الحقوق القانونية لحماية الخصوصية في قانون مكافحة الفساد

الحق بحماية الخصوصية في ضوء تعديل المادة (23) من قانون مكافحة الفساد

مركز الرأي للدراسات
اعداد : المحامي د. نوفان العجارمة *
كانون الاول 2011

أثار مشروع تعديل المادة (23) من قانون مكافحة الفساد سيلاً عارماً من الاحتجاجات من قطاع واسع من الشعب الأردني، لأسباب كثيرة أهمها أن هذه المادة تسعى إلى تكميم الأفواه، وبالمقابل، كانت الحكومة السابقة تدافع عن هذه المادة باعتبارها تعالج نقصاً تشريعياً، ويحاول هذا التعديل إيجاد نوع من التوازن بين الخصوصية والحرية بشكل عام وحرية الصحافة أو النشر بشكل خاص.

ومن خلال استعراض وجهتي النظر، وجدت أن كثيراً من الأقلام لاسيما المختصة منها، لم تعالج أمرا مهما يعتبر فاتحة الكلام في هذا الموضوع، ألا وهو مدى كفاية التشريعات التي تعالج أو تحمي الخصوصية للأفراد، فإذا كانت التشريعات كافية، فان مشروع تعديل المادة (23) من قانون مكافحة الفساد لزوم ما لا يلزم، وان مشروع التعديل ينطوي على سوء نية والهدف منه الحد من الحرية التعبير، أما إذا كان ثمة نقص تشريعي فان الحاجة ماسة إلى مثل هذا التعديل.
وينص التعديل المقترح للمادة (23) على: كل من أشاع أو عزا أو نسب دون وجه حق إلى احد الأشخاص أو ساهم في ذلك بأي وسيلة علنية كانت اياً من أفعال الفساد المنصوص عليها في المادة (5) من هذا القانون أدى إلى الإساءة بسمعته أو المس بكرامته أو اغتيال شخصيته عوقب بغرامة لا تقل عن ثلاثين ألف دينار ولا تزيد عن ستين ألف دينار.
وعليه، سوف نسلط الضوء على هذا الأمر من كافة جوانبه:

أهمية حرية التعبير بواسطة الصحافة

تعتبر الصحافة أحد روافد حرية الرأي والتعبير، وتحتل منزلة مهمة في النظام الديمقراطي، فلا قيام للديمقراطية بدون حرية للصحافة، فهي دواء لكل داء، وتقييدها لا يعوق إلا الشرفاء، فإذا كانت الصحافة هي رئة الشعوب تتنفس من خلالها، وتعبر عن فرحها وآلامها، فمن خلال صفحاتها نغضب ونسعد ونعلن عن رضانا أو رفضنا من خلال تحقيق أو مقالة أو دراسة، وتسخر الشعوب من حكوماتها وإدارتها من خلال الكلمة الساخرة، والكاريكاتير الساخر، وكما أن الإنسان لا يستطيع أن يعيش بلا أوكسجين متوافر من حوله كي يتنفس بلا قيود، كذلك الصحافة لا تستطيع أن تعيش بدون حرية التعبير وتحرير إرادة الكلمة من القهر والقمع والخوف.فالصحافة ضرورة لا غنى عنها لأي مجتمع ديمقراطي يسعى للتقدم والرخاء والاستقرار، ويهدف ويرنو إلى احتلال مكانة سامية بين دول العالم المتحضر.

لا توجد حرية مطلقة

وبالرغم من هذا الدور العظيم والمهم لحرية الصحافة في أي نظام ديمقراطي – في العالم – إلا أن هذا لا يعني أنها حرية مطلقة بلا حدود، فالأصل المستقر في الأنظمة الديمقراطية أنه لا يمكن أن تكون الحرية مطلقة بلا قيد، وإلا انقلبت فوضى وحملت في طياتها البغي والعدوان على كيان الدولة وحريات الآخرين.
فالحرية المطلقة تعني الفوضى، وقد تؤدي إلى العديد من الأضرار والاضطرابات التي تهدد كيان الدولة وبقاءها، كما تهدد الأفراد أيضا في حرياتهم وحقوقهم، لذلك كان لا بد من تنظيمها ووضع ضوابط تكفل في ممارستها حفاظاً عليها وعلى المجتمع وأفراده في آن واحد. نظرا للأهمية الشديدة والبالغة لحق الإنسان في حياته الخاصة حين يخلو إلى نفسه بعيداً عن أعين الناس، ويمارس حياته الخاصة بكل صورها وأشكالها بعيدا عن التقاليد الشائعة أو العادات المستحكمة.

مفهوم الحياة الخاصة أو الحق في الخصوصية

تعد محاولة إيجاد تعريف للحياة الخاصة أمرا بالغ الصعوبة حيث يترتب على وضع هذا التعريف قيد شديد على حرية الصحافة في نشر ما يعد من الحياة الخاصة، فضلا عن أنها فكرة مرنة وغير محددة، وتختلف باختلاف الزمان والمكان والأشخاص.ونرى أنه يصعب وضع تعريف محدد وجامع مانع للحياة الخاصة ذلك أن التعريف لا يكون إلا لشئ أو لفكرة ثابتة ومحددة أما الحياة الخاصة فهي فكرة مرنة ومتغيرة ونسبية.
وإن كان يصعب تحديد مدلولها- أي الحياة الخاصة- والإلمام بمعناها إلا أن ذلك لا يمنع أنها تتمتع بالحماية القانونية الكاملة في العديد من التشريعات حتى تظل منأى عن تدخل الغير وعن العلانية. بل إن القضاء قد استقر على ضرورة أن تحاط الحياة الخاصة بسياج وحائط يحميها من تدخل الغير واطلاعه عليها.

الحماية القانونية لحرمة الحياة الخاصة

لقد تناولت العديد من التشريعات هذا الأمر، سواء كانت تشريعات داخلية، أم اتفاقيات دولية وقع عليه الأردن، ومن أهم هذه التشريعات ما يلي:

1. الاتفاقات الدولية المتعلقة بحماية حرمة الحياة الخاصة:

أ. الإعلان العالمي لحقوق الإنسان: صدر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10/12/ 1948، وقد نصت المادة (12) منه على أن « لا يجوز تعريض أحد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة أو في شئون أسرته أو مسكنه أو مراسلاته أو لحملات تمس شرفه وسمعته، ولكل شخص الحق في أن يحميه القانون من مثل هذا التدخل أو تلك الحملات».
ب. الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية: بتاريخ 16 /9/ 1966 أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار رقم 2200 لسنة 1966 بالاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية وقد نصت هذه الاتفاقية في المادة (17) منها على: يجوز التدخل بشكل تعسفي أو غير قانوني في المسائل الخاصة بأي شخص أو عائلته أو بمسكنه أو بمراسلاته، كما لا يحوز التعرض بشكل غير قانوني لما يمس شرفه وسمعته. لكل شخص الحق في حماية القانون ضد مثل هذا التدخل أو التعرض))، وقد نصت المادة (46) من الاتفاقية على سريانها اعتباراً من 15 /5/ 1967، وتتمتع هذه الاتفاقية بقوة القانون وسلطانه بالنسبة للدول الموقعة عليها، وقد انضمت الأردن إلى هذه الاتفاقية.

وتعتبر الاتفاقيات الدولية مصدرا من مصادر المشروعية في الدولة، بعد التصديق عليها من الجهة المختصة، إذ أنها تصبح بعد التصديق جزءا من التشريع الداخلي، و تلتزم جميع السلطات العامة في الدولة جميعها باحترامها و النزول عند أحكامها، كما لا يستطيع الأفراد الخروج على حكمها، إذا كان في أحكامها ما يخاطب الإفراد، ونحن نجد بان الاتفاقات الدولية المستوفية لمراحلها القانونية تتمتع بمرتبه أعلى من مرتبة القانون العادي، ولها أولوية في التطبيق على القوانين العادية إن كانت تتعارض مع التشريع الداخلي، وذلك لان المادة (27) من اتفاقية فينا المتعلقة بقانون المعاهدات لسنة 1969 حظرت على الطرف الموقع على تلك الاتفاقية التمسك بإحكام قانونه الداخلي كمبرر لعدم تنفيذ معاهدة، و الأردن من الدول الموقعة على تلك الاتفاقية،وعليه فان قوة إلزام المعاهدات والاتفاقات تتعدى قوة إلزام القوانين العادية أي إنها في مرتبة أعلى من تلك القوانين.
وقد استقر اجتهاد محكمة التمييز الأردنية على ذلك حيث تقول في احد أحكامها (القضية رقم 2426/1999 الصادر بتاريخ 25/4/2000) ((… تعتبر الاتفاقيات الثنائية أو الدولية واجبة الإلزام ويجب العمل بها وهي اعلي مرتبه في التطبيق من القانون الداخلي في حال تعارضهما…)).

2. حماية الحق قي حرمة الحياة الخاصة في التشريع الداخلي:

نتناول موقف المشرع الدستوري ومن ثم موقف المشرع العادي:

أ. حماية الحق في حرمة الحياة الخاصة في الدستور الأردني: مما لا شك فيه أن حماية الحياة الخاصة في صلب مواد الدستور يعد ضمانة مهمة ودستورية للمواطنين، ويعطي قدسية للحياة الخاصة وسياج لها من أن ينال منها أو يمسها تشريع أو قانون، وذلك عملاً بمبدأ سمو الدساتير وما يترتب عليه من عدم جواز تقييد هذه الحياة الخاصة أو المساس بها بأية وسيلة وإلا كانت غير دستورية. وقد اهتم المشرع الدستوري الأردني اهتماماً بالغاً بالحياة الخاصة وذلك من أول دستور في الأردن، وهو دستور 1928 وحتى الدستور الحالي دستور 1952( لاسيما التعديلات الأخيرة) حيث نص على الأمور التالية:

1. تنص المادة (7) من الدستور على: 1.الحرية الشخصية مصونة 2. كل اعتداء على الحقوق والحريات العامة أو حرمة الحياة الخاصة للأردنيين جريمة يعاقب عليها القانون.
2. تنص المادة (10) من الدستور على: « للمساكن حرمة فلا يجوز دخولها ألا في الأحوال المبينة في القانون، وبالكيفية المنصوص عليها فيه.
3. تنص المادة (14) من الدستور على: تحمي الدولة حرية القيام بشعائر الأديان طبقاً للعادات المرعية في المملكة ما لم تكن مخلة بالنظام العام أو منافية للآداب.
4. تنص المادة (15) من الدستور على: تكفل الدولة حرية الرأي ولكل أردني أن يعبر عن رأيه بحرية القول والكتابة والتصوير وسائر وسائل التعبير بشرط أن لا يتجاوز حدود القانون.
5. تنص المادة (18) من الدستور على: تعتبر جميع المراسلات البريدية والبرقية والمخاطبات الهاتفية وغيرها من وسائل الاتصال سرية لا تخضع للمراقبة أو الإطلاع أو التوقيف أو المصادرة إلا بأمر قضائي وفق أحكام القانون.

فالمشرع الدستوري قد أورد في هذه النصوص بعض نماذج الحياة الخاصة، وأوجب حمايتها على سبيل المثال فقط، وليس الحصر، كما أن إيراد هذه الأمثلة في صلب الدستور لا يرجع لكونها أهم من غيرها من صور الحياة الخاصة، وإنما يرجع للحرص الشديد لدى المشرع على حماية وصيانة الحياة الخاصة بكل عناصرها مما جعله يذكر أمثلة لها دون حصر لها.
ومن المقرر قانوناً أنه إذا وضع اللفظ لمعنى واحد على سبيل الشمول والاستغراق، غدا منصرفاً إلى جميع أفراده من غير حصر في عدد معين، ومن ثم كان العام دالاً على الشمول والاستغراق ولا يخصص بغير دليل، فإذا خصص العام بغير دليل كان ذلك تأويلاً غير مقبول، ولازم ذلك أن يحمل كل نص تشريعي أفرغ في صيغة عامة على معنى الاستغراق حتى يقوم الدليل جلياً على تخصيصها. الأمر الذي يكون معه هذا النص الدستوري ينطوي على حماية وتقديس حرمة الحياة الخاصة بكل صورها ودون تخصيص.
ويلاحظ أن الحماية الدستورية لحرمة الحياة الخاصة التي قررتها نصوص الدستور، وكذلك حماية المراسلات والأحاديث الخاصة باختلاف وسائلها وصورها هي حماية لم يسبق لها مثيل من الدساتير الأردنية السابقة فرضتها ظروف التطور التكنولوجي في محال وسائل المراقبة والتصنت على الأحاديث الخاصة وتسجيلها الكترونياً مما أصبح يهدد أسرار الحياة الخاصة وحرمتها بخطر حقيقي إذا لم يستلهم المشرع الدستوري والجنائي روح العصر ويكفل حماية دستورية وجنائية في مواجهة أجهزة الدولة – في المقام الأول – لأنها تملك من الإمكانات والقدرات والأسباب المختلفة ما يسهم اقتحام حرمة الحياة الخاصة، وذلك فضلاً عن مواجهة اعتداء الأفراد على حقوق غيرهم في حرمة الحياة الخاصة.

ليس هذا فحسب بل أن المشرع الدستوري الأردني قد جرم الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة في صلب الدستور حيث نص في المادة (7) منه، وقد قرر المشرع في النص المشار إليه تجريم الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة للأفراد، وقد جاء النص عاما مطلقاً دون تحديد أو تخصيص وذلك ليشمل كل اعتداء سواء وقع من الأفراد أو من الصحافة أو السلطة على حد سواء. ويعد هذا النص بمثابة سياج واقي ضد الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة ليس له مثيل في الدساتير السابقة. ويؤكد هذا النص حرص المشرع الدستوري على صيانة كرامة الفرد وآدميته.

واجد أن المشرع الدستوري الأردني لم يكن بحاجة إلى إيراد تطبيقات الحياة الخاصة في صلب نصوص الدستور خصوصاً وإن ما أورده (حرية المسكن والمراسلات وغيرها) لا تشمل كل عناصر الحياة الخاصة فهناك من خصوصيات المرء ما يفوق أهميته تلك التطبيقات التي أوردها بالنص مثل الأمور المتصلة بالحياة الزوجية والعاطفية والحياة الصحية والصورة. و كان من الأولى بالمشرع الدستوري أن يبرز في نص عام ما لحياة المواطنين الخاصة من حرمة يحميها القانون، ثم يورد ما شاء له أن يورد من عناصر لهذا الحق في صلب النص، وإذا تعذر عليه تعداد كل ما يمكن أن يدخل في نطاق الخصوصية – خشية أن يتورط في إيراد تعريف غير جامع لكل تطبيقات الحق- فإنه كان بإمكانه أن يحيل إلى السلطة التشريعية لإضافة ما يمكن إدراجها ضمن عناصر الحياة الخاصة ومن ثم تخضع للقواعد القانونية المنظمة لها.
وبهذه النصوص الدستورية المتقدمة يكون المشرع الأردني قد وفر للحياة الخاصة حماية قوية وفعالة ومؤكدة ضد كل انتهاك واعتداء وهو ما يؤكد بجلاء أهمية الحفاظ على حرمة الحياة الخاصة وصيانتها ومكانتها العالية بين الحقوق والحريات الفردية الأخرى، وأن المشرع لم يتهاون مع أي مساس بها.

ب. حماية الحق في حرمة الحياة الخاصة في التشريعات العادية:

1. القانون المدني: ترتيباً على الأهمية الدستورية لحرمة الحياة الخاصة فقد سارع المشرع المدني الأردني ونص في المادة (48) منه على أن «لكل من وقع عليه اعتداء غير مشروع في حق من الحقوق الملازمة لشخصيته أن يطلب وقف هذا الاعتداء مع التعويض عما يكون قد لحقه من ضرر». وقد جاء هذا النص عاماً وشاملاً لأي اعتداء يقع على أي حق من الحقوق الملازمة للشخصية بما فيها الحق في الحياة الخاصة. وقد أورد هذا النص مبدأ مهماً هو حق من وقع اعتداء على حياته الخاصة في التعويض عما لحقه من ضرر.

2. قانون الاتصالات: تنص المادة (17) من قانون الاتصالات رقم (13) لسنة 1995 على: كل من نشر أو أشاع مضمون أي إتصال بواسطة شبكة إتصالات عامة أو خاصة أو رسالة هاتفية اطلع عليها بحكم وظيفته أو قام بتسجيلها دون سند قانوني يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على سنة أو بغرامة لا تقل عن (100) دينار ولا تزيد على (300) دينار أو بكلتا العقوبتين.

3. قانون العقوبات:
• حددت المادة (73) من ذات القانون وسائل العلانية:1 – بالأعمال والحركات إذا حصلت في محل عام أو مكان مباح للجمهور أو معرض للأنظار أو حصلت في مكان ليس من المحال المذكورة غير أنها جرت على صورة يستطيع معها أن يشاهدها أي شخص موجود في المحال المذكورة.2- الكلام أو الصراخ سواء جهر بهما أو نقلا بالوسائل الآلية بحيث يسمعها في كلا الحالين من لا دخل له في الفعل. 3- الكتابة والرسوم والصور اليدوية والشمسية والأفلام والشارات والتصاوير على اختلافها إذا عرضت في محل عام أو مكان مباح للجمهور، أو معرض للأنظار أو بيعت أو عرضت للبيع أو وزعت على أكثر من شخص.
• عرفت المادة (188) الذم بالقول هو إسناد مادة معينة إلى شخص – ولو في معرض الشك والاستفهام – من شأنها أن تنال من شرفه وكرامته أو تعرضه إلى بغض الناس واحتقارهم سواء أكانت تلك المادة جريمة تستلزم العقاب أم لا. كما عرفت القدح بالقول: هو الاعتداء على كرامة الغير أو شرفه أو اعتباره – ولو في معرض الشك والاستفهام – من دون بيان مادة معينة.
• عرفت المادة (190) التحقير بالقول: هو كل تحقير أو سباب – غير الذم والقدح – يوجه إلى المعتدى عليه وجهاُ لوجه بالكلام أو الحركات أو بكتابة أو رسم لم يجعلا علنيين أو بمخابرة برقية أو هاتفية أو بمعاملة غليظة.
• عاقبت المادة (191) من قانون العقوبات على فعل الذم: بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين إذا كان موجهاً إلى مجلس الأمة أو أحد أعضائه أثناء عمله أو بسبب ما أجراه بحكم عمله أو إلى إحدى الهيئات الرسمية أو المحاكم أو الإدارات العامة أو الجيش أو إلى أي موظف أثناء قيامه بوظيفته أو بسبب ما أجراه بحكمها. كما عاقبت المادة ( 193) على القدح بالحبس من شهر إلى ستة أشهر أو بغرامة من عشرة دنانير إلى خمسين ديناراً إذا كان موجهاً إلى من ذكروا في المادة (191). وعاقبت المادة (196) على التحقير بالحبس من شهر إلى ستة أشهر أو بغرامة من خمسين دينار إلى مائة دينار أو بكلتا هاتين العقوبتين معاً، إذا كان موجها إلى موظف أثناء قيامه بوظيفته أو من أجل ما أجراه بحكم الوظيفة، وإذا كان الموظف المعتدى عليه بالتحقير أثناء قيامه بوظيفته أو من أجل ما أجراه بحكم الوظيفة ممن يمارسون السلطة العامة كانت العقوبة من ثلاثة أشهر إلى سنة. وإذا وقع التحقير بالكلام آو الحركات التهديدية على قاض في منصة القضاء كانت العقوبة من ستة أشهر إلى سنتين.
• تنص المادة (209) من قانون العقوبات على: من اخبر السلطة القضائية أو أية سلطة يجب عليها إبلاغ السلطة القضائية عن جريمة يعرف أنها لم ترتكب، ومن كان سببا في مباشرة تحقيق تمهيدي أو قضائي باختلاقه أدلة مادية على جريمة كهذه، عوقب بالحبس مده لا تتجاوز ستة أشهر آو بغرامة لا تزيد على عشرة دنانير أو بكلتا هاتين العقوبتين.
• تنص المادة (210) من قانون العقوبات على: 1. من قدم شكاية أو إخبارا كتابيا إلى السلطة القضائية أو أية سلطة يجب عليها إبلاغ السلطة القضائية، فعزا إلى احد الناس جنحة أو مخالفة وهو يعرف براءته منها أو اختلق عليه أدلة مادية تدل على وقوع مثل هذا الجرم عوقب بحسب أهمية ذلك الإسناد بالحبس من أسبوع إلى ثلاث سنوات. 2. وإذا كان الفعل المعزو يؤلف جناية، عوقب المفتري بالإشغال الشاقة المؤقتة.
• تنص المادة (278) من قانون العقوبات: يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر أو بغرامة لا تزيد على عشرين دينارا كل من:1. نشر شيئا مطبوعا أو مخطوطا أو صورة أو رسما أو رمزا من شانه أن يؤدي إلى اهانة الشعور الديني لأشخاص آخرين أو إلى اهانة معتقدهم الديني، أو 2. تفوه في مكان عام وعلى مسمع من شخص آخر بكلمة أو بصوت من شانه أن يؤدي إلى اهانة الشعور أو المعتقد الديني لذلك الشخص الآخر..))
4. قانون المطبوعات و النشر رقم 8 لسنة 1998:
• تنص المادة ( 4) قانون المطبوعات و النشر على: تمارس الصحافة مهمتها بحرية في تقديم الإخبار والمعلومات والتعليقات وتسهم في نشر الفكر والثقافة والعلوم في حدود القانون وفي إطار الحفاظ على الحريات والحقوق والواجبات العامة واحترام حرية الحياة الخاصة للآخرين وحرمتها.
• تنص المادة(5) قانون المطبوعات و النشر على: على المطبوعة تحري الحقيقة والالتزام بالدقة والحيدة والموضوعية في عرض المادة الصحفية والامتناع عن نشر ما يتعارض مع مبادئ الحرية والمسؤولية الوطنية وحقوق الإنسان وقيم الأمة العربية والإسلامية.
• تنص المادة(7) قانون المطبوعات و النشر على: آداب مهنة الصحافة وأخلاقياتها ملزمة للصحفي، وتشمل: أ. احترام الحريات العامة للآخرين وحفظ حقوقهم وعدم المس بحرمة حياتهم الخاصة. ب. اعتبار حرية الفكر والرأي والتعبير والاطلاع حقا للصحافة والمواطن على السواء. ج. التوازن والموضوعية والنزاهة في عرض المادة الصحفية. د. الامتناع عن نشر كل ما من شانه التحريض على العنف أو الدعوة إلى إثارة الفرقة بين المواطنين بأي شكل من الإشكال.
وقد ذهب بعض الفقه إلى أن القوانين الجنائية هو الميدان الحقيقي لتنظيم الحماية الجنائية للحق في الحياة الخاصة، لأن حق الدولة في العقاب يحتاج إلى اتخاذ إجراءات معينة قد تنطوي على اعتداءات على حقوق الفرد.

هل التشريعات كافية أم لا ؟

من خلال استقراء النصوص القانونية المتقدمة نجد بان المشرع الأردني حاول جاهدا وضع نوع من التوازن ما بين حرية الصحافة و الحق في حماية الحياة الخاصة، ونجد بان تطبيق و تفعيل النصوص المتقدمة أمر كافي لمعالجة الأمر المبحوث عنه في مشروع تعديل لمادة (23) من قانون مكافحة الفساد، و سوف نتقدم للقاريء الكريم أهم الأسانيد والحجج التي تقودنا إلى هذا القول وهي:

1. من خلال النصوص الدستورية المتقدمة نجد بان المشرع الدستوري الأردني قد وفر للحياة الخاصة حماية قوية وفعالة ومؤكدة ضد كل انتهاك واعتداء وهو ما يؤكد بجلاء أهمية الحفاظ على حرمة الحياة الخاصة وصيانتها ومكانتها العالية بين الحقوق والحريات الفردية الأخرى، وأن المشرع لم يتهاون مع أي مساس بها.
2. كفلت الدولة بمقتضى المادة 15 من الدستور الأردني حرية الرأي والإعراب عنه بالقول والكتابة والتصوير وسائر وسائل التمييز ما دامت في حدود القانون. أوجبت المادة 5 من قانون المطبوعات والنشر على المطبوعات احترام الحقيقة والامتناع عن نشر ما يتعارض مع مبادئ الحرية والمسؤولية الوطنية وحقوق الإنسان وقيم الأمة العربية والإسلامية، وألزمت المادة 7 من ذات القانون الصحفي بالتوازن والموضوعية والنزاهة في عرض المادة الصحفية واحترام الحريات العامة للآخرين وحفظ حقوقهم وعدم المس بحرمة حياتهم الخاصة، وحددت المادة 47 عقوبة لكل مخالفة لأحكام قانون المطبوعات والنشر لم ينص عليها فيه.
3.أن نصوص قانون العقوبات الأردني السارية تحقق النتيجة المطلوبة حيث أن المادة (210) من قانون العقوبات المتعلقة بجرم الافتراء تتحدث عن تقديم «شكاية أو إخبارا كتابيا» إلى «السلطة القضائية أو أية سلطة يجب عليها إبلاغ السلطة القضائية» بحيث يعزو شخص إلى «احد الناس جنحة أو مخالفة وهو يعرف براءته منها» أو «يختلق عليه أدلة مادية.
4.أن نص المادة (209) والذي يعاقب على إختلاق الجرائم يغطي الحالة المطلوبة وهي «اغتيال الشخصية».
5.النصوص المتعلقة بالذم والقدح والتحقير الواردة في قانون العقوبات جرمت هذه الأفعال، وعاقبت عليها بالحبس لمدة سنتين في جريمة الذم إذا كان موجها إلى مجلس الأمة أو احد أعضائه إثناء عمله أو بسبب ما أجراه بحكم عمله أو إلى إحدى الهيئات الرسمية أو المحاكم أو الإدارات العامة أو الجيش أو إلى أي موظف أثناء قيامه بوظيفته أو بسبب ما أجراه بحكمها، و الأفعال المبحوث عنها في مشروع تعديل المادة (23) تقع في باب الذم والقدح والتحقير.
6.على الرغم من عدم توقع حجم الضرر النفسي والمعنوي (وربما المادي أيضا) الذي يمكن أن يلحق بشخص ما يتهم زورا وبهتانا بأنه فاسد وهو من هذا الفساد براء، إلا أن المشرع الأردني أجاز التعويض عن الضرر المادي و المعنوي الذي يلحق بالمضرور، ويقدر التعويض بقدر ما لحق المضرور من ضرر وما فاته من كسب، ويتناول حق التعويض الضرر الأدبي كذلك. فكل تعد على الغير في حريته أو في عرضه أو في شرفه أو في سمعته أو في مركزه الاجتماعي أو في اعتباره المالي يجعل المتعدي مسئولا عن الضمان وفقا لأحكام المادة ( 267) من القانون المدني.

* أستاذ القانون الإداري والدستوري المساعد كلية الحقوق – الجامعة الأردنية