التعويض عن تفويت الفرصة في القانون المصري – اجتهادات قضائية

الطعن 7085 لسنة 63 ق جلسة 30 / 11 / 1995 مكتب فني 46 ج 2 ق 251 ص 1285

برئاسة السيد المستشار/ أحمد مدحت المراغي رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد حسن العفيفي، محمد محمد محمود نائبي رئيس المحكمة وأحمد عبد الرازق ومحمد درويش.
———–
– 1 تعويض ” الضرر المادي “. محكمة الموضوع ” سلطتها بالنسبة للمسئولية التقصيرية “. مسئولية ” الضرر المادي “.
تقدير التعويض . من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضى الموضوع . مناط ذلك . أن يكون قائما على أساس سائغ مردوداً إلى عناصره الثابتة بالأوراق ومتكافئا مع الضرر طالما لا يوجد في القانون نص يلزم باتباع معايير معينه في هذا الصدد . شمول التعويض ما لحق المضرور من خسارة وما فاته من كسب .
إن تقدير التعويض وإن كان من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع إلا أن مناط ذلك أن يكون هذا التقدير قائما على أساس سائغ مردودا إلى عناصره الثابتة بالأوراق متكافئا مع الضرر غير زائد عليه، وهو بذلك يشمل ما لحق المضرور من خسارة وما فاته من كسب، وأنه من اطلاقات قاضي الموضوع بحسب ما يراه مناسبا لجبر الضرر ما دام تقديره قائما على أسباب سائغة تبرره، ولا يوجد في القانون نص يلزمه بإتباع معايير معينة في هذا الصدد.
– 2 إثبات ” اجراءات الاثبات. في ندب الخبراء “. محكمة الموضوع ” سلطتها بالنسبة لمسائل الإثبات “.
تقدير عمل أهل الخبرة . من سلطة محكمة الموضوع له الأخذ بتقرير الخبير كله أو ببعض ما جاء به واطراح بعضه الآخر وفق ما تطمئن إليه .
المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تقدير عمل أهل الخبرة من سلطة محكمة الموضوع التي لها أن تأخذ بتقرير الخبير كله كما لها أن تأخذ ببعض ما جاء به وتطرح بعضه إذ هي لا تقضي إلا على أساس ما تطمئن إليه.
– 3 التزام “من مصادر الالتزام . القانون”.
التزام طالبي البناء بتوفير أماكن مخصصة لإيواء السيارات بالمبنى المطلوب الترخيص بإقامته يتناسب عددها مع المساحة اللازمة لها والغرض من المبنى . ق 106 لسنة 1976 ولائحته التنفيذية . سريان الالتزام في حالة البناء بدون ترخيص .
إن أحكام قانون توجيه وتنظيم أعمال البناء الصادر برقم 1976/106 ولائحته التنفيذية الصادرة بقرار السيد وزير الإسكان رقم 1977/237 وقرار السيد محافظ الإسكندرية رقم 1982/159 الصادر في 1982/6/15 قبل وقوع النزاع قد ألزمت طالبي البناء بتوفير أماكن مخصصة لإيواء السيارات يتناسب عددها مع المساحة اللازمة لها ومع الغرض من المبنى المطلوب الترخيص بإقامته الأمر المنطبق على العقار محل النزاع ولا يجدي المستأنف عليه تحديه بأنه أقام البناء بدون ترخيص إذ أن مؤدى ذلك أن المالك الذي يحصل على ترخيص بالبناء يلتزم بأحكام القانون بينما من خالفه وأقام البناء بدون ترخيص يكون بمنأى عن أحكامه وهو أمر غير مقبول.
– 4 تعويض ” الضرر المطالب بالتعويض عنه . التعويض عن تفويت الفرصة”. مسئولية ” الضرر . الفرصة الفائتة”.
إدخال تفويت الفرصة ضمن عناصر الضرر . هو كسب فائت إذا كان المضرور يأمل لأسباب مقبولة الحصول عليه .
أن تفويت الفرصة وإن يجيز للمضرور أن يطالب بالتعويض عنه على أن يدخل في عناصره ما كان المضرور يأمل في الحصول عليه من كسب من وراء تحقيق هذه الفرصة إلا أن ذلك مشروط بأن يكون هذا الأمل قائما على أسباب مقبولة من شأنها طبقا للمجرى العادي للأمور ترجيح كسب فوته عليه العمل الضار غير المشروع.
———–
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 4068/1985 مدني الإسكندرية الابتدائية على الطاعنين بطلب الحكم بإلزامهم بأن يؤدوا إليه متضامنين مبلغ 1050000 مليون وخمسين ألف جنيه وما يستجد اعتبارا من 1/7/1985 بواقع ألف جنيه في اليوم الواحد وذلك تعويضا له عما لحق به أضرار ثبتت في دعوى إثبات الحالة رقم 1594/1982 مدني مستعجل الإسكندرية نتيجة سلب الطاعنين لحيازته لمحلين من المحلات الثلاثة التي يحوزها حيازة صحيحة والتي كان ينوي إنشاء بقالة في إحداها فقاموا بتحويله إلى حظيرة للسيارات مما أدى بهم إلى إتلاف المواد الأولية التي كان قد أحضرها لإتمام ما شرع فيه واستولوا على مواد أخرى كان يودعها فيها لإنشاء عقار له مما ترتب عليه تعطيل رأسماله فضلا عن إتلافهم لسيارته وتعطيل استعمالها، وبتاريخ 28/1/1987 حكمت المحكمة بإلزام الطاعنين متضامنين بأن يؤدوا إلى المطعون ضده مبلغ 1025000 مليون وخمسة وعشرين ألف جنيه استأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 469/43 ق كما رفع المطعون ضده استئنافا فرعيا بطلب الحكم بزيادة مبلغ التعويض، وبتاريخ 23/3/1988 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 1943/58 ق وبتاريخ 29/1/1989 نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلى محكمة استئناف الإسكندرية فقام الطاعنون بتعجيل الاستئناف وبتاريخ 7/7/1993 عادت المحكمة وحكمت بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية بالطعن الماثل وبتاريخ 29/12/1994 نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وحددت جلسة لنظر الموضوع وأمرت بضم الدعوى رقم 1594 سنة 1982 مدني مستعجل جزئي الإسكندرية، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بإلزام الطاعنين بأداء مبلغ التعويض الذي تقدره المحكمة.
————-
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن سبق قبوله شكلا.
وحيث إن المقرر أن تقدير التعويض وإن كان من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع إلا أن مناط ذلك أن يكون هذا التقدير قائما على أساس سائغ مردودا إلى عناصره الثابتة بالأوراق متكافئا مع الضرر غير زائد عليه، وهو بذلك يشمل ما لحق المضرور من خسارة وما فاته من كسب، وأنه من إطلاقات قاضي الموضوع بحسب ما يراه مناسبا لجبر الضرر ما دام تقديره قائما على أسباب سائغة تبرره، ولا يوجد في القانون نص يلزمه بإتباع معايير معينة في هذا الصدد.
وحيث إنه عن بيان الأضرار التي لحقت بالمستأنف عليه من جراء ما ثبت في حق المستأنفين من غصب حيازته للمحلين الواقعين بالدور الأرضي بالعقار محل النزاع بتاريخ 30/7/1982 وحسبما ثبت من الحكم الصادر في الاستئناف رقم 185/42ق الإسكندرية والذي قضى برد الحيازة له، فقد أثبت خبير دعوى إثبات الحالة 1594/1982 مستعجل جزئي الإسكندرية – المنضمة – في تقريره عناصر الضرر الآتية:
(1) وجود تلفيات بالأبواب الخشبية قيمة إصلاحها يتكلف 300 جنيه.
(2) وجود تلفيات بسيارة المستأنف عليه رقم 64352 ملاكي الإسكندرية قيمة إصلاحها يتكلف 200 جنيه.
(3) تكاليف انتقالات للمستأنف عليه بسبب حبس سيارته المذكورة بسيارات المستأنفين مبلغ 2400 جنيه عن المدة من 30/7/1982 وحتى تمام معاينة الخبير في 18/10/1982.
(4) تلفيات أخرى بتلك السيارة لحقت بحقيبتها (والكاوتش) لم يقدر لها تكاليف إصلاح بتقريره الملحق.
(5) استعمال بلاط فاخر بكمية 240م2 بسعر المتر 10 جنيه، 20م3 رمل تبليط الجراج كانت مخصصة لأرضية المتجر “السوبر ماركت” تقدر قيمتها الإجمالية بما فيها تكاليف إزالتها 3000 جنيه بتقريره الملحق.
(6) تكاليف تعطيل رأس المال المتمثل في حرمانه من استغلال “المتجر” المزمع إنشاؤه وبناء العقار المجاور نتيجة حرمانه من المحل المخصص لتشوين المعدات المعمارية ومواد البناء تقدر بمبلغ 1000 ألف جنيه في اليوم الواحد.
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تقدير عمل أهل الخبرة من سلطة محكمة الموضوع التي لها أن تأخذ بتقرير الخبير كله كما لها أن تأخذ ببعض ما جاء به وتطرح بعضه إذ هي لا تقضي إلا على أساس ما تطمئن إليه، وكانت المحكمة لا تطمئن إلى ما جاء بتقرير خبير دعوى إثبات الحالة بالنسبة لتكاليف انتقالات المستأنف عليه بسبب حبس سيارته المشار إليها بسيارات المستأنفين إذ جاءت الأوراق خلوا من ثمة دليل مقبول يثبت هذا الاحتباس وأن ما أثير بشأن وجود سيارات للمستأنفين منعت المستأنف عليه من إخراجها واستعمالها بما يفترض أنهم تركوا سياراتهم دون استعمال في هذا الوضع وهو أمر غير مستساغ ولم يقم عليه ثمة دليل في الأوراق مما يتعين معه استبعاد هذا العنصر من عناصر التعويض، كما أنها لا تطمئن أيضا لما جاء بتقرير الخبير بشأن عنصر الضرر عن تعطيل المستأنف عليه عن بناء العمارة الخلفية، إذ أن ما أورده في هذا الشأن من أن ذلك كان بسبب حبس المستأنفين مواد البناء ومعداته عن المستأنف عليه كان بغير دليل في الأوراق مما يتعين معه استبعاد هذا العنصر من عناصر التعويض، كما أنها لا تطمئن لما جاء بتقرير الخبير بشأن عنصر الضرر عن تعطيل المستأنف عليه عن استكمال مشروع المتجر “السوبر ماركت” الذي شرع في إقامته بأحد المحلين نتيجة سلب حيازته له، ذلك أن أحكام قانون توجيه وتنظيم أعمال البناء الصادر برقم 106/1976 ولائحته التنفيذية الصادرة بقرار السيد وزير الإسكان رقم 237/1977 وقرار السيد محافظ الإسكندرية رقم 159/1982 الصادر في 15/6/1982 قبل وقوع النزاع قد ألزمت طالبي البناء بتوفير أماكن مخصصة لإيواء السيارات يتناسب عددها مع المساحة اللازمة لها ومع الغرض من المبنى المطلوب الترخيص بإقامته الأمر المنطبق على العقار محل النزاع ولا يجدي المستأنف عليه تحديه بأنه أقام البناء بدون ترخيص إذ أن مؤدى ذلك أن المالك الذي يحصل على ترخيص بالبناء يلتزم بأحكام القانون بينما من خالفه وأقام البناء بدون ترخيص يكون بمنأى عن أحكامه وهو أمر غير مقبول، فضلا عن أن الثابت من الصورة الرسمية لعقد البيع المسجل رقم 267/1984 الإسكندرية وكذا الصورة الرسمية لعقد البيع المسجل رقم 1340/1983 الإسكندرية – المرفقين – المتضمنين بيع المستأنف عليه لشقتين من شقق عقار النزاع أن الدور الأرضي مخصص كجراج وهو ما يفيد إقراره بأن الدور الأرضي مخصص كجراج، يؤيد ذلك ما جاء بكتاب الإدارة الهندسية بحي شرق الإسكندرية رقم 1895/1/15 ص بتاريخ 2/8/1993 المرفق من عدم جواز ترخيص الدور الأرضي بعقار النزاع من جراج إلى نشاط تجاري طبقا للقانون 25/1992 وقرار السيد المحافظ رقم 17/1987، وترتيبا على ذلك فإنه يستحيل على المستأنف عليه تحويل الدور الأرضي إلى متجر بما فيه المحل موضوع النزاع لما ينطوي ذلك على مساءلته قانونا مما مفاده أنه لم تكن هناك فرصة قد فاتت من جراء عدم استغلاله هذا المحل كمتجر “سوبر ماركت” أدى فواتها إلى إلحاق ضرر به يوجب التعويض لأن تفويت الفرصة وإن كان يجيز للمضرور أن يطالب بالتعويض عنه على أن يدخل في عناصره ما كان المضرور يأمل في الحصول عليه من كسب من وراء تحقيق هذه الفرصة إلا أن ذلك مشروط بأن يكون هذا الأمل قائما على أسباب مقبولة من شأنها طبقا للمجرى العادي للأمور ترجيح كسب فوته عليه العمل الضار غير المشروع، ومن ثم فإن المحكمة تستبعد هذا العنصر من عناصر التعويض إلا أنها تقدر له بمبلغ 30000 جنيه ثلاثين ألف جنيه تعويضا له عن فوات فرصته في استغلال المحلين موضوع النزاع الاستغلال المناسب المتفق وأحكام القانون. كما وأن المحكمة لا تطمئن لما جاء بتقرير الخبير من أن المستأنف عليه لحقته خسارة تقدر بمبلغ 3000 ثلاثة آلاف جنيه تمثل ثمن البلاط الفاخر والرمل الذي استعمله المستأنفون في تبليط الجراج والذي كان قد خصصه لتكسية أرضية المتجر بما فيه تكاليف إزالته فإنه وحسبما تقدم آنفا من ثبوت استحالة استغلال هذا المحل كمتجر وكان الطاعنون قد استعملوا هذه المواد في تكسية أرضية هذا المحل الخاص بالمستأنف عليه واستعماله كجراج وهو الاستعمال المقرر له قانونا فإن هناك فائدة تعود عليه من هذا العمل وإن كانت تقل عن المبلغ الذي قدره خبير الدعوى ولا يسع هذه المحكمة إلا أن تقدر للمطعون ضده مبلغ 1500 ألف وخمسمائة جنيه يلزم الطاعنين بأدائها إليه.
وحيث إن المحكمة تعول على باقي عناصر الضرر الذي أوردها تقرير الخبير مضيفة إليها مبلغ 100 مائة جنيه كتعويض عن تلفيات سيارة الطاعن المشار إليها والتي لم يقدر لها ثمة تكاليف إصلاح، ومن ثم تكون جملة المبالغ التي يلزم المستأنفون بأدائها إلى المستأنف عليه كتعويض له عن الأضرار التي لحقت به نتيجة غصب حيازته للمحلين موضوع النزاع وهو مبلغ مقداره 32100 أثنى وثلاثون ألف ومائة جنيه.
وحيث إن الحكم المستأنف قد خالف هذا النظر مما يتعين معه القضاء بتعديله إلى مبلغ 32100 أثنى وثلاثين ألف ومائة جنيه يلزم المستأنفون بأدائها إلى المستأنف عليه.
حيث إنه عن المصاريف فيلزم المستأنفون بالمناسب منها عملا بحكم المواد 184/1، 186، 240 من قانون المرافعات.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .