اضافة الى الرقابة التي كان يمارسها رئيس الجمهورية بصفته رئيس مجلس قيادة الثورة – المنحل – في اتخاذ القرارات بشان تقارير ديوان الرقابة المالية في حالة عدم احالتها الى المجلس الوطني ، فانه كان يمارس رقابة صارمة في شتى المجالات ومنها المجال الضريبي . والغالب في هذا المضمار هو ان رئيس الجمهورية كان يمارس رقابته عن طريق لجان يتم تشكيلها من قبله وقد تضطلع هذه اللجان بممارسة رقابة صارمة في الشؤون الضريبية بوجه عام الا انها تولي اهمية بالغة لتجاوزات السلطة المالية في قراراتها سواء كانت صادرة بناءً على سلطتها التقديرية او المقيدة . ومن اللجان التي ذاع صيتها في هذا الشأن ما يعرف بـ( لجنة ثوار تموز ) هي لجنة تشكلت بقرار من رئيس الجمهورية تضم في عضويتها اعضاء من حزب البعث – المنحل – وقد كانت هذه اللجنة قد مارست رقابة مالية في شتى الميادين ومنها الميدان الضريبي اذ قامت بفحص عينات من اضابير المكلفين الخاضعين للضريبة وانتهت بنتائج تضمنها تقريرها المؤرخ في 5/5/2001 والذي ارسل الى السلطة المالية بموجب كتاب ديوان الرئاسة المنحل المرقم س/16/4918 في 19/11/2001 لبيان الرأي حول ما ورد فيه من ملاحظات ومما جاء في التقرير مما له صلة بموضوع البحث ما يلي :

أ-ان هناك تفاوتاً كبيراً في تحديد هامش الربح على المقتبسات الضريبية ( مبيعات المجهزين ) اذ يتراوح بين 2% الى 25% من ارباح التجهيز بالنسبة للمجهزين في النشاط الاقتصادي نفسه بل ان هذا الهامش تتفاوت نسبه حتى بالنسبة للمجهز الواحد في سنوات تقديرية مختلفة وهذا امر غير مقبول منطقياً ولا يحقق العدالة في التحاسب الضريبي وان ترك الحرية المطلقة للسلطة المالية في تحديد هامش الربح قد يؤدي الى الاضرار بحقوق المكلفين وكذلك باموال الخزانة العامة .

ب-ضعف الرقابة الداخلية التي يمارسها قسم الرقابة والتدقيق الداخلي في الهيئة العامة للضرائب على عمليات التحاسب الضريبي .

ج-لما كان بامكان السلطة المالية تأخير انجاز التحاسب الضريبي وحسمه في بعض الاحوال فان اغلب المخمنين قد اعتادوا على تدوير ( دحرجة ) التحاسب الضريبي من سنة مالية الى سنة مالية بحيث تكون النتيجة النهائية عدم التحاسب الضريبي وربما يكتفي بضريبة سنة مالية واحدة او اغفال احدى السنوات المالية من دون بيان سبب يسوغ ذلك .

د- وقد جاء في الفقرة ( ج ) من الاستنتاجات ما يلي : ” حصلت القناعة التامة استناداً الى البيانات والمعلومات الموجودة لدى اللجنة ان صيغة التهرب الضريبي سواء كانت في شركة توزيع المنتجات النفطية او في الهيئة العامة للضرائب او من قبل المجهزين انفسهم هي عملية منظمة بصورة ذكية ومدروسة من قبل الملاكات الوظيفية المتقدمة من ذوي الخبرة التي يطلق عليها عالمياً – عمليات ذوي الياقات البيضاء – ويرى الخبراء العالميون المختصون ان مثل هذه العمليات ليس من السهولة اكتشافها اذ تحتاج الى خبرة واسعة ودقة وجهد كبير . وان اللجنة بذلت قصارى جهدها للتوصل الى بعض النتائج في تحقيقها وقد حصلت القناعة لديها بان هناك نوعاً من التنسيق بين الاطراف الثلاثة – المجهزون وموظفو الهيئة العامة الضرائب وموظفو التوزيع – في عملية التهرب الضريبي ليس لاغراض الكسب غير المشروع فحسب بل ربما بهدف التخريب الاقتصادي المدبر والمنظم ” .

وهكذا نلاحظ مدى اهمية الرقابة التي يمارسها رئيس الجمهورية عن طريق هذه اللجان التي قد تصل الى حد التعويل على مدى قناعتها لتقرير مدى مسؤولية السلطة المالية عن تجاوزاتها . ولعل من اهم التوصيات التي اوصت بها اللجنة اعلاه هو تقييد ادارة السلطة المالية في وضع نسبة الربح في المقتبسات الضريبية حيث اكدت اللجنة في الفقرة ( ج ) من توصياتها على ضرورة تحديد ذلك الهامش حسب طبيعة النشاط التجاري والمهنة ولا يترك الامر لتقدير المخمنين لمنع التلاعب في التحاسب الضريبي وتحقيق العدالة بين المكلفين من النشاط نفسه . وفي الوقت الذي نشيد بهذه الرقابة وبأهميتها فاننا نتطلع في الوقت الحاضر الى دور رقابي اكثر فاعلية يمكن ان يمارسه مجلس الرئاسة بناءً على ما منحه اياه قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية في المادة ( 41 ) منه والمتضمنة اعطاء الحق للمجلس في اقالة أي عضو من اعضاء مجلس الوزراء بما فيهم رئيس الوزراء وذلك بناء على توصية من هيئة النزاهة التي نتامل فيها هي الاخرى ان تلعب الدور الاكبر في ممارسة الرقابة في المرحلة القادمة .

المؤلف : قيصر يحيى جعفر الربيعي
الكتاب أو المصدر : السلطة التقديرية للإدارة في فرض ضريبة الدخل القانون العراقي

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .