بحث قانوني رائع عن الآثار القانونية لثبوت المسئولية الدولية عن مخالفة قواعد وأحكام النزاعات المسلحة في القانون الدولي العام

بحثنا في مشاركة سابقة لنا المسئولية الدولية للدولة والفرد أبان النزاعات المسلحة واستكمالاً للبحث سنورد في هذه المشاركة الآثار القانونية لثبوت المسئولية الدولية وسيكون ذلك على جزئين الأول في الفقه الدولي الوضعي ، وفي الجزء الثاني عن آثارها في الفقه الإسلامي .

يترتب على ثبوت المسئولية الدولية عدة آثار قانونية تتمثل في إصلاح الضرر الذي أحدثه تصرف الدولة أو رعاياها ، أو تقديم ترضية كافية ، أو توقيع جزاء على الدولة المسئولة من قبل الدولة المضارة أو من قبل مجلس الأمن قد تصل الى استخدام القوة المسلحة أحيانا مثلما حدث للعراق في حرب الخليج الثانية (غزو العراق للكويت ) ، كما أن من الآثار التي تترتب على ثبوت المسئولية الجنائية محاكمة الأفراد الذين قاموا بارتكاب الجرائم الخطيرة جنائياً ، وسنستعرض بشيء من التفصيل للآثار المترتبة لثبوت المسئولية المدنية على الدولة والتي تتمثل في تعويض المدنيين عن الأضرار التي تصيبهم من مخالفة قواعد وأحكام الحرب والقتال وكذلك إلى الآثار المترتبة على ثبوت المسئولية الجنائية على مرتكبي جرائم الحرب وذلك على النحو التالي :

أولا : تعويض المدنيين عن الأضرار الناتجة عن مخالفة قواعد وأحكام النزعات المسلحة :

من أهم الآثار التي تترتب على ثبوت المسئولية الدولية على الدولة دفع التعويض المناسب للمتضررين من سلوك الدولة الخاطئ ، وتمثل التعويض في الشريعة الإسلامية و القانون الدولي العام في إعادة الحال الى ما كان عليه قبل وقوع الضر أو تقديم ترضية مناسبة يرضاه الطرف المتضرر أو تقديم تعويض عيني أو نقدي(1). وقبل تناول صور إصلاح الضرر الواقع على المدنيين والمتمثل في التعويض العيني والمالي وإعادة الحال كما كان عليه قبل وقوع الضرر يجب الإجابة على السؤال التالي من له حق المطالبة الدولية بإصلاح الضرر وما مدى حق الفرد في ذلك ؟

آثار الفقه الدولي جدلا واسعا حول تعويض الأفراد عما يصيبهم من أضرار وأحقيتهم في المطالبة بإصلاح الضرر الواقع عليهم ، ذلك أن الفقه التقليدي لم يكن يعترف بالشخصية الدولية للأفراد ، واستنادا لهذا الفهم لم يكن يحق للأفراد المطالبة بإصلاح الأضرار التي تصيبهم من مخالفة الدول للقواعد والالتزامات الدولية ، وبما أن ضرر الرعايا في الأساس ضرر للدولة نفسها ، اتجه الفقه إلى الأخذ بمبدأ تبني الدولة المطالبة بإصلاح الضرر الواقع على رعاياها من جراء مخالفة دولة أخرى لالتزاماتها الدولية و أطلق عليه اصطلاحا مبدأ الحماية الدبلوماسية ، إلا أن هذا الحق الممنوح لدولة لم تكن ملزمة للدولة فلها الخيار بين التدخل أو عدم التدخل لحماية رعاياها (2).

كما للدولة الحق في اختيار الوقت التي تتقدم فيه بالمطالبة والوسيلة التي تراها مناسبة كما لها مطلق الحرية وفقا للقانون الدولي في توزيع مبلغ التعويض الذي تحصل عليه من الدولة المسئولة نتيجة المطالبة الدولية بين المتضررين وفقا للأسس الذي تراه عادلا ومناسبا ، ذلك أن التوزيع مسألة تحكمها القوانين الداخلية للدول ، كما للدولة حق خصم نفقات الملاحقة القضائية أن رغبت في ذلك (3)

ومن الحقوق المترتبة للدولة وفقا لحق الحماية الدبلوماسية حقها في التنازل عن دعوى المطالبة في أي وقت أثناء سير إجراءات المطالبة وبعد الحكم الثناء التنفيذ بل لها الحق في التنازل عن مطالبتها عن الأضرار التي تصيب رعاياها قبل نشوء هذا الحق للحفاظ على العلاقات أو لكسب ود الدولة المخالفة للالتزامات ، ومن الأمثلة تنازل ألمانيا عن المطالبة عن الأضرار التي لحقت برعاياها في معاهدة فرساي للسلام 1919، ووفقا لهذا الحق لا يحق للمتضررين التنازل عن حق دولته في ممارسة المطالبة الدولية لصالحه ، وبالمقابل لا تستطيع الدولة أن تحول بين الأجنبي وبين حماية دولته له (4).

اتجه الفقه الدولي الى تقييد حق الدولة في الحماية الدبلوماسية من الحق المطلق في التنازل عن المطالبة أو التراخي في التدخل لصالح رعاياها الى مبدأ نظرية الحماية الواجبة والتي بموجبها تُلزم الدولة بالتدخل لصالح رعاياها فيما يصيبهم من أضرار ناتجة لمخالفة إحدى الدول لقواعد وأعراف الحرب أو أي التزامات دولية واجبة عليه . ورغم أن هذه النظرية أعطت الحماية الكاملة للأفراد بتلافيها للانتقادات التي وجهت الى مبدأ الحماية الدبلوماسية التي أخذت بها الفقه الدولي التقليدي ، إلا أن أصحاب المذهب الموضوعي طالبوا بضرورة منح الأفراد حق مطالبة الدولة الأجنبية أمام القضاء الدولي مباشرة حماية لمصالحه دون الرجوع إلى دولته للحصول على ما يجبر ضرره(5).

ويشير أصحاب هذا الاتجاه إلى أن القانون الدولي جعل من الفرد موضع حماية وزجر ، وخاطبته مباشرة ، وذلك بوضع القواعد التي تحميه وتحفظ كرامته والنص على عدم جواز الاعتداء عليه وعلى ممتلكاته وصون حياته الخاصة والشخصية ،ووضعت القواعد الكفيلة بزجره عن مخالفة القواعد الدولية ومنعته من ارتكاب أفعال أعدت من الجرائم الدولية وتحمله المسئولية الجنائية الدولية فيما يرتكبه من هذه الجرائم وتوقيع العقوبات عليه ، كما يرون اتفاقيات حقوق الإنسان المبرمة والحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية وغيرها من الاتفاقيات التي تتعلق بالفرد دليلا على تمتع الفرد بالشخصية الدولية ، فلكل ذلك يرون أن يمنح الفرد حق المطالبة لإصلاح الضرر الواقع عليه أمام القضاء الدولي(6) .

هذا وقد أخذت بعض الاتفاقيات الإقليمية والدولية بمبدأ حق الفرد بالمطالبة عن إصلاح الأضرار التي تلحق به أمام القضاء الدولي ، ومن تلك الاتفاقيات ، اتفاقية لاهاي الثانية عشر لعام 1907 والتي بقيت دون تصديق والمتعلقة بإنشاء محكمة غنائم دولية ، والتي منحت للأفراد حق التقاضي أمامها ، وكذلك كان الأمر بالنسبة إلى محكمة عدل وسط أمريكا التي أقيمت بمقتضى اتفاقية واشنطن لعام 1907 بين جمهوريات أمريكا الوسطى وهي كوستاريكا ، وجواتيمالا ، وهندوراس ، ونيكاراجوا ، والسلفادور ، فلقد كان من حق رعايا هذه الدول طلب مقاضاة دولهم أمام هذه المحكمة بعد استنفاذ وسائل الدعوى الداخلية وهذا القيد كان سببا لرد أربعة دعاوى رفعها أفراد من الدول الخمس ، والدعوى الوحيدة التي فصلت فيها هذه المحكمة قبل زوالها عام 1918 كانت ضد طلب الفرد .(7)

ومن أهم السوابق المؤيدة لحق الفرد المباشر في الطلبات الدولية ما نصت عليه اتفاقية السلام التي وقعت بعد الحرب العالمية الأولى عام 1919بشأن إقامة محاكم تحكيم مختلطة لتصفية الآثار المترتبة على الحرب وعام 1922 بشأن سيلسيزيا العليا ، فقد أعطت هذه المعاهدات الأفراد حق اللجوء المباشر والكامل إلى لجان الدعاوى المختلطة التي أنشأتها هذه المعاهدات(8) .

ورغم هذه الاتفاقيات إلا أن ما عليه العمل هو عدم إضفاء الشخصية الدولية على الأفراد وبالتالي عدم الاعتراف له بالأهلية الإجرائية أمام المحاكم الدولية حيث كانت تنص غالبية الاتفاقيات على أن تعين الحكومات وكلاء لها ومحاميا لتقديم الأدلة شفاهة أو كتابة (9).

شروط المطالبة الدولية لإصلاح الضرر الواقع على المدنيين :

خلصنا أن الفرد لا يستطيع بمفرده أن يتقدم بدعواه أمام المحاكم الدولية أو لجان التحقيق ما لم تتدخل دولتهم للمطالبة باسمهم أو بتعيين وكلاء لها أو محامين ، ولكي تمارس الدولة حق التدخل لممارسة الحماية الدولية يجب أن تتوفر الشروط التالية :

(‌أ) رابطة التبعية ” شرط الجنسية ” بمعنى أن تكون هناك رابطة التبعية بين الدولة التي تباشر المطالبة الدولية والشخص المتضرر . أي لا بد أن يكون الشخص المتضرر حاملا لجنسية الدولة التي تباشر مطالبته بوقت وقوع الفعل الضار ، بينما يعتد البعض الآخر بوقت تقديم دعوى التعويض . وفي حالة حاملي الجنسية المزدوجة فإن أي من الدول التي يحمل جنسيتها لها الحق في المطالبة الدولية نيابة عن الشخص المتضرر وذلك تأسيسا على مبدأ تساوي السيادات ، ولكن لا يجوز أن تكون المطالبة في مواجهة دولة أخرى يتمتع هذا الشخص بجنسيتها أيضا . وفي حالة عديمي الجنسية فأن الدولة التي اتخذها موطنا له هي المخولة بالمطالبة عن إصلاح ضرره نيابة عنه أخذا بقاعدة الجنسية الفعلية ، وتستند الدول في ذلك إلى اتفاقيات جنيف المنظمة لحالات اللاجئين والمنعقدة سنة 1951، 1953و التي قررت أن الدولة التي تتولى حماية عديم الجنسية هي الدولة التي اتخذها موطنا له أو محلا لإقامته ، وهذا المبدأ استثناء من الأصل العام الذي يتطلب رابطة الجنسية بين المتضرر والدولة المطالبة بالإصلاح نيابة عنه (10)

(‌ب) شرط استنفاد وسائل التقاضي الداخلية لإصلاح الضرر : يشترط لقيام دولة المتضرر للمطالبة الدولية عنه أن يكون المتضرر قد استنفد كافة وسائل إصلاح الضرر المتاحة له وفقا لقانون الدولة المسئولة عن الضرر ، وذلك احتراما لسيادة الدولة المسئولة .(11)

(‌ج) شرط عدم مخالفة قواعد القانون الدولي : هذا الشرط يتطلب ألا يكون قد صدر من الشخص المتضرر ما يعتبر مخالفة لقواعد القانون الدولي ، فيشترط أن تكون أيدي الأجنبي نظيفة ، فإذا ما كانت مصادرة أموال الأجنبي ترجع مثلا لمخالفته للالتزامات الملقاة على عاتق رعايا المحايدين لصالح دولة محاربة أو لاشتراكه في ثورة داخلية ، فانه من غير المقبول أن تتدخل الدولة التي يتبع لها لحمايته في هذه الأحوال(12).

ومتى ما توافرت هذه الشروط وقامت المسئولية الدولية على الدولة المخالفة لالتزاماتها فإن على الدولة التي ينتمي إليها المتضرر أن تتدخل لجبر الضرر الواقع على رعاياها وذلك باتباع الوسائل التي كفلها القانون الدولي للمطالبة بإصلاح الضرر .
وسائل المطالبة الدولية لإصلاح الضرر في القانون الدولي :

تسلك الدول عند مطالبتها لإصلاح الضرر المنشئ للمسئولية الدولية التي لحقت برعاياها الوسائل التي كفلها القانون الدولي لحل المنازعات الدولية بالطرق السلمية ، لأن هذه المسئولية لا تنشأ إلا بين أشخاص القانون الدولي ، وهذه الوسائل إما أن تكـون وسـائل سياسـية ودبلوماسية ، أو وسـائل قضـائية وتحـكيمية(13)، وللدولة أن تختار أيهما إجدى للمطالبة بإصلاح الضرر ، إلا أن عادة الدول قد جرت على اتباع الوسائل السياسية والدبلوماسية ، في حل المنازعات الدولية في الخلافات السياسية والخلافات في المسائل القانونية ، وذلك للمميزات التي توفرها من حيث الإنجاز والفصل في المطالبة ، وإمكانية تنفيذها باعتبار أن الفصل فيها يتم بالتراضي والاتفاق ، بالإضافة إلى أن هذه الوسيلة تحفظ العلاقات الودية بين الأطراف.(14)[1][1]إلا أن الأمر يختلف في حالة التعويضات التي تنشأ بسبب الحروب والمنازعات المسلحة التي تنتهي دائما بالفصل فيها عبر لجان التحكيم المختلط أو المحاكم الخاصة.

أولا : الطرق السياسية والدبلوماسية :

وهذه الطريقة إما أن تكون في شكل مفاوضات مباشرة عبر المبعوثين الدبلوماسيين الذين يقومون بهذا الأمر عن طريق الاتصال بوزير الخارجية ، وإما عن طريق المساعي الحميدة لتفادي النزاع المسلح ، أو الوساطة وهي الجهود المبذولة من طرف ثالث بقصد تسوية الخلاف بين الدولتين . كما أن هناك طريق التوفيق وهو طرق وسط بين التحكيم والقضاء وفيه يتم إحالة النزاع إلى لجنة تتولى تحقيق المسائل التي يقوم عليها النزاع واقتراح الحلول الممكنة لتسويته دون أن يكون لهذه المقترحات صفة الإلزام ، فمهمة اللجنة السعي إلى التوفيق بين طرفي النزاع ، ولا تذهب إلى أبعد من ذلك ، وهي عادة تتم بالطرق الثنائية كحال معاهدات لوكارنو لعام 1925 أو بالطرق المتعددة كالاتفاقية العامة للتوفيق بين الدول الأمريكية لعام 1929 وهي باعتبارها معاهدات يكون اللجوء إليه ملزما إذا ما طلب أحد الطرفين ذلك . (15)

ومن الوسائل السياسية والدبلوماسية التي ساهمت كثيرا في حل المشاكل الخلافية بين الدول بشأن التعويضات عن أضرار الحرب ، وسائل التحقيق التي نصت عليها مؤتمر لاهاي 1899 ، 1907 ، والتي يتم فيها تكوين لجان تحقيق تكون مهمتها سرد الوقائع مجردة دون إبداء الرأي في المسؤوليات بأي شكل من الأشكال ، وبوجه عام تستخلص المسؤوليات دائما من التقرير الموضوعي الذي يسرد الوقائع وتترك للدولتين المعنيتين حرية الأخذ به ، وتسوية الخلاف إما مباشرة أو بواسطة التحكيم(16) .

ومن المطالبات التي تم تعين لجان للتحقيق فيها النزاع الذي قام بين روسيا وبريطانيا سـنة 1904 وذلك عندما ألقى الأسطول الحربي الروسي القنابل خطأ على بعض بواخر الصيد البريطانية على شاطئ الدوجر أثناء الحرب الروسية اليابانية مما ترتب عليه إلحاق الضرر الجسيم بالصيادين البريطـانيين وطالبت بريطانيا روسيا بالتعويض عن الضرر المادي والأدبي ومعاقبة قائد الأسطول ، ولكن روسيا ادعت أن إطلاق النار سببه الاعتقاد بوجود بعض وحدات الأسطول الياباني . وتقدمت فرنسا باقتراح إحالة النزاع إلى لجنة تحقيق واستجاب الطرفان للاقتراح الفرنسي ، أنشئت بالفعل لجنة دولية للتحقيق تحددت مهمتها بموجب تصريح ببتر سبورج في 12 / 11 / 1904 واجتمعت في باريس في 22 /12/1904 وقدمت تقريرها بعد شهرين الذي جاء فيه عدم وجود وحدات من الأسطول الياباني وبناء عليه عوضت روسيا بريطانيا عما أصابها من أضرار (17) .

ثانيا: الوسـائل القضـائية :

تشمل هذه الوسيلة عرض النزاع على القضاء الدولي والتحكيم وتعد من الوسائل الاتفاقية حيث أن اللجوء إلى القضاء أو تعيين محكمين يتم بالرضا المتبادل لطرفي النزاع .

1. التحـكـيم : وهو النظر في نزاع بمعرفة شخص أو هيئة يلجأ إليه أو إليها المتنازعون مع التزامهم بتنفيذ القرار الذي يصدر في النزاع (18) متى ما التزم المحكمون بالتعليمات المنصوص عليها في اتفاقية التسوية ، و متى ما تجاهل المحكمون التعليمات بعدم اتباعهم القواعد والمبادئ المحددة أو بتجاوزهم لشروط الوثيقة ، فإن من حق الفريق الذي صدر الحكم ضده أن يعلن عدم الالتزام بالحكم ، واستنادا لهذا الحق رفضت بريطانيا والولايات المتحدة القرار الصادر من المحكم وهو ملك هولندا في نزاع الحدود الشمالية الشرقية سنة 1831 ، وباستثناء تجاور التعليمات فإن قرارات مجالس التحكيم تكون نهائية غير قابلة للاستئناف ، مع الحفاظ للمحكمين حق تعديل قراراتهم متى ما تكشفت حقائق أخرى متعلق في النزاع لم تكن متوفرة قبل الحكم(19) وهذا يعني أنه يجوز للأطراف طلب إعادة النظر في حالة ما إذا استجدت ظروف كان من شأنها أن تجعل القرار يصدر بشكل آخر لو أنها كانت متوفرة للمحكمين قبل إصدار القرار إلا أن هذا الحق يجب أن يكون متضمنا في اتفاق الإحالة على التحكيم ، ويقدم طلب إلى نفس هيئة التحكيم والتي لها القرار في تحديد أن كانت هناك ظروف جديدة تقتضي إعادة النظر في القرار أم لا (20) .

وعرفت المادة 37 من اتفاقية لاهاي لعام 1907 الخاصة بتسوية المنازعات الدولية بالتسوية السلمية بأن ” الغرض من التحكيم هو تسوية المنازعات بين الدول بواسطة القضاة الذين تختارهم وعلى أساس احترام القانون الدولي”.

والتحكيم لا يتم إلا بناء على رغبة الأطراف وباتفاق تام على المحكمين وكيفية تشكيل هيئة التحكيم ، كما لهم الاكتفاء بحكم واحد ومجموعه من المحكمين أو رئيس دولة وهيئة قانونية أو قضائية ، وعموما فإن مطالبة إصلاح الضرر الناتج عن مخالفة قواعد الحرب قد درجت الدول على إحالتها إلى لجان الدعاوى المختلطة أو محاكم تحكيم خاصة أو محاكم التحكيم الدائمة.
يحق للدول اللجوء للتحكيم للمطالبة بإصلاح الضرر الذي تصيبها أو تصيب رعاياها ، ووفقاً للرأي القائل بمنح الفرد الشخصية الدولية فأنه يتمتع بحق اللجوء إلى التحكيم للمطالبة بإصلاح ضرره الناشئ عن انتهاك دولة أجنبية لقواعد القانون الدولي في مواجهته (21) .

أنواع محـاكم التحكيم :

(‌أ) لجان الدعاوى المختلطة: ( محاكم التحكيم المختلطة ) : تشكل هذه عندما يكون هناك عدة مطالبات تتعلق بالأفراد لم يتم تسويتها بين بعض الدول المعنية بهذه الطلبات ، وتقوم الدولة بمطالبة الإصلاح نيابة عن رعاياها ، مثلما تم في معاهدات السلام بفرساي التي أعقبت الحرب العالمية الأولى 1919 -1923 حيث أنشئت بموجبها محاكم التحكيم المختلطة للفصل في الدعاوى المقدمة ضد ألمانية النازية والتي ألزمت بموجبها تحمل ألمانيا لكافة الأضرار التي لحقت برعايا دول الحلفاء (22).

(‌ب) محاكم التحكيم الخاصة : وهذه المحاكم تشكل للفصل في منازعات معينة ثم يتم حلها وهي تشكل من محكمين يختارهم الطرفان أو محكم يختاره الطرفان معا ، ولم تحدد اتفاقية لاهاي عدد المحكمين في المحاكم الخاصة فهي أمر متروك للأطراف تحديده ، ولكن العادة جرت على أن يكون عدد المحكمين خمس يختار كل طرف اثنين منهما مع جواز أن يكون أحدهما من رعاياها ، وينتخب المحكمون الأربعة المعينون محكما خامسا تكون له رئاسة الهيئة ، وقد أخذ ميثاق جنيف العام بهذا العرف مع التغيير في كيفية اختيار المحكمين حيث قررت أن يختار كل طرف محكما يجوز أن يكون من رعاياها ، والثلاثة الآخرون ومنهم رئيس الهيئة يتم اختيارهم باتفاق المحكمين المعينين(23)

(‌ج) محـكمة التحـكيم الدائمـة : أنشأ بموجب مؤتمر لاهاي الأول سنة 1899 ومقرها لاهاي وتنعقد جلسات المحاكمة بخمس قضاة يختار كل من الطرفين قاضيين من قوائم القضاة المدرجين بقائمة القضاة المنتخبين للمحكمة ، ويكون خامسهم القاضي الذي يختاره القضاة المعينين من قبل الأطراف ليكون رئيساً ، واختصاص هذه المحكمة اختياري ولا يكون قضاتها موجودين على الدوام إنما هي قوائم بأسماء رجال قانون تنتخبهم كل دولة من الدول الموقعة على الاتفاقية لمدة ست سنوات قابلة للتجديد بمعدل أربعة على الأكثر لكل منها (2).
وفي سنة 1962 اعد المكتب الإداري للمحكمة لائحة التحكيم والتوفيق في المنازعات الدولية بين طرفين أحدهما فقط دولة ” ومن ثم فقد استحدثت المحكمة القواعد التي بمقتضاها أمكن أن يحال إليها المنازعات التي تقع بين الدول من ناحية والأفراد والشركات التجارية الخاصة من ناحية أخرى (24) .

2. القضاء الدولي : القضاء الدولي هو وسيلة لحسم نزاع بين شخصين أو أكثر من أشخاص القانون بواسطة حكم قانوني صادر عن هيئة دائمة تضم قضاة مستقلين جرى اختيارهم مسبقا(25)
واللجوء إلى التسوية القضائية اختياري ويتم بموافق الدول والتقاضي فيها مقصور على الدول دون المنظمات والأفراد ، وتتم التسوية القضائية أمام محكمة دولية مكونة تكوينا صحيحا على أساس القانون الدولي ، وتعتبر محكمة العدل الدولية الجهاز القضائي الوحيد اليوم الذي يمكن للدول أن تلجأ إليه لحسم خلافاتها القانونية وهي المحكمة التي خلفت المحكمة الدائمة للعدل الدولي التي كانت في عصر عصبة الأمم(26)

صور إصلاح الضرر الناتج عن مخالفة قواعد وأعراف الحرب :

يتخذ صور إصلاح الضرر الواقع على المدنيين عدة صور تتمثل في الآتي :

اولاً :التعويض العيني :
وهو إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل اندلاع الحرب وإعادة الشيء إلى طبيعته هو الصورة الأصلية لإصلاح الضرر بحيث يلجأ إلى التعويض المالي أو الترضية في حالة استحالة إعادة الحال إلى ما كان عليه ،وهذا ما أكدته المحكمة الدائمة للعدل الدولي في قضية مصنع كورازو فقد جاء في حكمها ” أن المبدأ الأساسي الذي يستخلص من العمل الدولي ومن قضاء التحكيم هو أن إصلاح الضرر يجب أن يزيل بقدر الإمكان كافة الآثار المترتبة عن الفعل غير المشروع ويعيد الحال إلى ما كان عليه قبل ارتكاب هذا العمل ، كما لو لم يرتكب هذا العمل وذلك بالتعويض العيني أو بدفع مبلغ يعادل التعويض العيني إذا لم يكن التعويض العيني ممكنا ” (27) .
ويأخذ التعويض العيني صورتين هما التعويض القانوني الذي يتم بموجبه إلغاء الأحكام القضائية و العمل التشريعي أو التنفيذي وسحب التصرف القانوني غير المشروع أو القرارات التي أصدرتها الدولة المسئولة مخالفة بها قواعد القانون الدولي والتعويض المادي فيتمثل في الغاء سند نقل الملكية و إطلاق سراح الشخص الموقوف بطريقة غير مشروعة أو إعادة ملكية مصادرة إلى أصحابها أو بإصلاح وتعمير المباني المهدمة والآليـات المعـطوبة(28) .

ثانياً : التعويض المالي :
يعد هذا النوع الأكثر شيوعا واستخداما من الناحية العملية ، إذ أن دفع مبلغا من المال للطرف المضرور يجبر الضرر ، ويكون هذا عندما يتعذر إعادة الأمور إلى حالتها الطبيعية ، أو إذا ترتب على الفعل الغير مشروع الفعل الغير مشروع ضرراً لا يكفي لإصلاحها التعويض العيني ، ففي هذه الحالة فإن الدولة المسئولة تلتزم بدفع مبالغ مالية بحيث تغطي كل الأضرار التي نتج عن الفعل ، ويتم تحديد مبلغ التعويض عن طريق الاتفاق بين أطراف النزاع ، أو عن طريق اللجوء إلى التحكيم أو القضاء الدولي وفي كل الأحوال يجب أن لا يقل مبلغ التعويض عن الأضرار ولا يزيد عليه .(29) ويحدد المبلغ الواجب دفعه على أساس القيمة الإجمالية للخسائر بأنواعها ويتم دفعها ذهبا أو نقدا دفعة واحدة أو على أقساط حسب الاتفاق أو القرار الصادر من لجان التحكيم أو المحكمة الدولية .
ويقتصر التعويض النقدي على تغطية الأضرار المباشرة ذلك أن الحكومات مثل الأفراد تكون مسئولة فقط عن النتائج المباشرة والطبيعية لتصرفاتها والقانون الدولي كالقانون المحلي لا يقر التعويض عن النتائج غير المباشرة في حال عدم توفر القصد المتعمد للضرر(30)

ومن أمثلة الحروب التي أخذ فيها بالتعويض المالي الحرب التركية الروسية ، والتي صدر فيها حكم محكمة التحكيم الدائمة بتاريخ 11/11/ 1912 ، والتي أدى إلى تحمل روسيا التعويضات وكذلك الحرب بين نابليون ودول الحلفاء والتي انتهت في سنة 1815 وفرضت فيها غرامة حربية على فرنسا وكذلك الحرب الروسية الفرنسية والتي تقررت تعويضات بصلح فرانكفورت سنة1871 والتي فرضت على فرنسا بالغرامة الحربية وكذلك تعويض ألمانيا خسائر رعايا دول الحلفاء بموجب معاهدة فرساي سنة 1919 ، وتحمل اليابان تعويض رعايا دول الحلفاء بموجب معاهدة طوكيو (31)

و يجب أن يكون التعويض عن الخسارة الفعلية كما قررتها حكم محكمة العدل الدولية الصادر في القضية التي أثير بين المملكة المتحدة وألبانيا سنة 1949 بخصوص المطالبة بالتعويض التي تقدمت بها بريطانيا لتعرض قاربي صيد بريطانيين إلى انفجار بالغام أثناء مرورها بقناة كورفو ودفع نفقات المعيشة وعلاج الأفراد الذين كانوا على ظهر القاربين ووافقت المحكمة على التعويض على أساس الخسارة الفعلية .
ويتم تحديد مبلغ التعويض عن الأضرار التي تصيب ممتلكات الدولة ومواطنيها على أساس قيمة هذه الممتلكات وقت الاستيلاء عليها أو تدميرها أو الأضرار بها ، وجرت العادة على الاعتداد بتقويم الضرر بتاريخ حدوثها مع ترك الحرية للقاضي الدولي حرية تحديد الوقت الذي يعتد به لتقويم الضرر حسب الظروف والأحوال التي حدث فيها الضرر(32) .

ويحق للدول المطالبة بالتعويض المالي عن الأضرار النفسية والأدبية والجسمانية التي تصيب رعاياها من جراء مخالفة دولة ما لالتزاماتها الدولية ، إذ أن الآلام النفسية التي يعانيها الأجنبي بصفة عامة في إقليم دولة ما من جراء الاعتداء عليه وانتهاك حقوقه والمساس بحريته يعد سببا للمطالبة الدولية (33) و أما ما يمس رعايا العدو المحارب من اعتقال وغيره من الإجراءات الاستثنائية التي تجيزها القانون الدولي للحفاظ على كيان الدولة فإنها لا توجب المسئولية الدولية ، إلا أنها إن تعدت مجرد الاعتقال والإجراءات الاستثنائية إلى انتهاك حقوقه الأساسية لمجرد أنه من رعايا العدو فإن ما يصيبه من آلام نفسية يستحق التعويض المالي .
ومن صور التعويض المالي تلك التي يتم دفعها بواسطة سلطات الاحتلال إلى السكان عند إتلاف أو تدمير أو الاستيلاء غير الشرعي لممتلكاتهم ، فقد نصت لوائح لاهاي ومن بعدها اتفاقيات جنيف على التعويض عن الأضرار التي تصيب ممتلكاتهم (34)

ونخلص إلى أن إصلاح الضرر الواقع على المدنيين يتطلب توفر شروط معينة لقيام المسئولية الدولية مع انتفاء موانع قيام المسئولية على الدولة من حق الدفاع عن النفس والضرورة العسكرية الملجئة ، على أن يمر عبر قنوات معينة يتفق عليها الأطراف للفصل في دعوى التعويض ، وإن الفصل في المطالبة يتم وفقا لمبدأ القانون الدولي وإن حق المطالبة يكون للدولة دون الأفراد إلا فيما ندر من الاتفاقيات الإقليمية التي أعطت الأفراد حق مباشرة الإجراءات بنفسهم ، وإن التعويض إما أن يكون نقدا أو عيننا بإعادة الحال إلى ما كان عليه أو ترضية تقدم للدولة المعتدى عليها .

ثانياً : الآثار المترتبة على ثبوت المسئولية الجنائية :
بعد أن تم مناقشة المسئولية الدولية المدنية للدولة المخالفة للقواعد والالتزامات الدولية وتحملها المسئولية عن الأضرار التي تلحق بالغير والتي تسببت فيها بتصرفاتها الغير شرعية والتي تترتب عليها تعويض المضرور كما بينا ، وكما تبين لنا أن هذه الأفعال تنسب إلى الدولة دون الأفراد المنفذين لها ذلك أن القانون الدولي القديم كان ينظر في أفعال الدول ذات السيادة دون أن يفرض عقوبات على أشخاص منفردين ، وأن الأشخاص الذين ينفذوا فعلا ما باسم الدولة عمليا لا يتحملون أية مسئولية شخصية عن ذلك إذا كان يحميهم مبدأ سيادة الدولة ، إلا أن القانون الدولي المعاصر أنحى منحى أخر بتقريرها بأن الأشخاص الطبيعيين الذين يرتكبون جرائم ضد السلم والإنسانية وجرائم الحرب والتخطيط لها يتحملون المسئولية الدولية الجنائية إلى جانب مسئولية دولتهم .
وبما أن الفرد وفقا للقانون الدولي التقليدي كان محل نزاع من ناحية شخصيته القانونية ، وبما أن هناك أفعال يرتكبها أفراد القوات المسلحة المقاتلة أو يرتكبها القادة على مستوى القيادة العليا بإصدارهم الأوامر والتوجيهات بارتكابها ، فإن الفقه الدولي قد انقسم حول هؤلاء الأشخاص المرتكبين لجرائم توصف بأنها جرائم دولية وفقا للمعاهدات التي تنظم سير العمليات الحربية إلى ثلاث اتجاهات هي :

(1) الاتجاه الأول : يرى أصحاب هذا الاتجاه أن الدولة وحدها هي المسئولة عن الجريمة الدولية ، والملاحظ أن هذا الاتجاه تبنى ما كان عليه القانون الدولي التقليدي التي تعتبر الدولة هي الشخصية الدولية الوحيدة ، ومن أنصار هذا الاتجاه الفقيه فون ليست “Von List” الذي يقول : ” أن الدولة هي الشخص الوحيد الذي يمكن أن يرتكب جريمة من جرائم القانون الدولي ذلك لان القانون الدولي لا يخاطب إلا الدول ، وجرائم القانون لا يرتكبها المخاطبون به ، وكذلك فإن غالبية الفقهاء الألمان يرون مسئولية الدولة وحدها عن الأفعال التي يرتكبها أفراد يتبعون لها ، ومن القائلين بإمكانية توقيع الجزاءات الجنائية على الدولة الأستاذ V.Plla والذي قام بوضع قائمة للعقوبات الجنائية التي يجب توقيعها على الدولة مثل الإنذار وقطع العلاقات الدبلوماسية أو وضع الأملاك الوطنية للدولة تحت الحراسة أو المقاطعة الاقتصادية أو الغرامة وغيره من العقوبات 35))

(2) الاتجاه الثاني : و أصحاب هذا الاتجاه يرون الأخذ بالمسئولية المزدوجة للدولة والفرد ، وهذا الرأي تبناه جمعية القانون الدولي وبالإضافة إلى بعض من الفقهاء أمثال بلا V.Plla,والذي تقدم بتقرير في المؤتمر الثالث والعشرون الذي عقد في واشنطن سنة 1925 يدعو فيه إلى تحمل الفرد للمسئولية الجنائية عن أفعاله المخالفة للقانون الدولي بجانب مسئولية الدولة الجنائية ويقول في ذلك : ” أنه إلى جانب المسئولية الجنائية للدولة المعتدية وهيئتها العامة توجد أيضا المسئولية الجنائية لأشخاص طبيعيين معينين يعتبرون مسئولين عن الجرائم ضد النظام العام الدولي وقانون الشعوب كممثلين للدول وناطقين باسمها ” (36).

(3) الاتجاه الثالث : ويري أصحاب هذا الاتجاه أن الشخص الطبيعي هو المحل الوحيد للمسئولية الدولية الجنائية ، وذلك أن الدولة شخصية معنوية ولا يجوز في نظرهم توقيع الجزاءات الجنائية على الشخص المعنوي باعتبار انه صورة من صور الحيل القانونية التي يستعين بها القانون على تيسير تطبيق أحكامه ، كما أن الشخصية المعنوية ليس بوسعها أن ترتكب جريمة لعدم إدراكها وعدم تمتعها بالإرادة والتمييز وبالتالي يرون انه لا يمكن أن تكون محلا للمسألة الجنائية ، إضافة إلى أنه لا يمكن توقيع العقوبات الجنائية عليه مثل السجن أو الإعدام ، وأن كل ما هناك توقيع عقوبتي الغرامة والحل وهذه العقوبات في جوهرها ذات طابع مدني وإن أطلق عليها عقوبات مجازا (37) . وهذا الاتجاه هو ما عليه العمل في القانون الدولي المعاصر حيث قررته الوثائق والقرارات والسوابق القضائية الدولية .

ولعل أول معاهدة مهدت إلى تقرير المسئولية الجنائية على رؤساء الدول معاهدة فيينا سنة 1815 ، فقد ورد فيها أن نابليون بونابرت وضع نفسه خارج العلاقات الاجتماعية والمدنية كعدو للإنسانية ، إذ انتهك سلام العالم وعرض نفسه للمسئولية العقابية العلنية. ومن ثم تعتبر اتفاقيات لاهاي 1899 – 1907 قد وضعت اللبنة الأولى لفكرة الجريمة الدولية من خلال اعتمادها قواعد محددة لحقوق المدنيين والجرحى والمرضى والأسرى (38) .

وبدأ التحول فعليا إلى اعتبار الفرد مسئولا جنائيا عما يقترفه من جرائم دولية حتى ولو كان بأمر من حكومته بعد الحرب العالمية الأولى والتي سعت فيها الدول المنتصرة إلى محاكمة إمبراطور ألمانية غليوم الثاني أمام محكمة دولية خاصة تتكون من خمس قضاة أوكل إليهم فرض وتطبيق العقوبات التي تراها مناسبة بموجب المادة 227من معاهدة فرساي ، إلا أن هذه المحكمة باءت بالفشل ذلك أن الإمبراطور الألماني لجأ إلى هولندا وامتنعت هذه الأخيرة عن تسليمه لعدة اعتبارات ومنها أن التسليم يتعارض مع دستورها وقوانينها ، ومن أسباب رفض هولندا اعتبار أن الرؤساء يجب أن يحاكموا أمام شعوبهم في حال ارتكابهم لمثل هذه الجرائم (39) .

ثم كانت الحرب العالمية الثانية التي حصد فيها على أرواح أكثر من أربعة وخمسون مليون شخص الأمر الذي دفع دول الحلفاء بعد انتهاء الحرب إلى إنشاء محكمة نورنبرغ لمحاكمة مجرمي الحرب الألمان والذي بدأ في العشرين من تشرين الثاني سنة 1945 ومن ثم أصدرت أحكامها بعد سماع البينات في الأول من تشرين الأول 1946 حيث صدر حكم بالإعدام على 12 أشخاصا والآخرين بالسجن لفترات مختلفة ، ومن ثم شكلت محكمة طوكيو لمحاكمة مجرمي الحرب اليابانيين ، والتي باشرت مهامها في 3 أيار 1946 أصدرت أحكامها في تشرين الثاني 1948 حيث حكمت على 7 متهمين بالإعدام وعلى 16 آخرين بالسجن المؤبد والباقين بالسجن لفترات مختلفة(40) وهذه المحاكمات هي التي وضعت الأسس الواضحة لتحمل الفرد الطبيعي للمسئولية الدولية الجنائية كما أنها وضعت النظام الذى يهتدي به في محاكمة محرمي الحرب وتحديد عناصر الجرائم الدولية. وبذلك تقلصت فكرة المسئولية الدولية بمفهومها التقليدي الذي كان سائدا والتي كانت تقوم على مبدأ تعويض الدولة التي ينسب إليها الخطأ للدولة التي أصابها الضرر ، وفي ظل هذا المبدأ كانت المسئولية الجنائية للأشخاص الطبيعيين غامضة المعالم في ظل نصوص تجرم بعض الأفعال التي تعد بمثابة جرائم دولية ، دون وجود جهاز قضائي دولي يستطيع تطبيق هذه النصوص ، ويصدر أحكاما توقع على المسئولين عن ارتكاب هذه الجرائم ، وآلية تنفذ هذه العقوبات ضدهم (41).

ومن ثم قامت الأمم المتحدة بتشكيل محاكم خاصة لمحاكمة مجرمي الحرب مثل المحكمة الدولية ليوغسلافيا السابقة عام 1993 والتي قامت بمحاكمة جزء ممن قدموا للمحاكمة ولا زالت تنظر في بعض القضايا المرفوعة أمامها ومحكمة رواندا الدولية سنة 1994 والتي شكلت إثر ارتكاب قبيلة الهوتو جرائم إبادة جماعية على قبيلة التوتسي ، والتي حكم فيها على جان كامباندا رئيس وزراء رواندا ورئيس حكومتها المؤقتة في الفترة من أبريل إلى يوليه 1994 ، وهو أول رئيس حكومة تدينه محكمة دولية في جريمة الإبادة الجماعية ، كما أنشئت المحكمة الخاصة لسيراليون والتي اعتبرت تطورا هاما في تعزيز سيادة القانون وقد بدأت المحكمة عملها في يوليو 2002 وهي محكمة مختلطة نشأت بموجب اتفاق بين حكومة السيرالون والأمم المتحدة وهي تجمع بين آليات وقوانين دولية ووطنية وموظفين ومحققين وقضاة ومدعين عامين دوليين ووطنيين (42)

وتعتبر إنشاء المحكمة الجنائية الدولية دليل على العزم الدولي الأكيد على تحميل الأفراد الذين يرتكبون جرائم حرب ضد الإنسانية مسئولية أعمالهم ، وظلت قيام المحكمة الجنائية الدولية الدائمة الحلم الذي يراود الأمم المتحدة منذ نشأتها ذلك أن عدم وجود الآلية التي تحاكم مخالفي القواعد والأعراف الدولية لاسيما قواعد الحرب وأعرافها ومرتكبي الجرائم ضد الإنسانية أدى الى أن يفلت كثيرا من مجرمي الحرب من العقاب.

واعتمد نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية والذي اعتمد من قبل مؤتمر الأمم المتحدة الدبلوماسي للمفوضين المعني بإنشائها بتاريخ 17 / تموز / يوليو 1998 ، وأوضح النظام اجراءات سير المحاكمة ، إضافة الى قواعد الإثبات المطلوبة وتحديد الجرائم الدولية المعاقب عليها (*)وفي البدء وافقت مائة وعشرين دولة واعترضت عليه سبعة دول هي الولايات المتحدة ، الصين إسرائيل والهند العراق ليبيا قطر وامتنعت عن التصويت عليه إحدى وعشرون دولة بينها عدد من الدول العربية . ولعل امتناع الولايات المتحدة وإسرائيل عن التوقيع على هذا النظام رغم إصرارهم على محاكمة مجرمي الحرب بعد الحرب العالمية الثانية دليل على عدم رغبتهم في إرساء مبدأ السلام الأمني لمنطقة الشرق الأوسط ، لعلمهم أن هذه المحكمة ستطال مجرمي الحرب من اليهود أمثال شارون رئيس وزراء إسرائيل التي تطالب الأوساط العربية والإسلامية بمحاكمته للجرائم التي يرتكبها في حق الشعب الفلسطيني كمجازر صبرا وشتيلا ودير ياسين وخلافه من المجازر المتكررة في حق المدنيين . كما أن خروج هذه المحكمة من دائرة حق الفيتو التي تستخدمها الولايات المتحدة لإجهاض أي قرار بشأن إسرائيل في الأمم المتحدة جعل منها مصدر قلق لهما ، كما أن التخوف من سيف هذه المحكمة التي تختلف عن مثيلاتها في كونها سلطة قضائية بحتة تخلوا من الطابع السياسي التي تميزت بها المحاكمات الدولية في ألمانيا وطوكيو حيث لم تطال هذه المحاكمات قوات الحلفاء رغم ارتكابهم لمخالفات دولية ومجازر في حق المدنيين ، أو مثل الاختصاص الممنوح للقضاء البلجيكي بموجب دستورها الوطني و التي منحت لأي شخص فردي أو طبيعي الحق في رفع القضايا المتعلقة بجرائم الحرب المرتكبة في أي بقعة في العالم أمام محاكمها ، ولكن رغما عن ذلك لم تسعى هذه المحاكم في محاكمة شارون الذي قدم ضده دعوى بتهمة ارتكابه جرائم حرب ، كما أن في سعي الولايات المتحدة وإسرائيل لإبرام الاتفاقيات الثنائية بعدم القبض على رعاياها وتقديمهم للمحاكم الدولية دون موافقتها دليل أخر على عدم رغبتهما فى السلام ، وهذا يدعونا إلى المطالبة بضرورة إنشاء محكمة جنايات دولية إسلامية تحكم بشرع الله فيما يرتكب من جرائم حرب في حق الشعوب .

المسئولية الجنائية الفردية وفقا لنظام المحكمة الجنائية الدولية (نظام روما الأساسي ) :

نصت المادة 25 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على المسئولية الفردية للشخص الطبيعي بحيث يكون الشخص عرضة للعقاب عن أي جريمة تدخل في اختصاص المحكمة والمحددة وفقا للمادة الخامسة (*) ، وتترتب المسئولية الجنائية عليه سواء ارتكب هذه الجريمة، بصفته الفردية، أوبالاشتراك مع آخرين أو عن طريق شخص آخر، بغض النظر عما إذا كان ذلك الشخص الآخر قد ثبتت مسئوليته أم لا ، أو في حالة الأمر أو الإغراء بارتكاب الجريمة ، أو الحث على ارتكابها ، سواء كانت الجريمة قد وقعتبالفعل أو شرع فيها، أو في حالة تقديم العون أو التحريض أو المساعدة بأي شكل آخر لغرضتيسير ارتكاب هذه الجريمةأو الشروع في ارتكابها، بما في ذلك توفير وسائلارتكابها ، أو في حالة المساهمة في قيام جماعة من الأشخاص يعملون بقصدمشترك بارتكاب او الشروع في الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة الدولية الجنائية ، على أن تكون هذه المساهمةمتعمدة ، أو في حالة التحريض المباشر والعلني على ارتكاب جريمة الإبادةالجماعية ، كما يمكن تصور المسئولية الجنائية للفرد في حالة الشروع في ارتكاب الجريمة وذلك بإتخاذ أي خطوة ملموسة للبدء في تنفيذالجريمة ، ولكن لم تكتمل الجريمة لظروف غير ذات صلة بنوايا الشخص. ومعذلك فالشخص الذي يكف عن ارتكاب الجريمة بعد الشروع فيها ، أو حال عن ارتكابه للجريمة مانع قبل إتمامالجريمة وتخلى عن الغرض الإجرامي بمحض إرادته لا يكون عرضه للعقاب بموجب هذا النظام الأساسي على شروعه في ارتكابالجريمة .

ووفقا لنص المادة 33من النظام الأساسي فإنه لا يجوز الإدعاء بأن ارتكاب الجريمة كانت في سياق إطاعة أوامر الرؤساء عسكريا كان أو مدنيا ، ما لم يكن على منفذ الأمر التزام قانوني بإطاعة أوامر الحكومة أو الرئيس المعني أو في حالة ارتكابه الجريمة دون أن يعلم عدم مشروعيته ولم تكن ظاهرة لديه ، وبطبيعة الحال فإن جرائم الإبادة الجماعية أو الجرائم ضد الإنسانية في الحرب لا تعفي من المسئولية الجنائية للفرد ذلك أن عدم مشروعيتها تكون ظاهرة للأعيان .

وبجانب الفرد المنفذ للجريمة فإن رئيس الدولة ، أو القائد العسكري ، أو الشخص القائم بأعماله يكون مسئولا جنائياعن الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة ، والمرتكبة من جانب قوات تخضع لإمرتهوسيطرته الفعليتين، أو تخضع لسلطته وسيطرته الفعليتين، حسب الحالة، نتيجة لعدمممارسة القائد العسكري أو الشخص سيطرته على هذه القوات ممارسة سليمة:
(أ) إذاكان ذلك القائد العسكري أو الشخص قد علم، أو يفترض أن يكون قد علم، بسبب الظروفالسائدة في ذلك الحين، بأن القوات ترتكب أو تكون على وشك ارتكاب هذهالجرائم.
(ب) إذا لم يتخذ القائد العسكري أو الشخص جميع التدابير اللازمةوالمعقولة في حدود سلطته لمنع أو قمع ارتكاب هذه الجرائم أو لعرض المسألة علىالسلطات المختصة للتحقيق والمقاضاة
فيما يتصل بعلاقة الرئيس والمرؤوس غيرالوارد وصفها في الفقرة 1، يسأل الرئيس جنائيا عن الجرائم التي تدخل في اختصاصالمحكمة والمرتكبة من جانب مرؤوسين يخضعون لسلطته وسيطرته الفعليتين، نتيجة لعدمممارسة سيطرته على هؤلاء المرؤوسين ممارسة سليمة :
(أ) إذا كان الرئيس قد علم أوتجاهل عن وعي أية معلومات تبين بوضوح أن مرؤوسيه يرتكبون أو على وشك أن يرتكبوا هذهالجرائم .
(ب) إذا تعلقت الجرائم بأنشطة تندرج في إطار المسئولية والسيطرةالفعليتين للرئيس .
(ج) إذا لم يتخذ الرئيس جميع التدابير اللازمة والمعقولة فيحدود سلطته لمنع أو قمع ارتكاب هذه الجرائم أو لعرض المسألة على السلطات المختصةللتحقيق والمقاضاة.(43)

وهذا يعني أن النظام لم يعتد بالصفة الرسمية لشخص مرتكب الجريمة ، كما أن الحصانة التي يتمتع بها بعض الشخصيات في الدولة لا تقف حائلا دون اتخاذ الإجراءات ضده كما لا تعفيه عن المسئولية فيما يرتكبه من جرائم دولية وهذا خلافا عن القانون الوطني الذي لا يجوز فيه محاكمة رأس الدولة أو الأشخاص ذوي الحصانة القانونية إلا وفقا لنظام استثنائي دوناً عن المواطنين ولقد نص هذا الأمر صراحة بموجب المادة 27 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية والتي نصت على “1- يطبق هذا النظام الأساسي على جميع الأشخاص بصورة متساويةدون أي تمييز بسبب الصفة الرسمية. وبوجه خاص، فإن الصفة الرسمية للشخص، سواء كانرئيسا لدولة أو حكومة أو عضوا في حكومة أو برلمان أو ممثلا منتخبا أو موظفا حكوميا،لا تعفيه بأي حال من الأحوال من المسئولية الجنائية بموجب هذا النظام الأساسي، كماأنه لا يشكل في حد ذاته سببا لتخفيف العقوبة 2- لا تحول الحصانات أوالقواعد الإجرائية الخاصة التي قد ترتبط بالصفة الرسمية للشخص سواء كان في إطارالقانون الوطني أو الدولي دون ممارسة المحكمة اختصاصها على هذا الشخص” .

الإعفاء من المسئولية الدولية الجنائية : مثلما أن الدولة تعفى من المسئولية الدولية عند توفر موجباتها والتي تناولنا عند بحث المسئولية الدولية للدولة ، فإن الشخص الطبيعي أيضا يمكنه الدفع بعدم المسئولية متى ما توفرت الأسباب التي تحول دون قيام المسئولية في مواجهته ووفقاً للمادة 31 من النظام لا يسأل الشخص جنائيا إذا كان وقت ارتكابه للفعل الإجرامي يعاني مرضا أو قصورا عقليا يعدم قدرته على إدراك عدم مشروعية أوطبيعة سلوكه، أو قدرته على التحكم في سلوكه بما يتماشى مع مقتضيات القانون ، أو في حالة سكر مما يعدم قدرته على إدراك عدم مشروعية أو طبيعة سلوكه أو قدرته علىالتحكم في سلوكه بما يتمشى مع مقتضيات القانون، ما لم يكن الشخص قد سكر باختياره فيظل ظروف كان يعلم فيها أنه يحتمل أن يصدر عنه نتيجة للسكر سلوك يشكل جريمة تدخل فياختصاص المحكمة أو تجاهل فيها هذا الاحتمال أو في حالة أن ارتكابه للفعل كان دفعا عن نفسه أو عن شخص آخر ، أو في حالة ارتكابه للفعل دفاعا عن ممتلكات لا غنى عنها لإنجاز مهمة عسكرية ضد استخدام وشيك وغير مشروع للقوة ، على أن استخدامه لحالات الدفاع لابد أن تكون القوة المستخدمة لرد الخطر متناسبا مع درجة الخطر الذي يخشى منه ، أي أن مجرد قيام الخطر والدفاع عنها لا يشكل في حد ذاته سببا لامتناع المسئولية الجنائية . وبطبيعة الحال فإن الشخص المكره بالموت الوشيك أو الضرر البدني له ولآخرين ممن معه يكون مانعا للمسئولية متى ما كان تصرفه تصرفا معقولا لدرء الخطر الذي يهدده أو يهدد الآخرين على ألا يكون المستفيد من هذا الدفع قد قصد بتصرفه تسبيب ضرر أكبر من الضرر المقصود تجنبه(44).

ومن الأسباب التي تمنع قيام المسئولية الجنائية الدولية على الشخص الغلط في الوقائع والقانون متى ما نجم عنه انتفاء الركن المعنوي المطلوب لارتكاب الجريمة (45) .

وأيضا فإن من الأسباب المانعة لقيام المسئولية أن يقوم الشخص بفعله على أساس التزام قانوني يلزمه بإطاعة الأمر من حكومته أو رئيسه على إلا يكون الأمر الصادر له غير مشروع بصفة ظاهرة للأعيان ، أو في حالة ارتكاب الشخص للجريمة دون أن يعلم عدم مشروعيته (46) .
وعموما فإن هذا النظام قد منح القاضي سلطة واسعة في البحث عن الأسباب المسقطة للمسئولية أثناء سيرالمحاكمة بخلاف الأسباب التي أوردناها ، إن كان يستمد السبب في ارتكابه للجريمة من القانون الذي يجب عليه تطبيقه(47) .

العقوبات في القضاء الجنائي الدولي :

لم ينص الاتفاقيات الدولية السابقة لنظام روما الأساسي على عقوبات جنائية محددة لمرتكب الجريمة الدولية إنما كان يترك أمر توقيع العقوبة لقضاة المحكمة المشكلة بغرض محاكمة مجرمي الحرب لتوقيع العقوبة التي يرونها مناسبة مع الفعل المرتكب أو دوره في الجريمة ، كما كان الشأن في محاكمات مجرم الحرب الألمان واليابانيين وخلافه من المحاكم الدولية التي شكلت للفصل في جرائم الحرب .

إن النظام الأساسي للمحكمة الجنائية جاءت متكاملة خلافا عن النظم الأخرى من ناحية الإجراءات التي تتطلبها المحاكم الجنائية وقواعد الإثبات المطلوبة والحقوق الممنوحة للمتهم والضمانات للمتهم والشهود ، كما جاءت شاملة لتحديد العقوبات في حدها الأعلى مع ترك الخيار للقضاة في اختيار العقوبات المناسبة لكل جريمة وقسوتها وكيفية ارتكابها والعقوبات التي تناولها النظام هي عقوبة السجن لمدة أقصاها ثلاثون عاما سواء كانت العقوبة لجريمة واحدة أوعدة جرائم ، حيث لا يجوز عند توقيع العقوبات على الجرائم مجتمعة أن تتعدى مدة أقصاها ، والسجن المؤبد حيثما تكون هذه العقوبة مبررة بالخطورة البالغة للجريمة وبالظروف الخاصة للشخص المدان ، كما نصت على فرض الغرامة ومصادرة العائدات والممتلكات والأصول المتأتية بصورة مباشرة أو غيرمباشرة من تلك الجريمة، دون المساس بحقوق الأطراف الثالثة الحسنة النية ، والملاحظ أن هذا النظام لم ينص على عقوبة الإعدام التي حكمت بها محاكم طوكيو ونتوربيرغ على عدد من لمتهمين ، كما إنها شملت على عدم المساس بحقوق الحائز حسن النية وهذا ما لم تشمله المحاكمات السابقة حيث لم تراعي حقوقهم بل الزم باسترداد ما بحيازته(48).

ثبوت المسئولية الجنائية وتعويض المتضرر من الجريمة :

درج الفقه الدولي التقليدي على أن تتحمل الدولة مسئولية تعويض الأضرار الناتجة عن مخالفة أفراد قواتها المسلحة لقواعد وأعراف الحرب أو أي قاعدة دولية تنتج عنها خسائر لطرف أخر ، ولم يكن يقع على الفرد أي مسئولية جنائية في ظل القانون الدولي التقليدي إلا أنه ومع تطور القواعد الدولية التي تنظم الحروب والنزاعات المسلحة ، وظهور القانون الدولي الإنساني وتطوره أدى إلى أن يتحمل الفرد نتاج مخالفاته الدولية ، ومتى ما ثبتت المسئولية الجنائية فإنه يترتب عليه تعويض المتضرر من الجريمة الدولية وهذا ما نصت عليه المادة 79 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية حيث نصت على إنشاء صندوق استئماني لصالح المجني عليهم في الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة، ولصالح أسر المجنيعليهم. وهذا الصندوق الاستئماني تحول إليه المحكمة المال والممتلكات المحصلة عليه في صورة غرامات وكذلك المال والممتلكات المصادرة (49).
كما أن هناك آثار أخرى لثبوت المسئولية الجنائية الفردية تتمثل في أنها تؤدي إلى احترام حقوق الإنسان وترسيخ قيم السلام والإنسانية التي تكون الجريمة قد أهدرت الكثير من مقوماتها وأخلت بدعائم الأمن الجماعي بمفهومه العام ويضاف إليها أنها تؤدي الى استقرار العدالة الجنائية للمجتمع الدولي ، والتي جاءت المحكمة الجنائية الدولية لتعيد صياغة قواعدها بمفهوم متطور يضمن تحقيق هذه الأهداف السابقة . (50)

ونخلص مما سبق أن المسئولية الجنائية الدولية في العصر الحالي يتحملها الفرد بجانب دولته التي تتحمل المسئولية الدولية المدنية عن الأضرار التي تسببها للغير ، كما نخلص إلى أن المحكمة الجنائية الدولية لها بجانب سلطاتها الجنائية سلطة مدنية يمكن من خلالها تعويض المدنيين المتضررين من الجريمة الدولية وذلك بما تفرضه من غرامات وبما تصادره من أملاك وممتلكات تحول إلى الصندوق الاستئماني الذي أنشئ لصالح المجني عليهم أسرهم

(1) د. عبدالواحد محمد الفار ـ القانون الدولي العام ـ ص 256 وما بعدها ، د. عمر ابوبكر باخشب ـ القانون الدولي العام ـ 305 وما بعدها ، د. صلاح عبدالبديع شلبي ـ حق الاسترداد في القانون الدولي دراسة مقارنة ـ الطبعة الأولي 1983م ـ ص 209 وما بعدها .
(2) د. عبدالغني محمود ـ المطالبة الدولية لإصلاح الضرر في القانون الدولي والشريعة الإسلامية ـ الطبعة الأولى 1406هـ/1986م .ـ ص 25 وما بعدها .
(3) جيرهارد فان غلان ـ القانون بين الأمم الجزء الأول ـ الطبعة الثانية ـ تعريب عباس العمر ـ دار الجيل ودار الافاق الجديدة بيروت ـ ج1 ص 264
(4) د. عبدالغني محمود ـ مرجع سابق ـ ص 25 ومابعدها .
(5) د. عبدالغني محمود ـ مرجع سابق ـ ص 61
(6) د . ا أحمد سرحال ـ قانون العلاقات الدولية ـ المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر بيروت ـ الطبعة الثانية 1413هـ/1993م ـ ص 299 وما بعدها
(7) د. عبدالغني محمود ـ مرجع سابق ـ ص 53 ومابعدها
(8) د. احمد سرحال ـ المرجع السابق ـ ص 295
(9) د. عبدالغني محمود ـ المرجع السابق ـ ص 54
(10) د . صلاح عبدالبديع شلبي ـ مرجع سابق ـ ص 202
(11) د. عبدالغني محمود ـ مرجع سابق ـ ص 133 وما بعدها
(12) د. صلاح عبدالبديع شلبي ـ المرجع السابق ـ ص 202
(13) د. كمال حماد _ النزاع المسلح والقانون الدولي العام . المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر ، لبنان ، بيروت الطبعة الأولى1997ـ ص 135
(14) د. عبدالغني محمود ـ مرجع سابق ـ ص 71 وما بعدها
[2][1]
(15) د .صادق ابو هيف ـ القانون الدولي العام ـ ج 2 ص 728 وما بعدها .
(16) د. كمال حماد . ـ مرجع سابق ـ ص 137
(17) انظر : Murty (B.S.) Settlement of disputes Manual of public international law ed .by. Sorensen . p. 681-682

(18) أ.د صادق ابوهيف ـ المرجع السابق ـ ج2 ص 740
(19) أ.د . جيرهارد فان غلان _ مرجع سابق ـ ج 2 ص 216
(20) أ.د صادق ابوهيف _ مرجع سابق ـ ج2 ص 746
(21) د. عبدالغني محمود _ مرجع سابق ـ ص 81
(22) د.صلاح عبدالبديع شلبي _ مرجع سابق ـ ص 269 وما بعدها .
(23) .د صادق ابوهيف _ مرجع سابق ـ ج2 ص 743
(2) المرجع السابق ـ ج2 ص 743
(24) د. عبدالغني محمود _ مرجع سابق ـ ص 82
(25) د .كمال حماد _ مرجع سابق ـ ص 142
(26) د. عبدالغني محمود _ المرجع السابق ـ ص 83
(27) د. عبد الغني محمود ـ _ مرجع سابق ـ ص 350 و د.عمر بن ابوبكر باخشب _ مرجع سابق ـ ص 306 ، د. احمد السرحال _ مرجع سابق ـ ص 372 مشيرين جميعا إلى
. Case Concerning the Factory at Chorzow Indemnity judgment ICJ.reports,1928,pp28-48
(28) د. احمد سرحال _ مرجع سابق ـ ض 372
(29) د. عبدالواحد محمدالفار ـ القانون الدولي العام ـ مرجع سابق ـ ص 357
(30) د. عمر ابوبكر باخشب _ مرجع سابق ـ ص 306
(31) د. احمد السرحال _ مرجع سابق ـ ص 372 ، د . رشاد عارف السيد _ مرجع سابق ـ ج2 ص 114
(32) د . عبدالغني محمود _ مرجع سابق ـ ص 258
(33) المرجع السابق ـ ص 259
(34) يسري عوض ـ الأثر القانوني للنزاع المسلح على حقوق المدنيين دراسة مقارنة بين القانون الدولي العام والشريعة الإسلامية ـ رسالة ماجستير مقدمة لجامعة النيلين ص 154
(35) د. رشاد عارف يوسف السيد ـ المسئولية الدولية عن أضرار الحروب العربية والإسرائيلية (جزئين ) ، دار الفرقان ، الطبعة الأولى 1404هـ ـ1984م ـ ج 1 ص 249 وما بعدها .
(36) انظر : p 750 ) 1950 (44 Pella.V: Towards an international criminal court . A.J.I.L. vol
(37) د. رشاد عارف السيد ـ _ مرجع سابق ـ ج 1 ص261و262
(38) د. على محمد جعفر ـ مكافحة الجريمة مناهج الأمم المتحدة والتشريع الجزائي ـ المؤسسة الجامعية للنشر والتوزيع بيروت الطبعة الأولى 1998 ص 166
(39) د. على محمد جعفر ـ مرجع لسابق ـ ص 167
(40) د. كمال حماد _ مرجع سابق ـ ص 75
(41) د. عبدالفتاح محمد سراج ـ مبدأ التكامل في القضاء الجنائي الدولي “دراسة تحليلية تأصيلية ” ـ دار النهضة العربية الطبعة الأولى 2001 ص 123 / 124
(42) تقرير عن أعمال منظمة الأمم المتحدة 10 أيلول سبتمبر 2002 منشورات جامعة مانسوتا الأمريكية .
(*) حددت المادة 8 / 2 من النظام جرائم الحرب فيما يلي (أ) (1) الانتهاكاتالجسيمة لاتفاقيات جنيف المؤرخة 12آب/أغسطس 1949، أي أي فعل من الأفعال التالية ضدالأشخاص أو الممتلكات الذين تحميهم أحكام اتفاقية جنيف ذات الصلة:”1″ القتلالعمد؛“2” التعذيب أو المعاملة اللاإنسانية، بما فى ذلك إجراء تجارببيولوجية؛“3” تعمد إحداث معاناة شديدة أو إلحاق أذى خطير بالجسم أوبالصحة؛”4″ إلحاق تدمير واسع النطاق بالممتلكات والاستيلاء عليها دون أن تكونهناك ضرورة عسكرية تبرر ذلك وبالمخالفة للقانون وبطريقة عابثة؛“5” إرغام أيأسير حرب أو أي شخص آخر مشمول بالحماية على الخدمة في صفوف قوات دولةمعادية؛”6″ تعمد حرمان أي أسير حرب أو أي شخص آخر مشمول بالحماية من حقه في أنيحاكم محاكمة عادلة ونظامية؛”7″ الإبعاد أو النقل غير المشروعين أو الحبس غيرالمشروع؛”8″ أخذ رهائن
(ب) الانتهاكات الخطيرة الأخرى للقوانين والأعرافالسارية على المنازعات الدولية المسلحة، في النطاق الثابت للقانون الدولي، أي أيفعل من الأفعال التالية:“1” تعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين بصفتهم هذه أوضد أفراد مدنيين لا يشاركون مباشرة في الأعمال الحربية؛2” تعمد توجيه هجمات ضدمواقع مدنية، أي المواقع التي لا تشكل أهدافا عسكرية؛“3” تعمد شن هجمات ضد موظفين مستخدمين أو منشآت أو مواد أو وحدات أو مركبات مستخدمة في مهمة من مهامالمساعدة الإنسانية أو حفظ السلام عملا بميثاق الأمم المتحدة ماداموا يستحقونالحماية التي توفر للمدنيين أو للمواقع المدنية بموجب قانون المنازعاتالمسلحة؛“4” تعمد شن هجوم مع العلم بأن هذا الهجوم سيسفر عن خسائر تبعية فيالأرواح أو عن إصابات بين المدنيين أو عن إلحاق أضرار مدنية أو عن إحداث ضرر واسعالنطاق وطويل الأجل وشديد للبيئة الطبيعية يكون إفراطه واضحا بالقياس إلى مجملالمكاسب العسكرية المتوقعة الملموسة المباشرة؛“5” مهاجمة أو قصف المدن أو القرىأو المساكن أو المباني العزلاء التي لا تكون أهدافا عسكرية، بأية وسيلةكانت؛“6” قتل أو جرح مقاتل استسلم مختارا، يكون قد ألقى سلاحه أو لم تعد لديهوسيلة للدفاع؛\”7″ إساءة استعمال علم الهدنة أو علم العدو أو شارته العسكريةوزيه العسكري أو علم الأمم المتحدة أو شاراتها وأزيائها العسكرية، وكذلك الشعاراتالمميزة لاتفاقيات جنيف مما يسفر عن موت الأفراد أو إلحاق إصابات بالغة بهم؛“8” قيام دولة الاحتلال، على نحو مباشر أو غير مباشر، بنقل أجزاء من سكانها المدنيينإلى الأرض التي تحتلها، أو إبعاد أو نقل كل سكان الأرض المحتلة أو أجزاء منهم داخلهذه الأرض أوخارجها“9” تعمد توجيه هجمات ضد المباني المخصصة للأغراض الدينيةأو التعليمية أو الفنية أو العلمية أو الخيرية، والآثار التاريخية، والمستشفياتوأماكن تجمع المرضى والجرحى، شريطة ألا تكون أهدافا عسكرية؛”10″ إخضاع الأشخاصالموجودين تحت سلطة طرف معاد للتشويه البدني أو لأي نوع من التجارب الطبية أوالعلمية التي لا تبررها المعالجة الطبية أو معالجة الأسنان أو المعالجة في المستشفىللشخص المعنى والتي لا تجرى لصالحه وتتسبب في وفاة ذلك الشخص أو أولئك الأشخاص أوفي تعريض صحتهم لخطر شديد؛“11” قتل أفراد منتمين إلى دولة معادية أو جيش معادأو إصابتهم غدرا؛”12″ إعلان أنه لن يبقى أحد على قيد الحياة؛“13” تدميرممتلكات العدو أو الاستيلاء عليها ما لم يكن هذا التدمير أو الاستيلاء مما تحتمهضرورات الحرب؛”14″ إعلان أن حقوق ودعاوى رعايا الطرف المعادى ملغاة أو معلقة أولن تكون مقبولة في أية محكمة؛“15” إجبار رعايا الطرف المعادى على الاشتراك فيعمليات حربية موجهة ضد بلدهم، حتى وإن كانوا قبل نشوب الحرب في خدمة الدولةالمحاربة؛“16” نهب أي بلدة أو مكان حتى وإن تم الاستيلاء عليه عنوة؛”17″ استخدام السموم أو الأسلحة المسممة؛”18″ استخدام الغازات الخانقة أو السامة أوغيرها من الغازات وجميع ما في حكمها من السوائل أو المواد أو الأجهزة؛“19” استخدام الرصاصات التي تتمدد أو تتسطح بسهولة في الجسم البشرى، مثل الرصاصات ذاتالأغلفة الصلبة التي لا تغطى كامل جسم الرصاصة أو الرصاصات المحززة الغلاف؛”20″ استخدام أسلحة أو قذائف أو مواد أو أساليب حربية تسبب بطبيعتها أضرارا زائدة أوآلاما لا لزوم لها أو أن تكون عشوائية بطبيعتها بالمخالفة للقانون الدولي للمنازعاتالمسلحة، بشرط أن تكون هذه الأسلحة والقذائف والمواد والأساليب الحربية موضع حظرشامل وأن تدرج في مرفق لهذا النظام الأساسي، عن طريق تعديل يتفق والأحكام ذات الصلةالواردة في المادتين 121، 123؛”21″ الاعتداء على كرامة الشخص، وبخاصة المعاملةالمهينة و الحاطة بالكرامة؛”22″ الاغتصاب أو الاستعباد الجنسي أو الإكراه علىالبغاء أو الحمل القسري على النحوالمعرف === == === === في الفقرة 2 (و) من المادة 7، أو التعقيمالقسري، أو أي شكل آخر من أشكال العنف الجنسي يشكل أيضا انتهاكا خطيرا لاتفاقياتجنيف؛”23″ استغلال وجود شخص مدني أو أشخاص آخرين متمتعين بحماية لإضفاء الحصانةمن العمليات العسكرية على نقاط أو مناطق أو قوات عسكرية معينة؛”24″ تعمد توجيههجمات ضد المباني والمواد والوحدات الطبية ووسائل النقل والأفراد من مستعمليالشعارات المميزة المبينة في اتفاقيات جنيف طبقا للقانون الدولي؛”25″ تعمدتجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب بحرمانهم من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم، بما في ذلك تعمد عرقلة الإمدادات الغوثية على النحو المنصوص عليه فياتفاقيات جنيف؛”26″ تجنيد الأطفال دون الخامسة عشرة من العمر إلزاميا أو طوعيافي القوات المسلحة الوطنية أو استخدامهم للمشاركة فعليا في الأعمال الحربية.
(ج) في حالة وقوع نزاع مسلح غير ذي طابع دولي، الانتهاكات الجسيمة للمادة 3 المشتركةبين اتفاقيات جنيف الأربع المؤرخة 12 آب/أغسطس 1949، وهى أي من الأفعال التاليةالمرتكبة ضد أشخاص غير مشتركين اشتراكا فعليا في الأعمال الحربية، بما في ذلك أفرادالقوات المسلحة الذين ألقوا سلاحهم وأولئك الذين أصبحوا عاجزين عن القتال بسببالمرض أو الإصابة أو الاحتجاز أو لأي سبب آخر؛”1″ استعمال العنف ضد الحياةوالأشخاص، وبخاصة القتل بجميع أنواعه، والتشويه، والمعاملة القاسية،والتعذيب؛”2″ الاعتداء على كرامة الشخص، وبخاصة المعاملة المهينة والحاطةبالكرامة؛”3″ أخذ الرهائن؛”4″ إصدار أحكام وتنفيذ إعدامات دون وجود حكمسابق صادر عن محكمة مشكلة تشكيلا نظاميا تكفل جميع الضمانات القضائية المعترف عمومابأنه لا غني عنها(د) تنطبق الفقرة 2 (ج) على المنازعات المسلحة غير ذات الطابعالدولي وبالتالي فهي لا تنطبق على حالات الاضطرابات والتوترات الداخلية مثل أعمالالشغب أو أعمال العنف المنفردة أو المتقطعة وغيرها من الأعمال ذات الطبيعةالمماثلة؛(هـ) الانتهاكات الخطيرة الأخرى للقوانين والأعراف السارية علىالمنازعات المسلحة غير ذات الطابع الدولي، في النطاق الثابت للقانون الدولي، أيمن الأفعال التالية”1″ توجيه هجمات ضد السكان المدنيين بصفتهم هذه أو ضد أفرادمدنيين لا يشاركون مباشرة في الأعمال الحربية؛”2″ تعمد توجيه هجمات ضد المبانيوالمواد والوحدات الطبية ووسائل النقل والأفراد من مستعملي الشعارات المميزةالمبينة في اتفاقية جنيف طبقا للقانون الدولي؛”3″ تعمد شن هجمات ضد موظفينمستخدمين أو منشآت أو مواد أو وحدات أو مركبات مستخدمة في مهمة من مهام المساعدةالإنسانية أو حفظ السلام عملا بميثاق الأمم المتحدة ماداموا يستحقون الحماية التيتوفر للمدنيين أو للمواقع المدنية بموجب القانون الدولي للمنازعات المسلحة؛”4″ تعمد توجيه هجمات ضد المباني المخصصة للأغراض الدينية أو التعليمية أو الفنية أوالعلمية أو الخيرية، والآثار التاريخية، والمستشفيات، وأماكن تجمع المرضى والجرحى،شريطة ألا تكون أهدافا عسكرية؛”5″ نهب أي بلدة أو مكان حتى وإن تم الاستيلاءعليه عنوة؛”6″ الاغتصاب أو الاستعباد الجنسي أو الإكراه على البغاء أو الحملالقسري على النحو المعرف في الفقرة 2 (و) من المادة 7 أو التعقيم القسري، أو أي شكلآخر من أشكال العنف الجنسي يشكل أيضا انتهاكا خطيرا للمادة 3 المشتركة بين اتفاقياتجنيف الأربع؛”7″ تجنيد الأطفال دون الخامسة عشرة من العمر إلزاميا أو طوعيا فيالقوات المسلحة أو في جماعات مسلحة أو استخدامهم للمشاركة فعليا في الأعمالالحربية؛”8″ إصدار أوامر بتشريد السكان المدنيين لأسباب تتصل بالنزاع، ما لميكن ذلك بداع من أمن المدنيين المعنيين أو لأسباب عسكرية ملحة؛”9″ قتل أحدالمقاتلين من العدو أو إصابته غدرا؛”10″ إعلان أنه لن يبقى أحد على قيدالحياة؛”11″ إخضاع الأشخاص الموجودين تحت سلطة طرف آخر في النزاع للتشويهالبدنى أو لأي نوع من التجارب الطبية أو العلمية التي لا تبررها المعالجة الطبية أومعالجة الأسنان أو المعالجة في المستشفى للشخص المعنى والتي لا تجرى لصالحه وتتسببفي وفاة ذلك الشخص أو أولئك الأشخاص أو في تعريض صحتهم لخطر شديد؛”12″ تدميرممتلكات العدو أو الاستيلاء عليها ما لم يكن هذا التدمير أو الاستيلاء مما تحتمهضرورة الحرب؛ (و) تنطبق الفقرة 2 (هـ) على المنازعات المسلحة غير ذات الطابعالدولي وبالتالي فهي لا تنطبق على حالات الاضطرابات والتوترات الداخلية، مثل أعمالالشغب أو أعمال العنف المنفردة أو المتقطعة أو غيرها من الأعمال ذات الطبيعةالمماثلة. وتنطبق على المنازعات المسلحة التي تقع في إقليم دولة عندما يوجد صراعمسلح متطاول الأجل بين السلطات الحكومية وجماعات مسلحة منظمة أو فيما بين هذهالجماعات3- ليس في الفقرتين 2 (ج) و (د) ما يؤثر على مسؤولية الحكومة عن حفظأو إقرار القانون والنظام في الدولة أو عن الدفاع عن وحدة الدولة وسلامتهاالإقليمية، بجميع الوسائل المشروعة. ( راجع نصوص النظام الوارد بوثيقة الامم المتحدة PCNICC/ 1999/INF/30 منشورات جامعة مانسوتا )
(*) تنص المادة 5 على الأتي (1- يقتصر اختصاص المحكمة على أشد الجرائم خطورة موضع اهتمامالمجتمع الدولي بأسره، وللمحكمة بموجب هذا النظام الأساسي اختصاص النظر في الجرائمالتالية(أ) جريمة الإبادة الجماعية(ب) الجرائم ضد الإنسانية؛(ج ) جرائم الحرب (د) جريمة العدوان.
(43) المادة 28 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية
(44) المادة 31 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية 1998
(45) المادة 32 من نفس النظام
(46) المادة 33 من نفس النظام
(47) المادة 31 / 3 من نفس النظام
(48) المادة 77 / 78 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية 1998
(49) المادة 79 من نفس النظام