أحكام رخصة البناء والمنازعات المتعلقة بها

مقــــدمة:

تعدّ قواعد التّهيئة و التّعمير في تاريخ البشرية حضارة, علم, فن وأخلاق وهي التعبير عن مجموعة من المعارف والمهارات وإنبعاث لثقافة حضارة التمدن الّتي تساهم في تطوير الإنسان وأفكاره و حياته الاجتماعية و ترجمة لها من خلال فن تنظيم البناء و العمران.
و تعدّ نوعية البنايات و شكلها وإدماجها في المحيط و إحترام المناظر الطّبيعية والحضرية و حماية الثرات الثقافي و التاريخي منفعة عمومية لكامل أفراد المجتمع والدولة على السواء .
و قد تطوّرت هذه المفاهيم لتصبح قوانين قائمة بذاتها تشمل وضع القواعد القانونية الرّامية إلى كيفية تنظيم المدن وإنجاز التّجمعات السكنية العمرانية, تنظيم إنتاج الأراضي القابلة للتّعمير , إنجاز وتطوير المباني حسب التّسيير العقلاني للأرض , تحقيق التوازنات بين مختلف الأنشطة الاجتماعية ( زراعة, صناعة, سكن ) , المحافظة على المحيط والبيئة والمنظر العام الحضاري و هذا بموجب سياسة وإستراجية عامة تحدّد على أساسها القوانين وتنفذ عن طريق أدوات التهيئة و التّعمير.
إنّ سياسات التهيئة والتعمير في الجزائر مرّت بعدّة مراحل حاولت من خلالها الحكومات المتعاقبة ومنذ الاستقلال التحكم في قواعد البناء و التّوسع العمراني ورغم أنّها وإن غيّرت شيئا من مظاهر الحياه العمرانية والاجتماعية إلاّ أنّ هذه القواعد ظلّت ناقصة وغير كافية ولم تواكب ما توصّلت إليه الحضارات الإنسانية المقارنة لأسباب موضوعية أهمها : التّخلف الاقتصادي والنزوح الريفي و النمو الدّيمغرافي المفرط وعدم فعالية القوانين والتنظيمات الّتي طبقّت في هذا المجال تنفيذا لسياسة معيّنة الأمر الذي أدّى إلى توطّأ الجهات الإدارية و كذا المستوى الثقافي السائد آنذاك.
وعليه ترتب ظهور مدن بأكملها وأحياء وبنايات كبيرة و منشآت من العدم تفتقر لأدنى قواعد التهيئة العمرانية والصحية ودون إحترام لأدنى المقاييس والشروط المطبقة في هذا المجال أوعلى أراضي زراعية جد خصبة أو في مناطق تسمى اليوم محمية و مصنفة دوليا وداخليا ، كما أطلق على نوع منها إسم البناءات الفوضوية والتي فرضت وجودها كحتمية مما يتطلب الأمر ظهور قانون لتصحيح هذه الأوضاع والاعتراف بها بموجب مرسوم211 – 85 المتعلق بتسوية البناءات الفوضوية .
وإذا أردنا مسايرة التطور التاريخي لقوانين التهيئة العمرانية في الجزائر منذ الإستقلال :
فقد صدر الأمر 62 / 157 المؤرخ في 31 //12 1962 الّذي ينصّ على مواصلة العمل بالقوانين الفرنسية السّائدة بإستثناء ما يتعارض مع السيادة الوطنية أو يشمل قواعد التّّمييز العنصري .

و بذلك تم الإستمرار في العمل بالمرسوم الفرنسي الصادر في1958/12/31 إلى غاية صدور الأمر67-75 المؤرّخ في 1975/09/26 المتعلّق برخصة البناء رخصة التجزئة وهو أوّل نص تشريعي يصدر عن الدولة الجزائرية في هذا المجال وبعدها صدرت مجموعة من النصوص القانونية حاول من خلالها المشرّع التدّخل و علاج المسائل المتعلقة بالبناء أمام ظاهرة النمو الديمغرافي الكبير والتوسّع العمراني الضخم والبناء الفوضوي اللامسؤول فصدر القانون 02-82 المؤرّخ في 1982/02/06 المتعلّق برخصة البناء و رخصة التّجزئة والّذي ألغى جميع الأحكام القانونية المخالفة له وكذا القانون 0 3-83 المؤرّخ في 1983/02/05 المتعلق بحماية البيئة.
ثمّ بعدها حدّد المشرّع الجزائري إنتقاليا قواعد شغل الأراضي قصد المحافظة عليها وحمايتها بموجب الأمر 01-85 المؤرّخ في 1985 /08/13 ليصدر في نفس التّاريخ الأمر211-85 الّذي يحدّد كيفية تسليم رخصة البناء ورخصة تجزئة الأراضي المخصّصة للبناء والمرسوم 212-85 المتعلّق بتسوية البناءات الفوضوية ثمّ صدر قانون 03-87 المؤرّخ في 1687/01/27 والمتعلّق بالتهيئة العمرانية.
و في بداية التّسعينات, وفي ظلّ الإصلاحات العامّة الّتي شرع فيها تطبيقا للدستور1989 , عرفت القواعد المطبقة في مجال التهيئة والتّعمير تحوّلا كبيرا وعميقا تجسّد بصدور قانون الولاية و البلدية 90 / 08 و 90 / 09
المؤرّخين في 1990/04/07, و الّذان حدّدا الصلاحيات و مجال تدخلهما في هذا المجال كهيئات إدارية لضمان الرّقابة و صدور قانون 25-90 المؤرّخ في 1990/11/18 المتعلّق بالتوجيه العقاري, الّذي صنف الأراضي من حيث طبيعتها ووضع الأحكام الّتي تنظم الإطار العام للتّحكم في العقار الحضاري ثم يليه القانون 90-29 المؤرّخ في 1990/12/01 المتعلّق بالتهيئة والتعمير والمراسيم التنفيذية المطبقة له والّذي يعدّ بداية لمرحلة جديدة فعلية وحاسمة لتطبيق توجّه جديد يضبط قواعد النشاط العمراني بوضع قواعد وآليات للرقابة ولا سيما تلك المتعلّقة بالرقابة وتقنين أدوات التهيئة والتّعمير.
غير أن الأزمة الأمنية الحادة والأوضاع التي عاشتها البلاد أفرزت تعقيدات كبيرة حالت دون الإستمرار في تطبيق السياسة العمرانية الجديدة , مما جعل بعض القوانين الهامة لاسيما المتعلقة بالرقابة البعدية وكذا ضبط قواعد البناء في المناطق المحمية تتأخر عن الصدور طيلة 8 سنوات إنجر عنه فراغ تشريعي كبير حتّى عام 1998 و هي كمايلي :

 القانون رقم 04-98 المؤرخ في 05-06-1998 يتعلق بحماية الثرات الثقافي.
 القانون رقم 01-99 المؤرخ في 1999-12-06 محدد لقواعد الفندقة المواد 51-46 المتعلقة بقواعد بناء المؤسسات الفندقية
 القانون 02 – 01 المؤرخ في 2000-04-24 المتعلق بتهيئة الإقليم وتنميته المستدامة .
 القانون 02-02 المؤرخ في 02-02-05 المتعلق بحماية الساحل و تثمينه .
 القوانين 01-03 المتعلق بالتنمية المستدامة للسياحة .
ق 02-03 يحدد القواعد العامة للإستعمال و الإستغلال السياحين للشواطئ .
ق 02-03 يتعلق بمناطق التوسع و المواقع السياحية و المؤرخة في 2003-02-17
 المرسوم التنفيذي 90-2000 المؤرخ في 24 2000-04- يتضمن التنظيم الحراري في البنايات الجديدة.

إن هذه الترسانة و الحجم الكبير من القوانين فإن دلت فإنما تدل على أهمية مجال التهيئة و التعمير وإحتلاله مكانة بارزة من حيث صدور القوانين والأهمية الكبرى التي توليها الدولة لهذا المجال .
لكن من المؤكد أنه بعد زلزال 21ماي 2003 و ما أحدثه من أضرار كبيرة في الأرواح البشرية وحجم البنايات المنهارة سوف يعاد النظر في كلّ القوانين والتنظيمات المتعلقة بالتهيئة والتعمير نظرا لما أبرزته هذه الكارثة من نقائص في التشريع ومحدودية ميكانزمات الرقابة القبلية و البعدية ولعلّ أهمها هو صدور الأمر 03-12 المؤرخ في26 / 08 / 2003 يتعلق بإلزامية التأمين على الكوارث الطبيعية و بتعويض الضحايا .
ومن هذا المنطلق يتبين لنا أن قواعد التهيئة و التعمير هي قواعد آمرة جوهرية و من النظام العام و تفرض عقوبات على مخالفتها بإعتبارها تهدف إلى تحقيق مصلحة عامة سياسية وإجتماعية وإقتصادية و ثقافية تعلو على المصالح الذاتية للأشخاص كما يتبين أن قوانين التهيئة و التعمير تهدف في الأخير إلى التوفيق و المعادلة بين أمرين :
أولهما : التوفيق بين الحق في النشاط العمراني إبتداءا من جميع عملية البناء إلى الهدم و من ناحية ثانية المحافظة على النظام العام في مجال التهيئة و التعمير بكلّ أبعاده و هذا بوضع قواعد قانونية موضوعية تضمن ذلك ولا تكون عائقا أو حائلا أمام مبادرات الاستثمار وكذا الاستجابة للتضخم السكاني الكبير.
ثانيهما: التوفيق بين آليات الرقابة الممنوحة للإدارة في مجال التهيئة و التعمير كسلطة عامة ضابطةو مدى تدخل الجهات القضائية تطبيقا للمبدأ خضوع الإدارة للقانون وإحتراما للمبدأ الشرعية كما يتجلى ذلك من خلال المظاهر الأتية :
? مدى إمتياز الإدارة في التنفيذ الإداري المباشر دون اللّجوء إلى القضاء كما في عمليات الهدم عند معاينة المخالفات من قبل الموظفين المؤهلين .
? مدى تأهيل القاضي و صلاحياته في مراقبة وتوجيه أعمال الإدارة تماشيا مع مبدأ الشرعية و بإعتبار أن قواعد التعمير هي قواعد تنظيمية و تقنية بحتة .
? مدى جواز القاضي الإداري توجيه أوامر الإلزام للإدارة في ذلك .
? مدى صلاحية القاضي الجزائي في إتحاذ التدابير العينية إلى جانب الحكم بالعقوبات الجزائية.
و من هنا يثور التساؤل عن الآليات و الوسائل القانونية و الإدارية الممنوحة للإدارة من أجل مراقبة الحركة العمرانية و الحفاظ على النظام العام و من ناحية ثانية مدى تدخل القضاء لا سيما في المنازعات المتعلقة برخصة البناء بشتى مظاهرها وأنواعها.
ومن ثمة فإننا نعالج هذا الموضوع و نتناوله وفقا للحظة المقترحة كمايلي وبالإعتماد على المنهج التحليلي:
الفـــصل الأول : آليات و قواعــــد رقابة الإدارة في مجـال التهيـئة والتعمير :
إنه و منذ صدور القانون 29-90 المتعلق بالتهيئة و التعمير و قبله القانون 25-90 المتعلق بالتوجيه العقاري تبنّى المشرع الجزائري توجه جديد ونمط و إستراتيجية للرقابة من شأنها ضمان احترام القواعد في مجال النشاط العمراني و هذا بوضع حد للظاهرة البناءات الفوضوية وتحقيق الإستعمال اللاعقلاني للأراضي ، كما حاول تفادي النقائص الواردة في التشريعات السابقة تفاديا لبروز الوضعيات اللاقانونية التي لا يمكن تسويتها أو الاعتراف بها و هذا بوضع تنظيم أكثر حزما يحدد قواعد شغل العقار الحضري و التوسع العمراني من حيث القواعد الموضوعية و الإجراءات و كذا الجهات الإدارية المؤهلة لممارسة عمليات الرقابة و كذلك بفرض عقوبات جزائية فيما يخص المخالفات.
و هذا بوضع التقنيات و الميكانيزمات التي تفرض إحترامها وإلزاميتها في إطار الرقابة القبلية أو رقابة المتابعة ” الرقابة البعدية ” على الأنشطة العمرانية.
إلى جانب ذلك فإن المشرع فرض آليات من أجل حماية المساحات و المواقع المحمية البارزة وهذا بتحديدها والعمل على تصنيفها و كذا فرض قواعد متميزة تختص بها بموجب أحكام تشريعية خاصة نظرا للإعتبارات التاريخية , الثقافية , الحضارية ، البيئية ، الإقتصادية التي تقوم عليها.

المبحث الاول : آليات الرقـابـة القبـلــية :
نتعرض من خلال هذا المبحث إلى القواعد القانونية العامة للتهيئة و التعمير و إلى الرقابة الإدارية القبلية بواسطة أدوات التعمير و كذا عن طريق الشهادات و الرخص.
المــــطلب الأول : القـــواعد العــامة للتهيـئـة والتعمير :
إن هذه القواعد هي عبارة عن قواعد موضوعية تتعلّق بالأرض القابلة للتعمير و مقاييس البناء كحد أدنى من القيود و الالتزامات الواجب إحترامها في أي عملية للتشييد أو البناء أو في حالة غياب أدوات التعمير أي قبل إعتمادها و المصادقة عليها قانونا.

الفرع الأول : في القــــانون 25-90 المتعلق بالتوجيه العقاري :
تضمن هذا القانون مبادئ و قواعد قانونية جديدة تتماشى مع التوجيه الجديد للدولة الجــزائرية نحو نمط إقتصاد السوق بموجب دستور 1989، حيث قام بتكريس حق الملكية العقارية الخاصة و تحرير المعاملات المتعلقة بالعقارات و كذا تحديد الأصناف القانونية العامة لها و كذلك التصنيف التقني للأراضي و تعريفها‏ .
و عليه فقد تعرض إلى تعريف الأراضي العامرة و الأراضي القابلة للتعمير في إطار تحديد عناصرها التقنية ودون أن يغفل التعرض إلى المساحات و المواقع المحمية و الإعتبارات التي تقوم عليها ووسائل حمايتها و هذا بموجب أحكام تشريعية خاصة.
و أخيرا و في إطار التهيئة و التعمير فقد تتطرف القانون 25-90 للأحكام المتعلقة بالأراضي العامرة و القابلة للتعمير من حيث مايلي :
? التعريف بأداوات التعمير و الأسس التقنية التي تقوم عليها.
? إجراءات إعدادها و المصادقة عليها و القوة الإلزامية لها.
? إنشاء هيئات التيسير و التنظيم للمحفظة العقارية التابعة للجماعات المحلية.
? إنشاء حق الشفعة للدولة و مؤسساتها.
? القيود الخاصة في إستعمال الأراضي و كيفية التحويل إلى صنف الأراضي القابلة للتعمير.

الفرع الثاني : في القــــانون 29-90 المتعلــق بالتهيــئة والتعـــمير :
يتضمن هذا القانون وضع القواعد القانونية الجديدة الرامية إلى تنظيم إنتاج الأراضي القابلة للتعمير و تكوين و تحويل المبنى في إطار التسيير الاقتصادي للأراضي و الموازنة بين وظائف السكن و الفلاحة و الصناعة و أيضا وقاية المحيط والأوساط الطبيعية و المساحات و المواقع المحمية على أساس إحترام مبادئ أهداف السياسة الوطنية الجديدة للتهيئة و التعمير .
? فقد حدّد الأحكام القانونية و التنظيمية كحد أدنى الخاصة بالنشاط العمراني و في غياب أدوات التعمير كتعريف القطع الأرضية القابلة للبناء و المواصفات و مقاييس البناء عليها.
? التعريف بأدوات التعمير من حيث تشكيلها والوظائف المسندة لها وإجراءات إعدادها والمصادقة عليها والجهات الإدارية المختصة بالإستشارة و كذلك الأهداف التي ترمز تحقيقها.
? تحديد المناطق المحمية و التعريف بها و قواعد وإجراءات حمايتها كالساحل و الأقاليم ذات الميزة الطبيعية و الثقافية البارزة و الأراضي الفلاحية ذات المردود الفلاحي العالي أو الجيد والغابات .
? تحديد الجهات الإدارية المكلفة بالرقابة و وضع المخالفات و العقوبات المقررة لها و إختصاصات الجهات الفضائية في ذلك.
? النص على مختلف الشهادات و الرخص الإدارية و طرق تسليمها و كذا الطعن فيها.
الفرع الثالث : في المرسوم التنفيذي 91-175 يحدد القواعد العامة للتهيئة و التعمير و البناء:
يضع هذا المرسوم القواعد الفنية العامة للأراضي العمرانية و المقاييس الواجب إعتمادها في البناءات كحد أدنى من الضوابط أو في حالة غياب أدوات التعمير و التي على أساسها تمنح رخصة البناء أو يرفض منحها أو تمنح ضمن أحكام و شروط خاصة يضاف إليها ما جاء به القرار الوزاري المشترك المؤرخ في 13-09-1992يتعلّق بحقوق البناء المطبقة على الأراضي الواقعة خارج المناطق العمرانية للبلدية و المرسوم التنفيذي 2000/90 المذكور أعلاه.
و يمكن حصرها كما جاء في هذا المرسوم إلى ما يلي :
? من حيث موقع البنيابات و الطرق المؤدية إليها .
? من حيث موقع البنايات و حجمها .
? من حيث كثافة البنايات في الارض عن طريق تحديد معاملات إستغلال الأراضي العمرانية
? من حيث المظهر العام للبنايات و الشكل الخارجي .
? من حيث الإجراءات التي تطبق على العمارات ذات الإستعمال السكني .

