في هذا الفرض نرى ان المشتري وبعد ابرام العقد يقيم محدثات على الأرض المشتراة قبل تسجيل العقد ، فهل يعتبر المشتري بانيا في غير ملكه ؟

ذهبت محكمة النقض المصرية في بداية الامر إلى القول بان المشتري في هذه الحالة يكون قد بنى في ملكه ، فجاء في حكم لها ” ان البيع غير المسجل يخول المشتري ان ينتفع بالأرض بجميع اوجه الانتفاع ، ومنها البناء على سبيل البقاء والقرار ، ومتى احدث المشتري بناءً على الأرض المبيعة له ان يصبح بهذا البناء مالكاً له ملكية مصدرها واقعة البناء على سبيل البقاء والقرار ، وزيادة على ذلك فان محكمة النقض قد اعطت للمشتري الحق في تملك العقار المجاور لبنائه باعتباره شفيعاً له حيث جاء في الحكم المذكور اعلاه ” . . ومن ثم يقوم به سبب الشفعه بوصفه جاراً مالكاً للبناء ، ولا مخالفة في ذلك لقانون التسجيل ، ذلك ان الشفيع المشتري للأرض بعقد غير مسجل لا يؤسس حقه في طلب الشفعه على عقد شرائه ، وانما يقيمه على ملكية البناء استقلالاً عن الأرض ، كما لا مخالفة لأحكام الملكية بالإلتصاق قولاً بان بائع الأرض يعتبر في حكم القانون وبالنسبة إلى الكافّة هو وحده مالك البناء الذي اقامه المشتري الذي لم يسجل عقد شرائه ، ذلك ان القانون اذ يعتبر مالك الأرض مالكاً للبناء بفعل الإلتصاق انما يقرر في مصلحة مالك الأرض قرينة بسيطة قابلة لأثبات العكس ، كما اذا خول مالك الأرض لمستأجرها الحق في اقامة المنشآت وتملّكها ، فان في هذه الحالة يعتبر مالكاً لما يقيمه عليها من بناء على اعتبار انه عقار ، فمناط تطبيق قواعد الإلتصاق الا يكون ثمة اذن صريح او ضمني من مالك الأرض للغير بأحداث هذا البناء ، فحيثما وجد اتفاق او اذن امتنع التمسك بقواعد الإلتصاق .

ووجب اعتبار البناء عقاراً مستقلاً عن الأرض وملكاً خالصاً لمن اقامه ، ولا نزاع في ان البائع ملتزم بتسليم المبيع للمشتري وعدم التعرض له ، فاذا ما اوفى البائع بهذا الالتزام فقد نقل إلى المشتري حيازة المبيع ، وكان لهذا الاخير ان ينتفع به بكافة وجوه الانتفاع ومنها البناء على سبيل البقاء والقرار (1).وينتقد الفقه هذا الحكم بانه لو صح ما ذهبت اليه محكمة النقض من ان المشتري يشفع بالبناء لا بالأرض ، لوجب ان يكون البناء نفسه هو المجاور للأرض المشفوع فيها ولا يكفي ان تكون الأرض ملاصقة للأرض المشفوع فيها (2). وقد عدلت محكمة النقض المصرية عن اتجاهها الاول الذي اعتبرت فيه ان المشتري انما يبني في ملكه وقد جاء في حكم لها ” وان كانت الفقرة الثانيّة من المادة 922 من القانون المدني قد اجازت نقض القرينة التي تقيمها الفقرة الاولى على ملكية مالك الأرض لما عليها من مبانٍ ، بان يقيم الاجنبي الدليل على انه قد اقام هذه المنشآت على نفقته او ان مالك الأرض قد خوله ملكية منشآت كانت قائمة من قبل او خوله الحق في اقامة هذه المنشآت وتملكها ، الا انه اذ كان سند التخويل هو عقد بيع فان ملكية المنشآت لا تنتقل إلى المشتري الباني بمجرد صدور الترخيص له بالبناء من مالك الأرض وانما بتسجيل عقد البيع ، لان عقد البيع غير المسجل وان كان يلزم البائع بتسليم المبيع وهو مما يترتب عليه ان تكون للمشتري حيازة المبيع والانتفاع به الا ان هذا العقد غير المسجل لا يترتب عليه تملّك المشتري لما يقيمه من مبانٍ على الأرض المبيعة ، لان حق القرار حق عيني من قبيل الملكية ،فلا ينشأ ولا ينتقل وفقا لحكم المادة التاسعة من قانون تنظيم الشهر العقاري الا بالتسجيل ، اما قبل تسجيل سند المشتري الباني فان ملكية المنشآت تكون للبائع بحكم الإلتصاق مقابل ان يدفع للمشتري اقل القيمتين قيمة المواد واجرة العمل او قيمة ما زاد في ثمن الأرض بسبب المنشآت ،

وهذا ما نصت عليه المادة 925 من القانون المدني ، ومن ثم فان كل ما للمشتري الباني الذي لم يسجل عقده ، اذا لم يختر نزع المنشآت هو ان يطالب مالك الأرض بما هو مستحق له طبقا لتلك المادة وان يتخذ في سبيل اجباره على ادائه ما يخوله القانون للدائن من وسائل لاستيفاء ديونهم (3). وقضت كذلك بان “ اقامة المشتري بعقد غير مسجل بناء على الأرض المشتراة ، لا يؤدي إلى انتقال ملكية المباني الا بشهر العقد ، وان علة ذلك ان القرار حق عيني لا ينشأ ولا ينتقل الا بشهر سنده ، استناداً الى المادة التاسعة من قانون الشهر العقاري ، واثر ذلك بقاء ملكية المنشآت للبائع بحكم الإلتصاق (4). وقضت ايضاً بان ” حق ملكية العقار ، وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة لا تنتقل فيما بين المتعاقدين ولا بالنسبة للغير الا بالتسجيل فلا تنتقل الملكية لمشترٍ لم يسجل عقد البيع الصادر اليه ، ولا يسوغ له ترتيباً على ذلك طلب اعمّال قواعد الإلتصاق بشأن المباني التي يحدثها الغير في الأرض التي اشتراها بعقد غير مسجل (5). وعلى ذلك فان بناء المشتري في الأرض المبيعة قبل التسجيل يعد من قبيل البناء على أرض الغير في مصر ، الا ان القضاء يعامله معاملة الباني حسن النيّة طبقا لنص المادة 925 من القانون المدني.

________________________

1- نقض مدني جلسة 12 / 1 / 1950 ، المجموعة الاولى رقم 48 ، ص166 . اشار اليها د. حسام الدين كامل الاهواني ، اسباب كسب الملكية ، مصدر سابق ، ص138 . د. جمال خليل النشار ، الإلتصاق ، مصدر سابق ، ص302 .

2- د. السنهوري ، الوسيط ، ج9 ، مصدر سابق ، ص583 ، هامش (1) .

3- نقض مدني جلسة 283 سنة 35 ق ، جلسة 19 / 6 / 1969 . وكذلك جلسة 25 / 2 / 1981 . أشار إليهما سعيد احمد شعله ، المصدر السابق ، ص295 .

4- الطعن رقم 1668 سنة 59 ق ، جلسة 28 / 12 / 1994 ، س45 ، ص1714 ، المصدر السابق ، ص314 .

5- نقض مدني جلسة 14 / 2 / 1995 ، المصدر السابق ، ص315 . ومن الجدير بالذكر إن القضاء الفرنسي قد اعتبر المشتري الذي يقيم محدثات على الأرض المبيعة قبل تسجيل العقد انما يبني في ملك الغير ، ولكنه بان حسن النيّة ، واعتبر التعهد بالبيع يشكل موافقة ضمنيّة من قبل المالك جعلت الباني يعتقد بان يبني بصفة مالك . الا ان القضاء نقسه رجع عن ذلك وقرر بان التعهد بين البائع والمشتري والذي بنى بموجبه المشتري لا يكفي لاعتبار الباني ذا نيّة حسنة . أنظر في ذلك :

Cass civ،3،3 Mai، 1993: Bull-civ-ill، n. 102، P.81، Rdimm. Junv- Mars، 1984. P-31-Dictiannaire Permanent constraction، Opctin، n.47، P.689. Cass .

5- Fevr. 1985: Gaz Pal، Rec. Bim، Mars-Avr. 1987 Somm، P. 129، lbid n. 48، P.689. Codes Dalloz، Code Penal، 1987-1988، P. 969.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .