استيراد شحوم ابقار

مجلس الدولة

المحكمة الإدارية العليا

( الدائرة الأولى – موضوع )

—————————

بالجلسة المنعقدة علناً يوم السبت الموافق 28/2/2004م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار / د. عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز

رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة

وعـضويــة الســـادة الأسـاتـذة المستشاريـن / السـيد محمد السـيد الطحـان ويحيى خضرى نوبى محمد ود. محمد ماجد محمود أحمد وأحمد عبد الحميد حسن عبود. نواب رئيس مجلس الدولة

بحضور السيد الأستاذ المستشار / حتة محمود حتة .

مفوض الدولة

وحضور السيد / كمال نجيب مرسيس .

سكرتير المحكمة

أصدرت الحكم الآتي

في الطعن رقم 4221 لسنة 45 القضائية عليا

المقام من

على عبد المنعم عبد البارى
بصفته صاحب ومدير مؤسسة التمثيل التجارى الدولى

ضـــــــــد

1- رئيس مجلس الوزراء ” بصفته “

2- وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية ” بصفته “

3- وزير المالية بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الجمارك

4- وكيل وزارة المالية لشئون الجمارك

5- وزير التموين ” بصفته “

6- رئيس الهيئة العامة للسلع التموينية

7- وزير الصحة ” بصفته “

فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى”دائرة العقود الإدارية والتعويضات”

فى الدعوى رقم 1321 لسنة 40ق بجلسة 14/2/1999

—————————————————–

” الإجراءات ”
*************

فى يوم الخميس الموافق 15/4/1999 أودع الأستاذ / فايز حبيب لوندى المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها العمومى برقم 4221 لسنة 45ق. عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى ” دائرة العقود الإدارية والتعويضات” فى الدعوى رقم 1321 لسنة 40ق. بجلسة 14/2/1999 والقاضى منطوقه ” برفض الدعوى وإلزام المدعى المصروفات” وطلب الطاعن – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً: أولاً : بإلزام وزارة التموين بالتضامن مع باقى المطعون ضدهم بأن تدفع للطاعن مبلغاً وقدره 513298.600 جنيه وهو يمثل ما لم تدفعه هذه الوزارة للطاعن من التكلفة الاستيرادية للسلعة التى استوردها وتسلمتها الوزارة منه . ثانياً: بصفة أصلية بأن تدفع وزارة التموين فوائد بواقع 16 ٪ على مبلغ 1060650.700 جنيهاً فى المدة من 30/11/1983 حتى 2/2/1987 وعلى مبلغ 513298.600 جنيهاً من 3/2/1987 وحتى تمام السداد. وبصفة احتياطية: بأن تدفع وزارة التموين للطاعن مبلغ سبعمائة ألف جنيه على سبيل التعويض الإجمالى عن الأضرار التى لحقت به من جراء تقصير هذه الوزارة فى تسليم الشحومات البقرية التى استوردها الطاعن إلى وزارة الصناعة وتراخيها فى صرف مستحقاته عنها مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة .

وقد تم إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضدهم على النحو الثابت بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً, ورفضه موضوعاً, مع إلزام الطاعن المصروفات.

ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو الموضح بمحاضر الجلسات وبجلسة 5/5/2003 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا ” الدائرة الأولى – موضوع ” وحددت لنظره أمامها جلسة 31/5/2003 وبعد تداوله بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 10/1/2004 مع التصريح بتقديم مذكرات لمن يشاء فى شهر.

وبتاريخ 16/11/2003 أودع محامى الدولة مذكرة بدفاع الجهة الإدارية المطعون ضدها اختتمت بطلب الحكم برفض الطعن مع إلزام الطاعن المصروفات.

وبالجلسة المذكورة قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة 28/2/2004 لإتمام المداولة, وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.

” المحكمــــة “

————-

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.

من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .

ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص – حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – فى أن الطاعن أقام الدعوى رقم 1321 لسنة 40ق. أمام محكمة القضاء الإدارى بموجب عريضة مودعة قلم كتابها بتاريخ 25/12/1985 محدداً طلباته الختامية فيها بطلب الحكم: 1- بإلزام وزارة التموين متضامنة مع باقى المدعى عليهم بأن تدفع للمدعى مبلغاً مقداره 513298.600جنيهاً وهو ما يمثل ما لم تدفعه وزارة التموين من التكلفة الاستيرادية للسلع المستولى عليها. 2- بصفة أصلية : بأن تدفع وزارة التموين فوائد قانونية بواقع 16 ٪ من مبلغ 1060650.700 جنيهاً فى المدة من 30/11/1983 حتى يوم 2/2/1987 وعن مبلغ 513298.600 جنيهاً من تاريخ 3/2/1987 حتى تمام السداد. وبصفة احتياطية: أن تدفع وزارة التموين للمدعى مبلغ (700000 جنيهاً ) كتعويض إجمالى عن الأضرار التى لحقت به من جراء تقصير الوزارة المذكورة, مع إلزام المدعى عليهم المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.

ومن حيث إن وقائع النزاع سبق أن أحاط بها الحكم المطعون فيه فالمحكمة تحيل إليه منعاً للتكرار فيما عدا ما يقتضيه حكمها من بيان موجز حاصله أن الطاعن حصل بتاريخ 26/12/1982 على موافقة استيرادية رقم 13 عن كمية من المسلى الصناعى بقيمة 334075 دولاراً أمريكيًّا فتح بها اعتمادًا رقم 85815 فى بنك مصر / فرع مصطفى كامل ووصلت هذه الرسالة موضوع الشهادتين الجمركيتين رقمى 2162م 2 و 2161 م 2 ميناء الإسكندرية بالبوليصة رقم 2 والبوليصة رقم 3 فى 30/4/1983 – كما حصل فى ذات التاريخ 26/12/1982 على موافقتين استيراديتين رقم 4 – 80 برقم 200367 ورقم البوليصة 1 وشهادة إجراءاتها رقم 233 م 2 سيف الإسكندرية – وحصل على موافقة استيرادية برقم 48 فى 20/2/1982 بمبلغ 52416 دولارًا أمريكيًّا وفتح اعتمادها فى البنك الأهلى سوسيتيه ورقم البوليصة 13576 سيف بورسعيد وشهادتها الجمركية رقم 6787 وقد وصلت جميع الرسائل إلى الميناءين المذكورين فى 28 كونتير و 28 حاوية وبتاريخ 30/11/1983 وبعد وصول تلك الرسائل جميعها إلى ميناءى الوصول صدر قرار من اللجنة الوزارية العليا بمتابعة إجراءات الرقابة على السلع الغذائية المستوردة بمنع استيراد الدهون الحيوانية لغرض الاستهلاك المباشر بدعوى خطورتها على الصحة وقصر استيراد هذا النوع لأغراض التصنيع فقط ونصت المادة الثانية من هذا القرار بعدم السماح بطرح الكميات التى بالموانى وتلك التى فتحت لها اعتمادات بالبنوك أو التى بالطريق إلى الموانى المصرية وأنه يتعين تسليمها لوزارة التموين بالتنسيق مع وزارة الصناعة لإعادة تصنيعها على أن تقوم وزارة التموين بمحاسبة مستوردى القطاع الخاص – ومنهم الطاعن – على التكلفة الاستيرادية للرسائل التى تتسلمها وحيث إن الهيئة العامة للسلع التموينية قد تسلمت الرسائل المشار إليها خلال الفترة من 10/8/1985 حتى 24/8/1985 وأنه بذلك يكون من حقه الرجوع على المطعون ضدهم – عدا الثانى والسابع – بكافة حقوقه التى ترتبت على الاستيلاء على هذه الرسائل.

وتدوول نظر الدعوى أمام المحكمة المذكورة على النحو الموضح بمحاضر جلساتها وبجلستها المنعقدة فى 20/2/1992 أصدرت حكماً تمهيدياً قاضياً بقبول الدعوى شكلاً وبندب مكتب خبراء وزارة العدل ليندب بدوره أحد خبرائه المختصين لأداء المأمورية المحددة بهذا الحكم.

وقد باشر الخبير المأمورية الموكولة إليه وأودع تقريره ومحاضر أعماله ملف الدعوى.

وبجلسة 14/2/1999 أصدرت محكمة القضاء الإدارى ” دائرة العقود الإدارية والتعويضات ” حكمها المطعون فيه.

وشيدت المحكمة قضاءها على أساس الأخذ بتقرير الخبير المنتدب فى الدعوى محمولاً على أسبابه والثابت منه أنه ليس ثمة تراخٍ حدث من الجهة الإدارية فى تسليم رسائل الشحوم موضوع التداعى إلى شركات وزارة الصناعة أو فى صرف مستحقات المدعى وذلك على النحو الوارد بأسباب الحكم.

ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل فى الحكم المذكور – وعلى ما جاء بتقريره – يتبلور فى عدة أسباب حاصلها :

1- أن الحكم الطعين قد ركن فى قضائه إلى تقرير الخبير الذى جاء متعارضاً مع تقرير هيئة مفوضى الدولة فى الدعوى سواء فى شأن عناصر التكلفة الاستيرادية أو خطأ جهة الإدارة فى التنفيذ – وفى حين أن تكييف الخطأ هو عملية قانونية لا تدخل فى خبرة الخبير وإذ ركن الحكم المطعون فيه فى قضائه إلى تقرير الخبير فى مسألة قانونية, وطرح تقرير هيئة مفوضى الدولة رغم وضوح قيامه على أسس سليمة ولا سيما بالنسبة للخطأ مما يكون معه هذا الحكم معيباً بمخالفة القانون ومشوباً بالفساد فى الاستدلال.

2- الحكم الطعين أخطأ فى أخذه بتقرير الخبير فى شأن احتساب التكلفة الاسيترادية بالجنيه المصرى وليس بالدولار الأمريكى وقت الصرف الجزئى لهذه التكلفة معادلاً بقيمته وقتئذ على الأقل طبقاً لما جاء بمذكرات دفاعه من أن قيمة الدولار الأمريكى كانت 1.350 جنيه وأن ما لم تدفعه وزارة التموين من التكلفة الاستيرادية مبلغ 513298.600جنيه إلا أن الحكم الطعين لم يلتفت إلى هذا الدفاع الجوهرى مما يشوبه بالقصور من جانب وبالخطأ فى الواقع والقانون من جانب آخر.

3- أخطأ الحكم المطعون فيه فى اعتناقه تقرير الخبير فى الادعاء بعدم وجود أى تراخ فى الوفاء للطاعن بالتكلفة الاستيرادية للسلعة التى تم الاستيلاء فى حين أن تقرير هيئة مفوضى الدولة قد أوضح أن الطاعن لم يحصل على مستحقاته فى أقرب وقت حيث لم يتم تنفيذ القرار الصادر فى 30/11/1983 سالف الذكر إلا فى أغسطس 1985 ( وصحته 2/2/1987 بالوفاء الجزئى )أى بعد قرابة عامين وعلى ذلك فإن التراخى فى التنفيذ يتحقق به ركن الخطأ فى المسئولية التقصيرية كما توافر ركن الضرر متمثلاً فى حرمانه من الاستفادة بمستحقاته وتحمله الفوائد التى فتح بها الاعتماد وفرق سعر العملة الذى ارتفع بصورة واضحة منذ صدور ذلك القرار وحرمانه كذلك من فرصة الربح المتوقعة وعلى ذلك يكون الحكم المطعون فيه معيباً بالخطأ فى استخلاص وفهم واقعة الدعوى فى شأن توافر مسئولية جهة الإدارة عن التعويض.

ومن حيث إن الثابت من مطالعة أوراق الطعن أنه بتاريخ 19/12/1982 تقدم الطاعن بثلاثة طلبات استيراد إلى وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية متضمنة بيانات عن الرسالة المستوردة منها نوع السلعة (مسلى صناعى ) وبناء على ذلك حصل الطاعن على ثلاث موافقات استيرادية مؤرخة فى 26/12/1982 وبارقام 4 و8 و13 موضحاً فيها بيان الصنف ومواصفاته : مسلى صناعى معبأ ومنصوصاً فيها على الآتى : ( بشرط استيفاء كافة الشروط الاستيرادية الواردة بالقرار الوزارى رقم 1036 لسنة 1978 وتعديلاته ) كما تقدم الطاعن بطلب استيراد رابع مؤرخ فى 23/2/1983 موضحاً فيه نوع السلعة مسلى صناعى 1 كجم وبناء على ذلك حصل على موافقة استيرادية برقم 48 بتاريخ 10/3/1983 اشتملت بياناتها على بيان الصنف ومواصفاته : مسلى صناعى 1 كجم مكون من دهن بقرى 88.9 ٪ – وبشرط استيفاء كافة الشروط الاستيرادية الواردة بالقرار الوزارى رقم 1036 لسنة 1978 وتعديلاته.

ومن حيث إنه لاخلاف بين أطراف الخصومة على أن مشمول الرسائل الأربع بناء على تلك الموافقات الاستيرادية عبارة عن دهون بقرية 100 ٪ وبذلك يكون الطاعن قد استورد دهوناً حيوانية خاماً بالمخالفة لطلبات الاستيراد المقدمة منه والموافقات الاستيرادية الصادرة إليه والتى سمحت له باستيراد مسلى صناعى ومما لاشك فيه أن الشحوم الحيوانية تختلف عن المسلى الصناعى وليس صحيحاً ما ذهب إليه الطاعن أن هذه الدهون تعد فى الواقع مسلى صناعيًّا طبقاً لقرار وزير التجارة رقم 1410 لسنة 1975 بالرقابة على المستورد من المسلى الصناعى لأن المادة الأولى من هذا القرار عرفت المسلى الصناعى بأنه هو المنتج الغذائى نصف الصلب المصنع من الزيوت النباتية مهدرجة أو غير مهدرجة أو دهون حيوانية من الفصيلة البقرية أو الأغنام” وعلى ذلك فإن المسلى الصناعى هو منتج غذائى مصنع من زيوت نباتية أو دهون حيوانية ويؤكد ما سبق ما جاء فى تقرير الهيئة المصرية العامة للتوحيد القياسى وجودة الإنتاج فى اجتماعها بتاريخ 2/11/1983 من أنه لا يجوز تسمية الشحوم الحيوانية بنسبة 100 ٪ بالمسلى الصناعى لأن ذلك يعتبر غشًّا تجاريًّا.

ومن حيث إنه متى ثبت مما تقدم أن الطاعن قد استورد شحوماً حيوانية خاماً فإنه يكون بذلك قد خالف أيضاً حكم الفقرة ب من المادة الرابعة من القرار الوزارى رقم 1036 لسنة 1978 بشأن القرار الموحد للائحة التنفيذية لقانون الاستيراد والتصدير والتى قصرت استيراد الشحوم الحيوانية الغذائية وغير الغذائية على شركات القطاع العام التجارية فقط وقد اشترطت الموافقات الاستيرادية المنوه بها سلفاً استيفاء كافة الشروط الاستيرادية الواردة بالقرار الوزارى رقم 1036 لسنة 1978 سالف الذكر.

ومن حيث إن اللجنة العليا لمتابعة إجراءات الرقابة على المواد الغذائية الواردة من الخارج قررت بجلستها المنعقدة بتاريخ 30/11/1983 – بعد عرض نتائج المتابعة لموضوع رسالة مسلى صناعى ( دهون حيوانية 100 ٪ – الواردة باسم شركة الاتحاد التجارى البورسعيدى – وفى ضوء ما أشار إليه وزير الصناعة والثروة المعدنية من أن الشحوم الحيوانية تستورد لغرض التصنيع فقط وما ذكره رئيس مجلس إدارة هيئة التوحيد القياسى من أن الهيئات الوطنية للتوحيد القياسى لم تقم بوضع مواصفات للشحوم والدهون الحيوانية التى تستورد مباشرة للاستهلاك المباشر وأنه وفقاً لتقرير منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأغذية والزراعة فى هذا الشأن من أنه لا يجوز استخدام الشحوم الحيوانية بنسبة 100 ٪ للاستهلاك المباشر حيث يؤدى هذا الاستخدام إلى زيادة نسبة الكولسترول فى الدم واقترح فى حالة الموافقة على الإفراج عن الكميات موضوع المناقشة أو المتعاقد عليها أن تسلم هذه الكميات لوزارة التموين ليتم خلطها بالزيوت النباتية فى المصانع المصرية أو لصق بطاقة على كل عبوة منها تتضمن ضرورة خلط هذا النوع بنسبة 1 دهون : 4 زيوت قبل الاستخدام – وما قرره وزير الصحة أن هذه الرسالة لا ينطبق عليها تعريف المسلى الصناعى وأنها شحوم حيوانية 100 ٪ ضارة بالصحة – قررت الآتى :

أولاً : منع استيراد الدهون الحيوانية النقية 100٪ لغرض الاستهلاك المباشر لخطورتها على الصحة وقصر استيراد هذا النوع لأغراض التصنيع فقط.

ثانياً: الكميات التى بالموانىء والتى لم يفرج عنها من هذا النوع وكذا الكميات التى فتحت لها اعتمادات بالبنوك أو التى بالطريق إلى الموانىء المصرية لا يسمح بطرحها فى السوق للاستهلاك المباشر بل لا بد من تسليمها لوزارة التموين لتقوم بالتنسيق مع وزارة الصناعة باتخاذ إجراءات إعادة تصنيعها وخلطها بالزيوت النباتية لإنتاج مسلى صناعى وفقاً للمعايير المقررة وعلى أن تقوم وزارة التموين بمحاسبة مستوردى القطاع الخاص على التكلفة الاستيرادية للرسائل التى تتسلمها منهم حتى وصولها للموانىء المصرية أو مخازن المستوردين.

ونفاذاً لهذا القرار لم يتم الإفراج عن كميات الدهون التى استوردها الطاعن .

ومن حيث إنه وإن كان الثابت أن الطاعن قد خالف القواعد والإجراءات الاستيرادية طبقاً لما سلف بيانه إلا أن مصلحة الجمارك استعاضت عن عقابه طبقاً لأحكام المادة 15 من القانون رقم 118 لسنة 1975 فى شأن الاستيراد والتصدير إما بتحريك الدعوى الجنائية ضده أو السماح له بإعادة تصدير مشتملات تلك الرسائل للخارج بعد سداده تعويضاً يعادل ربع قيمتها حسب تثمين مصلحة الجمارك يحصل – لحساب وزارة التجارة واستجابت إلى الطلب المقدم من الطاعن للإفراج عن مشتملات الرسائل مثار النزاع وصدر قرار اللجنة العليا للسياسات بجلستها المنعقدة فى 24/1/1984 بدراسة الحالات التى تم فيها استيراد شحوم حيوانية نقية 100 ٪ وملابسات كل حالة من خلال أذون الاستيراد للتحقق من سلامة الإجراءات الاستيرادية وبناء على ذلك وافقت وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية على الإفراج عن الرسائل الواردة استثناء من الوجهة الاستيرادية وذلك بشروط محددة منها:

أ‌- أن يقوم المستورد بسداد الرسوم الجمركية المستحقة عليها بوصفها خامات لتصنيع المسلى.

ب‌- تسلم بموجب محضر إلى الشركة التى تحددها هيئة القطاع العام للصناعات الغذائية التى تقوم بالتصنيع للكميات المستوردة موضوع الدراسة وذلك فى حضور المستورد أو مندوبه الرسمى و مندوب الجمارك ومندوب هيئة القطاع العام للصناعات الغذائية .

7- تقوم الشركة بتصنيع الكمية وحساب تكلفتها فى هذا الإطار طبقاً لخطاب وزير الصناعة على أن تقوم الشركات الصناعية بتحميل التكاليف عن خامات ومصاريف تصنيع وفقاً للقائمة المعتمدة.

8- تسلم الشركات الصناعية الكميات المصنعة إلى وزارة التموين لتقوم ببيعها ثم تقوم وزارة التموين بسداد قيمة مصاريف التصنيع وسداد المصاريف الأخرى من حصيلة البيع ويصرف الباقى لصاحب الرسالة.

وبتاريخ 15/4/1984 تسلم وكيل الطاعن الخطاب الموجه له والمتضمن هذه الموافقة.

ومن حيث إنه – بناء على ما تقدم – فإن كميات الدهون التى استوردها الطاعن لم تطرح للاستهلاك مباشرة فى الأسواق وتم تسليمها لوزارة التموين وسلمتها لشركتين من شركات وزارة الصناعة لتقوم بتصنيعها ومعالجتها , كما قامت بتقدير التكلفة الاستيرادية لهذه الكميات وتم صرف قيمتها للطاعن.

ومن حيث إنه من المستقر عليه قضاءً أن تقرير الخبير المنتدب أحد عناصر الإثبات فى الدعوى وإنه يخضع لتقدير المحكمة ولها فى حدود سلطتها الموضوعية الأخذ بالنتيجة التى انتهى إليها الخبير أو طرحها كلية أو جزئياً, وإنه متى كانت المحكمة فى حدود سلطتها الموضوعية قد أخذت بالنتيجة التى انتهى إليها الخبير للأسباب التى أوضحها فى تقريره وكانت أسباباً سائغة تكفى لحمل الحكم عليها, فلا وجه للنعى عليه إن هو لم يرد على الاعتراضات وأوجه النعى الموجهة إليه لأن محكمة الموضوع غير ملزمة بتعقب كل حجة وترد عليها استقلالاً إذ حسبها أن تبين الحقيقة التى اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة لها أصول مادية ثابتة بالأوراق وتكفى لحمله لأن قيام هذه الحقيقة فيه الرد الضمنى والمسقط لكل حجة تخالفها, فإذا كان ذلك وكان الثابت أن حقوق المستورد ( الطاعن ) مع الجهة الإدارية تتحدد طبقاً للقواعد التى قررتها اللجنة العليا لمتابعة إجراءات الرقابة على المواد الغذائية الواردة من الخارج بجلستها المنعقدة فى 30/11/1983 وقرار اللجنة العليا للسياسات بجلستها المنعقدة بتاريخ 24/1/1984 المشار إليهما سلفاً.

ومن حيث إن الخبير الذى انتدبته محكمة القضاء الإدارى أثبت ضمن ما أثبته فى تقريره أن تعليمات تنفيذ قرار اللجنة العليا للسياسات سالف الذكر والتى اتبعتها وزارة التموين تضمنت مراحل عديدة منذ تسلم وزارة التموين للرسائل وفحصها ووزنها ثم تسليمها إلى شركات وزارة الصناعة لإعادة تشغيلها بمصروفات على عاتق هذه الشركات ودون أى مصروفات على المستورد على أن يعيدها لوزارة التموين بعد تشغيلها والتى تتولى سداد ثمنها للمستورد بعد ذلك كما ثبت من مطالعة تقرير الخبير أن حساب الخبير للتكلفة الاستيرادية لتلك الرسائل شمل جميع بنود التكلفة طبقاً للمستندات التى تقدم بها بنك مصر والتى شملت ثمن هذه الدهون المدفوع فى الخارج ومصاريف فتح الاعتمادات لها لدى البنوك وفوائد البنوك التى تحملها نتيجة فتح هذه الاعتمادات ونفقات ومصاريف الشحن والتعبئة والنقل وأضيف إليها 6 ٪ ربح مستورد, وخلص الخبير فى نتيجته النهائية إلى أن صافى المبلغ المستحق للطاعن هو 638841.60 جنيهاً, كما ثبت من مطالعة الأوراق, فضلاً عما أثبته الخبير فى تقريره أنه لايوجد ثمة تأخير من جانب وزارة التموين سواء فى تسلم مشتملات الرسائل موضوع النزاع أو صرف مستحقات الطاعن, وأن التأخير فى هذا الشأن يرجع إلى الطاعن نفسه إذ لم يقم بتسليم المستندات الخاصة بالإفراج عن هذه الرسائل لوزارة التموين إلا بتاريخ 22/7/1985 مما تسبب فى تأخير تسليم الرسائل المذكورة للشركات الصناعية فى المدة من 30/11/1983 حتى أغسطس 1985 كما ثبت أن الطاعن كان مديناً لبنك مصر وقام هذا البنك بتوقيع الحجز على مستحقات الطاعن لدى الهيئة العامة للسلع التموينية, وقد أخطر الطاعن هذه الهيئة بخطابه رقم 3673 فى 5/10/1986 بطلب تحرير شيكات بالمبالغ المستحقة عن هذه الرسائل وتسليمها إلى بنك مصر – فرع مصطى كامل والذى يسلمها مستندات تلك الرسائل.

وإذ ثبت أن التأخير فى صرف مستحقات الطاعن يرجع إلى بنك مصر والذى قام بتسليم مستندات الرسائل للهيئة المذكورة فى 20/12/1986 وعلى أثر ذلك قامت تلك الهيئة بتسليم الشيك الخاص بمستحقات الطاعن إلى البنك المذكور فى 3/2/1987 ومن ثم فقد وضح مما تقدم أن جهة الإدارة قامت بتنفيذ قرار اللجنة العليا للسياسات سالف الذكر بالنسبة للرسائل موضوع النزاع فى وقت مناسب ولم يثبت أن هناك تأخيراً يمكن أن ينسب لجهة الإدارة سواء فى الإفراج عن الرسائل أو تسليمها للشركات الصناعية لإعادة تصنيعها ورد ثمنها أو صرف مستحقات الطاعن وإذ انتهت المحكمة المطعون فى حكمها بالطعن الماثل إلى الأخذ بتقرير الخبير وما خلص إليه فى نتيجته النهائية ومن ثم فإنه لا وجه لتعييب حكمها لعدم الأخذ بما ارتأته هيئة مفوضى الدولة ذلك أن تقرير هيئة مفوضى الدولة غير ملزم للمحكمة , إذ لها التقدير الموضوعى لكافة عناصر الدعوى بحسبانها صاحبة القول الفصل فى النزاع.

ومن حيث إنه لا وجه لما أثاره الطاعن بشأن عدم احتساب الخبير التكلفة الاستيرادية لتلك الرسائل على أساس سعر الدولار 135 قرشاً أى ما يعادل قيمة الدولار وقت الصرف الجزئى لهذه التكلفة ذلك أن القواعد سالفة الذكر التى تم على أساسها حساب التكلفة الاستيرادية اقتصرت على صرف النفقات الفعلية التى يتحملها الطاعن بسبب استيراد الدهون المشار إليها حتى تاريخ تسليمها لوزارة التموين وانحصرت فى ثمن هذه الرسائل الذى دفعه من أجلها بالخارج ومصاريف فتح الاعتمادات لها لدى البنوك وفوائد البنوك التى يتحملها نتيجة فتح هذه الاعتمادات ونفقات ومصاريف شحنها ونقلها وتعبئتها ومن ثم فلا وجه لإجابة الطاعن إلى طلبه بحساب التكلفة الاستيرادية على أساس سعر الدولار الذى يطالب بتطبيقه لمخالفته تلك القواعد وبمراعاة أنه لا يحق له قانوناً استيراد الشحوم الدهنية وأن معاملته على هذا النحو قد جاءت استثناء عن قواعد الاستيراد كما سلف البيان ومن ثم فإن المحكمة تطرح ما أبداه الطاعن من أوجه نعى على الحكم الطعين.

ومن حيث إنه بالبناء على ما تقدم جميعه فإن الحكم المطعون فيه قد جاء صحيحاً فيما قضى به وبنى على أسباب كافية لحمله وقد التزم صحيح حكم القانون وأن أسباب الطعن التى ساقها الطاعن لا تنال من سلامته مما يجعل الطعن عليه فى غير محله, جديراً بالرفض .

ومن حيث إن من خسر الطعن يلتزم بالمصروفات عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهـــذه الأسباب

**************

حكمت المحكمة :

————–

بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً , وألزمت الطاعن المصروفات.

سكرتــــير المحكمـة رئيــــس المحكمـة