأية 58.”([2])، و بسم الله الرحمن الرحيم: { با ايها الذين امنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط و لا يجرمنكم شنان قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى و اتقوا الله إن الله خبير بما تعملون} صدق الله العظيم.([3])

عرفت الدولة المعاصرة منذ نشأتها إلى يومنا هذا، وانفصالها عن الشخص الحاكم، واستقلالها عنه، والاعتراف لها بكونها الشخص القانوني الأساسي على المستويين الدولي والداخلي، وما يترتب على هاته الصفة ــ الشخصية المعنوية ــ من ذمة مالية وحق التقاضي، مدعية أو مدعى عليها. “فهي باكتسابها لهاته الشخصية المعنوية تكتسب حقوق وتتحمل التزامات“. وبعبارة أخرى خضوعها للقانون. كل هذا يجعل من فكرة تقرير مسؤولية الدولة ضرورة ملحة تفرضها الاعتبارات السالفة الذكر، بالرغم من مبدأ عدم مسؤولية الدولة الذي ساد منذ زمن، واندثر تدريجيا بفضل المحاولات الفقهية الجادة، والاجتهادات القضائية الجريئة، والأفكار التحررية الديمقراطية التي ما فتئت تسعى جاهدة لكفالة حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، المعترف بها بنص الدساتير والمواثيق الدولية. ([4])، فهذا المبدأ عمَّر لمدة طويلة وكان يستند على مبررات تلقى سندها في أن مساءلة الدولة ومقاضاتها وإلزامها بالتعويض أمر يتنافى مع سيادتها، بل أكثر من ذلك هنالك من اعتمد في تبريره لعدم مساءلة الدولة على فكرة الحاكم لا يخطئ لما بتمتع به من سلطة وجاه، فكل أعماله لا يمكن أن ينظر إليها إلا بعين الرضا، وهي فكرة ذات تصور ديني سادت مند العصور القديمة. في حين نجد من حاول نفي هاته المسؤولية بناء على إبراز أهداف كل من الدولة والأفراد العاديين، فالدولة تهدف لتحقيق الصالح العام عكس الأشخاص الذي يهمهم مصلحتهم الخاصة. ([5])

فمنذ القرن التاسع عشر لم تكن مسؤولية الدولة عن أخطاء موظفيها معترف بها، ولكن مع التطورات الأيديولوجية التي حدثت في بداية القرن العشرين، وتحولات الفكر السياسي الذي نقل فكرة السيادة من شخص الملك إلى الدولة والشعب، أصبحت هنالك إمكانية لمساءلة الدولة عما أحدثته من أضرار بالمواطنين.

وعلى هذا الأساس يمكننا القول إن تطورات المنظومة التشريعية وتطور الفكر القانوني، أدى إلى ظهور اتجاه يسلم بفكرة مسؤولية الدولة وإن كانت هاته المسؤولية في حالات استثنائية إلا أنها تطورت وأصبحت قاعدة مستقرة تؤكد مسؤولية الدولة عن أعمالها. ومنه أصبحت مسؤولية الدولة لا تتعارض مع السيادة. ([6]) فبرغم من أن الدولة عمدت إلى تكليل مرافقها بكل أجهزتها الإدارية بما فيها التكوين البشري، وإحاطتهم بضمانات قضائية لتحقيق العدل، وذلك من خلال تبنيها لمشروع إصلاح العدالة، لكي تكون قادرة على التواجد في كل المجالات والارتقاء بالعمل القضائي خاصة على مستوى تكون ذات دراية أعمق بالمشاكل المطروحة وكيفية إيجاد الحلول المناسبة لها إلا أنه لم يكن بمنئ عن الخطأ. ومما لا شك فيه أن مرفق القضاء هو أحد مرافق الدولة، ويمثل رمز سلطتها في إقامة العدل وفض النزاعات، وفي مقابل هاته الإيجابيات هنالك سلبيات تتجلى في أن انعدام الأداء المثالي في بعض الأحيان. مما من شأنه أن يؤثر على الفرد، ولا نقاش في أن أضرار هذا لمرفق هي من نوع خاص، فتعريض الفرد لأضرار من جهة من المفروض أن تنصفه لا تلحق به الضرر يزعزع ثقته في النظام ككل. ([7]) وعلى هذا الأساس فاسترجاع ثقة هذا لفرد الذي يعتبر شريحة مهمة في المجتمع، بل أكثر من ذلك فهو مصدر لسيادة الممنوحة لهته الهيئة ذات السيادة تحصيل حاصل، ومنه كان من الضروري ترتيب مسؤولية عن أعمال هاته الأخيرة وجبر الضرر الذي أحدثته. كل هذا إن كان سيوصلنا إلى فكرة معينة ما هي إلا مسؤولية الدولة عن الأضرار التي تحدثها عامة ومسؤولية الدولة عن الخطأ القضائي خاصة.

فمفهوم المسؤولية أول ما يوحي لنا به هو؛ أن هنالك ضرر يستوجب مؤاخذة فاعله وبالتالي تعويض المضرور عما أصابه من ضرر. ومسؤولية الدولة في المغرب وإلزامها بالتعويض عن تصرفاتها التي تحدث أضرار لم يكن مسلم بها قبل صدور قانون الالتزامات والعقود المغربي. والذي بصدوره أورد المشرع فصلين يتحدثان عن مسؤولية الدولة والبلديات وهما الفصلين 79 و80 واللذان يعتبران قواعد تحدد المسؤولية الإدارية.

فالمسؤولية الإدارية بالمغرب استمدت عناصرها من القانون والاجتهاد القضائي الفرنسي، وقد حاول الفقه البحث عن اسس هاته المسؤولية وخلصوا إلى اعتماد نظريتين نظرية المخاطر ونظرية الخطأ ([8]) وبما أننا تطرقنا لمسؤولية الإدارية فلا يمكننا إنكار أن الفضل في التمييز بين قواعد المسؤولية الإدارية عن المسؤولية المدنية، يرجع لمجلس الدولة الفرنسي وذلك بناء على قرار بلانكو Blanco الشهير والصادر عن محكمة التنازع بتاريخ 8قبراير 1873([9]).

لن نغالي إن قلنا أنه كان للقضاء الفرنسي وقعا ملموسا في اجتهادات القضاء المغربي، حيث عرف القضاء الإداري المغربي تطور ملحوظ من خلال مجموعة من الاجتهادات المتميزة للمحاكم وكدا اجتهادات المجلس الأعلى ــ محكمة النقض حاليا ــ التي تم إنشاؤها سنة 1957. وبعد الإصلاح القضائي لسنة 1974 تم توسيع مجال قضاء التعويض، وخلال سنة 1989 وبداية 1990، طرحت على الساحة الوطنية قضية علاقة المواطنين بالسلطات العمومية خاصة السلطات الإدارية وذلك تدعيما لحقوق الإنسان والمواطن وتعزيزا لدولة الحق والقانون. و في هذا الصدد جاءت المبادرة الملكية للملك الراحل الحسن الثاني في الخطاب الملكي السامي ليوم 8مارس 1990 بإنشاء مجلس استشاري لحقوق الإنسان و الإعلان عن قرب إنشاء المحاكم الإدارية و التأكيد على استكمال دولة القانون([10]). وبالفعل تم إحداث المحاكم الإدارية بالمغرب بموجب القانون رقم 41.90 وشكل بذلك خطوة نحو تكريس قضاء إداري متميز عن القضاء العادي وذلك بتحديد اختصاصات المحاكم الإدارية وإعطائها صلاحية للبت في النزاعات المرتبطة بنشاطات الأشخاص العامة إلى جانب إحداث محاكم استئناف إدارية، ومنه تم إخضاع المرافق العمومية شأنها شأن باقي الإدارات العمومية لقواعد المسؤولية الإدارية، إلا أن مرفق القضاء ظل بمنأى عن هاته المساءلة على أساس، حجية الأحكام القضائية؛ أي أن الحكم الصادر عن السلطة القضائية متى استنفذ طرق الطعن فيه فإنه يحوز قوة الشيء المقضي به، ويعتبر عنوان للحقيقة. ([11]) إضافة إلى بعض التبريرات الأخرى التي سأتطرق إليها فيما بعد. ولإن كانت السلطة القضائية هي الحامية لحقوق الأفراد وحرياتهم وهي التي تمنح للقانون فاعليته وإلزامه، إذا بغيرها يظل القانون قواعد نظرية، وعليه نجد أن المشرع أحاط السلطة القضائية بمجموعة من الضمانات ([12]) كل هذا من أجل تجنب الخطأ القضائي وتحقيق الأمن القضائي ([13])، الذي لا يتأتى إلا بتوفير واستقرار الأمن القانوني ([14]). إلا أنها تتألف من قضاة بشر ومساعدي القضاء كذلك مما يجعلهم معرضين بدورهم للخطأ الذي من شأنه أن يؤثر على ثقة المتقاضي في المؤسسة القضائية ويفقد القضاء مصداقيته أمام المواطن، ولن نبالغ إن قلنا المساس بجانب من جوانب سيادة الدولة. مما يفرض على المتدخلين في منظومة اصلاح العدالة التركيز على تحصين حقوق الأفراد وحرياتهم من الأخطاء القضائية من جهة وتشخيص العوامل المساهمة فيه ــ الخطأ القضائي ــ بغية القضاء عليه بالمرة وليس فقط التخفيف منه، لما له من أثار سلبية .

لكل هاته الأمور يتضح لنا جليا أننا بصدد التعامل مع موضوع ذي طابع قانوني وقضائي، فيما يتعلق بالشق القانوني هو بحاجة للمزيد من الإصلاح وتعزيز الأرضية التشريعية المتعلقة به، أما فيما يخص القضائية كونه ذي صلة وطيدة بالمصلحة الخاصة للأفراد مهما كانت طبيعتهم، وله أثر سلبي على منظومة العدل لما من شأنه إعادة سيناريو ما قبل 1990 أزمة الثقة في القضاء. أما الأهمية النظرية والعملية؛ تتضح لنا من خلال استحضار ما هو نظري ومعالجة الشق المفاهيمي للموضوع محاولين حصره، وإلباس الحلة الميدانية للشق النظري من خلال استحضار أمثلة من الواقع الملموس محاولين توضيح الصور بشكل منافي لكل جهالة مهما كانت درجتها.

يعالج الموضوع إشكالية محورية مفادها. أي تحصين لمنظومة العدل تنافيا للوقوع في الخطأ القضائي وتحقيقا للحكامة القضائية؟

لا يمكننا انكار المجهودات المبدولة من قبل المشرع والقضاء على حد سواء لتأطير الخطأ القضائي داخل اطار قانوني، إلا أنها مجهودات تتسم بضعف شديد لا يرقى لمتطلبات ضحاياه ــ الخطأ القضائي ــ.

المبحث الأول: أحكام عامة حول مسؤولية الدولة عن الخطأ القضائي

المطلب الأول: مفهوم الخطأ القضائي وأنواع الأخطاء القضائية

المطلب الثاني: أساس مسؤولية الدولة عن الخطأ القضائي.

المبحث الثاني: أثار قيام مسؤولية الدولة عن الخطأ القضائي

المطلب الأول: مفهوم وشروط وأنواع التعويض

المطلب الثاني: المسار المسطري كألية للتعويض

المبحث الأول: أحكام عامة حول مسؤولية الدولة عن الخطأ القضائي

يثير موضوع مسؤولية الدولة عن الخطأ القضائي إشكالات من الناحية المفاهيمية سواء تعلق الأمر بالتعريف أو الأنواع. وعليه خصصنا هذا الشق للجانب النظري للموضوع مستحضرين الثالوث القانوني الإلمام بالجانب المفاهيمي لهذا الأخير، سواء من ناحية القانونية عن طريق استحضار نصوص قانونية، تهم كل من التشريع المغربي وكذا بعض التشريعات المقارنة. والجانب الفقهي سواء الفقه المغربي أو المقارن، إضافة إلى الاجتهاد القضائي الذي يعتبر مصدر مهم للقانون عامة واجتهاد القضاة في مجالاتهم خاصة. ومنه ينبغي علينا وقبل التطرق لمعالجة أي إشكالية كيفما كانت لابد من رفع اللبس على بعض المصطلحات التي تهم الموضوع محل الإشكالية. ومنه سنعالج في هذا الشق نقطتين أساسيتين أولى تتعلق بالمفاهيم قصد التوضيح (المطلب الأول) ثم النقطة الثانية المتعلقة بالأنواع التي يمكن أن نصادفها في الخطأ القضائي (المطلب الثاني)

المطلب الأول: مفهوم الخطأ القضائي وأنواع الأخطاء القضائية

أحدث مفهوم الخطأ القضائي ضجة كبيرة في الساحة القانونية، فيما يخص تحديده تحديدا دقيقا وشافي ومنافي لكل لبس أو جهالة، ومما لا يخفى علينا أن تعريف المصطلح واعتماد مصطلحات فضفاضة هو أول ما يؤدي إلى تعرضه للانتقادات، والخطأ كمفهوم عام يعرف تنوع وتعدد سواء من حيث النية ‘العمدي والغير ألعمدي’ أو من حيث الدرجة ‘الخطأ الجسيم وخطأ على قدر من الجسامة…’. ولكن ما يهمنا؛ من حيث الجهة ــ الشخصي والمرفقي ــ ودرجته. وكدلك التطرق لبعض النماذج العامة المتعارف عليها من الجانب النظري وكدا بعض الحالات الملموسة في الواقع المعاش.

الفقرة الأولى: مفهوم الخطأ القضائي

ــ يكتسي النظام الإجرائي المتعلق بمسؤولية الدولة عن أخطائها القضائية نظام خاص، نظراٌ لخصوصية وأهمية الوظيفة القضائية وكون المرفق القضائي يمثل جانب من جوانب السيادة بصفة عامة من جهة، ومن جهة أخرى نظراً للقضاة بشكل خاص. فهم الضامنون لحقوق وحريات الأفراد[15]، وكدا الساهرون على تطبيق القانون بشكل سليم وعدم الخروج عنه أو التعسف في استعماله، ولكن لأن مسيري هذا المرفق هم قضاة ” آي بشر” فهل هم معصومون من الخطأ؟ طبعا لا! لأن الكمال لله وحده فالقضاة هم أيضا معرضون للخطأ، فإن تم ارتكاب هدا الخطأ نكون أمام ـ خطأ قضائي ـ فماذا نقصد بالخطأ القضائي؟ وهل تم التطرق إليه في التشريع والفقه والاجتهادات القضائية؟

تعريف الخطأ القضائي في القانون ”المغربي وبعض القوانين المقارنة”.

القانون الفرنسي

نجد أن المشرع الفرنسي فضل إلغاء تسمية الخطأ القضائي، وعوضها بعبارة “إلغاء الإدانة ” وهذا يحصرُ الخطأ القضائي في نطاق محدد وهو عكس ذلك. ويُعرَّف الخطأ القضائي بأنه: “غلط في الوقائع ترتكبه محكمة الحكم في تقديرها لجريمة شخص متابع قضائيا، والسلطة القضائية هي وحدها تعترف بوجود هدا الغلط[16].

من خلال التعريف السالف الذكر، يمكنني استخلاص آن الغلط –حسب المشرع الفرنسي-محصور عند هيئة الحكم، بل أكثر من ذلك فهو يتعلق فقط بالجريمة، ثم إن المسؤولية لا تقوم إلا عند الاعتراف بالغلط القضائي وهذا متعلق بالسلطة القضائية هي وحدها من تجزِمُ في الأمر.

كذلك نجد استعماله لمصطلح أدق. ألا وهو الغلط Error، الذي يعتبر مغلفا في مفهوم الخطأ ما يجعل الأخير أوسع وأشمل من “الغلط “. [17]

فالمشرع الفرنسي أصدر قانون 8 يونيو 1895 على إثر أحداث قضية ” Dreyfus“، التي أحدثت ضجة كبيرة في المجتمع الفرنسي ، ثم توالت القضايا التي بت فيها القضاء الفرنسي في اتجاه مسؤولية الدولة عن الخطأ القضائي، وهي حالات أدين فيها أبرياء وتمت تبرئتهم منها، وأخلي فيها سبيل الجناة، وكمثال على ذلك القرار الصادر عن القضاء الإداري في القضية المشهورة Jean Marie Deveaux””؛ التي أدين فيها بريء سنة 1963 وحكم عليه بالسجن لمدة 20 سنة لاتهامه بقتل ابنة مشغله، وقد تم تبرئته سنة 1969 لظهور الجاني الحقيقي، وكذلك القرار الصادر في قضية” Roland Agret”التي أدين فيها شخص سنة 1973 وبُرِئ منها سنة 1985.

ثم بعد ذلك اهتدى المشرع الفرنسي إلى تقرير مسؤولية الدولة بمقتضى قانون 17 يوليو 1970، وتبقى مسؤولية الدولة لها أساس قانوني آخر وهو الفقرة الخامسة من المادة الخامسة من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. والحق في التعويض عن الضرر الحاصل من جراء الاعتقال الاحتياطي حسب هذه الاتفاقية حق واجب، ثم أخذ المشرع الفرنسي يتطور نحو الأحسن فخفف من الشروط التي وضعها قانون 1970، إذ أصدر قانون آخر بتاريخ 5 يوليو 1972 الذي أدخل تعديلا على التنظيم القضائي الفرنسي وأجاز مسؤولية الدولة بتعويض الأضرار الناشئة عن الأداء المعيب لمرفق القضاء، لكن في حالتين اثنتين فقط: هما “الخطأ الجسيم وإنكار العدالة”، وأخيرا أصدر قانون 20 دجنبر 1996 الذي لم يعد يشترط أن يكون الضرر بالغاً أو جسيماً بدرجة غير عادية، كما كان عليه الحال في قانون 1970.

من خلال ما سبق يمكنني القول ان المشرع الفرنسي بادر إلى ترتيب المسؤولية عن الأخطاء القضائية، ولكنه لم يعرف الخطأ القضائي بنص صريح وإنما أبرز بعض نماذج الأخطاء القضائية وكيفية التعويض عليها.[18]

القانون اللبناني

المشرع اللبناني نوه في عدة فرص بإمكانية مساءلة الأفراد لدولة عن أخطائها القضائية، مثلا نجد قانون أصول المحاكمة الجزائية الجديد رقم 328 بتاريخ 07/08/2001 والمعدل بقانون رقم. 359 بتاريخ 16/08/2001. في الفصل العاشر “المواد 344و 354” التي تضم مقتضيات تهم جرائم القضاة بغض النظر عن طبيعة الخطأ سواء كانت خارجة عن وظائفهم او ناشئة بمناسبة وظائفهم[19]. فهذا الأخير مرة أخرى لم يتطرق لتعريف الخطأ القضائي وفق نص صريح، وإنما اكتفى بإقرار مسؤولية الدولة عن أعمال السلطة القضائية التي تتسبب بالضرر والذي يكون نتيجة خطأ. ووفق الفرضية القانونية اللبنانية التي جاءت بعبارة تدل على” يعتبر الخطأ القضائي الوجه الأخر لعمل السلطة القضائية وفق المثل المعروف من (يعمل لابد إن يخطئ)”[20]

فالخطأ القضائي وفق القانون اللبناني: “هو عدم مطابقة الحقيقة القضائية التي تلفظها العدالة من خلال الأحكام للحقيقة التي تكشفها الوقائع الحاصلة فعلا على الأرض”[21]

القانون المغربي:

لا نجد نص قانوني صريح في القانون المغربي، يعرف مفهوم الخطأ القضائي، وهدا ما يجعلني أعود إلى الشريعة العامة أي قانون الالتزامات والعقود، خاصة الفصول.

الفصل 78: “كل شخص مسؤول عن الضرر المعنوي أو المادي الذي أحدثه، لا بفعله فقط ولكن بخطئه أيضا، وذلك عندما يثبت أن الخطأ هو السبب المباشر في ذلك الضرر.

وكل شرط مخالف لذلك يكون عديم الأثر.

والخطأ هو ترك ما كان يجب فعله، أو فعل ما كان يجب الإمساك عنه. وذلك من غير قصد لإحداث ضرر”.

الفصل 79: “الدولة والبلديات مسؤولة عن الأضرار الناتجة مباشرة عن تسيير إداراتها و عن الأخطاء المصلحية لمستخدميها. ”

الفصل 81: ” القاضي الذي يُخِلُ بمقتضيات منصبه يُسأل مدنياً عن هذا الإخلال تجاه الشخص المتضرر في الحالات التي تجوز فيه مخاصمته.”

من خلال ما سبق يتضح لنا أن الخطأ القضائي هو خطأ قد يمس مباشرة بحقوق الأشخاص وحرياتهم، ويحول دون ممارسة حياتهم العادية في التحصيل والكسب، مع إمكانية تأثيره على أسرهم. خاصةً إن كان ضحية الخطأ القضائي هو المعيل الوحيد![22]

وكدا المادة 565 من قانون المسطرة الجنائية حيث تم ذكر الخطأ القضائي وتم الإشارة فيها إلى الخطأ في الوقائع.

الخطأ القضائي في الفقه المغربي والمقارن.

ــ في مجال الفقه القانوني عكس التشريع هنالك من لا يعترف بهذا المفهوم أصلا عملا بالقاعدة الفقهية الشهيرة :”القاضي لا يخطأ”[23]

الفقه الفرنسي .

نجد أن الفقيه جون هاميوت Jean Hamiot يعرف الخطأ القضائي بكونه: ” اتهام شخص بريء أو إخلاء سبيل شخص متهم “، ويعاب على هذا التعريف انه عام وناقص، فهو لا يبرز الجهة المصدِرة للحكم.[24]

فيحين الفقيه جون فرنسوابيرجيلين jean François burgelin صرح بأن: «الخطأ القضائي يتعلق بالأحكام النهائية الملغاة، بالمراجعة او عن طريق الاعتراف باتهام شخص بريء. من طرف السلطات العامة.[25]

أما الفقيه بري سود BRISSAUDيعرف الخطأ القضائي: “بأنه ذلك الخطأ الذي يقع فيه القاضي نتيجة للإهمال أو المصلحة أو الاستسلام للآخرين أو الانصياع لآراء وأصوات قوية قد تؤثر على المحكمة”[26]، وهو تعريف فضفاض وواسع، ذلك أن الفقيه استعمل مصطلحات واسعة الدلالة، وإهمال القاضي أو ضعفه أو استسلامه، تبقى عوامل مساهمة للوقوع في الخطأ وليست محددات قانونية للخطأ[27].

يأتي في الأخير الفقيه دومينيك فال Dominique Val ، الذي أعطى تحديد نوعا ما دقيق للمفهوم موضوع الدراسة، و حصر الخطأ القضائي في المحاكم الدرجة الثانية . كون الضحية المتضرر من الأخطاء القضائية في المحاكم درجة الأولى، يمكنه سلوك الإجراءات العادية لتصحيح الحكم عن طريق استئنافه للحكم وهذا ما يستفاد من قوله “الخطأ القضائي يخص كل القرارات المشوبة بخطأ، والصادرة عن المحاكم عندما تصبح هاته القرارات غير قابلة لأي طرق طعن العادي” [28]أي حاملة لقوة الشيء المقضي به.

الفقه المغربي:

أما فيما يخص الفقه المغربي الذي لم يتطرق للخطأ القضائي نظرا لحداثة المفهوم ، فلم نلمس آي تعريف صادر عن فقهاء القانون و إنما باحثين في المجال فقط مثل الطالبة الباحثة كوثر بنداحي ” التي عرفت المفهوم بكونه :نوع من التقصير من طرف أعضاء السلطة القضائية، خلال مراحل سير الدعوى .قد يؤدي إلى تغيير مجرى الحقيقة و الإضرار بأحد المتقاضين إما بسلب الحرية أو ضياع الحقوق المالية أو هما معاٌ.” [29]

وكذلك نجد تعريف الخطأ المادي من قِبل الفقه المغربي ” هو كل ما يشوب مضمون الحكم من تحرير، أو سهو أو ما يتسرب إليه من زيادة أو نقصان. فيعكس مضمونه أو منطوقه مما يؤثر في النتيجة من دون أن يلغيها آو يفقدها ذاتيتها”[30]

: تعريف الخطأ القضائي في الاجتهاد القضائي.
الاجتهاد القضائي الإداري الفرنسي

يذهب القضاء الإداري الفرنسي في العديد من قراراته الى تبني تعريف، الحقوقية المتخصصة في الخطأ القضائي الأستاذة سيلفي نواشوفيتيش Sylvie Noachovitich للخطأ القضائي و هو:”إدانة شخص بريء و تبرئة شخص جاني”.[31]

ومن بين هاته القرارات نجد القرار الصادر بشأن قضية jean dehays ، الذي أدين سنة 1949 بالسجن لمدة 20سنة مع الأعمال الشاقة لإتهامه بقتل زوجته ، وتمت تبرئته سنة 1955 لظهور الجاني الحقيقي. وتوصل هذا الأخير بتعويض عن المدة التي قضاها بالسجن قدره 12.335.00 فرنك. (1). وأيضا القرار الصادر عن القضاء الإداري في القضية المشهورة Jean Marie Deveaux؛ الذي أدين فيها بريء سنة 1963 وحكم عليه بالسجن لمدة 20 سنة لاتهامه بقتل ابنة مشغله، وقد برئت ساحته سنة 1969 لظهور الجاني الحقيقي، وكذلك القرار الصادر في قضية Roland Agret التي أدين فيها شخص سنة 1973 وبرئ سنة 1985. وتم تعويضه عن المدة التي قضاها بالسجن بمبلغ 250.000.00 فرنك.

الاجتهاد القضائي الإداري المغربي:

أما الاجتهاد القضائي المغربي فهو سار في نفس منحى الاتجاه الفرنسي حيث جاء تعليل حكم الصادر عن المحكمة الإدارية بالدار البيضاء بتاريخ 2006-6-5 تحت عدد 632 في الملف عدد 76/2006 الذي قضى بمنح تعويض للمحكوم عليه بعقوبة سالبة للحرية مدى الحياة من أجل جناية القتل العمد، قضى المحكوم عليه من أجل ذلك عشر سنوات ثم عُرف أثناء تنفيذه للعقوبة الجاني الحقيقي الذي أدين بعقوبة الإعدام، وبفضل دعوى المراجعة ألغى المجلس الأعلى قرار الإدانة الأول وحكم بالبراءة على من كان محكوما بالسجن المؤبد، وهذا الأخير تقدم بطلب ضد الدولة المغربية كمسؤولة عن الخطأ القضائي وهو موضوع الملف الذي بتت فيه المحكمة الإدارية بتحميل الدولة المسؤولية عن أعمال السلطة القضائية وقد أسست هذه المحكمة حكمها هذا على حيثيات جديرة بالقراءة. و في تعريفها للخطأ اعتمدت تعريف الحقوقية المتخصصة في الخطأ القضائي الأستاذة سيلفي نواشوفيتيش Sylvie Noachovitich ، للخطأ القضائي و هو: «إدانة شخص بريء و تبرئة شخص جاني”.[32]

الفقرة الثانية: أنواع الأخطاء القضائية.

مسؤولية الدولة عن أعمال مرافقها العمومية أشكال وأنواع، على سبيل الحصر لا المثال نجد مسؤولية الدولة بناء على ثبوت الخطأ، وهو ما تم تنظيمه وفق الفصول “79 و80 من ق.ل.ع”. ثم مسؤولية الدولة عن أعمالها بدون وجود خطأ وهي المنظمة بالفصل ” 79 من ق.ل.ع ”

وتبنى هاته المسؤولية على أساس المخاطر la responsabilité fondée sur le risque، عكس الأولى التي تَنْبني على أساس الخطأ la responsabilité pour faute. [33]

هذا فيما يتعلق بالإجابة على ماذا تترتب مسؤولية الدولة بصفة عامة لكن ودون الخوض في التفاصيل المملة ولكي نبقى في سياق موضوعنا أي “أنواع الخطأ القضائي” سأتطرق مباشرة للأخطاء القضائية باعتباره مرفق عمومي، ثم إلى الأخطاء القضائية الشخصية للقضاة منتهيا في الأخير لإبراز بعض النماذج التي تسأل عنها الدولة نظرا لكونها أخطاء قضائية.

الخطأ القضائي باعتبار القضاء مرفق عمومي. <الخطأ المرفقي>

مصطلح الخطأ المرفقي أصبح يطلق على الأخطاء الغير المنفصلة عن مزاولة المهنة، ويمكن أن نطلق عليه: «بأنه قصور في السير العادي للمرفق يلقى على كاهل موظف او عدة موظفين لكنه لا ينسب إليهم بصورة شخصية.”

فالقاضي عند تقديره للخطأ المرفقي لا يعتمد معيار ثابت، بل يأخذ بعين الاعتبار أهمية المرفق من جهة وكدا الظرف الزمني ــ ذلك أن وقت سلم ليس هو وقت الأزمات بمختلف أنواعها ـــ وكدا الموارد البشرية الذي يتوفر عليها هذا المرفق. فما أردنا أن نرفع عنه اللبس هو ان مقاضاة الدولة عن أخطائها المرفقية لا يخضع لقاعدة عامة تسري على كافة النوازل، وإنما ما يعتبر خطأ الآن قد لا يعتبر خطأ مرة أخرى.

والخطأ المرفقي هو الخطأ الذي تتحمل الدولة بشأنه مسئولية التعويض عن الأضرار المترتبة عليه ولذلك ينسب الخطأ إليها مجازا وليس إلى الموظف شخصيا، هو مجرد اصطلاح يقصد به أن الدولة أو الشخص العام عموما هو المسئول عن تعويض وجبر الأضرار الناجمة عن الخطأ دون الموظف[34]. على العموم الخطأ الذي يمكن نسبته إلى الدولة أو الإدارة، ولو كان مرتكب هدا الخطأ هو ذلك الشخص الطبيعي التابع للإدارة، مادام العمل يدخل في نطاق خدمتها، ومحكمة النقض هي الأخرى أخدت بهاته المسألة وفق مقتضيات الفصل 79 من قانون قلع. و أكدت على إثبات الخطأ المصلحي المنسوب لموظفيها -الدولة-» راجع قرار محكمة النقض عدد 2391 الصادر بتاريخ 06/07/1994″[35]، و قد يكون ناجم عن خطأ موظف معلوم او العكس، أي ناجم عن موظف غير معلوم هنا نكون أمام ما يسمى ب بالأخطاء الوظيفية المجهولة، ويطلق عليها أيضا خطأ المرفق العام ( (Faute de service public.[36]

فالخطأ المرفقي وكما عرفه البعض: ” هو التقصير الذي يحدث في المصلحة الإدارية في القيام بالتزامها «، والخطأ المرفقي او المصلحي نفسه أنواع فإما أن يكون صادر من الموظف وهو يقوم بعمل من أعمال وظيفته، و ‘ما أن يصدر منه بسبب وظيفته، او بمناسبة وظيفته وهنا لا تسأل عنه الدولة[37].

ــ بل أكثر من ذلك فالخطأ المرفقي هو على درجات، بحيث نجد ان مجلس الدولة الفرنسي ميز منذ امد طويل بين درجات الخطأ المرفقي، مثلما هنالك أخطاء بسيطة هنالك أخطاء جسيمة وأخرى على قدر من الجسامة. وهذا التمييز ذكرناه لأن الدولة في بعض الأحيان لا تؤاخذ بعض المرافق إلا على الأخطاء الجسيمة مثلا:

مرفق الشرطة والدرك الملكي. بصفتهم المحافظين على الأمن العمومي. وهذا ما أكده الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء ب تاريخ25/02/1960 بين لويس ليون والدولة المغربية، الذي اعتبر ان مسؤولية الدولة عن مرافق الشرطة لا يمكن الأخذ بها إلا في حالة الأخطاء الجسيمة. ولكن من خلال ما سبق وذكرناه لا يمكننا أن نجزم بأن هدا هو المبدأ العام، فالمبدأ وكما هو مكرس في حكم “بلا نكو” الشهير هو، أن مسؤولية الدولة ليست عامة ولا مطلقة.[38]

الأخطاء القضائية الشخصية للقضاة. “الخطأ الشخصي”

هو الذي ينسب إلى الموظف العمومي شخصيا، فهو الذي يتحمل المسؤولية الشخصية ويُنفذ الحكم على أمواله الخاصة.
ولكن هذا التعريف يظل قاصر فالخطأ المرفقي هو الأخر يصدر من الموظف، وعليه سنستأنس في هذا الصدد بالآراء الفقهية في هذا المجال، الذين بدورهم لم يجمعوا على تعريف معين؛

× فالفقيه هوريو عرف الخطأ الشخصي:” بأنه ذلك الخطأ الذي يتم فصله عن الوظيفة”.
× أما الفقيه دوجي فقد عرف الخطأ الشخص: «بأنه هو الخطأ الذي يتم ارتكابه من طرف الموظف لتحقيق أغراض ليس لها علاقة بالوظيفة لإشباع رغبته الخاصة”
× في حين الفقيه جيز عرف الخطأ الشخصي باعتماد معيار جسامة الخطأ: «فالخطأ الشخصي حسب هذا الأخير هو ذلك الخطأ الجسيم الذي يصل إلى حد ارتكابه جريمة تقع تحت طائلة العقاب”.[39]

انطلاقا مما سبق يمكننا تعريف الخطأ الشخصي بأنه ذلك الخطأ الذي يسأل عنه الموظف شخصيا من أمواله الخاصة أمام القاضي المدني ووفق قواعد القانون الخاص “الفصل 77من ق.ل.ع” .[40]

ونميز بين صنفين أولهما داخل أو أثناء ممارسة الوظيفة وأخر العكس أي خارج مجال ممارسة الوظيفة.

الخطأ المرتكب خارج نطاق الوظيفة:

– فالخطأ المرتكب خارج نطاق الوظيفة، يعتبر خطأ عادي لا علاقة له بالإدارة وتسري عليه الأحكام التي تسري على الخواص، ولو ارتكب بآلة تعود ملكيتها لدولة. وهذا ما أكدت عليه غرفة الجنايات بمراكش، في تاريخ 02/05/1978 في الملف الجنائي عدد 112/76 : عندما اعتبرت الشرطي الذي قتل عمداَ بواسطة آلة تعود ملكيتها لدولة ، انه مرتكب لخطأ شخصي ، و قضت بإخراج الدولة من الدعوى.[41]
الخطأ المرتب أثناء مزاولة الوظيفة:

النوع الثاني هو الذي يثير نوعا ما إشكالا على مستوى مساءلة الدولة عليه ام لا، لكون الموظف المرتكب لهذا الخطأ ارتكبه أثناء ممارسته لوظيفته. فالتساؤل الذي يطرح هنا هل تقوم مسؤولية الدولة إلى جانب الموظف عملا بنظرية مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع؟،أم إن المسؤولية المدنية يتحملها الموظف وحده؟[42]. بالرجوع إلى شراح قانون الالتزامات والعقود ينص على أنه يكون الخطأ شخصيا، إن كان العمل الخاطئ يتسم بما يجعله منفصل عما كان يجب أن يكون عليه السير المعتاد للمرفق. و يتابع في هذا الصدد أن الخطأ الشخصي المرتكب أثناء مزاولة الوظيفة يتجلى فيما قد يرتكبه عن سوء نية من أخطاء، قصد تحقيق منفعته الشخصية[43].كما أن الخطأ الشخصي للقضاة و في أحسن صوره يتجلى في الخطأ الجسيم، و إن كان النظام الأساسي لرجال القضاء ( الصادر لتنفيذ الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.74.467 بتاريخ 26 شوال 1394 الموافق ل 11نونبر 1974 ) لا يوجد به أي قاعدة قانونية تنص صراحة على الأفعال التي تعتبر أخطاء جسيمة،[44]ولكن المشرع لم يغفل ذلك بشكل كلي بل سرعان ما تدارك الأمر في قانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة رقم 106.13 خاصة المادة 97 التي تضمنت أفعال تعتبر أخطاء جسيمة للقضاة و هي على سبيل الحصر :

” يعد خطأ جسيم بصفة خاصة:

– إخلال القاضي بواجب الاستقلال والتجرد والنزاهة والاستقامة.

– الخرق العمدي والواضح لقاعدة مسطرية تشكل ضمانة أساسية لحقوق الأطراف.

– خرق السر المهني وإفشاء سر المداولات.

– الامتناع العمدي عن التجريح التلقائي في الحالات المنصوص عليها في القانون.

– الامتناع عن العمل المدبر بصفة جماعية.

– وقف او عرقلة السير العادي للجلسات والمحاكم.

– اتخاذ موقف سياسي أو الإدلاء بتصريح يكتسي صبغة سياسية.

– ممارسة نشاط سياسي أو نقابي او الانتماء إلى حزب سياسي أو نقابة مهنية.”‘[45]

تم إقرار مبدأ خطير وغير مسبوق ألا وهو مبدأ مسؤولية القاضي عن عمله القضائي، فقد أجمعت جميع الأنظمة القانونية على تحصين القاضي من المساءلة عن العمل القضائي إلا في حالات ارتكابه للغش والتدليس والغدر وما في حكمها[46] ويبدو أن واضعي نص المادة97 المذكورة قد نقلوا النص عن الفصل 43 من النظام الأساسي للقضاة بفرنسا، غير أن نقلهم لم يكن موفقا، إذ من جهة تم نقل الخطأ التأديبي بشكل منفصل عن الضمانات التي قررها النص الفرنسي لفائدة القاضي، ومن جهة أخرى تم التوسع في عملية النقل بإضافة الخطأ في تطبيق قانون الموضوع إلى الخطأ في تطبيق قواعد المسطرة، كما أن النص الفرنسي يشترط ثبوت الخطأ بمقرر قضائي انتهائي، أي استنفاذ جميع طرق الطعن، بينما لم يتم التنصيص على هذا الشرط في النص المغربي، ليطرح السؤال حول الجهة التي تملك تقدير الخطأ الجسيم وهل يصح لجهة غير قضائية أن تراقب قرارات القضاء؟. والمثير للاستغراب في عملية النقل هذه، أن النص الفرنسي يجعل خرق القانون المسطري خطأ تأديبيا دون أي وصف ودون أن يترتب عليه التوقيف، بينما مشروع النص المغربي جعله خطأ جسيما موجبا للتوقيف فورا؛ فهل يُعقل أن يكون النص الفرنسي بدقته ونطاقه الضيق وما تضمنه من ضمانات قد جعل الخطأ، خطأ تأديبيا عاديا، بينما النص المغربي المفتقر للدقة والمُفرغ من الضمانات يجعل منه خطأ جسيما موجبا لتوقيف القاضي فورا؟

إذا كان هذا رأي واضعي المادة 97 المذكورة فإرادة الأمة كان لها رأي آخر، وقد عبرت عنه بموافقتها على دستور المملكة الذي يحصر الأخطاء الجسيمة للقضاة في الإخلال بواجب الاستقلال والتجرد (الفصل 109)، ولا يفرض على القاضي التطبيق الحرفي والميكانيكي للقانون، بل يطلب منه التطبيق العادل للقانون (الفصل 110)، ولذلك تصور واضعو الدستور احتمال الخطأ في تطبيق القانون، إذ لا مجال للتطبيق العادل للقانون دون اجتهاد ولا اجتهادَ دون هامش معقول من الخطأ، ولذلك وجد مفهوم الخطأ القضائي (الفصل 122). وباستحضارنا لخطاب صاحب الجلالة الملك محمد السادس بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة الثانية من الولاية التشريعية السابعة للبرلمان بتاريخ 10 أكتوبر 2003 الذي أكد بخصوص مدونة الأسرة: “…أن هذه المدونة مهما تضمنت من عناصر الإصلاح، فإن تفعيلها يظل رهينا بإيجاد قضاء أسري عادل، وعصري وفعال…”. وحَسْبنا أن نستحضر قرار المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) في قراره الصادر بتاريخ 07 أبريل 1999 الذي قضى بأن: “عدم ذكر القاعدة أو النص القانونيين لا يؤدي للنقض لأن العبرة بصدور الأحكام مطابقة لروح القانون”. إن تعارض المادة 97 المذكورة مع مبدأ استقلال القضاء ومع فلسفة التطبيق العادل للقانون المستوحاة من المرجعية الدستورية ومن التوجيهات الملكية السامية، وما استقر عليه قضاء محكمة النقض، هو ما يجعل هذا النص غير ممكن التطبيق إلا مع كثير من الأسئلة المحرجة، فمن جهة كيف يمكن الحديث عن استقلال القضاء وأحكام القضاة تخضع لرقابة غير قضائية فيما يتعلق بحسن تطبيق القانون بالنظر إلى تشكيلة المجلس الأعلى للسلطة القضائية؟ ومن جهة أخرى في حالة إصدار حكم عن هيئة جماعية هل يتم توقيف جميع أعضاء الهيئة، بما في ذلك القاضي المعارض لرأي الأغلبية، ما دام أنه ملزم بسرية المداولات تحت طائلة المساءلة؟ وإذا حدث وأن تم توقيف قاض لخرقه للقانون، وتم تأييد قراره في باقي درجات التقاضي، هل سيكون مقبولا أن نبرِّئ القاضي، بعد الضرر المادي والمعنوي الذي لحقه وكأنَّ شيئا لم يقع، أم يتم توقيف جميع القضاة الذين أيدوا حكمه القضائي؟!

وماذا عسى القاضي أن يفعل عندما تبتُّ محكمة النقض في نقطة قانونية على نحو مخالف لحرفية النص القانوني، هل يلتزم بهذه النقطة القانونية إعمالا للفصل 369 من قانون المسطرة المدنية، فيكون مشاركا في خرق القانون، وعرضة للمساءلة وفق منطق المادة 97 المذكورة، أم يخالف النقطة القانونية التي بتَّت فيها محكمة النقض ويخرق القاعدة المسطرية التي تضمنها الفصل 369، فيكون في نفس الآن عرضة للمساءلة طبقا لذات المادة -97- ؟

يمكن القول إن واضع المادة 97، بجعل من الخطأ في تطبيق القانون، خطأ جسيما موجبا لتوقيف القاضي، ويعتقد أن القانون هو عبارة عن لائحة طويلة ولا متناهية من القواعد القانونية تقابلها بالتوازي والتلازم لائحة مماثلة من الوقائع، ودور القاضي ينحصر في ربط كل قاعدة قانونية بالواقعة التي تقابلها. ليْتَ البت في القضايا كان بهذه البساطة، فنكفيكم ونكفي أنفسنا عناء دق ناقوس الخطر حول ما تضمنه المادة 97 المذكورة، ولكن وكما قال كار بونييه “فالقانون صغير جدا مقارنة مع العلاقات بين الأفراد”، ولذلك فإن القاضي تارة يطبق

القانون بشكل مباشر وحَرْفي وتارة يكون ملزما بتفسير النص وملاءمته مع الواقعة المعروضة عليه، وفي أحيان كثيرة يكون مضطرا لتكملة التشريع إما بتفويض ضمني أو صريح من المشرع، أو نتيجة غياب قاعدة قانونية ووجود مصلحة حيوية تتطلب الحماية،[47]

في الأخير لا يسعنا المقام لذكر بعض النماذج من الأخطاء القضائية في المتن مما يدفعنا الى عرضها في الهامش محاولة منا مزج ما هو نظري بما هو عملي لتوضيح الصورة بشكل متنافي لكل جهالة مهما كانت درجتها[48]

المطلب الثاني: أساس مسؤولية الدولة عن الخطأ القضائي.

عرفت المملكة المغربية تطور ملحوظ على مستوى الساحة القانونية خاصةٌ بعد المصادقة على دستور 2011، والارتقاء بالقضاء إلى كونه سلطة وفصله عن باقي السلطات. سواء التشريعية أو التنفيذية، وهذا كله من أجل السهر على تطبيق القانون بشكل سليم، بمنأى عن كل ما من شأنه أن يؤثر عليهم ـ القضاة ـ .[49]

وتم التخلي عن مبدأ عدم مساءلة الدولة عن الخطأ القضائي أنداك نظرا لاعتقادات دينية أو أخرى ترتبط بالمصلحة العامة، ليتم اعتماد فكرة تتمحور حول جبر الضرر وتعزيز ثقة المتقاضي في المؤسسات القضائية، وتم تعميم المساءلة عن الخطأ القضائي والابتعاد عن استثنائية هاته المساءلة فضلا على اندثار المبررات الواهية لعدم مساءلة الدولة عن الأخطاء القضائية المتمثلة في؛ استقلال السلطة القضائية، وحجية الشيء المقضي به، وكدا عرقلة سير العدالة، وإمكانية تصحيح الأحكام وأخيراُ مبرر فكرة السيادة.

الفقرة الأولى: الأسس الفقهية التي تستند عليها مسؤولية الدولة عن الخطأ القضائي.

يتميز موضوع مسؤولية الدولة بتنوع الأركان والأسس التي تقوم عليها، وعليه فهي تصنف حسب طبيعة أعمال الدولة، بحيث نجد أن الفقه اعتمد نظريتين أساسيتين نظرية الخطأ ــ مساءلة الدولة على أخطائها القضائية بناءاَ على الخطأ الصادر عنها ــ، بل أكثر من ذلك ولو لم يوجد هذا الخطأ يمكن مساءلة هاته الأخير عن أعاملها الضارة بناء على نظرية المخاطر إذا ما لمقصود بكل واحدة على حدا؟

مسؤولية الدولة على أساس نظرية الخطأ:

هي نظرية اخذ بها الفقه التقليدي، والخطأ تعرضنا لتعريفه في مناسبات سابقة، ونظيف إلى أنه ذلك الركن الأول الذي يكون ضروري لإحلال المسؤولية التقصيرية، فهو كأساس لقيام المسؤولية عن الأعمال التي تصدر من الدولة أو أحد أشخاصها المعنوية. وتتجلى في خطأ يحدث ضرراَ للغير وضرورة وجود علاقة سببية بين الأول والثاني حتى يتسنى الحكم بالتعويض. والقاضي ليس بشخص عادي يمكن نسبة الخطأ إليه بسهولة، مما يؤدي إلى ضياع حق المضرور من الأعمال القضائية. وأيضا نلمس من خلال علاقة التابع بالمتبوع بحيث يكون التابع مسؤولا عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله الغير المشروع متى كان واقع منه حال تأديته لوظيفته أو بسببها، ولكن تبقى مسألة الإثبات صعبة على المتضرر، نظرا لأن الخطأ يكون مشترك في أغلب الأحيان بسبب سرية المداولات والطابع الجماعي للحكم القضائي. [50]

على العموم أنصار هاته النظرية يؤسسون مسؤولية الدولة على الخطأ الشخصي، وقد لخصها القانون الفرنسي في ثلاثة عناصر.

1 سوء اختيار المتبوع لتابعه

2 تقصير من قِبل المتبوع على التابع

3 خضوع التابع للمتبوع وتنفيذه لأوامره

دون الخوض في التفاصيل المملة فإن أغلب الفقه اعتمد معيار الخطأ في الاختيار ومعيار الخطأ في الإشراف أو الرقابة كقرينة مزدوجة لتقرير مسؤولية الدولة عن اخطاء التي يقوم بها تابعيها [51]

وهنالك من أعتمد أخطاء مرتكبة من القاضي نفسه، ومن بين هاته الأخطاء “الخطأ الجسيم وإنكار العدالة”. فالخطأ الجسيم وحسب أنصار هذا الاتجاه: هو خطأ يرتكبه القاضي تحت تأثير غلط فادح، ما كان ليساق إليه، لو اهتم بواجباته اهتماما عاديا. فهو إهمال جسيم في أداء الواجب، تبلغ فيه المخالفة من الجسامة مقدار الغش ولكن ليس بغش لعدم اقترانه بسوء النية. وخير مثال لذلك الجهل الفاضح بالمبادئ الأساسية للقانون.

أما إنكار العدالة فهو وحسب نفس أنصار هذا الاتجاه؛ كل إخلال من جانب الدولة بواجبها في توفير الحماية القضائية للفرد، التي تعني حق كل متقاض في أن يُفصَل في ادعاءاته خلال مدة معقولة. بمعنى أخر ضرورة توفر الإدارة السليمة لمرفق العدالة.

وخير مثال لهاته الحالة؛ رفض القاضي الفصل في النزاع، بغية انتظار محكمة أخرى لتأخذ موقف في نزاع مماثل، أو الفصل في الدعوى لأجل غير محدد … .

وعلي تم اعتبار هاته الحالات كأخطاء قضائية، متى ما وجدت تم إحلال مسؤولية الدولة عنها وتلزم بتعويض المتضررين [52]

مسؤولية الدولة على أساس نظرية المخاطر

قد لا يكون خطأ، ويكون العمل مشروعا، ولكن نصادف الضرر وهنا نكون أمام إحلال مسؤولية الدولة بناءاُ على الضرر التي تسببت به و ليس الخطأ ــ نظرية المخاطر ــ .

بمعنى أخر هو التعويض عن نشاط الدولة المشروع الذي يتسبب في ضرر كاف واستثنائي، مضمون هذا المبدأ خطأ يتجلى؛ في تسبيب الدولة بأعمالها ضررا دون صدور أي خطأ عن هاته الأخيرة ــ الدولة ــ ويشترط قيام كل من ركن الضرر والعلاقة السببية، ومن هاته الحالات:

أعمال ضباط الشرطة القضائية، خاصة عند استعمالهم للأسلحة النارية أثناء مداهمتهم لموقع معين أو مطاردة جناة هاربين…، وكذلك المخاطر الناشئة عن استعمال المناهج الحرة في بعض المرافق القضائية. ويتابع في هذا الصدد الأستاذ مسعود شيهوب ” بأن اشتراط الخطأ في مسؤولية الدولة عن أعمالها القضائية لا يعني استبعاد المسؤولية دون خطأ، على أساس أن القاعدة العامة تظل هي الأولى والاستثناء هو الثاني، وعليه متى ما صادفنا مسؤولية مبنية على عمل معيب نكون أمام مسؤولية مبنية على خطأ قضائي، وإن كان العمل مشروع ولمنه تسبب في ضرر، نكون أمام مسؤولية مبنية على المخاطر[53].

الفقرة الثانية: الأساس القانوني للتعويض عن الخطأ القضائي:

الدستور:

ظل لزمن طويل الفصل 79 من قانون الالتزامات والعقود، هو الأساس التي يستند عليه ضحايا الأعمال الضارة الصادرة عن مرافق الدولة. وهذا ما أثار جدلا في إمكانية مساءلة الدولة عن أعمالها القضائية بناءاً على نفس الفصل. بل أكثر من ذلك والغريب في الأمر هو أن الشريعة الإسلامية كانت سباقة للأمر. وهذا يحيلنا على أن الدولة كانت أنداك تعطي أهمية بالغة للأعمال القضائية ولم يكن هنالك إمكانية لمساءلة الدولة عن نشاطها القضائي إلا في الشق الإداري. على أساس أن في تلك المساءلة عرقلة لسير، وكدا خرق المبدأ الأساسي المتمثل في حجية الأحكام وقوة الشيء المقضي به.[54]

قراءة في الفصل 122 من دستور 2011.

فإلى حدود دستور 2011 ظلت مرجعية الحق في المطالبة بالتعويض جراء الأضرار التي تسببها الدولة في صورة أخطاء مصلحية، نصوص قانونية عادية و قاصرة نوعا ما بل أكثر من دلك نجد أن المشرع أدرك هاته الثغرات و سارع إلى سدها عن طريق نصوص قانونية أخرى محصورة ؛ مثلا نجد الأعمال التي يمكن أن تساءل بموجبها الدولة عن الأعمال القضائية مثل قانون الإلتزامات و العقود و كدا “الفصول 80 و 81” ، فالأولى بطريقة غير مباشرة ؛ حيث الأصل هو مساءلة الموظف شخصيا و لكن في حالة الإعسار ــ إعسار الموظف ــ[55] و كتكملة “للفصل 81” من قانون الإلتزامات و العقود نجد المسطرة المدنية التي نصت في “المادة 391 و400” في الفقرة الثانية منها و أخيرا المراجعة التي تم تنصيص عليها في “المادة 565 و566 و573” من قانون المسطرة الجنائية .[56]

و لكن ما سيثير ضجة كبيرة لدى الباحثين و الذي شكل قفزة نوعية و سابقة لدى الترسانة القانونية للمملكة المغربية مما جعلها نوعا ما دولة الحق و القانون، هو دسترة الحق في التعويض عن الأخطاء القضائية ، فدستور29 يوليو 2011 جاء بفصل ينص و هو الفصل 122، الذي نص صراحة على :” يحق لكل متضرر من خطأ قضائي الحصول على تعويض تتحمله الدولة”. و هذا ليتم فتح أفاق جديدة لتأكيد مكانة حقوق الإنسان داخل المنظومة القانونية و القضائية، و كدا لتعزيز ثقة المتقاضين بالمؤسسة القضائية.

فدستور 2011 وسميته بكونه قفزة نوعية لم يسبق لها مثيل في المنظومة القانونية للمملكة المغربية، نظراً لتنصيصه على تعويض ضحايا الخطأ القضائي دون تحديد هل تعويض يشمل الأعمال الإدارية دون القضائية أو فقط فيما يخص النطاق الجنائي او المدني أو الإداري أو أعمال النيابة العامة أو قضاة التحقيق.

ــ فالملاحظ مما سبق أن المشرع أستعمل مصطلحات فضفاضة، فهو لم يحدد مفهوم الخطأ القضائي ولم يحصره في أخطاء معينة بل حاول تجاوز حالة المخاصمة والمراجعة التي يمكن بموجبها مساءلة الدولة عن الضرر الذي يحدث بمناسبتها، واكتفى بربط التعويض بالخطأ القضائي. وما يثير انتباهنا أيضا في الفصل 122 من دستور 2011، هو أن المشرع اعتمد مصطلح الخطأ صراحة فكونه و لو عوض مصطلح “الخطأ”بـ “الأعمال” لأمكننا القول أن الدولة ستساءل عن الضرر التي تحدثه جراء العمل القضائي و لو لم يوجد خطأ[57]. لكن هل ستحصر مسؤولية الدولة فقط في الأخطاء القضائية دون أسس أخرى مثل ما تتضمنه نظرية المخاطر؟

نتفق مع الرأي الفقيه دولو بادير؛ الذي اعتبر أن الفصل 122 من الدستور الحالي يحتمل تأويليين قياسا على الفصل 79 من قانون الإلتزامات و العقود .[58] و عليه فأساس مسؤولية الدولة، قد ينبني على وجود خطأ كما قد ينبني على انعدام الخطأ، و هذا راجع إلى أن تحديد أساس المسؤولية الإدارية يرجع إلى القاضي الإداري الذي يعتمد مجموعة من المناهج تتطلب الاجتهاد و الابتكار لتوفيق بين كل من ، المصلحة العامة و المصلحة الخاصة و بين السلطة و الحرية ، وكدا ضمان حرية الأفراد و حقوقهم دون المساس باستمرارية المرافق العمومية في أداء مهامها.[59]

على هذا الأساس فاعتماد القاضي الإداري على نظرية المخاطر إلى جانب نظرية الخطأ في بناء مسؤولية الدولة عن الأعمال القضائية، سيشكل استمرارية لفلسفته ومنهاجه لأجل حماية المتضررين عند استحالة إسناد الخطأ للإدارة[60]

ــ ومن جهة أخرى ما يثير انتباهنا وهو مصطلح الخطأ في ترجمته بالنسبة لنسخة الفرنسية أخد صورة الغلط “erreur”، وما هو متعارف أن الخطأ والغلط في القانون ليس لهما نفس المعنى:

ــ فالغلط؛ في الأعم يكون ذاتيا، وحالته تتعلق بماديات العالم الخارجي المحسوسة والملموسة لكونها انعكاسا لحالة الفهم الخاطئ لها، فمن المتوقع حصول خلط أو اختلاطا بين هذه الفكرة وأفكار أخرى كثيرة تحيط بها، كما ينتج الغلط عن قلة التمييز وضعف الانتباه وقصور الذهن، وبشكل عام الغلط عيب في إرادة الشخص؛

ــ أما الخطأ؛ فهو ضد الصواب، ولا يكون إلا في الحكم لا في الأشياء، وهو فعل إرادي إيجابي، يصدر عن إرادة حرة، ويقول أرسطو في هذا الشأن بأن الخطأ والصواب ليسا في الأشياء. بل في الفكر، ويرجع ديكارت الخطأ إلى الاندفاع وعدم الروية في الحكم وعدم استقصاء الأوجه المختلفة للظاهرة أو الحادثة أو المسألة.[61]

الاتفاقيات الدولية كأساس للخطأ القضائي.

– تعويض ضحايا الخطأ القضائي هو موضوع ليس بحديث العهد، بل لطالما شغل بال الرأي العام والمنظمات الحقوقية العالمية. بل أكثر من ذلك قد تم تكريسه من خلال مجموعة من الاتفاقيات الدولية والإعلانات العالمية لحقوق الإنسان، بغية الحفاظ على حرية الأفراد وعدم المساس بها وذلك أن الأصل في الإنسان البراءة. لكون الأصل كذلك في الإنسان التزامه بالقوانين والخروج عنها هو استثناء، وهذا المبدأ الذي يهم قرينة البراءة قد ترسخ لدى المجتمعات البشرية، بل أكثر من دلك اكتسب قيمة أخلاقية. ولكن كان من الضروري تنصيص عليه في النصوص التشريعية لإضفاء الصفة القانونية عليه.[62]

وأي إخفاق من العدالة دلالة على الظلم وبالتالي ينبغي تعويض كل من كان ضحية خطأ قضائي وهو مبدأ وجد الاهتمام به بين الصكوك الدولية[63].

فبرجوعنا إلى 14 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية التي جاء فيها:

“حينما يكون قد صدر على شخص ما حكم نهائي يدينه بجريمة ثم أبطل هذا الحكم، أو أصدر عفو خاص عنه أساس واقعة جديدة أو حديثة الاكتشاف يحمل الدليل القاطع على وقوع الخطأ القضائي، فإنه يستوجب تعويض الشخص الذي أنزل به العقاب نتيجة تلك الإدانة وذلك وفقاً للقانون مالم يثبت أنه يتحمل كليا أو جزئيا المسؤولية عن عدم إفشاء الواقعة المجهولة في الوقت المناسب[64]”

كذلك المادة 9 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان: ” لا يجوز اعتقال أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفيا”.

أما لجنة القمة العربية لحقوق الإنسان؛ أكدت في المادة 19 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان على “حق كل متهم تثبت براءته بموجب حكم بات الحق في التعويض عن الأضرار التي لحقت به”[65].

كما خرج المؤتمر الوطني العربي لحماية حقوق الإنسان في الوطن العربي الذي انعقد بالقاهرة أيام 16 – 20 شتنبر 1989 بتوصية بخصوص التزام الدولة بكفالة تعويض مادي يقع عبئ أدائه على الخزينة العامة في حالتين:

* إن تعلق الأمر بإخفاق العدالة بصدور حكم نهائي بالإدانة أو بالعفو

* في حالة مخاصمة القضاة وما ترتب عنه من تعويضات لفائدة الضحية [66]

كما عبرت المحكمة الجنائية الدولية، في نظامها الأساسي، عن:” حق المتهم في التعويض عندما يدان شخص بقرار نهائي متى تبين بصورة قاطعة من واقعة جديدة أو مكتشفة حديثا بقصور قضائي، على أن ضحية الخطأ القضائي لا يمكن أن يستفيد من التعويض متى تبين كليا أو جزئيا أن عدم الكشف عن الواقعة والمستندات المجهولة في الوقت المناسب يعزى كليا أو جزئيا إليه وهو نفس الاتجاه الذي أكدته المادة 14 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.[67]

وهذا ما يحيلنا حسب الرأي المتواضع إلى أن الدولة تتناقض نوعا ما ومقتضياتها القانونية فمادام أن المغرب قد صادق على هاته الأخيرة مند مدة لماذا مسؤولية الدولة لم تتقرر إلى بعد صدور دستور 2011؟

المبحث الثاني: أثار قيام مسؤولية الدولة عن الخطأ القضائي

تفرض ظروف الحياة الاجتماعية ومتطلباتها إخلالات من شأنها أن تلحق أضراراً متنوعة بالأفراد، وعليه نشأت نظرية المسؤولية قصد التعويض عن الضرر الناتج عن هده الإخلالات، والمتسبب بهاته الأضرار قد يكون شخص طبيعي أو معنوي وعلى رأسهم الدولة. بيد أن النظام الإجرائي المتعلق بمسؤولية الدولة عن الخطأ بصفة خاصة، فالخطأ القضائي بصفة عامة ونظرا لتعلقه بالوظيفة القضائية التي تعتبر بدورها دو طابع خاص وكونها تمثل جانب من جوانب سيادة لدولة المغربية. يعرف نظاماً خاص ودو طبيعة مختلفة[68].

فأي إخلال من القاضي، أو هيئة الحكم ككل بالواجبات المهنية. قد يتسبب بأضرار بالغة للمتقاضين، وبالتالي كان من الضروري ترتيب مسؤولية الدولة عن أعمال قضاتها، وهي طريقة لطعن من أجل تعويض المضرور عن إخلال السالف الذكر. وعليه وجب على الدولة أن تعمل على ضمان قضاة متمكنين محايدين، الذين يهمون بإصدار أحكام نزيهة[69].

ولكن القضاة بدورهم بشر وغير معصومين من الخطأ وهذا لا يشكل أي إشكال لأننا سبق وتطرقنا له.” فالقضاء عملية مرهقة وشاقة تتطلب عمق التفكير ودقة النظر”[70]. ومنه كان من العدل ألا يهضم حق أي فرد وأن يستفيد كل متضرر من تعويض مناسب نسبة لضرر الذي لحقه، فالتعويض يشكل التزاما قانوني على الدولة، فهي مسؤولة عن التعويض ما يقابل الضرر الذي تسببت فيه عن طريق تابِعيها. [71]بحيث أنه “لا يضر المجتمع إفلات مجرم بقدر ما يضره الحكم ظلما على بريء”[72]

هذا ما يتطلب تعويضهم من أجل إعادة الثقة والشعور بالاطمئنان، فانعدام الإحساس بالمساواة والعدالة يؤدي إلى تولد الأحقاد والظلم الاجتماعي الذي بدوره يهدد استقرار المجتمع ويكسر الثقة بين الشعب من جهة والهيئة صاحبة السيادة من جهة أخرى.[73]

هذا كان من الضروري تدارك الأمر وجبر الضرر عن طريق تعويض ضحية الخطأ القضائي بالرغم من أن الإنسان الذي بقع ضحية هذا الخطأ، حتى وإن تمت تبرئته، فإن سمعته وبالأحرى نفسيته تضر بشكل كبير بل أكثر من ذلك قد يفقد ثقته بالعدالة ككل.[74] وعليه فضحية الخطأ القضائي له الحق في طلب التعويض لأنه حق فعلي وقانوني للضحية اتجاه الدولة.

المطلب الأول: مفهوم وشروط وأنواع التعويض

التعويض وكما سبق وأشرنا إليه ودون تكرار ما سبق، فهو يعتبر أثار الخطأ القضائي بعد استيفاء كافة الإجراءات اللازمة لإثباته يأتي المطالبة بالتعويض. بغية جبر الضرر الحاصل، وعليه فمن الطبيعي أن نتطرق له من أجل رفع كل لبس قد يحوم دون فهم المصطلح بشكل نافع ومنه سأخصص ــ الفقرة الأولى ــ لتعريف والثانية للشروط اللازمة لنكون أمام هذا الحق القانوني للضحية. في ــ الفقرة الثانية ــ.

الفقرة الاولى: مفهوم التعويض وشروط التعويض.
مفهوم التعويض
التعويض في اللغة: مأخوذ من العوض، وهو البدل وجمعه أعواض، نقول؛ عضت فلانا وعوضته؛ إدا أعطيته بدل ما أخدته منه، أما إدا جاء الشخص طالبا للعوض والصلة نقول: اِعتاضني فلان واستعاضني، وعاضه: إدا أصاب منه العوض، وعضت: أي أصبت عوضا، وعوض الشيء مثله أو بدله، فيقال اعتاض هذا الأمر من ذلك إعتياضا ويقال خد هذا عوضا عن ذلك، والعوض بمعنى الخلف والبديل.

أما في الاصطلاح: عرفه بعض فقهاء القانون بأنه:” جبر الضرر الذي لحق المصاب”.

ولكي يتم جبر الضرر لابد من تعويض عادل للمتضرر من الفعل أو الإمتناع، يقدمه المسؤول عن الفعل أو الامتناع سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. وهذا قصد جبر ما لحق المتضرر من خسارة وما فاته من كسب، أو ما تكبده من نفقات العلاج إلى أخره من الصور التي نجدها على سبيل المثال لا الحصر. وهنالك من عرفه بأنه مبلغ من النقود أو أية ترضية من جنس الضرر تعادل ما لحق المضرور من خسارة وما فاته من كسب كانت نتيجة فعل الضار.[75]

ــ أما التعويض في مجال المسؤولية المدنية إصلاح ما اختل من توازن بحالة المضرور، نتيجة وقوع الضرر، بإعادة هذا التوازن إلى ما كان عليه قبل وقوع الضرر. فهو بعبارة موجزة؛ “جبر الضرر الذي لحق المضرور.”[76]

و يعرفه سعيد الدغيمر : “بأنه المقابل الذي يلتزم الشخص بدفعه إلى المصاب جبرا للضرر الحاصل له” [77]فهو وسيلة لجبر الضرر، أو التخفيف من وطأته إن استحال محوه[78]

شروط التعويض.

يشترط للحكم بالتعويض قيام المسؤولية، سواء كانت عقدية أو تقصيرية، ثم توفر ثلاث أركان الخطأ والضرر والعلاقة السببية ولكن الخطأ هنا قد يتم تجاوزه، فمسؤولية الدولة عن الأخطاء القضائية تكتسي طابع خاص. بحيث قد يتم الأخذ بالضرر والعلاقة السببية دون الخطر عملا بنظرية المخاطر، على العموم التعويض هو أثر يترتب على قيام المسؤولية، والتي تعتبر السبب المباشر للتعويض فينبغي أولا وجود السبب ــ المسؤولية ــ لكي يتم الحديث عن المسبب أو الأثر ــ التعويض ــ.

ــ وعليه للمطالبة بالتعويض ينبغي استجماع بعض الشروط المتمثلة في:

وجود فاعل قام بفعل إضرار الغير “خطأ”.
قيام بهذا الفعل بغير وجه حق.
حصول النتيجة أي الضرر “الضرر”.
أن تكون علاقة سببية بين الفعل والضرر “علاقة سببية”.

فمتى ما استجمع الشخص هاته الشروط خُول له الحق بالتعويض على أساس الضرر الذي لحقه في جسده أو ماله، وبالتالي يلزم المسؤول بتعويض هذا الأخير[79].

الفقرة الثانية: أنواع التعويض.

التعويض يتم معرفته عن طريق القضاء، وهو أصناف وأنواع بحيث يمكننا أن نصنفه إلى التعويض القضائي، أو تعويض اتفاقي يحدده الأطراف المتعاقدين أو الشرط الجزائي أو تعويض قانوني هو الذي يتم تحديده من طرف القانون. أما فيما يخص الأنواع فهو نوعين في المجال موضوع الدراسة هو مادي ومعنوي.

I. التعويض عن الضرر المادي.

هو ذلك التعويض الذي يحصل عليه المتضرر نتيجة الضرر الذي لحقه في ماله، و مقارنة بالتعويض المعنوي يسهل تقييمه، و أمر التعويض عنه مسلم به مند أمد بعيد، بحيث كل من تسبب في ضرر يلزم بجبره، وهذا ما أشار إليه المشرع في الفصل 77 و 78 من قانون الالتزامات و العقود وهذا لا يطرح إشكالا.[80]

II. التعويض عن الضرر المعنوي:

هو تعويض التعويض عن الأذى الذي يحدث عند الإنسان ألم نفسي، أو الشعور بالإنقاص من قدره بسبب المساس بمشاعره أو إحساسه أو عاطفته أو نفسيته أو مكانته العائلية أو المهنية… . ومسألة التعويض عن الضرر المعنوي لم تكن بالأمر السهل بل عرفت تدرج نظراً لصعوبة تقييم الضرر المعنوي و غيره من الأسباب الأخرى [81]

المطلب الثاني: المسار المسطري كألية للتعويض:

بعد إثبات مسؤولية الدولة عن الخطأ القضائي، سواء بناء على نظرية الخطأ أو نظرية المخاطر. فأول ما يتبادر لدهننا هو كيفية التعويض؛ بمعنى المسطرة ألازم تتبعها للحصول على هذا التعويض.

فالتعويض يشترط وجود ضرر+ فعل أو خطأ ووجود علاقة سببية بينهم و بين الضرر وهذا ما سأتطرق إليه تحت عنوان شروط تعويض ضحايا الخطأ القضائي. ثم أن أهمية تحديد الاختصاص لا يقل أهمية عن الأولى على أساس أن الاختصاص النوعي يعتبر من النظام العام بالنسبة للمحاكم الإدارية، عملا بالمادة 12 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية:

– ” تعتبر القواعد المتعلقة بالاختصاص النوعي من قبيل النظام العام، وللأطراف أن يدفعوا بعدم الاختصاص النوعي في جميع مراحل إجراءات الدعوى، وعلى الجهة القضائية المعروضة عليها القضية أن تثيرها من تلقاء نفسها. وهذا ما أكده قرار محكمة النقض. عدد 430 بتاريخ 16/04/2008[82]. إضافة إلى علاقته بمبادئ دستورية وحقوقية من قبيل الحق في المحاكمة العادلة وفي أجال معقولة. وهذا ما سنقف عليه وسنحاول الوقوف على بعض القرارات الإدارية سواء للمحكمة الإدارية أو محكمة النقض التي تؤسس نوعا ما اجتهادات متميزة تحكمها تعليلات مضبوطة.

الفقرة الأولى: شروط التعويض ضحايا الخطأ القضائي.

– يشترط في التعويض عن الخطأ القضائي وجود خطأ ثم ضرر، ووجود علاقة سببية بينهما.

الخطأ والضرر:

ــ سبق وتطرقنا للخطأ القضائي، فلا يخفى علينا صعوبة تحديد الخطأ القضائي وكدا تعدد الذي عرفه المفهوم المعالج أعلاه، فهنالك من حصر أسبابه في قصور التحقيقات أو إدراك دلالتها، في حين هناك من جعله نتيجة أسباب شخصية للقاضي.

الضرر
فهو ركن أساسي في مسؤولية الدولة عن الخطأ القضائي، فالخطأ وإن وجد لا يكفي لترتيب عليه المسؤولية بل يجب أن يتواجد ضرر لمطالبة الدولة بالتعويض أو بالأحرى جبر الضرر. وفي غيابه يغيب شرط أخر مهم في الدعوى ألا وهو المصلحة الذي يعتبر بدوره من النظام العام ويثار متى ما أنعدم بشكل تلقائي من طرف القضاء”المادة1 من المسطرة المدنية” [83]

ــ والضرر يمكن أن يكون مادي كما يمكن أن يكون معنوي، فالضرر المادي هو الذي يصيب المتضرر في جسمه أو ماله وهو غالب الحدوث، أما المعنوي فيصيب الإنسان في شرفه أو سمعته فهو الذي يستهدف ما هو غير مادي وإنما نفسي، ويخول للمتضرر كافة وسائل الإثبات لإثبات الضرر الذي طاله. ذلك أن الضرر واقعة مادية والتحقق منه أمر تستقل به محكمة الموضوع[84].

الضرر المادي.

هو الضرر الذي يلحق بالمصلحة المادية للمتضرر، ويجب أن يمس بمصلحة مالية، ويضاف على هذا في إطار المسؤولية الإدارية، أن تكون خاصا أي يمس بالمصلحة الشخصية وليس العامة، ثم أن يكون حالا وليس محتملا أي محقق الوقوع، وفي الأخير مباشرا أي أن الخطأ أو الفعل هو السبب المباشر في الضرر.

فالقاضي وحده يتمتع بسلطة واسعة في تقدير التعويض على اعتبار أنه صاحب السلطة التقديرية، فيما يخص تحديد كيفية جبر الضرر، فأغلب النظم القانونية تعتبر هذا المبدأ كقاعدة عامة. وهذا لا يعاب على المشرع على أساس أنه وإن تدخل لإقرار طريقة معينة من أجل تعويض سيطرح أكثر من إشكال نظراَ لصعوبة حصر الأضرار. و هذا ما جعل أغلب التشريعات تنص على سلطة القاضي في اختيار الطريقة الأمثل لتعويض ــ جبر الضررــ.[85] وهذا ما سار عليه المشرع المغربي، الذي خول لقضاة الموضوع السلطة التقديرية في تحديد طريقة و مدى تعويض الضرر في حدود طلب المدعي دون أن يكون خاضعا لرقابة محكمة النقض. و هذا ما يؤكده القرار الصادر عن محكمة النقض بتاريخ 29 ماي 1969: “للمحكمة الحق المطلق في تحديد قدر التعويض دون أن يخضع لمراقبة المجلس الأعلى، و ليس من باب الشطط في استعمال السلطة”[86].

