الاعفاء من المسؤولية في جريمة جلب مواد مخدرة – القانون المصري

الطعن 21687 لسنة 60 ق جلسة 21 / 5 / 1992 مكتب فني 43 ق 82 ص 561 جلسة 21 من مايو سنة 1992

برئاسة السيد المستشار/ محمد الصوفي عبد الجواد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد زايد وأحمد عبد الرحمن نائبي رئيس المحكمة ومحمد طلعت الرفاعي وأنس عمارة.
——————
(82)
الطعن رقم 21687 لسنة 60 القضائية

(1)مأمورو الضبط القضائي “اختصاصاتهم”. تفتيش “التفتيش بغير إذن”. دفوع “الدفع ببطلان التفتيش”. جمارك. تهريب جمركي. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”. مواد مخدرة.
حق موظفي الجمارك الذين منحهم القانون صفة الضبط القضائي. تفتيش الأماكن والأشخاص والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية أو في حدود نطاق الرقابة الجمركية. شرطه: قيام الشك لدى المأمور في البضائع أو الأمتعة أو مظنة التهريب فيمن يوجد بتلك المناطق.
كفاية أن لدى موظف الجمرك الذي له صفة الضبط القضائي. حالة تنم عن شبهة تهريب جمركي ليكون له حق التفتيش. توافر قيود القبض والتفتيش المنصوص عليها في قانون الإجراءات. غير لازم.
الشبهة المقصودة. تعريفها؟
تقدير توافرها. منوط بالقائم بالتفتيش تحت إشراف محكمة الموضوع.
إثبات الحكم أن مأمور الجمرك قام بتفتيش سيارة الطاعن ومعه أعضاء اللجنة من ضباط مباحث الميناء في نطاق الدائرة الجمركية بعد ظهور أمارات أثارت الشبهة لديه. كفايته رداً على الدفع ببطلان القبض والتفتيش.
(2) دفوع “الدفع ببطلان القبض والتفتيش”. تفتيش “التفتيش بغير إذن”. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل”. دفاع “الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره، نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
الدفع ببطلان القبض والتفتيش للالتجاء إليه من ضباط مباحث الميناء. موضوعي. لا تقبل إثارته لأول مرة أمام النقض.
(3)تفتيش. قبض. مأمورو الضبط القضائي. دفوع “الدفع ببطلان القبض والتفتيش” “المصلحة في الدفع”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”. مواد مخدرة.
حق مأمور الضبط في الاستعانة في إجراء التفتيش بمن يرى. ولو لم يكن للأخير صفة الضبط. ما دام يعمل تحت إشرافه.
العثور أثناء هذا التفتيش على دليل يكشف عن جريمة جلب جوهر مخدر. صحيح.
التفات الحكم عن الرد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما من ضباط مباحث الميناء وفي غير حالة من حالات التلبس. لا يعيبه. علة ذلك: أنه دفع قانوني ظاهر البطلان.
(4)مواد مخدرة. قصد جنائي. جريمة “أركانها”. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”.
تقدير علم المتهم بأن ما يحرزه مخدراً. موضوعي. ما دام سائغاً.
مثال.
(5) إثبات “بوجه عام”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”. مواد مخدرة.
الخطأ في الإسناد. لا يعيب الحكم. ما دام لم يكن له أثر في منطقه أو النتيجة التي خلص إليها.
مثال.
(6) مواد مخدرة. مسئولية جنائية “الإعفاء منها”. قانون “تفسيره”. موانع العقاب.
الإعفاء المقرر بالمادة 48 من قانون المخدرات رقم 182 لسنة 1960. مناطه: أن تثبت صلة المبلغ عنهم بالجريمة ذاتها التي قارفها طالب الإعفاء.
مثال.

————-
1 – لما كان يؤخذ من استقراء نصوص المواد من 26 إلى 30 من القانون رقم 66 لسنة 1963 أن الشارع منح موظفي الجمارك الذين أسبغت عليهم القوانين صفة الضبط القضائي في أثناء قيامهم بتأدية وظائفهم حق تفتيش الأماكن والأشخاص والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية أو في حدود نطاق الرقابة الجمركية إذا ما قامت لديهم دواعي الشك في البضائع والأمتعة أو مظنة التهريب فيمن يوجدون بداخل تلك المناطق ولم يتطلب بالنسبة إلى الأشخاص توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية بل أنه يكفي أن تقوم لدى الموظف المسئول بالمراقبة والتفتيش في تلك المناطق حالة تنم عن شبهة في توافر التهريب الجمركي فيها في الحدود المعرف بها في القانون. حتى يثبت له حق الكشف عنها. لما كان ذلك، وكانت الشبهة المقصودة في هذا المقام هي حالة ذهنية تقوم بنفس المنوط بهم تنفيذ القوانين الجمركية يصح معها في العقل القول بقيام مظنة التهريب من شخص موجود في حدود دائرة المراقبة الجمركية وتقدير ذلك منوط بالقائم بالتفتيش تحت إشراف محكمة الموضوع، ولما كان الحكم قد أثبت أن التفتيش الذي وقع على سيارة الطاعن إنما تم في نطاق الدائرة الجمركية وبعد ظهور أمارات أثارت الشبهة لدى مأمور الجمرك مما دعاه إلى الاعتقاد بأن الطاعن يحاول تهريب بضاعة بطريقة غير مشروعة فقام بتفتيش السيارة ومعه باقي أعضاء اللجنة من ضباط مباحث الميناء على النحو الوارد في مدونات الحكم فإنه يكون على صواب فيما انتهى إليه من رفض الدفع ببطلان القبض والتفتيش ويكون النعي عليه في هذا الخصوص غير مقبول.
2 – لما كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة – وهو ما لا يماري فيه الطاعن – أنه لم يثر أمام محكمة الموضوع شيئاً عما يدعيه من بطلان القبض والتفتيش للالتجاء إليه من ضباط مباحث الميناء، فإنه لا يقبل منه طرح ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه في حقيقته دفع موضوعي أساسه المنازعة في سلامة الأدلة التي كونت منها محكمة الموضوع عقيدتها في الدعوى.
3 – من المقرر أن لمأمور الجمرك أن يستعين في إجراء التفتيش بمن يرى مساعدته فيه ولو لم يكونوا من رجال الضبط القضائي ما داموا يعملون تحت إشرافه وإذ نتج عن التفتيش الذي أجري دليل يكشف عن جريمة جلب جوهر مخدر فإنه يصح الاستشهاد بهذا الدليل على تلك الجريمة على اعتبار أنه نتيجة إجراء مشروع قانوناً ولا محل لتعييب الحكم بالتفاته عن الرد صراحة على الدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما من ضباط مباحث الميناء أو لحصولهما في غير حالة من حالات التلبس طالما أنه يصبح بهذه المثابة دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان، ولا على المحكمة إن هي التفتت عن الرد عليه ويكون منعى الطاعن على الحكم في هذا الشأن غير سديد.
4 – لما كان تقصي العلم بحقيقة الجواهر المخدرة هو من شئون محكمة الموضوع، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن بانتفاء هذا العلم لديه ورد عليه بقوله “أما ما يثيره الدفاع عن المتهم من عدم علم الأخير بوجود المخدر المضبوط فإن الثابت بالأوراق والتحقيقات أن: – السيارة مملوكة للمتهم وأن أماكن العثور على المضبوطات قد أعدت خصيصاً لهذا الغرض وأنه ما إن قدم إليه مأمور الجمرك لإجراء التفتيش حتى اعترته حالة من الارتباك الأمر الذي يفيد أن هناك محظوراً يخفيه ويبغي عدم الكشف عنه” وإذ كان هذا الذي ساقته محكمة الموضوع عن ظروف الدعوى وملابساتها وبررت به اقتناعها بعلم الطاعن بحقيقة الجوهر المضبوط كافياً في الرد على دفاعه في هذا الخصوص وسائغاً في الدلالة على توافر ذلك العلم في حقه – توافراً فعلياً – فلا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا المجادلة في تقديرها أمام محكمة النقض.
5 – لما كان الواضح من الحكم أن الجوهر المخدر ضبط مخبأ بداخل السيارة وأن ضبط المخدر – سواء وجد في مكان موجود أصلاً بالسيارة أو أعد لهذا الغرض – لم يكن له أثر في منطق الحكم أو النتيجة التي خلص إليها فإن الخطأ في الإسناد في هذا الخصوص – بفرض صحته – لا يعيب الحكم في شيء ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير قويم.
6 – لما كان قضاء محكمة النقض قد جرى على أن مناط الإعفاء الذي تتحقق به حكمة التشريع وفقاً للمادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 هو تعدد الجناة المساهمين في الجريمة فاعلين كانوا أو شركاء وورود الإبلاغ على غير المبلغ بما مفاده أنه حتى يتوافر موجب الإعفاء يتعين أولاً أن يثبت أن عدة جناة قد ساهموا في اقتراف الجريمة المبلغ عنها فاعلين كانوا أو شركاء، وأن يقوم أحدهم بإبلاغ السلطات العامة بها فيستحق بذلك منحه الإعفاء المقابل الذي قصده الشارع وهو تمكين السلطات من وضع يدها على مرتكبي الجريمة الخطيرة التي نص عليها القانون فإذا لم يتحقق صدق البلاغ بأن لم يثبت أصلاً أن هناك جناة آخرين ساهموا مع المبلغ في ارتكاب الجريمة فلا إعفاء لانتفاء مقوماته وعدم تحقق حكمة التشريع بعدم بلوغ النتيجة التي يجزي القانون عنها بالإعفاء وهو تمكين السلطات من الكشف عن تلك الجرائم الخطرة، وإذ كان ذلك، فإن ضبط المتهمين الثاني والثالث ليس معناه قيام صلتهما بالجوهر المخدر المضبوط مع الطاعن مما يكون اتهام الطاعن لهما بأن المخدر المضبوط يخصهما قد جاء مرسلاً على غير سند فلا يكون له من بعد التذرع بنص المادة 48 سالفة الذكر وإعفائه من العقاب.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: جلب وآخرين جوهراً مخدراً (هيروين) قبل الحصول على ترخيص كتابي من الجهة المختصة. ثانياً: – شرع في تهريب البضائع الممنوعة موضوع التهمة الأولى بأن أدخلها إلى أراضي الجمهورية بالمخالفة للنظم المعمول بها في شأن البضائع الممنوعة وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو ضبطه والجريمة متلبس بها. وأحالته إلى محكمة جنايات السويس لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 33/ 1 – أ، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند رقم 3 من الجدول الأول الملحق والمستبدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 والمواد 1، 2، 5، 13، 121/ 1، 122، 124 من القانون رقم 66 لسنة 1963 مع إعمال المادتين 32/ 1، 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريمه مبلغ عشرة آلاف جنيه ومصادرة المواد المخدرة والسيارة المضبوطين.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض….. إلخ.

المحكمة
حيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي جلب جوهر مخدر والشروع في التهريب الجمركي قد شابة القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد والإخلال بحق الدفاع كما انطوى على خطأ في تطبيق القانون، ذلك أن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان القبض والتفتيش لمخالفة نصوص المواد من 25 إلى 30 من القانون رقم 66 لسنة 1963 بإصدار قانون الجمارك وقد رد الحكم على هذا الدفع في حدود هذه النصوص وفاته أن الدفع قد قام أصلاً على أن ضباط مباحث الميناء هم الذين قاموا بالتفتيش مما يدل على أن المحكمة لم تمحص الدعوى ولم تطلع على ما قدم إليها من مذكرات كما أن الحكم التفت عن الدفع ببطلان القبض والتفتيش لعدم توافر حالة التلبس قبل الطاعن وإلى قصوره في الرد على دفاعه بانتفاء علمه بحقيقة الجوهر المضبوط وتدليله غير السائغ على توافر هذا العلم وأن ما أورده الحكم من أن أماكن العثور على الجوهر المخدر أعدت خصيصاً لهذا الغرض لا يتفق مع الواقع إذ أن تلك الأماكن موجودة أصلاً بأي سيارة، كما أن الحكم لم يحط بدفاع الطاعن الذي تمسك به باستحقاقه الإعفاء من العقوبة عملاً بالمادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 لإبلاغه السلطات العامة بعد ضبط الجوهر المخدر بالسيارة بأنه يخص كلاً من المتهمين الثاني والثالث اللذين قدما معه على الباخرة وأبدى للسلطات البيانات الخاصة بهما فتم ضبطهما وحبسهما إلى أن قضت المحكمة ببراءتهما – ورد عليه بما لا يصلح رداً. كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه أنه أثناء قيام مأمور الجمرك……. بعمله ومعه باقي أعضاء اللجنة المشكلة لفحص غير المصريين القادمين من الخارج إلى ميناء نويبع، قدم الطاعن الأردني الجنسية ومعه سيارته التي تحمل رقم……. الأردن وحال وجود هذه السيارة بالدائرة الجمركية لاحظ مأمور الجمرك آنف الذكر ارتباك الطاعن وخلو سيارته من الأمتعة إلا من حقيبة صغيرة الحجم، فقامت لديه مظنة أن يكون الطاعن قد أخفى بسيارته ما يكشف عن جريمة تهريب فقام بفحص السيارة يعاونه في ذلك بعض أعضاء اللجنة وتبين له أن هناك تجويفاً بجسم السيارة أسفل الباب المجاور للمكان المخصص لقائدها فنزع الجزء المغطى لهذا الموضع فتبين له العديد من لفافات مخدر الهيروين وتبين مثلها في الموضع الأخر أسفل الباب الأمامي الأيمن للسيارة. وساق الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة في حق الطاعن أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومن تقرير المعامل الكيماوية وهي أدلة سائغة من شانها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم بعد أن حصل مؤدى الأدلة بما يتطابق وما أثبت في واقعة الدعوى عرض إلى الدفع ببطلان القبض والتفتيش ورد عليه في قوله “إن المشرع منح موظفي الجمارك صفة الضبطية القضائية أثناء تأديتهم لواجبات وظيفتهم من تفتيش الأشخاص والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية إذا ما قامت لديهم دواعي الشك والريبة ومؤدى هذا أنه يكفي أن يكون لدى الموظف المنوط به المراقبة لتلك المناطق مظنة شبهة التهريب الجمركي فيكون له الحق بالبحث والتفتيش للكشف عنها وإذا ما عثر أثناء التفتيش الذي يجريه على دليل يكشف عن ارتكابه جريمة معاقب عليها في القانون العام فإنه يصح الاستدلال بهذا الدليل لظهوره عرضاً أثناء إجراء مشروع في ذاته ولم ترتكب في سبيل الحصول عليه أي مخالفة”. لما كان ذلك، وكان يؤخذ من استقراء نصوص المواد من 26 إلى 30 من القانون رقم 66 لسنة 1963 أن الشارع منح موظفي الجمارك الذين أسبغت عليهم القوانين صفة الضبط القضائي في أثناء قيامهم بتأدية وظائفهم حق تفتيش الأماكن والأشخاص والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية أو في حدود نطاق الرقابة الجمركية إذا ما قامت لديهم دواعي الشك في البضائع والأمتعة أو مظنة التهريب فيمن يوجدون بداخل تلك المناطق ولم يتطلب بالنسبة إلى الأشخاص توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية بل أنه يكفي أن تقوم لدى الموظف المسئول بالمراقبة والتفتيش في تلك المناطق حالة تنم عن شبهة في توافر التهريب الجمركي فيها في الحدود المعرف بها في القانون، حتى يثبت له حق الكشف عنها، لما كان ذلك، وكانت الشبهة المقصودة في هذا المقام هي حالة ذهنية تقوم بنفس المنوط بهم تنفيذ القوانين الجمركية يصح معها في العقل القول بقيام مظنة التهريب من شخص موجود في حدود دائرة المراقبة الجمركية وتقدير ذلك منوط بالقائم بالتفتيش تحت إشراف محكمة الموضوع، ولما كان الحكم قد أثبت أن التفتيش الذي وقع على سيارة الطاعن إنما تم في نطاق الدائرة الجمركية وبعد ظهور أمارات أثارت الشبهة لدى مأمور الجمرك مما دعاه إلى الاعتقاد بأن الطاعن يحاول تهريب بضاعة بطريقة غير مشروعة فقام بتفتيش السيارة ومعه باقي أعضاء اللجنة من ضباط مباحث الميناء على النحو الوارد في مدونات الحكم فإنه يكون على صواب فيما انتهى إليه من رفض الدفع ببطلان القبض والتفتيش ويكون النعي عليه في هذا الخصوص غير مقبول، لما كان ذلك، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة – وهو ما لا يماري فيه الطاعن – أنه لم يثر أمام محكمة الموضوع شيئاً عما يدعيه من بطلان القبض والتفتيش للالتجاء إليه من ضباط مباحث الميناء، فإنه لا يقبل منه طرح ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه في حقيقته دفع موضوعي أساسه المنازعة في سلامة الأدلة التي كونت منها محكمة الموضوع عقيدتها في الدعوى هذا فضلاً عن أن الطاعن لا يماري في أن ضباط مباحث الميناء قد اشتركوا مع مأمور الجمرك في إجراء تفتيش السيارة، فإنه لا يؤثر في ذلك أن يكون قد عاون مأمور الجمرك في إجراء التفتيش بعض مأموري الضبط القضائي بمباحث الميناء، لما هو مقرر من أن لمأمور الجمرك أن يستعين في إجراء التفتيش بمن يرى مساعدته فيه ولو لم يكونوا من رجال الضبط القضائي ما داموا يعملون تحت إشرافه وإذ نتج عن التفتيش الذي أجري دليل يكشف عن جريمة جلب جوهر مخدر فإنه يصح الاستشهاد بهذا الدليل على تلك الجريمة على اعتبار أنه نتيجة إجراء مشروع قانوناً ولا محل لتعييب الحكم بالتفاته عن الرد صراحة على الدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما من ضباط مباحث الميناء أو لحصولهما في غير حالة من حالات التلبس طالما أنه يصبح بهذه المثابة دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان، ولا على المحكمة إن هي التفتت عن الرد عليه ويكون منعى الطاعن على الحكم في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان تقصي العلم بحقيقة الجواهر المخدرة هو من شئون محكمة الموضوع، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن بانتفاء هذا العلم لديه ورد عليه بقوله “أما ما يثيره الدفاع عن المتهم من عدم علم الأخير بوجود المخدر المضبوط فإن الثابت بالأوراق والتحقيقات أن السيارة مملوكة للمتهم وأن أماكن العثور على المضبوطات قد أعدت خصيصاً لهذا الغرض وأنه ما إن قدم إليه مأمور الجمرك لإجراء التفتيش حتى اعترته حالة من الارتباك الأمر الذي يفيد أن هناك محظوراً يخفيه ويبغى عدم الكشف عنه” وإذ كان هذا الذي ساقته محكمة الموضوع عن ظروف الدعوى وملابساتها وبررت به اقتناعها بعلم الطاعن بحقيقة الجوهر المضبوط كافياً في الرد على دفاعه في هذا الخصوص وسائغاً في الدلالة على توافر ذلك العلم في حقه – توافراً فعلياً – فلا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا المجادلة في تقديرها أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الواضح من الحكم أن الجوهر المخدر ضبط مخبأ بداخل السيارة وأن ضبط المخدر – سواء وجد في مكان موجود أصلاً بالسيارة أو أعد لهذا الغرض – لم يكن له أثر في منطق الحكم أو النتيجة التي خلص إليها فإن الخطأ في الإسناد في هذا الخصوص – بفرض صحته – لا يعيب الحكم في شيء ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير قويم لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره الطاعن بشأن تمتعه بالإعفاء المنصوص عليه في المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل ورد عليه في قوله “أما عن قالة أن من كانا يرافقانه من العقبة إلى نويبع ذا شأن في هذا الأمر فإن الأوراق لم تكشف عنه والمحكمة تطمئن إلى أن المتهم كان على علم بأن المواد المخدرة المضبوطة في سيارته ولا يقلل من هذا الذي ذهبت إليه المحكمة ما أثير من أن هناك تماثل في الخطوط التي حررت بها بعض الأوراق فإن هذا وإن صح لا يكشف عن اتصال بالمتهم وهذين الآخرين ولا يوضح أن لهما صلة بما عثر عليه بالسيارة ولا يقيم أساساً لطلبه تطبيق المادة 48/ 2 من قانون المخدرات”. لما كان ذلك، وكان قضاء محكمة النقض قد جرى على أن مناط الإعفاء الذي تتحقق به حكمة التشريع وفقاً للمادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 هو تعدد الجناة المساهمين في الجريمة فاعلين كانوا أو شركاء وورود الإبلاغ على غير المبلغ بما مفاده أنه حتى يتوافر موجب الإعفاء يتعين أولاً أن يثبت أن عدة جناة قد ساهموا في اقتراف الجريمة المبلغ عنها فاعلين كانوا أو شركاء، وأن يقوم أحدهم بإبلاغ السلطات العامة بها فيستحق بذلك منحه الإعفاء المقابل الذي قصده الشارع وهو تمكين السلطات من وضع يدها على مرتكبي الجريمة الخطيرة التي نص عليها القانون فإذا لم يتحقق صدق البلاغ بأن لم يثبت أصلاً أن هناك جناة آخرين ساهموا مع المبلغ في ارتكاب الجريمة فلا إعفاء لانتفاء مقوماته وعدم تحقق حكمة التشريع بعدم بلوغ النتيجة التي يجزي القانون عنها بالإعفاء وهو تمكين السلطات من الكشف عن تلك الجرائم الخطرة، وإذ كان ذلك، فإن ضبط المتهمين الثاني والثالث ليس معناه قيام صلتهما بالجوهر المخدر المضبوط مع الطاعن مما يكون اتهام الطاعن لهما بأن المخدر المضبوط يخصهما قد جاء مرسلاً على غير سند فلا يكون له من بعد التذرع بنص المادة 48 سالفة الذكر وإعفائه من العقاب، لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .