الايداع مع التخصيص لصالح البائع وحده في القانون المدني المصري – اجتهادات قضائية  

الطعن 2068 لسنة 60 ق جلسة 28 / 12 / 1994 مكتب فني 45 ج 2 ق 322 ص 1723

برئاسة السيد المستشار/ مصطفى حسيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ شكري العميري، عبد الصمد عبد العزيز وعبد الرحمن فكري نواب رئيس المحكمة وسعيد فهمي.
————–
– 1 بيع “الوفاء بالثمن”. حجز. بطلان. “بطلان الحجز”. دعوى “دعوى صحة التعاقد”. التزام “انقضاء الالتزام بالوفاء: الوفاء بالعرض والإيداع”.
إيداع المشتري باقي الثمن – بعد عرضه – على ذمة الفصل في دعوى صحة ونفاذ العقد. إيداع مع التخصيص لصالح البائع وحده. مقتضاه. عدم جواز توقيع دائني المشتري الآخرين الحجز على المبلغ المودع أو مشاركة البائع فيه مشاركة غرماء. لا يغير من ذلك أن يكون الحجز قبل قبول العرض أو قبل صدور الحكم بصحته طالما أن المشتري ظل متمسكاً بما عرضه ولم يسترده. توقيعهم الحجز. مؤداه. بطلانه.
إيداع المشتري لباقي الثمن – بعد عرضه – خزانة المحكمة على ذمة الفصل في دعواه بصحة ونفاذ العقد هو في جوهره نوع من الإيداع مع التخصيص يتم لصالح البائع وحده. فلا يجوز لغيره من دائني المشتري الآخرين أن يوقعوا الحجز على المبلغ المودع أو يشاركونه فيه مشاركة الغرماء ولو كان هذا الحجز قبل قبوله العرض وقبل صدور الحكم بصحته طالما أن المشتري ظل متمسكاً بما عرضه ولم يكن قد رجع فيه أو استرده. فإذا أوقع أحد من هؤلاء الدائنين حجزاً بالرغم من ذلك كان الحجز باطلا ولا أثر له على صحة هذا الإيداع.
– 2 حكم. “قصور”. نقض. “سلطة محكمة النقض”.
قصور الحكم المطعون فيه في الرد على دفاع قانوني. لمحكمة النقض أن تستكمل أسبابه القانونية طالما أنه قد انتهى إلى النتيجة الصحيحة.
لا يفسد الحكم مجرد القصور في الرد على دفاع قانوني للخصم إذ بحسب المحكمة أن يكون حكمها صحيح النتيجة قانونا ولمحكمة النقض أن تستكمل أسبابه القانونية بما ترى استكماله به إذا ما شابها خطأ أو قصور.
——–
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 10459 لسنة 1987 مدني جنوب القاهرة الابتدائية على الطاعن بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 1985/8/9 والتسليم، وقال بياناً لها أنه بموجب هذا العقد اشترى من الطاعن حصة مقدارها 20ط، 19/1س 5 في كامل أرض وبناء العقار الموضح بالأوراق لقاء ثمن إجمالي مقداره 29000 جنية، سدد منها مبلغ 18000 جنية واتفق على سداد الباقي عند التوقيع على العقد النهائي وإذ امتنع الطاعن عن اتخاذ الإجراءات اللازمة لنقل ملكية المبيع إليه فقد أقام الدعوى وأودع باقي الثمن خزانة المحكمة على ذمة الفصل فيها.
وبتاريخ 1988/1/12 حكمت المحكمة بصحة ونفاذ عقد البيع موضوع الدعوى مع التسليم كما أقام الطاعن الدعوى رقم 8760 لسنة 1987 مدني جنوب القاهرة الابتدائية على المطعون ضده بطلب الحكم بفسخ عقد البيع ذاته استناداً إلى عدم سداده باقي الثمن، وأضاف إلى طلباته طلباً – عارضاً – بإلزامه بأن يؤدي له مبلغ 20000 جنيه كتعويض عن الأضرار التي لحقت به نتيجة لعدم وفائه بباقي الثمن في ميعاد استحقاقه. وبتاريخ 1987/1/18 حكمت المحكمة بفسخ عقد البيع وبرفض طلب التعويض. استأنف المطعون ضده الحكم الصادر في الدعوى الأخيرة بالاستئنافين رقمي 2123، 2208 سنة 105 ق القاهرة كما استأنف الطاعن الحكم الصادر في الدعوى الأولى بالاستئناف رقم 889 سنة 105 ق القاهرة، وأقام الاستئناف الفرعي رقم 10960 سنة 105 ق عن الحكم الصادر برفض طلبه العارض، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافات الأربعة حكمت بتاريخ 1990/3/15 في الاستئنافين رقمي 899، 10960 سنة 105 ق القاهرة بتأييد الحكم المستأنف، وفي الاستئنافين رقمي 2123، 2208 سنة 105 ق القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.

———–
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعي بها الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب، وفي بيانها يقول أنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الاستئناف بأن قيام المطعون ضده بعرض باقي الثمن وإيداعه خزانة المحكمة لا يعد وفاء مبرئاً للذمة لأن المبلغ المعروض قد تم الحجز عليه من جانب محامي المطعون ضده قبل قبوله العرض أو صدور حكم نهائي بصحة إجراءاته، وإذ رفض الحكم هذا الدفع الجوهري واعتبر أن هذا العرض مبرئ للذمة بمقولة أنه كان بلا قيد أو شرط، وهو ما لا يصلح أن يكون رداً عليه، ورتب على ذلك قضائه برفض دعوى الفسخ وبصحة ونفاذ عقد البيع موضوع التداعي فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن إيداع المشتري لباقي الثمن – خزانة المحكمة على ذمة الفصل في دعواه بصحة ونفاذ العقد هو في جوهره نوع من الإيداع مع التخصيص يتم لصالح البائع وحده. فلا يجوز لغيره من دائني المشتري الآخرين أن يوقعوا الحجز على المبلغ المودع أو يشاركونه فيه مشاركة الغرماء ولو كان هذا الحجز قبل قبوله العرض وقبل صدور الحكم بصحته، طالما أن المشتري ظل متمسكاً بما عرضه ولم يكن قد رجع فيه أو استرده، فإذا أوقع أحد من هؤلاء الدائنين حجزاً بالرغم من ذلك كان الحجز باطلاً ولا أثر له على صحة هذا الإيداع.
لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن المطعون ضده عرض على الطاعن أمام محكمة أول درجة باقي الثمن ثم أودعه خزينة المحكمة على ذمة الفصل في الدعوى – ملتزماً في ذلك حكم المادتين 487، 488 من قانون المرافعات – وظل متمسكاً بهذا العرض طوال مراحلها دون أن يرجع فيه أو يسترده، فإن ما يثيره الطاعن بشأن الحجز المتوقع من محامي المطعون ضده على باقي الثمن المعروض تحت يد قلم الودائع وفاء لدين أتعابه لا ينال من صحة هذا الإيداع ولو كان ذلك الحجز قبل قبول الطاعن للعرض وقبل صدور الحكم بصحته، وإذ كان ذلك، وكان لا يفسد الحكم مجرد القصور في الرد على دفاع قانوني للخصم إذ بحسب المحكمة أن يكون حكمها صحيح النتيجة قانوناً ولمحكمة النقض أن تستكمل أسبابه القانونية بما ترى استكماله به إذا ما شابها خطأ أو قصور، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى سديداً إلى الاعتداد بإجراءات عرض وإيداع المطعون ضده لباقي الثمن واعتبرها وفاء مبرئاً للذمة وخلص من ذلك إلى القضاء برفض دعوى الفسخ وبصحة ونفاذ عقد البيع موضوع التداعي، فإن النعي عليه بالقصور لعدم مواجهته دفاع الطاعن في هذا الخصوص يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .