تقوم شركة التوصية البسيطة – باعتبارها من شركات الأشخاص – على الاعتبار الشخصي لجميع الشركاء فيها سواء الشركاء المتضامنون والشركاء الموصون. وتتميز شركة التوصية البسيطة بالخصائص الآتية:

١ – عدم جواز تداول حصة الشريك.

٢ – عنوان الشركة.

٣ – عدم اكتساب الشريك الموصى صفة التاجر.

٤ – المسئولية المحدودة للشريك الموصى.

١ – عدم جواز تداول حصة الشريك:

لا يجوز للشركاء فى شركة التوصية البسيطة التنازل عن حصصهم للغير، يستوى فى ذلك الشركاء المتضامنون والشركاء الموصون، ومع ذلك يجوز أن ينص عقد الشركة على جواز التنازل عن الحصة بقيود وشروط تحافظ على الاعتبار الشخصي الذى تقوم عليه شركة التوصية البسيطة. وكذلك لا يترتب على وفاة الشريك الموصى انتقال حصته إلى ورثته، بل يترتب على وفاته حل الشركة، ومع ذلك يجوز أن ينص عقد الشركة على جواز انتقال حصة الشريك المتوفى إلى ورثته وبذلك لا تنقضى الشركة.

٢ – عنوان الشركة:

تنص المادة ٢٤ من قانون التجارة على أنه ((يكون إدارة هذه الشركة (أى شركة التوصية البسيطة) بعنوان ويلزم أن يكون هذا العنوان اسم واحد أو أكثر من الشركاء المسئولين المتضامنين )) . وكذلك تنص المادة ٢٦ من قانون التجارة على أنه ((ولا يجوز أن يدخل فى عنوان الشركة اسم واحد من الشركاء الموصين أى أرباب المال الخارجين عن الإدارة)) وباستقراء النصوص القانونية السابقة يتبين أن اسم شركة التوصية البسيطة يتكون من أسماء الشركاء المتضامنين جميعاً أو من اسم شريك واحد فقط من بينهم مع إضافة ما يفيد وجود شركة مثل عبارة “وشركاه”، أو “شريكه”. وعلى ذلك لا يجوز أن يدخل اسم الشريك الموصى فى عنوان الشركة، وذلك لأنه يسأل عن ديون الشركة فى حدود الحصة المقدمة منه فى رأس مال الشركة. فإذا ما أدرج اسمه فى عنوان الشركة قد يتوهم الغير أنه شريك متضامن ويطمأن إلى ذلك ويقدم على التعامل مع الشركة بناء على هذا الوهم. ويتبين بعد ذلك أن الشريك ليس متضامن بل موصى وأن مسئوليته محدودة. ويثور التساؤل فى هذا الصدد حول الحكم القانوني الذى يترتب على ظهور اسم الشريك الموصى فى عنوان الشركة.

للإجابة على هذا التساؤل نفرق – فى هذا الصدد – بين فرضين:

الفرض الأول:

دخول اسم الشريك الموصى فى عنوان الشركة بناء على طلب الشريك أو مع علمه بذلك ودون اعتراض منه. يسأل الشريك الموصى – فى كل الحالات السابقة – عن ديون الشركة فى مواجهة الغير كما لو كان شريك متضامن، أى يكون مسئولاً مسئولية شخصية وتضامنية. ويجوز لدائني الشركة الرجوع عليه في أمواله الخاصة. وهذا ما نصت عليه المادة ٢٩ من قانون التجارة بقولها: ((إذا إذن أحد الشركاء الموصين بدخول اسمه فى عنوان الشركة خلافاً لما هو منصوص عليه فى المادة ٢٦ فيكون ملزوماً على وجه التضامن بجميع ديون وتعهدات الشركة ))(1) ويعد ذلك تطبيقاً لنظرية الأوضاع الظاهرة وحماية الثقة المشروعة التي تولدت لدى الغير من ظهور اسم الشريك الموصى فى عنوان الشركة وظهوره بمظهر الشريك المتضامن أمام الغير( ٢). ويظل الشريك الموصى محتفظاً بصفته هذه فى مواجهة الشركاء، فإذا وفى بديون الشركة لظهور اسمه فى عنوانها كان له الرجوع على بقية الشركاء بما أداه زائداً عن حصته(3)

الفرض الثاني:

دخول اسم الشريك الموصى فى عنوان الشركة دون علمه أو على الرغم من اعتراضه، فى هذه الحالة يظل متحفظاً بصفته كشريك موصى سواء فى مواجهة الغير أو بالنسبة للشركاء. ويقع على عاتق الشريك الموصى عبء إثبات عدم علمه بوجود اسمه فى عنوان الشركة أو اعتراضه على ذلك. ويجوز للشريك الموصى مطالبة الشركاء المتضامنون بالتعويض عما لحقه من أضرار من جراء دخول اسمه فى عنوان الشركة. وفضلاً عن ذلك إذا قصد الشركاء المتضامنون من دخول اسم الشريك الموصى فى عنوان الشركة خلق ائتمان ظاهر للشركة، تنعقد مسئوليتهم الجنائية عن جريمة نصب إذا توافرت أركانها.

٣ – عدم اكتساب الشريك الموصى صفة التاجر:

أن الشريك المتضامن يتكسب صفة التاجر بمجرد دخوله فى الشركة ولو لم يكن له هذا الوصف من قبل. وعلى خلاف ذلك لا يكتسب الشريك الموصى صفة التاجر بمجرد دخوله فى الشركة ما لم تكن له هذه الصفة من قبل. وذلك لأن الشريك الموصى لا يحترف القيام بالأعمال التجارية لأنه – رغم استمرار تشغيل أمواله طوال حياة الشركة – يجرى تصرفاً منفرداً هو الدخول فى هذه الشركة. فالشريك الموصى لا يقوم بهذه الأعمال المستمرة باسمه على خلاف الشركاء المتضامنين الذين يباشرون هذه الأعمال بعنوان الشركة الذى يتضمن أسماءهم جميعاً أو ما يفيد ذلك(4) ويترتب على عدم اكتساب الشريك الموصى صفة التاجر أنه إذا أفلست الشركة لا يشهر إفلاس الشريك الموصى تبعاً لذلك، ولا يلتزم الشريك الموصى بالتزامات التجار من مسك دفاتر تجارية أو قيد بالسجل التجاري، وأخيراً يجوز للمحظور عليهم ممارسة التجارة بسبب مهنهم وكذلك القصر أن يكونوا شركاء موصين فى شركة التوصية البسيطة.

٤ – المسئولية المحدودة للشريك الموصى:

أن الشركاء المتضامنين يسألون عن ديون الشركة مسئولية شخصية وتضامنية. وعلى خلاف ذلك يسأل الشريك الموصى عن ديون الشركة في حدود الحصة التي قدمها في رأس مال الشركة. وهذا ما نصت عليه المادة ٢٧ من قانون التجارة بقولها(( الشركاء الموصون لا يلزمهم من الخسارة التي تحصل إلا بقدر المال الذى دفعوه أو الذى كان يلزمهم دفعه إلى الشركة ويترتب على ذلك أنه إذا أوفى الشريك الموصى بالحصة التي تعهد بتقديمها، برأت ذمته من كل التزام ولا يجوز للشركة أو دائنيها الرجوع عليه بأي مطالبة بعد ذلك. أما إذا لم يكن الشريك الموصى قد أوفى بكل الحصة أو بعضها، فإنه يجوز لمدير الشركة مطالبته بها. كما يجوز لدائني الشركة عن طريق الدعوى غير المباشرة مطالبته بتقديم حصته التي التزم بتقديمها. ونظراً للمخاطر التي تحف الدعوى غير المباشرة والتى يتعرض لها الدائن( 5)، فقد استقر القضاء والرأي الراجح من الفقه(6) على أن لدائن الشركة الرجوع بدعوى مباشرة على الشريك الموصى لمطالبته بتقديم الحصة التي التزم بتقديمها. وحجة هذا الاتجاه هو أن “حصة الشريك الموصى تعتبر جزءاً من رأس مال الشركة، وهو الضمان العام الذى يعتمد عليه دائنو الشركة، فمن حقهم العمل على استكماله. بمعنى أن الاعتراف لهم بحق مباشر على الشريك الموصى لا يخرج عن كونه تطبيق سليم لمبدأ ثبات رأس المال”(7) .

______________

1- تنص المادة ٢٦ من قانون التجارة على أنه (( لا يجوز أن يدخل فى عنوان الشركة اسم واحد من الشركاء الموصين أى أرباب المال الخارجين عن الإدارة ))

2- د. كمال محمد أبو سريع: الشركات التجارية، الجزء الأول، شركات الأشخاص، 1994 ، ص ٢٢٤ وما بعدها.

3- د. محسن شفيق: الوسيط فى القانون التجاري المصري، الجزء الأول، ١٩٥٧ ، ص ٢٠٧.

4- د. سميحة القليوبي: الوسيط في شرح القانون التجاري المصري ، الجزء الأول – دار النهضة العربية ، ٢٠٠٥ ، ص ٢٢٩ وما بعدها.

5- وإذا رجع الدائن على الشريك الموصى بالدعوى غير المباشرة فقد يتعرض لخطر الاحتجاج في مواجهته بالدفوع التي يكون للموصي حق التمسك بها فى مواجهة الشركة، كما إذا دفع فى مواجهة الدائن بأن إرادته كانت معيبة بعيب من عيوب الرضا، أو أن عقد الشركة كان باطلاً لعدم كتابته أو شهره أو أن مدير الشركة قد أبرأه من تقديم الحصة إلى غير ذلك من الدفوع التى يمكن أن يتمسك بها المدين فى مواجهة الدائن. . انظر: د. كمال محمد أبو سريع: المرجع السابق، ص ٢٢٧.

6- د. محسن شفيق: المرجع السابق، ص ٣١٢

7- نقض مدنى ١٩ يونيو ١٩٦٩ ، السنة ٢٠ ، ص 1002.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .