الطعن 702 لسنة 46 ق جلسة 30 / 6 / 1979 مكتب فني 30 ج 2 ق 335 ص 792 جلسة 30 من يونيه سنة 1979

برئاسة السيد المستشار عدلي مصطفى بغدادي نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: أحمد صلاح الدين زغو، دكتور إبراهيم علي صالح، محمود حسن رمضان؛ وعبد العزيز عبد العاطي إسماعيل.
—————
(335)
الطعن رقم 702 لسنة 46 القضائية

( 1 و2) نقض. “ميعاد الطعن”. تجزئة.
(1) ميعاد الطعن بالنقض. جواز إضافة ميعاد مسافة بين موطن الطاعن وبين المحكمة أن أودع فيها صحيفة الطعن. المقصود بالموطن. هو الذي اتخذه الطاعن في مراحل التقاضي السابقة وجود موطن آخر له بمقر المحكمة، لا يحول دون احتساب ميعاد مسافة.
(2) الأحكام الصادرة في موضوع غير قابل للتجزئة. لمن فوت ميعاد الطعن من المحكوم عليهم أن يطعن فيه أثناء نظر الطعن المرفوع من أحدهم في الميعاد. م 218 مرافعات.
(3) إيجار. “إيجار الأماكن”. عقد. “فسخ العقد”.
الاتفاق على اعتبار العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه عند الإخلال بالالتزامات الناشئة عنه. جائز في العقود الملزمة للجانبين ومنها الإيجار. إيراد المادة 23 ق 52 لسنة 1969 قيوداً على الأثر الفوري لهذا الشرط بالنسبة للتخلف في سداد الأجرة. مؤداه توقي الإخلاء لسداد الأجرة وفوائدها والمصاريف. بعد تكليف المستأجر بالوفاء بها.
(4) محكمة الموضوع. حكم. “تسبيب الحكم”.
الدفاع الذي تلتزم محكمة الموضوع بالرد عليه. هو الدفاع الجوهري الذي يقدم الخصم دليله أو يطلب تمكينه من إثباته.

————-
1 – ميعاد الطعن بطريق النقض ستون يوماً تبدأ من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه حسبما تقضي به المادتان 253 و213 من قانون المرافعات ومن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن للطاعن أن يضيف إلى ذلك الميعاد ميعاد مسافة بين موطنه – الذي يجب عليه الانتقال منه – وبين مقر المحكمة التي يودع قلم كتابها صحيفة طعنه – والتي يجب عليه الانتقال إليها، وذلك في الحدود المبينة في المادة 16 من ذلك القانون. والعبرة في تحديد الموطن في هذا المقام هي بالموطن الذي اتخذه الطاعن لنفسه في مراحل التقاضي السابقة على الطعن ولو كان له موطن آخر في مقر المحكمة المودع بها الطعن، ولما كان الثابت من أوراق الطعن أن الطاعنتين الأولى والثانية قد اتخذتا من مدينة طنطا موطناً لهما حتى في مراحل التقاضي، وكان هذا الموطن يبعد عن مقر محكمة النقض بمدينة القاهرة بأكثر من ثمانين كيلو متراً فإنه يضاف إلى ميعاد الطعن بالنقض يومان على ما تقضي به المادة 16 من قانون المرافعات، ولما كانت صحيفة الطعن قد تم إيداعها قلم كتاب هذه المحكمة في اليوم الثاني والستين من صدور الحكم المطعون فيه فإن طعنهما يكون في الميعاد المقرر قانوناً.
2 – إذا كان الحكم صادراً في موضوع غير قابل للتجزئة وهو قيام عقد الإيجار المؤرخ 6/ 4/ 1969 أو انفساخه مما لا يحتمل غير حل واحد، وكان من شأن ذلك أنه يجوز لمن فوت ميعاد الطعن من والمحكوم عليهم أن يطعن فيه أثناء نظر الطعن المرفوع في الميعاد من أحد زملائه منضماً إليه في طلباته، بل أنه إن لم يفعل، وعلى ما تقضي به المادة 218 من قانون المرافعات، أمرت المحكمة الطاعن باختصامه في الطعن، فإنه لا ينال من سلامة الطعن ولا أحقية الطاعن الثالث فيه، عدم أحقية في إضافة ميعاد مسافة إلى ميعاد الطعن المقام من الطاعنتين الأولى والثانية لعدم بلوغ المسافة بين موطنه الثابت بالأوراق وبين مقر محكمة النقض خمسين كيلو متراً، وذلك ما دام أنه منضم في طعنه إلى الطاعنتين الأولى والثانية.
3- تجيز الأحكام العامة في القانون المدني، إعمالاً لمبدأ سلطان الإرادة، وعلى ما نصت عليه المادة 158 من ذلك القانون، الاتفاق على اعتبار العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه دون حاجة إلى حكم قضائي عند عدم الوفاء بالالتزامات الناشئة عنه، مما مؤداه وقوع الفسخ في هذه الحالة نفاذاً لذلك الاتفاق بقوة القانون وحرمان المتعاقد بذلك – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة وأفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون – من ضمانتين، إذ يقع الفسخ حتماً دون أن يكون للقاضي خيار في أمره، بل وتتحقق ذلك دون حاجة إلى التقاضي ما لم ينازع المدين في وقوع موجب الفسخ وإن كانت مهمة القاضي تقف في هذه الحالة عند حد التحقق من عدم الوفاء بالالتزام، ليقرر اعتبار الفسخ حاصلاً فعلاً، أنه وإن كان ذلك قائماً في العقود الملزمة للجانبين وفقاً للأحكام العامة في القانون المدني، إلا أنه تحقيقاً للتوازن بين أوضاع المؤجرين والمستأجرين للأماكن التي تسري عليها القوانين الاستثنائية المنظمة للإيجار رأى المشرع التدخل بحكم أمر في حرية المؤجر في النص في العقد على الشرط الفاسخ الصريح في حالة التأخر في سداد الأجرة، فنص في المادة 33 من القانون رقم 52 لسنة 1969 في شأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين على أنه “في غير الأماكن المؤجرة مفروشة لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد إلا لأحد الأسباب الآتية: – أ – إذا لم يقم المستأجر بالوفاء بالأجرة المستحقة خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تكليفه بذلك…… على أنه لا تحكم بالإخلاء، إذا قام المستأجر بأداء الأجرة وفوائدها……. والمصاريف الرسمية” وذلك قبل إقفال باب المرافعة في الدعوى…….” فدل بذلك على أنه – وإن لم يصادر حق المتعاقدين في الاتفاق على الشرط الفاسخ الصريح في عقد الإيجار – إلا أنه أورد عليه قيوداً منها ما يتصل بعدم إعمالا الأثر الفوري لهذا الاتفاق وذلك بما أوجبه على المؤجر من تكليف المستأجر بالوفاء بالأجرة خلال مدة معينة، ومنها ما يتعلق بتفادي الأثر المترتب على الاتفاق وذلك بما أجازه للمستأجر من توفي الإخلاء بأداء الأجرة وفوائدها والمصاريف قبل إقفال باب المرافعة في الدعوى، وعلى ذلك فإنه إذا ما قام المؤجر بواجبه ولم يستعمل المستأجر الرخصة المخولة له، تحققت للشرط الصريح الفاسخ آثاره.
4 – من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن الدفاع الذي تلتزم محكمة الموضوع بالرد عليه هو هذا الدفاع الجوهري الذي من شأنه لو صح أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى والذي يكون مدعيه قد أقام الدليل عليه أمام المحكمة أو طلب إليها وفقاً للأوضاع المقررة في القانون تمكينه من إثباته أما ما دون ذلك من أوجه الدفاع فإنه لا يعدو أن يكون من قبيل المرسل من القول الذي لا إلزام على محكمة الموضوع بالالتفات إليه ولا يعيب حكمها بالتالي ما تكون قد ردت به عليه أياً ما كان وجه الرأي في ردها.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 6/ 4/ 1969 استأجر المطعون عليه من الطاعنين الأولى والثانية الشقة المبينة بالعقد لقاء أجرة أصبحت بعد تخفيضها سبعة عشر جنيهاً ونصفاً شهرياً، وإذ تخلف عن الوفاء بأجرة الأشهر من فبراير إلى مايو سنة 1974 وكان العقد يقضي بانفساخه تلقائياً دون حاجة إلى تنبيه في حالة التأخير في الوفاء بالأجرة عن ميعادها، فقد أقامتا عليه الدعوى المستعجلة رقم 37 لسنة 1974 جزئي طنطا بطلب طرده من الشقة، قضت لهما المحكمة بطلبهما، فأجرتا الشقة بعد تنفيذ الحكم إلى الطاعن الثالث بعقد مؤرخ 14/ 6/ 1974. استأنف المطعون عليه الحكم بالاستئناف رقم 360 لسنة 1974 طنطا الابتدائية، فقضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص القضاء المستعجل، فأقام المطعون عليه الدعوى رقم 16 لسنة 1975 مدني الدقي بطلبا الحكم بتمكينه من تلك الشقة واسترداد حيازته لها، وبعد أن أحيلت إلى محكمة الجيزة الابتدائية حيث قيدت برقم 1129 لسنة 1975 مدني كلي الجيزة، فقضت له المحكمة بطلباته. استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئنافين رقمي 860، 861 سنة 93 ق القاهرة، وبتاريخ 28/ 4/ 1976 قضت المحكمة برفضهما وتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض بصحيفة أودعت قلم كتابها في 29/ 6/ 1976 وقدم المطعون عليه مذكرة دفع فيها بعدم قبول الطعن شكلاً لرفعه بعد الميعاد، وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الدفع وفي موضوع الطعن برفضه.
وحيث إن مبنى الدفع بعدم قبول الطعن مجاوزة الطاعنين في رفعه ميعاد الستين يوماً المقرر لرفعه قانوناً.
وحيث إن هذا الدفع غير سديد أنه وإن كان ميعاد الطعن بطريق النقض ستين يوماً تبدأ من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه حسبما تقضي بذلك المادتان 253، 213 من قانون المرافعات، إلا أنه كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن للطاعن أن يضيف إلى ذلك الميعاد ميعاد مسافة بين موطنه – الذي يجب عليه الانتقال منه – وبين مقر المحكمة التي يودع قلم كتابها صحيفة طعنه – والتي يجب عليه الانتقال إليها، وذلك في الحدود المبينة في المادة 16 من ذلك القانون. وكانت العبرة في تحديد الموطن في هذا المقام هي بالموطن الذي اتخذه الطاعن لنفسه في مراحل التقاضي السابقة على الطعن ولو كان له موطن آخر في مقر المحكمة المودع بها الطعن، ولما كان الثابت من أوراق الطعن أن الطاعنتين الأولى والثانية قد اتخذتا من مدينة طنطا موطناً لهما حتى مراحل التقاضي، وكان هذا الموطن يبعد عن مقر محكمة النقض بمدينة القاهرة بأكثر من ثمانين كيلو متراً فإنه يضاف إلى ميعاد الطعن بالنقض يومان على ما تقضي به المادة 16 من قانون المرافعات، ولما كانت صحيفة الطعن قد تم إيداعها قلم كتاب هذه المحكمة في اليوم الثاني والستين من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه فإن طعنهما يكون قد تم في الميعاد المقرر قانوناً، ولما كان ذلك الحكم صادر في موضوع غير قابل للتجزئة، وهو قيام عقد الإيجار المؤرخ 6/ 4/ 1969 أو انفساخه، مما لا يحتمل غير حل واحد، وكان من شأن ذلك أنه يجوز لمن فوت ميعاد الطعن من والمحكوم عليهم أن يطعن فيه أثناء نظر الطعن المرفوع في الميعاد من أحد زملائه منضماً إليه في طلباته، بل إنه إن لم يفعل، وعلى ما تقضي به المادة 218 من قانون المرافعات، أمرت المحكمة الطاعن باختصامه في الطعن، فإنه لا ينال من سبب – الطعن ولا أحقية الطاعن الثالث فيه، عدم أحقيته في إضافة ميعاد مسافة إلى ميعاد الطعن المقام من الطاعنتين الأولى والثانية لعدم بلوغ المسافة بين موطنه الثابت بالأوراق وبين مقر محكمة النقض خمسين كيلو متراً، وذلك ما دام أنه منضم في طعنه إلى الطاعنتين الأولى والثانية، لما كان ما تقدم فإن الطعن يكون مقدماً في الميعاد ويكون الدفع بعدم قبوله شكلاً على غير أساس.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ستة أسباب ينعى الطاعنون بأولهما على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب. وفي بيان ذلك يقولون إن المطعون عليه أقام دعواه ابتداء أمام المحكمة الجزئية بطلب تمكينه من شقة النزاع على أساس سبق حيازته لها وحقه في استرداد هذه الحيازة استناداً لأحكام القانون المدني بشأن دعاوى الملكية، بيد أن تلك المحكمة كيفت الدعوى بأنها دعوى تمكين غير مقدرة القيمة وقضت من ثم بعدم اختصاصها بنظرها وإحالتها إلى المحكمة الابتدائية، وإذ رأى المطعون عليه في ذلك خروجاً عن أساس دعواه، راح يؤكد إنها دعوى استرداد حيازة في المقام الأول مستنداً في ذلك إلى حكم المادتين 259، 260 من القانون المدني والمادة 34 من قانون المرافعات، إلا أن محكمة الدرجة الأولى خرجت على ذلك وكيفت الدعوى بأنها مطالبة بأصل الحق في الانتفاع بالعين المؤجرة استناداً إلى عقد الإيجار، وعلى الرغم من تمسك الطاعنين أمام محكمة الاستئناف بأن سلطة المحكمة في تكييف الوقائع لا تستطيل إلى تغيير أساس الدعوى إلا أن الحكم المطعون فيه جارى الحكم الابتدائي في خطئه مخالفاً بذلك الثابت بالأوراق ومتخذاً من مجرد ورود لفظ التمكين في صحيفة دعوى المطعون عليه سنداً لهذا النظر الخاطئ مما يعيب الحكم بالقصور المبطل.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن حق المدعي في تكييف دعواه حسبما يراه، يقابله حق المدعى عليه في مناقشة هذا التكييف إثباتاً لخطئه، ويهيمن على هذا وذاك حق المحكمة بل واجبها في إسباغ التكييف الصحيح على ما يثبت لها من وقائع الدعوى باعتبار أن مهمتها هي إنزال الحكم القانوني الصحيح على تلك الوقائع بغض النظر عما يكون الخصوم قد استندوا إليه في ذلك من وسائل الدفاع التي لا تأخذ المحكمة منها إلا ما يتفق وطبيعة الحق موضوع النزاع، دون أن يعد ذلك منها تغييراً لسبب الدعوى. ولما كان الثابت من مطالعة أوراق الطعن أن المطعون عليه أقام دعواه بطلب الحكم بتمكينه من الشقة استئجاره واسترداد حيازته لها وكان الحكم الابتدائي – بعد أن قرر أن تكييف الدعوى يخضع لرقابة القضاء الذي لا يتقيد في ذلك بوصف الخصوم لها، وإنما يلتزم بالتكييف الصحيح الذي يتبينه من وقائع الدعوى وتطبيق القانون عليها – أورد تطبيقاً لذلك قوله “إنه لما كان المدعي – المطعون عليه – قد أقام هذه الدعوى ضد المدعى عليهم – الطاعنين – طالباً الحكم بتمكينه من الشقة التي كان يشغلها نفاذاً لعقد الإيجار المؤرخ 6/ 4/ 1969 ورد حيازته لها استناداً إلى أن الحكم القاضي بطرده قد ألغى….. عما يكون معه التكييف الصحيح لدعوى المدعي أنها دعوى تمكين وليست دعوى من دعاوى الملكية، إذ أن علاقة المدعي بصفته مستأجراً، بالمدعى عليهما الأولى والثانية، بصفتهما مؤجرتين، إنما تستند إلى عقد الإيجار المؤرخ 6/ 4/ 1969 وتقوم عليه وهو على ما سلف بيانه عقد قائم ومنتج لكافة الالتزامات التي ترتبها قبل طرفيه.” وكان الحكم المطعون فيه قد رد على ما أثاره – الطاعنون في صحيفة استئنافهم بشأن اعتبار ما ذهبت إليه المحكمة الابتدائية فيما تقدم تفسيراً لسبب الدعوى بأن تلك المحكمة لم تغير الأساس القانوني لطلب المطعون عليه – من الانتفاع بالعين المؤجرة بموجب العقد بل كيفت طلباته في حدود القانون وفقاً لما أبداه في صحيفة دعواه، وكان ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه في هذا الصدد سديداً ولا خروج فيه على الثابت بأوراق الدعوى، وفيه الرد الضمني الكافي على ما ساقه الطاعنون من دفاع فإن النعي عليه بما جاء بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم أقام قضاءه على سند من القول بأنه لا يترتب على تحقق الشرط الفاسخ الصريح انفساخ العقد بقوة القانون، وأنه لا يسلب القاضي على سلطة تقديرية في حدوث الفسخ، وإن من شأنه إلغاء الحكم المستعجل الصادر بالطرد، اعتبار عقد الإيجار قائماً ومنتجاً لآثاره ومنها التزام المؤجر بعدم التعرض للمستأجر في انتفاعه العين المؤجرة، وتمكين المطعون عليه من العين التي كانت مؤجرة إليه نتيجة لذلك، في حين أنه لما كان من الجائز الاتفاق على اعتبار العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه دون حاجة إلى حكم قضائي عند الوفاء بالالتزامات الناشئة عنه، وكان من شأن هذا الاتفاق المشروع إعفاء الدائن من الالتجاء إلى القضاء وأن حكم هذا القضاء عند المنازعة بين الطرفين لا يعدو أن يكون قد وقع من وقت حدوث عدم الوفاء ولا يملك القضاء إزاء ذلك أية سلطة تقديرية، وكان عقد الإيجار المبرم بين الطاعنتين الأوليين والمطعون عليه يحوي شرطاً فاسخاً صريحاً، فإن إهدار الحكم المطعون فيه لهذا الشرط يكون خاطئاً وهو ما ينطبق على ما رتبه الحكم على ذلك من اعتبار عقد الإيجار قائماً لعدم صدور حكم بفسخه، على الرغم من تحقق انفساخه إعمالاً الشرط الفاسخ الصريح، وكذلك ما خلص إليه الحكم من اعتبار إعادة الحالة إلى أصلها نتيجة لإلغاء الحكم المستعجل الصادر بالطرد، مؤدية إلى عودة المطعون عليه إلى العين التي كان يستأجرها، على الرغم من انفساخ عقد إيجارها عقد إيجارها من قبل إقامة دعوى الطرد المستعجلة وزوال آثاره نهائياً.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه وإن كان ما تجيزه الأحكام العامة في القانون المدني، إعمالاً لمبدأ سلطان الإرادة، وما نصت عليه المادة 158 من ذلك القانون، الاتفاق على اعتبار العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه دون حاجة إلى حكم قضائي عند عدم الوفاء بالالتزامات الناشئة عنه، مما مؤداه وقوع الفسخ في هذه الحالة نفاذاً لذلك الاتفاق بقوة القانون وحرمان المتعاقد بذلك – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة، وأفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون – من ضمانتين إذ يقع الفسخ حتماً دون أن يكون للقاضي خيار في أمر، بل وتحقق ذلك دون حاجة إلى التقاضي ما لم ينازع المدين في وقوع موجب الفسخ وإن كانت مهمة القاضي تقف في هذه الحالة عند حد التحقق من عدم الوفاء بالالتزام يقرر اعتبار الفسخ حاصلاً فعلاً، إنه وإن كان ذلك قائماً في العقود الملازمة للجانبين وفقاً للأحكام العامة في القانون المدني، إلا أنه تحقيقاً للتوازن بين أوضاع المؤجرين والمستأجرين للأماكن التي تسري عليها أحكام القوانين الاستثنائية المنظمة للإيجار، رأى المشرع التدخل بحكم آمر في حرية المؤجر في النص في العقد على الشرط الفاسخ الصريح في حالة التأخر في سداد الأجرة، فنص في المادة 23 من القانون رقم 52 لسنة 1969 في شأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين على أنه “في غير الأماكن المؤجرة مفروشة لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد إلا لأحد الأسباب الآتية:……. 1 – إذا لم يقم المستأجر بالوفاء بالأجرة المستحقة خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تكليفه بذلك….، على أنه لا تحكم بالإخلاء إذا قام المستأجر بأداء الأجرة وفوائدها……. والمصاريف الرسمية قبل إقفال باب المرافعة في الدعوى…….” تدل بذلك على أنه – وإن لم يصادف حق المتعاقدين في الاتفاق على الشرط الفاسخ الصريح في عقد الإيجار إلا أنه أورد عليه قيوداً منها ما يتصل بعدم إعمالاً الأثر الفوري لهذا الاتفاق وذلك بما أوجبه على المؤجر من تكليف المستأجر بالوفاء بالأجرة خلال مدة معينة، ومنها ما يتعلق بتفادي الأثر المترتب على الاتفاق وذلك بما أجازه المستأجر من توقي الإخلاء بأداء الأجرة وفوائدها والمصاريف قبل إقفال باب المرافعة في الدعوى وعلى ذلك فإنه إذا ما قام المؤجر بواجبه ولم يستعمل المستأجر الرخصة المخولة له تحققت للشرط الفاسخ الصريح آثاره، هذا إلى أنه لما كان من المقرر أنه لا حجية للحكم الصادر من القضاء المستعجل، والمؤسس على ما يوصى به ظاهر المستندات المقدمة في الدعوى، أمام القضاء الموضوعي الذي يبني حكمه على سند من أصل الحق، لما كان مما تقدم. وكان الحكم المطعون فيه، لم يجاوز إعمال حكم الشرط الفاسخ الصريح مقيداً بما أورده عليه القانون رقم 52 لسنة 1969 من أحكام ملزمة، وخلص للأسباب التي أوردها إلى قيام عقد الإيجار مثار النزاع وعدم انفساخه وأحقية المطعون عليه في الاستناد إليه في العودة إلى العين المؤجرة بعد زوال ما كان للحكم الجزئي المستعجل الصادر بطرده منها من آثار، نتيجة لإلغائه بالحكم الاستئنافي المستعجل، علاوة على استناد حجية الحكم المستعجل ذاته أمام قضاء الموضوع، فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد خالف القانون أو الخطأ في تطبيقه ويكون النعي عليه بما جاء بالسببين آنفى الذكر على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه بالسبب الرابع الفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم استدل على ما قال به من قيام تواطؤ بين الطاعنتين الأولى والثانية وبين الطاعن الثالث على استئجار الشقة مثار النزاع بمجرد أنه زوج ابنة إحداهما وأنه سارع إلى استئجار الشقة غداة تنفيذ الحكم بطرد المطعون عليه منها، في حين أن شيئاً من ذلك لا يصلح دليلاً على إثبات التواطؤ علاوة على أن الزواج المشار إليه لم يتم إلا بعد خمسة عشر شهراً من الإيجار.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في استخلاص حسن النية أو سوئها من ظروف الدعوى ما دام استخلاصها مستمداً من وقائع لها أصل في الأوراق وقائماً على أسباب سائغة. ومما يضحى معه النعي على الحكم في ذلك، من قبيل الجدل الموضوعي الذي لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. ولما كانت هذه المحكمة ترى أن ما ساقه الحكم المطعون فيه في هذا الصدد سائغاً فإن النعي عليه بما جاء بهذا السبب يكون غير مقبول.
وحيث إن مبنى السبب الخامس مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والإخلال بدفاع جوهري للطاعنتين، وفي بيان ذلك يقولون إن الطاعنتين الأولى والثانية تمسكتا أمام محكمة الموضوع، بأن المطعون عليه يستأجر باسمه شقة أخرى حددتا موقعها مما يجعل استرداده لحيازة الشقة مثار النزاع أمراً غير مشروع مخالفة للحظر المقرر في المادة 5 من القانون رقم 52 لسنة 1949 بشأن عدم جواز احتجاز سكنين في بلد واحد، بيد أن الحكم المطعون فيه رد على هذا الدفاع بما لا يصلح لمواجهته، بمقولة إنه غير متصل بموضوع الدعوى، ولا هو منتج فيها باعتبار أنها دعوى تمكين وليست دعوى إخلاء في حين أن الجمع بين مسكنين يعتبر جريمة وأن من حق المالكة للسكن الثاني التمسك بهذا الدفاع باعتبار أن لها مصلحة ظاهرة في ذلك، وهي إسكان ابنتها وزوجها كما هو واقع الحال في هذه الدعوى.
وحيث إن هذا النعي مردود بما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أن الدفاع الذي تلتزم محكمة الموضوع بالرد عليه هو الدفاع الجوهري الذي من شأنه لو صح أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى والذي يكون مدعيه قد أقام الدليل عليه أمام المحكمة أو طلب إليها وفقاً للأوضاع المقررة في القانون تمكينه من إثباته، أما ما دون ذلك من أوجه الدفاع فإن لا يعدو أن يكون من قبيل المرسل من القول الذي لا إلزام على محكمة الموضوع بالالتفات إليه ولا يعيب حكمها بالتالي ما تكون قد وردت به عليه أياً ما كان وجه الرأي في ردها. لما كان ذلك وكان الطاعنون لم يقدموا رفق طعنهم ما يثبت أنهم تقدموا إلى محكمة الموضوع بما يثبت احتجاز المطعون عليه لأكثر من مسكن في بلد واحد دون مقتضى، وهو ما تحظره الفترة الأولى من المادة 5 من القانون رقم 56 لسنة 1969، أو طلبوا إلى تلك المحكمة إثبات ذلك بطريق معين من طرق الإثبات، وكان لا إلزام على المحكمة بالسعي إلى إقامة الدليل على أوجه الدفاع غير المقررة بما يثبتها، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بما جاء بهذا السبب – وأياً كان وجه الرأي في أثر الدفاع آنف الذكر على الحكم في هذه الدعوى – يكون غير مقبول.
وحيث إن مبنى السبب السادس من أسباب الطعن النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة الثابت من الأوراق والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال – وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إنه لما كان المطعون عليه قد طلب في دعواه الحكم بطلباته على الطاعنتين الأولى والثانية في مواجهة الطاعن الثالث الذي لم وجه إليه طلبات ما فإن هذا الأخير لا يعتبر بالتالي خصماً أصلياً في الدعوى ولا يصح من ثم الحكم بإلزامه بشيء، ولما كان الحكم الابتدائي قد قضى بإلزامه بتمكين المطعون عليه من الشقة مثار النزاع؛ فإنه يكون قد تجاوز بذلك طلبات المطعون عليه، مما حدا بالطاعن الثالث إلى النعي عليه بذلك في استئنافه إلا أن الحكم المطعون فيه، أيد الحكم المستأنف بمقولة إن العبرة هي بطلبات المطعون عليه في صحيفة الدعوى التي طلب فيها الحكم بسماع المدعى عليهم – الطاعنين – الحكم بتمكينه من الشقة، الأمر المخالف لبيانات تلك الصحيفة المكملة لبعضها ولمقصود المطعون عليه من دعواه.
وحيث إن النعي في غير محله ذلك أنه لما كانت العبرة في تحديد الخصوم هي بحقيقة مقصودهم منها مستخلصة ما أبدوه في الدعوى من دفاع، لا بما تفيد عبارة معينة من أقوالهم مستقلة عما سواها، ولما كان الحكم الابتدائي قد فهم مما أبداه المطعون عليه في طلباته الختامية من سماع الطاعنين الثلاثة الحكم بتمكينه من الشقة وإلزامهم مصاريف الدعوى، أنه قد ساوى بينهم جميعاً في الالتزام بالتخلي له عن العين يستوي في ذلك الطاعنتان الأولى والثانية بوصفهما المؤجرتين إليه والطاعن الثالث بوصفه الحائز لها عن طريقهما وكان لهذا الفهم ما يسانده من مدونات ذلك الحكم وكان الحكم المطعون فيه قد أيده في هذا النظر السائغ فإن النعي عليه بمخالفة الثابت في الأوراق أو الفساد في الاستدلال يكون في غير محله.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .