لم يعرف القانون الضريبي الرواتب والأجور فيرجع في تحديدها الى قانون الخدمة المدنية وتشريعات العمال . إذ عرف قانون الخدمة المدنية الراتب بأنه (مبلغ يتقاضاه الموظف شهرياً مقابل عمله في الخدمة العامة)(1). الذي بين أن الموظف يستحق راتب وظيفته عند التعيين ابتداءً من تاريخ مباشرته بالعمل(2). أي أنه ذلك المقدار من المال الذي يتقاضاه الشخص مقابل عمله بوصفه موظفاً لدى الحكومة أو سلطاتها أو منشآتها الأخرى أو من الشركات والأشخاص المعنوية الأهلية أو منشأة فردية وغالباً ماتكون الرواتب شهرية أي تدفع في نهاية كل شهر ولكن ليس هناك ما يمنع أن يتفق الشخص مع الشركة بأن يتسلم راتبه مقدماً وعلى شكل مبلغ مقطوع ، يتضح مما تقدم أن الرواتب تمتاز بالسمات الآتية(3) .

1- تدفع عن أعمال يغلب عليها الطابع الذهني أو العقلي

2-تدفع بصفة دورية ، وغالباً ما تكون شهرية .

أما الأجور فقد عرفها قانون العمل العراقي بأنها (قيمة العمل مقدرة على أساس كمية الجهد المبذول ونوعيته)(4). كما عرفت بأنها (كل الأموال والمنافع التي تستحق للعامل قانوناً على صاحب العمل ، في مقابل العمل أو بمناسبته ، مالم تكن تعويضاً أو سداداً لمصاريف مهنية )(5). وتكون مدتها أسبوعية أو مقطوعة . وعموماً فإن الرواتب والأجور هي دخول دورية يدفعها في الأصل صاحب العمل سواء أكان فرداً أم إدارة ، نظير عمل حاضر لفرد معين ، تقوم غالباً بينه وبين صاحب العمل علاقة تبعية أساسها عقد العمل بالنسبة إلى العامل أو شغله لمركز تنظيمي بالنسبة إلى الموظف(6) . اما تجدر الإشارة إليه أن التفرقة بين الراتب والأجر ليس لها أية أهمية عملية تذكر في إطار قانون ضريبة الدخل العراقي ، لأنهُ قد أخضع جميع الرواتب والأجور لضريبة الدخل ويستوي في هذا الأمر أن تدفع هذه الرواتب والأجور بصورة سنوية أم شهرية أم أسبوعية أم يومية . إلا أنه من الناحية القانونية فإن الاختلاف واضح وبيّن(7). واستناداً الى نص الفقرة (5) من المادة (2) من قانون ضريبة الدخل العراقي النافذ فأن الرواتب والأجور التي تخضع لضريبة الدخل هي تلك التي تدفع من قبل الأشخاص المعنوية الأهلية كالشركات الخاصة والمنشآت الفردية للعاملين فيها ولايشمل النص الرواتب والأجور التي تدفعها الدولة والقطاع الاشتراكي والمختلط كونها معفاة من الضريبة(8) . إلا أنه بعد احتلال الولايات المتحدة الأمريكية للعراق في 9/4/2003 أخضعت الرواتب والأجور والمخصصات التي يتلقاها موظفو الدوائر الحكومية وموظفو القطاعين العام والمختلط لضريبة الدخل(9) .

ولنا على النص المذكور الملاحظات الآتية:-

1-لدى اطلاعنا على النظام الأمريكي يتضح أن التعديل السادس عشر للدستور الأمريكي لعام 1913 تضمن نصوصاً تسمح بمنح الكونجرس الأمريكي سلطات جديدة وأكثر اتساعاً في فرض ضرائب عامة على الدخول ومنذ ذلك الحين بدأ الاهتمام الشديد بهذه الضرائب والذي انعكس في صياغة العديد من القواعد الضريبية والنصوص التشريعية التي تسمح بفرض الضريبة على دخول الأشخاص الطبيعيين والضرائب على دخول الأشخاص المعنويين ومايؤكد ذلك الهيكل الضريبي الأمريكي خلال المدة من عام 1985 – وحتى عام 1993 الذي يوضح بأن مكان الصدارة للضرائب المباشرة أي مايعادل نسبة أكثر من 90% في أوائل التسعينات ، بخلاف الضرائب غير المباشرة التي تنخفض أهميتها كثيراً والتي تمثل نسبة 6% من إجمالي الإيرادات عام 1992(10) .

2-في العراق وخلال المدة نفسها قامت سلطة الائتلاف بإعفاء أصحاب رؤوس الأموال من الضريبة أو فرض الضريبة بنسبة منخفضة جداً كالضرائب الكمركية والهدف من ذلك هو تشجيع السلع الأجنبية عامة والأمريكية خاصةً وهذا يتلاءم مع مفهوم العولمة أي جعل العالم قرية صغيرة وإزالة الحدود والعوائق بوجه هذه السلع وهذا الهدف قد تحقق وذلك من خلال إغراق السوق المحلية العراقية بالسلع الأمريكية المختلفة .

3-وكذلك تخفيض سعر الضريبة على الشركات بعد أن كانت تفرض ضريبة على الشركات المحدودة بنسبة تصاعدية تبدأ بـ15% الى 35% ، والشركات المساهمة بنسبة 25% أصبحت تفرض ضريبة نسبية لجميع أنواع الشركات سواء أكانت محدودة، أم مساهمة أم شركات أجنبية مسجلة في العراق أم تلك التي لها مؤسسة دائمة في العراق بنسبة 15% .

وهذا بدوره يؤكد تشجيع أصحاب رؤوس الأموال وتحول الدولة الى نظام رأسمالي يتوافق مع النظام الأمريكي .

4-كما أعفى الأمر(49) الصادر عن مايسمى بسلطة الائتلاف دخل الموظفين الأجانب (من غير العراقيين) والمتعاقدين الأجانب(من غير العراقيين) وكذلك المتعاقدين من الباطن التابعين لهم الذين يقومون في إطار عملهم مع سلطة الائتلاف وقوات الدول التي تعمل بالتنسيق معها ومع الهيئات والوكالات التابعة لحكومات قوات الائتلاف بتزويد العراق بمساعدات فنية ومادية ولوجستيه وإدارية أو غيرها من المساعدات ، وأيضاً المنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية المسجلة بموجب الأمر رقم (45) والصادر أيضاً عن مايسمى بسلطة الائتلاف المؤقتة(11) .

5-ومن الناحية التطبيقية يلاحظ أن السلطة الضريبية قد منحت سماحاً قانونياً للعاملين في دوائر الدولة والشركات العامة والمختلطة على أساس المكلف المتزوج ولديه أربعة أولاد(12) أي أن السلطة المالية ساوت من حيث منح السماح القانوني بين العازب والمتزوج ولديه أربعة أولاد وهذا بدوره يتنافى مع الهدف الذي منحت من اجله السماحات ألا وهو تحقيق العدالة الضريبية ، لذا لابد من تطبيق القانون وتمييز العازب من المتزوج وكذلك المتزوج وليس لديه أولاد من المتزوج ولديه اولاد . وهذه التعليمات تعتبر باطلة من الناحية القانونية لمخالفتها القانون استناداً إلى مبدأ المشروعية ، لذلك لابد من الاعتماد على القانون وعدم الخروج عن القاعدة القانونية . من كل ماتقدم نقترح : إعفاء الرواتب والأجور والمخصصات التي يتقاضاها منتسبو دوائر الدولة والقطاع الاشتراكي والمختلط من ضريبة الدخل للأسباب الآتية :-

1-عدم ملاءمة الرواتب والأجور لمستوى الأسعار السائد في البلد بالوقت الحاضر .

2-تعتبر هذه الطبقة من أكثر طبقات المجتمع تضرراً من الحصار الاقتصادي المفروض على قطرنا خلال عقد التسعينات من القرن الماضي .

3-إن العراق لايعتمد على الإيرادات الضريبية (ضريبة الدخل منها) بشكل رئيس وإنما يعتمد على إيرادات رئيسة ولاسيما النفط ، فضلاً عن إيرادات أخرى كثيرة ومتنوعة كالكبريت والفوسفات وغيرها .

____________________

[1]- الفقرة (1) من المادة (16) من قانون الخدمة المدنية المرقم 24 لسنة 1960 المعدل .

2- د. ماهر صالح علاوي (القانون الاداري) وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ، جامعة الموصل ، مطبعة التعليم العالي في الموصل، 1989 ، ص225 ؛ د. سليمان محمد الطماوي (الوجيز في القانون الإداري) ، دار الفكر العربي للطباعة ، القاهرة ، 1979 ، ص477 .

3- د. خليل عواد أبو حشيش (دراسات متقدمة في المحاسبة الضريبية) ، ط1 ، دار الحامد للنشر والتوزيع ، عمان ، 2004 ، ص93.

4- المادة (41) من قانون العمل العراقي المرقم (71) لسنة 1987 المعدل .

5- د. يوسف الياس (قانون العمل العراقي) ، ج1،ط2 ، منشورات مكتبة التحرير ، بغداد ، 1980 ، ص267 ؛ د. صادق مهدي السعيد (تنظيم العلاقات الانتاجية الفردية بين العمال وأصحاب العمل) ، مطبعة مؤسسة الثقافة العالمية ، بغداد ، 1976 ، ص111 .

6- د. زين العابدين ناصر (النظام الضريبي المصري) ، دار النهضة العربية للطباعة ، القاهرة ، 1972 ، ص213 .

7- إن فقهاء القانون العام بشكل عام وفقهاء المالية العامة بشكل خاص يجدون أنه من الضروري إعمال التفرقة والتمييز بين الراتب والأجر من الناحية القانونية ، وهذه التفرقة في أساسها تستند الى مبدأ التبعية القانونية القائم على اعتبار الأجر الذي يحصل عليه العامل بمقتضى عقد العمل هو مصدر تبعي أساسه العقد ، في حين أن الراتب الذي يحصل عليه الموظف مصدره ليس عامل التبعية ولكن أساسه القانون ؛ انظر : د. عادل أحمد حشيش (الوسيط في الضرائب على الدخل) ، مصدر سابق ، ص ص 164-165؛ د. زكريا محمد بيومي (قانون الضرائب على الدخل) ، مصدر سابق ، ص385 .

8- الفقرة (5) من المادة (7) من قانون ضريبة الدخل العراقي النافذ .

9- المادة (1) من القسم (11) من الأمر (49) الصادر عن مايسمى بسلطة الائتلاف المؤقتة.

0[1]- د. سعيد عبد العزيز عثمان (النظم الضريبية) ، مصدر سابق ، ص ص222-223 .

1[1]- الفقرتان (3،4) من القسم (4) من الأمر رقم (49) الصادر عن مايسمى بسلطة الائتلاف المؤقتة لعام 2004 (2[1]) الفقرة (2) من استقطاع ضريبة الدخل من رواتب الموظفين والعاملين دليل المستخدم لضريبة الاستقطاع المباشر لسنة 2004 الصادر عن الهيئة العامة للضرائب ، وزارة المالية ، ص1 .

المؤلف : عبد الباسط علي جاسم الزبيدي
الكتاب أو المصدر : وعاء ضريبة الدخل في التشريع الضريبي العراقي

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .