جريمة السرقة العلمية و آليات مكافحتها في الجامعة الجزائرية في ضوء القرار الوزاري 933

د. طالب ياسين ، أستاذ محاضر- جامعــة الجزائـــر3

:Résumé 

Le Plagiat est une forme de transfert illégal dans les publications, les recherches scientifiques et les mémoires universitaires, ce crime a été défini par l’arrêté ministériel n ° 933 publié le 28/07/2016 par le ministère algérien de l’Enseignement supérieur comme suit : «… tout travail établi par l’étudiant, enseignant chercheur, enseignant chercheur hospitalo-universitaire, le chercheur permanent ou qui conque participe à un acte de falsification de résultat ou de fraude revendiqués dans les travaux scientifiques ou dans n’importe quelle autre publication scientifique ou pédagogique».

Cette résolution comporte une série de mesures pour faire face à ce crime et le contrôle par l’adoption d’un ensemble de mesures préventives et punitives, préventive comme la sensibilisation et le renforcement des mesures de contrôle en établissant une base de données numérique … etc. et punitives à travers l’émission de sanctions punitives contre l’étudiant ou l’enseignant, comme l’annulation de la soutenance de mémoires de magister et les thèses de doctorat, et autres publications scientifiques ou pédagogiques, et aussi le retrait du titre acquis par l’étudiant ou l’enseignant ou le chercheur qui commet le crime de Plagiat.

 

الملخص :

السرقة العلمية هي كل شكل من أشكال النقل غير القانوني في المنشورات و البحوث العلمية و المذكرات الجامعية، و قد عرفها القرار الوزاري رقم 933 الصادر بتاريخ 28/07/2016 عن وزارة التعليم العالي الجزائرية بقوله ” … كل عمل يقوم به الطالب أو الأستاذ الباحث أو الأستاذ الباحث الإستشفائي الجامعي أو الباحث الدائم أو كل من يُشارك في عمل ثابت للإنتحال و تزوير النتائج أو غش في الأعمال العلمية المطالب بها أو في أية منشورات علمية او بيداغوجية أخرى”.

و قد نص هذا القرار في طياته على مجموعة من التدابير في سبيل التصدي لهذه الجريمة و مكافحتها من خلال إقرار مجموعة من التدابير الوقائية منها و العقابية، الوقائية مثل التحسيس و التوعية و تعزيز تدابير الرقابة من خلال تأسيس قاعدة بيانات رقمية … إلخ، و عقابية من خلال إصدار عقوبات في حق الطالب أو الأستاذ أو الباحث المرتكب لهذه الجريمة، منها إبطال مناقشة الرسائل و المذكرات الجامعية، و إبطال المنشورات محل السرقة من عملية التقييم، و سحبها من النشر، مع سحب اللقب الحائز عليه مُرتكب جريمة السرقة العلمية.

مقدمة

تُعدُّ السرقة العلمية أو ” البلاجيا” جريمة أخلاقية قبل أن تكون جريمة علمية، إذ يتجرَّد الطالب أو الباحث أو الأستاذ من أخلاقه و يسطو على مجهودات غيرهِ دون شعورٍ بالخجل أو تأنيب الضمير، و هو ما يُؤدي في النهاية إلى انتهاك مبدأ الأمانة العلمية والنزاهة الأكاديمية، التي يجب أن يتحلَّى بها كل طالب أو أستاذ في بحوثه العلمية.

إن السرقة العلمية، باعتبارها جريمة علمية، تتنافى مع مبدأ الأصالة و الأمانة العلمية الذي يجب أن تتسم به البحوث العلمية و الرسائل و الأطروحات الأكاديمية، ذلك أن الأصالة و الأمانة العلمية هما أساس جودة التعليم العالي و البحث العلمي.

و لعل من أبرز أسباب اللجوء إلى السرقة العلمية في مجال البحث العلمي و النشر الأكاديمي هو غياب الوازع الأخلاقي و قبله الوازع الديني، عدم كفاية الوقت الممنوح للباحث و صعوبة بحثه، عدم الإلمام بالمناهج الصحيحة في إنجاز البحوث العلمية، السعي نحو الحصول على الترقيات و تحسين الوضع المالي، غياب ثقافة العقاب و بروز ثقافة التسامح … إلخ.

و للسرقة العلمية حالات متعدِّدة، فقد تكون سرقة جزئية و قد تكون سرقة كلية، و قد تكون بموافقة الباحث الأصلي أو بدون موافقته.

و الحقيقة أن تطور و سائل الإتصال و ابتكار الكثير من البرامج المعلوماتية أدى إلى تسهيل و تسريع الوصول إلى محتوى مختلف المؤلفات و المنشورات و الرسائل لاستغلالها في الدراسات و البحوث العلمية، و بالمقابل أصبح الأمر أكثر سهولة في اكتشاف أساليب الإنتحال الأكاديمي و السرقة العلمية عن طريق الإستعانة بتلك البرامج و محركات البحث الإلكترونية.

إن استغلال هذه البرمجيات و محركات البحث بصورة غير صحيحة يُوقِعنا حتمًا في فخ السرقة العلمية التي تُعدُّ واحدة من أخطر الجرائم التي تضرب في الصميم التعليم العالي و البحث العلمي في الجامعات، و تؤثر سلبا على جودته و أصالته، كما أن ارتكاب هذه الجريمة خرق واضحٌ لمبدأ حماية حقوق الملكية الفكرية.

لقد تفاقمت ظاهرة السرقة العلمية في الجامعات الجزائرية بشكلٍ ملحوظٍ في السنوات الأخيرة، لاسيما في ما يخص مذكرات التخرج لطلبة السنوات النهائية لمختلف الأطوار الجامعية، حيث أن الكثير من الطلبة أصبح يلجأ إلى آلية “نسخ- لصق” دون مراعاةٍ لطرق و مناهج البحث العلمي الصحيحة.

و في سبيل الحدِّ من تداعيات هذه الظاهرة و تأثيرها السلبي على الجامعة الجزائرية، لاسيما في ما يخص جودة التعليم و أصالة البحث العلمي، أصدرت وزارة التعليم العالي و البحث العلمي القرار الوزاري 933 (2016) الذي حاول الإحاطة بالعديد من جوانب هذه الظاهرة من خلال إقرار مجموعة من الإجراءات للحد منها و قبل ذلك تعريفها، أنه من الصعب مكافحة ظاهرة أو التصدي لجريمة دون إعطاء تعريف واضح لها. فما مضمون هذا القرار؟؟ و ما هي الآليات القانونية و الإدارية التي أقرها لمكافحة جريمة السرقة العلمية؟؟. كل هذه التساؤلات و غيرها سنحاول الإجابة عنها على النحو التالي:

المبحث الأول: مفهــــوم السرقـــة العلميــــة

السرقة العلمية هي كل شكل من أشكال النقل غير القانوني في المنشورات و البحوث العلمية و المذكرات الجامعية، حيث تناولها القرار الوزاري 933 (2016) في المادة الثالثة منه. فما المقصود بجريمة السرقة العلمية في نظر القرار السالف الذكر؟ ما هي الأسباب المؤدية إلى ارتكابها؟ و ما هي الحالات التي تدخل ضمن نطاقها؟.كل هذه التساؤلات و غيرها سنحاول الإجابة عليها على النحو التالي:

المطلب الأول: تعريف السرقة العلمية و أسبابها

الإنتحال الأكاديمي، السرقة الفكرية، الغش الأكاديمي… ، كل هذه التسميات مترادفات و أوجه لعملة واحدة هي السرقة العلمية، و التي تعني قيام الطالب أو الباحث أو الأستاذ بالإستيلاء و السطو على مجهودات غيره دون مراعاةٍ لقواعد و أساسيات البحث العلمي.

و لعل من الأسباب التي تجعل الطالب أو الباحث أو الأستاذ يلجأ إلى ارتكاب هذه الجريمة هو غياب الوازع الأخلاقي و الضمير المهني، و السعي نحو كسب المال من خلال كثرة المؤلفات و الحصول على الترقيات و الدرجات العلمية الأعلى، و غياب إرادة حقيقية في توقيع العقاب على مرتكبي هذه الجريمة.

الفرع الأول: تعريف السرقة العلمية

السرقة العلمية هي كل شكل من أشكال النقل غير القانوني في المنشورات و البحوث العلمية و الرسائل والمذكرات الجامعية. كما يُمكن تعريفها أيضًا بأنها” إعادة عمل الآخرين دون إشارة للمنشأ” [1]، أي إعادة مصطلحات أو أفكار الآخرين و السطو على مجهوداتهم و استغلال إنتاجهم الفكري دون إشارة إلى صاحبها الأصلي، و ذلك باستخدام أساليب متنوعة منها آلية ” نسخ- لصق”، حيث أن هذه الآلية هي ” شكلٌ صريحٌ من أشكال السرقة العلمية أو الإنتحال الأكاديمي، خاصة في مجال العلوم الإنسانية …” [2].

و قد عرفها القرار الوزاري رقم 933 [3] الصادر عن وزارة التعليم العالي الجزائرية، في المادة الثالثة منه، بقوله ” تُعتبرُ سرقة علمية بمفهوم هذا القرار كل عمل يقوم به الطالب أو الأستاذ الباحث أو الأستاذ الباحث الإستشفائي الجامعي أو الباحث الدائم أو كل من يُشارك في عمل ثابت للإنتحال و تزوير النتائج أو غش في الأعمال العلمية المطالب بها أو في أية منشورات علمية أو بيداغوجية أخرى”.

الفرع الثاني: أسباب السرقة العلمية

إن السرقة العلمية هي واحدة من المشاكل و الجرائم التي تعرفها الجامعات العالمية عموما و الجامعات الجزائرية على وجه الخصوص، حيث يؤدي ارتكابها إلى انتهاك حقوق الملكية الفكرية و التأثير على جودة البحث العلمي. و لعل لجوء الطالب أو الأستاذ أو الباحث إلى السرقة العلمية مردُّه مجموعة من الأسباب يُمكن ذكر البعض منها بإيجاز على النحو التالي:

أولا: غياب الوازع الأخلاقي: تقول الأستاذة Geneviève KOUBI ” السرقة العلمية تتعارض مع علم الأخلاق” [4]، أي أن مرتكب جريمة السرقة العلمية طالبا كان أو باحثا أو أستاذاً لا أخلاق له، لأن الأخلاق ببساطة تتنافى مع الجريمة، فمن لا يملك ملكة البحث العلمي و لا يبذل مجهودًا في مجال النشر الأكاديمي ليس له أن يسطو على الإنتاج العلمي لغيره. و لهذا فالسرقة العلمية هي جريمة أخلاقية قبل أن تكون جريمة علمية.

ثانيًّا: قِصر الوقت و صعوبة البحث: من الأسباب المؤدية إلى السرقة العلمية هو الضغط الذي يعيشه الطالب أو الباحث أو الأستاذ لاستكمال بحثه مع ضيق و عدم كفاية الوقت، و كذا التسهيلات التي يوفرها العصر الرقمي…إلخ [5]. كما أن لصعوبة البحث دافعٌ أساسي في اتجاه ” المنتحِل ” إلى السطو على أبحاث غيره و مجهوداتهم الفكرية، لتجاوز تلك الصعوبات و التقدم السريع في إنجاز بحثه أو رسالته.

ثالثا: عدم إلمام الطالب أو الباحث بالأساليب الصحيحة للبحث العلمي: أي عدم معرفة الطالب بالطرق والمناهج الصحيحة لإنجاز البحوث العلمية وفقا لقواعد النزاهة الأكاديمية و الأمانة العلمية، التي تُجنبه من ارتكاب جريمة السرقة العلمية، و نتيجة جهله بتلك الطرق و المناهج يقع عن غير قصد في فخِّ السرقة العلمية.

رابعًا: السعي نحو الحصول على الترقيات و الدرجات العلمية الأعلى: إن غياب الإرادة في البحث العلمي يُشكِّلُ دافعًا قويًّا نحو ارتكاب جريمة السرقة العلمية، حيث يسعى بعض الطلبة و الباحثين و الأساتذة إلى القيام بإنجاز المذكرات و البحوث العلمية و المقالات ليس حبًّا في التأليف و القيام بالبحث العلمي، و إنما لكسب المال و الحصول على الترقية في الرتبة بالنسبة للأساتذة، أو الحصول على مستوى علمي و شهادة علمية أعلى بالنسبة للطلبة.

خامسًا: غياب ثقافة العقاب و بروز ثقافة التسامح: من الأسباب الرئيسية للسرقة العلمية في الجامعات هو التسامح مع مرتكبي هذه الجريمة، و في بعض الأحيان يكون هذا التسامح منظَّمًا، حيث يتمتع به بعض “المُنتحلين Les plagiarists ” من قِبل سُلطات الجامعة و إدارتها (رئاسة الجامعة، المجالس العلمية، لجان البحث على مستوى الجامعة … إلخ) من خلال توفير حماية قوية لهم [6] من أي محاولات متابعة إدارية أو قانونية.

و الحقيقة أن التسامح “المُنظَّم” و سياسة اللاعقاب لا يستفيد منها أعضاء هيئة التدريس بالجامعات والباحثين فقط، و إنما يشمل الطلبة في بعض الأحيان أيضا.

المطلب الثاني: حالات السرقة العلمية

نص القرار الوزاري 933 (2016) الصادر عن وزارة التعليم العالي و البحث العلمي على الحالات التي يُمكن إدراجها ضمن نطاق السرقة العلمية، حيث جاء في المادة الثالثة منه تِعدادٌ لهذه الحالات و هي:

– اقتباس كلي أو جزئي لأفكار أو معلومات أو نص أو فقرة أو مقطع من مقال منشور أو من كتب أو مجلات أو دراسات أو تقارير أو من مواقع إلكترونية أو إعادة صياغتها دون ذكر مصدرها و أصحابها الأصليين.

– اقتباس مقاطع من وثيقة دون وضعها بين شولتين و دون ذكر مصدرها و أصحابها الأصليين.

– استعمال معطيات خاصة دون تحديد مصدرها و أصحابها الأصليين.

– استعمال برهان أو استدلال معين دون ذكر مصدره و أصحابه الأصليين.

– نشر نص أو مقال أو مطبوعة أو تقرير أُنجِزَ من قِبل هيئة أو مؤسسة و اعتباره عملاً شخصيًّا.

– استعمال إنتاج فني معيَّن أو إدراج خرائط أو صور أو منحنيات بيانية أو جداول إحصائية أو مخططات في نص أو مقال دون الإشارة إلى مصدرها و أصحابها الأصليين.

– الترجمة من إحدى اللغات إلى اللغة التي يستعملها الطالب أو الأستاذ الباحث أو الأستاذ الباحث الإستشفائي الجامعي أو الباحث الدائم بصفة كلية أو جزئية دون ذكر المترجم و المصدر.

– قيام الأستاذ الباحث أو الأستاذ الباحث الإستشفائي الجامعي أو الباحث الدائم أو أي شخص آخر بإدراج إسمه في بحث أو أي عمل علمي دون المشاركة في إعداده.

– قيام الباحث الرئيسي بإدراج إسم باحث آخر لم يُشارك في إنجاز العمل بإذنه أو دون إذنه بغرض المساعدة على نشر العمل استنادًا لسمعته العلمية.

– قيام الأستاذ الباحث أو الأستاذ الباحث الإستشفائي الجامعي أو الباحث الدائم أو أي شخص آخر بتكليف الطلبة أو أطراف أخرى بإنجاز أعمال علمية من أجل تبنيها في مشروع بحث أو إنجاز كتاب علمي أو مطبوعة بيداغوجية أو تقرير علمي.

– استعمال الأستاذ الباحث أو الأستاذ الباحث الإستشفائي الجامعي أو الباحث الدائم أو أي شخص آخر أعمال الطلبة و مذكراتهم كمداخلات في الملتقيات الوطنية و الدولية أو لنشر مقالات علمية بالمجلات و الدوريات.

– إدراج أسماء خبراء و محكمين كأعضاء في اللجان العلمية للملتقيات الوطنية أو الدولية أو في المجلات و الدوريات من أجل كسب المصداقية دون علم و موافقة و تعهد كتابي من قِبل أصحابها أو دون مشاركتهم الفعلية في أعمالها.

المبحث الثاني: آليات و تدابير مكافحة جريمة السرقة العلمية في ضوء القرار الوزاري 933 (2016)

لقد نص القرار الوزاري 933 (2016) في طياته على مجموعة من التدابير في سبيل التصدي لهذه الجريمة ومكافحتها من خلال إقرار مجموعة من التدابير الوقائية منها و العقابية.

التدابير الوقائية مثل التحسيس و التوعية و تعزيز تدابير الرقابة من خلال تأسيس قاعدة بيانات رقمية … إلخ، أما التدابير العقابية فتتمثل في إصدار عقوبات في حق الطالب أو الأستاذ أو الباحث المرتكب لهذه الجريمة، منها إبطال مناقشة الرسائل و المذكرات الجامعية، و إبطال المنشورات محل السرقة من عملية التقييم، و سحبها من النشر، مع سحب اللقب الحائز عليه مُرتكب جريمة السرقة العلمية.

إن السرقة العلمية- ببساطة- تُقوِّضُ السمعة الدولية للمؤسسات الجامعية [7]، في حال تغاضي هذه المؤسسات عن التجازوات الخطيرة لقواعد العلمي و مبادئ الأمانة العلمية و النزاهة الأكاديمية، و عدم توقيع العقاب اللازم على المنتحلين.

المطلب الأول: الآليـــــات و التدابير الوقائية

جاء النص على الآليات و التدابير الوقائية في المواد 04- 07 من القرار الوزاري 933 (2016) و أهمها التحسيس و التوعية، و كذا تفعيل دور مؤسسات التعليم العالي الجزائرية في مجال تنظيم التأطير و الرقابة للحد من جريمة السرقة العلمية، و بالتبعية الحفاظ على جودة التعليم و البحث. و فيما يلي نتطرق إلى هذه الآليات على النحو التالي:

الفرع الأول: التحسيس و التوعية بخطورة جريمة السرقة العلمية

يُعَدُّ التحسيس و التوعية بخطورة جريمة السرقة العلمية على جودة التعليم من أهم التدابير المقرَّرة قانونًا بموجب القرار الوزاري 933 (2016)، حيث يكون ذلك بتنظيم دورات تدريبية لفائدة الطلبة و الأساتذة و الباحثين – لاسيما أولئك الذين يحضرون أطروحات الدكتوراه- حول القواعد الصحيحة لإجراء البحوث العلمية، و إعداد أدلة إعلامية حول مناهج التوثيق العلمي [8] عقب الدورات التكوينية و الأيام الدراسية و الندوات و الملتقيات العلمية، لتجنب الوقوع في فخ السرقة العلمية.

كما تكون التوعية بخطورة جريمة السرقة العلمية أيضًا بإدراج أخلاقيات البحث العلمي كمقياس يُدرَّس للطلبة طوال مسارهم الدراسي في مؤسسات التعليم العالي [9]، و ذلك لترسيخ هذه الأفكار و المعلومات و المكتسبات في ذهن الطالب، و تحضيره من كل الجوانب للقيام بعملية التأليف (مذكرات جامعية، مطبوعات، مقالات، مداخلات، بحوث علمية … إلخ).

كما يُمكن إدراج عبارة التعهد بالإلتزام بقواعد النزاهة [10] الأكاديمية و الأمانة العلمية في إنجاز البحوث الجامعية في بطاقة الطالب- بالنسبة للطلبة- طوال مسارهم الجامعي، مع التذكير بالإجراءات العقابية التي تُتَّخذُ ضدَّهم في حالة ثبوت جريمة السرقة العلمية في حقهم. لأن السرقة العلمية تُفجِّرُ مصداقية المؤسسات الجامعية [11].

كما يتعيَّنُ على كل طالب أو أستاذ باحث أو أستاذ باحث إستشفائي جامعي أو باحث دائم عند تسجيل موضوع بحث أو مذكرة أو أطروحة إمضاء التزام بالنزاهة العلمية، يودع لدى المصالح الإدارية المختصة لوحدة التعليم و البحث [12] في المؤسسة الجامعية المسجَّل بها، و في حالة مخالفة هذا الإلتزام تُوقَّعُ عليه العقوبات المقررة قانونا. لأن السرقة العلمية تحدٍّ للأسرة الجامعية في صميم عملها (و هو البحث العلمي) و انتهاك حقيقي لـ “ميثاق شرف” الجامعة [13].

الفرع الثاني: تفعيل دور مؤسسات التعليم العالي الجزائرية في مجال تنظيم التأطير و الرقابة

يُعدُّ كل من تنظيم التأطير و الرقابة على المنشورات و الأعمال البحثية من أهم التدابير الوقائية التي نص عليها القرار الوزاري 933 للحَدِّ من حدوث السرقات العلمية في الجامعات الجزائرية، و من هذه التدابير نذكر ما يلي:

أولا: تفعيل دور المجالس العلمية للمؤسسات الجامعية: من الواضح جدًّا أن المجالس العلمية لها دورٌ كبيرٌ في تسيير، ضبط و تنظيم التأطير في الجامعة الجزائرية، حيث تتمتع هذه المجالس بصلاحيات واسعة في مجال الرقابة على المذكرات و الرسائل و البحوث العلمية.

لكن هذه الأدوار و الصلاحيات المُسندة للمجالس العلمية لم تكن مفعَّلة بشكل كامل إلى غاية صدور القرار الوزاري 933 (2016)، الذي أعاد تفعيل دورها في مجال تنظيم التأطير و الرقابة لتفادي الغش الأكاديمي و السرقة العلمية، و ذلك من خلال [14]:

– تحديد عدد الرسائل و الأطروحات التي يُمكن أن يُشرف عليها كل أستاذ بـستة (06) في مجال العلوم و التكنولوجية، و تِسعة (09) في ميدان العلوم الإنسانية، و هذا حتى يستطيع المشرف متابعة كل مراحل إعداد و كتابة الأطروحة أو المذكرة، و بالتالي منع الطالب من الوقوع في فخ السرقة العلمية.

– احترام تخصص الأستاذ في مجال الإشراف على نشاطات البحث، و كذا في مجال التعيين في لجان الخبرة و المناقشة، لأن ذلك من شأنه أن يعمل على اكتشاف الغش الأكاديمي في حالة ارتكابه من قِبل الطالب.

– إنشاء قاعدة بيانات خاصة بعناوين الأطروحات و المذكرات و موضوعاتها، بحيث يستند عليها الطالب في اختيار موضوع لم يسبق تناوله من قبل، و ذلك من أجل تجنُّب عملية النقل و السرقة العلمية، و إلزامه بالإمضاء على ميثاق الأطروحة، و كذا تقديم تقرير سنوي- من قبل الطالب أو الأستاذ أو الباحث- عن حالة تقدُّم أعمال بحثه أمام الهيئات العلمية المختصة من أجل متابعته و تقييمه، مع إجباره على بذل جهدٍ أكبر في رفع النسبة المئوية للتقدم في البحث.

هذه إذن بعض الإجراءات التي وردت في طيات القرار الوزاري 933 (2016) و التي بتطبيقها يتم الرقي بالبحث العلمي في الجامعة الجزائرية إلى أفضل المستويات، و نبذ كل أعمال الغش الأكاديمي و السرقة العلمية، لأن هذه الأخيرة تُؤثِّرُ سلبًا على جودة التعليم و البحث العلمي.

ثانيًّا: التزام مؤسسات التعليم العالي باتخاذ تدابير رقابية فعالة: بالإضافة إلى تفعيل دور المجالس العلمية بالمؤسسات الجامعية للحدِّ من السرقة العلمية و مكافحتها، يجب على مؤسسات التعليم العالي اتخاذ تدابير و إجراءات رقابية مكملة جاء النص عليها في طيات القرار الوزاري 933 (2016) و منها [15]:

– تأسيس قاعدة بيانات رقمية، على مستوى كل مؤسسة جامعية، تتضمن كل الأعمال المنجزة من قِبل الطلبة و الأساتذة والباحثين، حيث تعمل قاعدة البيانات هذه على كشف كل تكرار للموضوعات أو حدوث سرقات علمية.

– تأسيس قاعدة بيانات رقمية للأساتذة و الباحثين تشمل سيرهم الذاتية، منشوراتهم، مجالات اهتماماتهم العلمية و تخصصاتهم، للإستعانة بهم في مجال تقييم أنشطة البحث العلمي ذات الصلة بتخصصاتهم، لتحسين الجودة في مجال البحث العلمي في الجامعة الجزائرية.

– الإستعانة ببرامج كشف الإنتحال الأكاديمي و السرقة العلمية [16]من خلال شراء حقوق استعمال هذه البرامج أو استغلال تلك البرامج المجانية المتوفرة على الشبكة العنكبوتية، مع العلم أن البرامج المجانية أكثر فعالية من البرامج المشفَّرة، أو إنشاء برنامج معلوماتي جزائري كاشف للسرقة العلمية و الغش الأكاديمي باللغة العربية و اللغات الأجنبية الأخرى الأكثر استعمالاً كالفرنسية و الإنجليزية.

ما تجدر الإشارة إليه أخيرًا هو ضرورة ربط قواعد البيانات الرقمية الخاصة بكل مؤسسة جامعية بباقي المؤسسات الجامعية الأخرى- عن طريق شبكة اتصالات داخلية- بشكلٍ يُؤدي إلى إنشاء قاعدة بيانات و معطيات رقمية وطنية يتعذر معها القيام بعمليات السرقة العلمية و الإنتحال الأكاديمي.

المطلب الثاني: الآليات و التدابير العقابية

لمَّا كانت الآليات الوقائية غير كافية للحدِّ من جريمة السرقة العلمية كان لابد من إقرانها بآليات عقابية، لإعطائها قوة ردعٍ أكبر، و أهم هذه الآليات إنشاء مجلس آداب و أخلاقيات المهنة الجامعية على مستوى كل مؤسسة جامعية، حيث يقوم هذا المجلس بمباشرة إجراءات النظر في الإخطارات عن السرقات العلمية و توقيع العقوبات على مرتكبيها. و فيما يلي تفصيل كل هذا على النحو التالي:

الفرع الأول: نظرة حول مجلس آداب و أخلاقيات المهنة الجامعية

نص القرار الوزاري 933 (2016) على ضرورة إنشاء مجلس آداب و أخلاقيات المهنة الجامعية [17] على مستوى كل المؤسسات الجامعية و مؤسسات البحث الجزائرية، فما هو هذا المجلس؟ و ما هي مهامه؟.

أولا: تعريفه: مجلس آداب و أخلاقيات المهنة الجامعية هو هيئة تتكون من عشرة (10) أعضاء من مختلف التخصصات، يتم اختيارهم من بين الأساتذة الدائمين و الأساتذة الباحثين الناشطين على مستوى المؤسسة الجامعية، لعهدة من أربع (04) سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، و يرأسه شخصية علمية ذي سمعة مؤكدة و من ذوي الرتب العلمية الأعلى في المؤسسة الجامعية، ويُقدِّمُ المجلس حصيلة سنوية عن نشاطاته لمسؤول المؤسسة الجامعية.

ثانيًّا: مهامه: نص القرار الوزاري 933 (2016) على المهام الموكلة لمجلس آداب و أخلاقيات المهنة الجامعية و هي[18] :

– إجراء التحقيقات و التحريات بشأن كل إخطار عن وجود سرقة علمية، و تقدير درجة عدم الإلتزام بمبادئ البحث العلمي.

– إحالة كل حالة تتعلق بالسرقة العلمية على الجهات الإدارية المختصة في المؤسسة، و تقدير درجة الضرر اللاحق بهذه الأخيرة و هيئاتها العلمية.

الفرع الثاني: مباشرة إجراءات النظر في الإخطار عن السرقة العلمية

سبق القول أن مجلس آداب و أخلاقيات المهنة الجامعية بالمؤسسة الجامعية يقوم بدراسة كل إخطار بشأن السرقة العلمية، و إجراء التحقيقات اللازمة حول ذلك (م 13)، فما مضمون هذه الإجراءات بالنسبة للطالب أولاً، و بالنسبة للأستاذ ثانيًّا؟.

أولاً: إجراءات النظر في الإخطار عن السرقة العلمية بالنسبة للطالب: نص القرار الوزاري 933 (2016) عن إجراءات النظر في الإخطار بالنسبة للطالب الجامعي [19]، حيث يُمكن لأيِّ شخصٍ أن يُبلِّغ بوقوع سرقة علمية من قِبل طالبٍ ما، و يتمُّ ذلك بتقرير كتابي مفصَّل و مرفق بكل الوثائق و الأدلة المادية حول السرقة العلمية يُقدَّم إلى مسؤول وحدة التعليم و البحث، هذا الأخير يقوم بإحالة الملف فورا إلى مجلس آداب و أخلاقيات المهنة الجامعية لدراسته و إجراء التحقيقات و التحريات اللازمة بشأنه وفقا للإجراءات المنصوص عليها قانونًا.

بعد دراسة ملف الطالب المتهم بالسرقة العلمية يقوم مجلس آداب و أخلاقيات المهنة الجامعية بتقديم تقريره النهائي إلى مسؤول وحدة التعليم و البحث للمؤسسة الجامعية، في أجلٍ لا يتعدَّى 15 يومًا من تاريخ الإخطار بالواقعة.

فإذا تضمن التقرير، المقدَّم من قبل مجلس آداب و أخلاقيات المهنة الجامعية، ثبوت السرقة العلمية يُحال الطالب على مجلس تأديب الوحدة بعد إعلامه كتابيا، من قِبل مسؤول وحدة التعليم، بالوقائع المنسوبة إليه و الأدلة المادية الثبوتية ذات الصلة بالسرقة العلمية.

يجتمع مجلس تأديب وحدة التعليم و البحث في الآجال المقررة قانونا للفصل في الوقائع المعروضة أمامه، حيث يقوم أحد أعضاء مجلس آداب و أخلاقيات المهنة الجامعية بتقديم تقريره، الذي يجب أن يتضمن كافة الوقائع المنسوبة للطالب و كذا الأدلة الدامغة التي تُدينه و تُثبت وقوع جريمة السرقة العلمية.

بعد انتهاء عضو مجلس آداب و أخلاقيات المهنة الجامعية تُحال الكلمة للطالب المتهم بارتكاب جريمة السرقة العلمية للدفاع عن نفسه، حيث يجب أن يمثُل شخصيًّا أمام مجلس التأديب، كما يُمكنه إحضار شخص لمرافقته في الدفاع عن نفسه، على أن يتم إخطار مسؤول وحدة التعليم و البحث كتابيًّا قبل انعقاد مجلس التأديب بثلاثة (03) أيام على الأقل وإن تعذَّر عليه الحضور لأسباب مبرَّرة يُمكن تمثيله من قبل مدافعه، على أن يقوم بتقديم ملاحظاته و دفوعه كتابيًّا قبل انعقاد مجلس التأديب بثلاثة (03) أيام على الأقل.

بعد الإستماع إلى تقرير مجلس آداب و أخلاقيات المهنة الجامعية و دفوع الطالب المتهم و ملاحظاته يتم تسجيل الوقائع في محضر يُحول إلى مجلس تأديب وحدة التعليم و البحث للفصل في وقوع السرقة العلمية في الآجال المقرَّرة قانونا.

بعد صدور العقوبات من قِبل مجلس تأديب الوحدة، يُمكن للطالب الطعن في القرار الصادر في حقه أمام مجلس تأديب المؤسسة، وفقا للإجراءات المنصوص عليها قانونًا.

ثانيًّا: إجراءات النظر في الإخطار عن السرقة العلمية بالنسبة للأستاذ: نص القرار الوزاري 933 (2016) عن إجراءات النظر في الإخطار بالنسبة للأستاذ [20]، حيث يُمكن لأي شخصٍ أن يُبلغ عن وجود سرقة علمية، و يتمُّ ذلك بتقرير كتابي مفصَّل و مرفق بكل الوثائق و الأدلة حول السرقة العلمية مقدَّم إلى مسؤول وحدة التعليم و البحث، هذا الأخير يقوم بإحالة الملف فورًا إلى مجلس آداب و أخلاقيات المهنة الجامعية لدراسته وفقا للإجراءات المنصوص عليها قانونًا.

بعد دراسة ملف الأستاذ المتهم بالسرقة العلمية و إجراء التحقيقات و التحريات اللازمة يقوم مجلس آداب و أخلاقيات المهنة الجامعية بتقديم تقريره النهائي إلى مسؤول وحدة التعليم و البحث للمؤسسة الجامعية، في أجلٍ لا يتعدَّى 15 يومًا من تاريخ الإخطار بالواقعة.

في حالة ما إذا تضمن التقرير النهائي لمجلس آداب و أخلاقيات المهنة الجامعية للمؤسسة ثبوت وقوع السرقة العلمية، يتولى مدير المؤسسة إخطار اللجنة المتساوية الأعضاء في الآجال المحدَّدة قانونًا، و التي نصت عليها المادة 166 من الأمر 06/03 ، و إبلاغ الأستاذ كتابيًّا بالأخطاء المنسوبة إليه، مع حقه في الإطلاع على محتويات ملفه التأديبي بالكامل.

بعد تبليغه، بالبريد الموصى عليه مع وصل استلام، يمثُل الأستاذ المتهم بالسرقة العلمية أمام اللجنة المتساوية الأعضاء في أجل 15 يوما من تاريخ تحريك الدعوى التأديبية ضده.

تستمعُ اللجنة المتساوية الأعضاء إلى التقرير الذي يقدمه أحد أعضاء مجلس آداب و أخلاقيات المهنة الجامعية للمؤسسة، و الذي يجب أن يتضمَّن كافة الوقائع المنسوبة و الأدلة المادية التي سمحت بالتأكد من صحة وقوع السرقة العلمية. ثم يتمُّ بعدها الإستماع إلى الأستاذ المتهم للدفاع عن نفسه بشأن الوقائع المنسوبة إليه.

يجب أن يمثُل الأستاذ المتهم أمام اللجنة المتساوية الأعضاء، مع إمكانية تقديم ملاحظاته كتابيا أو شفويا، و في حالة تعذُّر عليه ذلك له أن يستعين، بعد تقديمه التماسا من اللجنة المتساوية الأعضاء المختصة، بمدافع أو بموظف يختاره بنفسه للدفاع عنه، مع تقديم مبرَّر كافي و مقبول لغيابه قبل ثلاثة أيام (03) من انعقاد اللجنة.

كما يجب على الأستاذ المتهم، في حالة غيابه لقوة قاهرة، أن يُخطِرَ كتابيا اللجنة المتساوية الأعضاء بأسماء الأشخاص الذين يختارهم للدفاع عنه أو تمثيله قبل انعقادها بثلاثة (03) أيام.

تقوم اللجنة عند انعقادها بتسجيل الوقائع المنسوبة للأستاذ المتهم، كما وردت في تقرير مجلس آداب و أخلاقيات المهنة الجامعية، إضافة إلى دفوع الأستاذ المتهم و ملاحظاته في محضر استماع.

بعد صدور العقوبة التأديبية في حق الأستاذ المنتحل يتم تبليغه بالقرار المتَّخذ ضده في أجل 08 أيام من اتخاذ القرار، و يُحفَظُ في ملفه الإداري، على أنه يُمكن للأستاذ الطعن في القرار الصادر ضده أمام لجنة الطعن المختصة، وفقّا للشروط و الآجال المنصوص عليها قانونًا.

الفرع الثاني: توقيع العقوبات على مرتكبي جريمة السرقة العلمية

في سبيل الحد من جريمة السرقة العلمية و تأثيراتها السلبية على جودة التعليم و البحث و كذا سُمعة الجامعة الجزائرية ككل، تمَّ النص في طيات القرار 933 (2016) على العقوبات المقررة في حق الطالب أو الأستاذ المرتكب لجريمة السرقة العلمية، الواردة حالاتها في نص المادة 03 من القرار السالف الذكر. فما مضمون هذه العقوبات؟؟.

أولاً: العقوبات المقررة في حق الطلبة مرتكبي جريمة السرقة العلمية: بالإضافة إلى العقوبات المقررة في التشريعات ذات الصلة بالجانب التأديبي للطلبة، لاسيما القرار الوزاري رقم 371 (2014)[21]، فإن الطالب المُرتكب لجريمة السرقة العلمية يتعرض لعقوبات تأديبية إذا ما ارتكب إحدى الحالات الواردة في نص المادة 03 من القرار الوزاري 933 (2016)، و التي تُشكِّل سرقة علمية، حيث يتمُّ إبطال مناقشة الطالب لمذكرة الليسانس أو الماستر أو الماجستير أو الدكتوراه، و سحب اللقب الحائز عليه من وراء مناقشته إحدى رسائل التخرج السالفة الذكر (م 35).

ثانيًّا: العقوبات المقررة في حق الأساتذة مرتكبي جريمة السرقة العلمية: بالإضافة إلى العقوبات المقررة في حق الأستاذ بموجب الأمر 06/03 [22]، باعتباره موظفا عموميًّا، فإن القرار الوزاري 933 (2016) نص على العقوبات المكملة التي تُسلَّط على الأستاذ الجامعي الذي يرتكب إحدى الحالات الواردة في المادة 03 من القرار السالف الذكر، و التي تُشكل سرقة علمية ذات صلة بإعداد مذكرات الماجستير أو الدكتوراه أو مختلف النشاطات العلمية و البيداغوجية أو أعمال التأهيل الجامعي أو أية منشورات علمية … إلخ، قلنا تُسلَّطُ عليه عقوبات قانونية و إدارية منها إبطال المناقشة و سحب اللقب الحائز عليه، أو وقف نشر تلك الأعمال أو سحبها من النشر (م 36).

خاتمة:

نخلص من كل ما تقدَّم إلى القول أن السرقة العلمية جريمة تتنافى مع مبدأ حماية حقوق المؤلف المقررة قانونا و دستورا، و من ثمة ارتكاب هذه الجريمة هو خرق، في الصميم، لحقوق الملكية الفكرية المصونة بتشريعات داخلية و دولية.

و انطلاقا من كل هذا يجب توقيع عقوبات قانونية و إدارية، ولما لا عقوبات قضائية صارمة على مُرتكبي هذه الجريمة، لأن ارتكابها يضرب بعمق المنظومة الجامعية، و يمُسُّ بمصداقية و سمعة الجامعة الجزائرية، و بالتالي التأثير سلبًا على جودة التعليم العالي و أصالة البحث العلمي.

و في سبيل مكافحة هذه الجريمة و تطويق أسباب وقوعها نُقدِّمُ بعض المقترحات و التوصيات:

– تأسيس هيئة وطنية متخصصة لمحاربة ظاهرة السرقات العلمية في الجزائر، تعمل على مسح البحوث العلمية و الرسائل الجامعية إلكترونيًّا و ورقيًّا لاكتشاف الإنتحال الأكاديمي، و إجراء تقارير خبرة حول مختلف المنشورات العلمية و الرسائل الجامعية.

– التخلي عن ثقافة التسامح في الجامعة الجزائرية مع مُرتكبي جرائم السرقة العلمية، و إحلال العقاب الإداري و القانوني محلها، حتى يرتدع كلُّ من تُسوِّل له نفسه ارتكاب هذه الجريمة، و السطو على حقوق و مجهودات الآخرين.

– تفعيل دور اللجان العلمية و المجالس العلمية للكليات و الجامعات، و ذلك بإلزام كل باحث أو أستاذ أو طالب بتقديم تقرير مفصَّل عن كلِّ تقدُّم في مجال تحرير الرسائل و المؤلفات، و اعتماد الأساليب العلمية في التعامل مع أفكار الآخرين، و إنجاز البحوث العلمية بطرق صحيحة.

– تخصيص جائزة سنوية لكل بحثٍ أو دراسة أصيلة، تخلو من السرقة العلمية و الإنتحال الأكاديمي، و تُساعد في تقديم الإضافة للمكتبة الجامعية الجزائرية.

– اعتماد برامج إلكترونية في كل الجامعات الوطنية لمسح كل البحوث و الرسائل الجامعية قبل عرضها للنشر و المناقشة، للتأكد من مدى مطابقتها لقواعد النزاهة الأكاديمية و الأمانة العلمية.

قائمة المراجع

– أولا: باللغة العربية:

– هيفاء مشعل الحربي، ميساء التشمي الحربي، برمجيات كشف السرقة العلمية (دراسة وصفية تحليلية)، دراسة تحت إشراف الدكتورة بدوية البسيوني، جامعة طيبة، 2014-2015.

– الأمر 06/03، المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية، و المؤرخ في 15 جويلية 2006، الصادر في الجريدة الرسمية 46، بتاريخ 16 جويلية 2006.

– القرار رقم 933، المحدد للقواعد المتعلقة بالوقاية من السرقة العلمية و مكافحتها، و الصادر عن وزارة التعليم العالي و البحث العلمي بتاريخ 28 جويلية 2016.

– القرار الوزاري 371، المتضمن إحداث المجالس التأديبية في مؤسسات التعليم العالي، و المؤرخ في 11 جوان 2014م.

– ثانيًّا: باللغة الفرنسية:

– Geneviève KOUBI, S’interroger sur le plagiat dans les recherches universitaires et scientifiques, Le plagiat de la recherche scientifique, ouvrage collectif sous la direction de Gilles J. Guglielmi et Geneviève Koubi avec la collaboration de Jean-Noël Darde, Hélène Maurel-Indart et Mathieu Touzeil-Divina, éditions L.G.D.J, 2011.

– Jean-Noël Darde, La tolérance au plagiat et la protection des plagiaires, parmi les causes principales du plagiat universitaire, In : www. archeologie-copier-coller.com/?p=13295

– Jean-Noël Darde, À propos de l’enquête sur la fraude scientifique, In : www. archeologie-copier-coller.com/?p=12449

[1] – Jean-Noël Darde, La tolérance au plagiat et la protection des plagiaires, parmi les causes principales du plagiat universitaire, In : www. archeologie-copier-coller.com/?p=13295

[2] – Ibid.

[3] – القرار رقم 933، المحدد للقواعد المتعلقة بالوقاية من السرقة العلمية و مكافحتها، و الصادر عن وزارة التعليم العالي و البحث العلمي بتاريخ 28 جويلية 2016، ص 03.

[4] – Geneviève KOUBI, S’interroger sur le plagiat dans les recherches universitaires et scientifiques, Le plagiat de la recherche scientifique, ouvrage collectif sous la direction de Gilles J. Guglielmi et Geneviève Koubi avec la collaboration de Jean-Noël Darde, Hélène Maurel-Indart et Mathieu Touzeil-Divina, éditions L.G.D.J, 2011, p 02.

[5] – Jean-Noël Darde, op.cit.

[6] – Ibid.

[7] – Jean-Noël Darde, À propos de l’enquête sur la fraude scientifique, In : www. archeologie-copier-coller.com/?p=12449

– « Le plagiat remet en cause la réputation internationale des établissements universitaires… ».

[8] – راجع نص المادة 04/01، 02، 04 من القرار الوزاري 933.

[9] – راجع نص المادة 04/03 من القرار الوزاري 933.

[10] – راجع نص المادة 04/05 من القرار الوزاري 933.

[11] – Jean-Noël Darde, À propos de l’enquête sur la fraude scientifique, op.cit.

– « Il (Le plagiat) mine la crédibilité de l’institution universitaire … ».

[12] – راجع نص المادة 07 من القرار الوزاري 933.

[13] – Jean-Noël Darde, À propos de l’enquête sur la fraude scientifique, op.cit.

– « … Le plagiat interpelle la communauté universitaire dans l’essence même de son métier… [il est] une véritable atteinte au « code d’honneur » de l’université ».

[14] – راجع نص المادة 05 من القرار الوزاري 933 (2016).

[15] – راجع نص المادة 06 من القرار الوزاري 933 (2016).

[16] – لمزيد من التوسع حول برامج كشف السرقات العلمية أنظر:

– هيفاء مشعل الحربي، ميساء التشمي الحربي، برمجيات كشف السرقة العلمية (دراسة وصفية تحليلية)، دراسة تحت إشراف الدكتورة بدوية البسيوني، جامعة طيبة، 2014-2015، ص ص 01-45.

[17] – راجع المواد من 08- 12 من القرار الوزاري 933 (2016).

[18] – راجع نص المادة 13 من القرار الوزاري 933 (2016).

[19] – راجع نص المواد 16- 25 من القرار الوزاري 933 (2016).

[20] – راجع نص المواد 26- 34 من القرار الوزاري 933 (2016).

[21] – راجع القرار الوزاري 371 المتضمن إحداث المجالس التأديبية في مؤسسات التعليم العالي، و المؤرخ في 11 جوان 2014م.

[22] – راجع نص المواد من 168 إلى 172 من الأمر 06/03، المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية، و المؤرخ في 15 جويلية 2006، الصادر في الجريدة الرسمية 46، بتاريخ 16 جويلية 2006.