بحث قانوني هام عن آثار اندماج الشركات بالنسبة للدائنين وحملة الأسهم

آثار الاندماج بالنسبة للدائنين وحملة الأسهم

ان الاندماج يرتب آثاراً بالغة الأهمية بالنسبة للدائنين، اذ يؤثر على حقوق دائني الشركة المندمجة اذ تنقضي وتحل شركة أخرى محلها وهي الشركة الدامجة أو الجديدة، كما يؤثر على دائني الشركة الدامجة فقد يزيد من ضمانهم العام اذا كانت الشركة الدامجة موسرة، وقد يؤدي على النقيض إلى الاضرار بهم ويعرضهم للمخاطر اذا كانت تلك الشركة معسرة، بسبب اشتراك دائنيها في التنفيذ على موجودات الشركة الدامجة.
وهذه الآثار لابد لنا من بحثها بشكل مفصل، ولهذا فسنتناول الحديث في هذا الموضوع مبحثين؛
المبحث الأول: آثار الاندماج بالنسبة للدائنين.
المبحث الثاني: آثار الاندماج بالنسبة لحملة السندات.

المبحث الأول
آثار الاندماج بالنسبة للدائنين

لقد عالج المشرع في فرنسا ومصر مركز الدائنين، ويظهر من الحلول التي تبناها أنه نظر الى الاندماج باعتباره انتقالاً شاملاً لأصول وخصوم الشركة المندمجة إلى الشركة الدامجة أو الجديدة، كما يظهر من هذه الحلول أنه قد حرص على توفير الحماية للدائنين؛ وخاصة ذائني الشركة المندمجة.
ولم يعالج المشرع الفرنسي في قانون الشركات القديم الصادر سنة 1867 حقوق الدائنين في حالة الاندماج، ولذلك كان عقد الاندماج يتضمن في الغالب كيفية سداد ديون الشركة المندمجة حفاظاً على حقوق الدائنين. وفي حالة الاتفاق على تصفية ديون الشركة المندمجة قبل فنائها وانتقال موجوداتها صافية إلى الشركة الدامجة أو الجديدة، فإن الشركة المندمجة تظل هي المسؤولة عن الوفاء بالديون، ويقوم المصفي بأداء الحال منها. والاحتفاظ بجانب من الأصول أو بمبلغ من المال يكفي لسداد غير الحال. غير أنه في حالة عدم كفاية الموجودات المخصصة لسداد الديون فان من حق الدائنين المطالبة ببطلان الاندماج أو المطالبة بعدم نفاذه في حقهم تطبيقاً لأحكام الدعوى البوليصية.

ولا يخفى أن هذا الحل، والذي علق الاندماج على موافقة دائني الشركة المندمجة، يمثل عقبة كبيرة أمام تحقيق اندماج الشركات. ولهذا فقد صدر قانون الشركات الجديد في فرنسا عام 1966 وحسم هذا الأمر. إذ قررت المادة 381/1 منه مسئولية الشركة الدامجة عن كافة ذيون الشركة المندمجة. وهذا يعني أن الشركة الدامجة أو الجديدة هي التي تضمن الوفاء بجميع الديون.

واضافة لهذا فلم يغفل المشرع الفرنسي عن اغفال نقطة في غاية الأهمية، ألا وهي حالة ما إذا كانت الشركة الدامجة معسرة، فوفقاً للمادة 381/2 من قانون الشركات الفرنسي يجوز لدائني الشركات الداخلة في الاندماج الذين نشأت حقوقهم قبل نشر مشروع الاندماج الاعتراض على الاندماج خلال مدة الثلاثين يوماً التالية لتاريخ شهر الاندماج. ويجوز للمحكمة المختصة رفض الاعتراض أو الأمر بالوفاء المعجل بحق الدائنين المعترضين أو بتقديم ضمانات كافية للوفاء بها في مواعيد استحقاقها. وفي حالة عدم امتثال الشركة الدامجة للأمر الصادر من المحكمة، فلا يحتج بالاندماج في مواجهة الدائنين المعترضين، سنداً لنص المادة 381/3 من قانون الشركات الفرنسي.

أما في مصر فلم ينظم المشرع المصري في القانون القديم حقوق الدائنين، حيث أن الفكرة التي كانت سائدة هي الالتفات إلى ما يتناوله عقد الاندماج، حيث لم تكن الصورة واضحة بخصوص الانتقال الشامل للذمة المالية. فإما أن يتضمن عقد الاندماج كيفية سداد ديون الشركة المندمجة حفاظاً على حقوق الدائنين، وفي هذه الحالة يتم الاتفاق على تصفية ديون الشركة المندمجة قبل فنائها وانتقال موجوداتها صافية إلى الشركة الدامجة أو الجديدة، فإن الشركة المندمجة تظل هي المسؤولة عن الوفاء بالديون، ويقوم المصفي بأداء الحال منها. والاحتفاظ بجانب من الأصول أو بمبلغ من المال يكفي لسداد غير الحال. غير أنه في حالة عدم كفاية الموجودات المخصصة لسداد الديون فان من حق الدائنين المطالبة ببطلان الاندماج أو المطالبة بعدم نفاذه في حقهم. وقد يتضمن عقد الاندماج انتقال كافة أصول وخصوم الشركة المندمجة إلى الشركة الدامجة أو الجديدة، فتلتزم هذه الشركة عندئذ بالوفاء بالديون التي كانت على الشركة المندمجة.

ولقد تضمن قانون الشركات المصري الجديد عام 1981 مبدأ مسئولية الشركة الدامجة أو الجديدة عن ديون الشركة المندمجة، وهذا ما يستفاد من نص المادة 132 منه. وعليه لا يجوز للشركة الدامجة أو الجديدة أن تتحلل من ديون الشركة المندمجة، بحجة ان عقد الاندماج يتضمن شرطاً يقضي بتحديد مسئوليتها عن الديون، لأن هذا التحديد يجب أن يقتصر أثره في مواجهة الشركات الداخلة في الاندماج ولا يسري في حق الدائنين.

وفي ما يقابل حق الدائنين في الاعتراض الذي ذكرناه في القانون الفرنسي، فإن المشرع المصري يجيز لدائني الشركة المندمجة أن يطلبوا من المحكمة تقرير ضمانات في مواجهة الشركة الدامجة. ولكن التنظيم القانوني لحقوق الدائنين لدى المشرع المصري يختلف من بعض الوجوه عن المشرع الفرنسي، إذ أن المشرع المصري لا يجيز الاعتراض على الاندماج إلا لدائني الشركة المندمجة، بينما المشرع الفرنسي لا يفرق بين دائني الشركة المندمجة والشركة الدامجة، ومن ناحية أخرى فإن المشرع المصري لا ينظم أي وسيلة من وسائل شهر مشروع الاندماج ولا يحدد مدة معينة يجب على من يرغب من الدائنين تقديم طلب انشاء الضمانات خلالها، على عكس المشرع الفرنسي الذي حدد تلك المدة.

المبحث الثاني
آثار الاندماج بالنسبة لحملة السندات

السندات هي صكوك متساوية القيمة وقابلة للتداول تمثل قرضاً طويل الأجل يعقد عن طريق الاكتتاب العام. ويعتبر حامل السند دائناً للشركة يختلف مركزه عن مركز المساهم.
وقد اعترف المشرع الفرنسي في قانون الشركات الجديد لحملة السندات بصفة الجماعة، حيث أوجب انشاء حماعة تضم حملة السندات ذات الاصدار الواحد للدفاع عن مصالحهم المشتركة، معترفاً لها بالشخصية المعنوية. وقد منح المشرع الفرنسي الجمعية العامة غير العادية لحملة السندات النظر في كل اقتراح يتعلق بتعديل عقد القرض، وبصفة خاصة اقتراح اندماج الشركة المصدرة، فاذا وافقت الجمعية على مشروع الاندماج تصبح الشركة الدامجة او الجديدة مدينة بقيمة السندات بالشروط التي يحددها المشروع. أما في حالة عدم اكتمال النصاب القانوني اللازم لصحة الاجتما أو عدم الموافقة على مشروع الاندماج فلا يكون أمام الشركة المدينة الراغبة بالاندماج إذا أرادت الاستمرار بالاندماج إلا أن تقوم بتعجيل الوفاء بقيمة السندات في خلال الثلاثة أسهر التالية لوقوع الاندماج. وفي حالة عدم البطلان الفوري فإن قرار الاندماج يكون معرضاً للبطلان. وهذا ما كان عليه الحال لدى صدور قانون الشركات الفرنسي الجديد، إلا أن المشرع ارتئا تعديل القانون ومنح الشركة المدينة بقيمة السندات والراغبة في الاندماج أحد حلين:

أولاً: أجاز للشركة أن تعرض مشروع الاندماج على الجمعية العامة لحملة السندات، فإذا وافقت الجمعية العامة على مشروع الاندماج فإن الشركة الدامجة او الجديدة تصبح مدينة بقيمة السندات بالشروط التي يحددها مشروع الاندماج. وفي حالة عدم اقرار الجمعية العامة غير العادية لحملة سندات الشركة المندمجة مشروع الاندماج، وفي حالة عدم اكتمال النصاب القانوني للاجتماع، يجوز لمجلس ادارة الشركة المندمجة أو للمديرين أن يقرروا الاستمرار في اجراءات الاندماج. وتحل الشركة الدامجة أو الجديدة محل الشركة المندمجة فتصبح مدينة لأصحاب السندات بالشروط التي يحددها عقد القرض الذي أصدرت الشركة بمقتضاه السندات. ومن حق حملة السندات في هذه الحالة الاعتراض على الاندماج، ولكن بشكل جماعي عن طريق ممثل تختاره الجمعية العامة لهم. وهنا يجوز للمحكمة أن ترفض الاعتراض أو تأمر بتعجيل الوفاء بقيمة السندات أو بانشاء ضمانات كافية حسب الأحوال.

ثانياً: للشركة المندمجة أن تعرض الوفاء الفوري بقيمة السندات لمن يرغب من حملة السندات في استرداد قيمتها قبل حلول الأجل، وهذا في حالة وجود السندات القابلة للتحويل إلى أسهم أو السندات القابلة للمقايضة بالأسهم.
وقد جرى المشرع المصري على نهج المشرع الفرنسي بخصوص انشاء جماعة لحملة السندات، بيد أنه لم يتناول حقوق حملة السندات في حالة حل الشركة قبل موعدها بسبب الاندماج أو لغيره من الأسباب، إلا أن اللئحة التنفيذية للقانون لم تجز للشركة رد قيمة السندات إلى حملتها قبل انتهاء مدة القرض، ما لم ينص قرار اصدار السندات ونشره على خلاف ذلك. ومع ذلك يكون لحملة السندات أن يطلبوا أداء قيمة سنداتهم قبل انتهاء المدة المقررة للقرض كما يجوز للشكرة أن تعرض عليهم ذلك في حالة حل الشركة قبل موعدها لغير سبب الاندماج.

وتصبح الشركة التي يتم الاندماج فيها مدينة بقيمة هذه السندات وفوائدها من تاريخ تمام الاندماج. فإذا لم يبد حملة السندات كلهم أو بعضهم رغبتهم في الاسترداد خلال المدة السابقة، احتفظوا بالضمانات والأولويات المقررة لهم في مواجهة الشركة الدامجة وذلك في الحدود المقررة في عقد الاندماج.