الضابطة العدلية

الضابطة العدلية La police judiciaire هي التي تقوم بجمع الأدلة وجميع الأعمال التي تسبق إقامة الدعوى العامة، ووضعها تحت تصرف النيابة العامة التي تتفحصها من أجل معرفة إمكانية إقامة الدعوى العامة من عدمها. وهذا هو المعنى الضيق للضابطة العدلية وهو يفرِّق بدقة بين عملها وبين التحقيق الابتدائي.

في حين تشمل الضابطة العدلية، بمعناها الأوسع، جميع الأعمال التي تقوم بها العدالة الجزائية بدءاً من جمع الأدلة حتى الوقت الذي تتسلم فيه المحكمة المختصة ملف القضية.

أعضاء الضابطة العدلية

أعضاء الضابطة العدلية نوعان: أعضاء يتمتعون باختصاص عام، وأعضاء ليس لهم سوى اختصاص خاص. أما أصحاب الاختصاص العام فهم على نوعين أيضاً: الضباط القضاة: وهم النائب العام ووكلاؤه ومعاونوه، وكذلك قضاة التحقيق وقضاة الصلح في المراكز التي لا يوجد فيها نيابة عامة، والضباط المساعدون: وهم موظفون إداريون يساعدون النيابة العامة في القيام بأعمال الضابطة العدلية، كالمحافظ ومدير المنطقة ومدير الناحية والمدير العام للشرطة وضباط الشرطة والأمن العام. أما أصحاب الاختصاص الخاص فهم من أضفى عليهم القانون صفة الضابطة العدلية تبعاً لأنواع الجرائم، ومثال ذلك: شرطة المرور في مخالفات قانون السير ومراقبو الخطوط الحديدية في الجرائم التي ترتكب في القطارات ومفتشو الآثار في مخالفات الآثار وموظفو الجمارك في المخالفات الجمركية و مفتشو العمل في المخالفات التي نص عليها قانون العمل.

ويعدالنائب العام رئيس الضابطة العدلية في منطقته، ويخضع لإشرافه ولمراقبته جميع موظفي الضابطة العدلية.

وظائف الضابطة العدلية

تنحصر وظائف الضابطة العدلية، من حيث المبدأ، في مرحلة البحث الأولي التي تلي لحظة ارتكاب الجريمة، وتقوم الضابطة العدلية بالأعمال الآتية:

ـ استقصاء الجرائم: أي الكشف عنها، وذلك بالبحث والتحري، وهو أول أعمال الضابطة العدلية وأهمها. ويتم هذا البحث إما عفوياً في أثناء قيام الضابطة العدلية بالدوريات، أو بناءً على شكوى قدمت لها. وتجدر الإشارة إلى أن وسائل الضابطة العدلية في البحث عن الجرائم وكشفها قد تطورت بتطور العلم والتقنيات. وأهم هذه الوسائل في الوقت الراهن البصمات الوراثيـة أو بصمة (الحمض النووي) الـ ADN أو الـ.DNA

ويقوم أعضاء الضابطة العدلية بالكشف عن الجرائم في كـل مكان، ولكن لايحق لهم إجراء البحث والتحري داخل الأماكن المسكونة.

ـ تلقي الإخبارات والشكاوى التي تقدم لهم بشأن الجرائم المرتكبة، ويختلف الإخبار عن الشكوى، فالإخبار هو إجراء يقوم بموجبه شخص لم يتضرر من الجريمة بإبلاغ الضابطة العدلية أمر ارتكابها. وهو إما أن يكون رسمياً، يقوم به موظف أو سلطة رسمية، أو عادياً يقوم به شخص عادي. وأما الشكوى، فهي إجراء تقوم بموجبه الضحية بإبلاغ السلطة المختصة (التي قد تكون الضابطة العدلية) نبأ وقوع الجريمة عليها.

ـ جمع الأدلة التي تثبت وقوع الجرائم، وكذلك نسبتها إلى فاعلها. ويشمل جمع الأدلة إجراء المعاينات مثلاً، وسماع أقوال المشتبه به وشهادة الشهود والاستعانة بالخبرة. ويجب على أعضاء الضابطة العدلية اتخاذ جميع الإجراءات التي تهدف إلى المحافظة على تلك الأدلة.

ـ نظيم المحاضر أو الضبوط التي يجب أن تحتوي على الإجراءات التي قام بها أعضاء الضابطة العدلية والمعلومات التي حصلوا عليها. ويجب توافر الشروط التي نص عليها القانون في الضبوط والمحاضر التي ينظمها أعضاء الضابطة العدلية. ويجب على أعضاء الضابطة العدلية أن يقوموا بوظائفهم المشار إليها طبقاً للقواعد المحددة في القانون، فيتوجب عليهم أن يعتمدوا على وسائل قانونية ومشروعة من أجل الكشف عن الجرائم ومعرفة مرتكبيها.

السلطات الاستثنائية للضابطة العدلية في التحقيق

المبدأ أن وظائف الضابطة العدلية تنحصر في مرحلة البحث الأولي، ولا يدخل في اختصاصها أعمال التحقيق الابتدائي؛ فالكشف عن الجرائم ومعرفة مرتكبيها، وتلقي الإخبارات والشكاوى وجمع الأدلة وتنظيم المحاضر والضبوط كلها أعمال تتم في مرحلة البحث الأولي. ولكن يمكن استثناءًً للضابطة العدلية أن تقوم بأعمال التحقيق الابتدائي في الحالات الآتية: الجرم المشهود والإنابة ووقوع جناية أو جنحة داخل بيت استدعى صاحبه الضابطة العدلية لإجراء التحقيق. وتستطيع الضابطة العدلية أن تقوم في هذه الحالات الاستثنائية، إضافة إلى وظائفها السابقة، بالأعمال الآتية: تفتيش المساكن، وفق أحكام القانون، والقبض على الأشخاص وتحريهم في حال الجرم المشهود[ر] وضبط الأشياء والأوراق المتصلة بالجريمة وتسليمها للنيابة العامة بعد عرضها على المتهم وسماع أقواله حولها، وفي كل هذه الأحوال ينظم ضبط أصولي بما تم القيام به حتى تتم مناقشته والبت في قانونيته في مرحلة المحاكمة.