ما هو التزوير المعنوي بالمحرر الرسمي ؟​

​- لقد بينت محكمة الجنايات أن جريمة التزوير المنصوص عليها بالمادة 257 من قانون الجزاء تتحقق بمجرد تغيير الحقيقة بالمحرر بإحدى الوسائل التي نص عليها القانون، وأن يكون التغيير من شأنه أن يولد الاعتقاد بأنه مطابق للحقيقة، وبنية استعمال المحرر فيما غيرت من أجله الحقيقة، وبصرف النظر عن الباعث على ذلك، وحتى ولو لم يتحقق ضرر يلحق شخصا بعينه، لأن هذا التغيير ينتج عنه حتما حصول ضرر بالمصلحة العامة، لما يترتب عليه من عبث بالمحررات الرسمية ينال من قيمتها وحجيتها والثقة بها في نظر الجمهور، والمناط في رسمية الورقة في خصوص جريمة التزوير أن يكون محررها موظفا عموميا مختصا بمقتضى وظيفته بكتابتها أو بالتداخل في هذه الكتابة .

ما هو التزوير المعنوي ؟

خلافاً للتزوير المادي الذي يقتصر على تحريف الشكل او الظاهر الخارجي للمحرر ، يتناول التزوير المعنوي تشويه مضمون المستند أي موضوعه وظروفه ، ان التزوير المعنوي لا يكتشف من خلال علامات او آثار مادية ظاهرة بل لتضمّن المستند بيانات و تصريحات كاذبة .

ان اثبات التزوير المعنوي الباطني لا يتم بالاستعانة بالخبرة الفنية على غرار التزوير المادي بل باللجوء الى التحقيقات والاستجوابات والاستماع الى الشهود فضلا عن اعتماد بداية البيانات الخطية والقرائن ، فالمقصود اثبات عدم صحة واقعة كاذبة : جميع الوسائل متاحة .

تتألف جريمة التزوير المعنوي من ثلاثة اركان : مادي و معنوي و ضرر.

– يتمحور الركن المادي حول خصائص المستند موضوع التزوير المعنوي الذي يقتضي ان تتوفر فيه الشروط الآتية :

1-الكتابة .
2-تحريف الحقيقة اي استبدالها بغيره .
3-وقوع التحريف على الحقيقة المطابقة للقانون بمعزل عن الحقيقة الواقعية
4-قابلية المستندات لتشكيل قوة اثبات تجاه الغير .
5-يتوجب لاضفاء الصفة الرسمية على السند موضوع التزوير الجنائي ان يصدر عن موظف عام حقيقي او حكمي ، مختص نوعياً او مكانياً واثناء قيامه بالوظيفة .

الركن المعنوي :

يعتبر التزوير المعنوي جريمة قصدية : تحريف متعمد للحقيقة . يقسم القصد الجنائي الى قصد عام وقصد خاص .

القصد العام يتضمن عنصرين : العلم والإرادة

العنصر الاول :

يعني علم الجاني بأنه يغير الحقيقة بإحدى الطرق المحددة قانونا إلاّ اذا ثبت جهله بأنه يغير الحقيقة مثل الكاتب العدل الذي اعدّ بيع عقار ممسوح من دون ان يعلم بأن الوكيل البائع قد جرى عزله من الوكالة.

اما العنصر الثاني :

الإرادة فتعني انصراف الجاني الى فعل تغيير الحقيقة أي تضمين المستند تصريحات كاذبة . بمعنى آخر ان الإرادة هي السلوك الجرمي ونتائجه . اما القصد الخاص فهو الرغبة باستعمال الورقة المزوّرة بهدف الغش واحداث الضرر اي ان يستهدف الفاعل استعمال المخطوط عندما فكر وانتهى من التزوير.

يبقى ان نشير الى ركن الضرر:

الركن الجوهري الثالث لقيام جريمة التزوير المعنوي التي لا تكتمل إلاّ بتحققه . ويكتفى بالضرر الإحتمالي اي كيفية الإحتجاج بالمستند المزوّر لدى الغير بمعزل عن استعمال المزوّر.

وبالنسبة إلى إثبات الضرر يلاحظ أن التزوير في المحررات الرسمية مفترض، لأن هذا النوع من المحررات يتعين أن تعبر عن الحقيقة. فإذا خالفت الحقيقة كان هناك احتمال لحدوث ضرر للمصلحة العامة , فمن زور شهادة بكالوريوس صادرة من جامعة حكومية يرتكب جريمة التزوير حتى ولو لم يقدمها إلى أي جهة . فلا تقع جريمة التزوير إلاّ إذا كان هناك ضـرر محتمـل من التزوير فلا يلزم وقوع ضرر معين . فمن قدم شيك مزور للمحكمة وكشف الخبير أنه مزور ورفضت الدعوى ، فإن ذلك لا يحول دون وقوع جريمة التزوير لأنه كان من المحتمل أن يقبل في المحكمة وتحكم به على المدعى عليه .

الصورة الغالبة للتزوير المعنوي :

يمكن ان تستوعب صور التزوير المعنوي كافة اي إثبات وقائع كاذبة على أنها صحيحة او وقائع غير معترف بها على أنها معترف بها … او بتحريف أي واقعة اخرى بإغفال امر او إيراده على وجه غير صحيح .

ملاحظة :

الورقة العرفية إذا تأشر عليها من موظف عام أصبحت محرر رسمي .

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .