الاستمرار فى تنفيذ حكم دستورية

قضية رقم 12 لسنة 20 قضائية المحكمة الدستورية العليا “دستورية”

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد الثاني يناير سنة 2011م، الموافق السابع والعشرين من المحرم سنة 1432 ه .
برئاسة السيد المستشار / فاروق أحمد سلطان رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين:محمد عبد القادر عبد الله وأنور رشاد العاصي وعبد الوهاب عبد الرازق حسن ومحمد عبد العزيز الشناوي وماهر سامي يوسف والسيد عبد المنعم حشيش نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار / حاتم حمد بجاتو رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 12 لسنة 20 قضائية ” دستورية “.

المقامة من
السيد /الإمام على شحاته الجمل
ضد
1- السيد رئيس الجمهورية
2- السيد رئيس مجلس الوزراء
3- السيد رئيس محكمة النقض ورئيس الهيئة العامة للمواد الجنائية.
4- السادة أعضاء الهيئة العامة للمواد الجنائية بمحكمة النقض.
5- السيد النائب العام.
6- السيد رئيس اللجنة التشريعية بمجلس الشعب.

الإجراءات
بتاريخ الثامن عشر من يناير سنة 1998، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالباً الحكم بعدم دستورية المادتين (26 و 77) من القانون رقم 49 لسنة 1977 فى شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر ، والمادة (23) من القانون رقم 136 لسنة 1981 فى شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر ، والمادة (3) من القانون رقم 4 لسنة 1996 بشأن سريان أحكام القانون المدنى على الأماكن التى لم يسبق تأجيرها والأماكن التى انتهت أو تنتهى عقود ايجارها دون أن يكون لأحد حق البقاء فيها، وبطلان تفسير الهيئة العامة للمواد الجنائية بمحكمة النقض لحكم المحكمة الدستورية العليا فى القضية رقم 84 لسنة 17 قضائية ” دستورية “.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم أولاً: بعدم اختصاص المحكمة الدستورية العليا بالنسبة للطعن على الحكم الصادر من الهيئة العامة للمواد الجنائية بجلسة 13/4/1997 فى الطعن رقم 11838 لسنة 60 قضائية. ثانياً: بعدم قبول الدعوى بالنسبة للطعن بعدم دستورية المادتين 26 و 77 من القانون رقم 49 لسنة 1977 ، والمادة 23 من القانون رقم 136 لسنة 1981 والمادة (3) من القانون رقم 4 لسنة 1996 .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها .
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق ، والمداولة .
حيث إن الوقائع – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن النيابة العامة كانت قد اتهمت المدعى وآخر بأنهما خلال السنوات من 1983 حتى 1986 تقاضيا من المستأجرين مبالغ خارج نطاق عقد الايجار، وطلبت عقابهما بالمواد ( 24/1 و 26/1 و 76/1 و 77 ) من القانون رقم 49 لسنة 1977 فى شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر ، والمواد ( 23/1 ، 2 و 24/1 و 25/3 ) من القانون رقم 136 لسنة 1981، فى شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، وقيدت الدعوى الجنائية برقم 101 لسنة 1989 جنح أمن دولة جزئية، ومحكمة أول درجة حكمت بالإدانة ، طعن المدعى على هذا الحكم بالاستئناف الذى آل رقمه إلى 720 لسنة 1994 جنح مستأنف حدائق القبة، قضت المحكمة بالرفض والتأييد.

عارض المدعى فى هذا الحكم، وأثناء نظر المعارضة الاستئنافية دفع بعدم دستورية المادتين (26 و 77) من القانون رقم 49 لسنة 1977، والمادة (23) من القانون رقم 136 لسنة 1981، والمادة (3) من القانون رقم 4 لسنة 1996 السالف الإشارة إليها، وبعد أن قدرت المحكمة جدية الدفع وصرحت للمدعى برفع الدعوى الدستورية، فقد أقام الدعوى الماثلة .
وحيث إن المادة (26) من القانون 49 لسنة 1977 قد حظرت على المؤجر تقاضى أى مبلغ إَضافى خارج نطاق عقد الايجار زيادة على التأمين والأجرة، وحظرت تقاضى أى مقدم ايجار. وقد حددت المادة (77) من القانون ذاته العقوبة المقررة لمخالفة ذلك الحظر. ثم صدر القانون رقم 136 لسنة 1981، وأجازت المادة (6) منه لمالك المبنى أن يتقاضى من المستأجر مقدم ايجار لا يجاوز أجرة سنتين، وتضمنت المادة (23) من القانون ذاته العقوبة المقررة لمخالفة ذلك النص ، كما نصت المادة (3) من القانون رقم 4 لسنة 1996 على أن “يلغى كل نص فى أى قانون آخر يتعارض مع أحكام هذا القانون .
وحيث إنه من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن شرط المصلحة الشخصية المباشرة يتغيا أن تفصل المحكمة الدستورية العليا فى الخصومة الدستورية من جوانبها العملية وليس من معطياتها النظرية ، وهو كذلك يقيد تدخلها فى هذه الخصومة، فلا تفصل فى غير المسائل الدستورية التى يؤثر الحكم فيها على النزاع الموضوعى. ويتحدد مفهوم هذا الشرط باجتماع عنصرين،

أولهما: أن يقيم المدعى – فى حدود الصفة التى اختصم بها النص المطعون فيه – الدليل على أن ضررًا واقعيًا قد لحق به ، سواء أكان مهددًا بهذا الضرر، أم كان قد وقع فعلاً، ويتعين دوماً أن يكون الضرر المدعى به مباشرًا، منفصلاً عن مجرد مخالفة النص المطعون فيه للدستور، مستقلاً بالعناصر التى يقوم عليها ممكنًا تصوره ومواجهته بالترضية القضائية ، تسوية لآثاره .

ثانيهما: أن يكون هذا الضرر عائدا إلى النص المطعون فيه وليس ضرراً متوهمًا أو منتحلاً أو مجهلا، فإذا لم يكن هذا النص قد طبق أصلاً على من ادعى مخالفته للدستور أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان الإخلال بالحقوق التى يدعيها لايعود إليه، دل ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة ، ذلك أن إبطال النص التشريعى فى هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعى أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانونى بعد الفصل فى الدعوى الدستورية، عما كان عليه قبلها.
وحيث إنه لما كان الثابت من الأوراق أن المدعى قد أتهم بارتكاب جريمة اقتضاء مبالغ خارج نطاق عقد الإيجار، والمؤثمة بموجب المادتين ( 26 ، 77) من القانون رقم 49 لسنة 1977 السالف الذكر، فإن نطاق الدعوى الماثلة ينحصر فى النصين السابقين دون غيرهما. وإذ كان الاتهام السالف لا صلة له بجريمة تقاضى المؤجر مقدم إيجار لأكثر من سنتين، المنصوص عليها فى المادتين ( 6 و 23) من القانون رقم 136 لسنة 1981 السالف الإشارة إليه، فإن مصلحة المدعى فى الطعن على المادة (23) من ذلك القانون تكون منتفية، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى بالنسبة لها.
وحيث كان ما تقدم ، وكانت المحكمة الدستورية العليا قد أقامت قضاءها الصادر بجلسة 15/3/1997 فى القضية رقم 84 لسنة 17 قضائية “دستورية” على أنه بصدور القانون رقم 4 لسنة 1996 ” بشأن سريان أحكام القانون المدنى على الأماكن التى لم يسبق تأجيرها والأماكن التى انتهت أو تنتهى عقود إيجارها دون أن يكون لأحد حق البقاء فيها”، لم تعد الواقعة محل الاتهام الجنائى سالفة الإشارة معاقباً عليها، باعتبار أن ذلك القانون يعد أصلح للمتهم من القانون السابق عليه رقم 49 لسنة 1997، وذلك إعمالاً للتطبيق المباشر للقواعد الدستورية التى تتحصل فى أن ذلك القانون تغيا أن يعيد العلائق الإيجارية إلى الأصل فيها، فلا يحكمها إلا حرية التعاقد، وأن نصوصه قد دلت على انتفاء الضرورة الاجتماعية للجزاء الجنائى المقرر فى القانون السابق،

ومن ثم يكون أكثر ضمانا للحرية الشخصية، وأن ما تضمنه ذلك القانون من إلغاء أى نص فى قانون آخر يتعارض مع أحكامه بما من شأنه أطراح النصوص السابقة المتعلقة بالتجريم المخالفة لذلك القانون، وأن إعمال الأثر الرجعى للقانون الأصلح للمتهم يعتبر انحيازا من القضاء لضمانه جوهرية للحرية الشخصية. لما كان ما تقدم، فإن مصلحة المدعى فى الطعن على المادتين (26 و 77) من القانون رقم 49 لسنة 1977 تكون منتفية فى هذا الصدد، ولا محل لما أثارة فى شأن القانون رقم 4 لسنة 1996 لكونه قد أفاد من أحكامه.
وحيث إنه بالنسبة لطلب بطلان تفسير حكم الهيئة العامة للمواد الجنائية بمحكمة النقض الصادر بجلسة 13/4/1997 فى الطعن رقم 11838 لسنة 60 قضائية، لحكم المحكمة الدستورية العليا فى القضية رقم 84 لسنة 17 قضائية “دستورية”.

فإنه لما كان من المقرر أن المحكمة بما لها من هيمنة على الدعوى هي التي تعطيها وصفها الحق وتكييفها القانونى الصحيح، متقصية فى ذلك طلبات الخصوم، مستظهرة حقيقة مراميها وأبعادها، وكان ما يقصده المدعى إنما يتحصل فى طلب الاستمرار فى تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا السالف الإشارة إليه، باعتبار أن حكم الهيئة العامة للمواد الجنائية المشار إليه يعد عقبة قانونية تحول دون تنفيذه. لما كان ذلك وكان الثابت أن المدعى لم يكن طرفا فى حكم الهيئة العامة للمواد الجنائية بمحكمة النقض، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول هذا الطلب.
وترتيبا على ما تقدم، فإنه يتعين القضاء بعدم قبول الدعوى.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.