_ يأتي العرف في المرتبة الثانية بعد التشريع فهو يكمل التشريع ، وهو أحياناً يعاونه أو يفسره وفي حالات آخرى يخالفه . ويختلف دور العرف حسب الفرع الذي ينتمي اليه من فروع القانون وبحسب النظام القانوني .

_ أولاً : العرف المكمل للتشريع : 

تحيل المادة الأولى من القانون المدني الى العرف كمصدر رسمي للقانون يرجع اليه القاضي اذا لم يجد نصاً تشريعياً أو حكماً في الشريعة الاسلامية يحكم النزاع المعروض أمامه ، فالعرف يسد الفراغ التشريعي ويكمل ما فيه من نقص . ولا يجوز اللجوء الى العرف الا اذا لم يوجد نص تشريعي . مثال ذلك :

في حالة العقود غير المسماة التي لم يرد لها تنظيم في التشريع كعقد الاقامة في الفندق ودخول الملاهي والمسارح . كذلك العرف المنظم للمسائل التجارية و أبرز مثال لها عمليات البنوك كفتح الحساب الجاري والاعتماد المستندي . ومن أمثلة العرف المكمل للتشريع ما تقضي به المحاكم من أن الأثاث الذي يوجد في منزل الزوجية يعتبر مملوكاً للزوجة .

_ ثانياً : العرف المعاون للتشريع : 

عند تنظيم التشريع لموضوع معين قد يقوم بالاحالة الى العرف أو العادات لتحديد وتفصيل وتفسير بعض المسائل اللازمة لتطبيقه ، وهنا يساعد العرف التشريع . مثال ذلك احالة التشريع الى العرف لتحديد مفهوم ملحقات الشئ المبيع اذ ينص القانون المدني على أن ” التسليم يشمل ملحقات الشئ المبيع وكل ما أعد بصفة دائمة لاستعمال هذا الشئ وذلك طبقاً لما تقضي به طبيعة الاشياء وعرف الجهة وقصد المتعاقدين ” . ومن ذلك أيضاً النص على تحمل المستأجر الترميمات التأجيرية أي البسيطة التي يقضي بها العرف مثل الخلل الذي قد يحدث بتوصيلات المياه والكهرباء وأعمال البياض داخل الشقة . 

_ ثالثاً : العرف المخالف للتشريع : 

قد يسمح التشريع مباشرة للعرف بأن يخالفه في بعض المسائل الفرعية باعتباره أكثر اتفاقاً مع حاجات التعامل ومتطلبات الواقع في هذا المجال . ونتيجة لأن العرف يأتي في المرتبة الثانية بعد التشريع فانه لا يستطيع أن يخالف أو يلغي نصاً تشريعياً آمراً في نفس المجال الا اذا سمح هذا النص بذلك ، بخلاف التشريع الذي يمكن له أن يعدل العرف أو يلغيه . ولكن العرف يستطيع أن يخالف قاعدة مكملة لان طبيعة هذه القاعدة تسمح بذلك اذ هي لا تطبق الا اذا لم يتفق الأفراد علي ما يخالفها . والعرف يعتبر اتفاق ضمني من قبل أفراد المجتمع علي مسألة معينة . ومن الأمثلة على ذلك نص القانون على أن نفقات تسلم الشئ المبيع تكون على المشتري ما لم يوجد عرف أو اتفاق يقضي بغير ذلك . ومثال ذلك النص على الثمن مستحق الوفاء في المكان الذي سلم فيه المبيع ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضي بغير ذلك . والنص على أنه يجوز للعرف التجاري أن يخالف القاعدة الآمرة التي تقضي بمنع الفوائد المركبة وبعدم جواز زيادة مجموع ما يتقاضاه الدائن من فوائد على رأس المال . 

_ رابعاً : دور العرف في مختلف فروع القانون : 

يختلف دور العرف وأهميته من فرع الى آخر من فروع القانون اذ ينتفي دور العرف في القانون الجنائي نظراً لقيامه على المبدأ القائل ” لا عقوبة ولا جريمة الا بنص ” بينما يتضاءل في القانون المدني . الا أنه يلعب دوراً هاماً في القانون الدستوري والقانون الدولي العام والقانون الاداري والقانون التجاري .

ففي القانون الدولي العام لازالت معظم قواعده ذات طبيعة عرفية تتمثل فيما يسير عليه العمل بانتظام في الجماعة الدولية سواء في علاقات الدول فيما بينها أو في علاقاتها بالمنظمات الدولية . ويلعب العرف دوراً هاماً في القانون التجاري وذلك لأن التشريع لا يغطي كل العلاقات التجارية نظراً لما تتسم به من تنوع وتطور وسرعة . ومن أمثلة العرف التجاري تحديد أجر السمسار بمقدار 2.5 % وافتراض التضامن بين المدينين بدين تجاري ، أي أن الدائن يستطيع أن يطالب أياً منهم بكل الدين ويستطيع من يؤدي الدين الرجوع على شركائه في الدين ولا يمكن الاحتجاج بالدفوع على حامل الورقة التجارية حسن النية . ويلعب العرف دوراً محدوداً في القانون المدني ودوراً أكثر أهمية في القانون الاداري .