الاكراه المبطل للرضا في التعاقد وفقاً لأحكام القانون المدني المصري – اجتهادات محكمة النقض

الطعن 3186 لسنة 58 ق جلسة 8 / 12 / 1994 مكتب فني 45 ج 2 ق 294 ص 1567

برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد بدر الدين المتناوي، فتيحة قرة، محمد الجابري نواب رئيس المحكمة وماجد قطب.
————–
– 1 عقد “عيوب الإرادة: الإكراه: تقدير الإكراه”. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الأدلة”.
الإكراه المبطل للرضا. بتهديد المتعاقد بخطر جسيم محدق بنفسه أو بماله أو باستعمال وسائل ضغط لا قبل له باحتمالها أو التخلص منها ويكون من نتيجة ذلك حصول رهبة تحمله علي الإقرار بقبول مالم يكن ليقبله اختياراً.
نص المادة 127 من القانون المدني يدل على أن الإكراه المبطل للرضا لا يتحقق – وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض – إلا بتهديد المتعاقد المكره بخطر جسيم محدق بنفسه أو بماله أو باستعمال وسائل ضغط أخرى لا قبل له باحتمالها أو التخلص منها، ويكون من نتيجة ذلك حصول رهبة تحمله على الإقرار بقبول ما لم يكن ليقبله اختياراً ويجب أن يكون الضغط الذي يتولد عنه في نفس المتعاقد الرهبة غير مستند إلى حق وهو يكون كذلك الهدف الوصول إلى شيء غير مستحق وحتى ولو سلك في سبيل ذلك وسيلة مشروعة.
– 2 عقد “عيوب الإرادة: الإكراه: تقدير الإكراه”. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الأدلة”.
تقدير وسائل الإكراه ومبلغ جسامتها وتأثيرها في مسلك العاقد من الأمور الواقعية التي تستقل بها محكمة الموضوع دون رقابة محكمة النقض. شرطه. إقامة قضاؤها على أسباب سائغة مع مراعاة جنس من وقع عليه الإكراه و سنه وحالته الاجتماعية.
تقدير وسائل الإكراه ومبلغ جسامتها وتأثيرها في مسلك العاقد من الأمور الواقعية التي تستقل بالفصل فيها محكمة الموضوع مراعية في ذلك جنس من وقع عليه الإكراه وسنه وحالته الاجتماعية وكل ظرف آخر من شأنه أن يؤثر في جسامة الإكراه. دون رقابة من محكمة النقض متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه لم ير في استدعاء المطعون ضده الثالث بصفته وكيل الطاعنين للتوقيع على عقد الإيجار المؤرخ 1966/1/27 المحرر عن عين النزاع ومفوضا منهم في ذلك ما يحقق وسيله الإكراه التي تعيب إرادته أو إرادتهم وانتهى في أسبابه إلى نفي تعرضه للإكراه على سند من أن استدعائه بواسطة شقيقه للتوقيع على عقد الإيجار المحرر مسبقا لدى أمين الاتحاد الاشتراكي بالفيوم لا يعد بذاته وسيلة ضغط أو إكراه تعيب إدارته أو تبعث في نفسه الرهبة والخوف سيما وأنه من كبار المحامين وعلى علم ودراية بما يكلفه القانون له من ضمانات في هذا الخصوص تجعله بمنأى عن سطوة السلطة الإدارية، وأن مثله لا تأخذه رهبة ولا خوف من مجرد الاستدعاء خاصة وأن الاستدعاء عن طريق أمين الاتحاد الاشتراكي في ذاته لا يسلبه حرية العقد والاختيار فيكون التوقيع الصادر منه على عقد الإيجار قد صدر عن إرادة حرة مختارة بما ينفي القول بأن توقيعه على عقد الإيجار تم تحت تأثير الإكراه خاصة وأنه لم يزعم أو أحدا من الطاعنين أنه وقع تحت سلطان رهبة قائمة على أساس دون حق بعثها في نفسه أمين الاتحاد الاشتراكي المتعاقد الآخر.
– 3 تقادم “وقف التقادم”. دستور “سريانه”. قانون.
تقدير زوال المانع كسبب لوقف التقادم. م 382 مدني. من سلطة محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة.
إذ كان لا يكفي في هذا الصدد العبارات العامة التي أوردها المطعون ضده الثالث والطاعنين عن الظروف العامة التي كانت سائدة بالدولة في ذلك الوقت إذ أن تلك الظروف – على فرض حصول الإكراه – كما هو معلوم للكافة قد تغيرت بقيام ثورة التصحيح في 15 مايو سنة 1971 وصدور الدستور الدائم للبلاد في 11/9/1971، وصدور قانون الحريات رقم 37 لسنة 1972 في 28/9/1972 – ومع ذلك لم ترفع الدعوى إلا في 27/11/1977 بعد زوال الإكراه بأكثر من ثلاث سنوات وهو ما قرره الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه وهو تقدير سائغ لزوال المانع الذي يعتبر سبباً لوقف التقادم وفقاً لأحكام المادة 382 من القانون المدني.
– 4 تقادم “وقف التقادم”. دستور “سريانه”. قانون.
الدعوى الجنائية و المدنية الناشئة عن الاعتداء على الحريات عدم سقوطها بالتقادم. م75 من الدستور. الاعتداء على حق الملكية وحق الملك في تأجير ملكه لا يندرج تحت نص المادة المذكورة.
النص في المادة 57 من الدستور على عدم سقوط الدعوى الجنائية والمدنية الناشئة عن الاعتداء على الحريات أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين وغيرها من الحقوق والحريات العامة بالتقادم لا يندرج تحته وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض – الاعتداء على حق الملكية وبالتالي حق المالك في تأجير ملكه.
– 5 إثبات “طلب التحقيق”. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الأدلة”.
طلب إحالة الدعوى للتحقيق ليس حقاً للخصوم يتحتم إجابتهم إليه في كل حالة. لمحكمة الموضوع أن ترفض الإجابة إليه متى رت بما لها من سلطة تقديرية عدم حاجتها إليه أو أنه غير مجد.
لما كان طلب إحالة الدعوى للتحقيق ليس حقا للخصوم يتحتم إجابتهم إليه في كل حالة بل هو متروك لمحكمة الموضوع فلها أن ترفض الإجابة إليه بما لها من سلطة التقدير ألا حاجة بها إليه أو أنه غير مجد بالنظر لظروف الدعوى.
– 6 إيجار “إيجار الأماكن: الإخلاء للتنازل عن الإيجار”. أحزاب “دمج الأحزاب: الشخصية الاعتبارية للأحزاب”. حكم “تسبيبه”. قانون “سريان القانون”.
وجوب اشتمال النظام الداخلي للحزب القواعد التي تنظم شئونه السياسية و التنظيمية و المالية والإدارية وفق أحكام القانون رقم 40 لسنة 1977 وخاصة قواعد وإجراءات الحل والإدماج الاختياري للحزب و تصفية أمواله و الجهات التي تؤول إليها هذه الأموال. م 5 من القانون المشار إليه.
النص في الفقرة الأولى من المادة الخامسة من القانون رقم 40 لسنة 1977 الخاص بنظام الأحزاب السياسية قد جرى على أنه يجب أن يشمل النظام الداخلي للحزب القواعد التي تنظم كل شئونه السياسية والتنظيمية والمالية والإدارية بما يتفق وأحكام هذا القانون ويجب أن يتضمن هذا النظام بصفة خاصة ما يأتي …… سابعا قواعد وإجراءات الحل والإدماج الاختياري للحزب وينظم تصفية أمواله والجهات التي تؤول إليها هذه الأموال – كما نصت المادة التاسعة من ذات القانون على أن يتمتع الحزب بالشخصية الاعتبارية ونصت المادة 16 على أن يخطر أمين اللجنة المركزية الوزير المختص بالتنظيمات الشعبية والسياسية بكتاب موصى عليه بعلم الوصول بأي قرار يصدره الحزب بتغيير رئيسه أو بحل الحزب أو اندماجه ونفاذا لذلك وضع حزب مصر العربي الاشتراكي لائحة بنظامه الأساسي ونص في المواد أرقام 91، 92، 104 منها على أن يكون للمؤتمر العام للحزب أن يقرر بأغلبية ثلثي أعضائه حل الحزب أو دمجه في غيره وأن تؤول أموال الحزب واستراحاته في حالة دمجه إلى الحزب الذي أدمج فيه وفق النص وبذات الأوضاع التي يحددها قرار المؤتمر العام وإلى أن يتم تشكيل المستويات التنظيمية للحزب وفق القواعد المبينة في هذا النظام يتولى المكتب السياسي للحزب اختصاصات المؤتمر العام كما نصت الفقرة الرابعة من المادة 20 من ذات القانون – على أن يكون الأمين العام للاتحاد الاشتراكي العربي أمينا للجنة المركزية.
– 7 إيجار “إيجار الأماكن: الإخلاء للتنازل عن الإيجار”. أحزاب “دمج الأحزاب: الشخصية الاعتبارية للأحزاب”. حكم “تسبيبه”. قانون “سريان القانون”.
الأحزاب السياسية المصرح بها تتمتع بالشخصية الاعتبارية. أثر ذلك.
نصت المادة 30 من القانون رقم 40 لسنة 1977 على أن تستمر قائمة التنظيمات السياسية الثلاث الحالية وهي 1 – حزب مصر العربي الاشتراكي 2 – حزب الأحرار الاشتراكيين 3 -حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي وتتمتع بالشخصية الاعتبارية.
– 8 إيجار “إيجار الأماكن: الإخلاء للتنازل عن الإيجار”. أحزاب “دمج الأحزاب: الشخصية الاعتبارية للأحزاب”. حكم “تسبيبه”. قانون “سريان القانون”.
تنازل الاتحاد الاشتراكي عن حق إيجار الأماكن التي يشغلها إلي أي من الأحزاب و إحدى وحدات الجهاز الإداري للدولة أو إحدى الهيئات العامة أو غيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة وفقاً لحكم المادة 31 ق 40 لسنة 1977. شرط ذلك. أثره.
نصت المادة 31 من القانون رقم 40 لسنة 1977 على أن يحدد بقرار من أمين اللجنة المركزية طبقا للقواعد التي تضعها اللجنة ما يؤول إلى الأحزاب المشكلة طبقا لأحكام هذا القانون من أموال هذا الاتحاد خلال ستين يوما من تاريخ العمل به – ويجوز بقرار من أمين اللجنة المركزية التنازل عن حق إيجار الأماكن التي يشغلها الاتحاد المذكور إلى أي من الأحزاب المشار إليها أو إلى غيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة وطبقا للقواعد التي تضعها اللجنة المركزية وتحل الجهة التي يصدر القرار بالتنازل إليها طبقا لأحكام الفقرة السابقة بقوة القانون محل الاتحاد المذكور.
– 9 إيجار “إيجار الأماكن: الإخلاء للتنازل عن الإيجار”. أحزاب “دمج الأحزاب: الشخصية الاعتبارية للأحزاب”. حكم “تسبيبه”. قانون “سريان القانون”.
قضاء الحكم المطعون فيه برفض إخلاء العين المؤجرة للتنازل عن الإيجار استناداً إلي نقل حق إجارة العين إلي الحزب الوطني وفقاً لأحكام القانون رقم 145 لسنة 1980 المعمول به اعتباراً من 14/7/ 1980 دون بيان سنده في ذلك ورغم أن التنازل تم من أمين عام الاتحاد الاشتراكي إلي حزب مصر العربي الاشتراكي ثم منه إلي الحزب الوطني الديمقراطي قبل صدور ذلك القانون. مخالف للقانون وخطأ في تطبيقه.
لما كان الثابت من الواقع المطروح في الدعوى أنه قد صدر أولا قرار أمين عام الاتحاد الاشتراكي رقم 116 في 1977/10/22 بالتنازل عن مقر الاتحاد الاشتراكي بمحافظة الفيوم – عين النزاع – إلى حزب مصر العربي الاشتراكي وثانيا – صدر قرار المكتب السياسي لهذا الحزب رقم 2 لسنة 1978 بدمجه في الحزب الوطني الديمقراطي ونص في المادة الثانية من ذلك القرار على أن تؤول كافة أموال الحزب والتزاماته إلى الحزب الوطني الديمقراطي وقد تم ذلك في ظل العمل بالقانون رقم 40 لسنة 1977 وقبل صدور القانون رقم 145 لسنة 1980 في شأن الأموال التي كانت مملوكة للاتحاد الاشتراكي العربي والذي نص في المادة الأولى منه على أن تؤول إلى مجلس الشورى ملكية الأموال العقارية والمنقولة وملحقاتها جميعا والتي كانت مملوكة للاتحاد الاشتراكي العربي وتنظيماته فإذا أقام الحكم المطعون فيه قضائه برفض إخلاء العين المؤجرة للتنازل عن الإيجار على أساس أنه تم نقل حق إجارة العين إلى الحزب الوطني الديمقراطي استنادا إلى القانون رقم 145 لسنة 1980 المعمول به من تاريخ 1980/7/14 ولم يبين الحكم سنده في هذا القضاء برغم أن التنازل عن الإيجار تم من أمين عام الاتحاد الاشتراكي إلى حزب مصر العربي الإشتراكي ثم من الحزب الأخير إلى الحزب الوطني الديمقراطي وكان ذلك قبل صدور القانون رقم 145 لسنة 1980 فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وخالف الثابت بالأوراق وقد حجبه ذلك عن بحث مدى صحة التنازل الصادر من الاتحاد الاشتراكي العربي عن إيجار عين النزاع إلى حزب مصر العربي الاشتراكي ومدى صحة إجراءات الدمج التي تمت بين حزب مصر العربي الاشتراكي والحزب الوطني الديمقراطي.
———
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن الطاعنين أقاموا على المطعون ضدهم الدعوى رقم 8089 لسنة 1977 أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم ببطلان وإنهاء عقد الإيجار المؤرخ 10/1/1966 الصادر من المطعون ضده الأخير بتأجير العقار محل النزاع مقرا للاتحاد الاشتراكي مع التسليم – وقالوا في بيان ذلك – أن وكيلهم المطعون ضده الأخير قام بتأجير العقار – محل النزاع إلى الاتحاد الاشتراكي لاستعماله مقرا له بموجب عقد الإيجار سالف البيان وقد وقع وكيلهم المطعون ضده الأخير على العقد بغير إرادة حرة في التأجير وإنما كان تحت تأثير الإكراه فلم يحمل العقد مقومات الإيجار وإنما كان غصبا بما يوصمه بعدم الصحة – كما تجاوز وكيلهم حدود الوكالة في التوقيع على العقد وأضافوا سببا ثالثا هو تنازل الاتحاد الاشتراكي عن العين المؤجرة إلى حزب مصر العربي الذي تنازل بدوره إلى المطعون ضده الثاني دون موافقة المؤجر فأقاموا الدعوى، فقضت المحكمة برفض الدعوى، استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئنافين رقمي 4111، 4316 لسنة 102 ق القاهرة وبتاريخ 23/6/1988 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعنون على هذا الحكم بطريق النقض – وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن، على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
————-
المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعنون بالأسباب الثلاثة الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم المطعون فيه استند في نفي الإكراه الذي وقع على وكيلهم المطعون ضده الثالث بمقولة تناقض أقواله أمام محكمتي الموضوع إذ نفى أمام محكمة أول درجة صدور تفويض له بينما قرر أمام محكمة الاستئناف بأن التفويض مدسوس عليه – رغم عدم التناقض بين العبارتين، وإنه كان لاستدعائه عن طريق شقيقه والضغوط التي تعرض لها سيما وأنهم تعرضوا لبعض الإجراءات التعسفية مثل الاعتقال وفرض الحراسة على أموالهم ومصادرتها وتحديد الإقامة والفصل من العمل والعزل السياسي فأثر ذلك عليه وجعله تحت تأثير الرهبة والخوف عند استدعائه للتوقيع على عقد الإيجار بمعرفة أمين الاتحاد الاشتراكي بالفيوم بصفته وكيلا عن الطاعنين، هذا إلى أن عدم اعتراضه على العقد ورفع دعوى بإبطاله وعدم المساس بحريته لا ينفي وقوع الإكراه ويكفيهم عدم تقديم التفويض المدعى به وبرغم تمسكهم بحصول الإكراه والتعدي على حريتهم عملا بالمادة 57 من الدستور والمادة 127 من القانون المدني إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل هذا الدفاع ولم يعن بتحقيقه وذهب إلى تقادم دعوى البطلان برغم استمرار ظروف التعسف من رجال السلطة في الدولة مما يعتبر سببا لوقف سريان مدة التقادم فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبا مستوجبا نقضه.
وحيث إن النعي بهذه الأسباب غير مقبول ذلك أن النص في المادة 127 من القانون المدني على أنه “يجوز إبطال العقد للإكراه إذا تعاقد شخص تحت تأثير سلطان رهبة بعثها المتعاقد الآخر في نفسه دون حق وكانت قائمة على أساس” يدل على أن الإكراه المبطل للرضا لا يتحقق وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة إلا بتهديد المتعاقد المكره بخطر جسيم محدق بنفسه أو بما له أو باستعمال وسائل ضغط أخرى لا قبل له باحتمالها أو التخلص منها ويكون من نتيجة ذلك حصول رهبة تحمله على الإقرار بقبول ما لم يكن ليقبله اختيارا ويجب أن يكون الضغط الذي يتولد عنه في نفس المتعاقد الرهبة غير مستند إلى حق وهو يكون كذلك إذا كان الهدف الوصول إلى شيء غير مستحق حتى ولو سلك في سبيل ذلك وسيلة مشروعة وأن تقدير وسائل الإكراه ومبلغ جسامتها وتأثيرها في مسلك العاقد من الأمور الواقعية التي تستقل بالفصل فيها محكمة الموضوع مراعية في ذلك جنس من وقع عليه الإكراه وسنه وحالته الاجتماعية وكل ظرف آخر من شأنه أن يؤثر في جسامة الإكراه. دون رقابة من محكمة النقض متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه لم ير في استدعاء المطعون ضده الثالث بصفته وكيل الطاعنين للتوقيع على عقد الإيجار المؤرخ 27/1/1966 المحرر عن عين النزاع ومفوضا منهم في ذلك ما يحقق وسيلة الإكراه التي تعيب إرادته أو إرادتهم وانتهى في أسبابه إلى نفي تعرضه للإكراه على سند من أن استدعائه بواسطة شقيقه للتوقيع على عقد الإيجار المحرر مسبقا لدى أمين الاتحاد الاشتراكي بالفيوم لا يعد بذاته وسيلة ضغط أو إكراه تعيب إرادته أو تبعث في نفسه الرهبة والخوف سيما وأنه من كبار المحامين وعلى علم ودراية بما يكفله القانون له من ضمانات في هذا الخصوص تجعله بمنأى عن سطوة السلطة الإدارية وأن مثله لا تأخذه رهبة ولا خوف من مجرد الاستدعاء خاصة وأن الاستدعاء عن طريق أمين الاتحاد الاشتراكي في ذاته لا يسلبه حرية القصد والاختيار فيكون التوقيع الصادر منه على عقد الإيجار قد صدر عن إرادة حرة مختارة بما ينفي القول بأن توقيعه على عقد الإيجار تم تحت تأثير الإكراه خاصة وأنه لم يزعم أو أحدا من الطاعنين أنه وقع تحت سلطان رهبة قائمة على أساس دون حق بعثها في نفسه أمين الاتحاد الاشتراكي المتعاقد الآخر. ولا يكفي في هذا الصدد العبارات العامة التي أوردها المطعون ضده الثالث والطاعنين عن الظروف العامة التي كانت سائدة بالدولة في ذلك الوقت إذ أن تلك الظروف – على فرض حصول الإكراه – كما هو معلوم للكافة قد تغيرت بقيام ثورة التصحيح في 15 مايو سنة 1971 وصدور الدستور الدائم للبلاد في 11/9/1971، وصدور قانون الحريات رقم 37 لسنة 1972 في 28/9/1972 – ومع ذلك لم ترفع الدعوى إلا في 27/11/1977 بعد زوال الإكراه بأكثر من ثلاث سنوات وهو ما قرره الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه وهو تقدير سائغ لزوال المانع الذي يعتبر سببا لوقف التقادم وفقا لأحكام المادة 382 من القانون المدني هذا إلى أن النص في المادة 57 من الدستور على عدم سقوط الدعوى الجنائية أو المدنية الناشئة عن الاعتداء على الحريات أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين وغيرها من الحقوق والحريات العامة بالتقادم لا يندرج تحته وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – الاعتداء على حق الملكية وبالتالي حق المالك في تأجير ملكه. لما كان ذلك وكان طلب إحالة الدعوى للتحقيق ليس حقا للخصوم يتحتم إجابتهم إليه في كل حالة بل هو متروك لمحكمة الموضوع فلها أن ترفض الإجابة إليه بما لها من سلطة التقدير ألا حاجة بها إليه أو أنه غير مجد بالنظر لظروف الدعوى ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بما ورد بهذه الأسباب لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في سلطة محكمة الموضوع لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ومخالفة الثابت بالأوراق وفي بيان ذلك يقولون إنهم تمسكوا في طلبهم بالإخلاء إلى تنازل المستأجر الأصلي الاتحاد الاشتراكي عن العين المؤجرة إلى حزب مصر العربي الاشتراكي وأن هذا الأخير قد تنازل بدوره عنها إلى المطعون ضده الثاني – الحزب الوطني الديمقراطي – مخالفا للحظر الوارد في العقد والقانون وقد أغفل الحكم المطعون فيه الفصل في طلبهم وذهب إلى أن الاتحاد الاشتراكي العربي ظل قائما حتى صدور القانون رقم 145 لسنة 1980 الذي نص على أيلولة الأموال العقارية والمنقولة وملحقاتها المملوكة للاتحاد الاشتراكي إلى مجلس الشورى وقد تم نقل حق إجارة العين محل النزاع من مجلس الشورى إلى الحزب الوطني الديمقراطي طبقا لأحكام هذا القانون وهو قول ليس له صدى في الأوراق هذا إلى أن أحكام هذا القانون لا تنصرف على الأعيان والعقارات المملوكة للغير والمؤجرة إلى الاتحاد الاشتراكي فلا يعتبر مجلس الشورى خلفا له في العين المؤجرة والثابت بالأوراق أن حزب مصر العربي الاشتراكي قد شغل تلك العين بمقتضى القرار رقم 116 لسنة 1977 الصادر من الأمين الأول للاتحاد الاشتراكي وكان ذلك قبل صدور القانون رقم 145 لسنة 980 قبل قيام الحزب الوطني الديمقراطي في 31/8/1978 وركن في ذلك إلى أحكام القانون 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية – مما يعيب الحكم بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ومخالفة الثابت بالأوراق مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن النص في الفقرة الأولى من المادة الخامسة من القانون رقم 40 لسنة 1977 الخاص بنظام الأحزاب السياسية قد جرى على أنه يجب أن يشمل النظام الداخلي للحزب القواعد التي تنظم كل شئونه السياسية والتنظيمية والمالية والإدارية بما يتفق وأحكام هذا القانون ويجب أن يتضمن هذا النظام بصفة خاصة ما يأتي ….. سابعا قواعد وإجراءات الحل والإدماج الاختياري للحزب وينظم تصفية أمواله والجهات التي تؤول إليها هذه الأموال – كما نصت المادة التاسعة من ذات القانون على أن يتمتع الحزب بالشخصية الاعتبارية ونصت المادة 16 على أن يخطر أمين اللجنة المركزية الوزير المختص بالتنظيمات الشعبية والسياسية بكتاب موصى عليه بعلم الوصول بأي قرار يصدره الحزب بتغيير رئيسه أو بحل الحزب أو اندماجه ونفاذا لذلك وضع حزب مصر العربي الاشتراكي لائحة بنظامه الأساسي ونص في المواد أرقام 91، 92، 104 منها على أن يكون للمؤتمر العام للحزب أن يقرر بأغلبية ثلثي أعضائه حل الحزب أو دمجه في غيره وأن تؤول أموال الحزب واستراحاته في حالة دمجه إلى الحزب الذي أدمج فيه وفق النص وبذات الأوضاع التي يحددها قرار المؤتمر العام وإلى أن يتم تشكيل المستويات التنظيمية للحزب وفق القواعد المبينة في هذا النظام بتولي المكتب السياسي للحزب اختصاصات المؤتمر العام – كما نصت الفقرة الرابعة من المادة 20 من ذات القانون – على أن يكون الأمين العام للاتحاد الاشتراكي العربي أمينا للجنة المركزية – كما نصت المادة 30 على أن تستمر قائمة التنظيمات السياسية الثلاث الحالية وهي 1- حزب مصر العربي الاشتراكي 2- حزب الأحرار الاشتراكيين 3- حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي – وتتمتع بالشخصية الاعتبارية، كما نصت المادة 31 على أن يحدد بقرار من أمين اللجنة المركزية طبقا للقواعد التي تضعها اللجنة ما يؤول إلى الأحزاب المشكلة طبقا لأحكام هذا القانون من أموال هذا الاتحاد خلال ستين يوما من تاريخ العمل به – ويجوز بقرار من أمين اللجنة المركزية التنازل عن حق إيجار الأماكن التي يشغلها الاتحاد المذكور إلى أي من الأحزاب المشار إليها أو إلى إحدى وحدات الجهاز الإداري للدولة أو إحدى الهيئات العامة أو إلى غيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة وطبقا للقواعد التي تضعها اللجنة المركزية وتحل الجهة التي يصدر القرار بالتنازل إليها طبقا لأحكام الفقرة السابقة بقوة القانون محل الاتحاد المذكور.
وحيث إن الثابت من الواقع المطروح في الدعوى أنه قد صدر أولا قرار أمين عام الاتحاد الاشتراكي رقم 116 في 22/10/1977 بالتنازل عن مقر الاتحاد الاشتراكي بمحافظة الفيوم – عين النزاع – إلى حزب مصر العربي الاشتراكي وثانيا صدر قرار المكتب السياسي لهذا الحزب رقم 2 لسنة 1978 يدمجه في الحزب الوطني الديمقراطي – ونص في المادة الثانية من ذلك القرار على أن تؤول كافة أموال الحزب والتزاماته إلى الحزب الوطني الديمقراطي وقد تم ذلك في ظل العمل بالقانون رقم 40 لسنة 1977 وقبل صدور القانون رقم 145 لسنة 1980 في شأن الأموال التي كانت مملوكة للاتحاد الاشتراكي العربي والذي نص في المادة الأولى منه على أن تؤول إلى مجلس الشورى ملكية الأموال العقارية والمنقولة وملحقاتها جميعا والتي كانت مملوكة للاتحاد الاشتراكي العربي وتنظيماته – فإذا أقام الحكم المطعون فيه قضائه برفض إخلاء العين المؤجرة للتنازل عن الإيجار على أساس أنه تم نقل حق إيجاره العين إلى الحزب الوطني الديمقراطي استنادا إلى القانون رقم 145 لسنة 1980 المعمول به من تاريخ 14/7/1980 ولم يبين الحكم سنده في هذا القضاء برغم أن التنازل عن الإيجار تم من أمين عام الاتحاد الاشتراكي إلى حزب مصر العربي الاشتراكي ثم من الحزب الأخير إلى الحزب الوطني الديمقراطي وكان ذلك قبل صدور القانون رقم 145 لسنة 1980 على ما سلف بيانه – فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وخالف الثابت بالأوراق وقد حجبه ذلك عن بحث مدى صحة التنازل الصادر من الاتحاد الاشتراكي عن إيجار عين النزاع إلى حزب مصر العربي الاشتراكي ومدى صحة إجراءات الدمج التي تمت بين حزب مصر العربي الاشتراكي والحزب الوطني الديمقراطي ومن ثم يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .