أهلية مؤسسي الشركة المساهمة :

لما كان تأسيس شركة المساهمة ،كتأسيس اية شركة ،عملا من الاعمال القانونية، فانه يشترط في المؤسسين تمتعهم جميعا بالأهلية اللازمة للقيام بالأعمال المذكورة ،سواء أكانت الاهلية القانونية أو الاهلية القضائية، وبالتالي، فانه من غير الممكن، في راينا، الاخذ بوجهة النظر القائلة بأن تكوين شركة المساهمة يعتبر عملا من أعمال الدولة وان الموقعين على عقدها لا يعقدون بذلك عقدا ،ولكنهم يلتمسون من الدواة أنشاء الشركة وانهم (بذلك يقدمون عريضة وليس في القانون أهلية خاصة بتقديم العرائض)(1).اذ ان المادة (37)من قانون الشركات التجارية لسنة 1957وكانت صريحة بوجوب توقيع المؤسسين على (عقد)الشركة (ونظامها)،وليس فقط على طلب الاجازة، كما ان المادتين (50)و(56)كانتا تنصان على مسؤوليتهم بالتضامن عن كل ما يترتب على عملية التأسيس من التزامات . وهي نفس المسؤولية التي نصت عليها الفقرة (ثالثا)من المادة (43) من قانوني الشركات اللاحقين لسنة 1983و1997. ومسؤولية كهذه لا يمكن ان تقع على عاتق من لا يتمتع بالأهلية اللازمة للقيام بالتصرفات القانونية .

________________

1- استاذنا الدكتور صلاح الدين الناهي ،الوسيط ، الشركات التجارية، الطبعة الثالثة ،بند 222مكرر، ص180،نقلا عن جان شترايخنبرغر streichenberger في مؤلفه القانون الإنكليزي، كما يبدو.

أهلية الشريك في الشركة التضامنية :

قد يبدو ، لأول وهلة ، ان ليس في أهلية الشريك في الشركة التضامنية من ثمة ما يستوجب التوقف عنده او البحث فيه بصورة خاصة . ولكننا لو استعدنا في اذهاننا ملامح الصغير المميز المأذون له في التجارة ، الذي لم يتفق الفقهاء في أي وقت ولحد الان على رسم صورة واضحة المعالم له لتمييزه عن بقية الأشخاص ، لادركنا مدى ضرورة إعادة البحث في هذه الاهلية . والواقع ، اننا لو انطلقنا من وجهة نظرنا القائلة بإمكان الاذن للصغير المميز البالغ الخامس عشرة أذنا مطلقا يسمح له بالتعامل بكل أمواله لممارسة أي عمل تجاري او اعمال تجارية تنصرف رغبته اليها (1) ،واكتساب بالمقابل صفة التاجر وخضوعه بذلك لنظام الإفلاس ، فإننا لن نجد في النصوص القانونية العامة ما يحول بيم المأذون له في التجارة وبين انضمامه الى الشركة التضامنية (2) . وان ذهب رأي الى ان الأذن العام بالإتجار ( لا يكفي لدخول القاصر كشريك متضامن في شركة تضامن أو توصية بل يجب لذلك الحصول على اذن خاص وصريح من المحكمة ، وذلك لان القانون انما يفترض الحالة العادية التي لا يتعرض فيها القاصر الا للمخاطر الناشئة عن نشاطه الشخصي كتاجر ، ولكن نية المشروع لم تنصرف الى تعريض القاصر لمخاطر اكثر جسامة عند مباشرته مع غيره بسبب المسؤولية التضامنية و المطلقة عن ديون الشركة )(3). اما لو اخذنا بوجهة النظر القائلة بعدم امكان انصراف الاذن في التجارة الى مقدار من مال القاصر وليس الى كل ما يملكه ،وبعدم تحمل المأذون مسؤوليات التاجر الا في حدود المال المودع بين يديه للاتجار، وبالتالي عدم امتداد اثار الإفلاس الى شخصه او الى أمواله الباقية في حوزة وليه (4) ،فان هذا الراي يقود الى القول بعدم صحة الاذن للقاصر المأذون بالانضمام الى الشركة التضامنية (5) . بيد انه يمكن الرد على ذلك ، بأنه حتى لو سلمنا جدلا بعدم جواز انصراف الأذن في التجارة الى كل ما يملكه القاصر ، فانه قصر اثار الإفلاس بالنسبة للصغير المميز المأذون على مقدار المال المسلم اليه للاتجار به ، يتنافى والمبادئ العامة التي لا تقر تجزئة الذمة المالية ، فلا يمكن الاخذ به تحت الظل الأنظمة القانونية القائمة على أساس وحدة الذمة المالية للشخص (6) . كما انه يخشى ان يؤدي الاخذ بهذا الرأي او الحل ، الذي يراد به أصلا حماية القاصر ، الى اضعاف الثقة به وتقليل الائتمان بتجارته ، ومن ثم تفويت الغرض من الاذن له في الاتجار (7) . هذا وقد تساءلنا في حينه ، انه اذا كان ولابد للصغير المأذون من ان يتحمل اثار الإفلاس في كل أمواله ، حتى في حالة قصر الاذن له في الاتجار بمقدار معين من المال ، فما الذي يبرر حرمانه من حق الانضمام الى شركة التضامن والاستفادة فيها من تعاون بقية الشركاء معه (8) . مع ملاحظة ان هذا الكلام لامجال لترديده بالنسبة لقانون الشركات الأردني الذي نص في الفقرة (ب) من المادة (9) منه على انه (لا يقبل أي شخص شريكا في شركة التضامن ( الا اذا كان قد اكمل الثامنة عشرة من عمره على الأقل )، بما لا يقبل أيجدل .

_______________

1- اكرم ياملكي ، في القانون التجاري العراقي ، الجزء الأول في الأعمال التجارية والتجارة ، الطبعة الثالثة ، بغداد 1971 ، بند 67 ، ص 123 وما بعدها ، ومؤلفنا الجديد في الأعمال التجارية والتاجر والعقود التجارية العمليات المصرفية والبيوع الدولية ، أربيل 2012 ، بند 74 76 -، ص 85 90-، وفي القانون التجاري الأردني ، الجزء الأول في الاعمال التجارية والتاجر والمتجر والعقود التجارية ، عمان 2010 ،بند 73،ص 128 132 .

2- أستاذنا الدكتور صلاح الدين الناهي ، الوسيط في شرح القانون التجاري العراقي ، الجزء الثالث – الشركات التجارية ، الطبعة الثالثة ، بغداد 1962 ، بند 84 ، ص73، والدكتور علي حسين يونس ، الشركات التجارية ، بند 22 ، ص 33 ، هامش (1).

3- الدكتور مصطفى كمال طه ، الوجيز في القانون التجاري ، الجزء الأول ، الإسكندرية 1964 ، بند 1964،بند 158، ص 139، متفقا في ذلك مع الفقهاء الفرنسين (هاميل و لاغارد hamel et lagarde،شرح القانون التجاري ، الجزء الأول ، باريس 1954،بند 444، ص 540). وهوه نفس ما أورده في مؤلفه القانون التجاري ، 1988،بند 199 و 224، ص 204 205- و 226 و مؤلفه الشركات التجارية ، الإسكندرية 2000، بند 12، ص 23.

4- الدكتور احمد إبراهيم البسام ، مبادئ القانون التجاري ، بغداد 1961، بند 69، ص 116، والدكتور باسم محمد صالح والدكتور عدنان احمد ولي العزاوي ،القانون التجاري الشركات التجارية ،بغداد 1989 ، ص 22 و 23، والدكتور احمد زيادات والدكتور إبراهيم العموش، والوجيز في التشريعات التجارية الأردنية، عمان 1996، ص 47، والدكتور عزيز العكيلي ، شرح القانون التجاري ، الجزء الرابع في الشركات التجارية ، بند 15، ص 24 و 25 الوسيط ، بند15، ص 33.

5- الدكتور احمد إبراهيم البسام، الشركات التجارية في القانون العراقي، الطبعة الثانية، بغداد1967، بند 31، ص 36.

6- الدكتور احمد إبراهيم البسام نفسه، مبادئ ، بند 69، ص 116.

7- مؤلفنا في القانون التجاري العراقي ، الجزء الأول 1971، بند 67، ص 127، هامش (14) ، ومؤلفنا الجديد ،

2012، بند 74، ص 87 و88، وفي القانون التجاري الأردني ، الجزء الأول ، بند 73، ص 131و132.

8- مؤلفنا في القانون التجاري العراقي ، الجزء الثاني في الشركات التجارية، بند34، ص 54

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .