لو تفحصنا قانون ضريبة الدخل العراقي رقم 113 لسنة 1982 المعدل فإننا لم نجد نصاً يعالج إيراد تأجير المنقولات في أثناء نصوص القانون من حيث خضوعها للضريبة او عدمه ، ومع ذلك فإن الإيرادات المتحققة من ممارسة هذه الأعمال تخضع للضريبة لسببين(1):-

1- أن شراء المنقولات سواء أكان ذلك بقصد إيجارها كما هي ، أم بعد إجراء تعديلات تؤدي الى تحويلها الى شكل آخر ، يدخل بطبيعته ضمن الأعمال التجارية وهي تخضع لضريبة الدخل العراقي استناداً الى نص الفقرة (1) من المادة (2) من قانون ضريبة الدخل العراقي رقم 113 لسنة 1982 المعدل والتي تنص على إخضاع ( أرباح الأعمال التجارية …) لضريبة الدخل ولدى الرجوع الى القانون التجاري ، العراقي رقم (30) لسنة 1984 نجد أنه نص على إخضاع شراء واستئجار الأموال منقولة كانت أو عقاراً لأجل بيعها أو إيجارها لضريبة الدخل (2) .

2- لو إفترضنا أن مدخولات إيجار الأموال المنقولة لا تخضع لضريبة الدخل لأنها لاتعد من قبيل الأعمال التجارية وهذا الأمر ليس صحيحاً لأنه يتعارض مع أحكام نصوص القانون التجاري ، لذلك سوف يخضع لضريبة الدخل استناداً الى الفقرة (6) من المادة (2) من قانون ضريبة الدخل العراقي والتي تنص على أن (كل مصدر غير معفي بقانون وغير خاضع لأية ضريبة في العراق …الخ) يخضع لضريبة الدخل ، لذا فإن تأجير المنقولات يعتبر دخلاً خاضعاً للضريبة كونه يعد من قبيل الأرباح التجارية فضلاً عن أنه تم تأكيده استناداً الى الفقرة (6) من المادة (2) من قانون ضريبة الدخل العراقي النافذ . وحتى يعد تأجير المنقولات عملاً تجارياً يتطلب الأمر توافر الشروط الآتية(3) :-

1- أن يكون هناك شراء أو استئجار .

2- أن يكون الشراء منصباً على منقول أو عقار .

3- أن يكون الشراء لأجل البيع أو الإيجار .

4- أن يكون القصد من وراء هذه العملية تحقيق الربح .

والسؤال الذي يطرح نفسه هو ما الحكم إذا قام الشخص بإجراء تعديلات على المنقول ( أي تحويله من شكل الى آخر وإجراء تعديل عليه) لاستعماله في مجالات أخرى ؟ للإجابة عن هذا التساؤل لابد من الرجوع الى القانون التجاري ففي ظل قانون التجارة رقم 149 لسنة 1970 الملغى لم يكن الأمر ذا أهمية لكون القانون لم يفرق فيما إذا كانت المنقولات قد تم بيعها أو تأجيرها بذاتها ( أي بنفس الحالة التي كانت عليه عند الشراء) ، أو فيما إذا تم بيعها أو تأجيرها بعد إجراء تحويل عليها وهما يؤيد ذلك نص الفقرة (1) من المادة (13) من قانون التجارة العراقي الملغي التي تنص على (شراء المنقولات أياً كان نوعها بقصد بيعها أو تأجيرها بذاتها أو بعد تهيئتها في صورة أخرى) . أم في ظل القانون الحالي فقد جاء النص مخالفاً لنص القانون السابق إذ نصت الفقرة (1) من المادة (5) منه على (شراء أو استئجار الأموال منقولة كانت أم عقاراً لأجل بيعها أو إيجارها) يتضح من النص أن المشرع قصد شراء أو استئجار الاموال المنقولة لأجل بيعها أو إيجارها عملاً تجارياً ، ولم يقصد من ذلك ما سار عليه القانون السابق الذي ساوى بين عملية البيع أو الإيجار بحالته السابقة أو بعد إجراء عملية التحويل في الشكل . ولو أراد المشرع ذلك لنص عليه صراحةً في القانون ، فضلاً عن عدم حذف تلك العبارة (بعد تهيئتها في صورة أخرى) والقول بغير ذلك يؤدي الى التداخل مع الصنائع (النشاط الصناعي) التي هي في حقيقتها شراء مواد أولية وبيعها بعد تصنيعها أو إيجارها ومع ذلك فإن المشرع التجاري تدارك الأمر في القانون الحالي عند ما نص في الفقرة (4) من المادة (5) على اعتبار (الصناعة وعمليات استخراج المواد الأولية) من الأعمال التجارية . وعليه فإن هذه الأرباح تخضع لضريبة الدخل سواء أكانت بالحالة ذاتها أم بعد تصنيعها ، لكون كلا الحالتين أعمالاً تجارية . ويعد من قبيل تأجير المنقولات إيجار الكراسي والأواني والآلات والمكائن والسيارات ووسائط النقل الأخرى . ولكن ما الحكم إذا قام أحد الأشخاص بتأجير عقار مجهز ببعض الأموال المنقولة كالآلات والمكائن أو كالشقق المفروشة للإجابة عن ذلك يمكن القول(4). أن بدل الإيجار السنوي أو الشهري ينقسم الى جزأين :

الجزء الأول : -يمثل بدل الإيجار للعقار نفسه ، وهذا بدوره يخضع لضريبة العقار ولا يخضع لضريبة الدخل .

الجزء الثاني :- يمثل بدل إيجار المنقولات ، وهذا يخضع لضريبة الدخل أما عن موقف التشريعات الضريبية المقارنة فهي كما يأتي :-

أولاً :- موقف التشريع الضريبي الأردني :-

أخضع المشرع الضريبي الأردني إيراد تأجير المنقولات لضريبة الدخل وعدها من قبيل الأعمال التجارية التي نصت عليها الفقرة (أ/1) من المادة (3) من قانون ضريبة الدخل الأردني رقم 57 لسنة 1985 المعدل التي نصت على اخضاع ( أرباح أو مكاسب أي عمل أو أي حرفة أو تجارة أو مهنة أو صنعة …) لضريبة الدخل حتى ولو تمت لمرة واحدة بمعنى عدم اشتراط التكرار والاحتراف ومهما كانت صفة القائم بها سواء أكان تاجراً أم غير ذلك ، وقد أيد القضاء الأردني ذلك في قرار محكمة التمييز الأردنية رقم 553/82 بتاريخ 15/9/1982 الذي جاء فيه : (أن الشركة المكلفة تتعاطى شراء وبيع الحاسبات الالكترونية فإن الدخل الذي جنته من هذا العمل يعتبر خاضعاً للضريبة)(5).

ثانياً :- موقف التشريع الضريبي المصري :-

نصت المادة (19) من قانون ضريبة الدخل المصري رقم 187 لسنة 1993 على أن (تسري الضريبة على الأرباح الناتجة من تأجير محل تجاري أو صناعي سواء شمل الإيجار كل أو بعض عناصره المادية أو المعنوية كما وتسري الضريبة على الأرباح الناتجة من تأجير الآلات الميكانيكية والكهربائية والألكترونية)(6). . كما نصت المادة (23) من القانون ذاته على أن (تسري الضريبة على الأرباح الناتجة من تأجير أية وحدة سكنية مفروشة. أو جزء منها سواء أكانت معدة للسكن أم لمزاولة نشاط تجاري أو صناعي …) . يتضح من النصين أن المشرع الضريبي المصري قد أخضع إيرادات تأجير المنقولات لضريبة الدخل باعتبارها من الأرباح التجارية والصناعية ونص عليها صراحةً في نصوص القانون .

ثالثاً :- موقف التشريع الضريبي السوري :-

أخضع المشرع الضريبي السوري إيراد تأجير المنقولات لضريبة الدخل باعتبارها تدخل ضمن إيرادات المهن والحرف الصناعية والتجارية وغير التجارية إذ نص في البند (28) من الفقرة (أ) من المادة (2) من قانون ضريبة الدخل السوري رقم 24 لسنة 2003 على إخضاع (مهنة تأجير وإعادة تأجير المنشآت الصناعية والتجارية والحرفية والمهنية أو بعض أصولها) . يتضح من كل ما تقدم أن غالبية التشريعات الضريبية قد أخضعت الأرباح المتحققة من تأجير المنقولات لضريبة الدخل باعتبار هذا الإيراد يمثل أحد مكونات عنصر أرباح النشاط التجاري والصناعي ومن ثم يمثل أحد عناصر تكوين وعاء ضريبة الدخل .

_______________________

[1]- د. صالح يوسف عجينة ، مصدر سابق ، ص142 وما بعدها .

2- الفقرة (1) من المادة (5) من قانون التجارة العراقي النافذ .

3- جهاد سعيد خصاونة ، مصدر سابق ، ص ص160-161 .

4- د. صالح عجينة ، مصدر سابق ، ص143 .

5- مشار اليه في : جهاد سعيد خصاونة ، مصدر سابق ، ص162 .

6- وكذلك الفقرة (5) من المادة (19) من القانون رقم (91) لسنة 2005

المؤلف : عبد الباسط علي جاسم الزبيدي
الكتاب أو المصدر : وعاء ضريبة الدخل في التشريع الضريبي العراقي
الجزء والصفحة : ص265-267

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .