القرار عدد 4036 الصادر بتاريخ 2012/09/18 في الملف رقم 2010/1/1/1837

القاعدة:
-الحيازة بين الشركاء الأقارب تخضع لقواعد الفقه الإسلامي ، إذا عرضت الدعوى على المحكمة قبل دخول قانون مدونة الحقوق العينية حيز التنفيذ؛ وإلا طبقت مقتضيات هذا القانون.

-إن الحيازة بين الشركاء الأقارب، وعلى القول الراجح في الفقه الإسلامي المعمول به ، لا يكون لها أثر إلا بمرور مدة أربعين سنة مع الهدم والبناء .

– المشتري الذي يشير شراؤه إلى ما يفيد أن البائع يتملك المبيع بالإرث ، لا يمكنه الدفع بالحيازة إلا إذا توفرت فيها شروط البائع له المتعلقة بالشريك القريب ، إما استقلالا أو تلفيقا.

– بمقتضى قانون مدونة الحقوق العينية، لم يبق للحيازة بين الشركاء أي اثر.

باسم جلالة الملك وطبقا للقانون
بناء على الطلب المرفوع بتاريخ 25/04/2008 من الطالبين أعلاه، بواسطة نائبيهم المذكورين والرامي إلى نقض القرار عدد 506 الصادر عن محكمة الاستئناف بأگادير بتاريخ 21/11/2006 في الملف رقم 123/03،
وبناء على توصل المطلوب بنسخة من طلب النقض بتاريخ 1/6/2012 وعدم جوابه،

وبناء على الأوراق الأخرى المدلى بها في الملف،
وبناء على الأمر بالتخلي الصادر بتاريخ 06/08/2012 وتبليغه،
و بناء على الإعلام بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ 18/09/2012؛

و بناء على المناداة على الطرفين ومن ينوب عنهما وعدم حضورهما؛
و بعد تلاوة المستشار المقرر السيد علي الهلالي لتقريره؛ والاستماع إلى ملاحظات المحامي العام السيد عبد الكافي ورياشي؛

وبعد المداولة طبقا للقانون
حيث يستفاد من مستندات الملف، أنه بمقتضى مطلب تحفيظ قيد بتاريخ 30/8/1995 بالمحافظة العقارية بتزنيت تحت رقم 4242/31، طلب رشيد متوكل بن البشير ومبارك بن علي الطاروس تحفيظ الملك المسمى ”الخير” الذي هو عبارة عن أرض بورية بها بناء سفلي وبئر، الواقع بدوار تركا جماعة اكلو دائرة وإقليم تيزنيت المحددة مساحته في أربعة هكتارات و22 آرا و 60 سنتيارا بصفتهما مالكين له حسب عقدي شراء عرفيين أحدهما مؤرخ في 5/8/1993 من البائعة له فيه رقية بنت إبراهيم كرمان والآخر مؤرخ في 15/09/1993، من البائع له فيه كرمان عابد.

فسجل على المطلب المذكور تعرضان، أحدهما مدون بتاريخ 17/10/1986 ”كناش 6 عدد 812” صادر عن إبراهيم كرمان مطالبا بكافة الملك، والذي أصبح – بمقتضى تقييد تكميلي- منصبا على مجرد حقوق إرثية على الشياع إنجرت إلى المتعرض من والده حسب رسم التصرف المؤرخ في 17/10/1986.

وبعد إحالة ملف المطلب على المحكمة الابتدائية بتيزنيت وإجرائها معاينة على موضوع النزاع، أصدرت بتاريخ 15/4/2003 حكمها عدد 23 في الملف رقم 35/99 بصحة التعرض المذكور.

فاستأنفه طالبا التحفيظ، وبعد مواصلة ورثة طالب التحفيظ الثاني الدعوى محل مورثهم لوفاته، وإجراء محكمة الاستئناف المذكورة بحثا، ثم خبرة بواسطة الخبير الطيب حفظي، قضت بتأييد الحكم المستأنف، وذلك بمقتضى قرارها المطعون فيه بالنقض من المستأنفين أعلاه بالوسيلة الفريدة بإهمال الجواب على دفعوهم المنزل منزلة انعدام التعليل، وخرق القواعد الفقهية وعدم الارتكاز على أساس قانوني، في ثلاثة أوجه.

ففي الوجه الأول، فإنهم بمقتضى مقالهم الاستئنافي أثاروا أن المطلوب صرح أثناء المعاينة المجراة في المرحلة الابتدائية بأن شقيقه البائع للطاعنين هو وحده الذي بات يتصرف في المدعى فيه منذ وفاة والدهما في غضون سنة 1955، وأن النزاع المثار من قبل المطلوب بمقتضى تعرضه نشأ بتاريخ 6/5/1999، أي بعد مضي ما يربو عن أربعين سنة عن الحيازة المستمرة، المعترف بها من قبله لأخيه البائع للطاعنين مع أن البيع لهم انصب على قطع مفرزة، مما يكون معه حقه على فرض ثبوته قد تقادم لقول المتحف: والأقربون حوزهم مختلف.

إلى أن قال: فهو بما يجوز الأربعين. إلا أن القرار المطعون فيه اقتصر على الدفع المذكور دون أن يناقشه ودون أن يبين سبب استبعاده. وفي الوجه الثانيفإن تصريح المطلوب، المشار إليه، يكذب لفيفيته المفيدة لتصرفه.

وأن ما يعزز دفع الطاعنين السالف الذكر هو ما ورد في تصريح الطاعن الأول المضمن بمحضر البحث، إذ أكد أنه حاز مشتراه منذ تاريخ شرائه دون أن يتعرض عليه المتعرض عندما حفر فيه بئرا وأقام عليه بناية معدة للسكنى، وأنه قبل شرائه كان البائع له يتصرف فيه بصفة منفردة.

وفي الوجه الثالث فإن تعرض المطلوب ينصب على حقوق شائعة دون بيان مقدارها، وأن الطاعنين أثاروا بمقتضى مقالهم الاستئنافي أن الحكم المستأنف قضى بصحة التعرض دون أن يفصح عن مداه وحدوده، وأن قرار المحكمة التمهيدي كلف الخبير بتحديد نصيب المطلوب، وأشار الخبير في تقريره إلى أن غياب المتعرض عن الحضور حال دون تحديد النصيب المتعرض عليه، ومع ذلك فإن القرار المطعون فيه أيد الحكم المستأنف على علاته مما يكون معه مشوبا بالغموض والإبهام.

لكن؛ ردا على الوسيلة، فإنه لا مجال لتمسك الطاعنين في النازلة بحيازة البائع لهم المجردة، أو قيام الطاعنين بالبناء على عقار مشترك ما دام البائع أخا شريكا للمطلوب ومادام المبيع منجرا إليه بالإرث، وهو ما لا يجادل الطاعنون فيه.

إذ في هذه الحالة، فإن الفقه المعمول به وقت عرض الدعوى على القضاء، هو أن مدة الحيازة العاملة بين الشركاء الأقارب الذين ليس بينهم تشاجر، هي بما يفوق الأربعين سنة مع الهدم والبناء، وهو القول الراجح المشار إليه بأحد قولي صاحب المختصر لدا قوله في باب الشهادة : “وفي الشريك القريب معهما قولان”. أي مع الهدم والبناء.

وأنه لا يستفاد من مستندات الملف أن حيازة البائع للطاعنين وكذا حيازتهم من بعده كانت مقرونة بالهدم والبناء، طول المدة المشار إليها، أو طول المدة الدنيا مع وجود التشاجر.

وأن مجرد عدم تحديد المطلوب في النقض أو الخبير للنصيب المتعرض عليه، لا تأثير له على القرار، إذ أن نصيبه معروف شرعا، وهو ما انجر إليه على الشياع إرثا من أبيه من جهة، وما دام القرار المطعون فيه قد صدر قبل صدور القانون رقم 07- 14 المتعلق بالتحفيظ العقاري الذي يوجب على المحكمة في فصله 37 أن تبين في حكمها، في حالة الشياع، النصيب المحكوم به من جهة أخرى.

وأن القرار المطعون فيه لم يهمل دفع الطاعنين، وإنما ناقشه واستبعده – عن صواب – وذلك حين علل بان “المحكمة ثبت لها أن أصل الملك ثابت لموروث سلف البائع لطالبي التحفيظ بصريح البيوع المتعددة من طرف الطاعنين، وأن الأصل هو بقاء المتروك مشاعا بين الورثة إلى حين وقوع القسمة، وأن الطاعنين لم يدلوا بما يثبت وقوعها بين الورثة وانفراد البائع لهم بالجزء موضوع المطلب.

الشيء الذي يجعل الحكم المستأنف مصادفا للصواب فيما قضى به من صحة التعرض المنصب على حقوق مشاعة،” فإنه نتيجة لما ذكر كله، يكون القرار معللا ومرتكزا على أساس قانوني، وغير خارق للقواعد الفقهية المحتج بها، والوسيلة بالتالي غير جديرة بالاعتبار.

لهذه الأسباب
قضت محكمة النقض، برفض الطلب، وبتحميل الطالبين الصائر.
وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط. و كانت الهيئة الحاكمة متركبة من السادة: العربي العلوي اليوسفي رئيس الغرفة ـ رئيسا. والمستشارين: علي الهلالي ـ عضوا مقررا. ومحمد دغبر ومحمد أمولود وأحمد دحمان أعضاء. وبمحضر المحامي العام السيد عبد الكافي ورياشي وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة سهام الحنضولي.