المطلب الثاني : الرقابة بإستعمال أدوات التعمير :
إنه من أهم الضمانات التي جاء بها القانون 90-29 هو أنه قنن أدوات التعمير و جعلها ملزمة للغير و للجميع بما فيها الإدارة ذاتها وهذا عندما نصّ في المادة 1 4 منه بقولها ” و تلتزم السلطة التي وضعتهما بإحترام محتواهما ” . و نصت المادة 10 منه كذلك على أنّه : ” لا يجوز استعمال الأراضي أو البناء يناقص مع التنظيمات التعمير دون تعريض صاحبه للعقوبة المنصوص عليها في القانون”.
و في حالة غياب هذه الأدوات حدّد كذلك القواعد العامة للتعمير التي تشكل حد أدنى يجب إحترامه في إنجاز أيّة بناء أو مشروع عمراني و عليه فإنّ أدوات التهيئة و التعمير هي تلك الآليات التي تحدّد التوجهات الأساسية لتهيئة الأراضي كما تضبط توقعات التعمير و قواعده و تحدّد على وجه الخصوص الشروط التي تسمح بترشيد إستعمال المساحات ووقاية النشاطات الفلاحية و حماية المساحات الحسّاسة و المواقع و المناظرو تعيين الأراضي العمرانية و تحقيق التوازنات بين مختلف النشاطات الاجتماعية و الاقتصادية ذات المنفعة العامة المتعلقة بالعمران [ صناعة, فلاحة, سكن ]و البنايات المرصودة للإحتياجات الآتية و المستقبلية في مجال التجهيزات الجماعية المتعلقة
بالخدمة و النشاطات و المساكن و تحدّد أيضا شروط التهيئة و البناء للمواجهة الأخطار الطبيعية وهي نوعان :

الفـــــــرع الأول : المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية : P .D .A .U
? القانون 29-90 المواد 16 إلى 30 :
? المرسوم التنفيذي 177-91 المؤرخ في 1991-05-28 يحدّد إجراءات إعداد المخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير و المصادقة عليه.
أولا : التعريــف :
هو أداة للتخطيط و التسيير المجالي و الحضري , تحدّد فيه التوجيهات الأساسية للسياسة العمرانية و ضبط التوقعات المستقبلية للتعمير آخذا بعين الإعتبار تصاميم التهيئة و مخططات التنمية و يضبط الصيغ المرجعية لمخطط شغل الأراضي.

ثانيا / مشتملاته : يشمل هذا المخطط على مايلي :
? تقرير توجيهي : تحدّد فيه التوجهات العامة للسياسة العمرانية بعد تقديم شرح للوضع الحالي وآفاق التنمية العمرانية و المناطق التي سوق يطبّق فيها ، و يمكن أن يضم بلدية أو مجموعة من البلديات تجمع بينهما مصالح إقتصادية و إجتماعية بإقتراح من رؤساء المجالس الشعبية للبلديات المعنية و بقرار من الوالي المختص إقليميا.
? نظام تضبط فيه القواعد المطبقة حسب كلّ منطقة و حسب الأولويات و عليه:
? يحددّ التخصيص العام للأراضي على تراب البلدية أو مجموعة من البلديات حسب القطاع.
? يحدّد توسّع المباني السكنية و تمركز المصالح و النشاطات و موقع التجهيزات الكبرى و الأساسية.
? يحدّد مناطق التدخل في الأنسجة الحضرية و المناطق الواجب حمايتها .
كما يقسم المنطقة التي يتعلق بها إلى قطاعات محدّدة كمايلي :
? القطاعات المعمّرة الحالية.
? القطاعات المبرمجة للتعمير على الأمدين القصير و المتوسط في آفاق 10 سنوات.
? قطاعات التعمير المستقبلية على المدى البعيد في آفاق 20 سنة .
? القطاعات الغير قابلة للتعمير.
كما تحدّد فيه أيضا الإرتفاقات و البناءات الممنوعة , كثافة التعمير, المساحات التي يشملها مخطط شغل الأراضي , مناطق إنجاز المنشئات الكبرى و المرافق العامة و شروط البتاء في المناطق المحمية.
? المستندات البنائية أو المخططات و هو تجسيد تقني لما جاء في المخطط.

ثالثا / إجراءات الإعداد و المصادقة:
-1 المبدأ أنّه يجب تغطية كلّ بلدية بمخطط توجيهي للتهيئة و التعمير يتمّ إعداده بمبادرة من رئيس المجلس الشعبي البلدي و تتمّ الموافقة على مشروع المخطط بعد مداولة المجلس الشعبي للبلدية أو البلديات المعنية.
2 -إجراء تحقيق عمومي من قبل رئيس المجلس الشعبي المعني خلال مدّة 45 يوم.
-3 عرض المشروع للإطلاع على كلا من رؤساء غرف الفلاحة , رؤساء المنظمات المهنية, زؤساء الجمعيات المحلية و كذا طلب الإستشارة و جوبا من الهيئات التي تشكل المصالح الخارجية للوزارات و المبنية في المرسوم أعلاه.
4 – المصادقة عليه بموجب مداولة من المجلس الشعبي البلدي.
-5 يصادق على المخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير و حسب الحالة و تبعا لأهمية البلديات :
? بقرار من الوالي : بعد أخذ رأي المجلس الشعبي الولائي للبلديات المعنية التي يقلّ عدد سكانها عن 200.00 ساكن.
? بقرار مشترك من الوزير المكلف بالتعمير مع وزير أو وزراء آخرون[الدّاخلية] بعد استشارة الوالي المعني للبلديات التي يكون عدد سكانها 200000 و يقلّ عن 500000 ساكن.
? بموجب مرسوم تنفيذي يتّخذ بناء على تقرير من الوزير المكلّف بالتعمير بالنسبة للبلدية أو البلديات المعنية التي يفوق عدد سكانها 500000 ساكن.
6 – يبلغ المخطط المصادق عليه للوزير المكلّف بالجماعات المحلية ، الوزير المكلّف بالتعمير و مختلف اللأقسام الوزارية و رؤساء المجالس الشعبية الولائية و البلدية.
-7 يوضع تحت تصرّف الجمهور و ينشر بإستمرار في الأمكنة المخصّصة عادة للمنشورات الخاصة بالمواطنين بالبلديات.

الفــــرع الثاني : مخطط شغل الأراضي : P.O.S
? القانون 29-90 المواد 31 إلى 38
? المرسوم التنفيذي 178-91 المؤرخ في 1991-05-28 يحدّد إجراءات إعداد مخططات شغل الأراضي و المصادفة عليها و محتوى الوثائق المتعلّقة به .
أولا / التعريف :
هو أداة من أدوات التعمير , يغطى في غالب الأحيان تراب بلدية كاملة ، تحدد فيه و بصفة مفصّلة قواعد و حقوق استخدام الأراضي و البناء من حيث الشّكل الحضري للبنايات الكمية الدنيا و القصوى من البناء المسموح به و المعبر عنه بالمتر المربع أو المتر المكعب من الأحجام ، المظهر الخارجي للبنايات, المساحات العمومية و الخضراء, الإرتفاعات الشوارع, النصب التنكارية,مواقع الأراضي الفلاحية الواجب حمايتها… و في إطار إحترام القواعد التي تضمنها المخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير.

ثانيا / المشتملات :
طبقا لمرسوم التنفيذي المذكور أعلاه فإنّ مخطط شغل الأراضي يشمل على الوثائق التالية :
? مذكرة إيضاحية و تقديم ، تبرز فيها مطابقة ما يتضمّنه مخطط شغل الأراضي مع الظوابط التي حدّدها المخطط التوجيهي و برنامج التنمية للبلدية أو البلديات المطبق فيها في شكل لائحة تنظيم.
? نظام يحدّد بالتفصيل حقوق البناء و كيفية إستخدام الأرض بالنسبة لكلّ منطقة ويضبط فيه الشكل الحضري أو العمراني و تحدّد الشوارع و الإرتفاقات و الأحياء و الحد الأدنى و الأقصى للبناء المسموح به في المتر الربع و المتر المكعب الحجمي و القواعد المتعلّقة بالمظهر الخارجي إلى غيرذلك .
? المستندات البيانية و المخططات الطبوغرافية و الخرائط تبين المنافذ, الطرق, وصول الشبكات إليها, موقع المباني, إرتفاعها, مواقف السيارات و هي تجسيد تقني لما تضمنه النظام من قواعد و أحكام بمختلف المقاييس.

ثالثا / إجراءات الإعداد و المصادقة :
القاعدة أنه يجب أن تغطى كل ّبلدية أو جزء منها بمخطط شغل الأراضي و يحضر مشروعه بمبادرة من رئيس المجلس الشعبي البلدي و تحت مسؤوليته حتّى يكون بعد إعداده و الصادقة عليه إصلاحية البلدية كجهة إدارية لا مركزية التسليم رخص البناء و باعتبار من رئيس المجلس الشعبي بلدي ممثلا للبلدية و عليه فإنّه :
-1 يقرّر إعداده بموجب مداولة من المجلس الشعبي البلدي المعني و بقرار من الوالي أو الوزير المكلّف بالتعمير وزير التجمعات المحلية حسب الحالات.
-2 يطرح مشروع مخطط شغل الأراضي لتحقيق عمومي خلال مدّة 6 0 يوم.
-3 عرض المشروع للإطلاع على كلا من رؤساء غرف التّجارة و رؤساء غرف الفلاحة ورؤساء المنظمة المهنية ورؤساء الجهات المحلية و المجتمع المدني و كذا طلب الاستشارة و جوبا من الهيئات الإدارية التي تشكل المصالح الخارجية للوزارات و المبنية في المرسوم أعلاه و كذا خضوعه للإستقصاء العمومي 60 يوما
-4 المصادقة عليه بموجب مداولة من المجلس الشعبي البلدي بعد أخذ رأي الوالي على أساس نتائج الاستقصاء العمومي .
-5 يبلغ مخطط شغل الأراضي المصادق عليها إلى الوالي المختص و كذا مديرية التعمير, الغرفة التجارية والفلاحية.
-6 يوضع تحت تصرّف الجمهور مع قائمة الوثائق و البيانات التي يتكون منها.

الفـــــرع الثالث : مدى الطبيعة الإلزامية لأدوات التعمير :
إنه من أهم الضمانات التي كرّسها القانون 2 9 – 90 هو أنّه قنن أدوات التعمير و منح القواعد التي جاءت بها حكم القواعد الجوهرية الآمرة المتّصلة بالنظام العام [و التي لا يجوز الاتفاق على مخالفتها ] .
فقد حدّد القانون إجراءات إعداد أدوات التعمير و المصادقة عليها وأخضعها للإستشارة واسعة محاولا إشتراك الجميع وإعلامه في إعدادها من خلال اشتراك الهيئات و المؤسسات و المجتمع المدني و كذا الجمهور لتمكينهم من التعبير عن إنشغالاتهم و إدراج إقتراحاتهم قبل المصادقة عليها قانونا و هو مايدلّ على الأهمية الكبيرة التي أولها المشرع لهذه الأدوات و الوظيفة السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و التنفيذية التي تؤديها ، لأنّه وبعد المصادقة عليها تصبح أدوات التعمير و ما جاءت به من قواعد وأحكام ملزمة للجميع بما فبها الهيئات الإدارية التي أعددتها و صادقت عليها . و عليه فإنّه لايجوز إستعمال الأراضي أو البناء أو أيّة نشاط عمراني على نحو يتناقض معها تحت طائلة العقوبات المقرّرة قانونا لذلك . و لا يمكن مراجعتها أو تعديل ما فيها إلاّ بإتباع نفس كيفيات و إجراءات المصادقة عليها و بشروط موضوعية محدّدة على سبيل التّدقيق و الحصر .
و بما أنّ أدوات التعمير هي التي تحدّد كيفية إستعمال الأرض و شروط و حقوق البناء فإنّ الملاك و المستعملين ملزمين كذلك بإحترام الوجهة القانونية و التنظيمية التي حدّدتها للأرض و تنفيذ كلّ الأشغال و الأنشطة العمرانية وفقا لما جاء في هذه الأدوات, فإذا نصت على أن عقار ما سوف يخصّص لانجاز مشروع ذي منفعة عمومية فمعناه أنّه إذا كان ملكا خاصا فإنّ إجراء نزع الملكية سوف يشمله وعلى الإدارة إتحاذ الإجراءات المناسبة كرفض منح رخصة البناء أو تأجيلها أو فرض بعض الارتفاقات حتّى لا تلجأ إلى دفع تعويضات أكبر.
و إذا تقرّر أن العقّار سوف يخصص لإنجاز سكنات جماعية فلا يمكن للمالك كذلك أن يستعمله لغرض آخر و إذا صنف عقار على أنّه غير قابل للبناء فإنّ مالكه أيضا لا يمكنه الحصول على رخصة من أجل البناء فيه إلى غير ذلك من القيود.
و لضمان إحترام أدوات التعمير وضع المشرع ميكانيزمات أخرى تضمن فعليا تجسيد هذه الأدوات و تحقيقها على أرض الواقع وهي الرقابة الإدارية عن طريق الرخص و الشهادات.

المطــلب الثالث : الرقابة عن طريق الشهادات و الرخص :
القانون 2 9 – 90 نصّ أيضا على شهادات ورخص مسبقة تمكن الإدارة من الاضطلاع بمهمتها الرقابية و كذا الاشراف و التوجيه و الإعلام بالوضعيات القانونية و الإدارية للعقارات المعنية كما أنه لابد من الحصول عليها قبل الشروع في أيّ بناء أو إحدات تغيير في أو هدمه , و ضبطت إجراءتها و كيفيات الحصول عليها بالمواد 72 – 50 منه و كذا المرسوم التنفيذي 176-91 المؤرّخ في 1991-05-08 الذي يحدّد كيفيات تحضير شهادات التعمير ورخصة التجزئة و شهادة التقسيم و رخصة البناء و شهادة المطابقة و رخصة الهدم و تسليم ذلك.
و هي عبارة عن وثائق و مستندات إدارية تمنحها الجهات الإدارية المختصة و تجسد الرقابة القبلية و حتّى البعدية فيما يخصّ شهادة المطابقة أو تعطي معلومات حول حقوق البناء أو إرتفاقاته في عقار ما.

الفـــرع الأول : شهادة التعمير . CERTIFICAT D’UBANISME
المواد 6-2 مرسوم تنفيذي91 /176 :
أولا / التعريف : هي تلك الوثيقة الإدارية التي تبين حقوق البناء والإرتفاقات التي تخضع لها الأرض المعنية حيث تبين :
? أنظمة التهيئة والتعمير المطبقة على القطعة الأرضية.
? الإرتفاقات المدخلة على القطعة القطعة الأرضية كتوقعات نزع الملكية.
? الإرتفاقات الإدارية الأخرى لاسيما منع البناء أو تحديده.
? خدمة القطعة الأرضية بشبكات من الهياكل القاعدية العمومية الموجودة أو المتوقعة .

ثانيا / تسلّم بناء على طلب من كلّ شخص معني والذي يشتمل – الطلب – على : ” موضوع الطلب, إسم مالك الأرض , العنوان , التصميم , المراجع المساحية”.

ثالثا / يودع طلب شهادة التعمير و الوثائق المرفقة به بمقر المجلس الشعبي البلدي ويدرس هذا الطلب وتسلم الشهادة حسب أشكال منح رخصة البناء .

رابعا / تبلغ خلال الشهرين المواليين لإيداع الطلب.

خامسا / تحدّد مدة صلاحياتها بسنة واحدة من تاريخ التبليغ.

سادسا / و يمكن لصاحب التعمير عند عدم إقتناعه بالرد الذي يبلغ له أو في حالة سكوت السلطة المختصة خلال الآجال المطلوبة ، التقدّم بطعن سلمي أو رفع دعوى أمام الجهات القضائية.

سابعا / أهميتها :
? إحاطة الجمهور والغير و إعلامه بالوضعية القانونية و الإدارية للقطعة الأرضية المعنية.
? لا يمكن طرح أنظمة التعمير المذكورة في شهادة التعمير للبحث من جديد إذا صدر طلب رخصة البناء المتعلقة بالعملية المبرمجة خلال مدّة صلاحية الشهادة.

الفـــــــرع الثاني : شهادة التقسيم CERTIFICAT DE MORCELLEMENT
المواد 32-26 من المرسوم التنفيذي 176-91 :
أولا / التعريف : هي الوثيقة الإدارية التي تبين شروط إمكانية تقسيم ملكية عقارية مبنية إلى قسمين أو عدّة أقسام و دون تغيير في حقوق البناء أو الإرتفاقات المفروضة عليها . و لا تصلح كشهادة للتعمير .
ثانيا / الطلب : يكون من المالك وحده أو موكله و عليه إرفاق الطلب نسخة من عقد الملكية أو التوكيل.
ثالثا / إرفاق الطلب بملف كامل يشتمل تصميم الموقع, التصاميم الترشيدية التي تشمل مخططات كتلة البناءات , المساحة المبنية , المساحة الإجمالية ن تخصيص القطعة الأرضية المقرّرة في إطار إقتراح التقسيم.
رابعا / يحضر الطلب في 05 نسخ و يودع بأمانة رئيس المجلس الشعبي البلدي و تسلّم طبقا للأشكال المقرّرة بخصوص رخصة التجزئة و خلال الشهرين المواليين لتاريخ إيداع الطلب.
خامسا / و تحدّد مدّة صلاحية شهادة التقسيم بسنة واحدة إبتداءا من تاريخ تبليغها.

الفـــــــرع الثالث : رخصة البناء PERMIS DE CONSTRUIRE :
تعتبر رخصة البناء من أقدم أدوات مراقبة البناء إذ يعود تاريخ استحداثها إلى عهد الحضارة الميزوبوتاسية و ألواح حمورابي .
فهي رخصة تمكن من إنجاز بناية جديدة أو إدخال تعديلات أو ترسيمات على بناية قديمة طبقا لقواعد و أدوات التعمير وتطلب عند إنجاز أي بناء بما فيها بناء الأسوار ما عدا تلك المحمية بسرية الدفاع.
و عليه فهي أداء رئيسية و جوهرية في مجال التهيئة و التعمير و هو الموضوع الذي سنتناوله بالتفصيل في الفصل الثاني المتعلّق بمنازعات رخصة البناء و أحكامها.

الفـــــــــــرع الرابع : رخصة التجزئة PERMIS DE LOTIR
المواد 59-58-57 ق 29-90, المواد 7إلى 25:
أولا / التعريف : هي تلك الوثيقة الإدارية التي تشترط لكلّ عملية تقسيم لقطعتين أو عدّة قطع أرضية غير مبنية من ملكية عقارية واحدة أو عدّة ملكيات مهما كان موقعها و التي من شأنها أن تستعمل في تشييد بناءات جديدة ، و تنشئ بالنسبة لكلّ قطعة حقوق بناء جديدة .
و عليه فإنّه تبدو أوجه الاختلاف بين رخصة التجزئة و شهادة التقسيم من حيث أمرين :
أولهما : أنّ شهادة التقسيم تخصّ إمكانية تقسيم ملكية العقارات المبنية بينما رخصة التجزئة فتشرط لكلّ عملية تجزئة لقطعتين أو عدّة قطع أرضية غير مبنية من ملكية عقارية واحدة أو عدّة ملكيات .
ثانيهما: أنّ شهادة التقسيم لا تغيّر في حقوق البناء أو الإرتفاقات المتعلّقة بالعقار و لا تصلح كشهادة للتعمير بينما رخصة التجزئة تهدف إلى تجزأة الملكية إلى جزئين أو أكثر قصدا إنجاز بناءات جديدة و تنشئ بالنسبة لكلّ قطعة بناء حقوق بناء جديدة

ثانيا / أجكام رخصة التجزئة :
-1 الطالب :
الأصل أن طلب التجزئة يقدّم من المالك أو وكيله مرفوقا بنسخة من العقد أو التوكيل كما يجوز للحائز بمفهوم قانون التوجيه العقاري طلبها باعتباره يجوز على سند حيازي مشهر و له أن يتصرف المالك الحقيقي مالم يقرر القضاء خلاف ذلك.
-2الشكل و الإجراءات :
يودّع الطلب في 05 نسخ لدى رئيس المجلس الشعبي البلدي و يرفق بتصميم للموقع و هياكله القاعدية و التصاميم و مذكرات تبين طرق حماية البيئة و برنامج الأشغال و دفتر للشروط يقرّر نموذجه الوزير المكلّف بالتعمير مع خضوع ذلك لاستشارة المصالح المختصة.
-3 قبول طلب التجزئة :
يبت فيه في غضون 3 أشهر أو الأربعة الموالية لتاريخ إيداعه و يكون إصدارها من قبل رئيس المجلس الشعبي البلدي باعتباره ممثلا للبلدية أو باعتباره ممثلا للدولة و كذا الوالي أو الوزير المكلّف بالتعمير حسب الحالات و يحدّد هذا القرار التوجيهات التي يتكفّل بإنجازها صاحب الطلب و أشغال التهيئة القرّرة و آجلها كما يضبط الإجراءات و إرتفاقات المصلحة العامة التي تطبق على الأرض المجزأة طبقا للنص المادة 23 من المرسوم 91/176
? يوضع قرار التجزئة تحت تصرف الجمهور بمقر المجلس الشعبي البلدي.
? شهر القرار من قبل الجهة الإدارية المختصة و على نفقة صاحب الطلب بمكتب المحافظة العقارية خلال أجل شهر من تاريخ الإعلان عنه و طبقا للقاعد العامة للشهر العقاري طبقا للنص المادة 23/6 من المرسوم التنفيذي أعلاه.
? وتحدّد مدّة صلاحيتها ب 3 سنوات تحت طائلة الإلغاء و يمكن تقسيم الأشغال إلى مراحل طبقا للنص المادة 24 من المرسوم.
-4 رفض طلب التجزئة :
لا يسلّم الترخيص بالتجزئة إلاّ إذا كانت الأراضي المراد تجزئتها موافقة لمخطط الشغل الاراضي المصادق عليه أو مطابقة لشهادة التعمير و عليه فإنه في غيابهما يمكن رفض منح هذه الرخصة إلى طالبيها و كذا في حالة غير موافقة الأرض المجزئة للقواعد العامة للتهيئة و التعمير كما يمكن أن يكون طلب رخصة التجزئة محلّ تأجيل لمدّة سنة كاملة عندما تكون أدوات التعمير في حالة الإعداد طبقا لمواد 18 و 19 من المرسوم و في جميع الأموال فإنّه لا يمكن رفض تسليم رخصة التجزئة إلاّ للأسباب المبينة في قانون التهيئة و التعمير مع تعليل قرارات الرفض من أجل الطعن فيها إما سلميا أو أمام القضاء .
-5 إمتداد آليات الرقابة إلى عمليات البيع أو الإيجار بالنسبة للأرض المجزأة :
طبقا للمادة 25 من المرسوم التنفيذي 176-91. فإنّ كلّ عملية للبيع أو الإيجار لقطعة أرضية موجودة ضمن الأراضي المجزأة مرهون بتسليم الجهة الإدارية المانحة للرخصة شهادة مرجعية تبين مدى تنفيذ الأشغال و مطابقتها مع التوجيهات التي تضمنها قرار تسليم رخصة التجزئة.
كما أن تسليم الشهادة لا يعفي المستفيد من الرخصة من قيام مسؤوليته إزاء المستفيدين من القطع الأرضية لاسيما يتعلّق بالتنفيذ الأمثل للأشغال.
هذا و تجدر الإشارة إلى ضرورة التمييز بين التجزئة و التقسيم من جهة و بين عقد القسمة للعقّارات المملوكة على الشيوع من جهة ثانية لأن قسمة العقارات المملوكة على الشيوع لا تحتاج إلى الموافقة المسبّقة للجهات الإدارية المختصة بالتنظيم العمراني لأنها مجرّد عملية للخروج من حالة الشياع و هو حق مخول للمالكين على الشيوع و لم يقيّده المشرع بأيّ إجراءات أو شكليات إدارية معينة .

الفـرع الخامس : رخصة الهدم :PERMIS DE DEMOLIR
المادة 60 ق 29-90, المواد 74-61 مرسوم أعلاه :
أولا / التعريف :
هي الوثيقة الإدارية التي تشترط في كلّ عملية هدم لضمان تنفيذها في الظروف الأمنية و التقنية المطلوبة و سواء أكان الهدم كليا أو جزئيا و ذلك عندما تكون هذه البناية واقعة في مكان مصنف أو في طريق التصنيف في قائمة الأملاك التاريخية أو المعمارية أو السياحية أو الثقافية أو الطبيعية طبقا للأحكام للقواعد القانونية المعمول بها و كذا عندما تكون البناية موضوع الهدم سندا لبنايات المجاورة.

ثانيا / أحكام رخصة الهدم :
-1 الطالب :
ينبغي أن يقدّم الطلب من مالك البناية الآيلة للهدم أو موكله أو الهيئة العمومية المختصة مرفقا بتصميم الموقع و الكتلة و أسباب إجراء العملية و حجم أشغال البناء ، التخصيص المحتل للبناء بعد شغوره و خبرة تقنية .
-2 البت في الطلب :
? يرسل الملف في 05 نسخ إلى رئيس المجلس الشعبي البلدي المختص.
? تحضر المصالح المختصة بالتعمير في البلدية طلب رخصة الهدم باسم الرئيس.
? يحدّد أجل التحضير بـ 03 أشهر ابتداءا من تاريخ إيداع الملف.
? إلصاق وصل إيداع رخصة الهدم بمقر المجلس الشعبي البلدي خلال كامل هذه الفترة .
? يمكن للمواطنين الاعتراض كتابيا على مشروع الهدم لدى رئيس المجلس الشعبي البلدي مدعمين بوثائق شرعية .
-3 حالة القبول :
طبقا للمادة 66 المرسوم 176-91 لا يمكن رفض منح رخصة الهدم عندما يكون الهدم الوسيلة الوحيدة لوضع لإنهيار البناية و تسلم رخصة الهدم في شكل قرار صادر من قبل رئيس المجلس الشعبي البلدي بعد إستشارة مصالح الدولة المكلّفة بالتعمير على مستوى الولاية و المصالح الأخرى و لا يمكن للمعني البدء في أشغال الهدم إلاّ بعد فوات 20 يوم من تاريخ الحصول عليها و بعد إعداد تصريح بفتح الورشة و تصبح رخصة الهدم لاغية و منقضية في الحالات الآتية :
? إذا لم تحدث عملية الهدم خلال أجل 5 سنوات .
? إذا توقفت خلال 3 سنوات الموالية.
? إذا ألغيت الرخصة صراحة بموجب قرار قضائي.
-4 حالة الرفض أو السكوت :
إنّه لا يمكن للإدارة رفض طلب رخصة الهدم كذلك إلاّ للأسباب القانونية و أنّ يكون القرار الإداري معللا تعليلا كافيا و للمعني كذلك الحق في تقديم طعنا سلميا أو رفع الأمر إلى الجهات القضائية المختصة في حالة سكوت السلطة السلمية أو رفضها له و تجدر لإشارة أنّه لا يرخص بأيّ هدم من شأنه المساس بالتراث الطبيعي أو التاريخي أو الثقافي إلاّ بعد إستشارة و موافقة المصالح المختصة طبقا للمادة 69 ق 90/29.
و فيما يخصّ البناءات الآلية للسقوط فإنّ المرسوم91/176 نصّ في المواد 175 و مايليها على إجراءات خاصة والتي تقوم بها البلدية بإعتبارها مسؤولة على ضمان أمن و سلامة المواطنين .
إنّ كلّ هذه الشهادات و الرخص تختص بمنحها الجهات الإدارية كما تخضع لإجراءات و شكليات معينة في منحها كالإستشارة أو البت في الاعتراضات و تجسد فعلا آلية الرقابة القبلية للإدارة على النشاطات العمرانية من أجل الحفاظ على النظام العام الإداري و العمراني .
و من خلال هذا المبحث نستنتج مايلي :
-1 أنّ المشرع الجزائري عرف الأراضي العامرة و القابلة للتعمير [الأراضي العمرانية ] ووضع القواعد القانونية والإدارة التي تخضع لها إما في قانون 90 – 25 أو قانون90-29 و مراسيمه .
-2 أنه قننّ أدوات التعمير و جعلها الإطار العام والمرجع الملزم لأيّة عمليات عمرانية و قام بربطها بوثائق إدارية هي الشهادات و الرخص كتعبير عما جاءت به و طبقا لشكليات معينة.
-3 وضع القواعد العامة للتهيئة و التعمير كحد أدنى لا بد ّمن إحترامه كما في حالة غياب أدوات التهيئة و التعمير .
-4 ربط الحق في البناء بحق ملكية الأرض أومن في حكمه . الم قانون 29-90.
-5 لكن أهم ما جاء به هذا القانون هو أنه اشترط أن تكون هذه الترخيصات المسلمة صريحة و ليست ضمنية بعد إنقضاء الآجال الممنوحة للإدارة من أجل البت في الطلبات و أصبح السكوت يفسر على أنّه رفض صريح من قبل الحهات يخوّل للمعنى حق التظلم سلميا أو رفع دعوى أمام القضاء المختص طبقا للنص المادة 63منه عندما نصت على أنه: ” يمكن طالب رخصة البناء أو التجزئة أو الهدم الغير مقتنع بغير طلبه أن يقدّم طعنا سلميا أو يرجع قضية أمام الجهة القضائية المختصة في حالة سكوت السلطة السلمية أو رفضها له.”
-6 المشرع سحب من القاضي حق الحلول محل الإدارة في منح هذه الرخص للطالبيها في حالة رفض الإدارة تسليمها لهم كما كان معمول به في ظلّ التشريع السابق و بالمقابل ألزمها القانون بتبليغ قرارتها و تعليلها على أساس الأسباب المستخلصة من القانون.
إنّ هذه التوجه الجديد جاء ليضع حدّا للفوضى العمرانية التي أفرزتها التشريعات السابقة, وكذا في ظلّ لامبالاة هذه الأخيرة أو تواطأها أحيانا,و في غياب ملف تقني جدى يحترم قواعد التعمير و من ناحية ثانية عدم تحكم القضاء في مراقبة مدى مطابقة النشاطات العمرانية المزمع القيام بها مع قواعد التهيئة و التعمير .