مسألة تحديد التعويض و إن تبين أن تخويلها لقضاة الموضوع أمر سهل، فهو يطرح أكثر من إشكال، خاصة إن تعلق الأمر بتفاقم الضرر و كدا الفرق بين تاريخ ارتكاب الخطأ أو العمل، وتاريخ تحقق الضرر. بل أكثر من دالك من يمكن أن يحدد تعويض عن فقدان حياة نتيجة خطأ قضائي؟[87]

الضرر المعنوي:
الضرر المعنوي هو الضرر الذي يصيب الشخص في مصلحة غير مالية وقد يرافق الضرر المادي كما يمكن أن يتحقق لوحده. وهذا الأخير يعرف تنوع بحيث هنالك من يصيب العاطفة أو السمعة أو الشعور، لم يكن يتصور التعويض عن الضرر المعنوي في ظل التشريعات القديمة، بل حتى التشريعات الإسلامية، و هذا يغزى لكون الضرر المعنوي لا يمكن تقويمه بالمال.[88]

فمجلس الدولة الفرنسي نفسه تدرج في قبول التعويض عن الضرر المعنوي، ففي بادئ الأمر لم يكن يعوض عن الأضرار المعنوية المتمثلة في مشاعر الحزن و الأسى لفقد شخص عزيز، بالرغم من اصطحابها بضرر مادي، و بعدها أقر التعويض إدا كان شأنه أن يحدث اضطرابا في أوضاع الحياة الأسرية، ليستقر في الأخير على التعويض عن الإضرار بالمشاعر و الوجدان و بالتالي الاعتراف بالتعويض عن الضرر المعنوي. [89]

فيما يخص المغرب، نجد أن القضاء استقر على منح تعويضات للمصاب بالضرر المعنوي و يقدم على شكل تعويض إجمالي. و هذا ما يستفاد من قرار الغرفة الإدارية عدد4 بتاريخ 10/01/2007 بين الجمعية المهنية الأمل للسوق اليومي بالفقيه بن صالح ضد الدولة المغربية و الذي يقضي بـ :” يستحق التعويض عن الضرر المعنوي الناتج عن رفض السلطات المحلية تسليم وصل إيداع وثائق الجمعية والمتمثل في حرمان هذه الجمعية من ممارسة حقها الدستوري في عقد تجمعات و التعبير…، وحيث أن الخطأ المصلحي قد ترتب عنه ضرر معنوي تستحق عنه تعويضا يقدره المجلس في 20.000.000 درهم”[90].

تبقى مسألة تقدير مقدار الضرر وموازاته بمقدار التعويض ليس بالأمر السهل، وخاضعة للسلطة التقديرية لقضاة الموضوع كما سبق وأشرنا إليه بل أكثر من ذلك نجد القضاء الفرنسي الذي اعتمد على بعض المعايير لتسهيل الأمر على لجنة التعويض، مثل الأخذ بعين الإعتبار وظيفة المدعي وكدا وضعيته العائلية وسوابقه العدلية والظروف التي مر بها ثم هل تم عزله أم وضعه مع فئة المجرمين الخطرين… [91]

العلاقة السببية.

لابد من وجود علاقة سببية بين الضرر والفعل أو الخطأ المرتكب من طرف الدولة، ومسألة تقدير العلاقة السببية ظلت من بين الإشكالات التي يطرحها الموضوع. خاصة إن تعددت الأسباب المؤدية للضرر[92]. وعلى هذا الأساس لا يمكن منح تعويض إذا لم يكن هنالك ارتباط بين نشاط المرفق والضرر الحاصل، فسواء بنيت هاته المسؤولية على أساس الخطأ أو على أساس المخاطر فيظل عنصر العلاقة السببية عنصر جوهري لمنح التعويض وجبر الضرر[93].

ــ في الأخير يبقى لي أن أشير إلى نقطة مهمة ، هي أنه و قبل صدور قانون المحاكم الإدارية كان بإمكان المحاكم الإبتدائية، أن تحكم في حكم واحد على الإدارة و الخواص بالتعويض و تحدد نصيب كل منهما في الضرر الحاصل ، و لكن بعد دخول قانون المحاكم الإدارية حيز التنفيذ، أصبح من غير الممكن الجمع بين الخطأين الشخصي و المرفقي[94].

ــ بحيث أصبح من الضروري البحث عن الشخص المعنوي الذي يمارس لحسابه النشاط المتسبب في الضرر، و ترفع الدعوى ضد الدولة المغربية في شخص الوزير الأول، و ضرورة إدخال الوكالة القضائية للمملكة في جميع الطلبات التي تستهدف التصريح بمديونية الدولة، و التي يوجد مقرها بوزارة المالية، و يحضر ممثلها في جميع الجلسات و يتتبع كافة مراحل المسطرة و يضع مستنتجاته من أجل الحفاظ على المصالح المالية للدولة[95]

الفقرة الثانية: الجهة المختصة بتعويض ضحايا الخطأ القضائي.

مساءلة الدولة عن الأخطاء القضائية أمام المحاكم الإدارية، لم يكن ممكن قبل صدور دستور 2011، وهذا لإعتبار أن أعمال السلطة القضائية ليست بأعمال إدارية. وفتح باب المسؤولية في هذا النطاق من شأنه أن يعرقل عمل القضاء. وهذا دون الحديث عن الضمانات الأخرى وكذا المبررات التي سبق وتطرقنا لها، والتي تستند عليها مبدأ عدم مساءلة الدولة عن الأعمال القضائية.

فمسألة الإختصاص النوعي للنظر في دعاوى المرفوعة في مواجهة الدولة عن أخطائها القضائية، كانت تشكل جدلا وإشكالا عند المحكمة الإدارية وعرفت تباين فيما يخص مواقف هاته الأخير قبل صدور دستور 2011، ولكن هذا التباين في الآراء والمواقف هل سيتغير بعد التنصيص على إمكانية مساءلة الدولة عن أخطائها القضائية أم سيظل كما هو؟.

موقف المحاكم الإدارية قبل صدور دستور 2011.
قبل صدور دستور 2011، نجد أن المحكمة الإدارية بالدار البيضاء اتخذت موقف جريء و نصبت نفسها صاحبة الإختصاص في قضية مساءلة الدولة عن أخطائها القضائية، إذ اعتبرت الدولة مسؤولة عن أعمال السلطة القضائية و إن أساس التعويض بالنسبة لمسؤولية الدولة عن أعمال السلطة القضائية ليس الخطأ و إنما المخاطر ولا يلزم طالب التعويض بإثبات كون صدور الحكم الملغى يرجع إلى خطأ قضائي. و صرحت ذات المحكمة بقبول الدعوى و إختصاصها بناء على مجموعة من الحيثيات: ” حيث إنه إذا كان مبدأ عدم مسؤولية الدولة عن أعمال السلطة القضائية هو المبدأ المعمول به في جل التشريعات من بينهما التشريع المغربي، وذلك إحتراما لمبدأ حجية الشيء المقضي به، إلا أنه يظل خاضع لاستثناءات، مثل حالات المراجعة المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية…” و في حالة ترتب عنه براءة المحكوم عليه يكون له أحقية الحصول على تعويض من الدولة.

المحكمة هنا رتبت المسؤولية الدولة عن الأعمال القضائية على أساس نظرية المخاطر أولا و خولت لنفسها الإختصاص ثانيا ، و قضت بمبلغ 1500.000.000 كتعويض وتحميل الخزينة العامة الصائر.[96]

من خلال ما سبق يتضح لنا أن المحكمة الإدارية هي صاحبة الإختصاص في المجال ، بإستثناء بعض المساطر التي أسند فيها المشرع الإختصاص إلى غير المحاكم الإدارية بنص صريح مثل المراجعة ، الإختصاص فيها لمحكمة النقض.

وهذا نفسه ما سارت عليه المحكمة الإدارية بأكادير، حيث أسندت لنفسها الإختصاص في دعوى تماطل الإدارة في تنفيذ حكم قضائي حائز لقوة الشيء المقضي به و الذيل بالصيغة التنفيذية، وهو خطأ مرفقي ترتب عنه ضرر يوجب تعويض المتضرر.[97]

ونفس المحكمة في تاريخ سابق للحكم أعلاه نصبت نفسها مختصة للنظر في دعاوى التعويض عن الأضرار التي تسببها القرارات القضائية، حيث إعتبرت نفس المحكمة أن هاته الخيرة من أعمال و نشاطات أشخاص القانون العام تطبيقا للمادة 8 من قانون 41.90 المحدث للمحاكم الإدارية.[98]

أما المحكمة الإدارية بفاس فكان لها رأي أخر في الموضوع، فهي لم تعتبر العمل القضائي إداري و لم تعتبره من نشاطات أشخاص القانون العام، بل دفعت بعدم الإختصاص بناء على الحجج التالية: ” حيث أنه لتحديد طبيعة النزاع و الجهة المختصة نوعيا للبت فيه يتعين معرفة الوصف القانوني لأعمال السيد قاضي التحقيق و ما إذا كانت هذه الأعمال تخضع لرقابة قضائية أم لا…، و حيث إن قاضي التحقيق و إن كان قانون المسطرة المدنية يعتبره ضابطا للشرطة القضائية و يحدد إختصاصاته في هذا الحال، فإن الأوامر التي يوجهها لهذه الضابطة… كلها قرارات قضائية خاضعة لرقابة الغرفة الجنحية عند الطعن فيها أمامها و من ثم فإن صفته القضائية تدور مع مهامه كلها.

بل أكثر من ذلك إعتبرت أعمال قاضي التحقيق أعمال قضائية لا إدارية و لا نشاط من نشاطات أشخاص القانون العام، و بالتالي قضت بعدم الإختصاص للبت في دعوى التعويض عن العمل القضائي و يتعين التصريح بذلك.[99]

أما محكمة الإستئناف الإدارية بالرباط كان لها رأي مغاير بخصوص الإختصاص النوعي للبت في طلبات التعويض عن الضرر الناتج عن الخطأ القضائي. و إعتبرت أن للمتضرر من الخطأ القضائي الإختيار بين تقديم طلب التعويض أمام القضاء الجنائي في إطار مسطرة المراجعة الجارية أمام محكمة النقض، أو أمام المحكمة الإدارية بعد صدور قرار المراجعة لفائدته وبنت تعليلها على الحيثيات التالية:

“حيث يعيب المستأنف الحكم المُستأنف بخرق قواعد الإختصاص النوعي على إعتبار أن الجهة المختصة بالتعويض عن الضرر اللاحق بمن صدر قرار المراجعة لفائدته، استنادا إلى المادة 573 من القانون المذكور لا تفيد حتما أن اختصاص القضاء الجنائي للبت في طلب التعويض عن الضرر الناتج عن الخطأ القضائي المقدم من قبل من صدر قرار المراجعة لفائدته هو إختصاص مانع لا يزاحمه في القضاء الإداري بل صدور هذا القرار لا يمنع المتضرر من تقديم طلب التعويض أمام المحكمة الإدارية عملا بالمادة 8 من قانون 41.90 المحدث للمحاكم الإدارية… “[100].

ــ من خلال ما سبق يتضح لنا أن محكمة الإستئناف بفاس خولت الإختيار للمتضرر من الخطأ القضائي، بين اللجوء إلى القضاء الجنائي في إطار مسطرة المراجعة أو إلى المحكمة الإدارية بعد صدور قرار المراجعة لفائدته.

موقف المحاكم الإدارية بعد صدور دستور 2011.
أول ما يطرح على القضاء أثناء رفع دعوى التعويض عن الخطأ القضائي هو مسألة الاختصاص النوعي، والملاحظ أنه ولو بعد دسترة الخطأ القضائي لا تزال المحاكم الإدارية تثير مسألة عدم الاختصاص، بل أكثر من ذلك اعتمادا على نفس المبررات التي كانت تعتمد عليها في العهد السابق قبل صدور دستور 2011، أن العمل القضائي لا يخضع للمساءلة وأنه لا يجوز مساءلة الدولة إلا في حالتين هما: مسطرة المراجعة ومخاصمة القضاة.

ـ فالاجتهادات القضائية تضاربت فيما بينها فيما يخص مسألة الاختصاص النوعي و على سبيل المثال نجد حكم المحكمة الإدارية بالرباط عدد3239 بتاريخ 17/09/2012 القاضي بعدم الاختصاص النوعي للبت في الطلب، في حين نجد حكم المحكمة الإدارية بفاس عدد 407 بتاريخ 28/09/2012 القاضي باختصاص المحكمة الإدارية نوعيا للبت في الطلب. [101]

وهذا ما أكدته المحكمة الإدارية بالرباط، بشأن نازلة أعرب عنها الطاعن، أنه قضى أكثر من سنتين رهن الاعتقال الاحتياطي مما تسبب له في الحرمان من الحرية و ضياع وظيفته التي كانت مصدر عيشه و أسرته التي يعيلها و بعد مرور هاته المدة صرحت غرفة الجنايات ببراءته من التهم المنسوبة إليه، إلا أن المحكمة الإدارية بالرباط صرحت بعدم اختصاصها وذلك بناء على الحيثيات التالية:

” وحيث دفعت الوكيلة القضائية للمملكة بصفتها هذه… بعد اختصاص المحكمة نوعيا للبت في الطلب على اعتبار أن المسؤولية عن الأعمال القضائية لها إطارها القانوني الخاص بها، ذلك أن المسؤولية عن الأعمال القضائية يؤطرها الفصل 391 وما يليه من المسطرة المدنية في إطار مخاصمة القضاة والمادة 571 وما يليها من قانون المسطرة الجنائية في إطار مسطرة مراجعة الأحكام الجنائية أو الجنحية مما تبقى معه المحكمة الإدارية غير مختصة للبت في الطلب.

… وحيث استقر الاجتهاد القضائي ببلادنا على أنه لا يمكن تقرير مسؤولية الدولة بشأن الأعمال القضائية… احتراما لمبدأ حجية الأحكام وقوة الشيء المقضي به،

… وحيث إن كان دستور المملكة لسنة 2011 قد نص في فصله 122 على ” أنه يحق لكل من تضرر من خطأ قضائي الحصول على تعويض تتحمله الدولة،

…إلا أن هذا الفصل لم يحدد إختصاص جهة قضائية معينة أو لجانا محدثة لتحديد التعويض ألمدكور، وبالتالي لا يمكن التسليم بأن المحاكم الإدارية هي المختصة.”[102]

إلا أن محكمة بذات المدينة سرعان ما تراجعت عن موقفها وأصبحت تنصب نفسها المختصة نوعيا بقضايا التعويض عن الخطأ القضائي.

حيث قضت في حكم لها الذي يعتبر أول حكم يقرر مسؤولية الدولة عن الخطأ القضائي بناء على الفصل 122 من دستور 2011، حيث يعرض فيه المدعي أنه أثناء محاكمته جنائيا أمام المحكمة الزجرية بالبيضاء سنتي 2011 و2012 لم تقم النيابة العامة بهذه المحكمة بإحضار لجلسة المحاكمة لعدة جلسات مما كان يترتب عنه تأخير الملف لجلسات أخرى و بالتالي تفويت فرصة محاكمته باستمرار مما تسبب له في عدة أضرار نتيجة الخلل في سير مرفق القضاء الذي تتحمله النيابة العامة، بشكل بحقه المطلق في المحاكمة و الوصول للقاضي، و من بن الحيثيات التي بنت عليها المحكمة قناعتها للبت في الدعوى:

” حيث أن مرفق القضاء و ما يتفرع عنه من جهاز النيابة العامة المعتبر دستوريا هيئة قضائية… و لا يحد من المسؤولية أو يلغيها من حيث مبدأ استقلال القضاء أو خصوصية الأعمال القضائية…

وحيث أن تقصير النيابة العامة في الرقابة على الشرطة القضائية بإلزامها على تنفيذ الإجراءات بإحضار المتابعين أمام المحكمة و تحريك الوسائل القانونية في مواجهتها تدعيما لمبدأ المحاسبة و المسؤولية تطبيقا للفصلين 128 و 154 من الدستور و الفصول 18 و 37 و45 و 364 من قانون المسطرة الجنائية و عدم تدارك الخطأ…”

لهذه الأسباب قضت المحكمة الإدارية علنيا ابتدائيا و حضوريا، في الشكل قبول الطلب و في الموضوع بأداء الدولة في شخص رئيس الحكومة لفائدة المدعي تعويضا عن الخطأ القضائي قدره 100.000.000 درهم.[103]

من خلال هذا الحكم يتضح لنا أن القضاء الإداري في ظل الدستور الحالي أصبح يقر بمسؤولية الدولة عن أعمال النيابة العامة، بعدما دأب على استبعادها من نطاق المساءلة القضائية في ظل أحكام الدستور القديم.

ــ و الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى ـ محكمة النقض حاليا ـ بدورها كان لها موقف في هذا الصدد حيث صرحت في العديد من القرارات أن مسؤولية الدولة في إطار دعوى المخاصمة و التي تنظمها مقتضيات الفصل 391 من ق.م.م، هي المختصة بها نوعيا و أن الأضرار المترتبة عن الأعمال القضائية لا تختص بها المحاكم العادية.[104]

يظل موضوع الإختصاص رهين بحيثيات كل قضية على حدا فلخطأ القضائي بموجب الفصل 122 من الدستور الحالي و كما جاء في الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية بالرباط بخصوص الملف رقم 170/12/2012 الصادر بتاريخ 31/1/2013 هو يدخل ضمن الإختصاص النوعي للمحكم الإدارية[105] أللهم إن إستثنى المشرع ذلك صراحة بنص قانوني مثل حالة المخاصمة.

خاتمة:

ختاما لهذا العمل المتواضع منا، نخلص الى أننا نلمس تقدم تشريعي ملحوظ في تعامله مع الخطأ القضائي لكن واقع الأمر لن نكون بتلك الدقة إن نحن قلنا التأطير القانوني للخطأ القضائي، كون المشرع قام بدسترة التعويض عن الخطأ القضائي ليس إلا، ونجد أن جانب من الباحثين يذهبون الى اعتبار مسألة الإختصاص إشكال مطروح في هذا الموضوع وواقع الأمر هو عكس ذلك كون الإختصاص وإن كان اشكال عند البعض فيكفيهم ضبط معايير التمييز بين المسؤولية الإدارية والمسؤولية المدنية والمسؤولية الجنائية للقاضي، وضبط المعايير الدقيقة للتميز فسيجدون الحل بكل وضوح وهو ما لمسناه من خلال إطلاعنا على مجموعة من الأحكام القضائية.

ثم نلمس قلة التشخيص في ساحة البحث ضمن مجال الخطأ القضائي حيث أغلب الباحثين يميلون الى البحث في الأسس والأثار… وواقع الأمر هو يقتضي منا تشخيص واقع الخطأ القضائي بغية البحث عن العوامل المسببة فيه للمحاولة تداركه، ثم أنه ينبغي لنا النظر الى منظومة العدالة ككل عندما نستحضر الخطأ القضائي ولا نحصره في القاضي واقفا كان أو جالسا محققا كان أو مقرر، ألا يمكننا تصور مساعدي القضاء أو الفاعلين ككل في منظومة العدالة يخطؤون؟ بلا وهو ما أجبنا عنه في المثن من خلال القضية التي تدخل فيها الفيلسوف فولتير حيث كان الشاهد هو السبب في الخطأ القضائي.

وأخيرا يبقى لي وكرأي متواضع أن نشير إلى التعامل المحدود للتشريع مع الخطأ القضائي، من حيث الدسترة ومن حيث المأمول تنزيله في مشروع التنظيم القضائي. هو ليس بالكافي لنقول إنه ما يطمح له المتقاضين، وغير كافي للقول بأننا في أوج استكمال دولة الحق والقانون عامة وتحقيق الأمن القضائي خاصة.

[1] رسالة الخليفة عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري عندما ولاه قضاء الكوفة

[2] سورة النساء الآية 58.

[3] سورة المائدة. أية رقم 8

[4] سليمان حاج عزام. “مدى مسؤولية الدولة عن الخطأ القضائي”. مذكرة مقدمة بكلية الحقوق و العلوم السياسية قسم العلوم القانونية، فرع القانون العام، جامعة محمد خيضر ـ بسكرةـ. ــ الجزائرــ. 10 نوفمبر 2005. ص3.

[5] كوثر بنداحي. “مسؤولية الدولة عن الخطأ القضائي”. بحث ماستر القانون المدني. كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية. جامعة ابن زهر أكادير. ـ المغرب ـ ص1

[6] رحماني غنية، مسؤولية الدولة عن التعويض عن الخطأ القضائي. مذكرة لنيل شهادة ماستر أكاديمي الحقوق و العلوم السياسية ـ القانون الإداري ـ جامعة قاصدي مرباح، ورقلة كلية الحقوق و العلوم السياسية. سنة 2013/2014.ص2

[7] خديجة الطيب. مسؤولية الدولة على أساس الخطأ القضائي. مذكرة مكملة من مقتضيات نيل شهادة الماستر في الحقوق تخصص قانون إداري. كلية الحقوق و العلوم السياسية قسم الحقوق. جامعة محمد خيضر بسكرة ـ جزائرـ .2014/2015.ص14 .

[8] كوثر بنداحي. مسؤولية الدولة عن الخطأ القضائي. بحث ماستر القانون المدني .م س . ص2

[9] حكم بلانكو Blanco منشور في مجموعة أحكام مجلس الدولة لسنة 1873

“و تتلخص وقائعه، في أن عربة في ملك مكتب التبغ التابع لدولة صدمت بنت السيد بلانكو، فتقدم هذا الأخير بدعوى أمام القضاء العادي للحصول على تعويضات عن الأضرار التي لحقت إبنته من جراء الحادثة، فأصدر القضاء المذكور حكم بعدم الإختصاص بدعوى أن النزاع هو من إختصاص القضاء الإداري، و لما رفعت القضية أمام محكمة النزاعات أصدرت قرار يقضي بإختصاص القضاء الإداري وحده، لكون الحوادث الناتجة عن أخطاء العاملين بالمرفق العام تدخل في إختصاص القضاء الإداري لإختلاف قواعد المسؤولية المدنية”

[10] محمد محجوبي. الوجيز في القضاء الإداري المغربي بعد إحداث المحاكم الإدارية. دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع. الطبعة الأولى. ص 11-12.

[11] محمد عبد الواحد الجميلي. قضاء التعويض ” مسؤولية الدولة عن أعمالها غير التعاقدية”. دار النهضة العربية. القاهرة. الطبعة 1995. ص 81-82.

[12] كوثر بنداحي. مسؤولية الدولة عن الخطأ القضائي. بحث ماستر القانون المدني. م س . ص5.

ولتوسع أكثر في موضوع الضمانات الممنوحة للسلطة القضائية راجع بتفصيل مؤلف حلمد ابراهيم عبد الكريم الجبوري ضمانات القاضي في الشريعة الإسلامية و القانون-دراسة مقارنة-منشورات الحلبي الحقوقية. الطبعة الأولى.2009.

[13] الأمن القضائي: هو الثقة في المؤسسة القضائية و الاطمئنان إلى أحكم القضاء و قراراته من حيث تطبيق القانون، و تنفيذ الأحكام و هو لا بتحقق إلا باحترام جميع مبادئ القضاء على رأسها ضمان استقلاله و حياده و المساواة بين المتقاضين، إضافة إلى تأمين جودة الأحكام القضائية و التأهيل المهني للقضاة.

لتوسع في الموضوع راجع محمد الخضراوي. الأمن القضائي من خلال اجتهاد المجلس الأعلى. الاليات والتحديات. مداخلة أشغال ندوة المؤتمر الثاني لرؤساء المحاكم في الدول العربية. الدار البيضاء 17-17 شتنبر2011، دفاتر محكمة النقض عدد19.ص76.

[14] نشا الأمن القانوني في قضية دوييت بألمانيا سنة 1962 و تم إقراره في المحكمة الأوروبية في قرار صادر بتاريخ 26 ابريل 1979 في قضية سنداي تايمز. و يقوم على أساس استقرار القانون و ثبات الأحكام و لضمانه لابد من كشرع نشيط يساير التغييرات السريعة التي يعرفها العالم في مختلف المجالات.

[15] خديجة الطيب . “مسؤولية الدولة على أساس الخطأ القضائي” . رسالة لنيل شهادة الماستر تخصص قانون إداري. جامعة العلوم السياسية و القانونية. محمد خيضر ـ الجزائر ـ . سنة 2014/2015 . ص14.

[16] http://www.ahewar.org/debat-show.art.asp

[17] http://www.djazairess.com/eldjoumhouria/59426

ـ Une erreur judiciaire est une « erreur de fait commise par une juridiction de jugement dans son appréciation de la culpabilité d’une personne poursuivie »1. Cette définition suppose qu’une juridiction, qui a eu, à la suite de cette erreur, connaissance de l’affaire, puisse trouver cette erreur et la neutraliser. C’est l’autorité judiciaire elle-même qui reconnaît l’existence d’une erreur judiciaire.

Il ne peut s’agir de plus que d’une erreur de fait, c’est-à-dire d’une « erreur portant sur l’existence d’un fait ou dans l’appréciation d’une situation »2. Il s’agit de preuves qui auraient été inexistantes ou impossibles à interpréter à l’époque du jugement et qui surviennent ultérieurement, ou bien de preuves qui n’ont pas été suffisamment prises en considération, ou qui ont justement été prises en compte plus qu’elles n’auraient dû l’être

[18] http://www.assabah.press.ma/index.php?option=com_content&view=article&id=6251:2011-03-01-15-06-15&Itemid=800

[19] ماري الحلو رزق. “الخطأ القضائي على ضوء القانون اللبناني”. مجلة العلوم القانونية والإدارية، بجامعة جيلالي ليابس سيدي بلعباس. ـ الجزائرـ العدد 11 سنة 2015 ص11.

[20] ماري الحلو رزق . م س. ص 10 . 11

[21] ماري الحلو رزق . م س. ص 9.

[22] محمد الأزهر. “السلطة القضائية في الدستور”. الطبعة الأولى. سنة 1434-2013. مطبعة النجاح .الدار البيضاء .ص 172

[23] كوثر بنداحي، م س. ص6.

[24] http://soutien-jean-michel.net/action-justice/erreur.htm

[25] www.osygenee.com/Zolz-and-dreyfus.pdf

[26] Eliane de Valicourt , l’erreur judiciaire , op , cit , p24.

[27] كوثر بنداحي، م س. ص 15.

[28] www.ahwar.org/debat/show.art.asp

[29] كوثر بنداحي، م س.ص11 .

[30] www.aft.gov.ma/docs/1223200934551pm.doc

[31] راجع في هذا الصدد مجلة القانون و الأعمال ،الاجتهاد القضائي “تعليق على قرار (مسؤولية الدولة عن اخطاء السلطة القضائية).

[32] http://www.droitetentreprise.org/web/?p=1743

[33] محمد بونبات و محمد مومن .”قانون الإلتزامات و العقود بعد مرور 100.سنة”. سلسلة الندوات و الأيام الدراسية .العدد42 .السنة 2013.ص 72 .

[34] http://ar.jurispedia.org/index.php

[35] محمد الأزهر. م س.ص 181

[36] http://ar.jurispedia.org/index.php

[37] بلهاشمي محمد التسولي/رافع عبد الوهاب.”مقاضاة الشخص المعنوي في اطار القانون المحدث للمحاكم الإدارية”. المطبعة غ.م .الطبعة الأولى سنة 1995.ص233/234.

[38] راجع في هذا الصدد الرابط أسفله :”المسؤولية الإدارية بين الخطأ الشخصي و الخطأ المرفقي” .ص19

http://brahimzaim.com/pdf/mas2oulia%20idariya.pdf

[39] بلهاشمي محمد التسولي/رافع عبد الوهاب. م س..ص230.

[40] راجع في هذا الصدد :المسؤولية الإدارية بين الخطأ الشخصي و الخطأ المرفقيو الخطأ الشخصي أنواع ، هنالك اخطاء ترتكب اثناء مزاولة الوظيفة و أخر يرتكب خارج نطاق الوظيفة.

http://brahimzaim.com/pdf/mas2oulia%20idariya.pdf

[41] بلهاشمي محمد التسولي/رافع عبد الوهاب.مقاضاة الشخص المعنوي في اطار القانون المحدث للمحاكم الإدارية. م س.ص230.

[42] بلهاشمي محمد التسولي/رافع عبد الوهاب.مقاضاة الشخص المعنوي في اطار القانون المحدث للمحاكم الإدارية. م س..ص230.

[43] شرح قانون الإلتزامات و العقود لوزارة العدل ص 190 / راجع في هذا الصدد مرجع بلهاشمي محمد التسولي/رافع عبد الوهاب.مقاضاة الشخص المعنوي في اطار القانون المحدث للمحاكم الإدارية. م س.ص231

[44] النظام الأساسي لرجال القضاء المغربي. الصادر لتنفيذ الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.74.467 بتاريخ 26 شوال 1394 الموافق ل 11نونبر

1974

[45] مشروع قانون رقم 106.13 المتغلق بالنظام الأساسي لرجال القضاء .م س. م 89.

[46] راجع في هذا الصدد مقال لمهدي شبو فيما يخص قراءة في المادة 89 من مشروع القانون التنظيمي المتعلق برجال القضاء

http://www.hespress.com/writers/272577.html

[47] راجع في هذا الصدد مقال الدكتور عبد الرحمان اللمتوني المعنون المادة 89 من مشروع قانون النظام الأساسي للقضاة ورهان استقلال السلطة لقضائية
http://www.marocdroit.com

[48] بعض أنواع الخطأ القضائي:

الاعتقال الاحتياطي الغير المبرر: هو موضوع الساعة لما يثيره من جدل في الساحة القانونية، وكدا سلبياته على المتهم الذي يتم تبرئته في نهاية الدعوى العمومية . ويتم تعريفه بكونه ” تذبير، استثنائيا وثانوي لايلجأ إليه إلا على سبيل الحصر وفي الأمور الضيقة ، فالمراقبة القضائية هي التدبير الأولي، والاعتقال الاحتياطي هو التدبير الثانوي “.(3) و المغرب عرف سنة 2010 نسبة %47 من الأشخاص الذين يتواجدون في المؤسسات السجنية بحجة اعتقالهم احتياطيا و في سنة 2015 حيث تم تقليص هذا العدد بنسبة %6 أي %41 ، و يبرر سيد وزير العدل و الحريات بالمملكة أسباب آو بالأحرى و كما سماها إكراهات التي ساهمت في الوصول لهاته النسبة : اكرهات أمنية تتجلى في وقاية الأفراد و الحفاظ على السلامة البدنية و المالية من جهة و إكراهات حقوقية من جهة أخرى تتجلى في الحرص على الحالات الضرورية التي يجب أن يشملها الاعتقال الاحتياطي فالنيابة العامة وقاضي التحقيق يعانون من هاته الإكراهات أثناء إصدارهم أمراَ بالاعتقال الاحتياطي .

حيث يتم إصدار 84.693 أمرا بالإيداع في السجن برسم الاعتقال الاحتياطي، من طرف قضاة النيابة العامة وقضاة التحقيق؛ ويغادره، بسبب تدابير الإفراج المختلفة، 18.445 فردا أي:%21 ويبلغ مجموع المفرج عنهم بالبراءة (2.804) وسقوط الدعوى العمومية (899) وعدم المتابعة (595) .

الحكم بالإدانة ويتبين فيما بعد ان المدان بريء: هي اغلب الحالات التي نلمسها في الواقع المعاش، ويكون هذا إما ناتج عن تقصير القضاء أو ارتكاب خطأ جسيم من طرف قضاة الحكم آو التحقيق أو القضاء الواقف.وعلى سبيل المثال نأخذ، المقال الافتتاحي الذي تقدم به المدعي إلى كتابة الضبط بالمحكمة بتاريخ 20/01/2006 و الذي يعرض فيه بواسطة محامية أنه ذهب ضحية خطأ قضائي فادح، حينما أصدرت غرفة الجنايات لدى محكمة الاستئناف بالجديدة في حقه قرار رقم175/93 يقضي بسجن المؤبد عن جريمة القتل و قضى بالسجن قرابة تسع سنوات. من 21/09/1993 إلى تاريخ 23/11/2001 ، و الذي تم إلغاؤه بعلة ظهور الجاني الحقيقي، وهذا ما اَل إلى صدور ــ قرار عن المجلس الأعلى سابقا محكمة النقض حاليا ــ رقم 935/1 بتاريخ 09/07/2005 ، الذي اعتبر أن الحكم عليه بالإدانة كان بمثابة كارثة دمرت حياته و حياة من يعيلهم ، و فضلا عن الضرر المادي هنالك الضرر المعنوي .

لا يمكنني ذكر عبارة ؛ بعض الأخطاء القضائية كنموذج دون استحضار أهم القضايا التي أثيرت في الموضوع ، و عليه سأستحضر كل من قضية كالاسcalas الذي تدخل بموجبها فولتير حيث تم اعتباره أول من حاول إصلاح الخطأ القضائي . ثم قضية بوكرين إضافة إلى قضية المولي .

[49] عز الدين السقاط ،” مسؤولية القضاء في ضمان سيادة القانون و حسن تطبيقه “، مجلة القضاء و القانون، العدد 148 ، السنة الواحدة و الثلاثون. المطبعة غ م . السنة غ م..ص 14.

[50] خديحة الطيب مسؤولية الدولة عن الخطأ القضائي. م.س.ص.7.

[51] محمد الأزهر، السلطة القضائية في الدستور. م س، ص 180.

[52] خديجة الطيب.م.س، ص8

[53] خديجة الطيب . م.س ، ص 8 و 9 .

[54] بلهاشمي محمد التسولي ، رافع عبد الوهاب . “مقاضاة الشخص المعنوي العام في إطار القانون المحدث للمحاكم الإدارية”. الطبعة الأولى 1995 . ص 283.

[55] الإعسار القانوني : هو حالة قانونية تنشأ من زيادة ديون المدين المستحقة الأداء على أمواله، فتلك الديون وحدها دون الديون المؤجلة هي التي تجيز شهر الإعسار ،مثال على ذلك: إذا كانت ديون الدائن (12) ألف ريال وأمواله (10) آلاف كان المدين معسراً إعساراً قانونياً يبرر رفع دعوى شهر إعسار ضده

[56] راجع في هذا الصدد كل من الفصول المشار إليها أعلاه من قانون الإلتزامات و العقود و قانون المسطرة المدنية و قانون المسطرة الجنائية.

[57] جمال العزوزي .”الخطأ القضائي قراءة في الفصل 122 من الدستور المغربي 2011″. -المنازعات الإدارية على ضوء التوجهات الحديثة للقضاء الإداري. سلسلة الفقه الإداري-. منشورات المجلة القانونية. العدد الأول 2014. دار الأفاق المغربية للنشر و التوزيغع الدار البيضاء.ص 141.

[58] عبد القادر باينة.تطبيقات القضاء الإداري طبعة 1988 دار توبقال للنشر . الدار البيضاء. ص 139.

[59] عادل العسلة، مناهج عمل القاضي الإداري ،بحث لنيل دبلوم الماستر في القانون العام ماستر المنازعات العمومية. جامعة سيدي محمد بن عبد الله.كلية العلوم القانونية و الإقتصادية و الإجتماعية.ـ ظهر المهراز ـ “فاس” السنة الجامعية 2008/2009، ص 4

[60] جمال العزوزي .”الخطأ القضائي قراءة في الفصل 122 من الدستور المغربي 2011″.- المنازعات الإدارية على ضوء التوجهات الحديثة للقضاء الإداري- . سلسلة الفقه الإداري. منشورات المجلة القانونية. العدد الأول 2014. دار الأفاق المغربية للنشر و التوزيغع الدار البيضاء.ص143.

[61] محمد لكموش باحث في مجال العلوم السياسية، التعويض عن الخطأ القضائي بناء على الفصل 122 من دستور 2011.مقال منشور يوم الإربعاء 17 أبريل 2013 .

:http://www.marocdroit.com راجع في هذا الصدد الموقع الإلكتروني

[62] عبد المنعم سالم شرف الشيباني، “الحماية الجنائية للحق في أصل البراءة”-دراسة مقارنة- . دار النهضة العربية، الطبعة الأولى، 2006،ص102.

سعيد الصحصاح. مسؤولية الدولية عن الخطأ القضائي . م س . ص 117.

[63] هشام تلوسي ، م س ص14.

[64] صدر العهد الدولي للحقوق المدنية و السياسية عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 16دجنبر1966. و دخل حيز التطبيق بتاريخ 23مارس1976.

[65] الميثاق العربي لحقوق الإنسان اعتمد من قبل القمة العربية السادسة عشر استضافتها تونس في 23 ماي 2004.33.

[66] سعيد الصحصاح. مسؤولية الدولية عن الخطأ القضائي . م س . ص 117.

[67] وفع المغرب غلى الميثاق التأسيسي للمحكمة بتاريخ 8شتنبر 2000. دخلت الإتفاقية حيز التنفيد بالإحداث القانوني للمحكمة في فاتح يوليوز2002.

[68] خديجة الطيب. م س. ص 12.

[69] محمد الأزهر ، م س ، ص 177 .

[70] أكرم جبار كبراني. “ضمانات الخطأ القضائي و مدى المسؤولية عنه في الشريعة و القانون العراقي”. بحث منشور في مجلة التجديد. مجلة فكرية فصلية يصدرها منتدى الفكر الإسلامي كوردستان، العددان “18و19” 2013. المطبعة غ م . الطبعة غ م. ص 263.

[71] خديجة الطيب. م س . ص 29.

كوثر أحمد خالد. “الاثبات الجنائي بالوسائل العلمية “( دراسة تحليلة . دراسة مقارنة) .رسالة ماجيستر مقدمة الى مجلس كلية القانون و السياسة ــ جامعة صلاح الدين. دار التفسير للنشر و الإعلان . أربيل . كردستان العراق . الطبعة الأولى ، ص 24

صباح كرم شعبان ،” جرائم إستغلال النفوذ “، مطبعة دار الشؤون الثقافية العامة ، الطبعة الثانية. سنة1986 . بغداد ،ص6

القاضي فتحي الجواري،” لننصف ضحايا العدالة”، مقال منشور في مجلة التشريع و القضاء، الستة الثالثة .مطبعة م غ .العدد الرابع، سنة2011، ص8

[72] كوثر أحمد خالد. “الاثبات الجنائي بالوسائل العلمية “( دراسة تحليلة . دراسة مقارنة) .رسالة ماجيستر مقدمة الى مجلس كلية القانون و السياسة ــ جامعة صلاح الدين. دار التفسير للنشر و الإعلان . أربيل . كردستان العراق . الطبعة الأولى ، ص 24

[73] صباح كرم شعبان ،” جرائم إستغلال النفوذ “، مطبعة دار الشؤون الثقافية العامة ، الطبعة الثانية. سنة1986 . بغداد ،ص6

[74] القاضي فتحي الجواري،” لننصف ضحايا العدالة”، مقال منشور في مجلة التشريع و القضاء، الستة الثالثة .مطبعة م غ .العدد الرابع، سنة2011، ص8

[75] خديجة الطيب. م س. ص 30

[76] https://www.google.com/url?sa

[77] فاطمة الزهراء الحلحالي, م س..ص 24

[78] مصطفى الكلية، “التقدير القضائي للتعويض دراسة مقارنة في مجال المسؤولية المدنية “ــ مطبعة الأمنية بالرباط ــ الطبعة الأولى. سنة2009، ص13.

[79] خديجة الطيب. م س .ص 32.

[80] عبد الحق الصافي. “الوجيز في القانون المدني ” -الجزء الثاني-. (دراسة في قانون الالتزامات و العقود و في القوانين الأخرى).مطبعة النجاح الجديدة (ctp)الداربيضاء. الطبعة 2015م . ص101.

[81] عبد الحق الصافي. م س. ص103و104.

[82] قرار محكمة النقض. عدد430 بتاريخ 16/04/2008. مجلة المحاكم المغربية. العدد122. شتنبر- أكتوبر 2009 . ص 121.

[83] لتوسع أكثر محمد الأزهر. المسطرة المدنية”الدعوى المدنية”.الطبعة الثانية 2014.ص55.

[84] المختار عطار. قانون الالتزامات و العقود. مصادر الإلتزامات. مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء.الطبعة الثانية1999. ص278.

[85] كوثر بنداحي. مسؤولية الدولة عن الخطأ القضائي. م س. ص95

[86] عبد الرحمان الشرقاوي. سلطة قاضي الموضوع في تقدير التعويض. المجلة المغربية لقانون الأعمال و المقاولات. عدد 17-18 .يناير – يونيو 2011. ص45.

[87] عبد الرحمان الشرقاوي.” سلطة قاضي الموضوع في تقدير التعويض”.- المجلة المغربية لقانون الأعمال و المقاولات- . عدد 17-18 .يناير – يونيو 2011. . مطبعة غ م .ص 46-47.

[88] كوثر بنداحي. م س .ص96

[89] محمود عاطف البنا. “الوسيط في القضاء الإداري”- قضاء الإلغاء و قضاء التعويض-. المطبعة دار الفكر العربي.الطبعة غ م . سنة 1988.ص383

[90] قرار الغرفة الإدارية عدد 4 بتاريخ 10/01/2007، منشور بالمجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية. عدد61.سنة 2009. ص256.

[91] هشام التلوسي.” التعويض عن الخطأ القضائي”. بحث لنيل شهادة الماستر في العدالة الجنائية و العلوم الجنائية.جامعة سيدي محمد بن عبد الله.- فاس-. السنة الجامعية2012/2013.ص48

[92] عبد الله حداد.” تطبيقات الدعوى الإدارية في القانون المغربي”. المطبعة :منشورات عكاظ. الطبعة الأولى.سنة2001.ص193.

[93] محمد عبد اللطيف . “قانون القضاء الإداري”. الكتاب الثالث-مسؤولية السلطة العامة-. دار النهضة العربية للنشر- القاهرة -.2004.ص453.

[94] محمد الأعرج .م س.ص71.

[95] عبد الله حداد .م س.ص195.

[96] حكم المحكمة الإدارية بالدار البيضاء عدد 865 صادر بتاريخ 15/11/2006 منشور بمجلة العمل القضائي في المنازعات الإدارية منشورات مجلة الحقوق المغربية. العدد الثاني سنة2009 ص 65.

[97] لتوسع أكثر راجع حكم المحكمة الإدارية بأكادير عدد 215 المؤرخ في 17/06/2007 منشور بمجلة الحقوق المغربية، العمل القضائي في المنازعات الإدارية، سلسلة دلائل الأعمال القضائية، العدد2 ، سنة 2009، ص 318.

[98] حكم محكمة الإدارية بأكادير عدد 64-97 بتاريخ 16/10/1997 شركة سوس أفزيون ضد وزير العدل.

[99] حكم المحكمة الإدارية بفاس عدد 3757/99 بتاريخ 28/09/1999، منشور بالمجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية، سلسلة دلائل التسيير، عدد 16، 2004. ص 345.

[100] قرار عدد 906 مؤرخ في 28/11/2007 منشور في المجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية. عدد 80 ماي- يونيو 2008.ص255.

[101] كوثر بنداحي…م س ص105

[102] حكم محكمة الإدارية بالرباط عدد 2796 ملف رقم 613 بتاريخ 25يوليوز 2013.

[103] حكم المحكمة الإدارية بالرباط عدد 3239 ملف رقم 621 بتاريخ 17 شتنبر2012.

[104] ظر القرار الصادر عن الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى في قضية روسي Rousset، عدد 101 بتاريخ 24/05/1972. منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى العدد 25 السنة الخامسة – مارس 1980 ، ص177.

[105] محمد الأزهر ..م س .ص189

إعادة نشر بواسطة محاماة نت