تشكيل هيئة التحكيم ونطاق اختصاصها:

من المقرر أن القضاء العادي هو الأصل في ولاية القضاء وأن ما عداه هو استثناء من هذا الأصل يقدر بقدره دون توسع. وكان المرسوم بقانون رقم 21 لسنة 1981 المعدل بالقانون برقم 61 لسنة 1982 قد اختص الدائرة الإدارية بالمحكمة الكلية وحدها دون غيرها بولاية الفصل في المنازعات الإدارية المبينة بالمواد 1، 4، 5 من القانون إلغاء وتعويضاً سواءً رفعت إليها بطريقة أصلية أو تبعية، وكانت المنازعات التي نصت عليها المادة الثانية من القانون رقم 11 لسنة 1995 بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية على اختصاص هيئة التحكيم بالفصل فيها هي المنازعات المدنية والتجارية التي صدر القانون بشأن التحكيم فيها، يؤيد ذلك أن المشرع نص في المادة الخامسة من هذا القانون على أن “تفصل هيئة التحكيم في المسائل الأولية التي تعرض لها في المنازعة التي تدخل في اختصاص القضاء المدني أو التجاري….”. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد ذهب في تكييفه للعقد محل النزاع المطروح بشأنه طلب التعويض على هيئة التحكيم بأنه يندرج في العقود الإدارية المعروفة بعقود المعاونة لإنشاء مرافق عامة، وكانت الطاعنة لم تطعن على التكييف الذي أسبغه الحكم على هذا العقد فـي طعنها بأي مطعن. فإنه أياً كان وجه الرأي في صوابه قد أصبح باتاً لا يجوز المساس به، ولا يغير من ذلك أن يكون هذا التكييف عن مسألة متعلقة باختصاص هيئة التحكيم المنصوص عليها في القانون المشار إليه والمتعلق بالنظام العام لأن حجية الأحكام تسمو على اعتبارات النظام العام، فإذا ما اتخذ الحكم المطعون فيه من تكييفه لذلك العقد أساساً لقضائه بعدم اختصاص هيئة التحكيم بالفصل في طلب التعويض المتعلقة بعقد إداري، فإنه يكون لما تقدم بمنأى عن النعي بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، ومن ثم يضحي النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.

(الطعن 782/2001 تجاري جلسة 13/10/2002)

إذ كانت الدولة وبفعل الغزو العراقي وما ترتب عليه من أضرار جسيمة وسلب ونهب لمخزون العملة الاحتياطي من خزائن البنك المركزي، ولكي تحد الدولة من حجم الخسارة وتتمكن من تطويق التلاعب بالثروة، وحفاظاً منها على قيمة عملة البلاد قد أصدرت المرسوم بقانون رقم 2 أ لسنة 1990 بتاريخ 7/10/90 والذي نص على ألا يلتزم بنك الكويت المركزي بإعادة قيمة الأوراق النقدية المطبوعة والمودعة خزائنه والتي قامت سلطات الاحتلال العراقي بسرقتها وطرحها للتداول وخول وزير المالية بناء على عرض محافظ البنك المركزي إصدار قرار بتحديد فئات وأرقام الأوراق النقدية المسروقة فأصدر القرارين رقمي 1 أ، 2 أ لسنة 1990 حدد فيها أرقام وفئات الأوراق النقدية الكويتية التي لا يلتزم البنك المركزي بإعادة قيمتها تنفيذاً للمرسوم بقانون سالف الذكر. كما أصدرت الدولة أيضاً المرسوم بقانون رقم 5 لسنة 91 بتاريخ 18/3/1991- بإضافة فقرة إلى البند (1) من المادة (10) من القانون رقم 32 لسنة 1968 في شأن النقد وبنك الكويت المركزي وتنظيم المهنة المصرفية المعدل بالمرسوم بالقانون رقم 130 لسنة 1977- نص في مادته الأولى على تحديد يوم 30/9/1991 موعداً نهائياً لالتزام البنك المركزي بتبديل الأوراق النقدية التي يصدر قرار بسحبها خلال شهر من تاريخ العمل بهذا القانون، والذي حددته المادة الثانية منه بتاريخ إصداره. وإذ كان البين أن هدف الشرع من إصدار هذين المرسومين بقانونين، والقرارين الوزاريين سالفي الذكر، هو حماية المصلحة العامة والنظام الاقتصادي للدولة وسلامة الأوراق النقدية، بما يجعلها ترقى جميعاً إلى وصفها بأنها صدرت عن الدولة كسلطة حكم لا إدارة وتضحي عملاً من أعمال السيادة التي تتطلب سياسة موحدة وسريعة وموازين وعناصر تقدير معينة لا تتوافر للقضاء ومن ثم تنحسر عنها رقابته. لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن طلب المحتكم وعلى ما سلف بيانه هو إلزام المحتكم ضده الأول- بصفته- بتبديل مبلغ المليونين وثمانمائة ألف دينار كويتي التي في حوزته كأوراق نقدية قديمة بأخرى جديدة أعمالاً لأحكام المرسوم بقانون رقم 5 لسنة 91، وهو ما من شأنه التعرض لأحكام هذا المرسوم بقانون وكذلك لأحكام المرسوم بقانون رقم 2 أ لسنة 90 سالف الذكر، وهو ما يعد عملاً من أعمال السيادة التي تنأى عن رقابة القضاء وتقضي المحكمة بعدم اختصاص هيئة التحكيم ولائياً بنظر النزاع.

(الطعن 694/2003 تجاري جلسة 19/5/2004)

النص في المادة السابعة من القانون رقم 11 لسنة 1995 بشأن التحكيم القضائي في المواد المدنية والتجارية على أن ” يصدر حكم هيئة التحكيم دون التقيد بمدة معينة وذلك استثناءً من حكم المادة 181 من قانون المرافعات…. ويجب أن يشتمل بوجه خاص على موجز الاتفاق على التحكيم” يدل -وعلى ما هو مقرر -في قضاء هذه المحكمة- أن المقصود بموجز اتفاق التحكيم الذي يجب أن يشتمل حكم هيئة التحكيم القضائي عليه إنما هو ما يكون الخصوم قد اتفقوا عليه من شروط التحكيم تغاير تلك التي نص عليها في القانون للعمل بها إذا لم يحصل بينهم اتفاق على تنظيم يخالفها أو يعّدل منها مما يطلق عليه عادة (مشارطة التحكيم) أما في حالة اتفاقهم على اختصاص هيئة التحكيم القضائي بالفصل فيما يثور بينهم من منازعات تنشأ عن العقد الذي ضمّنوه هذا الشرط وسكوتهم عن أية إجراءات خاصة يجرى عليها التحكيم غير ما ذكر في القانون بما يعنى تراضيهم على أن يتم التحكيم وفقاً للتنظيم القانوني المبين بنصوص القانون المشار إليه، فإنه لا يكون هناك ثمة اتفاق بينهم على ما يجب على هيئة التحكيم القضائي أن تضّمن حُكمها موجزه بما يمكنّ من مراقبة أن التحكيم جرى في نطاقه، ولم يحصل خروج عليه إذ أن ما يجب أن يطبق في هذه الحالة مقرر بالقانون ومعلوم للكافة على نحو تغيب معه حكمة اشتراط تدوينه في أسباب الحكم للتعريف به والتمكين عند الطعن على الحكم بمخالفته من أن تُعمل المحكمة رقابتها في التزام المحكمين والخصوم حدوده.

(الطعن 804/2000 تجاري جلسة 2/6/2004)

النص في المادة الأولى من قانون تنظيم القضاء رقم 23 لسنة 1990 على أن “تختص المحاكم بالفصل في جميع المنازعات…. إلا ما استثنى بنص خاص- ويبين القانون قواعد اختصاص المحاكم”. والنص في المادة 173 من قانون المرافعات المدنية والتجارية على أن “يجوز الاتفاق على التحكيم في نزاع معين- كما يجوز الاتفاق على التحكيم في جميع المنازعات التي تنشأ عن تنفيذ عقد معين…. ويجب أن يحدد موضوع النزاع في الاتفاق على التحكيم أو أثناء المرافعة….. ولا تختص المحاكم بنظر المنازعات التي اتفق على التحكيم في شأنها، ويجوز النزول عن الدفع بعدم الاختصاص صراحة أو ضمناً…. “يدل على أن الأصل أن المحاكم هى صاحبة الولاية بالفصل في جميع المنازعات وأن المشرع أجاز للخصوم استثناءً خروجاً على هذا الأصل أن يتفقوا على إحالة ما ينشأ بينهم من نزاع على تنفيذ عقد معين على محكم أو محكمين يختارونهم للفصل فيه بقضاء له طبيعة أحكام المحاكم- وأن المحكم إذ يستمد ولاية الفصل في النزاع من اتفاق الخصوم فإن ولايته هذه يحددها ما تم الاتفاق على التحكيم بشأنه- وما لم يشمله الاتفاق يكون خارجاً عن نطاق التحكيم ويتعين على الخصوم للفصل فيه اللجوء إلى المحاكم صاحبة الولاية بحسب الأصل وينبنى على ذلك أن ما يصدر من هيئة التحكيم خارج نطاق الاتفاق على التحكيم لا يكون حكماً له المقومات الأساسية للأحكام أمام المحاكم مما يكون معه لأي من الخصوم دفع الاحتجاج به عليه والتمسك بعدم وجوده دون حاجه إلى اللجوء لرفع دعوى مبتدأه لإهداره. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق ومن الاطلاع على اتفاقية المقايضة المؤرخة 18/11/1998 المعقودة بين طرفي النزاع اتفاقهم في البند التاسع على أن “ينعقد الاختصاص بنظر أي نزاع قد ينشأ بين أطراف العقد بخصوص تفسيره أو تنفيذه للتحكيم بمعرفة المحكم الاتفاقي المختار….. المحامى…. “مؤدى ذلك أن نطاق الاتفاق على التحكيم يكون قد تحدد “بما يثور من نزاع بين أطراف الاتفاقية بشأن تفسيرها أو تنفيذ الالتزامات الناشئة عنها- “فحسب- دون أن يتناول أو يتطرق إلى منازعة أحدهما قبل الآخر بشأن مسألة عدم صحتها أو عدم نفاذها في حقه- لتجاوز من يمثل الأصيل في التعاقد حدود نيابته عنه دون إذنه ومن ثم فإن هذه المسألة تكون خارج نطاق التحكيم ولا يختص بنظر النزاع بشأنها المحكم الاتفاقي المختار- وإذ لم تكن هذه المسألة مطروحة في طلب التحكيم المقدم من الطاعنين في الطعنين الأول والثاني ضد المطعون ضدها الأولى والطاعنة الأولى في الطعن الثالث الذي حكم فيه بتاريخ 20/6/2001 بإلزام الأولى بأداء المبالغ التي حكم بها للطاعنتين المذكورتين تنفيذاً لاتفاقية المقايضة سالفة الذكر- فإن قضاء حكم التحكيم في هذا الطلب لا يحوز أية حجية تمنع محكمة الموضوع صاحبه الولاية الأصلية من الفصل في المنازعة المردودة بين الطرفين في الدعوى الماثلة بشأن طلب المطعون ضدها الأولى عدم نفاذ تلك الاتفاقية في حقها ومن ثم فإنه لا وجه للدفع المبدي من الطاعنة في الطعن الثاني بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى لوجود شرط التحكيم، وكذا الدفع المبدي من باقي الطاعنين بعدم جواز نظرها لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر في طلب التحكيم وإذ قضى الحكم المطعون فيه- برفض الدفعين- فإنه يكون صحيح النتيجة قانوناً.

(الطعون 278، 287، 288/2003 مدني جلسة 16/6/2004)

سلطة هيئة التحكيم في فهم الواقع وتفسير المحررات:

من المقرر أن لهيئة التحكيم السلطة التامة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى منى أقامت قضاءها على أسباب سائغة، كما أن لها السلطة التامة في تفسير المحررات بما تراه أو في بمقصود عاقديها دون معقب مادامت لم تخرج في تفسيرها عن المعنى التي تحتمله عباراتها.

(الطعن 518/2001 تجاري جلسة 23/3/2002)

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .