يقصد بالصورية اظهار المتعاقدين خلاف ما تعاقدوا عليه لسبب قام عندهما، فهي تتحقق عندما يريد المتعاقدان اخفاء حقيقة ما تعاقدا عليه، فنكون بصدد عقدين، عقد حقيقي يخفيه المتعاقدان يسمى بالعقد المستتر؛ وهو يوضح حقيقة ما اتفق عليه المتعاقدان، ويسمى في العمل بورقة الضد، والعقد الاخر؛ هو العقد الظاهر، ويسمى بالعقد الصوري نظرا لكونه غير حقيقي(1). من هذه الرؤية يتضح، ان الاصل في العقود انها حقيقية، وعلى من يدعي صورية العقد عبء اثبات ما يدعيه سواء اكانت صورية مطلقة، التي تتحقق عندما نكون بصدد عقد منعدم في الواقع، فيكون العقد الظاهر لا وجود له في الحقيقة، ولا تتضمن الورقة المستترة – أي ورقة الضد عقدا اخرا حقيقيا، يختلف عن العقد الظاهر، بل تحتوي هذه الورقة تقرير ان العقد الظاهر هو عقد لا وجود له في الحقيقة، وذلك كمن يبيع بعض املاكه – بيعا صوريا – لقريب يعتزم ترشيح نفسه لمنصب يتطلب وجود هذه الملكية(2).

اما عن الصورية النسبية، وهي التي تتعلق بنوع العقد لا بوجوده، فيكون هناك عقدان؛ عقد مستتر، وهو العقد الحقيقي، وعقد ظاهر وهو العقد الصوري، وذلك كهبة في صورة بيع، وهذه تسمى الصورية بطريقة التستر، وقد تكون الصورية النسبية بطريقة المضادة، وهي التي تتناول ركنا في العقد، او شرطا من شروطه، وذلك كان يذكر في العقد ثمنا اقل من الثمن الحقيقي تهربا من رسوم التسجيل، او ثمنا اكبر من الثمن الحقيقي تهربا من الاخذ بالشفقة، ويحتفظ المتعاقدان بسند مستتر يذكر فيه الثمن الحقيقي، وقد تكون الصورية النسبية بطريق التسخير، وذلك كمن يرد ان يهب مالا لشخص، وتكون الهبة غير جائزة له بسبب من الاسباب، فيتوسط الواهب شخصا يسمى مسخرا بينه وبين الموهوب له تكون مهمته تلقي الهبة من الواهب، ونقلها الى الموهوب له(3).

وقد نصت المادة (147) من القانون المدني العراقي على انه (1- اذا ابرم عقد صوري فلدائني المتعاقدين وللخلف الخاص اذا كانوا حسني النية ان يتمسكوا بالعقد الصوري كما لهم ان يبثوا صورية العقد الذي اضر بهم وان يتمسكوا بالعقد المستتر. 2- واذا تعرضت مصالح ذوي الشان فتمسك البعض بالعقد الظاهر وتمسك الاخرون بالعقد المستتر كانت الافضلية للاولين) كما اشارت م(148) مدني عراقي على انه: (1- يكون العقد المستتر هو النافذ فيما بين المتعاقدين والخلف العام ولا اثر للعقد الظاهر فيما بينهم. 2- واذا ستر المتعاقدان عقد حقيقي بعقد ظاهر فالعقد الحقيقي هو الصحيح ما دام قد استوفى شرائطه). تقابلهما كل من المادة (244/1) مدني مصري بالنص على انه: (اذا ابرم عقد صوري فلدائني المتعاقدين وللخلف الخاص متى كانوا حسني النية، ان يتمسكوا بالعقد الصوري كما ان لهم ان يتمسكوا بالعقد المستتر، ويثبتوا بجميع الوسائل صورية العقد الذي اضر بهم). ونص المادة (245) من نفس القانون على انه:(اذا ستر المتعاقدان عقدا حقيقيا بعقد ظاهر، فالعقد النافذ فيما بين المتعاقدين والخلف العام هو العقد الحقيقي).

وتقابلها ايضا (246) من القانون المدني السوري على انه: (اذا ستر المتعاقدان عقدا حقيقيا بعقد ظاهر، فالعقد النافذ فيما بين العاقدين والخلف العام هو العقد الحقيقي( وايضا نص المادة (245) من القانون نفسه بالنص على انه: (اذا ابرم عقد صوري فلدائن العاقدين والخلف الخاص متى كانوا حسني النية ان يتمسكوا بالعقد الصوري كما ان لهم ان يتمسكوا بالعقد المستتر ويثبتوا بجميع الوسائل صورية العقد الذي اضر بهم. واذا تعرضت مصالح ذوي الشان فتمسك بعضهم بالعقد الظاهر، وتمسك الاخرون بالعقد المستتر، كانت الافضلية للاولين). وفحوى هذه النصوص ان دائني المتعاقدين والخلف الخاص يجوز لهم ان يتمسكوا بالعقد الحقيقي، على سبيل الاصل – ويكون لهم اثبات الصورية بطرق الاثبات كافة، كما يجوز لهم التمسك بالعقد الصوري، متى كانوا حسني النية، أي لا يعلمون وقت تعاملهم مع المالك ان العقد الظاهر هو عقد صوري، بل اعتقد، انه عقد جدي، واطمانوا اليه، وبنوا عليه تعاملهم، والمفروض ان الغير حسن النية لا علم له بالعقد المستتر، وعلى من يدعي عكس ذلك ان يثبت ما يدعيه، ولما كان العلم بالعقد المستتر واقعة مادية، فانه يجوز اثباته بجميع الطرق، بما فيها البينة والقرائن(4).

اما بالنسبة للمتعاقدين والخلف العام، فان العقد الذي ينفذ فيما بينهم هو العقد الحقيقي لا العقد الظاهر، وعلى من يتمسك منهما بالصورية عبء اثبات وجود العقد المستتر الذي يريد التمسك به، فاذا لم يستطع اثبات ذلك، فان العقد الظاهر هو الذي يعمل به، ويعتبر عقدا حقيقيا لا صوريا. اما بالنسبة لكيفية الاثبات بالنسبة لهم فلا تكون الا بالكتابة او ما يقوم مقامها؛ لانه لا يجوز اثبات عكس الكتابة الا بالكتابة، الا اذا كان هناك غش او احتيال على القانون، فيجوز في هذه الحالة الاثبات بكافة وسائل الاثبات المشروعة قانونا، هذا اذا كان العقد الظاهر مكتوبا فاذا لم يكن مكتوبا، وكانت قيمة الالتزام في العقد المستتر لا تزيد على خمسة الاف دينار، فانه يجوز اثبات العقد المستتر بجميع ادلة الاثبات، اما اذا زادت قيمته على خمسة الاف دينار الاثبات لا يكون الا بالكتابة، الا في حالة الغش او الاحتيال. لكن الامر بالنسبة للتصرفات القانونية الواقعة على عقار، حسم من قبل المشرع العراقي بنص المادة (149) مدني عراقي بالنص على انه: (لا يجوز الطعن بالصورية في التصرفات الواقعة على العقار بعد تسجيلها في دائرة الطابو). وخلاصة القول يقصد بالصورية تصوير امر قانوني معين على غير حقيقته، او هي اخفاء حقيقة قانونية معينة بتصرف كاذب يظهر امام الناس. فالصورية بمعناها الواسع تفيد اظهار وضع وهمي بمظهر الوضع الحقيقي والصورية اصطلاحا هي توافق ارادتين على اخفاء ما اتفق عليه سرا تحت ستار عقد ظاهر.

ومن التطبيقات القضائية بهذا الخصوص:

(اذا طعن الخصم بصورية السند المصدق لدى الكاتب العدل فان هذا الطعن لا يهدم قوة السند في الاثبات، وله تحليف خصمه اليمين عن نفي الصورية، انظر مادة (147) مدني عراقي)(5). (تثبت الصورية عن اجراء العقود بالبينات القانونية او بالنكول عن اليمين ولا يعول في الاثبات على مجرد القرائن والاستنتاج) (6). (الطعن من الوارث على ان عقد البيع الصادر من المورث يخفي هبة. وهو طعن بالصورية النسبية بطريق التستر، عبء اثبات ذلك على من يدعيه، وجوب الاخذ بظاهر نصوص العقد عند العجز عن اثبات الصورية) (7). (يجوز اثبات العقد الخفي بين طرفيه بجميع وسائل الاثبات اذا كان مخالفا للنظام العام، حيث ان وقوع البيع الصوري اخفاء للرهن انما يرمي الى تحقيق غرض يخالف النظام العام بالاحتيال على القانون الذي حرم الاتفاق على بقاء العقار المرهون ملكاً للدائن عند الامتناع عن وفاء الدين عملا بالمادة ( 106) مدني سوري، ومن حيث انه يجوز اثبات العقد الخفي بجميع وسائل الاثبات بما فيه البينة الشخصية والقرائن تطبيقا لاحكام المادة (57) من قانون البينات السوري) (8). (1- اذا لم يكن العقد المستتر قد تضمن تاريخا، فانه يعتبر معاصرا للعقد الظاهر. 2- ولا تشترط المعاصرة المادية بين العقدين الظاهر والمستتر بل تكفي المعاصرة الذهنية لدى المتعاقدين وانعقدت عليها قيمتها وقت صدور التصرف الظاهر وان صدر المستتر بعد ذلك. 3- يكون اثبات الصورية وفق القواعد العامة) (9).

__________________

1- السنهوري، الوسيط، ج2، طبعة نادي القضاة، 1983،ص1392.

2- السنهوري الوسيط ج2 ص1293؛ د. حسن علي الذنون، النظرية العامة للالتزامات، طبع على نفقة الجامعة المستنصرية، بغداد، 1976م ، ص148.

3- السنهوري الوسيط ج2 ص1294؛ د.حسن علي الذنون، النظرية العامة للالتزامات ص148؛ د. ادريس العبدلاوي، وسائل الاثبات في التشريع المدني المغربي، القواعد العامة، ج1.ط1، 1971ص334؛ د. وحيد الدين سوار، التعبير عن الارادة في الفقة الاسلامي، دراسة مقارنة بالفقة الغربي، ط1، مكتبة النهضة العربية، 1379هـ- 1960م ، ص384.

4- السنهوري، الوسيط، ج2، ص1431؛ د. حسن علي الذنون، النظرية العامة للالتزامات ص449؛ د. محمد فتح الله النشار، احكام و قواعد عبء الاثبات، دار الجامعة الجديدة للنشر، مصر، 2000ص329.

5- قرار محكمة تمييز العراق رقم 16/ص/955 في 17/2/1955، العلام، المبادئ القضائية لاحكام محكمة التمييز، ص236.

6- قرار محكمة تمييز العراق رقم 1640/ص/1941 لسنة 1942، العلام، المبادئ القضائية لاحكام محكمة التمييز، ص237.

7- نقض مصري 26/6/1975 الطعن رقم 155 س41ق، انور طلبة، المبادئ القانونية، ص245.

8- نقض سوري 12/3/1961. ق179/1961، ممدوح العطري، اسعد الكوراني، قانون البينات بين الفقة و الاجتهاد، القسم الاول، المطبعة الحديثة، حلب، سوريا ، ص105.

9-نقض سوري رقم القضية 1970 اساس لعام 1999 قرار 1496 لعام 1999 تاريخ 26/9/1999، مجلة المحامون السورية العدد (5/6) 2000 ص473.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .