الاسباب التي تؤدي الي انهاء او تعليق عقد العمل

أ* أحمد ابو زنط

مفهوم انهاء أو تعليق عقد العمل لأسباب اقتصادية أو فنية

يتضمن قانون العمل الأردني إجازة من المشرع لصاحب العمل في بعض الحالات لانهاء أو تعليق عقد العمل لأسباب اقتصادية أو فنية ، دون ان يعتبر هذا الانهاء أو التعليق موجبا للتعويض حيث أن التعويض يرتبط عادة بفعل ضار والذي ينشأ بطبيعة الحال عن عمل غير مشروع، أما ونحن أمام هذه الحالة فيمكن إنهاء أو تعليق عقد العمل لأسباب اقتصادية أو فنية دون ان يعتبر ذلك فصلا تعسفيا حيث أن الجواز الشرعي ينافي الضمان.

أما السند القانوني لهذه الرخصة التشريعية فهي متمثلة بنص المادة 31 من قانون العمل والتي نصت على:

” اذا اقتضت ظروف صاحب العمل الاقتصادية او الفنية تقليص حجم العمل او استبدال نظام انتاج بآخر او التوقف نهائيا عن العمل مما قد يترتب عليه انهاء عقود عمل غير محدودة المدة او تعليقها كلها او بعضها ، فعليه تبليغ الوزير خطيا معززا بالاسباب المبررة بذلك قبل اتخاذ أي اجراء بهذا الخصوص .”

ونلاحظ هنا أن المشرع لم يضع تعريفا واضحا لماهية الظروف الاقتصادية أو الفنية كما لم يعرف أو يبين بشكل اصطلاحي مفهوم انهاء او تعليق عقد العمل لأسباب اقتصادية أو فنية ، وهذا من سمة التشريع بشكل عام ، حيث ينظم القانون الاحكام ويترك أمر التعريف والتفسير للفقه والقضاء، إلا أنه ولدى الرجوع للفقه والقضاء لا نجد ايضا من تصدى لمثل هذه الحالة بحيث يضع أي منهما لم يضع تعريفا لحالة انهاء او تعليق عقد العمل لأسباب اقتصادية أو فنية

إلا أنه ومن خلال استقراء نص المادة 31 من قانون العمل يتبين لنا أن المشرع قد اعتمد عناصر اساسية يجب توافرها في حالة انهاء صاحب العمل للعقود العمالية لاسباب اقتصادية أو فنية، فنجد أن المشرع قد اعتبر ان حالة “الانهاء” لاسباب اقتصادية او فنية انما تعتبر من قبيل الاجازة التشريعية التي منحها المشرع لصاحب العمل لانهاء عقود العمل غير محدودة المدة او تعليقها في حال قيام ظروف اقتصادية او فنية تستدعي هذا الانهاء او هذا التعليق، والدليل على ذلك ما جاء في قرار محكمة التمييز الموقرة رقم 708/2007 والذي جاء فيه:

” يستفاد من نص المادة 31 من قانون العمل ان المشرع قد اجاز لصاحب العمل انهاء العقود غير محدودة المدة او تعليقها في حال قيام ظروف اقتصادية او فنية تستدعي هذا الانهاء وهذا التعليق والمشرع اورد امثلة لذلك :
‌أ. حالة تقليص حجم العمل.
‌ب. حالة استبدال نظام الانتاج بنظام اخر.
‌ج. حالة التوقف عن العمل .
واشترط المشرع على رب العمل ان يقوم بإشعار وزارة العمل بالظروف او الحالة التي نشأت لدية حيث تبين ان المدعى عليها قامت بإشعار وزارة العمل برغبتها بتخفيض الانتاج وبالتالي فصل عدد من العمال من بينهم المدعي فإن انهاء عمل المدعي لا يعتبر من قبيل الفصل التعسفي ولا يرد القول ان اشعار المدعى عليها وزارة العمل بالرغبة بتخفيض الانتاج بعد ثمانية عشر يوما حيث ذهب اجتهاد الهيئة العامة لمحكمة التمييز على ان الاشعار يجوز ان يكون مرسلاً قبل انهاء عمل العامل او بعد ذلك (( تمييز حقوق 1712/2005 )) وعليه فإن هذين السببين يردان على القرار المميز” .

ويتضح من قرار محكمة التمييز ان القضاء قد ذهب الى اعتبار أن الانهاء أو التعليق إنما هي من قبيل الاجازة لصاحب العمل ، حيث جاء في القرار اعلاه “ان المشرع قد اجاز لصاحب العمل انهاء العقود غير محدودة المدة او تعليقها في حال قيام ظروف اقتصادية او فنية تستدعي هذا الانهاء ” وبذلك يتضح جليا استخدام واعتماد القضاء لألفاظ تفيد معنى الجواز الشرعي ومما يعزز ذلك ان القرار قد ذهب الى اعتبار الحالات المذكورة في نص المادة 31 من قانون العمل ما هي امثلة ضربها المشرع وأوردها على سبيل المثال لا الحصر.

إن اعتبار حالة الانهاء اجازة من المشرع لصاحب العمل يعني بطبيعة الحال أن هذه الاجازة هي حق شُرع لمصلحة صاحب العمل في حال طرأ على العمل ظروف اقتصادية أو فنية تستدعي انهاء عقود العمل أو وقفها لمدة زمنية بينما تتاح الفرصة لصاحب العمل تصويب اوضاعه الاقتصادية أو الفنية، في يصبح هذا الحق مستحقا ومن الممكن إعماله عند توفر شروط المحددة في المادة 31 من قانون العمل ، بحيث تضخع المادة 31 حق صاحب العمل لرقابة رسمية لتقدير مدى مشروعية ممارسة صاحب العمل لحقه دون التعسف باستعمال هذا الحق ، ويكون ذلك باتباع صاحب العمل لمبادئ حسن النية عند تطبيق احكام المادة 31 من قانون العمل بوصفها المادة الناظمة لحالة انهاء عقود العمل لأسباب اقتصادية أو فنية.

وحتى يعتبر الانهاء أو التعليق مشروعا وفقا لنص المادة 31 من قانون العمل ؛ فلا بد أن يكون ذلك لأسباب اقتصادية أو فنية، وهذه الاسباب ليست مطلقة بل وضع لها المشرع معايير يمكن استقاءها من الامثلة التي أوردها المشرع في المادة 31 ، وهذا ما ذهب اليه اجتهاد محكمة التمييز حيث استقر على اعتبار ما ذكره المشرع انما جاء على سبيل المثال، وهذا ما يظهر واضحا من خلال اجتهاد محكمة التمييز المذكور سابقا

وعليه وبعد استعراض نص المادة 31 من قانون العمل وتحليله بالتزامن مع قرار محكمة التمييز سالف الذكر والمستقر عليه قضائيا فإنه يمكننا استنباط تعريف لحالة انهاء أو تعليق عقد العمل لأسباب اقتصادية أو فنية على انه “رخصة من المشرع لصاحب العمل بانهاء أو تعليق عقد العمل غير محدد المدة عند قيام ظروف جدية اقتصادية او فنية تستدعي هذا الانهاء أو التعليق”

ومن خلال هذا التعريف يمكن لنا استنباط اربعة شروط حتى يعتبر انهاء أو تعليق عقد العمل مشروعا ، وهذه الشروط هي:

أولا: أن يكون عقد العمل غير محدد المدة.
ثانيا: أن تكون اسباب الانهاء او التعليق اقتصادية أو فنية.
ثالثا: أن الاسباب الاقتصادية أو الفنية جدية ومبررة.
رابعا: تبليغ وزير العمل خطيا.