الإجراءات الجبائية المتبعة من طرف الإدارة الجبائية لمكافحة الغش

إن من بين التخوفات التي تهدد السياسة الضريبية أو المالية هو شبح التهرب الضريبي الذي استفحل انتهاجه من قبل المكلفين نظرا للتطورات الاقتصادية و التكنولوجية, و بحثا من الدولة لمحاربة أو تقليص نسب هذه الظاهرة و لو جزئيا تسعى السلطات المختصة في أول الأمر لتحديد و لو بشكل تقريبي حجم أو رقم معبر عن الظاهرة و مجالها حتى تحدد الآليات و الطرق التي قد تكون مجدية للحد أو النهي عن الاستمرار في ممارسة الغش و التهرب الضريبي, و لهذا الغرض سنحاول عرض في هذا القسم الطرق المتبعة لقياس التهرب الضريبي و كذا الوسائل المستعملة لعلاج أو محاولة علاج هذا الداء.

المطلب الأول: طرق قياس التهرب الضريبي.

إن التهرب الضريبي بطبيعته سري أي أننا لا نعلم مرتكبيه لهذا فقياسه أو إعطاء رقم دقيق معبر عنه يعد ضرب من الخيال لهذا نعرض بعض المناهج التي تمكننا من أخذ صورة بسيطة من حجمه المقرب إذ من أهم المناهج نجد:
– منهج الاقتصاد السري.
– منهج عدم الالتزام الضريبي.

1- منهج الاقتصاد السري:

يعرفه ” فيتو تانزي ” على أنه : » كافة المداخيل التي لم يتم الكشف عنها للسلطات الضريبية«(1). و يعد وسيلة لتحديد و لو بتقريب حجم التهرب الضريبي لهذا فبما أن المداخيل غير معلن عنها لدى السلطات الضريبية, هذا يؤدي إلى عدم دخولها ضمن إطار الحسابات القومية, و من هنا نجد أن هناك علاقة بين الاقتصاد السري و ظاهرة التهرب الضريبي إذ بحدوث أحدهما يؤدي لحدوث الآخر بالضرورة. و لقياس الاقتصادي السري أو الموازي أو اقتصاد الظل.

أ- منهج إحصاءات القوى العاملة (سوق العمل) :

يعتمد على الفرق المسجل أو الملاحظ بين عدد السكان المسجلين رسميا كقوة عاملة فعلية في الدولة و بين السكان المسجلين وفق إحصائيات. و يعتمد هذا المنهج على صحة أو مدى صحة القروض الموضوعة حول إنتاجية العامل في كل من القطاعين الرسمي و غير الرسمي.

ب- منهج المدخلات المادية (استهلاك الكهرباء) :

يعتمد الاقتصاد السري على كون استهلاك الكهرباء هو أفضل مؤشر مادي للنشاط الاقتصادي ككل, تم طرح معدل نمو إجمالي الناتج المحلي الرسمي من معدل نمو استهلاك الكهرباء الكلي و إرجاع الفرق بينهما إلى نمو الاقتصاد السري (1).

2- منهج عدم الالتزام الضريبي:

يعتمد على منهج الضريبة القانونية المحتملة التي يأخذ كأساس لحساب الضريبة على الدخل التي يفترض تحصيلها و مقارنتها بحجم الضريبة المحصلة فعلا و الفارق بينها بالإيجاب يمثل قيمة التهرب الضريبي.

1/ منهج نسبة الضريبة الثابتة:

يعتمد على أن حجم التهرب يساوي إلى الفرق بين الضريبة المقدرة و الضريبة المحققة لسنة معينة مع العلم أن الضريبة التقديرية تحدد من خلال جداء الناتج الإجمالي للسنة المدروسة و نسبة الضريبة الموافقة للسنة التمثيلية هي سنة يكون فيها التهرب الضريبي عند حد أدنى.

2/ منهج الإعفاءات الجبائية:

على أساس المعلومات الواردة في تصاريح المكلفين أثناء فترة الإعفاء الضريبي و مقارنتها بتلك المقدمة قبل فترة الإعفاء و الفرق بين الفترتين يمثل مبلغ التهرب الضريبي.
* إن المناهج المذكورة رغم نجاعتها في تقدير حجم التهرب إلا أنها تهمل في تقديراتها جوانب قد تكون مهمة, حيث نجد مثلا منهج الضريبة الثابتة تقوم على أساس نسبة ثابتة بين الضريبة و الناتج المحلي, إلا أن هذا لا يكون إلا إذا اعتبرت مرونة الضريبة تساوي الواحد أي أن التغير النسبي للضريبة مساوي للتغير الحاصل لإجمالي الناتج المحلي أو أننا اعتبرنا أنه لا يحدث تغير في هيكل معدلات الضرائب و مكونات الناتج المحلي (2).
كما أن المنهج السابق لوحظ أنه يقيس حجم الالتزام أكثر مما يقيس حجم التهرب و نظرا لوجود هذه النقائص أي رغم ايجابيتها في تقدير حجم التهرب, إلا أنها محدودة الفعالية من جهة أخرى, و هذا ما يجعل هذه المناهج غير متكاملة مما يؤدي لعدم قياسها بصفة دقيقة لحجم التهرب نظرا لتنوع أساليب و طرق التهرب الضريبي.