ديون الدولة على الموظف لا تسقط الا بمضي خمس سنوات تقديراً للمصلحة العامة :

حسمت المحكمة الدستورية سلامة المادة 21 من قانون الخدمة المدنية التي تسمح للجهة الحكومية بمطالبة الموظف بالمبالغ التي صرفت له من دون وجه حق خلال خمس سنوات، وعدم أحقية الموظف بالرجوع على جهة الحكومية إن كانت له مبالغ مالية بمدة سنة من تاريخ علمه بهذه الحقوق أو خمس سنوات من تاريخ الاستحقاق، معتبرة أن المادة تتوافق مع نص المادة 7 من الدستور التي تنص على مبدأ المساواة، ولا تتضمن أي تمييز بين حق الموظف بالرجوع على الجهة الحكومية في المطالبة بحقوقه، وبين رجوع الجهة الحكومية في المطالبة بحقوقها تجاه الموظف.

وأكدت «الدستورية» أن تحديد المشرع الكويتي لمدة التقادم للمطالبة بالحقوق المالية للموظف قبل الجهة الحكومية بمضي سنة من تاريخ علمه بها أو بخمس سنوات من تاريخ الاستحقاق أي المدتين أقرب، وبذات الوقت قرر ذات مدة الخمس سنوات لسقوط حق الجهة الحكومية في استرداد ما صرف للموظف دون وجه حق من تاريخ الصرف، فإن المشرع لا يكون بذلك خالف مبدأ المساواة مادام التمييز وفق ما تقتضيه المصلحة العامة.

وقالت المحكمة، في حيثيات حكمها، برئاسة المستشار يوسف المطاوعة إن النعي على المادة 21 من قانون الخدمة المدنية من أنها أخلت بمبدأ المساواة المنصوص عليه بالمادة 7 من الدستور، إذ مايز المشرع بين مدة التقادم المسقط لحق الجهة الحكومية في استرداد المبالغ المدفوعة منها للموظف بدون وجه حق، وجعلها خمس سنوات من تاريخ الصرف، في حين جعل مدة سقوط حق الموظف في المطالبة بحقوقه المالية قبل الجهة الحكومية سنة من تاريخ علمه بهذه الحقوق أو خمس سنوات من تاريخ الاستحقاق أي المدتين أقرب، على الرغم من أن كلا الطرفين يجمعهما مركز قانوني واحد ناشئ عن حقهما في المطالبة بالمبالغ المالية التي يتقاضاها الموظف بمناسبة وبسبب مباشرته أعمال وظيفته، يقتضي توحيد مبدأ التقادم في الحالتين.

العموم والتجريد :

وأوضحت أن هذا النعي مردود عليه بأن المساواة أمام القانون تتحقق بتوافر شرطي العموم والتجريد في القاعدة القانونية، وليس المقصود بالمساواة المساواة المطلقة أو الحسابية، كما أن التمييز المنهي عنه هو الذي يكون تحكميا، ولا يتنافى مع مبدأ المساواة التمييز الذي يقوم على أسس موضوعية وتقتضيه مصلحة عامة.

ولفتت «الدستورية» إلى أن الحاصل أنه، وإن كان للتقادم في نطاق روابط القانون الخاص حكمته التشريعية المتعلقة بضرورة استقرار الحقوق بعد مدة من الزمن، فإن حكمته في مجال روابط القانون العام تجد تبريرها على نحو ألزم وأوجب في استقرار الأوضاع الإدارية والمراكز القانونية لموظفي المرافق العامة، وهو استقرار تمليه المصلحة العامة وحسن سير المرفق بانتظام واطراد.

وبينت المحكمة أن النص المطعون فيه جاء بتقرير مدة التقادم الحَولي، وذلك بسقوط حق الموظف في المطالبة بحقوقه المالية بمضي سنة من تاريخ علمه بها، وكانت مقتضيات النظام الإداري حدت إلى تقرير قاعدة أكثر تيسيرا في علاقة الحكومة بموظفيها بمراعاة طبيعة هذه العلاقة، تقتضي بان يقوم في مقام قطع التقادم مجرد الطلب الذي يوجهه الموظف إلى السلطة المختصة متمسكا فيه بحقه، طالبا أداءه، وكانت مدة التقادم في هذه الحالة لا تقوم على قرينة الوفاء، وإنما أساسها قرينة قوامها افتراض علم الموظف بحقه وسكوته عن المطالبة به، وهي دلالة نافية لمشيئة التمسك به، وقرينة تسقط بإثبات العكس وتخضع عند التنازع لتقدير محكمة الموضوع.

وقالت إنه إذا استهدف المشرع بتقريره مدة التقادم في هذه الحالة استقرار الأوضاع الادارية وعدم تعريض ميزانية الدولة وهي في الأصل سنوية للمفاجآت والاضطراب وعدم إثقال كاهلها بتراكم الدين عليها، وبالتالي فإن المشرع بتحديده مدة التقادم للمطالبة بالحقوق المالية للموظف قبل الجهة الحكومية بمضي سنة من تاريخ علمه بها أو بخمس سنوات من تاريخ الاستحقاق، أي المدتين أقرب، كما قرر المشرع ذات المدة وهي خمس سنوات لسقوط حق الجهة الحكومية في استرداد ما صرف للموظف بدون وجه حق من تاريخ الصرف، فإن المشرع لا يكون بذلك خالف مبدأ المساواة مادام ذلك التمييز لما سلف بيانه تقتضيه المصلحة العامة، وترتيبا على ذلك يتعين القضاء برفض الدعوى.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .