يعد عقد الاستشفاء من أكثر العقود القريبة من العقد الطبي، وقد عرفه جانب من الفقه(1). بأنه: العقد المبرم بين المريض وإدارة إحدى المستشفيات .إذاً فالعقد هنا يبرم بين المريض والإدارة التابعة لإحدى المستشفيات، فهذا يفرض التزامات متقابلة على طرفي العقد، فتلتزم إدارة المستشفى بموجبه تجاه المريض بتقديم جميع الخدمات التي يحتاجها المريض في أثناء إقامته بالمستشفى، كتقديم الطعام، والعلاج، بصورة منتظمة، وتقديم التجهيزات الأولية اللازمة لاستقباله كتوفير الأدوات المطلوبة للجراحة مع ضمان سلامتها فضلاً عن توفير العدد الكافي من العاملين والممرضين لضمان حسن أداء المستشفى لخدماته الطبية.

أولاً. أوجه الشبه بين العقد الطبي وعقد الاستشفاء:

يقترب العقد هذا بعض الشيء من العقد الطبي من حيث:

1. أن كلاً من العقد الطبي وعقد الاستشفاء من العقود غير المسماة التي لم تحظَ بتنظيمٍ قانوني.

2. كما أن كلا العقدين يعد المريض طرفاً فيهما.

3. يقترب العقد الطبي من عقد الاستشفاء بأن الغاية من ابرامهما من جهة المريض هي المحافظة على صحته من الأمراض، لأن عقد الاستشفاء يعد تمهيداً لإبرام العقد الطبي بل هو جزء منه؛ فقد يبرم المريض العقدين مع شخص واحد كأن يبرم عقده مع الطبيب الذي يملك المستشفى أو يستقل بادارته بناءً على عقد مع مالكه.

ثانياً. أوجه الاختلاف بين العقد الطبي وعقد الاستشفاء:

إلا أن هذا لايعني التطابق بين العقدين، فيختلف عقد الاستشفاء عن العقد الطبي من حيث:

1. أطراف العقد: ففي عقد الاستشفاء طرفا العقد هما المريض والإدارة التابعة لأحد المستشفيات، بينما طرفا العقد الطبي هما الطبيب والمريض أو من ينوب عنه.

2. كما يفترق العقدان عن بعضهما من حيث المحل، لأن الاستشفاء محله هو تقديم الخدمات العادية للمريض في أثناء علاجه وإقامته، في حين أن العقد الطبي محله الأعمال الطبية كافة علاجية كانت أم جراحية.

3. ان التزام الطبيب في العقد الطبي من حيث الأصل هو التزام ببذل عناية لا تحقيق غاية، في حين أن التزام المستشفى تجاه المريض في عقد الاستشفاء هو التزام بتحقيق غاية؛ إذ تلتزم إدارة المستشفى بضمان سلامة الأغذية، والأدوية المقدمة للمريض، وضمان سلامة الأجهزة المستخدمة، والتحاليل المجراة، وحمايته من الأخطار التي يمكن أن تهدده، والمخاطر الأخرى التي قد يكون هو مصدرها كقيامه بارادته أو عن غير قصد باصابة نفسه أو بما يفضي بحياته(2).

4. كما أن التزامات الطبيب تجاه المريض بموجب العقد الطبي تُعَّدُ أكثر تعقيداً ودقة من التزامات المستشفى تجاه المريض ضمن نطاق عقد الاستشفاء؛ لأن الطبيب بموجب العقد الأول يلتزم بتبصير مريضه تبصيراً كافياً بكل عمل طبي علاجياً كان أو جراحياً على سبيل المثال، كما أن هناك حالات تستلزم منه التشديد في التبصير أو التخفيف منه فضلاً عن التزامه بالحصول على رضا المريض المستنير، أو رضا مَنْ ينوب عنه على وفق آلية لم نجدها في نطاق عقد الاستشفاء، ويعود ذلك إلى أهمية العقد الطبي بايراده على جسم الإنسان المتمتع بالحصانة والمعصومية، في حين أن عقد الاستشفاء يرد على تقديم الخدمات للمريض وإن يتطلب ذلك التبصير في أحوال نادرة، لكنه لا يصل إلى مرحلة تبصير المريض في العقد الطبي من حيث دقته وتعقيداته.

______________________

– د. محمد حسين منصور، المسؤولية الطبية، منشأة المعارف، الإسكندرية، دون سنة طبع، ص87.

– د. محمد علي عمران، الالتزام بضمان السلامة وتطبيقاته في بعض العقود، دار النهضة العربية، القاهرة، 1980، ص102.

2- د. أكرم محمود حسين، المسؤولية المدنية للمستشفيات الخاصة- دراسة مقارنة، ط1، دار الحامد للنشر والتوزيع، عمان- الأردن، 2003، ص68 ومابعدها.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .