عدم جواز إثبات ما يخالف الكتابة إلاّ بكتابة مثلها في المسائل المدنية:

من المستقر عليه أن تسجيل العقد لا يحول دون الطعن عليه بالصورية والبطلان، وأن محكمة الموضوع لها السلطة التامة في تقدير أدلة الصورية واستخلاص عناصر الغش من قرائن الدعوى وأدلتها، لتعلق ذلك بفهم الواقع فيها، وأن الصورية إنما تعني عدم قيام العقد أصلاً في نية المتعاقدين، وكان الثابت في الأوراق من أقوال شاهدي المستأنف ضدهما والشاهد الأول للمستأنف أمام محكمة أول درجة والتي تطمئن إليها هذه المحكمة، أن التوكيل الموثق برقم 439 جلد “ه” بتاريخ 16/2/1997 لم تتجه فيه إرادة المستأنف ضده الأول- عن نفسه وبصفته وكيلاً عن زوجته المستأنف ضدها الثانية- إلى توكيل المستأنف في بيع منزلهما لنفسه، وإنما قد صدر هذا التوكيل ضماناً لسداد مبلغ القرض الذي استدانه المستأنف ضده الأول من المستأنف، ومن ثم فإن المحكمة تطمئن إلى صحة دفاع المستأنف ضدهما في هذا الشأن، وإلي أن المستأنف قام ببيع المنزل لنفسه بناء على هذا التوكيل ونقل ملكيته إليه بعد ذلك بالعقد الموثق برقم 5932 بتاريخ 13/5/1997- رغم علمه بأن المستأنف ضدهما لم يقصدا من التوكيل التصرف بالبيع وإنما قد صدر منهما ضماناً لسداد القرض- وهو ما ترتب عليه المحكمة صورية وبطلان عقدي الوكالة والبيع المشار إليهما، ولا يفوت المحكمة أن تشير إلى أنه لا ينال مما انتهت إليه فيما تقدم ما دفع به المستأنف في صحيفة استئنافه من عدم جواز إثبات الصورية بين المتعاقدين بشهادة الشهود، ذلك أن عدم جواز إثبات ما يخالف الكتابة إلا بالكتابة، هي قاعدة غير متعلقة بالنظام العام، وبالتالي يجوز لصاحب المصلحة في هذا الدفع أن يتنازل عنها صراحة أو ضمناً. لما كان ذلك، وكان من غير الثابت في الأوراق أن المستأنف قد اعترض على التحقيق الذي أجرته محكمة الدرجة الأولى في هذا الشأن قبل بدئه، بالإضافة إلى أنه استجاب لحكم التحقيق وأحضر شاهدين استمعت إليهما المحكمة، وهو الأمر الذي يقطع أنه تنازل ضمناً عن الدفع المقرر لمصلحته في هذا الخصوص، ولا يقدح في نظر المحكمة أيضاً أن المستأنف لم يعترف بحصول القرض الذي جاء على لسان المستأنف ضدهما وشاهديهما وشاهده الأول، ذلك أنه (المستأنف) لم يستطع- في كافة المراحل التي مرت بها الدعوى- أن يبرر السبب الذي من أجله قام المستأنف ضده الأول بتوكيله ببيع منزله خاصة وأن الثابت في الأوراق أن عقد البيع المنسوب فيه للمستأنف ضده الأول قبض الثمن كان تاليا لعقد الوكالة ببيع المنزل بحوالي ثلاثة شهور، ومتى كان ذلك كذلك فإن المحكمة لا تعول على أسباب الاستئناف برمتها، وهو ما ترتب عليه وعلي ما انتهت إليه فيما تقدم، رفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف.

(الطعن 374/2000 مدني جلسة 18/2/2002)

عدم جواز إثبات ما يخالف أو يجاوز الثابت بالكتابة بغير الكتابة، يفترض وفقاً لنص المادة 40 من قانون الإثبات رقم 390 لسنة 1980 وعلى ما ورد بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون أن تكون هناك كتابة أُعدت للإثبات مُوقّع عليها ممن يراد الاحتجاج عليه بها، فلا يجوز له من بعد إثبات ما يخالفها ويجاوزها بدليل أقل قوة في الإثبات كشهادة الشهود أو غيرها. وكما أن المقرر -في قضاء هذه المحكمة- أنه وإن كان الأصل أنه لا حجية لصور الأوراق العرفية ولا قيمة لها في الإثبات إلا بمقدار ما تهدى إلى الأصل، إلا أن مناقشة الخصم لموضوع المستندات المقدم صورها بالدعوى وعدم منازعته في صدورها منه وعدم نيله من صحتها أو مطابقتها لأصولها يُعد بمثابة إقرار ضمني بمطابقة هذه الصور للأصل يسوغ الأخذ بها والتعويل عليها ولا يجوز للخصم بعد ذلك جحدها أو إنكار الأصل المأخوذة عنه. لما كان ذلك، وكانت المطعون ضدها الأولى ليست طرفاً في الترخيص الإداري الصادر من المطعون ضده الثاني للطاعنة بالانتفاع بأرض القسيمة الزراعية محل النزاع ومن ثم فلا يحتج عليها به. وإذ كانت المطعون ضدها المذكورة قدمت صورة إقرار مؤرخ 2/10/2000 منسوب إلى الطاعنة ومن يدعى….، أن تضمنت ما يفيد أنها شريكة لهما في ملكية الانتفاع بأرض القسيمة المذكورة، وكذلك صورة لطلب موقع من ثلاثتهم مقدم إلى المطعون ضده الثالث بصفته لإجراء تقسيم العقار فيما بينهم لتختص المطعون ضدها الأولى بمساحة (25000) متراً مربعاً، وقد ناقشت الطاعنة موضوعهما بمذكرتها المقدمة بجلسة 24/12/2001 وقررت أن الإقرار الأول لا يحتج عليها به إلا بعد اعتماده من الإدارة ودفع الرسم المقرر عليه، وأن طلب تقسيم الأرض بين الثلاثة لا يعنى ملكية المطعون ضدها الأولى لجزء منها وهو ما يعنى إقرارها بصحتها وبصحة الأصل المأخوذتين عنه ومطابقتهما له وبذلك يعتبران دليلاً كتابياً كاملاً على ثبوت العلاقة فيما بين الطاعنة والمطعون ضدها الأولى بشأن القسيمة محل النزاع وأحقية الأخيرة في الانتفاع بنصف مساحتها فلا يقبل من الطاعنة بعد ذلك جحدها لهما بمذكرتها المقدمة بجلسة 4/2/2002 وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتمد في قضائه بأحقيـة المطعـون ضدها الأولى في الانتفاع بمساحة (25000 م2) خمسة وعشرين ألف متر مربع من أرض القسيمة المذكورة على هذين المستندين، وكان فيهما ما يكفى لحمل قضائه، فإن تعييبه فيما استطرد إليه، بعد ذلك باستناده إلى أقوال شهود في تحقيقات الجنحة رقم 33 لسنة 2001 الوفرة، أو أمام المحكمة – أياً كان وجه الرأي فيه – غير منتج ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.

(الطعن 257/2002 مدني جلسة 3/2/2003)

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .