دراسة وبحث قانوني هام عن أركان جنحة إفشاء السر المهني

إفشاء السر هو الكشف عن واقعة لها صفة السر صادر ممن علم بها بمقتضى مهنته، وبالتالي فلا جريمة إذا لم يتوافر لدى المتهم بها القصد الجنائي ولو توافر لديه إهمال أو خطأ في أجسم صوره، وتكمن علة تجريم إفشاء السر المهني في أن المشرع أراد حماية إرادة المجني عليه في أن تظل بعض الوقائع سرا، فهي صورة من صور الحماية الجنائية للإرادة[1]، وككل جريمة، يجب أن يتكون بنيانها القانوني على ركن مادي وآخر معنوي، فإن جريمة إفشاء السر المهني لا تخرج عن المعتاد.

وسنتطرق للسر كركن مفترض في (المطلب الأول) للركن المادي في (المطلب الثاني) على أن تناول الركن المعنوي في (المطلب الثالث).

المطلب الأول : الركن المادي

يشترط لوقوع جريمة الإفشاء توافر الركن المادي الذي يتمثل في السلوك الإجرامي ( إفشاء نبأ) ، يعد لدى صاحبه سرا أي يهمه كتمانه من أمين عليه(الفقرة الأولى) ، لكن على اعتبار أن جريمة إفشاء السر المهني هي من جرائم السلوك فإنه لا يشترط تحقق النتيجة الإجرامية ، لكن ماحكم المحاولة و المشاركة في هذه الجرائم( الفقرة الثانية)

الفقرة الأولى : السلوك الإجرامي( الإفشاء)

يتمثل السلوك الإجرامي في هذه الجريمة بإفشاء سر من أمين عليه بحكم مهنته إلى الغير، والملاحظ أن المشرع المغربي لم يعرف الإفشاء كما أنه لم يعرف السر، وقد فعل حسنا، لأن التعاريف من إختصاص الفقه والقضاء، وقد عرف الأستاذ Hemar الإفشاء بأنه كل عمل ينقل الواقعة المفشاة من واقعة سرية إلى واقعة معروفة، فلا يكون هناك إفشاء إذا انصب على واقعة عرفت من قبل، وقد اعترض الفقيه Demarel على هذا التعريف بقوله أن الإفشاء، لا يفقد طبيعته الإجرامية استنادا إلى معرفة الواقعة من قبل ، فالإفشاء يؤكد إشاعات عن واقعة معاقب عليها[2]، مستندا في ذلك إلى قرار محكمة النقض الفرنسية في قضية الدكتور Watelet ، والذي طعن في الحكم الصادر عن محكمة باريس سنة 1885 بإدانته مؤسسا طعنه على شهرة الواقعة، لكن محكمة النقض رفضت الطعن[3].

ويعبر مصطلح الإفشاء عموما عن أي سلوك يتم به إعلام الغير شيئا كان مستورا أو مجهولا مثلا سر أو معلومات، كما يعبر عن نشر أو إذاعة السر، ويتحقق الإفشاء ولو كان متعلقا بجزء من السر فحسب، كما يتحقق ولو كان غير علني، فيكفي لوقوعه أن يفضي الأمين بالسر إلى زوجته يعتبر فعله إفشاء ولو طلب منها أن تكتمه، كذلك يتم الإفشاء ولو كان موضوعه واقعة معروفة إذا كانت هذه الواقعة غير مؤكدة، إذ أن صدور الإفشاء على الأمين يضفي على الواقعة صفة اليقين[4].

كما يقع الإفشاء مهما إزداد عدد الأفراد العالمين بالسر، شريطة ألا يتعداهم وأن يكونوا جميعا ممن لهم الشأن في حفظ السر واستخدامه[5]، وتحقق واقعة الإفشاء من عدمها هي من المسائل الموضوعية التي يعود أمر تقديرها لقاضي الموضوع وحده[6].

ويتحقق الإفشاء بكل فعل من أفعال البوح، كما يتحقق بالإبلاغ والتسليم، ويتم الإفشاء في الوقت الذي يسمح فيه أمين السر للغير بمعرفة الشيء الذي كان موضوعا للسر المهني، فالسر ينتهك منذ اللحظة التي يتخلى فيها أمين السر عنه إلى الغير، فالركن المادي يتكون نتيجة للإفشاء بواسطة شخص ملزم بكتمان السر[7] ، أما الشروع في الإفشاء فهو متصور لكن غير معاقب عليه، ومثاله أن يمكن الطبيب شخص من الدخول إلى الغرفة التي يحفظ فيها أسرار مرضاه، ويسمح له بالإطلاع عليها، لكن هذا الشخص لا يتمكن من ذلك، وإذا أفضى المتهم بسر المجني عليه إلى شخص كان يعتقد أنه يعلم به، والحقيقة أنه يعلم به على سبيل اليقين فالجريمة مستحيلة ولا عقاب عليها، وكذلك الأمر إذا كان المتهم يعتقد أن المجني عليه لم يصرح لذلك الشخص بالإطلاع على سره، و الحقيقة أنه كان قد صرح له بذلك[8].

وعن الوقائع والمعلومات موضوع الإفشاء قسمها بالفقه إلى ثلاث أنواع.

الأول يشمل وقائع ومعلومات سرية بطبيعتها والثاني يضم وقائع ومعلومات غير سرية بطبيعتها، ونوع ثالث يضم وقائع ومعلومات مختلطة تجمع بين الطابع غير السري أو العادي، ويلاحظ أن النوعين الأول والثاني لا يطرحان مشكلا بخصوص عدم قابليتهما للإفشاء، إذ أن السؤال يثار حول جواز إفشاء النوع الثالث من المعلومات؟ ومرد الصعوبة يكمن في أن إفشاء هذه الوقائع والمعلومات، قد ينطوي على إفشاء ضمني للوقائع والمعلومات التي لها صفة السرية، علاوة على أن مثل هذا الإفشاء قد يوقع في الغلط، مما يلحق بالمجني عليه ضررا أشد، الأمر الذي يدفع إلى القول بأن الجريمة تتحقق ولو بالإفشاء الضمني[9]،ويجب أن يتم الإفشاء بالوسائل العادية لكن المشرع المغربي جاء خاليا من اي مقتضى ينص على جواز الإفشاء بالوسائل الإلكترونية عكس المشرع الفرنسي .[10]

ولكي تتحقق جريمة إفشاء السر لابد أن يكون الإفشاء صادرا عن أمين عليه بحكم مهنته والعلة في ذلك أن جوهر الجريمة هو إخلال بالتزام ناشئ عن المهنة، وما يتفرع عنها من واجبات ، بالإضافة إلى الحرص على المباشرة السليمة المنتظمة لمهن معينة ذات أهمية إجتماعية[11].

بالرجوع إلى القواعد العامة للقانون الجنائي، يلاحظ أن الجرائم بوجه عام تنقسم إلى جرائم شكلية لا يتوقف وجودها على تحقق النتيجة الإجرامية، أي أن ركنها المادي يتكون من مجرد سلوك معين بصرف النظر عن حصول النتيجة الإجرامية أو عدم حصولها، أما الجرائم المادية أو جرائم النتيجة هي التي يدخل ركنها المادي نشاط الجاني والنتيجة الإجرامية معا، بمعنى أن الجريمة لا تتحقق إلا إذا حصلت فعلا النتيجة الضارة الباعثة على التجريم[12]، لكن هل جريمة إفشاء الأسرار من الجرائم الشكلية أم المادية[13]؟

إن جريمة إفشاء السر المهني تخرج عن زمرة الجرائم المادية البحثة إذ تقوم بمجرد صدور السلوك الإجرامي وبقطع النظر عن حصول ضرر من عدمه، لكن هذا لا يعني خلو جريمة إفشاء السر المهني من النتيجة الإجرامية، ذلك أن مفهوم النتيجة هنا يدور حول ثلاث معان:

النتيجة الفعلية والنتيجة القانونية والنتيجة الشرعية[14]

فجريمة إفشاء الأسرار يتطلب لها نتيجة فعلية ونتيجة قانونية على اعتبار أنها تدخل في زمرة الجرائم الشكلية، وعليه يكتفي بصدور السلوك المجرم المتمثل في الإفشاء دون تطلب نتيجة مادية في العالم الخارجي.

الفقرة الثانية: المحاولة و المشاركة

سنتطرق لصور المحاولة و مدى تحقق المحاولة في جريمة إفشاء السر المهني(أولا) على أن نتناول أحكام المشاركة في هذا النوع من الجرائم(ثانيا)

أولا: صور المحاولة في جريمة إفشاء السر المهني

تأخذ المحاولة ثلاث صور في العمل عامة:

المحاولة في صورة الجريمة الموقوفة

المحاولة في صورة الجريمة الخائبة

المحاولة في الجريمة المستحيلة

تختلف هذه الصور حسب الجرائم التي تتحقق فيها

فبالنسبةالجريمة المادية أو جريمة النتيجة تتحقق المحاولة في جميع صورها ( الجريمة الموقوفة ، الجريمة الخائبة و الجريمة المستحيلة)

أما الجريمة الشكلية أو جريمة السلوك فيجب التمييز بين صور المحاولة الثلاث :

§ فالمحاولة في صورتي الجريمة الخائبة و الجريمة المستحيلة لا يمكن أن تتحقق مطلقا في الجرائم الشكلية ، لأن مدلول المحاولة في هاتين الصورتين هو قيام الجاني بكل النشاط الذي يعتقد أنه سيوصله إلى تحقيق النتيجة الإجرامية و إنهاء النشاط المؤدي إليها، و الذي تتحقق معه الجريمة الشكلية التامة.

§ في صورة الجريمة الموقوفة ، يمكن أن تتحقق المحاولة في الجريمة الشكلية التي يتم إرتكابها بنشاط إيجابي دون أن ترتكب بالامتناع و الترك .

فالجرائم الشكلية السلبية لا يمكن أن تتحقق هذه المحاولة فيها كجرائم عدم التبليغ و عدم التصريح بالإزدياد،و الإمتناع عن تسليم طفل للمحكوم بحضانته، و الإمتناع عن أداء النفقة المحكوم بها، ففي هذه الجرائم وما شاكلها يتعذر وجود المحاولة فيها في صورة الجريمة الموقوفة فهي إما أن ترتكب كجرائم تامة، و إما أن لا يتحقق فيها وصف الجريمة نهائيا.

أما الجرائم الشكلية الإيجابية فيمكن وجود المحاولة فيها في صورة الجريمة الموقوفة كجرائم تزييف النقوذ، و التسميم، و الدخول إلى مسكن الغير، ففي هذه الجرائم يمكن إيقاف الجاني بعد الشروع فيها و قبل إتمامها و تتحقق بذلك المحاولة في صورة الجريمة الموقوفة.[15]

أما في ما يخص جريمة إفشاء السر المهني ، و باعتبار أنه بمجرد الشروع في الإفشاء تكون الجريمة تامة ، فحتى لو توقف الجاني عن الإفشاء بالمعلومات لا يمكن اعتبار ذلك محاولة و بالتالي جريمة موقوفة ، ذلك أن جريمة إفشاء السر المهني هي من الجرائم الشكلية السلبية فإما أن تتحقق الجريمة تامة أم لا تتحقق.

ثانيا: أحكام المشاركة

جريمة إفشاء السر المهني من الجرائم ذي الصفة الخاصة، هذه الصفة مستمدة من المهنة التي يمارسها المهني ومكنته من معرفة الأسرار التي أفشاها .

وبالتالي فإن الإفشاء الذي يكون خارج إطار المهنة لا يشكل جنحة معاقبا عليها بل لا تعتبر سرا مهنيا مما يخرج عن هذه الجريمة المعلومات التي عرفها المهني خارج إطار علاقات الأعمال التي تربطه بصاحب السر سواء بصفته صديقا أو قريبا .

ولا يعتد في تحديد صفة الفاعل بوقت الإفشاء بل وقت معرفة السر[16]، لأن المستخدم بعد تركه لوظيفته قد يفشي السر الذي علم به أثناء ممارسته لعمله، وبالتالي تتوفر فيه صفة الفاعل، أما إذا علم بالسر وأفشاه بعد ترك عمله فإن تلك الصفة تعتبر غير متوفرة وبالتالي لا وجود لجنحة إفشاء الأسرار، لتبقى صفة الفاعل شرطا ضروريا لقيام الجريمة، فجوهرها هو الإخلال بالقواعد الأخلاقية الناشئة عن مزاولة المهنة .

لكن هل يعتبر الشريك في جريمة إفشاء السر المهني كالفاعل ولو لم يحمل هذا الشريك الصفة التي تطلبها القانون في الفاعل الأصلي:

ذهب بعض الفقه[17] إلى اعتبار الشريك كالفاعل في جريمة إفشاء السر المهني ولو لم يحمل الصفة التي تطلبها القانون في الفاعل الأصلي.

وإن كان في وجهة نظري يجب في هذه الحالة الاقتصار في توقيع العقاب على الفاعل الأصلي دون الشريك إذ لولاه لما تمكن هذا الأخير من القيام بفعل الإفشاء حيث يعد بعيدا كل البعد عن الاطلاع على المعلومات المتعلقة بصاحب السر،كما أن جوهر التجريم في هذه الجنحة هو الرغبة في الحفاظ على أخلاقية وخصوصيات المهنة ، في حين لا يعد الشريك في هذه الحالة مهنيا .

المطلب الثاني : الركن المعنوي

لا يكون كافيا للمساءلة على نشاط يعتبر جريمة من الناحية القانونية، أن يأتي الفاعل نشاطا ماديا، بل لابد أيضا من توافر الركن المعموي الذي يسند معنويا الجريمة إليه ، وهو يتوافر إذا قام الخطأ في حقه – أي في حق الفاعل – وهذا اخطأ إما أن يكون متعمدا، ويسمى في هذه الحالة بالقصد الجنائي، وإما أن يكون غير متعمد ، فيسمى الخطأ حينئذ، بالخطأ غير العمد[18] .

و تعد جريمة إفشاء الأسرار من الجرائم العمدية، ومن ثم يتخذ ركنها المعنوي صورة القصد، وينبني على ذلك أن القانون لا يعاقب جنائيا من يفشي سرا نتيجة إهمال أو عدم احتياط في المحافظة عليه، كأن ينسى طبيب مثلا ورقة تحوي ملاحظاته الخاصة عن أحد مرضاه في مكان غير أمين، فيطلع عليه مصادفة شخص ما، وإن كان ذلك لا يحول دون مساءلته مدنيا عن الأضرار التي تسبب فيها نتيجة إهماله أو عدم احتياطه، فمجرد الإفشاء مع العلم بموضوعه كاف لتوافر القصد[19]، والقصد المتطلب لهذه الجريمة هو القصد العام[20]، خاصة وأن النص الجنائي لا يتضمن عبارة يفهم منها اشتراط القصد الخاص، فليس من خصائص السر أن يترتب عن إفشائه ضرر، ثم إن علة التجريم ليست الحماية من الضرر، وإنما ضمان السير السليم المنتظم لبعض المهن وهو ما لا يرتبط بضرر أو نية الإضرار[21].

و يقوم الركن المعنوي في جريمة إفشاء الأسرار على عنصرين هما:

العلم: يعتبر القصد الجنائي متوافر في جريمة إفشاء السر المهني، متى أقدم الجاني على إفشاء السر عن عمد عالما بأنه يفشي سرا لم يفض به إليه، أو يصل إلى علمه، إلا عن طريق مهنته أو وظيفته أو صنعته، ويجب أن يكون الأمين أو أحد مساعديه عالما بالواقعة التي تعتبر سرا مهنيا، ولا يرضى صاحب السر بإفشائه، ولا تقوم الجريمة لإنتفاء العلم إذا كان الإفشاء قد حصل من الأمين أو أحد مساعديه وهو يجهل أن للواقعة صفة السر ، أو أن السر قد أودع لديه بصفته صديقا فقط لا أمنيا له، أو كان يظن أن رضا صاحب السر بالإفشاء قد يتحقق قبل الإفشاء.

الإرادة: بالإضافة إلى العلم كشرط أساسي في الركن المعنوي لجريمة إفشاء السر المهني هناك عنصر آخر يتضح من خلال توجيه الجاني إرادته لإرتكاب سلوك الإفشاء، فلا تقع جريمة إفشاء الأسرار متى لم تنصرف إرادة الفاعل إلى فعل الإفشاء ،فكلما وجهت الإرادة إلى الإعتداء على حق من الحقوق المحمية جنائيا، و إلا تحقق القصد الجنائي و بالتالي الركن المعنوي.

وينتفي القصد الجنائي إذا اعتقد الأمين بأن هذا السر لا يتعلق بمهنته، وأن العميل رضي بإباحة السر[22].

وإذا كان القصد في جريمة إفشاء السر يقوم على العنصرين السابقين، فإن ذلك يترتب عليه النتائج التالية:

– لا تقع الجريمة إذا ما تم الإفشاء نتيجة خطأ متمثل في إهمال أو عدم احتياط من قبل الأمين ولو كان الخطأ جسيما، ما دامت إرادة الجاني لم تنصرف إلى تحقيق النتيجة المعاقب عليها.

– تتحقق جريمة إفشاء السر المهني فقط بتوفر القصد الجنائي العام، دون استلزام القصد الخاص المتمثل في نية الإضرار بصاحب السر الذي تم إفشاء سره، ويبقى للقاضي حرية تقدير وجود القصد الجنائي من عدمه انطلاقا من ظروف ووقائع الدعوى، ويجب عليه أن يبني تقديره على أسباب معقولة حتى لا يتعرض حكمه للطعن من قبل المحكمة الأعلى درجة.[23]

– لا يشكل الباعث عنصرا من عناصر القصد الجنائي في جريمة إفشاء السر المهني ، فهو وإن كان لا يؤثر على القصد وعلى قيام الجريمة – لأن مبادئ القانون الجنائي لا تعطي كقاعدة عامة أهمية للبواعث- فإن التأثير الممكن أن يكون له، سواء كان هذا الباعث ايجابيا أو سلبيا يتجلى أساسا في إمكانية استناد القاضي عليه لتقدير العقوبة، باعتباره من الظروف المخففة أو المشددة للعقوبة في الجريمة المرتكبة من طرف الشخص المنهي عن الإتيان بها.

[1] عبد الحميد المنشاوي:مرجع سابق ، ص 129.

[2] أحمد كامل سلامة، مرجع سابق، ص 395.

[3] جاء في أسباب الطعن “أن معرفة الواقعة لا ترفع عن كامل الأمين الالتزام بالسر، ذكره أحمد كامل سلامة، مرجع سابق، ص 395.

[4] مرسلي والعيبود، مرجع سابق، ص 51.

[5] أحمد كامل سلامة، مرجع سابق، ص 398.

[6] مرسلي والعيبود، مرجع سابق، ص 51.

[7] أحمد كامل سلامة، مرجع سابق، ص 399.

[8] عبد الحميد المنشاوي، مرجع سابق، ص 133.

[9] محمود صالح العادلي، مرجع سابق، ص 119.

[10] إلياس عاصم، مرجع سابق، ص 162 و 163 .

بالنسبة للإفشاء بالوسائل العادية: لم يشترط المشرع المغربي هنا وسيلة معينة للإفشاء ، فهذا الأخير يتحقق بأية وسيلة من الوسائل سواء كانت صريحة أم ضمنية ، وهذا راجع لعدم وجود عبرة بالوسائل المستخدمة ، فالإفشاء في جوهره هو نقل المعلومة التي توصف بالسرية إلى حالة إطلاع الغير عليها.

ومن أكثر الوسائل التي يتم فيها الإفشاء هي المشافهة ، وذلك من خلال التحدث بين الناس عن طريق الحوار أو المناقشة أو بإلقاء المحاضرات أو عبر الهاتف. وقد تتخذ أشكال أخرى حيث تتم من خلال النشر في الكتب أو المقالات أو عن طريق إعطاء بيان خطي للغير.

اما بالنسبة للإفشاء بالوسائل الإلكترونية: فمن التشريعات المقارنة التي تنص على الإفشاء بالوسائل الإلكترونية نجد المشرع الفرنسي من خلال المادة 22/ 226 من القانون الجنائي الفرنسي ، إذ يعاقب على كل فعل يرتكبه شخص قام بالكشف عن بيانات إسمية ، بمناسبة تسجيل أو فهرست أو نقل أو أي شكل من أشكال معالجة البيانات الإسمية التي يترتب عن كشفها، الإعتداء على صاحب الشأن أو حرمة حياته الخاصة،دون التصريح بذلك من صاحب الشأن للغير ، الذي لا توجد له أي صفة في تلقي هذه المعلومات، و يبدو أن هذه الجريمة تقترب في حقيقتها مع جريمة إفشاء الاسرار التي يعاقب عليها القانون الجنائي الفرنسي ، ومع ذلك يوجد اختلاف بينهما، حيث أن كشف البيانات الإسمية قد ينطوي على إفشاء للأسرار ، وقد ينطوي عن كشف لبيانات لا تعد من قبيل الأسرار، ومن ثم كانت هذه الجريمة أوسع نطاقا من جريمة إفشاء الأسرار.

[11] عبد الحميد المنشاوي، مرجع سابق، ص 134.

[12] أحمد الخمليشي،مرجع سابق ص 91-92.

[13] الجريمة الشكلية أو جريمة السلوك هي التي لا يتوقف وجودها على تحقق النتيجة الإجرامية ، أو عدم حصولها وهذا السلوك يكون إيجابي أو سلبي ،

أما الجريمة المادية أو جريمة النتيجة هي التي يدخل ركنها المادي نشاط الجاني و النتيجة الإجرامية معا.

ومن أهم نتائج التمييز بين الجريمة المادية و الجريمة الشكلية (جريمة السلوك) ما يتعلق بالعلاقة السببية فجرائم النتيجة (الجرائم المادية)لا يتم ركنها المادي إلا إذا وجدت علاقة سببية بين فعل الجاني وبين النتيجة الإجرامية التي حصلت ، بحيث لا يكفي لقيام الجريمة صدور الفعل من الجاني وحصول النتيجة الضارة ، بل يتعين على المحكمة أن تتحقق من وجود العلاقة السببية بينهما و أن تبرز ذلك في حكمها.

أما جرائم السلوك (الجرائم الشكلية) فإنه لا وجود فيها لعلاقة السببية كعنصر من عناصر التجريم ، وذلك لأن التجريم فيها يتعلق بمجرد السلوك (عمل أو امتناع) ولا بتوقف قيام الجريمة على حصول النتيجة الضارة .

[14] محمد صالح العادلي : مرجع سابق، ص 126-128.

§ النتيجة الفعلية يقصد بها أن الواقعة التي يسعى الجاني إلى تحقيقها، بحسبانها هدفا أو غاية من النشاط الإجرامي ومعنى هذا أن النتيجة الفعلية هي التي يرمي المشرع إلى وقاية المجتمع منها بتجريم الوسائل التي ترتبط برابطة السببية سواء أن نص المشرع عليهم أو لم ينص، وعليه فإن جريمة إفشاء الأسرار تتمثل النتيجة الفعلية فيها في الاعتداء على حق الإنسان في كرامته واعتباره كأثر لإفشاء أسراره.

§ النتيجة القانونية ينصرف مدلولها إلى الاعتداء على الحق أو المصلحة المشمولة بحماية القانون الجنائي، ويستوي أن يتمثل هذا الاعتداء في صورة فعلي يصيب الحق أو المصلحة محل الحماية أو في مجرد تعريض هذا المحل للخطر – أي خطر حدوث ضرر فعلي – فجريمة إفشاء الأسرار تمثل النتيجة القانونية فيها الاعتداء على الكرامة والشرف بسبب إفشاء الأمين أو من يساعده لأسرار زبنائه.

§ النتيجة الشرعية ينصرف مدلولها إلى تلك النتيجة التي يتطلبها المشرع للوجود القانوني للجريمة، فالنتيجة بهذا المعنى تعتبر عنصرا أساسي في النموذج القانوني للركن المادي إذ لا تقوم الجريمة بدونه.

[15] أحمد الخمليشي: شرح القانون الجنائي ،- القسم العام – مطبعة المعارف الجديدة، سنة الطبع 1985 ، ص 184 و 185 .

[16] – محمود نجيب حسني: شرح قانون العقوبات القسم الخاص، دار النهضة العربية ،القاهرة ، طبعة 1987 ، ص 764.

-[17]Email Garçon, code pénal. Annoté,Tome 2, édition 1956, p 119.

[18] عبد الواحد العلمي: شرح القانون الجنائي المغربي –ا لقسم العام – مطبعة النجاح الجديدة الدارالبيضاء ،الطبعة الثانية ، سنة 2007 ص 200 – 2001 ، ص 200 .

[19] مرسلي والعيبود، مرجع سابق، ص 53.

[20] المقصود بالقصد العام، توجيه الجاني لإرادته نحو تحقيق الواقعة المكونة للجريمة مع علمه بعناصرها كما يحددها القانون في النص الجنائي، لكن بدون تخصص لعنصري العلم والإرادة الواجبة لقيامه بباعث معين أو غاية مضمرة.

[21] أسامة فايد، مرجع سابق، ص 50.

[22] مثال : اعتقاد الطبيب أن السر لا يتعلق بمهنته، وأن العميل رضى بإباحة السر أمام زوجته بإخبارها بطبيعة مرضه، فإن القصد هنا ينتفي لإنعدام عنصر العلم وأن الجهل أو الغلط الذي ينفي القصد هو منصب على الوقائع وعلى التكييف القانوني غير الجنائي إذ لا يجوز لأحد أن يحتج بالجهل بالقانون الجنائي.

[23] – محمد الناجي، مرجع سابق، ص 56.