الدفع الإلكتروني:

تنص المادة (الثالثة) من قانون المعاملات الإلكترونية رقم 20 لسنة 2014، على أنه: “يكون كل من السجل الإلكتروني والمستند الإلكتروني والرسالة الإلكترونية والمعاملة الإلكترونية والتوقيع الإلكتروني في مجال المعاملات المدنية والتجارية والإدارية منتجاً لذات الآثار القانونية المترتبة على الوثائق والمستندات والتوقيعات الكتابية من حيث إلزامه لأطرافه أو قوته في الإثبات أو حجيته متى أجري وفقاً لأحكام هذا القانون“.

كما تنص المادة (السادسة) من ذات القانون سالف الذكر، على أن: “تعتبر الصورة المنسوخة على الورق من المستند أو السجل الإلكتروني حجة على الكافة أمام القضاء بالنسبة للمستند الرسمي وحجة على من نسب إليه توقيعه الإلكتروني عليها بالنسبة للمستند العرفي بالقدر الذي تكون فيه كل منهما مطابقة لأصل المستند، وذلك متى كان المستند أو السجل الإلكتروني والتوقيع الإلكتروني موجودين على الدعامة الإلكترونية وفقاً للشروط الواردة في المادتين (19، 20) من هذا القانون (وهاتان المادتان متعلقتان بـ: “التوقيع الإلكتروني“)”.

وتنص المادة (السابعة) من ذات القانون المذكور، على أن: “تسري في إثبات صحة المستندات أو السجلات الإلكترونية الرسمية والعرفية، وصورها المنسوخة على الورق، والتوقيع الإلكتروني والكتابة الإلكترونية فيما لم يرد في شأنه نص في هذا القانون أو في لائحته التنفيذية، الأحكام المنصوص عليها في قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية“.

وتنص المادة (9) منه، على أنه: “يُشترط في المستند أو السجل الإلكتروني المنتج لآثاره القانونية توافر الشروط الآتية مجتمعة:
1- إمكان الاحتفاظ به بالشكل الذي تم إنشاؤه عليه أو إرساله أو تسلمه أو بأي شكل يسهل به إثبات دقة البيانات التي وردت فيه عند الإنشاء والإرسال أو التسليم.
2- أن تكون البيانات الواردة فيه قابلة للاحتفاظ بها وتخزينها بحيث يمكن الرجوع إليها في أي وقت.
3- أن تدل البيانات الواردة فيه على هوية من ينشئوه أو يستلمه وتاريخ ووقت الإرسال أو التسلم.
4- أن يتم الحفظ في شكل مستند أو سجل إلكتروني طبقاً للشرائط والأسس التي تحددها الجهة المختصة التي يخضع هذا النشاط لإشرافها.

ولا تخل أحكام هذه المادة بأحكام أي قانون آخر ينص صراحة على حفظ المستند أو السجل أو البيانات أو المعلومات في شكل إلكتروني وفق نظام معالجة إلكتروني معين أو بإتباع إجراءات معينة أو حفظها أو إرسالها عبر وسيط إلكتروني معين، كما لا تتنافى مع أي متطلبات إضافية تقررها الجهات الحكومية لحفظ السجلات الإلكترونية التي تخضع لاختصاصها“.

وتنص المادة (14) من ذلك القانون على أنه: “يجوز الاحتفاظ بالمستند أو السجل الإلكتروني لغايات الإثبات أو التوثيق أو لأي غاية أخرى، ويكون حجة بين أطرافه وذلك كله ما لم يرد نص خاص بقانون آخر يوجب الاحتفاظ بمستند كتابي“.

وتنص المادة (28) منه على أن: “يعتبر تحويل النقود بوسائل إلكترونية وسيلة مقبولة لإجراء الدفع، ولا يؤثر هذا القانون بأي صورة كانت على حقوق الغير المقررة بمقتضى القوانين أو أية اتفاقات أخرى“.

لما كان ما تقدم، وكان التحويل البنكي للنقود من أهم وأخطر الموضوعات المؤثرة في حركة التجارة على الصعيدين الوطني والدولي، وذلك لما تتمتع به هذه العملية من قدرة فائقة على تسوية المدفوعات فيما بين الأفراد عن طريق البنوك بشكل آمن وميسر ودون انتقال فعلي للنقود.

وقد دفع ظهور وتطور التجارة الالكترونية التجار والبنوك الى البحث عن وسائل دفع آمنة تستخدم في الوفاء عبر الانترنت، فقاموا بتطوير بعض الوسائل الموجودة وابتكروا وسائل جديدة، وهذا ما أدى الى حدوث تزاوج بين نظم الاتصالات والمعلومات الحديثة من ناحية ونظم الحواسيب من ناحية أخرى، الأمر الذي نتج عنه ميلاد البنك الالكتروني على شبكة الانترنت، بما أحدث طفرة في نظم تسوية المدفوعات الخاصة بالصفقات التجارية، والتي تأتي على رأسها التحويلات النقدية، وهذه الطفرة لم تكن بمضمون هذه النظم، بل كانت في أسلوب اجرائها.

فبعد أن كانت البنوك تقوم بعملية التحويل بناءً على أمر مكتوب وموقع من العميل، أصبح بالإمكان إعطاء الأمر بشكل الكتروني نظراً لظهور أنظمة آمنة لاستخدامه.

ويلعب الحاسب الآلي بمختلف أنواعه (الثابت أو المحمول) أو حتى الهواتف النقالة الذكية التي لها نفس خصائص الحواسب الآلية، اليوم دوراً مهماً وكبيراً في تخزين واسترجاع السندات، وترك بصمات واضحة على طبيعة المعاملات التجارية الالكترونية ووسائل إثباتها، فأصبح الاعتماد عليه كبيراً وواسعاً في جميع مجالات الحياة.

ويمكن أن تتخذ الوثائق الالكترونية التي يتم التعامل بها باستخدام الحاسب الآلي، إما أن تكون مكتوبة على وحدة الطباعة، أو تكون مثقبة على وحدة تثقيب البطاقات والأشرطة، أو تسجل على وحدة أشرطة ممغنطة، أو على شكل ميكروفيلم تقوم شاشة العرض المرئي المتصلة بالحسب الآلي بإخراج المعلومات من الحاسب الالكتروني، ولكنها لا تقدم لنا دليلاً مادياً يمكن الاحتفاظ به واستخدامه عند الحاجة، لذلك يتم توصيل الحاسوب بطابعة تقوم بطبع المعلومات المخزنة داخل الحاسوب على وسيط مادي يمكن الاحتفاظ به، وتمثل عندئذ المخرجات ذات طبيعة غير ورقية لما يتم ترجمة البيانات الموجودة داخل الحاسوب.

هذا، ويشترط في الكتابة الإلكترونية عدة شروط حتى تؤدي وظيفتها القانونية في الإثبات، وباستقراء النصوص القانونية السابقة نخلص إلى أن الشروط الواجب توافرها في الكتابة الإلكترونية، هي:
– أن تكون مقروءة بحيث تدل على مضمون التصرف القانوني، أو البيانات المدونة بالمحرر.
– أن تكون مستمرة وذلك بتدوين الكتابة على دعائم تحفظها بصورة مستمرة بحيث يمكن لأطراف العقد أو أصحاب الشأن الرجوع إليها عند الضرورة.
– كما يشترط فيها أيضا أن تضمن عدم التعديل في مضمونها سواء بالإضافة أو الحذف، وذلك حتى تتمتع بالثقة والأمان من جانب المتعاملين في التجارة الإلكترونية.

ولما كانت السجلات المتعلقة بالنقود الالكترونية، تتضمن بيانات تفصيلية عن عملية الدفع من حيث وقت وتاريخ إجرائها، والمبالغ النقدية محل الدفع، والرقم الخاص بأداة الدفع، وبرنامج تلقي المدفوعات الخاص بالتاجر، ورقم آلة الشحن الخاصة بالمُصْدِر في حالة السحب من الحساب، حيث لا تتم هذه العمليات إلا بتلاقي المعرفة الآلية بين الأجهزة، ويتم ذلك كله بطريقة آلية لا دخل للأطراف فيها. كما يتم تسجيل هذه البيانات في لحظة لا يكون لدى أي من الأطراف مصلحة في تحريف أو تغيير هذه السجلات، وهي لحظة اجراء عملية الدفع. هذا بالإضافة الى عدم قابلية هذه السجلات للتعديل أو التغيير، وأن أية محاولة للعبث بها يؤدي الى اتلافها ورغم أن هذه السجلات لا تكون موقعة من المستهلك، إلا أنه لا يمكن اغفال الدور الايجابي الذي يقوم به في انشاء هذه البيانات؛ كاستخدامه لوسائل الدخول الخاصة به وتحديد المبلغ المطلوب تحويله الى التاجر أو سحبه من الحساب. فكل ذلك يعد دليلاً على نسبة المدفوعات التي تمت، فضلاً عن البيانات الخاصة بها الى المستهلك. ولذلك فمن المتفق عليه، أن المدفوعات التي تتم باستخدام وسائل الدخول الخاصة بالعميل تعد صادرة منه شخصياً.

ومتى أمكن نسبة هذه السجلات الالكترونية الى مصدرها، فالقاعدة العامة تقضي بأن تكون هذه السجلات حجة على الكافة بجميع مشتملاتها بما فيها التاريخ، لأن اشتراط ثبوت التاريخ للاحتجاج به في مواجهة الغير لا يسري على المعاملات التجارية. أما اذا كانت المعاملة مدنية، فيلزم طبقاً للقواعد العامة أن يكون هذا التاريخ ثابتاً. ولكن نظراً لكون طرق ثبوت التاريخ واردة على سبيل المثال لا الحصر، فيمكن للقاضي الاستناد الى أية واقعة تفيد ثبوت هذا التاريخ.

وبناءً عليه، يمكن للقاضي الاعتماد على الأمان الذي توفره أداة الدفع الالكترونية عند استخدامها، والدقة الفنية التي تتميز بها عند تدوينها للبيانات الخاصة بعملية الدفع، وعدم قابلية تلك البيانات للتبديل أو التعديل.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .