مفهوم المقاصة

ورد تعريف المقاصة في نص المادة 408 من القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951 حيث تقول (المقاصة هي اسقاط دين مطلوب لشخص من غريمه في مقابلة دين مطلوب من ذلك الشخص لغريمه).

فالمقاصة اذن هي طريقة من طرق انقضاء الالتزام يفترض ان هناك شخصين كل منهما مدين ودائن للآخر في الوقت نفسه اي ان بين هذين الشخصين التزامين المدين في احدهما دائن في الثاني فبدلا من ان يوفي كل منهما بدينه للآخر ينقضي الدينان بقدر الاقل منهما فيكون المدين بالدين الاقل قد وفى دينه ببعض حقه ويكون المدين بالدين الاكبر قد وفى بعض دينه بحقه ويتعين عليهما الوفاء بالقدر الزائد وفاء عاديا.

فالمقاصة من هذا الوجه اداة وفاء وهي يمكن ان تكون اداة ضمان ايضا فالدائن الذي يستوفي حقه من الدين الذي في ذمته يختص وحده بهذا الدين من دون غيره من دائني المدين فيستوفي في حقه منه متقدما عليهم جميعا وهي بذلك تقترب من نظامين قانونيين اخرين هما الدفع بعدم التنفيذ والحق في الحبس اذ ان اي طرف في عقد ملزم لجانبين يستطيع ان يمتنع عن تنفيذ ماعليه من التزام حتى يستوفي ماله من حق مقابل .

كما ان للدائن ان يحبس تحت يده ما لمدينه عنده حتى يستوفي حقا مرتبطا بالشيء المحبوس ففي هاتين الحالتين وضع القانون تحت تصرف الدائن اداة ضمان تكفل له الوفاء بحقه فيمتنع عن تنفيذ التزامه او يحبس ماتحت يده ، والمقاصة تؤدي الغرض نفسه فالدائن لايدفع الدين الذي في ذمته استيفاء للحق الذي له بل ان المقاصة تصل الى ابعد من ذلك في تادية هذا الغرض اذ ان الدائن لايقتصر على الامتناع عن تنفيذ التزامه او على حبس الدين الذي عليه بل هو يقضي الدين الذي عليه قضاء تاما بالحق الذي له في ذمة دائنه.

وهناك ثلاث انواع للمقاصة وهي : المقاصة القانونية التي تقع بحكم القانون اذا توافرت شروطها كما ويصطلح عليها في القانون المدني العراقي ايضا بالمقاصة الجبرية وهي التي اسهب المشرع في بسط احكامها وهي التي يعنيها في عبارة المقاصة القانونية و هناك نوع اخر من المقاصة هي المقاصة الاختيارية والتي تقع باتفاق الطرفين او بارادة احدهما وذلك في حالة تخلف شرط من شروط المقاصة القانونية وكان مقصودا به مصلحة الطرفين معا او مصلحة احدهما فقط واخيرا هناك مقاصة قضائية وهي التي تقع بحكم قضائي في حالة تخلف شرط من شروط المقاصة القانونية ايضا.

تنص المادة 409 / الفقرة 2 من القانون المدني العراقي على انه: (يشترط لحصول المقاصة الجبرية اتحاد الدينين جنسا ووصفا وحلولا وقوة وضعفا ولا يشترط ذلك في المقاصة الاختيارية فان كان الدينان من جنسين مختلفين او متفاوتي الوصف او مؤجلين او احداهما حالا والاخر مؤجلا او احدهما قويا والاخر ضعيفا فلا يلتقيان قصاصا الا بتراضي المتداينين سواء اتحد سببهما ام اختلف) ووفقا لهذا النص فان شروط المقاصة هي: ان يوجد دينان متقابلان ، وان يتماثل الدينان في المحل ، وان يكون كل من الدينين صالحا للمطالبة به قضاء، وان يكون الدينان خاليان من النزاع ، وان يكون الدينان مستحقي الاداء، واخيرا ان يكون الدينان قابلين للحجز).

وقد نصت المادة 410 من القانون المدني على الديون التي تقع فيها المقاصة حيث تقول (اذا كان للوديع دين على صاحب الوديعة والدين والوديعة جنس واحد او كان للغاصب دين على صاحب العين المغصوبة من جنسها فلا تصير الوديعة او العين المغصوبة قصاصا بالدين الا اذا تقاص الطرفان بالتراضي) وبناء عليه فقد استبعد المشرع حالتين لاتجوز فيهما المقاصة ولو توافرت الشروط السابقة الاولى هي: اذا انتزع شخص شيئا من مالكه غصبا فانه يلتزم برده فاذا طالبه المالك بالرد فلا يجوز للغاصب ان يتمسك بالمقاصة بين التزامه برد ماغصب وما قد يكون على المالك من التزام قبله، اما الحالة الثانية فهي لايجوز للمودع لديه ان يتمسك بالمقاصة بين التزامه برد الشيء المودع وبين مايكون المودع ملتزما به قبله والحكمة في ذلك ان الشيء المودع يعد امانة في يد المودع لديه وليس له ان يخون الامانة ثم يتمسك بعد بالمقاصة بين التزامه بالرد او بدفع التعويض عنه وبين الحق الذي في مواجهة المودع.

المحامية: ورود فخري