تضمن قانون التنفيذ الفلسطيني سلسلة من الإجراءات التي قصد بها إعداد المال غير المنقول للبيع، وتأتي هذه الإجراءات بعد إتمام معاملة وضع اليد على الأموال غير المنقولة، حيث يقوم مأمور دائرة التنفيذ بتنظيم قائمة شروط البيع، التي يجب أن تتضمن أوصاف المال غير المنقول المقرر بيعه كما وردت في معاملة وضع اليد، بالإضافة إلى ما يلزم ذلك من التفصيلات الضرورية لإعلان البيع (1)، وتتضمن القائمة أيضا ما يفيد بأن هذه الأموال مطروحة للبيع في المزايدة لمدة ثلاثين يوما من تاريخ نشر الإعلان؛ وهذا ما تنص عليه المواد(113/1) من قانون التنفيذ الفلسطيني (2). وتطبيقا لنصوص المواد سالفة الذكر فقد جاء في قرار لمحكمة التمييز الأردنية ما يلي”

إن عدم وصف العقار المعلن عن بيعه بالمزاد العلني، تنفيذا لسند الدين وعدم ذكر مكان وجود العقار ومنطقة تنظيمه والإشارة إلى الآبار الارتوازية والمخازن الموجودة ضمن العقار ومساحة المصنع المقام على العقار، الأمر الذي يؤدي إلى ضعف الرغبة والإقبال إلى الدخول بالمزايدة مخالف لأحكام المادة )92/2) من قانون الإجراء التي أوجبت أن يتضمن إعلان البيع جميع أوصاف العقار عند وضع اليد، وعليه فإن الحكم المستأنف القاضي بإلغاء جميع إجراءات البيع في محله وموافق للقانون” (3) تقوم دائرة التنفيذ بعد الانتهاء من تنظيم قائمة شروط بيع الأموال غير المنقولة بالإعلان عن المزايدة، وذلك بالنشر والتعليق قبل اليوم المحدد لإجرائها بثلاثين يوما، حيث تقوم بتعليق نسخا من الجريدة التي تم النشر فيها في ديوان دائرة التنفيذ، وعلى باب العقار المحجوز وفي أي محل يزدحم فيه الناس، أو بأية طرق إضافية أخرى إذا كان المال غير المنقول المعروض للبيع ذا قيمة كبيرة؛ وذلك وفقا لما تنص عليه المادة(127/1) من قانون التنفيذ الفلسطيني .

بناء على ما تقدم فإن المزايدة تعتبر مفتوحة من تاريخ الإعلان عنها، وعلى كل من يرغب الدخول فيها أن يدفع تأمينا بقيمة عشرة في المائة من الثمن الأساسي المحدد في القائمة، وتبدأ إجراءات المزايدة بمناداة المنادي أو مأمور الحجز، وتبقى المزايدة مفتوحة لمدة ثلاثين يوما، وبعد انقضاء مدة الثلاثين يوما يحال المبيع إحالة مؤقتة (4) إلى الطالب من الداخلين في المزايدة بالبدل الأكثر، ويدرج ذلك في قائمة المزايدة ويصادق عليه مأمور التنفيذ وهذا ما تنص عليه المادة ( 128 ) من قانون التنفيذ الفلسطيني. تكمن الحكمة من الإحالة المؤقتة في كون إجراءات البيع وفقا لقانون التنفيذ الفلسطيني تتم على مرحلتين، وهما مرحلة الإحالة المؤقتة والإحالة القطعية التي تهدف دوائر التنفيذ من خلالها الحصول على أعلى إيراد من المال المطلوب بيعه فتعطي مهلة ثانية، فمن الممكن أن يتم دفع سعر أعلى، وكضمانة للمدين من أن دوائر التنفيذ قامت بما يلزم من أجل البيع بسعر وبشفافية أعلى(5)

ترى الباحثة أن المشرع الفلسطيني راعى مصلحة المدين من خلال العمل بالإحالة المؤقتة، حيث إنه يتم من خلالها إعطاءه فرصة أخرى لكي يقوم بسداد الدين، رغم أنه متخلف عن القيام بالتزامه القانوني والأخلاقي بالسداد، وتعتبر أمرا إيجابيا بالنسبة إليه إذ إنه من خلالها يمكنه سداد ديونه، وبالتالي لا يتم بيع أمواله بالمزاد العلني؛ مما يؤدي إلى وقف إجراءات التنفيذ الجبري. تجدر الإشارة إلى أن العقد وفقا للمبادئ العامة (6) في المزايدات لا يكتمل إلا برسو المزايدة، ويسقط العطاء بعطاء يزيد عليه ولو وقع باطلا أو بإقفال المزايدة دون أن ترسو على . أحد، ذلك مع عدم الإخلال بأحكام القوانين الأخرى(7) يعتبر كل عرض مستقل عن غيره؛ حيث إنه لا يبنى العرض على عرض سابق له، إنما يعتبر في ذاته إيجابا غير مقترن بأي شرط، ومتى مضت المدة الزمنية التي حددها المشرع لبقاء الإيجاب قائما دون أن يحصل القبول- أي متى أعقب هذا العرض عرض آخر يزيد عليه – فإن العرض الأول يسقط ولو كان الأخير باطلا، سواء أكان سبب البطلان هو عدم أهلية صاحب العرض أو وجود مانع يمنعه من المزايدة أو لأي سبب آخر، حيث يعتبر التقدم للمزايدة إيجاب من المتقدم لشراء أو استملاك المال المعروض بيعه، وهو إيجاب ملزم له كونه صادر عنه بإرادة، وأن الظروف تدل أنه ما دام قد تقدم لهذا المزاد وعرض الإيجاب فإنه يتقيد به وهذا من القواعد العامة، ويعتبر ما وصل له أعلى سعر هو آخر قبول للمزاد، فإذا عرض سعر أعلى فإن العطاء الذي قبله يسقط حتى لو كان العرض الأعلى صادرا عن شخص ليس له الحق في دخول المزاد كأن يصدر السعر الأعلى من قاض ممنوع من دخول المزاد، ويعتبر قرار القاضي بالإحالة قبولا على إيجاب المزاود ما لم يتقدم مزاود آخر بسعر أعلى فيسقط إيجاب الأول ويعتبر الثاني، وعند الحكم ببطلان العرض الأخير يجب إعادة المزايدة من جديد مع عدم . الاعتداد بأي عرض سابق عليه (8) يترتب على ذلك أن بطلان العرض الأول لا يترتب عليه بطلان العرض الثاني طالما أن العرض الثاني قد وقع صحيحا، فلا يجوز للراسي عليه المزاد أن يدعي بطلان العرض الأول ليتحلل من عرضه على اعتبار أنه بني على عرض باطل، لأن كل عرض مستقل عن . الآخر ويعتبر في ذاته إيجابا مستقلا، ويعتبر كأن لم يكن متى أدلي بإيجاب آخر يزيد علية(9)

_______________

1- القضاة، مفلح عواد: أصول التنفيذ وفقا لقانون الإجراء دراسة مقارنة،الطبعة الثالثة، دار

. الثقافة، عمان، 1977، ص 331

2-تنص المادة (113/1) على أن” بانقضاء الميعاد المشار إليه في المادة السابقة دون أن يقوم المدين بسداد دينه تقوم دائرة التنفيذ بمعاملة وضع اليد بانتقال مأمور الحجز إلى المحل الموجود فيه المال غير المنقول وينظم محضرا يوقع عليه هو والشهود، ويبين فيه نوع المحجوز عليه وأوصافه وحدوده ومشتملاته ومقدار مساحته واسم الحي الكائن فيه أو القرية ورقمه وحالة المزروعات وزمن إدراكها والأشخاص الساكنين فيه، وماهية الوثائق التي يستندون إليها في إقامتهم والقيمة

على أن” تنظم دائرة التنفيذ / المقدرة للمال المحجوز بحسب تقدير مأمور الحجز مع خبير أو أكثر”. وتنص المادة (119/1) خلال ثلاثين يوما من تاريخ وضع اليد قائمة بشروط بيع الأموال غير المنقولة المحجوزة”.

3- قرار محكمة التمييز الأردنية رقم 325 لسنة 1958 جلسة 9/6/1958 كما هو وارد لدى العبودي، عباس: شرح أحكام قانون التنفيذ، بدون طبعة، دار الثقافة، عمان، 2005 ، ص 127

4- يقصد بإلاحالة المؤقتة” القرار الذي يصدره قاضي التنفيذ نتيجة بيع العقار في إحدى جلسات البيع وتنتهي بصدوره عملية المزايدة، ويرسو المزاد على المشتري الذي تقدم بآخر عرض وهو بالطبع أكبر عرض”. الكيلاني، أسامة: مرجع سابق، هامش ص 374.

5- تراجع المادة ( 129 ) من قانون التنفيذ الفلسطيني

6- المادة ( 103 ) من القانون المدني الأردني رقم ( 43 ) لسنة 1976 ، نشر هذا القانون في العدد 2645 من الجريدة الرسمية على الصفحة 2 بتاريخ 1/8/1976.

7- كالقانون المدني المصري رقم ( 131 ) لسنة 1948 في المادة ( 99 ) والتي تنص على ذات القاعدة على أن” لا يتم العقد في المزايدات إلا برسو المزاد، ويسقط العطاء بعطاء يزيد عليه ولو كان باطلا”. صدر هذا القانون بقصر القبة في 9 رمضان سنة 1367 ه 16) يوليو سنة 1948).

8- القضاة، مفلح عواد: مرجع سابق، ص 335

9- الكيلاني، أسامة: أحكام التنفيذ في المواد المدينة والتجارية بمقتضى قانون التنفيذالفلسطيني دراسة مقارنة، الطبعة الثانية، الإصدار الأول، بدون ذكر دار نشر، بدون ذكر بلد نشر، .2008، ص 375

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .