يتفق الجميع على استثناء حالة قيام قوة قاهرة من تطبيق مبدأ عدم جواز الاعتذار بالجهل بالقانون . فاذا قامت قوة قاهرة من شأنها أن تعوق وصول الجريدة الرسمية الى الأشخاص الموجودين في منطقة معينة فانه يجوز الاعتذار بالجهل بالقانون حيث لا يمكن افتراض علم الشخص في هذه الحالة بالقانون المنشور . ومن أمثلة القوة القاهرة قيام حرب أو ثورة أو احتلال أجنبي أو كارثة طبيعية عامة يترتب عليها عزل اقليم من أقاليم الدولة ومنع وصول الجريدة الرسمية اليه ، ويترتب على ذلك أن هذا الاستثناء قاصر على القواعد التشريعية لأنها هى التي تنشر بالجريدة الرسمية ، أما بقية القواعد كالعرف والشريعة الاسلامية فلا ينطبق بشأنها هذا الاستثناء .ولا شك أن تحقق هذا الاستثناء أمر نادر في العصر الحديث بسبب تقدم سبل الاتصال وطرق النشر .

_ الجهل بالقانون والغلط في القانون : 

طبقاً للمبادئ العامة في نظرية العقد ينبغي أن يتم ابرام العقد بالتراضي من خلال ارادة سليمة وغير معيبة ، فيلزم أن لا يقع المتعاقد في غلط دافع الى التعاقد ، فالغلط هو وهم يتصل بأمر جوهري يتصور فيه الشخص الأمر على غير حقيقته مما يدفعه الى ابرام العقد .

وقد ينصب الغلط على واقعة من الوقائع كمن يشتري تحفة على أنها ذات طبيعة أثرية ثم يتضح أنها عادية ، وقد يقع الغلط على حكم من أحكام القانون كمن يبيع نصيبه في الميراث معتقداً أنه يرث ثلث التركة ثم يتضح أنه له النصف . وفي الحالتين تكون ارادة الشخص معيبة ويحق له ابطال العقد لعيب الغلط ، لذا ظن البعض أن جواز ابطال العقد لغلط في القانون يعتبر استثناء على مبدأ عدم جواز الاعتذار بالجهل بالقانون .

والواقع أن هذا الظن خاطئ ، لأن المقصود بالمبدأ السابق أن الشخص لا يجوز له أن يحتج بعدم العلم بالقانون تهرباً من حكمه أي أنه ليس من حقه التخلص من تطبيق القانون بحجة الجهل به ، أما في هذا الفرض فان الأمر يختلف تماماً لأن المتعاقد يتمسك بتطبيق القاعدة التي وقع فيها الغلط أي اعمال حكم القانون وليس استبعاده . فالعتذار بالجهل بالقانون لا يقصد به منع سريان قواعد الميراث بل تطبيقها .

_ امتناع المسؤولية الجنائية عند الجهل بقوانين غير جنائية : 

تنتفي المسؤولية الجنائية في حالات جهل المتهم أحكام القانون غير الجنائي الذي تقوم العقوبة عليه . وليس في ذلك خروجاً على مبدأ عدم جواز الاعتذار بالجهل بالقانون لأن هذا الجهل لا يمنع تطبيق القاعدة غير الجنائية بل تبقى سارية ويتم تطبيقها في حقه ، وعن عدم المساءلة الجنائية يبرره ذلك انتفاء القصد الجنائي وهو أحد الأركان الأساسية للجريمة ولا وجود لها بدونه .

وعلى ذلك قضت محكمة النقض أن الزوجين اذ أقدما على الزواج لم يكونا عالمين تحريم الجمع بين المرأة وابنة أختها شأنهما في ذلك شأن شاهدي العقد ، تكون التهمة على غير أساس ويتعين براءة المتهمين منها .