إجراء التفتيش

المؤلف : بن لاغة عقيلة
الكتاب أو المصدر : حجية ادلة الاثبات الجنائية الحديثة

تعريف التفتيش
هو عبارة عن إجراء من إجراءات التحقيق التي تهدف إلى ضبط أدلة الجريمة موضوع التحقيق وكل ما يفيد في كشف الحقيقة من أجل إثبات ارتكاب الجريمة أو نسبتها إلى المتهم وينصب على شخص المتهم والمكان الذي يقيم فيه ويجوز أن يمتد إلى أشخاص غير متهمين ومساءلتهم وذلك بالشروط والأوضاع المحددة بالقانون”.(1) كما عرف أيضا أنه: “عبارة عن إجراء تحقيق يقوم به موظف مختص للبحث عن أدلة مادية لجناية أو جنحة، وذلك في محل خاص ولدى شخص وفقا للأحكام المقررة قانونا”(2) .
___________
1- عبد الله عبد العزيز المسعد، إجراءات المعاينة الفنية لمسرح الحدث الإرهابي، دراسة مقدمة للحصول على شهادة الماجستير، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض، 2006 ، ص 90
2- العميد فادي عبد الرحيم الحبشي، المعاينة الفنية لمسرح الجريمة والتفتيش، دار النشر بالمركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب، الرياض، 1990 ، ص71.

محل التفتيش
يرد التفتيش حيثما توجد الأسرار الخاصة التي من شأنها إظهار الحقيقة لذا فإن محل التفتيش إذن هو مستودع السر، وهذا يتمثل في الشخص ذاته أو في مكانه الخاص، لذا نجد المادة 81 من قانون الإجراءات الجزائية تنص على أنه : ” يباشر التفتيش في جميع الأماكن التي يمكن العثور فيها على أشياء يكون كشفها مفيدا لإظهار الحقيقة”.

والجدير بالذكر هنا أن المشرع الجزائري نهج منهج المشرع الفرنسي، إذ أنه لم ينص على تفتيش الأشخاص، الذي يعتبر إجراء من إجراءات التحقيق مثله مثل تفتيش المسكن(1) لذلك فإن تقدير ملائمة التفتيش وميعاده ومكانه يرجع للسلطة التقديرية لقاضي التحقيق وحده، وباعتبار أن التفتيش قد يقع على المساكن، كما يمكن أن يقع في أماكن أخرى، وفي الحقيقة إن التفتيش في الأماكن الأخرى لا يثير أي إشكال على خلاف التفتيش الذي يقع في المساكن، لذلك يجب عند القيام بعملية التفتيش مراعاة الإجراءات التي استوجبتها المادتان 45، 47 و يترتب على مخالفتها البطلان وهذا وفقا لنص ، المادة 48 من قانون إجراءات جزائية، باعتبار أن هذا الإجراء يمس بحرمة المسكن التي تعد من الحقوق الأساسية التي كفلها الدستور، لذلك سوف نحاول أن نوضح عملية التفتيش التي ترد على المساكن.(2)

– التفتيش الذي يجري في منزل المتهم: إن عملية التفتيش التي تتم في منزل المتهم تخضع لعدة شروط يجب التقيد بها حتى لا يقع هذا التفتيش تحت طائلة البطلان ومن بين هذه الشروط ما يلي:

– حضور المتهم عملية التفتيش: طبقا لنص المادة 45 فقرة(1) من قانون الإجراءات الجزائية فأنه يجب أن يحضر المتهم إذا اشتبه أنه ساهم في ارتكاب جناية عملية التفتيش إذا حصل في مسكنه، وإذا لم يستطع الحضور فإن ضابط الشرطة القضائية ملزم بأن يكلفه بتعيين ممثل له، فإذا امتنع عن ذلك أو كان هاربا وجب على ضابط الشرطة القضائية أن يستدعي شاهدين من غير الموظفين الخاضعين لسلطته لحضور عملية التفتيش. أما بالنسبة لجرائم الإرهاب والتخريب والمخدرات والجريمة المنظمة عبر الحدود والجرائم الماسة بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات وجرائم تبييض الأموال، فإن ضابط الشرطة القضائية يعفى من الالتزام بالشروط.

– القيام بفترة التفتيش في الوقت المحدد: طبقا لما نصت عليه المادة 47 / فقرة(1) من قانون الإجراءات الجزائية فانه لا يجوز البدء بتفتيش المساكن قبل الساعة الخامسة صباحا، ولا بعد الثامنة مساء، ولكن استثناء على هذه القاعدة، هناك بعض الحالات التي يجوز فيها التفتيش دون التقيد بالوقت السالف الذكر وهي: إذا طلب صاحب المنزل ذلك، إذا وجهت نداءات من الداخل وفي الأحوال الاستثنائية المقررة قانونا.

وتجدر الإشارة إلى أنه يمكن إجراء التفتيش في أي وقت قصد التحقيق في جرائم الدعارة وفي أماكن معينة وفي الفنادق، المنازل المفروشة، الفنادق العائلية ومحلات بيع المشروبات والنوادي والمراقص وأماكن المشاهد العامة وملحقاتها وفي أي مكان آخر مفتوح للعموم أو يتردد عليه الجمهور. في حين نصت المادة 82 قانون الإجراءات الجزائية على استثناء آخر لميعاد التفتيش، حين يجوز لقاضي التحقيق في مواد الجنايات أن يقوم بعملية التفتيش في منزل المتهم وخارج الوقت المحدد في المادة 47 لكن أوقفت ذلك على شرطين هما، أن يقوم القاضي بالتفتيش بنفسه وأن يكون ذلك بحضور وكيل الجمهورية.

– ضمان احترام السر المهني: تنص المادة 45 فقرة(3) من قانون الإجراءات الجزائية عند إجراء عملية التفتيش على وجوب كتمان السر المهني ويجب على قاضي التحقيق أن يأخذ مقدما جميع التدابير اللازمة لضمان احترام السر المهني، ومثال ذلك: إذا جرت عملية التفتيش في مكتب محام فيتم ذلك في حضور نقيب المحامين المحلي ولذلك فإن القانون يعاقب بالحبس من شهرين إلى سنتين وبغرامة من 2000 إلى 20.000 دج كل من أفشى دون إذن من المتهم أو ذوي حقوقه أو المرسل أو المرسل إليه، مستندا متحصلا من تفتيش لشخص لا صفة له قانونا في الإطلاع عليه ما لم يكن ذلك من ضرورات التحقيق القضائي.

– التفتيش الذي يجري في منزل الغير: تطبق على عملية التفتيش الذي يجري في منزل الغير نفس الشروط السابقة الذكر وهي حضور صاحب المنزل، الميعاد، احترام السر المهني، كما تطبق عليه كذلك نفس الأحكام الاستثنائية المقررة في باب تفتيش المنازل سواء تعلق الأمر بحضور صاحب المنزل أو بميعاد التفتيش إلا أنه إذا كان صاحب المنزل غير موجود أو رفض الحضور فيجب على قاضي التحقيق أن يقوم بعملية التفتيش بحضور اثنين من أقاربه أو أصهاره المتواجدين بمكان التفتيش فإذا تعذر وجود واحد منهم، فيتم ذلك بحضور شاهدين لا تكون بينهما وبين سلطات القضاء أو الشرطة علاقة تبعية(3).
______________
1- مسعود زبدة القرائن القضائية بدون طبعة، طبع المؤسسة الوطنية للفنون المطبعة وحدة الرغاية، الجزائر، 2000 ، ص 54 .
2- أحسن بوسقيعة، التحقيق القضائي، الطبعة السادسة، دار هومة، الجزائر، 2006 ، ص87
3- أحسن بوسقيعة، المرجع السابق، ص 89 ، 90 ، 91.

الجهات التي تقوم بالتفتيش

لقد نص قانون الإجراءات الجزائية الجزائري على الجهات التي تقوم بعملية التفتيش وهي جهات التحقيق المتمثلة في مأمور الضبط القضائي وقاضي التحقيق.

– رجال الضبطية القضائية: وفقا لنص المادة 44 من قانون الإجراءات الجزائية المعدلة في إطار القانون 6/22 المؤرخ 20/12/2006 فأنه لا يمكن لضابط الشرطة القضائية الانتقال إلى مساكن الأشخاص الذين ساهموا في جناية أو أنهم يحوزون أشياء لها علاقة بالأفعال الجنائية، أن يقوم بإجراء تفتيش إلا بإذن مكتوب صادر من وكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق، مع وجوب احترام الشروط المنصوص عليها قانونا من طرف ضابط الشرطة القضائية.

– قاضي التحقيق: يعتبر قاضي التحقيق هو صاحب الاختصاص الأصيل بإجراء التفتيش باعتبار أنه لا يمكن لضابط الشرطة القضائية أن يجري تفتيشا إلا باذن صادر من وكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق، في حين نجد أن القانون قد منح لقاضي التحقيق وحده في مواد الجنايات أن يباشر عملية التفتيش في غير الأوقات المحددة في المادة 47 من قانون الإجراءات شرط أن يقوم بذلك بنفسه وبحضور وكيل الجمهورية(1).
__________________
1- مسعود زبدة القرائن القضائية بدون طبعة، طبع المؤسسة الوطنية للفنون المطبعة وحدة الرغاية، الجزائر، 2000، ص 56، 47.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت