الخسائر الناجمة عن الحوادث المضرة أو العرضية في التشريع الضريبـي :

تضمن قانون ضريبة الدخل العراقي معاملة الخسائر التي يتعرض لها المكلف عند مزاولته لنشاطه الاقتصادي ، إلا إننا نلاحظ إن قانون ضريبة الدخل لم يقدم تعريفاً للخسائر الناجمة عن الحوادث المضرة أو العرضية ولم يبين مفهومها ، بل اكتفى المشرع الضريبـي العراقي بالنص على المبدأ العام في معاملة الخسائر الضريبية. كما يلاحظ إن التشريع الضريبـي العراقي لم يتضمن نصاً خاصاً يقضي بخصم الخسائر الناجمة عن الحوادث المضرة كما هو الحال في بعض التشريعات الضريبية العربية كالتشريع الضريبـي اليمني(1). لكن بالرجوع إلى نص المادة الحادية عشرة من قانون ضريبة الدخل رقم (113) لسنة 1982 المعدل النافذ حالياً نجدها تناولت خصم الخسارة بشكل عام، فعبارة النص عامة ومطلقة . مما يمكن القول إن الخسائر العرضية أو الناجمة عن الحوادث المضرة مشمولة بالخصم من وعاء الضريبة . ويرى الباحث إن عدم تخصيص نص خاص يقضي بخصم الخسائر العرضية يمثل قصوراً في التشريع فكان الأجدر بالمشرع الأخذ بنظر الاعتبار ما يلحق المكلف من خسائر ناتجة عن السرقة أو الاختلاس أو غير ذلك مما يعرضه إلى ضرر ونقص في راس المال، وكذلك إن النص الصريح على خصم الخسائر الناجمة عن الحوادث المضرة سيؤدي إلى تلافي العديد من الاختلافات في وجهات النظر حول إمكانية خصم أو عدم جواز خصم الخسائر الناجمة عن الحوادث المضرة بالرغم من وجود نص عام يقضي بمعاملة خسائر المكلف.

_____________________

1- تضمنت الفقرة (ط) من المادة (9) من قانون ضرائب الدخل اليمني رقم (31) لسنة 1991 ما يلي: (وللتوصل إلى الأرباح الصافية يراعى خصـم التكاليف اللازمة لإنتاج الربح والمحافظة عليه كما يلي: ط. الخسائر الناتجة عن ما يثبت وقوعه على نشاط المكلف من سرقة أو اختلاس متى ثبت جديتها وإنه لم يرد إليه فعلاً ما يقابلها).

الخسائر الضريبية الناجمة عن ممارسة النشاط العادي (الخسائر العادية) :

إن توضيح ماهية هذا النوع من الخسائر يقتضي بحثها في ثلاثة فروع، نركز في الفرع الأول على بيان المقصود بخسائر النشاط العادي ثم نتطرق إلى تحديد موقف التشريعات الضريبية من خسائر النشاط العادي، أما في الفرع الثالث فنتناول أثر العمل غير المشروع في خصم خسائر النشاط العادي ونفقاته.

الفرع الأول : المقصود بخسائر النشاط العادي

تعرف خسائر النشاط العادي بأنها (الخسائر التي تنشأ نتيجة ممارسة المكلف لنشاطه الاقتصادي المعتاد وتصرفه بأصوله العائدة له بالبيع أو بأية وسيلة من وسائل التصرف بقيمة تقل عن قيمة الحصول عليها)(1). فكل مكلف يقوم بممارسة ومزاولة مهنة أو نشاط اعتاد على ممارسته واتخذه حرفة اعتيادية ومصدر لإنتاج دخله وحصل في هذا المصدر خسارة كان للمكلف الحق بالمطالبة بخصم هذه الخسارة. وتجدر الإشارة إلى أن خسائر النشاط العادي تحصل في جميع مصادر الدخل سواءً كانت تجارية كما هو الحال في ممارسة الدلالة والسمسرة أو بيع وشراء الأوراق المالية أو المتاجرة بالأراضي والعقارات وكذلك المقاولات بكافة أنواعها وعمليات الاستيراد والتصدير وغير ذلك من المهن والحرف التجارية، أو غير تجارية كالطب والمحاماة والهندسة، والتي تعتبر مصادر يخضع الدخل المتولد عنها إلى الضريبة وفقاً لأحكام القانون الضريبـي. ومن الأمثلة التي ترد على خسائر النشاط العادي، تعرض أحد المكلفين لخسارة في أحد مصادر دخله الخاضعة للضريبة وهو تجارة الأراضي والعقارات باختـلاف أنواعها، وكان للمكلف أكثر من مصدر لتوليد الدخل كالتجارة إضافة للمهنة أو الحرفة الأولى (تجارة الأراضي والعقارات) ، وقد حقق المكلف إيراداً يخضع للضريبة أيضاً في النشاط الثاني (مهنة النجارة)، ففي هذه الحالة يكون للمكلف الحق بالمطالبة بخصم هذه الخسارة من الإيرادات المتحققة في مهنة النجارة كما له الحق بترحيل هذه الخسارة إلى سنوات أخرى لتخصم من الأرباح التي تتحقق في هذه السنوات وذلك في حالة عدم كفاية الإيرادات المتحققة من مهنة النجارة لتغطية الخسارة في نفس السنة التي تفرض فيها الضريبة . أما إذا تعرض المكلف إلى خسارة في أصول غير مستغلة أو خسائر شخصية خاصة بالمكلف ذاته فلا تخصم من وعاء الضريبة كما هو الحال في احتراق الأثاث المنـزلية للمكلف(2).

الفرع الثاني : موقف التشريعات الضريبية من خسائر النشاط العادي

تجيز معظم التشريعات الضريبية سواءً كانت عربية أو غير عربية خصم الخسائر المتولدة عن ممارسة النشاط العادي للمكلف (فرد – شركة)، إلا أن مسألة معالجة هذه الخسائر وخصمها من وعاء الضريبة يختلف من تشريع ضريبـي لآخر، فالتشريعات الضريبية بالرغم من اتفاقها على خصم خسائر المكلف إلا إنها متباينة في هذه المعاملة والخصم لهذه الخسائر. ومعنى ذلك إن هناك تشريعات ضريبية اهتمت بمعاملة الخسائر المتولدة عن ممارسة المكلف لنشاطه العادي وذلك بتنـزيل هذه الخسائر في نفس سنة فرض الضريبة من مصادر الدخل الأخرى مع السماح للمكلف بالمطالبة بترحيلها لسنوات سابقة أو لاحقة لسنة الخسارة، أي تضمنت بعض هذه التشريعات الضريبية تنـزيل الخسائر وترحيلها معاً، في حين نجد تشريعات ضريبية أخرى اقتصرت في معاملتها للخسائر على ترحيلها دون التنـزيل لهذه الخسائر في نفس سنة فرض الضريبة. فمن التشريعات الضريبية التي أجازت تنـزيل الخسائر في نفس سنة فرض الضريبة من الأرباح المتحققة في مصادر الدخل الأخرى وكذلك أجازت ترحيل هذه الخسائر إلى سنوات لاحقة لسنة الخسارة التشريع الضريبـي العراقي، إذ تضمنت المادة الحادية عشرة منه على جواز تنـزيل الخسائر التي يتعرض لها المكلف من الأرباح التي تتحقق في المصادر الأخرى العائدة لنفس المكلف وبشروط معينة، وفي حالة عدم كفاية أرباح هذه المصادر لتغطية الخسارة كلها أو جزء منها إذا ما كانت كبيرة أو كان للمكلف مصدر دخل واحد وحصلت فيه الخسارة ، فنجد إن المشرع الضريبـي العراقي قد سمح للمكلف بترحيل هذه الخسارة وخصمها أو تنـزيلها على مدى سنوات لاحقة لسنة الخسارة (مدة محددة قانوناً) من الأرباح المتحققة في هذه السنوات وبشروط محددة أيضاً(3). وكذلك الحال في التشريع الضريبـي الأردني، فقد تضمن تنـزيل خسائر المكلف من الأرباح المتحققة في نفس السنة من المصادر الأخرى العائدة للمكلف والتي تكون خاضعة للضريبة، أما إذا لم تكفِ هذه الأرباح لتغطية الخسارة فقد أعطى المشرع الضريبـي الأردني الحق للمكلف بالمطالبة بترحيل هذه الخسارة أو ما تبقى منها وخصمها من الأرباح المتحققة خلال ست سنوات لاحقة لسنة الخسارة. فقد جاء في نص المادة العاشرة من قانون ضريبة الدخل ما يلي(4):

(أ. إذا لحقت خسارة بأي شخص خلال السنة في أحد مصادر دخله الخاضعة للضريبة بمقتضى هذا القانون فيجري تقاصها من مجموع دخله في السنة نفسها من المصادر الأخرى.

ب. إذا بلغت الخسارة مقداراً لا يمكن تقاصه بكامله على الوجه المبين في الفقرة السابقة يدور رصيدها إلى السنة التالية مباشرة فإلى التي تليها وهكذا لغاية ست سنوات بعد السنة التي وقعت فيها الخسارة ويجري تقاصي الرصيد المدور إلى كل منها من الدخل الخاضع للضريبة فيها.

ج. لا يجوز تنـزيل الخسارة التي لو كانت ربحاً لما خضع للضريبة بمقتضى أحكام هذا القانون.

د. لا يجوز تنـزيل الخسارة أو تدويرها إلا إذا أبرز المكلف حسابات أصولية وصحيحة).

أما بالنسبة للتشريعات الضريبية التي اقتصرت في معاملتها للخسائر على ترحيل هذه الخسائر دون تنـزيلها كما هو الحال في التشريع الضريبـي المصري، فقد اهتم المشرع الضريبـي المصري بمعاملة الخسائر التي يتعرض لها المكلف ومن بينها خسائر نشاطه العادي، فقد جاء في نص المادة (28) من قانون ضريبة الدخل المصري ما يلي(5):

(إذا ختم حساب إحدى السنوات بخسارة فإن هذه الخسارة تخصم من أرباح السنة التالية فإذا لم يكف الربح لتغطية الخسارة بأكملها نقل الباقي إلى السنة التالية، فإذا بقي بعد ذلك جزء من الخسارة نقل إلى السنة التالية وحتى السنة الخامسة ولكن لا يجوز بعد ذلك نقل شيء من الخسارة إلى حساب سنة أخرى ولا يسري هذا الحكم على أوجه النشاط التي تم ربط الضريبة عليها على أساس مقطوع أو ثابت …). وتضمن التشريع الضريبـي اليمني أيضاً ترحيل الخسائر التي يتعرض لها المكلف خلال مدة مزاولته لنشاطه الاقتصادي دون تنـزيلها، فقد جاء في نص المادة العاشرة من قانون ضرائب الدخل اليمني ما يلي(6):

(إذا ختم حساب إحدى السنوات الخاضعة للضريبة بخسارة معتمدة من مصلحة الضرائب فإن هذه الخسارة تدخل من ضمن مصروفات السنة التالية وتخصم من أرباحها، فإذا لم يكف الربح لتغطية الخسارة بأكملها نقل الباقي إلى السنة التالية، فإذا بقى جزء من الخسارة نقل هذا الجزء إلى السنة التالية لسنة الخسارة، وهكذا حتى السنة الرابعة التي لا يجوز نقل أي شيء من خسارتها إلى السنة التي تليها). وكذلك الحال في التشريع الضريبـي الجزائري، فقد سمح المشرع الضريبـي الجزائري للمكلف بأن يطالب بترحيل ما تعرض له من خسارة من مزاولته لنشاطه الاعتيادي، فقد نصت المادة (147) من نفس القانون على(7): (في حالة تسجيل عجز في سنة مالية ما فإن هذا العجز يعتبر عبئاً يدرج في السنة المالية الموالية ويخفض من الربح المتحقق خلال نفس السنة المالية، وإذا كان هذا الربح غير كافٍ لتخفيض كل العجز فإن العجز الزائد ينقل بالترتيب إلى السنوات المالية الموالية، إلى غاية السنة المالية الخامسة الموالية لسنة تسجيل العجز). كما سمح المشرع الضريبـي السوداني للمكلف بالمطالبة بترحيل خسارته وخصمها من أرباح السنوات التالية، إلا أن المشرع اشترط في ترحيل خسائر المكلف بأن لا تزيد مدة الترحيل عن خمس سنوات وعلى أن يكون المكلف محتفظاً بحسابات أصولية خاصة بأعماله(8). إضافة إلى ذلك فإننا نجد إعطاء الحق بترحيل الخسائر للمكلف دون تنـزيلها في تشريعات ضريبية أخرى كما هو الحال في التشريع الضريبـي السوري واللبناني والأمريكي والفرنسي(9). وعلى أساس ما تقدم نلاحظ إن خسائر النشاط العادي كنوع من أنواع الخسائر تكون واجبة الخصم في معظم التشريعات الضريبية إذ تعتبر من التكاليف الواجبة الخصم من وعاء الضريبة، إلا أن معالجتها متباينة تشريعياً، فبعض هذه التشريعات الضريبية من يخصم هذه الخسائر بتنـزيلها وترحيلها معاً، والبعض الآخر لا يجيز خصم الخسائر إلا بالترحيل، كما إن هذه التشريعات سواءً كانت مقتصرة على الترحيل فقط أو على ترحيل وتنـزيل الخسائر يختلف بعضها عن البعض الآخر في تحديد مدة الترحيل الخاصة بتغطية الخسائر .

الفرع الثالث : أثر العمل غير المشروع في خصم خسائر النشاط العادي ونفقاته

قد يقوم المكلف بأعمال غير مشروعة سواءً كانت تتضمن مخالفة للقوانين والأنظمة أو مخالفة للآداب العامة أو النظام العام، ويكون هدف المكلف من جراء هذه الأعمال غير المشروعة والتي يقوم بها خلال مزاولته لنشاطه الاقتصادي العادي هو تحقيق زيادة في رأس المال الذي يستثمره في نشاطه وبالتالي زيادة الإيراد أو الربح (تحقيق زيادة في الدخل). فمثلاً قد يلجأ المكلف إلى طرق مشبوهة تخالف القانون والأنظمة والتعليمات ، ومن بين هذه الطرق قيام المكلف بالتهريب ثم يتم ضبطه من قبل سلطات الكمارك وعلى أساس ذلك تتم محاكمة المكلف نتيجة لهذا العمل إضافة إلى ما قد يترتب على ذلك من عقوبات مالية وبالتالي تعرض المكلف إلى خسائر(10). وتتجه بعض التشريعات الضريبية إلى جواز خصم الخسائر التي يتعرض لها المكلف نتيجة العمل غير المشروع، فالتشريع المصري أجاز تنـزيل الخسائر والنفقات التي نتجت عن عمل غير مشروع للمكلف سواءً بمخالفة القانون أو الأنظمة أو عمل منافي للآداب العامة أو عمل مخالف لقوانين الضرائب أو إخلال بالالتزامات التي تفرضها قوانين تنظيم المهنة(11). وفي العراق نلاحظ إن المشرع الضريبـي العراقي لم يشر إلى أثر العمل غير المشروع في عدم جواز خصم الخسائر المتعلقة بمزاولة النشاط العادي ، إلا إن الناحية العملية تثبت بأن الضريبة تفرض على الأرباح التي يحققها ويحصل عليها المكلف سواء أكان العمل الذي قام به المكلف عند مزاولته لنشاطه الاقتصادي مشروعاً أم غير مشروع، فالضريبة تفرض على الأرباح حتى وإن كانت متحققة من عمل غير مشروع وبالتالي فإن الخسائر التي يتعرض لها المكلف تكون واجبة الخصم، وهذا ما تقتضيه العدالة، أما عن مسألة مخالفة المكلف للقوانين أو الأنظمة والتعليمات المتعلقة بممارسة المهنة وغير ذلك فإن المكلف تتم محاسبته عن ذلك وفقاً لأحكام القانون مثل قانون العقوبات والقانون التجاري…(12)، ومثال ذلك كما لو قام المكلف بفتح محل تجاري لممارسة مهنة أو حرفة معينة من دون أن يكون المكلف حاصلاً على موافقة لفتح المحل التجاري أو ممارسة المهنة ، ومع ذلك فإن الأرباح التي يحققها من ممارسة هذه المهنة تكون خاضعة للضريبة بالرغم من مخالفة المكلف للقوانين والتعليمات الخاصة بتنظيم ممارسة المهنة، كتلك التي تقتضي أن يحصل المكلف على إجازة لفتح المحل التجاري أو ممارسة تلك المهنة، أو المهندس الذي يقوم بممارسة المهنة من دون أن يكون حاصلاً على الأوراق الرسمية التي يمكن من خلالها إثبات هويته كمهندس، ومع ذلك تكون الأرباح التي يحققها من خلال مزاولته لمهنة الهندسة خاضعة للضريبة. إضافة إلى ذلك فإن القضاء المصري استقر على عدم الأخذ بنظر الاعتبار ما إذا كان العمل مشروعاً أو غير مشروع من حيث ما ينتج من ربح للمكلف فيما يفرض عليه من ضريبة، فالضريبة تفرض على الربح الذي تحقق للمكلف سواءً كان ناتجاً عن عمل غير مشروع أو عن عمل مشروع، وبالتالي فإن الخسائر التي يتعرض لها المكلف نتيجة لذلك تؤخذ بنظر الاعتبار وتكون واجبة الخصم من وعاء الضريبة(13). ويضيف الباحث إلى ذلك بأن العديد من نصوص التشريعات الضريبية تشير إلى مصادر الدخل الخاضعة للضريبة من دون الإشارة إلى عدم فرض الضريبة على أحد هذه المصادر إذا ما كان ناتج الدخل المتولد عنه هو من عمل غير مشروع، فهذه النصوص لم تميز فيما إذا كان العمل مشروعاً أو غير مشروع كأساس في فرض الضريبة على هذه المصادر والتي يتولد عنها الدخل الخاضع للضريبة(14). وعلى أساس ذلك طالما كانت هذه الأرباح خاضعة للضريبة سواء كانت من عمل مشروع أو غير مشروع فإن الخسائر المتولدة عن مزاولة المهنة تكون واجبة الخصم أيضاً حتى وإن كانت من عمل غير مشروع. كذلك الحال في النصوص الخاصة بمعاملة الخسائر فقد جاءت خالية من ذكر عدم جواز خصم الخسائر المتولدة من العمل غير المشروع ، فجميع هذه النصوص جاءت عامة ومطلقة من حيث تحديد المبدأ العام لمعاملة الخسائر والشروط الواجب توافرها لخصم الخسائر من دون وضع قيد أو شرط خاص بمشروعية العمل الذي تخصم خسائره أو عدم مشروعيته وبالتالي عدم جواز خصم الخسائر ، وعلى أساس ذلك أيضاً فإن خصم الخسائر يكون واجباً بغض النظر عن مشروعية أو عدم مشروعية العمل الذي نتجت عنه الخسارة متى ما توافرت الشروط المطلوبة لخصمها من وعاء الضريبة(15).

__________________

1- د. عوض فاضل إسماعيل ، موقف المشرع العراقي من الخسارة الضريبية، بحث منشور في مجلة كلية صدام للحقوق، المجلد الخامس، العدد الثامن، ت1، 2001م، ص60.

2- محمود زكي سالم، الأوضاع القانونية للضريبة العامة على الإيراد، الطبعة الأولى، دار الفكر العربي، مطبعة الاعتماد، مصر، 1954، ص216-217. وتجدر الملاحظة إلى إن هناك اتجاه يذهب إلى اعتبار الديون المعدومة من بين خسائر النشاط العادي إذا ما ثبت تعذر أو انعدام الإمكانية في تحصيلها وبشكل قاطع ونهائي، ويكون الدين المعدوم متعذر التحصيل نهائياً في عدة حالات أهمها:

أ-وفاة المدين مع عدم وجود مال ينفذ عليه لتحصيل الدين.

ب-إفلاس المدين مع عدم وجود مال أو تركة تكف لسداد الدين.

ج-هلاك أموال المدين والتي تكون الضمان العام للدائنين.

د-انقضاء الدين بالتقادم (انقضاءه بمرور الزمان).

ففي جميع هذه الحالات يكون الدين متعذر التحصيل نهائياً وبالتالي يعتبر خسائر واجبة الخصم من وعاء الضريبة، وقد صدر قرار لمحكمة النقض بما يؤيد اعتبار الدين المعدوم المتعذر التحصيل نهائياً من خسائر النشاط العادي وهو القرار الصادر بخصوص الطعن رقم (396) لسنة 29 ق الصادر بتاريخ 3/12/1964 مشار إلى ذلك: د. السيد عبد المولي ، مصدر سابق، ص205-206.

3- راجع في ذلك نص المادة الحادية عشرة من قانون ضريبة الدخل العراقي رقم (113) لسنة 1982 المعدل، وكذلك المادة العاشرة من قانون ضريبة الدخل رقم (85) لسنة 1956 الملغى، والمادة الحادية عشرة من قانون ضريبة الدخل رقم (95) لسنة 1959 الملغى. وتجدر الملاحظة إلى أن آلية تنـزيل الخسائر وترحيلها في التشريع الضريبـي العراقي ستكون محلاً للتفصيل في الفصل الثاني من الرسالة وكما سيرد ذلك لاحقاً.

4- قانون ضريبة الدخل الأردني رقم (57) لسنة 1985 المعدل.

5- قانون الضريبة الموحد رقم (157) لسنة 1981 المعدل بالقانون رقم (187) لسنة 1993.

تجدر الملاحظة إلى أن ترحيل الخسائر أو تنـزيلها يسري على كافة أنواع الخسائر متى ما كانت جائزة الخصم مع توفر شروط خصمها وتحققها.

6- قانون ضرائب الدخل اليمني رقم (31) لسنة 1991م، منشور في الجريدة الرسمية ، العدد 7 في 15 ابريل، 1991م.

7- قانون الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة ، الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، وزارة الاقتصاد، المديرية العامة للضرائب، ديوان المطبوعات الجامعية، الساحة المركزية ، بن عكنون، الجزائر، طبعة 1992، ص109.

8- صادق الحسني، ضريبة الدخل، دراسات في المحاسبة المتخصصة، مطبعة الزمان، بغداد، 1974، ص267.

9 هشام محمد صفوت العمري، اتجاهات المشرع العراقي في قانون ضريبة الدخل، شرح قانون ضريبة الدخل رقم (95) لسنة 1959، دراسة مقارنة، الطبعة الأولى، مطبعة المعارف، بغداد، 1979، ص250 وما بعدها.

10- صادق الحسني، ضريبة الدخل، الطبعة الرابعة، مطبعة جامعة بغداد، 1979، ص247.

11- صادق الحسني، نفس المصدر السابق، ص249.

2[1]- د. عوض فاضل إسماعيل، مجموعة محاضرات، مصدر سابق.

3[1]- صادق الحسني، ضريبة الدخل، الطبعة الرابعة، مصدر سابق، ص248.

4[1]- أنظر نصوص المواد المحددة لمصادر الدخل الخاضعة للضريبة من (15 إلى 25) من قانون الضريبة الموحد رقم (157) لسنة 1981 المعدل بالقانون (187) لسنة 1993، كذلك المواد من (3 إلى 6) من قانون ضرائب الدخل اليمني رقم (31) لسنة 1991م، كذلك المادة (3) من قانون ضريبة الدخل الأردني رقم (57) لسنة 1985 المعدل، والمادة (2) من قانون ضريبة الدخل العراقي رقم (113) لسنة 1982 المعدل.

5[1]- أنظر نص المادة (11) من قانون ضريبة الدخل العراقي رقم (113) لسنة 1982 المعدل، والمادة (28) من قانون ضريبة الدخل الموحد رقم (157) لسنة 1981 المعدل بالقانون رقم (187) لسنة 1993. كذلك المادة (10) من قانون ضرائب الدخل اليمني رقم (31) لسنة 1991م، والمادة (10) من قانون ضريبة الدخل الأردني رقم (57) لسنة 1985.

الخسائر الضريبية كاستثناء من القواعد العامة للقانون الضريبـي :

تعد الخسائر استثناءً من قاعدة عامة مقررة في القانون الضريبـي، وهي قاعدة (استقلال السنوات المالية للمكلف) . وفي هذا المجال يطرح تساؤلان هما : ما هو المقصود بقاعدة استقلال السنوات المالية للمكلف؟ وإذا كانت معاملة ومعالجة الخسائر الضريبية قد جاءت على سبيل الاستثناء من القاعدة العامة، فما هي مبررات هذا الاستثناء؟. للإجابة عن ذلك يمكن القول إن هذه القاعدة تقتضي (إن كل سنة مالية هي وحدة قائمة بذاتها بحيث تكون تكاليف هذه السنة وأرباحها خاصة بها والتي لا تختلط بتكاليف وأرباح السنوات السابقة لها أو اللاحقة عليها)(1). ومعنى ذلك إن كل سنة من سنوات المكلف التي يزاول فيها نشاطه الاقتصادي تكون لها استقلاليتها عن غيرها من السنوات الأخرى التي يزاول فيها نشاطه أيضاً، وهذه الاستقلالية من حيث الأرباح المتحققة من مزاولة النشاط في كل سنة وما أنفقه فيها المكلف من تكاليف ومصاريف للحصول على الربح أو الدخل الذي يخضع للضريبة. ويترتب على هذه القاعدة بعض النتائج هي(2):

أولاً: لا يجوز اعتماد مقدار الضريبة التي تتحقق في سنة سابقة معينة وسريانه على السنة اللاحقة.

ثانياً: إن أي اتفاق بين السلطة المالية وبين المكلف على تقدير الضريبة لدخله في سنة معينة لا علاقة له بالسنوات الأخرى فيما تحقق فيها من دخل.

وبعبارة ثانية إن إمكانية تحديد الربح التجاري أو الصناعي لكل مكلف سواءً كان شخصاً طبيعياً أو معنوياً تتم من خلال استقلالية كل سنة عن السنوات الأخرى ، وأيضاً لكي يتمكن المكلف من معرفة الطريق الذي يسلكه عند مزاولته لنشاطه الاقتصادي بما في ذلك مواطن الضعف التي سيتجنبها أو عدم ذلك(3).

أما عن مبررات هذا الاستثناء، فإن الظروف العملية والعدالة دعت أغلب التشريعات الضريبية إلى الخروج عن هذه القاعدة وهي قاعدة (استقلال السنوات المالية) باعتبارها من القواعد العامة المقررة ضريبياً، حيث جعلت هذه التشريعات الضريبية سواءً كانت عربية أو غير عربية خسارة سنة معينة تكليفاً على الأرباح التي تتحقق في سنوات لاحقة لسنة الخسارة أو السنوات السابقة لسنة الخسارة(4). وتجدر الملاحظة إلى أن معاملة الخسائر الضريبية كاستثناء من القاعدة العامة (قاعدة استقلال السنوات المالية)، يكون بشكل خاص فيما يتعلق بترحيل الخسائر دون تنـزيل هذه الخسائر، ذلك لأن الترحيل يكون عادة لسنوات لاحقة أو سابقة لسنة الخسارة وهذا هو الاستثناء الذي نقصده من القاعدة العامة، في حين نجد إن تنـزيل الخسارة يجري عادة في سنة فرض الضريبة نفسها.

__________________

1- محمد عبد المنعم الجمال، الضرائب في المجتمع الاشتراكي، الجزء الثاني، مطابع الشعب، القاهرة، 1963، ص468.

_أنظر كذلك د. السيد عبد المولي ، الضرائب على الدخل، دار الفكر العربي، 1983، ص160-161.

_ أنظر أيضاً د. أعاد علي حمود ، المالية العامة والتشريع المالي، (الضرائب والتشريع الضريبـي)، الكتاب الثاني، مطابع دار الكتب للطباعة والنشر، جامعة الموصل، 1987/1988، ص93.

2- د. عوض فاضل إسماعيل، مصدر سابق.

3- محمد حمدي النشار، قواعد تحديد الأرباح التجارية والصناعية، مؤسسة المطبوعات الحديثة في الإسكندرية، بدون سنة نشر، ص47.

4- صادق الحسني، دراسة تحليلية لوعاء ضريبة الدخل في العراق ومدى انسجامه مع قواعد المحاسبة، رسالة ماجستير، جامعة القاهرة ، 1971، ص301.

المؤلف : حيدر نجيب احمد فائق سعيد المفتي
الكتاب أو المصدر : الخسائر الضريبية في قانون ضريبة الدخل العراقي

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .