الجريمة المتتابعة في ضوء قضاء النقض المصري

الطعن 15753 لســنة 84 ق جلسة 17 / 12 / 2014 مكتب فني 65 ق 132 ص 983

برئاسة السيد القاضي / وجيه أديب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / مجدي عبدالرازق ، عادل غازي ، حسام مطر ومحمود عمــر نواب رئيس المحكمة .
———–

نصب . جريمة ” أنواعها . الجريمة المتتابعة ” . تقادم . دعوى جنائية ” انقضاؤها بمضي المدة ” . دفوع ” الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة ” . حكم ” تسبيبه . تسبيب معيب ” .
الجريمة متلاحقة الأفعال المعتبرة وحدة في باب المسئولية الجنائية . ماهيتها ومناط تحققها ؟
جريمة النصب . بدء مدة التقادم فيها من آخر دفعة تسلمها الجاني من مال المجني عليه .
مثال لتسبيب معيب في اطراح الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة في حكم صادر بالإدانة بجريمة النصب .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن بيَّن واقعة الدعوى بما مفاده أن الطاعن في غضون عام 2008 حتى عام 2010 قام بالنصب على المدعي بالحق المدني بأن واهمه بإحضار مستثمر أجنبي لمشاركته في بناء مشروع سكني على أرض في مدينة …. مملوكة للمدعي بالحق المدني وقد استخدم الطاعن في سبيل ذلك طرقاً احتيالية بأن قدم كشف حساب وشهادة إيداع من بنك انجليزي تفيد إيداع المستثمر الأجنبي مبلغ خمسين مليون استرليني باسم المدعي بالحق المدني وقد استولى الطاعن من المدعي بالحق المدني على مبالغ مالية تقدر بحوالي 12 مليون جنيه كان المدعي بالحق المدني يقوم بتحويلها لحساب الطاعن بالبنك …. بعد أن واهمه الطاعن أنها رسوم إنهاء شهادات ورسوم بنكية لتحويل الأموال التي واهمه الطاعن بإيداع المستثمر الأجنبي لها في حساب المدعي بالحق المدني بالبنك الانجليزي ، ثم عرض الحكم للدفع بانقضاء الدعوى الجنائية ورد عليه في قوله ” ولما كانت جريمة النصب المثارة في الأوراق من الجرائم المستمرة وتستمر فترة من الزمن ، وكان الثابت بالأوراق أن الجريمة استمرت ما يقرب العامين من عام 2008 حتى عام 2010 على النحو الثابت بوقائعها وتكونت من أفعال متتابعة على النحو الذي سيرد سرده ، الأمر الذي ترى المحكمة معه أن هذا الدفع ليس له محل وتلتفت عنه المحكمة ” . لما كان ذلك ، وكان من المستقر عليه – في قضاء هذه المحكمة – أن الجريمة متلاحقة الأفعال التي تعتبر وحدة في باب المسئولية الجنائية هي التي تقع ثمرة لتصميم واحد يرد على ذهن الجاني في بادئ الأمر ، على أن يجزئ نشاطه على أزمنة مختلفة وبصورة منظمة بحيث يكون كل نشاط يُقبل به الجاني على فعل من تلك الأفعال متشابهاً أو كالمتشابه مع ما سبقه من جهة ظروفه ، وأن يكون بين الأزمنة التي ترتكب فيها هذه الأفعال نوع من التقارب حتى يناسب حملها على أنها جميعاً تكون جريمة واحدة . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في مقام الرد على الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة – على السياق المتقدم – مفاده أنه اعتبر الوقائع المسندة إلى الطاعن جريمة واحدة متتابعة الأفعال دون أن يبين ماهية الأفعال المتتابعة التي قام بها الطاعن والتي استند إليها الحكم في اعتبار الجريمة التي قارفها الطاعن متعددة الأفعال بدأت في عام 2008 حتى عام 2010 ، كما لم يبين تاريخ آخر إيداع نقدي تم تحويله لحساب الطاعن ، ولم يستظهر في مدوناته ما إذا كان الطاعن قد ارتكب الأفعال المسندة إليه في المرات التي تم فيها تحويل المبالغ النقدية من المدعي بالحق المدني لحساب الطاعن نتيجة قصد جنائي واحد ، وأنه لم يمض بين هذه الأفعال وقت زمني بعيد ؛ لبيان ما إذا كان ما ارتكبه المتهم جريمة واحدة أم جرائم وقتية متعددة وأثر ذلك على حساب مدة التقادم وبدء سريانها ؛ ذلك أن جريمة النصب تبدأ مدة التقادم فيها من آخر دفعة من مال المجني عليه تسلمها الجاني ، فإنه يكون معيباً بالقصور في الرد على الدفع متقدم المساق بما يوجب نقضه والإعادة ، بغير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمــت النيابة العامة الطاعن بوصف أنه : توصل للاستيلاء على المبالغ المالية المبينة بالأوراق والمملوكة للمجني عليه / …. باستعمال طرق احتيالية من شـأنها إيهامه بوجود مشروع كاذب وادعاء صفة كاذبة على خلاف الحقيقة حملت المجني عليه أن يُسلمه المبالغ المالية محل الدعوى وتمت بذلك جريمته ، وطلبت عقابه بالمادة 336/1 من قانون العقوبات ، ومحكمة جنح …. الجزئية قضت غيابياً بحبس المتهم ثلاث سنوات مع الشغل وكفالة ألفي جنيه لإيقاف التنفيذ . عارض المحكوم عليه في هذا الحكم ، وادعى المجني عليه مدنياً قِبل المتهم بمبلغ عشرة آلاف جنيه وواحد على سبيل التعويض المدني المؤقت ، كما ادعى المتهم مدنياً قِبل المدعي بالحقوق المدنية بادعاء مدني مقابل بمبلغ عشرة آلاف جنيه وواحد على سبيل التعويض المدني المؤقت ، وقضت ذات المحكمة في معارضته بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع برفضها وبتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه وألزمته بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ عشرة آلاف جنيه وواحد على سبيل التعويض المدني المؤقت ورفض الدعوى المدنية المقابلة . استأنف المحكوم عليه ، ومحكمة …. الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضورياً في استئنافه بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وبتأييد الحكم المستأنف .
فطعن الأستاذ / …. المحامي – بصفته وكيلاً عن المحكوم عليه – في هذا الحكم بطريق النقض … إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه – إذ دانه بجريمة النصب – قد شابه القصور في التسبيب ؛ ذلك بأن المحكمة اطرحت الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة استناداً إلى أن الجريمة المسندة إلى الطاعن من الجرائم متتابعة الأفعال دون أن تبين ماهية تلك الأفعال المتتابعة والتي تحقق بها معنى الاستمرار في الجريمة ، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
ومن حيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن بيَّن واقعة الدعوى بما مفاده أن الطاعن في غضون عام 2008 حتى عام 2010 قام بالنصب على المدعي بالحق المدني بأن واهمه بإحضار مستثمر أجنبي لمشاركته في بناء مشروع سكني على أرض في مدينة …. مملوكة للمدعي بالحق المدني وقد استخدم الطاعن في سبيل ذلك طرقاً احتيالية بأن قدم كشف حساب وشهادة إيداع من بنك انجليزي تفيد إيداع المستثمر الأجنبي مبلغ خمسين مليون استرليني باسم المدعي بالحق المدني وقد استولى الطاعن من المدعي بالحق المدني على مبالغ مالية تقدر بحوالي 12 مليون جنيه كان المدعي بالحق المدني يقوم بتحويلها لحساب الطاعن بالبنك …. بعد أن واهمه الطاعن أنها رسوم إنهاء شهادات ورسوم بنكية لتحويل الأموال التي واهمه الطاعن بإيداع المستثمر الأجنبي لها في حساب المدعي بالحق المدني بالبنك الانجليزي ، ثم عرض الحكم للدفع بانقضاء الدعوى الجنائية ورد عليه في قوله ” ولما كانت جريمة النصب المثارة في الأوراق من الجرائم المستمرة وتستمر فترة من الزمن ، وكان الثابت بالأوراق أن الجريمة استمرت ما يقرب العامين من عام 2008 حتى عام 2010 على النحو الثابت بوقائعها وتكونت من أفعال متتابعة على النحو الذي سيرد سرده ، الأمر الذي ترى المحكمة معه أن هذا الدفع ليس له محل وتلتفت عنه المحكمة ” . لما كان ذلك ، وكان من المستقر عليه – في قضاء هذه المحكمة – أن الجريمة متلاحقة الأفعال التي تعتبر وحدة في باب المسئولية الجنائية هي التي تقع ثمرة لتصميم واحد يرد على ذهن الجاني في بادئ الأمر ، على أن يجزئ نشاطه على أزمنة مختلفة وبصورة منظمة بحيث يكون كل نشاط يُقبل به الجاني على فعل من تلك الأفعال متشابهاً أو كالمتشابه مع ما سبقه من جهة ظروفه ، وأن يكون بين الأزمنة التي ترتكب فيها هذه الأفعال نوع من التقارب حتى يناسب حملها على أنها جميعاً تكون جريمة واحدة . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في مقام الرد على الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة – على السياق المتقدم – مفاده أنه اعتبر الوقائع المسندة إلى الطاعن جريمة واحدة متتابعة الأفعال دون أن يبين ماهية الأفعال المتتابعة التي قام بها الطاعن والتي استند إليها الحكم في اعتبار الجريمة التي قارفها الطاعن متعددة الأفعال بدأت في عام 2008 حتى عام 2010 ، كما لم يبين تاريخ آخر إيداع نقدي تم تحويله لحساب الطاعن ، ولم يستظهر في مدوناته ما إذا كان الطاعن قد ارتكب الأفعال المسندة إليه في المرات التي تم فيها تحويل المبالغ النقدية من المدعي بالحق المدني لحساب الطاعن نتيجة قصد جنائي واحد ، وأنه لم يمض بين هذه الأفعال وقت زمني بعيد ؛ لبيان ما إذا كان ما ارتكبه المتهم جريمة واحدة أم جرائم وقتية متعددة وأثر ذلك على حساب مدة التقادم وبدء سريانها ؛ ذلك أن جريمة النصب تبدأ مدة التقادم فيها من آخر دفعة من مال المجني عليه تسلمها الجاني ، فإنه يكون معيباً بالقصور في الرد على الدفع متقدم المساق بما يوجب نقضه والإعادة ، بغير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن .

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .