بحث ودراسة قانونية حول جريمة استعمال القوة من المكلفين بالخدمة العامة في القانون اليمني

*ــ اهم مصادر البحث
1- قانون الجرائم العقوبات اليمني الصادر بالقرار رقم (12) لسنة 1994م في نصوص المادة (168)
2- قانون الجرائم والعقوبات المصري الصادر بالقرار رقم (58) لسنة 1937 م في نصوص المادة (129)
3- كتاب المسئولية الجنائية في تعذيب المتهم من تأليف الدكتور المصري /عماد الفقي
4- قانون الإجراءات الجزائية اليمني الصادر بالقرار رقم (13) لسنة 1994م في نصوص المادة (2ــ25ـ26ـ27)
*ــ خطة البحث
سيتم تناول هذ البحث في أربعة من الفروع من الفروع كل فرع متمم للأخر ومبيناً له
الفرع الأول:
1- تعريف القسوة
2- تعريف جريمة القسوة
3- صفة الجاني في جريمة القسوة
الفرع الثاني: بيان اركان جريمة القسوة
1ـــ الركن المادي
1- السلوك الاجرامي
2- النتيجة الاجرامية
3- العلاقة السببية
2 ـــ الركن المعنوية
ــ القصد الجنائي
الفرع الثالث: العقوبة المقررة في نصوص القوانين
1- العقوبة في القانون اليمني
2- العقوبة في القانون المصري
الفرع الرابع إجراءات رفع الدعوى في جريمة استعمال القسوة

الفرع الأول:
ــ تعريف القسوة
هي استعمال القوة المفرطة من قبل الجنود اثنا تأديتهم مهامهم
ـ تعريف جريمة القسوة
وهي التي يكون الجاني فيها موظفاً عام ويقوم بالا اعتدى على المجني علية اعتماداُ على سلطته ووظيفته بدون مسوغ قانوني
ـ صفة الجاني في جريمة القسوة وصفته
اشترط المشرع في كلا من القانون اليمني والقانون المصري أن يكون الجاني في جريمة استعمال القسوة موظفا عاما أو مستخدما عموميا أو مكلفا بخدمة عامة. فلا تقع هذه الجريمة ممن لا يتمتعون بهذه الصفات، فإذا ارتكب السلوك الإجرامي من شخص لا تنسحب عليه صفة الموظف العام، أو المكلف بخدمة عامة شكل فعله جريمة أخرى
بينت القوانين ان الجاني في جريمة القسوة لا يكون الا موظف عام او مستخدماً عموميا او مكلفا بخدمة عامة
ـ الموظف العام: يقصد بالموظف العام وفقاً لأحكام قانون الإجراءات الجزائية
1-القائمون بأعباء السلطة العامة والعاملون في الدولة والمؤسسات التابعة لها
2ـ رجال السلطة القضائية وافراد القوات المسلحة والامن
كما يشمل أعضاء المجالس النيابية العامة والمحلية اثنا فترة ولايتهم
ـ والمكلف بخدمة عامة
هو كل شخص يقوم بخدمة عامة لصالح المجتمع ولو لم يكن من طائفة الموظفين أو المأمورين أو المستخدمين العموميين مادام أن هذا الشخص قد كلف بالعمل ممن يملك هذا التكليف. فيشترط إذن أن يكون هناك تكليف ممن يملكه قانونا، وهو السلطة العامة. أما إذا قام الشخص بالعمل بغير تكليف أو بتكليف صادر ممن ليس له سلطة إصداره فلا يعتبر الشخص مكلفا بخدمة عامة ويستوي أن يكون العمل الذي يكلف به الشخص دائما أو مؤقتا أو عارضا، كما يستوي أن يكون المكلف يتقاضى أجرا نظير قيامه بالعمل الذي كلف به أو لا يتقاضى أي مقابل، ويستوي أن يكون العمل الذي كلف به الشخص قد أسند إليه بإرادته أو كان مجبرا عليه
ومن أمثلة المكلفين بخدمة عامة المجندون والمرشدون السريون الذين تستعين بهم الشرطة للكشف عن الجرائم ومرتكبيها
خلاصة القول يجب لقيام جريمة استعمال القسوة أن يكون الجاني متمتعا بصفة خاصة؛ إذ يتعين أن يكون موظفا عاما أو مكلفا بخدمة عامة. فإن انتفت هذه الصفة أو تلك شكل السلوك الإجرامي للجاني جريمة أخرى

انظر
1-كتاب المسئولية الجنائية في تعذيب المتهم من تأليف الدكتور المصري /عماد الفقي
ــ قانون الإجراءات الجزائية اليمني الصادر بالقرار رقم (13) لسنة 1994م في نصوص المادة (2)
الفرع الثاني
*ـ بيان اركان جريمة القسوة
تتكون جريمة القسوة من ركنين أساسيين وهي الأركان التي تتكون بها أي جريمة أخرى الأول الركن المادي والركن المعنوي وركناً مفترض وهو ان يكون الجاني فيها موظفاً عام وهو شرطا أساسيا لقيام جريمة القسوة ويرتكب هذ الفعل مستند الى وظيفته كما سبق البيان
اولاُ: الركن المادي
يتكون الركن المادي لجريمة استعمال القسوة من سلوك إجرامي (فعل القسوة)، ونتيجة إجرامية كأثر للسلوك الإجرامي، ورابطة سببية بين السلوك والنتيجة،
*ـ السلوك الإجرامي
يتحقق السلوك الإجرامي لجريمة استعمال القسوة بكل فعل من شأنه الإخلال بشرف المجني عليه أو إيذائه بإيلام جسمه مهما يكن هذا الألم خفيفا. وعليه فيدخل في حكم هذه المادة البصق في وجه شخص أو إلقاء شيء عليه يؤدي إلى مضايقته أو توسيخه أو انتزاع شيء من يده بشدة أو ربط عينيه بعصابة أو تكميم فمه أو تقييده من رجليه أو ذراعيه أو جذبه أو إيذائه إيذاء خفيفا أو ضربه أو جرحه. يجب أن يكون السلوك الإجرامي المشكل لفعل القسوة واقعا على الأشخاص. فإذا وقع العنف على الأشياء فلا تقوم هذه الجريمة مادام أن فعل القسوة لم يستطل بالأذى جسد المجني عليه، فإذا قام رجل الشرطة بتكسير نظارة أحد الأشخاص أو ساعته أو زجاج سيارته اعتمادا على وظيفته فلا تقوم جريمة استعمال القسوة المنصوص عليها في القانون اليمني في المادة (168) والقانون المصري في المادة (129) عقوبات، وإن جاز أن تقوم بسلوكه جريمة أخرى من جرائم التخريب أو الإتلاف وجوب أن يكون الجاني قد ارتكب الجريمة اعتمادا على وظيفته
وتقدير ما إذا كان الموظف العام أو المكلف بخدمة عامة قد ارتكب السلوك الإجرامي اعتمادا على وظيفته من عدمه من الأمور الموضوعية التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع تستخلصه من ظروف الدعوى وأوراقها دون ما معقب عليها فإن هي انتهت إلى أن فعل القسوة الذي أتاه الجاني كان اعتمادا منه على سلطة وظيفته وجب عليها أن توضح ذلك في حكمها، وإلا كان حكمها مشوبا بالقصور في التسبيب. *ـ النتيجة الإجرامية
تعد جريمة استعمال القسوة من الجرائم المادية أي ذات النتيجة فلا تقوم هذه الجريمة إلا إذا تحققت نتيجة معينة كأثر لمزاولة السلوك الإجرامي (فعل القسوة)، وهذه النتيجة هي المساس بسلامة جسد المجني عليه أو الإخلال بشرفه كنتيجة لوقوع العدوان عليه من الجاني. ويكون المساس بسلامة الجسد بالاعتداء على أي عنصر من عناصر السلامة الجسدية، ويتحقق ذلك بكل فعل من شأنه أن يعرض وظائف الجسم للخلل أو يؤدي إلى شعور المجني عليه بألم بدني أو نفسي يقلل من قدرة استمتاعه بحقه في سلامة جسده.
ولقد وصف المشرع اليمني في المادة(168) من قانون العقوبات الفعل المادي الذي تقوم به جريمة استعمال القسوة بقوله “(بحيث إنه أخل بشرفهم أو إحداث آلاما بأبدانهم”) وسواء أكان من قبيل الضرب الذي يؤلم الجسم أم كان من قبيل الإيذاء الخفيف الذي يمس الشرف وإن لم يكن يؤلم الجسم.

انظر هامش
1ــ قانون الجرائم العقوبات اليمني الصادر بالقرار رقم (12) لسنة 1994م في نصوص المادة (168)
2ــ قانون الجرائم والعقوبات المصري الصادر بالقرار رقم (58) لسنة 1937 م في نصوص المادة (129)
3ــ كتاب المسئولية الجنائية في تعذيب المتهم من تأليف الدكتور المصري /عماد الفقي
ـ العلاقة السببية
لا يكفي لقيام جريمة استعمال القسوة أن يقترف الجاني السلوك الإجرامي (فعل القسوة) وأن تحدث النتيجة الإجرامية المعاقب عليها في المادة ذاتها (الإخلال بشرف المجني عليه أو المساس بسلامة جسده) وإنما ينبغي أن تتوافر علاقة السببية بين السلوك الإجرامي، ونتيجته بمعنى أن يكون السلوك هو الذي أدى إلى حدوث النتيجة الإجرامية. وعلى ذلك فإذا انتفت رابطة السببية بين فعل القسوة، وبين ما أصاب المجني عليه من أذى في شرفه أو جسده، فلا تقوم الجريمة، ومن ثم فلا محل لمساءلة المتهم عن الأذى الذي حل بالمجني عليه؛ لأنه لم يكن من صنع فعله. ولا يكفي أن تتوافر رابطة السببية بين السلوك الإجرامي المكون لفعل القسوة، وبين النتيجة وإنما يلزم كذلك توافر رابطة السببية بين فعل القسوة ووظيفة الجاني؛ إذ يلزم أن يكون الجاني قد أتى السلوك الإجرامي معتمدا على سلطان وظيفته وإلا شكل ذلك جريمة أخرى.

الثاني: الركن المعنوي
جريمة استعمال القسوة من الجرائم العمدية التي يتخذ الركن المعنوي صورة القصد الجنائي العام، وعليه فلا يكفي لقيام جريمة استعمال القسوة أن يقارف الجاني ركنها المادي بعناصره الثلاث من سلوك، ونتيجة ورابطة سببية أو بعبارة أخرى فلا يكفي لقيام الجريمة أن يستعمل الجاني القسوة ضد أحد الأشخاص اعتمادا على وظيفته؛ فيؤدي ذلك إلى إيذائه بدنيا، وإنما يلزم بالإضافة إلى ذلك أن تتجه إرادة الجاني إلى إحداث السلوك الإجرامي مع علمه بهذه الوقائع، وعلمه بأن القانون يجرم ارتكابها ولم يشترط المشرع اليمني في نص المادة (168) أن يكون الجاني قد ارتكب جريمة استعمال القسوة مدفوعا بباعث أو غرض معين، ومن ثم فإن القصد الجنائي العام وحده يكفي لتشكيل الركن المعنوي للجريمة دون تطلب أي قصد خاص.
فلا أهمية للباعث الذي دفع الجاني إلى ارتكاب فعل القسوة على قيام الجريمة؛ لأنه ليس ركنا أو عنصرا فيها، لذا فيستوي أن يكون الباعث على ارتكاب الجريمة معروفا أم مجهولا، خبيثا كالرغبة في الانتقام، وإظهار النفوذ أم شريفا كالرغبة في تنظيم سير العمل في المرفق الذي يعمل فيه الجان
ـ الفرع الثالث: العقوبة المقررة في نصوص القوانين
أولا العقوبة: المقررة في قانون الجرائم العقوبات اليمني حسب نصوص المادة (168) المــادة(168): يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة او بالغرامة كل موظف عام استعمل القسوة مع الناس اعتمادا على سلطة وظيفته بغير حق بحيث أخل بشرفهم او أحدث آلاما بإيذانهم دون اخلال بحق المجني عليه في القصاص والديه والارش ويحكم في جميع الاحوال بعزل الموظف من منصبه.
فنلاحظ ان المشرع اليمني قد وضع عقوبة تختلف عن العقوبة التي وضعها القانون المصري فنجد ان المشرع اليمني قد جمع بين عقوبتين هي (الحبس مدة لا تزيد على سنة والفصل من المنصب ــ او الغرامة التي سكت عن تحديدها والفصل)
اما المشرع المصري فقد وضع عقوبة واحدة وهي اما الحبس مدة لا تزيد على سنة او بالغرامة التي لا تزيد على مائتي جنية مصري دون الفصل من المنصب
انظر

1ــ قانون الجرائم العقوبات اليمني الصادر بالقرار رقم (12) لسنة 1994م في نصوص المادة (168)
2ــ قانون الجرائم والعقوبات المصري الصادر بالقرار رقم (58) لسنة 1937 م في نصوص المادة (129)
3ــ كتاب المسئولية الجنائية في تعذيب المتهم من تأليف الدكتور المصري /عماد الفقي حسب ما جاء في نص المادة (129) عقوبات مصري
يعاقب الجاني الذي ارتكب جريمة استعمال القسوة بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بغرامة لا تزيد على مائتي جنيه مصري، وللقاضي السلطة التقديرية في تحديد مقدار أو مدة عقوبة الحبس المحكوم به، بحيث لا تزيد على سنة، وكذلك الحال بالنسبة لعقوبة الغرامة إذ يتعين ألا تزيد على مائتي جنيه مصري.
ــالفرع الرابع
ـ إجراءات تحريك الدعوى في جريمة استعمال القسوة
بما ان جريمة استعمال القسوة صادرة من موظف عام فاقد فرض المشرع اليمني قيودا على تحريك الدعوى الجزائية العامة بمواجهة الموظف العام اذ نظم ذلك في قانون الإجراءات الجزائية ضمن نصوص المواد (25) (26) (27)
نصت المادة (25) لا يجوز رفع الدعوى الجزائية على القضاة او اعضا النيابة العامة الإبان من مجلس القضاء الأعلى بناء على طلب النائب العام مع اخطار وزير العدل ويعين المجلس المحكمة التي تتولى محاكمة القضاة وأعضاء النيابة العامة
ونصت (26) لا يجوز رفع الدعوى الجزائية على أحد رجال الضبط القضائي او موظف عام لجريمة وقعت منة اثنا تأدية وظيفته او بسببها الإبان من النائب العام اومن يفوض بذلك من المحامين العامين او رؤساء النيابة)
ونصت (27) لا يجوز للنيابة العامة رفع الدعوى الجزائية امام المحكمة الأبناء على شكوى المجني علية اومن يقوم مقامة قانونا
ومن خلا نصوص الماد السابقة يتضح الفرق في الإجراءات التي تميز الدعوى الجزائية العامة التي تكون في مواجهة الموظف العام عن الاجراءات التي تتم في مواجهة الجاني العادي هي القيود الذي وضعة قانون الإجراءات الجزائية الموضحة أعلاه
والحمد لله رب العالمين
انظر
1ــ قانون الجرائم والعقوبات المصري الصادر بالقرار رقم (58) لسنة 1937 م في نصوص المادة(129)
2ــ قانون الإجراءات الجزائية اليمني الصادر بالقرار رقم (13) لسنة 1994م في نصوص المادة (2ــ25ـ26ـ27) *

اعداد الباحث/ فارس نصر علي جميل
اشراف أ / امين حفظ الله الربيعي
إعادة نشر بواسطة محاماة نت