يعد الاثبات واجباً على الخصوم في الوقت الذي يعد فيه حقا لهم، ولكنه لا يعد واجبا على كل من الخصمين في آن واحد، لان ذلك معناه عدم امكان الفصل في النزاع، فكل منهما يلقي هذا الواجب على عاتق خصمه، ومن ثم تعين ان يتم القاء عبء الاثبات على احد الخصمين، ولما كانت عناصر الاثبات نادرة او غامضة او مشكوك في مدلولها، لذلك يكون واجب الاثبات مهمة صعبة بالنسبة لمن يتحمله، ومن هنا سمي هذا الواجب، عبء الاثبات (1). ومن الناحية العملية، يتوزع عبء الاثبات بين الخصمين وكل منهما يدلي بما يؤيد دعواه وقد يتخذ احدهما من دليل تقدم به خصمه دليلا لصالحه بعد ان يفنده ويكون اقتناع القاضي في النهاية من مجموع ما قدمه الخصوم من أدلة (2). وتتعلق القواعد المتعلقة بعبء الاثبات بالنظام العام، فيجوز الاتفاق على مخالفتها، سواء تم ذلك قبل النزاع او في اثنائه، وسواء تم ذلك بطريقة صريحة او ضمنية مستفادة من مجرد تطوع احد الخصوم بأثبات ما لا يقع عليه عبء اثباته، فيجوز للخصم الذي لم يكن مكلفا في الاصل بحمل عبء الاثبات ان يتطوع لاثبات الواقعة فاذا اجابته المحكمة الى طلبه امتنع عليه ان يحتج بانه لم يكن مكلفا قانونا بالإثبات، على اساس ان تقدمه بهذا الطلب وسكوت خصمه عنه يعد بمثابة اتفاق بينهما على نقل عبء الاثبات إليه (3). وان عدم تعلق قواعد الاثبات بالنظام العام هو حق للخصوم وحدهم، وليس للقاضي الذي لا يجوز له ان ينقل، من تلقاء نفسه، عبء الاثبات من الشخص المكلف به الى خصمه (4). ونبحث في المبحثين القادمين الاصل براءة الذمة في الحقوق الشخصية والأصل في الحقوق العينية وتحديد المدعي والمدعى عليه والبينة على ما أدعى واليمين على من أنكر.

المبحث الأول : الاصل براءة الذمة :

الاصل ان تكون ذمة كل شخص غير مشغولة بحق لآخر، اذ الاصل في الإنسان البراءة حيث يولد وذمته بريئة ثم تشغل بما يجريه في حياته من تعامل، ومن يدعي شغل ذمة الغير بشيء فهو المكلف بإقامة الدليل، لانه يدعي خلاف الاصل والبينة على من يدعي خلاف الظاهر. والذمة وصف به يصير الإنسان أهلا لما له وعليه، وهذا الوصف يتولد عن العهد، والذمة التي تنشأ عن العهد تعتبر كسبب لصلاحية الإنسان لان تجب عليه الحقوق وان تثبت له أهلية الوجوب الكاملة، فالأهلية والذمة لا تثبتان الا للإنسان (5). والاستصحاب في اللغة طلب المصاحبة واستمرارها، وفي الاصطلاح استدامة اثبات ما كان ثابتا او نفي ما كان منفيا (6)، او هو بقاء الأمر على ما كان عليه ما لم يوجد ما يغيره، فما علم وجوده في الماضي ثم حصل تردد في زواله حكمنا ببقائه استصحابنا لوجوده السابق ومن أنواع الاستصحاب، استصحاب البراءة الاصلية، فذمة الإنسان غير مشغولة بحق ما الا اذا قام الدليل على ذلك، فمن يدعي على آخر حقا فعليه الاثبات، لان الاصل في المدعى عليه البراءة من المدعى به (7). ومصدر حكم البراءة الاصلية، القرآن الكريم والسنة النبوية والقواعد الفقهية الكلية والعقل السليم.

القرآن الكريم : في القرآن الكريم آيات كريمة على براءة ذمة الإنسان من المسؤولية الجزائية وعدم مسؤوليته حتى بعد ارتكاب الجريمة ما لم يكن مبلغا بنصوص التجريم والعقاب، ومن هذه الآيات : (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا)(8) و (ولو انا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت الينا رسولا فنتبع آياتك من قبل ان نذل ونخزى)(9).
السنة النبوية : تدل أحاديث نبوية شريفة عديدة صراحة على البراءة الاصلية لذمة الإنسان واستصحابها للأزمنة اللاحقة ما لم يثبت خلاف ذلك ومنها قوله (ص) : (البينة على من ادعى واليمين على من انكر) و(ادرؤا الحدود بالشبهات).

القواعد الفقهية الكلية : منها (الاصل بقاء ما كان على ما كان) (10) و(ما ثبت بزمان يحكم ببقائه ما لم يوجد دليل على خلافه)(11).

 العقل السليم : يقضي العقل السليم بان كل حادث مسبوق بالعدم، لان الحادث يعني الوجود بعد العدم وان مطالبة الإنسان بالالتزامات واسبابها ومصادرها كلها امور مستحدثة وجدت بعد ان لم تكن، فعليه تكون ذمة الإنسان بريئة منها وعلى من يدعي خلاف هذا الاصل البينة وعلى من ينكرها اليمين لانه مع الاصل (12). وكذلك الحال بالنسبة للأهلية. فالأصل ان كل شخص اهل للتعاقد ما لم يقرر القانون عدم أهليته او يحد منها (م 93 مدني) والأصل ان تكون ارادة المتعاقد سليمة من عيوب الارادة، وان على من يدعي ان ارادته كنت معيبة بالاكراه او الغلط او التغرير مع الغبن او الاستغلال ان يثبت ادعاءه (المواد 112-125 مدني) ويفترض في كل التزام ان له سببا مشروعا ولو لم يذكر هذا السبب في العقد ما لم يقم الدليل على غير ذلك، فالسبب المذكور يعد هو السبب الحقيقي حتى يقوم الدليل على ما يخالف ذلك (المادة 132 / 2-3 مدني)(13) والأصل في الإنسان حسن النية، اذ يفترض فيه عدم العلم بظروف معينة من شأن العلم بها ان يصبح سيء النية، وحسن النية يفترض دائماً، ما لم يقم الدليل على خلاف ذلك (م 1148 / 1 مدني)(14)، وفي الالتزام بتحقيق نتيجة، يقع عبء اثبات تحقق هذه النتيجة على عاتق المدين، وما على الدائن الا ان يثبت الالتزام (15)، وفي الالتزام ببذل عناية، كما في التزام الطبيب، يقع عبء اثبات عدم بذل الطبيب للعناية الواجبة، على المريض، فاذا اثبت المريض واقعة ترجح اهمال الطبيب كان يثبت ان الترقيع الذي أجراه له جراح التجميل في موقع الجرح والذي نتج عنه تشويه ظاهر بجسمه لم يكن يقتضيه السير العادي لعملية التجميل وفقا للاصول الطبية المستقرة، فان المريض يكون بذلك قد اقام قرينة قضائية على عدم تنفيذ الطبيب لالتزامه، فينتقل عبء الاثبات بمقتضاها الى الطبيب ويتعين عليه لكي يدرأ المسؤولية عن نفسه ان يثبت قيام حالة الضرورة التي اقتضت اجراء الترقيع والتي من شأنها ان تنفي عنه وصف الاهمال (16). وفي المسؤولية التقصيرية يلتزم المضرور باثبات وقوع الخطأ الذي نشأ عنه الضرر الذي أصابه ارتبط معه برابطة السببية (17). ويكفي لقيام الخطأ في المسؤولية العقدية، ثبوت عدم تنفيذ المتعاقد لالتزامه المترتبة على العقد، ولا ترفع عنه المسؤولية الا اذا قام هو باثبات أن عدم التنفيذ يرجع الى قوة قاهرة او سبب اجنبي او بخطأ المتعاقد الاخر (18)، وفي عقد الوكالة يقع على الموكل اثبات انشغال ذمة الوكيل بالمبالغ التي قبضها وفي هذه الحالة ينتقل عبء الاثبات الى عاتق الوكيل ليثبت براءة ذمته بصرف المبالغ في شؤون الموكل او تسليمها إليه (19). واذا اشترى الوكيل سلعة على صفة معينة وادعى الموكل انه اشترط عليه في عقد الوكالة عدم شراء هذا النوع من السلع. فالمعتبر هو قول النافي لهذا الشرط حتى يثبت خلاف ذلك، لان الاصل عدم الشرط (20)، وظهرت قاعدة (الحيازة في المنقول سند المكية) من اعتبار ان واضع اليد على الشيء هو صاحب حق عليه، فالوضع الظاهر يوحي بان من يحوز شيئا يكون صاحب حق عليه، ونصت المادة (1163) من القانون المدني العراقي :

 1- من حاز وهو حسن إليه منقولا او سندا لحامله مستندا في حيازته الى السبب صحيح، فلا تسمع عليه دعوى الملك من احد.

2- والحيازة بذاتها قريبة على توافر حسن النية ووجود السبب الصحيح ما لم يقم الدليل على عكس ذلك). فهذا النص يقرر قاعدة (الحيازة في المنقول سند الملكية) التي تقوم على حماية الوضع الظاهر، فالحائز يستفيد من نتائج مرك المالك وحق الملكية (21). اما بالنسبة للحقوق العينية فالأصل هو احترام الوضع الثابت ظاهرا فالحق العيني سلطة مباشرة لشخص على شيء معين، وهذه السلطة تخلق وضعا ظاهرا لصالح من يباشرها، لذلك يعتبر من يباشر هذه السلطة صاحب الحق حتى يقوم الدليل على العكس، فحائز الأرض مثلا يعتبر الأرض مثلا يعتبر بحسب لظاهر هو المالك لهذه الأرض ولا يطلب منه ان يقيم الدليل على ملكيته، فاذا ادعى شخص ملكيته لهذه الأرض فيكون مدعيا خلف الظاهر ويقع عليه عبء الاثبات (22). لذلك كان الحائز مدعى عليه دائماً في دعاوى الملكية مع ان الحيازة قد تكون محل شك في ثبوتها، مما يقتضي الأمر ايجاد قرينة اخرى هي الحيازة المادية التي توفرت شروطها من هدوء واستمرار وظهور ووضوح (23). ويكفي للحائز ان يثبت العنصر المادي في حيازته، وهو ما يمكن اقامة الدليل عليه بطرق الاثبات كافة، وعندئذ يعتبر الحائز المادي حائزا قانونيا حتى يقيم الخصم الدليل على انه لا تتوفر لدى الحائز العنصر المعنوي (24). فمن حاز شيئا اعتبر مالكا له، حتى يقوم الدليل على العكس، واذا ادعى الحائز ان حيازته منصبة على حق شخصي او على حق عيني غير الملكية، اعتبرت الحيازة قرينة على وجود هذا الحق حتى يقوم الدليل على العكس، ولكن لا يجوز للحائز ان يحتج بهذه القرينة على من تلقى منه الحيازة (م 1157 مدني).

المبحث الثاني : تحديد المدعي والمدعى عليه :

نصت المادة (7 / ثانيا) من قانون الاثبات على أن : (المدعي هو من تمسك بخلاف الظاهر. والمنكر هو من يتمسك بابقاء الاصل). فالمدعي ليس هو رافع الدعوى .. بل من يدعي خلاف الظاهر اصلا او عرضا او فرضاً، والمتفق عليه فقها ان الذي يقع عليه عبء الاثبات هو المدعي في الدعوى والمدعى عليه في الدفع، فكلاهما مدع في دعواه (25). ولما كان الاصل براءة الذمة وانشغالها عارض، لذلك يقع عبء الاثبات على عاتق من يدعي خلاف الثابت اصلا مدعيا كان أو مدعى عليه (26). فـ (من المقرر في قواعد الاثبات ان البينة على من يدعي خلاف الاصل، بمعنى ان من يتمسك بالثابت اصلا لا يكلف باثباته وانما يقع على عاتق من يدعي خلاف هذا الاصل، عبء اثبات ما يدعيه باعتبار انه يستحدث جديدا لا تدعيه قرينة بقاء الاصل على اصله)(27). ومن الناحية العملية، ينتقل عبء الاثبات من طرف الى اخر، فاذا قدم المدعي مايرجح دعواه، فان عبء الاثبات ينتقل الى عاتق المدعى عليه، لنفي هذه الدعوى وتفنيدها، فاذا تمكن من ذلك انتقل عبء الاثبات، مرة اخرى، الى خصمه مجدداً، وهكذا ينتقل عبء الاثبات بينهما الى أن يعجز أحدهما عن اثبات خلاف الظاهر عرضا فيحكم عليه، وهكذا يتقاذف الخصمان الكرة، كل منهما يدفعها الى صاحبه. الى ان يعجز احدهما من ردها، فتسقط من يده ويسجل على نفسه الخسارة (28). وكانت المادة 448 الملغاة من القانون المدني العراقي تنص على ان :-

1-البينة على من ادعى واليمين على من أنكر.

2. والمدعي هو من يتمسك بخلاف الظاهر والمنكر هو من يتمسك بابقاء الاصل)، وورد النص نفسه في المادة (7) من قانون الاثبات، بعد إلغاء المادة 448 من القانون المدني، بصدور قانون الاثبات. وورد في الحديث النبوي الشريف عن ابن عباس (رضي الله عنهما) عن النبي (ص) قال : (لو يعطي الناس بدعواهم، لادعى ناس دماء رجال وأموالهم، ولكن اليمين على المدعى عليه) رواه مسلم.. وفي شرحه للنووي انه قال : (وجاء في رواية البيهقي باسناد حسن او صحيح زيادة عن ابن عباس مرفوعا : لكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر)(29). وهذا الحديث قاعدة كبيرة من قواعد احكام الشرع، ففيه انه لا يقبل قول انسان فيما يدعيه بمجرد دعواه بل يحتاج الى بينة او تصديق المدعى عليه، فان طلب يمين المدعى عليه فله ذلك وقد بين النبي (ص) الحكمة في كونه لا يعطي بمجرد دعواه لانه لو كان أعطي بمجردها لادعى قوم دماء قوم وأموالهم واستبيح، ولا يمكن المدعى عليه ان يصون ماله ودمه واما المدعى عليه فيمكنه صيانتها بالبينة (30). وان من يتمسك بالوضع الظاهر، كالعقد الظاهر او الملكية الظاهرة لا يطالب باثبات ما يدعيه بل يقع عبء الاثبات على من يتمسك بصورية هذا العقد. او عدم ثبوت الملكية (31) والظاهر قد يكون اصلا او عرضا او فرضاً.

المطلب الأول : الظاهر اصلا :

من المقرر ان الاصل يؤيده ظاهر الحال فلا يحتاج لتأييد آخر، وخلاف الظاهر يتأرجح بين الصدق والكذب فيحتاج الى مرجح وهي البينة، فاذا ادعى شخص أنه باع مالا لآخر عندما كان صبيا ولما كان البيع غير نافذ فانه مطالب برده فأجاب المدعي عليه بأنه كان بالغا عند اتمام البيع، والبيع نافذ، ولما كان البلوغ عارضا وهو خلاف الاصل .. فتطلب البينة من مدعي البلوغ، فالأمور التي يشهد بها ظاهر الحال لا تحتاج الى بينة وان البينة انما يحتاج إليها في اثبات خلاف الظاهر وان اليمين توجه لابقاء الاصل براءة الذمة والمنكر يتمسك بذلك، فاليمين انما توجه للتوثيق. واذا اختلف المتبايعان في كون البيع وقع طوعا او كرها فعلى المدعي المكره البينة لان الاختيار هو الاصل فهو الظاهر والبينة لاثبات خلاف الظاهر (32). واذا اختلف المتداعيان في تاريخ اخلاء المأجور فان عبء اثبات ذلك التاريخ يقع على المستأجر لا المؤجر (33). والظاهر اصلا يتفق مع الحقيقة، لانه يوافق طبيعة الاشياء ويمثل العادي والمألوف، وهو ما يظهر للناس بصفة عامة، لذلك يطلق عليه الظاهر، ويعتمد الناس عليه في معاملاتهم في أكثر الاحوال (34). فمن يدعي ان له بذمة شخص آخر دينا، يقع عليه عبء اثبات ما يدعيه، لانه يدعي خلاف الظاهر اصلا، ويعد الحائز لشيء والممارس عليه السلطة، وهو المالك لهذا الشيء، ويقع على من يدعي خلاف ذلك، عبء الاثبات، لانه يدعي خلاف الظاهر اصلا (م 1157 مدني).

المطلب الثاني : الظاهر عرضا :

عندما يدعي شخص انه دائن لآخر فهو يدعي خلاف الظاهر اصلا، باعتبار ان الاصل براءة الذمة، فاذا استطاع اثبات ادعائه وثبت انشغال ذمة المدين بالدين، فان الظاهر اصلا، اصبح لا يمثل الحقيقة، وانما اصبح الظاهر ان المدعى عليه مدين، وهو الظاهر عرضا. واذا ما أدعى المدين انه وفى الدين فعليه يقع عبء اثبات دعواه لانه يتمسك بخلاف الظاهر عرضا وهو انشغال ذمته بالدين، وبذلك فان عبء الاثبات ينتقل من المدعي الى المدعى عليه عند اثبات المدعي لدعواه واتيان المدعى عليه بدعوى تدفع دعوى المعدي، فيصبح كل منهما مدعيا في دعواه (35). فالمدعى عليه يصير مدعيا .. اذا أتى بدفع ويعود المدعي الأول مدعيا ثانيا عند دفع الدفع ومن ثم فان اقامة المدعي دعواه بانكار نسب الصغيرة إليه، ودفع الام المدعي عليه بانها رزقت بها منه على فراش الزوجية، فان المحكمة تكلفها باثبات هذا الدفع باعتبارها مدعية فيه (36).

المطلب الثالث : الظاهر فرضا :

يقيم القانون قرينة قانونية بسيطة لصالح المدعي ليعفيه مؤقتا من عبء الاثبات لحكمة يقدرها المشرع، ويترتب على هذه القرينة؛ وجود وضع ثابت فرضا يعفي من يتمسك به من عبء الاثبات، ويتوجب على من يدعي عكس هذه القرينة اثبات ما يدعيه.. ونصت المادة (98 / ثانيا) من قانون الاثبات : (القرينة القانونية تغني من تقررت لمصلحته عن اي دليل آخر من أدلة الاثبات) م 40 بينات اردني ومثال ذلك، ما نصت عليه المادة (132/2) من القانون المدني : (ويفترض في كل التزام ان له سببا مشروعا ولو لم يذكر هذا السبب في العقد ما لم يقم الدليل على غير ذلك) فهذه المادة تفترض ان للعقد سببا مشروعا، ويقع على من يدعي عدم مشروعية السبب عبء اثبات ذلك، فالسبب المذكور في العقد هو السبب الحقيقي، فاذا ذكر في سند الدين ان قيمته دفعت نقداً، ثم قام الدليل على انتفاء القرض، اي صورية السبب، فان على الدائن يقع عبء اثبات ان للعقد سببا حقيقيا مشروعاً (37)، وكذلك ما نصت عليه المادة 318 من القانون المدني 🙁 1.يكون الاب ثم الجد ملزما بتعويض الضرر الذي يحدثه الصغير. 2. ويستطيع الاب او الجد ان يتخلص من المسؤولية اذا اثبت انه قام بواجب الرقابة او ان الضرر كان لابد واقعا حتى لو قام بهذا الواجب) فقد كان القياس على القواعد العامة يقتضي ان يثبت المدعي المتضرر، اضافة الى العمل غير المشروع الصادر من القاصر، تقصيراً من المكلف بالرقابة في تأدية واجبه، ولكن القانون فرض ان هذا التقصير قد وقع منه بمقتضى قرينة قانونية اقامها ضده ولم يكلف المدعي باثبات التقصير بل نقل عبء الاثبات الى المدعى عليه ليثبت انه قام بواجب الرقابة او ان الضرر كان لابد واقعا ولو قام بهذا الواجب بما ينبغي من العناية (38). ويجوز اثبات عكس القرائن القانونية، لانها لا تتضمن الا اعفاءا مؤقتا من عبء الاثبات، بخلاف القرائن القاطعة التي لا يجوز اثبات عكسها وتعفى اعفاءا نهائيا من عبء الاثبات.

________________________

1-السنهوري. ص67. تناغو. نظرية الالتزام فقرة 464 ص 641، للتوسع انظر الدكتورة نجلاء توفيق نجيب فليح. عبء الاثبات في الدعوى المدنية. دراسة مقارنة. رسالة دكتوراه. كلية القانون بجامعة الموصل 1998م.

2-توفيق حسن فرج ص29.

3-القاعدة الذهبية (55) ص25 الطعن رقم 187 لسنة 32 جلسة 29 / 22 / 1966 س 517 ص1735 ونقض 30 / 1 / 1981 الطعن 265 سنة 46 ق ونقض 28 / 4 / 1981 الطعن 1157 س 47 ق. انور طلبة ص287 – 288.

4-تناغو. نظرية الالتزام فقرة 473 ص 659.

5-جميعي. الوسيط. ص964 – 965.

6-اعلام الموقعين ج1 ص294.

7-الدكتور عبدالكريم زيدان. الوجيز في اصول الفقه. بغداد، مطبعة سلمان الاعظمي 1964 ص225 – 226.

8-سورة الاسراء، الآية 15.

9-سورة طه الآية 134.

10-المادة (5) من مجلة الاحكام العدلية والمادة (99 / ثانيا) من قانون الاثبات.

11-المادة (10) من مجلة الاحكام العدلية والمادة (99 / ثالثا) من قانون الاثبات وكانت المواد (444-448) الملغاة من القانون المدني العراق تنص على ان الاصل براءة الذمة، واليقين لا يزول بالشك ويضاف الحادث الى اقرب أوقاته، والأصل بقاء ما كان على ما كان، والاصل في الصفات العارضة العدم، وما ثبت بزمان يحكم ببقائه ما لم يوجد دليل على خلافه ونصبت المادة (6) من قانون الاثبات على ان (الاصل براءة الذمة) ونصت المادة (99) منه على ان (اولا – يضاف الحادث الى اقرب أوقاته. ثانيا – الاصل بقاء ما كان على ما كان، والأصل في الصفات العارضة العدم. ثالثا – ما ثبت بزمان يحكم ببقائه ما لم يوجد دليل على خلافه). وانظر المواد (73 – 75) من القانون المدني الاردني.

12-الدكتور مصطفى ابراهيم الزلمي. اصول الفقه الاسلامي في نسيجه الجديد. ج1، بغداد، دار الحكم للطباعة والنشر 1991 ص218 – 220.

13-قضت محكمة النقض المصرية (اذا ادعى المدين صورية السبب الوارد في العقد، فعليه عبء اثبات هذه الصورية، اما عبء اثبات ان للعقد سببا مشروعا اخر فيقع على عاتق الدائن المتمسك به) نقض 27 / 12 / 1962. الطعن رقم 89س 26ق. أنور طلبه. ص271. وانظر قرارات اخرى في الصفحتين 281 – 282.

14-قضت محكمة النقض المصرية (حسن النية مفترض، وعلى من يدعي العكس اثبات ما يدعيه) نقض 22/6/1967 رقم 55 س 34ق. أنور طلبه ص267.

15-نقض مصري 12/1969 الطعن رقم 287 س 35 ق. أنور طلبة ص 261-262.

16-نقض مصري 26/6/1969. الطعن رقم 111 س 35ق . انظر طلبه، ص262.

17-الطعن رقم 203 لسنة 23 ق جلسة 15/5/1958 س9 ص449. القواعد الذهبية. القاعدة 48 ص23.

18-نقض مصري 24/11/1970 الطعن رقم 199 س 36ق. أنور طلبة. ص259.

19-الطعن رقم 143 لسنة 51 ق جلسة 6/3/1947 الموسوعة الذهبية ص13-14.

20-الدكتور مصطفى ابراهيم الزلمي. اسباب اختلاف الفقهاء في الاحكام الشرعية. بغداد، الدار العربية للطباعة 1976 ص486.

21-عدنان ابراهيم سرحان. الاوضاع الظاهرة ومدى حمايتها في القانون العراقي والمقارن. رسالة ماجستير – كلية القانون بجامعة بغداد 1986 ص232.

22-مصطفى مجدي هرجة. قانون الاثبات في المواد المدنية والتجارية ج1، القاهرة، دار الثقافة للطباعة والنشر 1986 ص25.

23-مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني المصري ج6 ص483.

24-فتحي والي. مبادئ. فقرة 52 ص88.

25-السنهوري. فقرة 47 ص68 – 69.

26-الطعنان 25 / 33 ق، 28 / 34 ق جلسة 24 / 1 / 1967 س18 ص190 مصطفى مجدي هرجة ص27.

27-نقض مدني جلسة 7 / 2 / 1981 طعن 378 لسنة (50) ق. المصدر السابق ص27

السنهوري. فقرة 56 ص85.

28-انظر صحيح مسلم. تحقيق محمد فؤاد عبدالباقي. بيروت دار احياء التراث العربي ج3 ص1336 وصحيح البخاري. ادارة الطباعة المنيرية ج4 ص10 ومشكاة المصابيح – محمد بن عبدالله الخطيب. تحقيق محمد ناصر الدين الالباني. بيروت. المجلد الثاني، ص1110.

29-صحيح مسلم ج3 ص1336 هامش رقم 2.

30-تناغو. نظرية الالتزام فقرة 496 ص649 – 650.

31-جميعي. الوسيط ص974.

32-القرار التمييزي المرقم 2762 في 8/6/1982 مجموعة الاحكام العدلية، العدد الثاني 1982 ص149.

33-العبودي. ص75.

34-الدكتور سعدون العامري ص 24 – 25. العبودي ص77.

35-نقض مصري 25/2/1975. الطعن رقم 39 س 39ق. أنور طلبه ص 244 – 245.

36-نقض مصري 24/6/1971 الطعن رقم 27 س 37 ق. أنور طلبة ص 255 – 256.

37-الدكتور سعدون العامري ص25. وانظر المواد 230 و231 و 769 من القانون المدني والمادة 19 والمادة 32 / أولا من قانون الاثبات. وانظر المواد (75، 166، 288) من القانون المدني الاردني وانظر المواد (40، 41، 42) من قانون البينات الاردني.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .