حد ادنى للاجور

بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الشعب

محكمة القضاء الإدارى

الدائرة الأولى

بالجلسة المنعقدة علنا في يوم الثلاثاء الموافق 30/3/2010 م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار / عادل محمود زكي فرغلي

نائب رئيس مجلس الدولة

ورئيس محكمة القضاء الادارى

وعضوية السيد الأستاذ المستشار/سامي رمضان محمد ردويش

نائب رئيس مجلس الدولة

والسيد الأستاذ المستشار/ هلال صابر محمد العطار

نائب رئيس مجلس الدولة

وحضور السيد الأستاذ المستشار/ ادهم الجنزورى

مفوض الدولة

وسكرتارية السيد/ سامي عبدالله خليفة

أمين السر

أصدرت الحكم الآتي :

في الدعوى رقم 21606 لسنة 63 ق

المقامة من

1- ناجي رشاد عبدالسلام

“المدعي”

2- محمد الأشقر

خصوم متدخلون

انضماميا الى المدعي

3- كريمة محمد على الحنفاوى

4- فاطمة رمضان أبو المعاطي

5- محمد عبدالحميد سليمان شلبي

6- ياسر محمد حسين حساسه

ضد

1- رئيس الجمهورية بصفته

2- ورئيس مجلس الوزراء بصفته

3- وزير التخطيط بصفته

الوقائع

أقام المدعي الدعوى الماثلة بصحفة أودعت قلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ 16/2/2009 وطلب في ختامها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفذي القرار السلبي بالإمتناع عن وضع حد أدنى للأجور على المستوى القومي بمراعاة نفقات المعيشة وبإيجاد الوسائل والتدابير التى تكفل تحقيق التوزان بين الأجور والأسعار والأمر بتنفيذ الحكم بمسودته دون إعلان ، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضدهم المصاريف .

وذكر المدعي شرحاً لدعوى أنه يعمل بشركة مطاحن جنوب القاهرة والجيزة منذ عام 1988 ، ويتجاوز عمره حاليا خمسه وأربعون عاما، ويتقاضي أجراً أساسيا مقداره 368 جنيه ولديه أسره من زوجة وخمسة أبناء ويدفع 220 جنيها شهريا إيجارا لمسكنه، وأنه أرسل إنذارا إلى المدعي عليه الثالث بتاريخ 30/12/2008 بموجب برقية تلغرافية يطالبة بوضع حد أدني للأجور على المستوي القومي بمراعاة نفقات المعيشة وبإيجاد الوسائل والتداير التى تكفل تحقيق التوازن بين الأجور والأسعار نفاذاً لنص المادة (34) من قانون العمل، الإ أن المدعي عليه الثالث لم يحرك ساكناً ورأى أن ذلك يشكل قراراً سلبيا بالإمتناع عن وضع حد أدني للأجور، ونعي المدعي على القرار المطعون فيه مخالفة أحكام الدستور وأحكام المواثيق كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولى للحقوق الإقتصادية والإجتماعية، والميثاق العربي لحقوق الإنسان والمادة (34) من قانون العمل، وأضاف المدعي أن الحد الأدنى للأجر هو حد الدفاع الإجتماعي وأنه لا يقاس بالنقود التى يحصل عليها العامل وانما بما يمكن أن يضمنه للعامل من مستوي المعيشة مراعيا نسبة من يعولهم العامل، وأن الحد الأدني للأجور حسب أقل تقدير لا يجب أن يقل عن مبلغ 1008 جنيه ، وأن القرار المطعون فيه يتجاهل معايير تحديد الأجور ولا يراعي معدلات التضخم العالية، وان عدم تحديد حد أدني للأجور يهدد السلام الإجتماعي وأدى إلى قيام الطبقة العاملة بأوسع موجه إحتجاجات في تاريخها رغم سريان حالة الطوارئ والقيود المفروضة على حق الإضراب، وفي ختام الصحيفة طلب المدعي الحكم بطلباته المشار اليها .

ونظرت المحكمة طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه بجلسة 21/4/2009 حيث أودع حافظة مستندات وتداولت المحكمة نظر الدعوى على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وبجلسة 19/5/2009 طلب الأستاذ/ محمد الاشقر والسيدة/ كريمه محمد على الحفناوي قبول تدخلهما خصمين منضمين إلى المدعي في الدعوى، وبجلسة 30/6/2009 حضر وكيل كل من فاطمة رمضان أبو المعاطي ومحمد عبدالحميد سلميان وياسر محمد حسين حساسه وطلب قبول تدخلهم في الدعوى منضمين إلى المدعي وأودع صحيفة بتدخل المذكورين بعد إعلانها، وثلاث حافظات مستندات مقدمة من الخصوم المتدخلين المذكورين، وأودع الحاضر عن الدولة حافظة مستندات ـ وبجلسة 13/10/2009 أودع الحاضر عن المدعي والخصوم المتدخلين حافظة مستندات، ونسخة من سلسلة كراسات استراتيجية الصادرة عن مركز الدرسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام عن الدعم السلعي في مصر، ونسخة من جريدة الدستور، وأودع الحاضر عن الدولة مذكرة بدفاع جهة الإدارة دفع فيها بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة والقضاء عموما بنظر الدعوى لتعلقها بعمل من أعمال التشريع، واحتياطيا : بعدم قبول الدعوى لإنتفاء القرار الإدارى، ومن باب الإحتياط : بعدم قبول الدعوى لإنتفاء صفة ومصلحة رافعها، وبجلسة 9/2/2010 أودع الحاضر عن المدعي وعن الخصوم المتدخلين من الثالثة إلى الخامس مذكرة دفاع طلب فيها رفض دفوع جهة الإدارة والقضاء للمدعي بطلباته، وفي ذات الجلسة قررت المحكمة حجز الدعوى للحكم لجلسة 30/3/2010 مع التصريح بمذكرات خلال أسبوعين، وبتاريخ 23/2/2010 أودعت هيئة قضايا الدولة مذكرة دفاع تمسكت فيها بدفوعها التى وردت بمذكرتها السابقة وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به .

المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق ، وسماع الإيضاحات وبعد المداولة

من حيث أن المدعي يهدف من دعواه إلى الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار السلبي للمجلس القومي للأجور بالإمتناع عن وضع الحد الأدني للأجور على المستوي القومي طبقا لنص المادة (34) من قانون العمل مع ما يترتب على ذلك من آثار وتنفيذ الحكم بمسودته يغير إعلان، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار والزام جهة الإدارة المصاريف.

ومن حيث أنه عن الدفع المبدي من جهة الإدارة بعدم اختصاص المحكمة والقضاء عموماً بنظر الدعوى لتعلقها بعمل تشسريعي يختص به مجلس الشعب بحسبان أن الدعوى الماثلة تنصب على الطعن على عدم قبول تعديل قانون العاملين المدنيين بالدولة أو قانون قطاع الأعمال العام ولم يوجه دعواه لوقف تنفيذ أو إلغاء أى عمل تشريعي مما يختص به مجلس الشعب، وإنما جاءت طلبات المدعي واضحة جلية لا لبس فيها ولا غموض بالطعن على القرار السلبي للمجلس القومي للأجور بالإمتناع عن وضع الحد الأدني للأجور على المستوي القومي على النحو الذي أوجبته المادة (34) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 ، والمجلس القومي للأجور يشكل بقرار من رئيس مجلس الوزراء وقد حدد المشرع في المادة 34 من قانون العمل اختصاصاته، وما يصدر عن هذا المجلس في سبيل مباشرة اختصاصاته يعد قرارات إدارية يدخل الطعن عليها في الإختصاص الولائي لمحاكم مجلس الدولة، وتختص هذه المحكمة بنظر الدعاوي المقامة لوقف تنفيذها والغائها ومن ثم فإن الدفع المبدي بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائياً بنظر الدعوى على النحو المشار إليه يكون غير قائم على سند من القانون ويتعين الحكم برفضه، وتكتفي المحكمة بالإشارة الى ذلك في الأسباب.

ومن حيث أنه عن الدفع بعدم قبول الدعوى لإنتفاء صفة ومصلحة رافعها تأسيساً على أن المدعي لا صفه له فى تمثيل العمال وأن دعواه مجرد دعوى حسبة دوان أن يثبت له مصلحه أو صفة فى رفعها فإن هذا الفع مردود لأن المدعى لم ينثب لنفسه تمثيب غيره من العمال في الدعوى وإنما أقامهما بصفة شخصية وقد إستقر قضاء هذه المحكمة مؤيداًُ بقضاء المحكمة الإدارية العليا على أنه وإن كان من الواجب في المصلحة أن تكون شخصية، وقد استقر قضاء هذه المحكمة مؤيداً بقضاء المحكمة الادارية العليا علن ان كان من الواجب في المصلحة ان تكون شخصية ومباشرة وقائمة الإ أنه في مجال دعوى الإلغاء ، وحيث تتصل هذه الدعوى بقواعد واعتبارات المشروعية والنظام العام، فإن شرط المصلحة يتسع لكل دعوى يكون رافعها في حالة قانونية خاصة بالنسبة إلى القرار المطعون فيه من شأنها أن تجعل هذا القرار مؤثراً في مصلحة جدية له دون أن يعني ذلك الخلط بينها وبين دعوى الحسبة .

” حكم المحكمة الادارية العليا في الطعنين رقمي 16834 ، 68971 لسنة 52ق جلسة 16/12/2006 ”

ومن حيث أن الثابت من الأوراق أن المدعي يعمل بشركة مطاحن جنوب القاهرة والجيزة وهي شركة تابعة من شركات قطاع الأعمال العام وتتخذ شكل الشركة المساهمة طبقا لنص المادة (16) من قانون شركات قطاع الأعمال العام الصادر بالقانون رقم 203 لسنة 1991 ، وأن المدعي يتقاضي الأجر المقرر في اللائحة التى تضعها الشركة بالإشتراك مع النقابة العامة المختصة طبقا لنص المادة 42 من قانون شركات قطاع الأعمال العام، ولما كانت المادة 43 من القانون المشار إليه تنص على أن ” يراعي في وضع اللوائح المنظمة لشئون العاملين ما يأتي : أولا ……..

ثانيا : إلتزام نظام الأجور بالحد الأدني المقرر قانوناً “

وطبقا لنص المادة (48) من القانون المشار إليه فإنه تسري أحكام قانون العمل على العاملين بالشركات التابعة فيما لم يرد بشأنه نص خاص في قانون شركات قطاع الأعمال العام أو اللوائح الصادرة تنفيذاً له وأن الأجور التى تتضمنها لوائح العاملين بشركات قطاع الأعمال العام يراعى فى تحديدها ضرورة اللإلتزام بالحد الأدنى للأجور، وقد أسند المشرع في المادة (34) من قانون العمل للمجلس القومي للأجور تحديد الحد الأدني للأجور على المستوي القومي، ومن ثم فإن تحديد المجلس المشار إليه الحد الأدني للأجور يحقق فائدة ومصلحة للمدعي لا ريب فيها لأن لائحه الشركة التى يعمل بها ستلتزم به، ويكون للمدعي مصلحة وصفة في الطعن على القرار السلبي بامتناع المجلس القومي للأجور عن تحديد الحد الأدنى للأجور، ويتعين رفض الدفع المبدي من جهة الإدارة في هذا الشأن، وتكتفي المحكمة بالإشارة إلى ذلك في الأسباب.

ومن حيث أنه طلب التدخل إنضماميا إلى المدعي فإنه طبقا لنص المادة (126) من قانون المرافعات يشترط لقبول طلب التدخل قيام مصلحة للمتدخل ووجود إرتباط بين طلب التدخل والطلبات موضوع الدعوي وأن يقدم الطلب بإتباع أحد الإجراءات المنصوص عليها في المادة المشار إليها.

ومن حيث أنه عن طلب التدخل المقدم من محمد الأشقر وكريمه محمد على الحفناوي فإنهما أثبتا طلب تدخلها انضمامياً للمدعي بمحضر جلسة المحكمة بتاريخ 19/5/2009 دون بيان جهة عملها أو مصلحتهما من الدعوى ولم يثبت أنهما يعملان بالقطاع الخاص أو بإحدى شركات قطاع العام حتى يستفيدا من الغاء القرار المطعون فيه وإذا لم يثبت من الأوراق وجود مصلحة لطالبى التدخل المذكورين من إلغاء القرار المطعون فيه فمن ثم فإن أحد شروط تدخلهم انضمامياً الى المدعي يكون قد تخلف وبتعين الحكم بعدم قبول طلب التدخل المقدم منهما.

ومن حيث أنه عن طلب التدخل المقدم من فاطمة رمضان أبو المعاطي ومحمد عبدالحميد سلميان شلبي كخصمين منضمين إلى المدعي فإن الثابت من الأوراق أن فاطمة رمضان أبو المعاطي تعمل بمديرية القوي العاملة والهجرة بمحافظة الجيزة وأن محمد عبدالحميد سلميان شلبي يعمل بإدارة بركة السبع التعليمية بمديرية التربية والتعليم بالمنوفية، وأنهما من الموظفين العموميين الخاضعين لأحكام قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 ، ولما كان الموظفون العموميون يتقاضون مرتباتهم من خزانة الدولة وقد نص الدستور فى المادة 122 على أن : ” يعين القانون قواعد منح المرتبات والمعاشات والتعويضات والإعانات والمكافآت التى تقرر على خزانة الدولة ..”

وتنفيذاً لنص الدستور تضمنت المادة (40) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة النص على أن : ” تحدد بداية ونهاية أجور الوظائف بكل درجة وفقا لما ورد في الجدول رقم (1) المرافق ” وتضمن الجدول رقم (1) المرافق ” وتضمن الجدول المشار إليه تحديد بداية ونهاية أجور الوظائف العامة بكل درجة، ويستحق الموظف العام المرتب المقرر قانوناً لدرجة وظيفته، ولا يسري على الموظفين العموميين أحكام قانون العمل ولا يطبق عليهم الحد الأدني للأجور المقرر في قانون العمل، ويلزم لزيادة مرتباتهم تعديل الجدول المرفق بقانون نظام العاملين المدنيين بالدولة بموجب قانون، ومن ثم فإن السيدة/ فاطمة رمضان أبو المعاطي ومحمد عبدالحميد سليمان شلبي بوصفهما من الموظفيين العموميين لا يكون لهما مصلحة شخصية في إلغاء القرار المطعون فيه بالإمتناع عن تحديد الحد الأدني للأجور طبقا لنص المادة (34) من قانون العمل ويتخلف في شأنهما شرط من الشروط اللازمة لقبول تدخلهما انضمامياً إلى جانب المدعي ويتعين الحكم بعدم قبول تدخلهما كخصمين منضمين إلى المدعي .

ومن حيث أنه عن طلب التدخل من السيد / ياسر محمد حين حساسه فإن الثابت من الأوراق أن المذكور يعمل بشركة أطلس العامة للمقاولات والإستثمارات العقارية وأعمال التكييف والمصاعد وهي شركة تابعة من شركات قطاع الأعمال العام، وسوف يترتب على إلغاء القرار المطعون فيه وتحديد حد أدني للأجور إلتزام لائحه الأجور بالشركة التى يعمل بها بذلك طبقا لنص (43) من قانون شركات قطاع الأعمال العام المشار إليها ومن ثم فإنه يكون له مصلحة في التدخل انضمامياً إلى المدعي، وإذ إستوفي طلب التدخل المقدم منه أوضاعه الشكلية فمن ثم يتعين الحكم بقبول تدخله خصماً منضماً إلى المدعي في طلباته.

ومن حيث أنه عن شكل الدعوى ولما كان طلب إلغاء القرار السلبى بالإمتناع عن أمر أوجبه القانون لا يتقيد الطعن عليه بميعاد طالما استمرت حالة الإمتناع قائمة ولما كانت الدعوى قد استوفت كافة أوضاعها الشكلية فمن ثم يتعين الحكم بقبولها شكلا .

ومن حيث أنه عن طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه فإنه يتشرط للقضاء بوقف تنفيذ القرار الإدارى طبقا لنص المادة (49) من قانون المجلس الدولة الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972 توافر ركني الجدية والإستعجال، بأن يكون القرار بحسب ظاهر الأوراق مرجح الإلغاء عند الفصل في موضوع الدعوى، وأن يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها فيما لو قضي بإلغائه .

ومن حيث أنه عن ركن الجدية فإن المادة (4) من الدستور بعد تعديلها طبقاً لنتيجة الإستفتاء على تعديل الدستور الذي أجرى يوم 26/3/2007 تنص على أن :” يقوم الإقتصاد في جمهورية مصر العربية على تنمية النشاط الإقتصادي والعدالة الإجتماعية وكفالة الأشكال المختلفة للملكية، والحفاظ على حقوق العمال “.

وتنص المادة (13) من الدستور على أن : ” العمل حق وواجب وشرف تكلفة الدولة..”

وتنص المادة (23) من الدستور على أن : ” ينظم الإقتصاد القومي وفقاً لخطة تنمية شاملة تكفل زيادة الدخل القومي وعدالة التوزيع ورفع مستوي المعيشة والقضاء على البطالة وزيادة فرص العمل وربط الأجر بالإنتاج وضمان حد أدني للأجور ووضع حد أعلى يكفل قريب الفروق بين الدخول “.

وتنص المادة (26) من الدستور على أن : للعاملين نصيب في إدارة المشروعات وفي أرباحها ويلتزمون بتنمية الإنتاج وتنفيذ الخطة في وحداتهم الإنتاجية وفقاًً للقانون … “.

وتنص المادة (29) من الدستور على أن : تخضع الملكية لرقابة الشعب وتحميها الدولة …”

وتنص المادة (32) من الدستور على أن : الملكية الخاصة تتمثل في رأس المال غير المستغل وينظم القانون أداء وظيفتها الإجتماعية فى خدمة الإقتصاد القومى وفى إطار خطة التنمية، دون إنحراف أو استغلال، ولا يجوز أن تتعارض فى طريق استخدامها مع الخير العام للشعب .

وتنص المادة (7) من الإتفاقية الدولية للحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية التى أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 16/12/1966 والتى وقعت عليها جمهورية مصر العربية بتاريخ 4/8/1967 وتمت الموافقة عليها بقرار رئيس الجمهورية رقم 537لسنة 1981 ونشرت بالجريدة الرسمية في العدد 14 فى 8\4\1982 على أن : تقر الاطراف في الاتفاقية الحالية بحق كل فرد في المجتمع بشروط عمل صالحه وعادلة تكفل بشكل خاص :

أ‌- مكافآت توفر لكل العمال كحد أدني :

ب‌- أجور عادلة … 2- معيشة شريفة لهم ولعائلاتهم … ”

وتنص المادة (34) من قانون العمل الصادر رقم 12 لسنة 2003 على أن :” ينشأ مجلس قومي للاجور برئاسة وزير التخطيط ، يختص بوضع الحد الادني للاجور على المستوى القومي بمراعاة نفقات المعيشة وبإيجاد الوسائل والتدابير التى تكفل تحقيق التوازن بين الاجور والاسعار.

كما يختص المجلس بوضع الحد الادني للعلاوات السنوية الدورية بما لا يقل عن 7% من الاجر الاساسي الذي تحسب على أساسه اشتراكات التأمينات الاجتماعية.

ويصدر رئيس مجلس الوزراء خلال ستين يوماُ من تاريخ العمل بهذا القانون قراراً بتشكيل هذا المجلس ، ويضم في عضويته الفئات الاتية :

1- أعضاء بحكم وظائفه أو خبراتهم .

2- أعضاء يمثلون أصحاب الاعمال تختارهم هذه المنظمات .

3- أعضاء يمثلون الاتحاد العام لنقابات عمال مصر يختارهم الاتحاد.

ويراعي ان يكون عدد أعضاء الفئة الاولى مساوياً لعدد أعضاء الفئتين الثانية و الثالثة معا وان يتساوى عدد اعضاء كل من الفئتين الثانية والثالثة .

ويحدد في القرار تشكيل المجلس و إختصاصاته الأخرى ونظام العمل به ” .

وتنص المادة الأولى من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 983 لسنة 2003 بإنشاء مجلس قومي للأجور على أن : ” يشكل مجلس قومي للأجور برئاسة وزير التخطيط وعضوية : …”

وتنص المادة الثالثة من ذات القرار على أن : يختص المجلس القومي للأجور بما يلي :

– وضع الحد الأدني للأجور على المستوي القومي بمراعاة نفقات المعيشة والوسائل والتدابير التى تكفل تحقيق التوازن بين الأجور والأسعار ….

– إجراء الدراسات اللازمة على المستوي القومي لإعادة النظر في الحد الأدني للأجور مع مقترحات دورية ولا تجاوز ثلاث سنوات على الأكثر ” .

– ومن حيث أن الدستور المصري وبغض النظر عن المذهب السياسي والإقتصادي الذي أفصح عنه واعتمده عند صدوره وهو المذهب الإشتراكي، ثم تخيله عن النص على النظام الإشتراكي بموجب التعديل الذي جرى بتاريخ 26/3/2007، قد أقام البنيان الإجتماعي والإقتصادي المصري على عدد من الأسس والمبادئ التى لم يتغير مضمونها بالعدول عن النظام الإشتراكي ، وتتمثل في العدالة الإجتماعية وإقامة التوازن بين الملكية والعمل، فكما كفل الدستور الملكية وأوجب حمايتها، فإنه عبر عنها بأنها ملكية رأس المال غير المستغل، وأخضعها لرقابة الشعب ، وجعل لها وظيفة إجتماعية في خدمة الإقتصاد القومي دون إنحراف أو إستغلال أو تعارض مع الخير العام للشعب.

– كما أعلى الدستور من قيمة العمل واعتبره حقاً وواجباً وشرفاً، وأوجب على الدولة كفالته، كما أوجب عليها الحفاظ على حقوق العمال وذلك بضمان المقابل العادل لأعمالهم وضمان حد أدني للأجور وربط الأجر بالإنتاج ووضع حد أعلى للأجور يكفل تقريب الفروق بين الدخول وكفل للعاملين نصيبا في إدارة المشروعات وفي أرباحها .

– والتنظيم الدستورى للعلاقة بين الملكية المتمثلة في رأسي المال وبين العمل لم ينطلق من فكرة الصراع بين العمال وأصحاب رأس المال، وإنما من فكرة التعاون والتكامل بينهما بما يحقق خدمة الإقتصاد الوطني وزيادة الدخل القومي وعدالة التوزيع ورفع مستوى المعيشة والقضاء على البطالة وتحقيق زيادة فرص العمل، كل ذلك بما لا يهدر حقوق العمال أو يخل بها .

وقد كفلت المواثيق والإتفاقيات الدولية حق العمال في الحصول على أجر عادل وضمان حد أدني للأجور كالإتفاقيات الدولية الخاصة بالعمل بداية من الإتفاقية رقم (26) التى اعتمدها مؤتمر العمل الدولى عام 1928 والاتفاقيات اللاحقة، كذلك الإتفاقية الدولية للحقوق الإقتصادية والإجتماعية التى أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 16/12/1966 وتم الموافقة عليها بقرار رئيس الجمهورية رقم 537 لسنة 1981 ونشرت بالجريدة الرسمية بتاريخ 8/4/1982 ولها قوة القانون في البنيان القانوني المصري، وقد تضمنت هذه الاتفاقية في المادة (7) التزام الدولة بكفالة حق العمال في شروط عمل صالحة وعادلة تكفل لهم أجوراً عادلة ومعيشة شريفة لهم ولعائلاتهم .

ومن حيث إن العامل هو كل شخص طبيعي يعمل لقاء أجر لدي صاحب عمل تحت إدارته وإشرافه، معتمداًُ علي جهده البدني أو الذهني، والأجر هو ما يحصل عليه العامل لقاء عمله، ثابتا كان أو متغيرا ،نقدا او عينا، وقد إختلفت النظريات الإقتصادية حول أسس تحديد الأجر، إلا أن التطور الإقتصادي والإجتماعي الذي شهده العالم وإنعكس صداه إلي كافة الأنظمة الإقتصادية، وامتد أثره إلي الدساتير ومنها الدستور المصري، كشف عن ضرورة الإلتزام بمبدأ عدالة الأجر ومبدأ الحد الأدني للأجور.

والأجر العادل للعامل – وبغض النظر عن الخلاف حول تحديده من مفهوم اقتصادي- يجب أن يضمن الحياة الكريمة للعامل ولأسرته التي يعولها، فكل من يعمل يجب أن يعيش حياة كريمة هو وأسرته من عائد عمله بمراعاة قيمة العمل الذي يقوم به وبما يتناسب مع الظروف الإقتصاديه للمجتمع، وإن إختلت هذه المعادلة فإن ذلك يكشف عن خلل إقتصادي وإجتماعي، ولا سبيل إلى تحقيق الأجر العادل الإ بضمان حد أدني لأجور العمال، فالعامل هو الطرف الضعيف في علاقة العمل وحمايته واجبة، الأمر الذي يستلزم ضمان حد أدني للأجور، لا يجوز أن يقل عنه أجر أى عامل ويضمن الحياة الكريمة للعامل ويتناسب مع ظروف المعيشة والإرتفاع المستمر فى أسعار السلع والخدمات.

ومن حيث أن الدستور المصري قد تبني مبدأ ضمان حد أدني لأجور العمال على النحو السالف تفصيله لضمان تحقيق عدالة الأجور، وهذه الحماية الدستورية لأجور العمال ليست مجرد شعارات أو توجيهات مجردة من القيمة القانونية، ولكنها وردت في إطار دستورى جعلها في مصاف أعلى القواعد القانونية في تدرج البنيان القانونى المصرى، فلم يترك الدستور أمر ضمان حد أدنى لأجور العمال لإرادة المشرع إن شاء قرر هذا الحق وإن شاء حجبه عن العمال، ولكن نص الدستور على ضمان حد أدني لأجور العمال كحق دستورى لهم ألقي على المشرع التزاما بوضع حكم الدستور في هذا الشأن في إطار قانوني ينظم حدود هذا الحق ويكفل حمايته، كما حمل السلطة التنفيذية واجب تنفيذ نصوص الدستور والقانون لضمان حد أدني لأجور العمال .

ومن حيث أن المشرع التزاما منه بما أوجبه الدستور من ضمان حد أدني للأجور، أوجب بدوره حد أدني للأجور على النحو الوارد في المادة (34) من قانون العمل، واعتبر الحد الأدنى للأجور متعلقا بالنظام العام ولا يجوز الإتفاق على مخالفته، فإذا كانت علاقة العمل علاقة خاصة ويتحدد الأجر بإتفاق رب العمل والعامل الإ أنه لا يجوز أن يقل الأجر عن الحدد الأدني للأجور، فقد نص المشرع في المادة (5) من قانون العمل على إبطال كل شرط أو إتفاق يخالف قانون العمل إذا كان يتضمن اتنقاصاً من حقوق العامل المقررة فيه، كما نص في المادة (37) من قانون العمل على أنه ” إذا تم الإتفاق على تحديد الأجر بالإنتاج أو العمولة وجب الأ يقل ما يحصل عليه العامل عن الحد الأدني للأجور ” .

كما نص المشرع في المادة (34) من قانون العمل المشار اليها على إنشاء مجلس قومي للأجور برئاسة وزير التخطيط، على أن يشكل بقرار من رئيس مجلس الوزراء ويتضمن في تشكلية أعضاء بحكم وظائفهم أو خبراتهم، وأعضاء يمثلون أصحاب الأعمال وأعضاء يملثون الإتحاد العام لنقابات عمال مصر، ووضع ضوابط تشكيل المجلس المشار إليه، وأسند إليه الإختصاص بوضع الحد الأدني للأجور على المستوي القومي بمراعاة نفقات المعيشة وبإيجاد الوسائل والتدابير التى تحقيق التوازن بين الأجور والأسعار، وبالإضافة إلى الإختصاصات الأخرى التى حددها المشرع أو التي يحددها رئيس مجلس الوزراء في قرار تشكيل المجلس، وقد صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 983 لسنة 2003 بتشكيل المجلس القومي للأجور برئاسة وزير التخطيط، وحدد اختصاصات المجلس ومن بينها الاختصاص الذي نص عليه المشرع بوضع الحد الأدنى للأجور، والاختصاص بإجراء الدراسات اللازمة لإعادة النظر في الحد الأدني للأجور في مدة لا تجاوز ثلاث سنوات علي الأكثر.

ومن حيث إن مقتضي نص الدستور علي ضمان حد أدني للأجور، ونص المشرع في قانون العمل علي إنشاء مجلس قومي للأجور يختص بوضع الحد الأدني للأجور، أن دور الدولة في هذا الشأن هو دور إيجابي وليس دوراً سلبياً، فلا يجوز لجهة الإدارة أن تترك تحديد أجرة العمال لهوي أرباب الأعمال من أصحاب رأس المال دون التزام منهم بحد أدني للأجور، مستغلين حاجة العمال إلي العمل، وإجبارهم علي تقاضي أجور غير عادلة، لا تتناسب مع الأعمال التي يؤدونها، ولا تساير إرتفاع الأسعار وزيادة نفقات المعيشة، وعلي جهة الإدارة أداء الالتزام المنوط بها دستورياً وقانونياً بضمان حقوق العمال وكفالة الأجر العادل لهم، وعليها واجب التدخل لضمان الحد الأدني لأجور العمال، ولا يجوز لها أن تتخلي عن واجبها إهمالاً أو تواطؤاً، ويتعين علي المجلس القومي للأجور الإلتزام بأحكام الدستور وبنص المادة (34) من قانون العمل وأن يحدد الحد الأدني للأجور التي يجب أن يتقاضاها العمال بمراعاة نفقات المعيشة وبما يحقق التوازن بين الأجور والأسعار، ولم يرخص المشرع للمجلس المشار إليه الإمتناع عن تحديد الحد الأدني للأجور، ولا يجوز له أن يمتنع عن مباشرة هذا الإختصاص – وهو مناط وعلة إنشائه – وإلا كان معطلاً لحكم الدستور الخاص بضمان حد أدني للأجور، ولنص المادة (34) من قانون العمل التي عهدت إليه تحديد الحد الأدنى للأجور، ولنص الفقرة الأخيرة من المادة الثالثة من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 983 لسنة 2003 والتي أسندت إلي المجلس إجراء الدراسات اللازمة لإعادة النظر في الحد الأدني للأجور في مدة لا تجاوز ثلاث سنوات علي الأكثر، ولا سبيل إلي إعادة النظر في الحد الأدنى للأجور قبل تحديده أولاً وهو ما لم يقم به المجلس المشار إليه.

وليس صحيحاً ما قد يدعي به من أن النصوص الدستورية والتشريعية المشار إليها هي من النصوص التوجيهية التي تستنهض عزم الحكومة علي تحديد حد أدني للأجور مجاراة للدول المتقدمة، نصاً بغير عمل واقعاً، بل إن النصوص المذكورة تتظاهر علي تصميم الشارع الدستوري والقانوني علي إلزام الحكومة بوضع حد أدني للأجور ضماناً لتحقيق العدالة بين العاملين وضرب لها موعداً لا يجوز تجاوزه أو إهماله وعليها أن تخف لتحديد هذا الحد الأدنى وعليها أن تخف لتحديد هذا الحد الأدنى بل عليها أن تجري الدراسات اللازمة في موعد معين لا يجاوز ثلاث سنوات ضماناً لإستمرار موافقة الأجور للظروف الإقتصادية والإجتماعية، فإذا كان رئيس مجلس الوزراء تنفيذاً لمقتضي القانون قد شكل المجلس القومي للأجور لتحقيق غايتين الأولي هي الإسراع بوضع حد أدني للأجور والثانية للإستمرار في الدراسات لإعادة النظر فيه في مدة لا تجاوز ثلاث سنوات، فإذا ظنت الإدارة أن تشكيل المجلس المذكور هو غاية الالتزام المنوط بها لإستكمال الشكل الحضاري أمام العالم دون أن يكون له أثره الفعلي علي روافد الحياة الواقعية للعاملين، فإنها تكون قد أخطأت في فهم نصوص القانون والدستور، وتخلت عن التزاماتها تجاه العاملين سواء في القطاع الخاص أو قطاع الأعمال العام، ويشكل مسلكها قراراً إدارياً سلبياً معيباً ومخالفاً للقانون.

ومن حيث إن البادي من ظاهر الأوراق أن المجلس القومي للأجور لم يحدد الحد الأدنى للأجور منذ إنشائه في عام 2003 حتى الآن، مع أن عليه واجب تحديد الحد الأدنى للأجور وفقاً لنص القانون دون حاجة إلي طلب يقدم إليه من العمال، ومع ذلك فقد استنهض المدعي رئيس المجلس المشار إليه مطالباً بوضع حد أدني للأجور وفقاً لنص المادة (34) من قانون العمل بموجب البرقية التلغرافية المؤرخة 30/12/2008 – المرفقة صورتها بالأوراق – إلا أن المجلس القومي للأجور لم يحرك ساكناً، واستمر في امتناعه عن تحديد الحد الأدني للأجور بالمخالفة لأحكام الدستور والقانون، ظناً منه أن مجرد تشكيل المجلس هو غاية المراد من النص فإن القرار السلبي للمجلس القومي للأجور بالامتناع عن تحديد الحد الأدنى للأجور قد صدر بحسب ظاهر الأوراق معيباً بعيب مخالفة القانون، الأمر الذي يجعله مرجح الإلغاء عند الفصل في موضوع الدعوى، ويتوافر ركن الجدية اللازم للحكم بوقف تنفيذه.

ومن حيث إنه عن ركن الإستعجال فلا شك أنه قائم ومتوافر بالنظر إلي أن عدم تحديد الحد الأدنى للأجور يخلل بالحقوق الإقتصادية التي كفلها الدستور للعمال ومن بينهم المدعي، وقد استقر قضاء هذه المحكمة علي أن كل إهدار للحقوق الدستورية يتوافر معه ركن الإستعجال المبرر لوقف تنفيذ القرار الإداري.

ومن حيث إن طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه استوفى ركن الجدية وركن الإستعجال فمن ثم يتعين الحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب علي ذلك من آثار وأخصها التزام المجلس القومي للأجور بوضع الحد الأدنى للأجور طبقاً لنص المادة (34) من قانون العمل.

ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم المصاريف طبقاً لنص المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة : بعدم قبول طلبات التدخل المقدمة من كل من محمد الأشقر وكريمة محمد علي الحفناوي وفاطمة رمضان أبو المعاطي ومحمد عبد الحميد سليمان شلبي وألزمت كل منهم مصاريف طلب تدخله، وبقبول طلب التدخل المقدم من ياسر محمد حسين حساسه، وبقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار السلبي للمجلس القومي للأجور بالإمتناع عن وضع الحد الأدنى للأجور مع ما يترتب علي ذلك من آثار، وألزمت جهة الإدارة مصاريف هذا الطلب، وأمرت بإحالة الدعوى إلي هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في موضوعها.

سكرتير المحكمة

رئيس المحكمة