حضانة الطفل تعني رعايته الى سن معينة وهي في اللغة مأخوذة من كلمة الحضن واحتضن الإنسان الطفل جعله في حضنه والحضن هو ما دون الإبط الى الكشح أو الصدر والعضدان وما بينهما . وحضن الطائر بيضه وضم عليه للتفريخ ومن ذلك كانت الحضانة تعني التربية في سن معينة للطفل لا يستقل بشؤون نفسه . وتعد الحضانة مظهرا من مظاهر عناية التشريع الإسلامي بالطفولة بحيث يكفل للطفل التربية الجسمية والصحية والخلقية والقيام بجميع شؤون الطفل لما يحتاجه من عناية وما يلزمه في حياته ومعاشه ورعاية مصالحه ، والوالدان هما أقرب الناس إليه ‏و أكثرهم شفقة وحنوا وأحسنهم رعاية بمصلحته . ‏ويترتب على كون الحضانة حقا للمحضون انه ليس للأم أن تتنازل عن الحضانة بل يترتب على ذلك أنها تجبر على الحضانة حرصا على حياته ومصلحته . ‏والحضانة مقررة شرعا وقانونا للأم لإنها الأقدر على رعاية الصغير واشفق ‏وارفق بطفلها واصبر على تحمل المشاق في سبيل حضانته من غيرها سواء كانت حال قيام الزوجية أم بعد الفرقة . حيث كان قبل هذا في بطنها مدة حمله وقد ورد عن سيدنا‏ رسول الله أن امرأة جاءت الى رسول الله فقالت أن ولدي هذا قد كان بطي له وعاء وحجري له حواء وثديي له سقاء وأن هذا يريد أن ينتزعه مني . فقال لها رسول الله صلى الله عليه واله وسلم آنت أحق به ما لم تتزوجي . حيث أن الأم في المرحلة الآولى من الطفولة ، أحق بذلك من الآب لآنها أشفق واشد الناس حنوا عليه في تلك الفترة سواء أكانت الحياة الزوجية قائمة أم بعد الفرقة وقال الرسول صلى الله عليه واله وسلم : ” من فرق بين بين والدة وولدها فرق الله بينه و بين أحبته إلى يوم القيامة» وقد أقر القانون في الفقرة (ا) من المادة (٥٧) منه على أن الأم أحق بحضانة الولد وتربيته . . . ” أما إذا تزوجت بأخر فإن الحكم يختلف …. .

الحضانة حق للولد أم للوالدين :

الحضانة هي ولاية حفظ المحضون وتربيته وللحضانة وجهان :

الأول : أن المقصود منها رعاية المحضون ذلك أن تربية الولد تبدا من اليوم الأول بل قيل أنها تبدا وهو جنين ، لذا فان من حق الولدان ينشا في الحضن الصالح له وهو حضن الأم أن كانت جديرة بالحضانة مستكملة لشروطها ، وبهذا النظر فإن الحضانة حق خالص للمحضون .

و الوجه الثاني : أن الحضانة مقصود بها اشباع عاطفة الأمومة والتي هي من الغرائز الأساسية التي لولاها لما تحملت الأم متاعب الولادة والرضاعة والحضانة . ولهذا فإن الحضانة حق خالص للام : مقرر في قوله تعالى : ( لا تضار والدة بولدها ) (1) . ‏ويترتب على كون الحضانة حقا للمحضون انه ليس للام أن تتنازل عن الحضانة بل يترتب على ذلك انها تجبر على الحضانة حرصا على حياته ومصلحته . ولو قلنا أن الحضانة حق للام فإنه يترتب على ذلك أنها مخرة في التمسك بحقها أو التنازل عنها ، وتختلف الآراء في كل مذهب إلى أحد الرأيين(2) . ‏وقال آخرون انها حق مشترك للام والطفل ، ولا شك أن هذا الخلاف لا تأثير له إذا تعينت الأم للحضانة فلم يوجد له حاضن سواها أو لم يقبل الولد حضانة غير الأم ففي هذه الحالة تجبر الأم على حضانة الولد . ويترتب على كون الحضانة حقا للولد انها إذا اختلعت من زوجها والد الطفل واسقطت حثها في الحضانة فإن الطلاق واقع والاسقاط باطل. وكذلك لو أنها أسقطت حقها في الحضانة وسلمت الولد الى آبيه أو غيره فان حقها بالحضانة لا يسقط وتستطيع اقامة الدعوى للمطالبة بضم المحضون اليها والزام من لديه الطفل بتسليمه لها . اللهم الا أن تعد المحكمة أن تنازلها عن الحضانة يعد عجزا عنها . والأمر بعد ذلك متروك لظروف كل قضية ولاجتهاد القضاء. ‏هذا في الأحكام الفقهية فاذا استعرضنا قوانين الأحوال الشخصية العربية نجدها كذلك تختلف في نصوصها الى أحد الآراء الثلاثة السابقة أن نجد أن القانون التونسي مثلا ينص على ” اذا امتنعت الحاضنة عن الحضانة لا تجبر عليه (المادة ٥٥) في حين أن بعض القوانين ترى آنها واجب على الآم فقانون الجمهورية العربية اليمنية نص على أن الحضانة حق للصفير فلا يجوز النزول عنها (م ١٣٠) وينص القانون الكويتي على أن حقها في الحضانة (لا يسقط بالإسقاط وإنما يمتنع بموانعه ويعود بزوالها (م ١٩٣) و تخلو نصوص مواد أغلب القوانين العربية من اشارة الى كون الحضانة حقا خالصا للام أو الآب أو الى كونها واجبا عليهم كما في القانون الأردني والمصري في حين ينص بعضها على أن على المحكمة أن تراعي مصلحة المحضون (قانون جمهورية اليمن الديمقراطية في المادة ٤٦). ‏آما القانون العراقي فمع آنه لم ينص صراحة على سبيل التعريف فيان نصوصه احتوت بما يشعر بوجوب مراعاة مصلحة المحضون وتغليبها على حق كل من الآم والآب كما في الفقرات ١ ‏و ٤ ‏و ٦ ‏و 7 ‏من المادة ( ٥٧) من قانون الأحوال الشخصية. ‏وقد سار القضاء العراقي على عد الحضانة حقا للطفل وللام معا فاذا أسقطت الآم حقها في الحضانة بقي حق الطفل كما أن مساتل الحضانة من النظام العام التي لا يجوز الاتفاق على خلافها ولا يقبل التنازل عنها أو التعامل بها في خلع أو سواه( 3).

مدة الحضانة :

‏اختلف الفقهاء المسلمون في مدة الحضانة فقد قال الحنفية ، أنها في الصبي سبع سنوات وفي البنت حد البلوغ الشرعي وهو تسع سنوات وقال المالكية أنها للصبي حتى يبلغ وفي البنت حتى تتزوج ويتم الدخول بها فعلا أما الشافعية فقالوا أن الحضانة للأم حتى يبلغ الصبي أو البنت من التمييز بينهما فأيهما اختار فالحضانة له وقال الحنابلة أنها سبع سنوات للذكر والأنثى (4) أما الجعفرية فقالوا الأم أحق بحضانة الابن مدة الرضاع وهي سنتان وللبنت سبع سنوات (5) وينتقل حق الحضانة بعدها إلى الأب ، وفي رأي متأخر أنها سبع سنوات لكليهما (6). أما القانون العراقي فإن قانون الأحوال الشخصية الصادر منة ١٩٥٩ ‏ ، قد نص في الفقرة (٤) من المادة (٥٧) على أن مدة الحضانة للأم تمام السابعة ولكنه في تعديل القانون الثاني رقم ٢١ ‏لسنة ١٩٧٨ ‏عدل نص الفقرة المذكورة وجعل مدتا الحضانة إتمام السنة العارة وللمحكمة أن تأذن بتمديدها حتى إكماله الخامسة عشرة وذلك إذا ثبت للمحكمة بعد الرجوع إلى اللجان المختصة الطبية والشعبية أن مصلحة المحضون تقضي بذلك (7). ‏ويلاحظ أن نص الفقرة المذكورة مشوش يستوجب التعديل يل كما أن النص قبل التعديل كان يقضي بأن لا يبيت المحضون إلا عند حاضنته ، وهذا يعني أن حق الأب في رعاية الولد والإشراف على شؤون وتربية وتعليمه مقيد بأن لا يبيت إلا عند حاضنته وزاد النص القديم اما لم يحكم القاضي بغير ذلك ” وهذا يعني أن للمحكمة أن تأذن بأن يبيت الولد عند أبيه أو عند غيره من الأولياء في حالة فقده ولكن النص بعد التعديل ألغي ولاية غير الأب فحصر حق الإشراف الولد بالأب فقط كما ألغي حق المحكمة في أن تحكم بجواز مبيت الولد لدى وليه (الأب) وهذا تقييد لا مبرر له.

شروط الحاضنة :

‏يتفق جميع فقهاء المذاهب الاسلامية على عدة أمور يشترط توفرها في الحاضنة أو الحاضن ، ويختلفون في بعض الشروط. ومن تلك الشروط ما لم يبق مجال للبحث فيها ~ فشرط الحرية – عدم الرق – لا مجال له لإلغاء الرق عالميا لعدم توفر الشروط الشرعية الإسلامية لبقاء الرق في الوقت الحاضر وشرط أن لا يكون الحاضن مرتدا عن الاسلام لم يبق له وجود في الوقت الحاضر فعلا أما الشروط الأخرى فهي :

١ ‏- البلوغ : يتفق جميع الفقهاء على أن الحاضنة أو الحاضن يجب أن يكون بالغا لأن غير البالغ أحوج إلى الحاضن فكيف يتصور أن يصبح هو حاضنا وفي البداية يجب التنبيه إلى أن هذا الشرط مقصود به الأنثى أو الرجل الذي تعهد إليه الحضانة من غير الأم والأب لأن هذين بالغان طبعا لسبق إنجابهما المحضون. ‏ويعرف البلوغ شرعا بالعلامات وهي في مجملها الأوصاف التي تتوفر في الرجل أو المرأة القادرين على الانجاب. ففي الذكر يعرف بالإنبات والاحتلام وفي الأنثى يعرف بالحيض والحمل. وقد وضع الفقهاء عمرا لا يمكن تعديه هو على الأغلب الخامسة عشرة من العمر. ‏والغاية من اشتراط البلوغ هي : ١- أن الحضانة تقوم على أساس من الولاية والحنان والرعاية ومن بلغ شرعا فقد أصبح مؤهلا للأبوة أو الأمومة وقد أهله هذا البلوغ لهذه الوظيفة. ٢- لأن الحضانة كما قلنا ولاية وغير البالغ لا ولاية له على نفسه فكيف يتولى رعاية غيره.

٢ ‏- العقل : اتفق الجميع على اشتراط أن يكون الحاضن عاقلا فليس للمجنون وان كان جنونه متقطعا أو إدواريا ولا للمعتوه صلاحية الحضانة وتنتقل حضانة الصغير إلى ابيه إذا كانت امه مصابة بالصرع (8).

٣ ‏- الأمانة : وشرط الأمانة هو أن لا يضيع المحضون لدى حاضنه أو حاضنته لعيب في أخلاق الحاضن أو صحته وفي هذا الشرط اختلف الفقهاء.

‏(أ) المذهب الحنفي ، وفيه رأيان أولهما يشترط الأمانة وعرف ابن عابدين عدم الأمانة بالفسق الذي يلزم منه ضياع الولد (9) وعرفه أخر بالخروج من البيت كل وقت وترك المحضون ضائعا . والرأي الثاني يشترط الأمانة حين يكون المحضون مدركا وقد تقال القول أن الأم أحق بالولد ولو كانت سيئة السلوك معروفة بالفجور ما لم يعقل (10) أي أن يدرك المحضون ما تفعله أمه بحيث يؤثر ذلك على أخلاقه ويؤدي به إلى الانحراف.

‏(ب) وفقهاء المذهب الشافعي (11) والمالكية (12) والحنابلة (13) والظاهرية (14) والزيدية (15) اشترطوا الأمانة على نحو مطلق.

‏(جـ) أما فقهاء المذهب الجعفري فلهم رأيان ، أحدهما اشتراط الأمانة بصفة مطلقة (16) وأخر يرى أن عدم الأمانة أي الفسق المانع من الحضانة هو ما اشتهر مع ملاحظة أن الحضانة في فقه المذهب الجعفري لا تتجاوز ‏الثانية من العمر في قول والسابعة في قول أخر.

٤ ‏- القدرة على الحضانة : واتفق الكل على وجوب سلامة الحاضن والحاضنة وقدرته على الحضانة سواء أمن حيث محة الحاضن وخلوه من العاهات أم سلامته من الأمراض المانعة للحاضنة ولا شك في أن هذا الشرط ضروري لأن الحضانة مقصود بها الرعاية وغير القادر غلى الرعاية غير أهل للحضانة وقال بعضهم أنه لو باشر غير الحاضن الحضانة وباشر الحاضن الإشراف ، ولو بأن يستأجر خادما أو كان له معين فالظاهر لا يسقط.

٥ ‏- اتحاد الدين : أي أن الطفل أن كان مسلما فبعضهم لم يشترط كون الحاضن مسلما وبهذا قال الحنفية ما لم يعقل دينا أو يخش عليه أن يألف الكفر(17) بأن تلقنه دينها أو تطعمه ما يحرم عليه في الإسلام أو تسقيه خمرا ، وبهذا قال أيضا المالكية ، أما الشافعية فقد اشترطوا أن تكون الحاضنة مسلمة إذا كان المحضون مسلما واشترط المالكية ذلك على الإطلاق واشترط الجعفرية والزيدية والظاهرية عدا فترة الرضاع فالأم وان لم تكن مسلمة أحق بحضانة ولدها فترة الرضاع فقط لأن مصلحة الصغيرة هي الأساس في إصدار أي حكم شرعي.

٦ ‏- عدم زواج الحاضنة بأجنبي عن المحضون : يتفق جميع المذاهب الإسلامية- عدا المذهب الظاهري- في أن الأم المطلقة تسقط حضانتها لولدها إذا تزوجت ، وقيدت المذاهب الأربعة أن يكون الزوج أجنبيا أي غير محرم للمحضون أما الزواج بالرحم المحرم مثل عم المحضون أو جده ، فإذا كانت الحاضنة جدته فلا تسقط الحضانة في حين أطلق ذلك الجعفرية فأسقطوا حضانتها أيا كان الزوج محرما أو غير محرم ، واشترط الشافعية الدخول في حين لم يشترطه بقية المذاهب. واختلفوا في الأرملة فأسقطت المذاهب الأربعة حضانة الأرملة لولدها لو تزوجت ولم يسقطها المذهب الجعفري فالأم عنده أحق بحضانة ابنها إذا مات أبوه وان تزوجت. ‏أما المذهب الظاهري فلا يرى سقوط حضانتها سواء أتزوجت بمحرم أم بغيره حيا كان والد المحضون أم متوفى. ‏هذه هي شروط الحضانة في فقه المذاهب الإسلامية.

شروط الحاضن في القانون العراقي وبعض القوانين العربية :

نصت الفقرة (٢) من ‏المادة (٥٧) من قانون الأحوال الشخصية العراقي على أنه ” يشترط بأن تكون الحاضنة بالغة عاقلة أمينة قادرة على تربية المحضون وصيانته وغير متزوجة بأجنبي عن المحضون ” . ومع أن القانون أورد هذه الشروط بحق الحاضنة ولم يجعلها شاملة للآب وغيره من الذكور إلا أنه في الفقرة (٩ ‏/ ب) من نفس المادة نص على ” إذا مات أبو الصغير أو فقد أحد شروط الحضانة مما يوحي أن القانون يشترط للآب شروطا لاستحقاقه الحضانة يوجب العقل أن تكون نفس الشروط الواردة في الفقرة (٢) المذكورة .

1- شرط عدم الزواج بأجنبي : وقد سار القضاء على ذلك ومن ملاحظة الشروط المذكورة نجد آنها تنطبق والشروط المتفق عليها لدى أغلب الفقهاء المسلمين . ثم صدر القانون رقم ٦٥ ‏لسنة ١٩٨٦ ‏النافذ في ٧ ‏/ ٧ ‏/ ١٩٨٦ ‏عدلت بموجبه الفقرة (٩) وأضيف إليها حكم يقضي بآنه في حالة وفاة والد الصغير فيبقى لدى أمه وان تزوجت بأجنبي عنه من العراقيين بشرط أن تكون الأم محتفظة ببقية شروط الحضانة وأن تقتنع المحكمة بعدم تضرر الصغير من بقائه مع أمه وأن يتعهد زوج الأم برعاية الصغير وعدم الاضرار به وذلك في عقد الزواج ورتب على مخالفة هذا الشرط حق الزوجة بطلب التفريق انسجاما مع المادة السادسة فقرة (٣ ‏و ٤) من القانون . ‏ثم صدر القانون ١٠٦ ‏لسنة ١٩٨٧ ‏النافذ في ١٦ ‏/ ١١ ‏/ ١٩٨٧ ‏الذي عدل الفقرة (٢) من المادة (٥٧) حيث ألغى شرط عدم الزواج بأجنبي ونص محلها على ” ولا تسقط حضانة الأم المطلقة بزواجها (18) وتقرر المحكمة في هذه الحالة أحقية الآم أو الأب في الحضانة في ضوء مصلحة المحضون ” ومن الجدير بالملاحظة أن التعديلين المشار اليهما يقتصر أثرهما على الأم آما اذا كانت الحاضنة غير الآم فانها لا تستفيد من حكمها ويبقى للمحكمة حرية التصرف وفقا لمصلحة المحضون وتجمع قوانين الدول العربية على سقوط حضانة الحاضنة بالزواج من أجنبي عدا قانون اليمن الديمقراطية .

٢ ‏- الامانة : وقد تضمن نص الفقرة (٢) من المادة (٥٧) المذكور آنفا وجوب أن تكون الحاضنة أمينة وقد سار القضاء العراقي محلى ذلك سواء للأم(19) أم للأب (20).

3 ‏- الاسلام : أن نص القانون العراقي لم يتضمن شرط اتحاد الحاضنة والمحضون لذا فقد بقيت هذه النقطة محل اختلاف واجتهاد وقد أصدرت إحدى المحاكم قرارا برد دعوى المدعي إسقاط حضانة زوجته لأولادها منه لكونها غير مسلمة وهم مسلمون بسبب أن اختلاف الدين لا يعد سببا لإسقاط الحضانة . فقررت محكمة التمييز بقرارها المرقمة ٦٣٥ ‏/ هيئة عامة/ ١٩٧٩ ‏في ١٦ ‏/ ٢ ‏/ ١٩٨٠ ‏نقض الحكم بسبب ” أن المدعي عليها غير أمينة على دين الصغيرين لاختلاف دينها عن دين الصغيرين فقد فقدت أحد شروط الحضانة. . . ” ومن ملاحظة القرار نجد أن الصغيرين في عمر ٩ ‏و ١١ ‏سنة وقد يكون اتجاه محكمة التمييز بسبب أنهما في سن التمييز . لذا نرى أن ما جرى عليه الفقه كما ورد أنفا أدق وأصوب لأن شفقة الأم لا يؤثر فيها اختلاف الدين شرط أن لا تتعمد تلقينه دينها أن يؤثر في ذلك في عقيدته ويفقده الاستقرار النفسي .

٤ ‏- انتقال الحضانة : قلنا أن الحضانة مقررة أولا للأم في مدة الحضانة المذكورة آنفا . إلا أن حق الحضانة قد ينتقل إلى غيرها إذا فقدت شرطا من شروط الحضانة وفي استحقاق الحضانة فقها رأيان الرأي الأول وهو ما عليه المذاهب الأربعة فإنهم يتفقون على أن الحضانة تنتقل بعد الأم إلى أقارب المحضون من النساء . فإن لم يوجد أحد منهم فإلى أقاربه من الرجال شرط أن يكون الحاضن الذكر محرما للمحضون الأنثى فلا حق لابن العم في حضانة ابنة عمه والجدة أولى من العم بضم حفيدها إليها (21) . ‏وفي مراتب مستحقي الحضانة درجات مذكورة في الكتب الفقهية لا مجال لإيرادها .اما المذهب الجعفري فانه جعل الحضانة بعد الام للاب ثم وصية فان فقدا أو كان غير صالح للحضانة فالظاهر أن الامر موكول الى قرار القاضي لاختيار الاقرب والاصلح له من اقربائه .اما في قانون الأحوال الشخصية العراقي فقد وردت عدة نصوص تعلقت بموضوع انتقال الحضانة وجرت عليها عدة تعديلات . لقد كان النص في قانون رقم ١٨٨ ‏لسنة ١٩٥٩ ‏لا يزيد على أن مدة الحضانة للأم سبع سنوات وأن للقاضي أن يمدد حضانة الصغير اذا تبين أن مصلحته تقضي بذلك إلا أن قانون التعديل الثاني جاء ، بعدة نصوص فبعد أن نص على أن مدة الحضانة للأم عشر سنوات في الفقرة ( ٤ ‏) من المادة ( ٥٧ ‏) من القانون نص على أنه في حالة فقدان أم الصغير أحد شروط الحضانة أو وفاتها فتنقل الحضانة إلى الأب الا إذا اقتضت مصلحة الصغير خلاف ذلك ، وعندها تنتقل الحضانة إلى من تختاره المحكمة (الفقرة ٧ ‏) أما إذا مات أبو الصغير أو فقد أحد شروط الحضانة فيبقى الصغير لدى أمه لا ينازعها أحد من أقاربه في ذلك حتى بلوغه سن الرشد (الفقرة ٩ ‏) وقد عدلت هذه الفقرة بالقانون رقم ٦٥ ‏لسنة ١٩٨٦ ‏الصادر في ٧ ‏/ ٧ ‏/ ١٩٨٦ ‏حيث أضاف آنه في حالة وفاة الأب فيبقى المحضون لدى أمه ولو تزوجت بأجنبي عنه كما مر آنفا ويعد هذا القانون معدلا لنص الفقرة ( ٢ ‏) من نفس المادة وهي الخامسة بشروط الحاضن . ‏ثم أن القانون جعل للمحضون اذا أتم الخامسة عشرة من العمر أن يختار الاقامة مع من يشاء من أبويه أو أقاربه اذا أنست المحكمة منه الرشد في الاختبار وهذا الحكم وان كان يبدو من البديهيات إلا أنه عالج بعضا من الأفكار الفقهية خاصة في الولاية على البنت بعد بلوغها سن الرشد الشرعي وحتى القانوني حيث ألزمها بالانضمام الى وليها ، الا آنه ترد على هذا النص ملاحظتان .

‏1 – أن النص جاء مطلقا في حق الولد بالإقامة مع ( أقاربه ) و لم تحدد درجة القربى ومن ‏البديهي أن الولد في سن الخامسة عشرة قد لا يحسن الاختيار لذا فان سلطة المحكمة هنا واسعة في اقراره على اختياره هذا أو عدم الموافقة حيث جعل للقضاء حق الرقابة أن ورد النص ” اذا آنست المحكمة منه الرشد في هذا الاختيار” .

٢ – أن النص ورد بصيغة (إذا آنست المحكمة منه الرشد) وعلى اختيار كلمة آنس ورد رأيان في قرارين لمحكمة التمييز. ادول يرى أن معرفة رشد الولد وصلاحيته للاختيار يجب أن تثبت بالبينة والرأي الثاني يرى أن ذلك متروك لتقدير المحكمة و نرى أن الرأي الأخير أقرب إلى مفهوم النص لأن كلمة أنس لا تعني الثبوت بالبينة و إنما بالقناعة الشخصية وللمحكمة أن تستعين على تكوين قناعتها بالبحث الاجتماعي وبمحاورة الولد واختبار قابلياته العقلية . ‏وأخيرا فما هو الحكم إذا لم يوجد من هو أهل للحضانة من الأبوين . لقد وجدنا أن أحكام الحضانة مقررة وفقا لمصلحة المحضون وهذا ما ورد في كثير من النصوص الفقهية وما تردد في عدة نصوص من قانون الأحوال الشخصية لذا فإن القانون ترك اختيار الحاضن للمحكمة دون الالتفات إلى التدرج الوارد ذكره آنفا خاصة في فقه المذاهب الأربعة : فإن لم يوجد من هو أهل للحضانة فإن للمحكمة أن تودع الطفل إلى دور الدولة (22) وهذه الدور متوفرة في الوقت الحاضر. ‏أن دور الدولة تستقبل من كان عمره دون الثامنة عشرة ممن يعاني من مشاكل أسرية أو فقد رعاية الوالدين أو أحدهما لأي سبب وتستقبل من تقرر المحكمة أو أية جهة إدارية إيداعه لديها . وهي على ثلاثة أنواع . دور الدولة للأطفال لمن هم تحت الخامسة وأخرى للصغار من الخامسة حتى الثانية عشرة والثالثة للأحداث لحين اتمامهم الثامنة عشرة- لاحظ قانون الرعاية الاجتماعية رقم ١٢٦ ‏لسنة ١٩٨٠ ‏الباب الثالث. ‏وفيما يتعلق بحضانة الزوجة العراقية لأولادها من زوجها غير العراقي فنصت الفقرة الرابعة من قرار مجلس قيادة الثورة رقم 610 ‏في ٢٣ / ٢ 1/ ١٩٨٢ ‏(23) على أن قد تتولى الزوجة العراقية حضانة أولادها ورعايتهم الى حين بلوغهم من الرشد في حالة الطلاق أو الفراق من زوجها غير العراقي اذا أبدت الزوجة رغبتها في ذلك أمام القضاء.

٥ ‏- ينفذ هذا القرار من تاريخ نشرة في الجريدة الرسمية وتسرى أحكامه على التصرفات والوقائع القانونية المصادرة قبل تاريخ نفاذه ولا يعمل بأي نص قانوني أو قرار قضائي يتعارض مع أحكامه فيما عدا القرارات التي اكتسبت درجة البتات قبل التاريخ المذكور.

استرداد الحضانة : …. أن حضانة الأم لولدها قد تسقط فيحكم عليها بإلزامها بتسليم الولد الى أبيه أو إلى أي حاضن على حسب مصلحته ولكن قد يحدث آمر آخر يجيز للأم استرداد الحضانة في ثلاث حالات :

‏الأولى : لو تزوجت الأم بأجنبي فسقطت حضانتها للولد ثم طلقت من زوجها الثاني أو مات. ‏ان الحكم في آرا ء الفقهاء يختلف إلى رأيين. . رأي يرى أن زواج الآم بأجنبي مانع لها من حضانة الولد ومتى زال المانع عاد الممنوع أي أن الآم في هذه الحالة تسترد حقها في الحضانة وبهذا نص المادة 38٣ ‏من قواعد الأحوال الشخصية لقدري باشا (24) . ورأى أخر يرى أن حق الحضانة حين تزوجت الأم بأجنبي قد سقط وأن الساقط لا يعود (25) وبين الرأيين رأي آخر قاله الأمام السيد محسن الحكيم أن قال أن في المسألة ” قولان أقواهما العدم ” أي عدم عودة الحضانة ولكنه نبه إلى أن في المسألة قولين وللمحكمة أن ترجح أيهما شاءت حسب ظروف القضية.

‏أما في قانون الأحوال الشخصية العراقي (26) فأن القانون الصادر لسنة ١٩٥٩ ‏لم يعالج هذا الموضوع أن لم يرد في المادة (٥٧) قبل التعديل شيء من ذلك كما أن المادة حين عدلت بالتعديل الثاني لسنة ١٩٧٨ ‏لم يرد فيها نص عن هذه الحالة لذا فأن بإمكان المحكمة إذا عرض عليها نزاع في هذه الحالة أن تختار أي الرأيين وفقا لما تتطلبه مصلحة المحضون. مع ملاحظة أن القانون بتعديلاته الأخيرة وبخاصة التعديل بالقانون ١٠٦ ‏لسنة ١٩٨٧ ‏لم يجعل زواج الأم سببا في إسقاط الحضانة وترك للمحكمة أن ترجح أي الأبوين أصلح لحضانة الولد.

‏الثانية : حالة وفاة الأب ، لو كان الولد لدى والده لأي سبب من الأسباب ومات الأب أو فقد أحد شروط الحضانة فهل للأم أن تطلب استرداد الحضانة لأحقيتها بها من بقية الأقارب ما دامت صالحة لها ، راغبة فيها ، وقد توفرت فيها الشروط التي مبقت الإشارة إليها . أن نص الفقرة (٩) من المادة (٥٧) المعدل بالتعديل الثاني ورد بصيغة ” إذا مات أبو الصغير أو فقد أحد شروط الحضانة فيبقى الصغير لدى أمه. . . إلخ ” ومع أن النص لا يتطرق إلى الاسترداد إلا أن بالإمكان أعماله في هذه الحالة.

‏الثالثة : إذا حكم بأخذ المحضون من حاضنته وضمه إلى حاضن آخر ثم ثبت تضرر المحضون من حضانة الثاني له فان للحاضنة الدعوى لاسترداد حضانة ‏الولد. وبهذا ورد نص الفقرة (٦) من المادة (٥٧) من قانون الأحوال الشخصية المعدل بالتعديل الثاني أن هذا النص ينسجم من القول أن الحضانة شرعت لمصلحة المحضون وقد جرى العمل بهذا المبدأ وصدرت بذلك عدة أحكام (27) ويلاحظ على نص الفقرة المذكورة أنه ورد ” للحاضنة التي أنهيت حضانتها بحكم ” وهذا يوحي بأنه مقصور على حالة أخذ الولد من الآم أو أي حاضنة من النساء وكأن الأجدر جعل الحاضن مطلقا ، الأب أو الآم أو غيرهما .

مكان الحضانة : لم يتطرق قانون الأحوال الشخصية العراقي (28) الى موضوع مكان الحضانة ومسألة الانتقال بالمحضون من محل الى اخر وحيت أن هذا المسألة من مسائل الحضانة والاختلاف فيها ممكن فقد بحثها الفقهاء بتفصيلات كثيرة واتفقت آراؤهم على عدة قواعد :

‏(آ) اذا كانت الزوجية قائمة أو أن الزوجة معتدة من طلاق رجعي فإن مكان الحضانة هو دار الزوجية لأن الزوجة ممنوعة من مغادرتها لقوله تعالى : ( لا تخرجوهم من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ) (29)، أن ليس لها أن تسافر بالولد دون موافقة أبيه .

‏(ب) بعد الطلاق و انتهاء العدة فليس لمن له الحضانة اخراج الولد للإقامة في قرية أن كأن مسكن الأب هو المدينة وليس له اخراجه عن مسكن الوالد الثاني مسافة تزيد على مسافة القصر أي أنه يشترط أن يتمكن الأب من زيارة ولده والعودة إلى محل إقامته قبل الليل وقيل أن لها أخذ ولدها الذي في حضانتها إلى المدينة التي يسكنها أهلها بعيدا عن مدينة والد الطفل الذي طلقها (30). إذا كان هو وطنها وتم فيه عقد زواجهما .

‏(جـ) إذا كانت الحاضنة غير الأم فليس لها إخراجه عن بلدة مسكن الأب أبدا . واختلفوا في حق الأم في العودة إلى مسكن أهلها الذي تزوجت فيه حيث قال بعض فقهاء الأحناف من حقها أن تخرج بالصغير ولو بغير إذن أبيه إلى بلدها التي جرى فيها عقد زواجها. الرأي الثاني- وهو رأي الشافعية والمالكية والجعفرية- ويقول ليس للأم التي انتهت علاقتها الزوجية بالأب أن تسافر بالمحضون من بلد أبيه إلى بلد أخر إلا بموافقة الأب. وقد رجحت محكمة التمييز هذا الرأي. وحيث أن القانون لم يعالج هذا الأمر بصراحة فإن نص المادة (٥٧ ‏/ ٤) حيث ‏أوجب للأب النظر في شؤون المحضون وتربيته وتعليمه يوحي بأن ليس للأم أو أية حاضنة الابتعاد عن مسكن الأب بحيث يمتنع عليه رعاية الولد. ‏وهنا يثار التساؤل ما هو الحكم لو أن الحاضنة الأم أو غيرها تريد السفر المؤقت بالمحضون خلال العطلة الصيفية أو الربيعية خارج القطر للنزهة أو للمعالجة الطبية أو لزيارة القريب مثلا ، فهل للأب أن يمنعها؟ قبل الاجابة ينبغي ملاحظة إذا كانت الحاضنة أمينة على المحضون لا يخشى منها عدم العودة إلى القطر والاضرار بالأب فيجوز للمحكمة أن تأذن للأم أو الحاضنة وتطلب منها ” كفالة أو تعهد من الكاتب العدل ” بالمحافظة على المحضون وأن تعيده إلى بلده بعد انقضاء فترة السفر. أما إذا لم يأذن لها الأب وخرجت بالمحضون خارج القطر فأن ذلك يكون سببا من الأسباب المسقطة لحق الحضانة.

اجرة الحضانة :

‏تنص الفقرة (٣) من المادة (٥٧) من قانون الأحوال الشخصية العراقي على أن استحقاق الحاضنة أجرا على حضانتها للولد ” إذا اختلفت الحاضنة مع من تجب عليه نفقة المحضون في أجرة الحضانة قدرتها المحكمة. ولا يحكم بأجرة الحضانة ما دامت الزوجية قائمة أو كانت الزوجة معتدة من طلاق رجعي “.

‏وأجرة الحضانة تستحقها الحاضنة عن خدمتها المحضون ورعايته والقيام بشؤونه المختلفة ، ويلاحظ أن الحديث عن أجرة الحضانة ، يتشابك أحيانا (حتى في الكتب الفقهية) مع الحديث عن أجرة الرضاعة. لذا وجب التنبيه. أن أجرة الرضاعة مقصود بها تغذية الطفل الرفيع مدة الرضاعة فقط . أما أجرة الحضانة ففي خدمته ما دام في سن الحضانة كما يتشابك الدين عنها مع النفقة مع أن الفارق بين الاثنين واضح لنفس السبب).

‏من يستحق أجرة الحضانة : وأجرة الحضانة تستحقها الحاضنة سواء ، أكانت أجنبية أم أما فإن كانت أجنبية فإن أجرتها تخضع لشروط عقد العمل بين من تجب عليه نفقة المحضون والحاضنة المأجورة (31) . ‏وإن كانت أما فإنها أما أن تكون في عصمة زوجها والد المحضون أو في العدة من الطلاق الرجعي وفي هذه الحالة فالمتفق عليه شرعا وقانونا وقضاء أنها لا تستحق أجرة عن حضانة أولادها منه لأن حضانة الأولاد من مقتضيات قيام الزوجية (32) . ‏وإما أن تكون الحاضنة أما مطلقة وانتهت عدتها أو قريبة للمحضون استحقت الحضانة حسب تسلسل الحاضنات من النساء فقد قال فقهاء الشريعة الاسلامية باستحقاقها أجرة الحضانة (33) وبذلك نص الفانون العراقي وسائر القوانين العربية (34) .

تاريخ استحقاق أجرة الحضانة :

‏وتستحق الحاضنة أجرة حضانتها ابتداءا من تاريخ المطالبة القضائية (35) هذا إذا اختلفت الحاضنة مع من تجب عليه أجرة الحضانة وتستمر أجرة الحضانة ما دام المحضون لدى حاضنته ، واذا قررت المحكمة تمديد مدة الحضانة بعد إكمال المحضون العاشرة فأن أجرة الحضانة تستمر حتى بلوغ المحضون الخامسة عشرة (36). حيث تسقط أجرة الحضانة لاستغناء المحضون عن خدمة النساء واستقلاله بتقرير من ينضم إليه من والديه أو أقاربه . كما تسقط أجرة الحضانة في رأي بعض الفقهاء إذا وجدت متبرعة لحضانة الولد دون أجر ، فقد قيل أن للأب أن ينزع المحضون من أمه إذا أصرت على أن يتقاضى عن خدمته أجرا ويسلمه إلى الحاضنة المتبرعة وقد صدرت في ذلك عدة أحكام قبل صدور قانون الأحوال الشخصية إلا أن القانون حسم الأمر فجعل أجرة الحضانة واجبا على من تجب عليه نفقة المحضون .

‏وأجرة الحضانة تستحق للحاضنة نظير خدمتها لذا فأنها ليست حقا للطفل المحضون ولا علاقة له بها ولهذا فأنها تقبل الإسقاط ، أي أن الحاضنة تستطيع التبرع بحضانة الولد دون أجر ، كما تستطيع إسقاط الأجرة المتراكمة . لذا فأن الحاضنة إذا كانت أما تستطيع وفقا لذلك أن تتفق مع زوجها والد الطفل على حضانة الولد مدة ‏معينة دون اجر ويمكن أن يكون هذا الاتفاق جزءاً من عقد الخلع وبدلا فيه (37).

على من تجب أجرة الحضانة :

‏أجرة الحضانة في أحد مظاهرها نوع من النفقة لأنها نفقة الخدمة والعناية بالمحضون ، لذا فهي تجب على من تجب عليه نفقة الولد تجب أولا في مال الصغير إن كان له مال فإن لم يوجد له مال وجبت على والده ، فإن لم يوجد الأب أو كان معسرا وجبت على الآم أن لم تكن هي الحاضنة وأن كانت فلا أجرة حضانة لها في هذه الحالة لاتحاد الذمتين .

كيف تقدر : جرى العمل في محاكم الأحوال الشخصية أن تقيم الحاضنة الدعوى بطلب فرض أجرة الحضانة وذلك بعد انتهاء ، عدتها من الطلاق الرجعي أو بعد الطلاة البائن مباشرة. وهذه الدعوى أما أن تكون ضمن دعوى أخرى (النفقة مثلا) أو مستقلة عنها . ومن الطبيعي أن أجرة الحضانة تفرض أما بالاتفاق وعند عدمه فيقدرها خبير مراعيا في ذلك اقتدار المطلوب في أجرة الحضانة وما عليه من التزامات أخرى وكذلك يراعي عمر المحضون ومدى حاجته إلى الرعاية لصفر أو مرض أو عوة. وبعد تقدير أجرة الحضانة تصدر المحكمة قرارها بإلزام المدعي عليه بأجرة الحضانة ابتداء ، من تاريخ اقامة الدعوى ، ولا يحكم عن مدة سابقة لإقامة الدعوى (38) . ‏مشاهدة المحضون : لما كانت الحضانة هي حفظ الطفل وتربيته ورعايته والتي هي مبدئيا ، واجب على الأبوين ما دامت الزوجية قائمة بينهما فيتعاونان في أداء هذا الواجب رعاية للمسؤولية المناطة بهما . أما إذا كان المحضون في حضانة أحد الوالدين أو غيرهما فهل للوالد الثاني – أبا أم أما – الحق في زيارة الولد ومشاهدته. هذه المسألة من المسائل المطروحة باستمرار على المحاكم إلا أن القانون لم يعالجها بأي نص (39) . ويجار بنا أولا أن نحدد أولا هدف المشاهدة.

‏(أ) إن المشاهدة بالنسبة للأب أن كأن الولد في حضانة الأم أو غيرها من الحاضنات ، حق له تبعا لحقه في تربيته وتعليمه والاطمئنان على محته . وهي حق له أيضا لإشباع عاطفة الأبوة ، وهي حق للطفل لمشاهدة والده وادامة الصلة بينهما .

‏(ب) والمشاهدة بالنسبة للأم أن كان الولد في حضانة أبيه حق لها لإشباع عاطفة الأمومة وهي حق للمحضون كذلك لنفس الغرض المار ذكره .

‏(جـ) والمشاهدة بالنسبة لغير الوالدين – أي حق أقارب المحضون المحارم من ناحية أحد أبوي المحضون المتوفي أو المفقود أو السجين أو الأسير وزيارة المحضون والاطمئنان عليه بهدف إيجاد الرابطة بين الولد وطالبي المشاهدة كما لو كانوا الأجداد (40) .

‏لقد شهدت محاكم الأحوال الشخصية منذ وجدت دعاوى المشاهدة وقد جرى العمل على أن تقرر المحكمة إلزام الحاضن بتمكين الوالد الثاني من مشاهدة ولده فترات معينة ومحددة ، أي بعبارة أخرى . المحكمة هي التي تعين الموعد الدوري والمكان المناسب والكيفية المناسبة منعا للضرر والضرار (41) وتقدره المحكمة تبعاً لعمر المحضون مع مراعاة المادة اللازمة للانتقال لكي لا تضطر أم المحضون لإحضاره طيلة أيام الأسبوع . فلو كان المحضون لا يزيد عمره على عمر الرضاع فأنه ليس بالإمكان جعل مدة المشاهدة ساعات طويلة لحاجة الوالد إلى الإرضاع والتنظيف(42) .

‏ويلاحظ على مدة المشاهدة أن قانون الأحوال الشخصية ‏الفقرة (٤) من المادة (٥٧) سواء ، قبل التعديل أم بعده حيث أعطى للأب حق الإشراف في محلى تربية الولد منع أن يبيت الولد عند غير حاضنته فنص (على أنه لا يبيت إلا عند حاضنته) . إلا أن النص قبل التعديل الثاني أجاز ذلك بقرار المحكمة . وكانت الأحكام تصل بأن تتم المشاهدة في بيت المختار عند عدم الاتفاق ثم تحولت القرارات إلى مركز الشرطة لإمكان مراقبة تنفيذ الحكم ، ثم تحولت إلى دوائر التنفيذ . كل هذا جرى دون أن يكون هناك نص في القانون وإنما كان يجري باجتهاد القضاة وبتوجيه من محكمة التمييز حيث وردت عدة قرارات تمييزية بأن مركز الشرطة ليس مكانا مناسبا للمشاهدة أن يؤدي إلى أضرار نفسية لمشاعر الطفل (43) وما يخلفه التردد على دوائر التنفيذ من آثار نفسية (44) ولا تصح أن تكون المشاهدة في داري الزوجين في حالة عدم الاتفاق على مكانهما ولا في إدارة المدرسة لعدم صلاحها لذلك ولا يصح تعليق زمان المشاهدة على استدعاء الحاجة لها (45) . ‏وبناء ، على مبادرات شخصية فقد تم الاتفاق مع الاتحاد العام لنساء العراق لفتح مقراته لإجراء المشاهدة وعلى ذلك فقد أصدر الاتحاد العام لنساء العراق كتابا مؤرخا في ٥/12/ 1٩٨٠(46). إلى وزارة العدل جرى تعميمه على محاكم الأحوال الشخصية أبدى استعداده للتعاون مع المحاكم في إجراء البحث الاجتماعية وتنفيذ الأحكام الخاصة بالمشاهدة في شعبه ومراكزه الاتحادية . ثم صدر قرار لمجلس قيادة الثورة رقم 211 ‏في 5/3/1984 (47) جعل مشاهدة أحد الوالدين ولده بمقتضى الحكم الصادر من محكمة الأحوال الشخصية أني مقر منظمة الاتحاد العام لنساء العراق (48) في البلدة التي ‏يقيم فيها الولد مع حاضنته) ومع أن نص القرار يبدو الظاهر مانعاً من الحكم ‏بالمشاهدة في غير مقرات الاتحاد المذكور فأنا نرى أنه يمكن ‏الحكم بالمشاهدة في محل أخر إذا اتفق الطرفان على ذلك لأن القرار وضع لمصلحة الطرفين والمحضون تجنبا لما يحدث من مشاكل (49) . ‏وعليه فأنه يجب ملاحظة الأمور الآتية عند الحكم بالمشاهدة :

‏(أ) مراعاة عمر المحضون عند تحديد مدة المشاهدة وأوقاتها .

‏(ب) مراعاة ظروف طالب المشاهدة والحاضنة في تحديد زمن المشاهدة .

‏(جـ) وجوب أن تكون المشاهدة في أقرب مكان لسكن المحضون مع حاضنته علما أن قرار الحكم بالمشاهدة يمكن طلب تعديله بعد مرور فترة على صدوره إذا اختلفت ظروف الطرفين أو الطفل أو إذا حدث ما يوجب تغيير مكان المشاهدة أو زمانها أو مدتها .

‏أن حكم المشاهدة ينفذ أولا لدى مديرية التنفيذ التي يقع محل المشاهدة في دائرتها والمديرية تشعر الشعبة الاتحادية بالتنفيذ وترى أن تخول مسؤولة الشعبة صلاحيات تنفيذية لمراقبة حسن تنفيذ المشاهدة بما يحفظ للمحضون سلامته النفسية ويمنح التجاوزات عليه أو على أحد الطرفين .

‏وأخيرا فإن حسن تطبيق المشاهدة قد يؤدي إلى رأب الصدع واعادة الزوجين إلى علاقة زوجية مجدداً لما يحدثه تلاقيهما مع ولدهما في ظروف طبيعية {لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا } (50) .

‏وترتيبا على ما تقدم فقد أصدرت محاكم الأحوال الشخصية أحكاما هامة وأساسية في الحضانة يمكن عرض بعضها فيما يأتي :

١ ‏- (الحضانة من النظام العام فلا يجوز التنازل عنها) ‏قرار ٢٧١ ‏/ شخصية/ ٧٦ ‏في 24/2/1976 .

٢- (إذا طلقت أم الصغير من زوجها الأجنبي عنه فيعود لها حق الحضانة) ‏قرار ١٨٠ ‏/ شخصية/ ١٩٧٨ ‏في ٢٥ ‏/ ١ ‏/ ١٩٧٨ ‏.

٣ ‏- (على المحكمة أن تراعي في الحضانة مصلحة الصغار متل مصلحة الوالدين وأن تمدد هدة الحضانة اذا أشار تقرير اللجنة الطبية بذلت (قرار ٧٧ ‏/ هيئة عامة ثانية/ ١٩٧٧ ‏في ٧ ‏/ ٥ ‏/ ١٩٧٧ ‏وبنفس المبدأ اقرار 1٤٠٨/ شخصية / ١٩٧7 ‏في 30/9/1976 .

٤- (لا تجبر الأم على حضانة أولادها الذين تجاوزوا سن الحضانة اذا كانت لا ترغب بذلك والقول بأن الحضانة تدور شرعاً مع مصلحة الصغير يرد عند طلب الحاضن تمديد الحضانة لا في حالة تنازله عنها) . قرار ٠٢٤ ‏1/شخصية/ ١٩٧٧ ‏في 13/6/1977 .

كيت تتحقق المحكمة من مصلحة المحضون عند الحكم بالحضانة :

‏وجدنا فيما سبق أن الشريعة الاسلامية بمذاهبها كافة توخت مصلحة المحضون حين قررت من هو الحاضن ، وما هي الشروط التي يجب أن تتوفر فيه . كما وجدنا أن القانون العراقي سواء في التعديل الثاني لسنة ١٩٧٨ أم في التعديلين الأخيرين بالقانونين ٦٥ ‏لسنة ١٩٨٦ ‏و ١٠٦ ‏لسنة ١٩٨٧ ‏عدل كثيراً من الأحكام القانونية السابقة واستوحى ما ذهبت اليه بعض المذاهب الاسلامية (انسجاماً) مع الآراء ، الفقهية في الشريعة الاسلامية الأكثر ملاءمة لروح العصر (51) وقد أعطت هذه التعديلات الحرية للمحكمة لاختيار الأصلح من الأبوين أو من غيرهم حتى دور الدولة لحضانة المحضون . ومن الطبيعي فإن هذه مسؤولية كبيرة فيقتضي النظر الى الوسائل التي تعين المحكمة على استجلاء من هو الأصلح ومعرفته .

1- البينات الشخصية : إذا ادعى المدعي أو المدعي عليه أن موكله أصلح أو أن خصمه غير لائق للحضانة فإن المحكمة تكلفه بإثبات ادعائه أو دفعه وهذه من الأمور البديهية في القضاء .

٢- البحث الاجتماعي : تحوي أغلب محاكم الأحوال الشخصية غرفا للبحث الاجتماعي (52) يقوم بالعمل فيها باحثات اجتماعيات متخصصات ومهيئات دراسيا من كليات الآداب ومعهد الفنون التطبيقية قسم الارشاد الاجتماعي . وطريقة العمل في هذه الغرف أن تحيل المحكمة خلال السير في مرافعة الدعوى الطرفين والطفل أو الأطفال الى الباحثة التي تقوم بمقابلة الطرفين والطفل وتثبت في استمارة معدة لهذه الغاية المعلومات كافة عن ظروف الطرفين والطفل . وقد تقوم بزيارة ميدانية الى سكن كل من الطرفين أو الأشخاص الثالثة إن وجدوا . ‏وبعد كل ذلك تقوم تقريرها بخلاصة عملها واستنتاجاتها في من هو الأصلح لحضانة الطفل .

3- اللجنة الطبية النفسية والعصبية : لقد جرى القضاء في العراق محلى الاستعانة بالطب النفسي والعصبي لإعطاء الرأي فيما اذا كان فصل الولد عن امه أو أبيه يضر به نفسيا وعصبيا أم لا . بسبب أن ذلك رأي فني يحتاج الى خبرة خبيرة هو اللجنة الطبية (53) . ومع أن تعديل قانون الأحوال التشخصية الثاني لسنة ١٩٧٨ ‏قد جاء لأول مرة في الفقرة (٤) من المادة (٥٧) على ذكر (اللجان المختصة الطبية منها والشعبية) وذلك في معرض حق المحكمة بتمديد الحضانة فيأن المحاكم استمرت على عرض المحضون على اللجان الطبية المختصة في دعاوي الحضانة كافة وقد أقرتها محكمة التمييز على ذلك بل قد تضمنت بعض قرارات النقض الأخذ على المحكمة عدم عرض الطفل على اللجنة الطبية (54) واللجنة الطبية في عملها هذا تشبه عمل الباحثة في مقابلة الطرفين والطفل وبيان الرأي حسب اجتهادها . ثم أن قرار اللجنة الطبية هذا قابل للطعن استئنافاً لدى اللجنة الاستئنافية الدائمة في وزارة الصحة تطبيقاً لنص المادة (94) من قانون الصحة العامة (55) واللجنة الاستئنافية تجري في عملها بنفس الطريقة وأخيرا فإن رأي اللجنة الطبية أو الاستئنافية بالتالي ليس ملزماً للمحكمة فلها أن تأخذ به أو أن لا تأخذ على أن تعلل قوارها في الحالة الثانية وفقا لما يتظاهر لها أو في حالة مخالفة القرار لنص قانوني .

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .