بحث حول الرهن العقاري الإتفاقي بالقانون التونسي.

المقــــدمـــــة :

تقوم البنوك لتنشيط الدورة الاقتصادية بإقراض المؤسسات والأفراد قصد بعث المشاريع، ولتجاوز المخاطر تزودت بعدة ضمانات عينية وشخصية من بينها الرهن العقاري’ الذي يمكن الدائن المرتهن

-بشرط الترسيم- من التنفيذ على العقار المرهون في أية يد إنتقل إليها ’ ويمكنه كذلك من تجاوز الضمان الهش الذي يوفره القانون بجعل مكتسبات المدين ضمانا عاما لجميع الدائنين كما جاء بالفصل 192 م ح ع

لكن رغم ما يوفره القانون بواسطة الدعوى البوليصية أو عن طريق الدعوى المنحرفة أو بواسطة الدعوى الصورية، فإن عيب هذه الدعاوى يتمثل في أن ما ينتج عنها لا يستأثر به الدائن القائم وإنما يشاركه فيه بقية الدائنين’ أما الرهن العقاري فيدرأ عن صاحبه هذه المخاطر.

يوجد عدة مصادر للرهن العقاري إضافة للرهن العقاري الإتفاقي مثلا يمكن ان يكون مصدر الرهن العقاري قضائيا أو قانونيا.
فبالنسبة للرهن العقاري القضائي ينص القانون التجاري في الفصل 453 م.ت: على أن حكم التفليس

يقتضي توظيف رهن عقاري لفائدة جماعة الدائنين وبالنسبة للرهن القانوني نجد: الفصل 458 م م م ن ينص: أن مدير الملكية العقارية عليه أن يتولى من تلقاء نفسه عند ترسيمه لمحضر التبتيت ولصالح المعقول عنه أو البائع صفقة أو من أنجز له حق منهما ترسيم رهن على العقار توثقه في أداء ثمن

التببيت. وعند الإقتضاء المصاريف والأجور المسعرة…. فينشأ الرهن بسلطة القانون أو حكم القضاء ولا ينبع من الإتفاق.
ويتميز الرهن العقاري الإتفاقي بكونه ضمانا محددا ومعلوما ويغني عن المحاصصة, لان المشرع أعطاه الأفضلية ويعني ذلك ان الدائن المرتهن مقدما على غيره من الدائنين ما عدا الدائنين الممتازين في خصوص المفلسين , ولا يحرم المشرع صاحب الرهن العقاري من حق تتبع المدين المفلس منفردا وإن لم يمنع العقلة فله أن يعارض لضمان دينه.

المبــــحــــــث الأول: الــــرهـــــن الـــعقـــــاري الإتفــــاقي

جاء الفصل 201 م ح ع ناصا على ما يلي :”الرهن عقد يخصص بموجبه المدين أو من يقوم مقامه شيئا منقولا أو عقارا أو حق مجردا لضمان الوفاء بالإلتزام ويخول للدائن الحق في إستفاء دينه من ذلك الشيء قبل غيره من الدائنين إذا لم يوف له المدين بما عليه.”
هذا النص يعرف الرهن بأنه عقد ومن هنا تبرز الصيغة الإتفاقية للرهن في هذه الصورة.
فـــمــــاهي أهـــــم خــــصـــائصه؟

الفقرة الأولى : الــــرهـــــن حــــــق عــــينـــــي

وإن لم يضع الرهن العقاري الإتفاقي صاحبه مباشرة مع شيئا معينا فإنه يعني إستفاء مبلغ مالي معين
و لإن لم يخول لصاحبه التصرف في العقار المرهون فقد جاء بالفصل 451 م م ت “إن عقلة العقارات المسجلة عقلة تنفيذية يمكن أن تقع بمقتضى سندا تنفيذي أو سندا مرسما بالسجل العقاري ويتدخل لإعطاء الدائن المرتهن أولوية عند ترتيب الدائنين أو يعارض له و هو قابل للإحتجاج به على الكافة من حيث حق الأفضلية والتتبع. و المشرع التونسي لم يجعل الرهن حقا عينيا قائم الذات ,كالملكية وحق الإنتفاع ” لكنه نص بالفصل 271 م ح ع إن الرهن العقاري هو حق عيني في درجة ثانية لا يتسلط عن العقار نفسه بل على أحد الحقوق العينية المبينة بهذا الفصل” , كحق الملكية القابلة للبيع والشراء وحق الإنتفاع مدة قيامه.

الفقرة الثانية : الرهن حق تبعي

إن للرهن العقاري الإتفاقي طابع تبعي أو فرعي بمعنى أنه لا يتصور وجوده إلا متصلا بدين وظيفته ضمان الوفاء بهذا الدين, على أن لا يكون الدين معلقا على شرط أو إحتمالية. ويحدد عقد الرهن مبلغ الدين المضمون أو الحد الأقصى الذي يمكن ان ينتهي إليه, ولكن وإن بطل الإلتزام الأصلي بطل الرهن بالتبعية كما انه لا يمكن أن يوظف المالك عن عقاره رهنا إضافيا لإحتياجاته المستقبلية و إذا إنقضى الدين بالوفاء أوغيره إنقضى الرهن العقاري .

الفقرة الثالثة : الرهن العقاري الإتفاقي غير قابل للتجزئة

إن الرهن العقاري غير قابل للتجزئة وينفذ بكامله على كل جزء من الشيء الذي هو موضوعه, ويضمن جملة الدين كما نص الفصل 208 م ح ع . ويمكن الإكتفاء بعقلة جزء من العقار لإستفاء الدين ويبقى الرهن مسلطا على كامل العقار لضمان الجزء من الدين الذي لم يقع خلاصه بعد, كما يمكن ان يتتبع كل واضع يد –بمفعول قسمة-لإستفاء كامل الدين وإذا قسمت الملكية إلى رقبة وإنتفاع يبقى الرهن مسلطا على الحقين على أن ينشأ صحيحا.

المــــبـــحث الثاني : صـــحة الرهــــن العقــــاري الإتـــفاقي

لصحة الرهن يوجد شروط متعلقة بالصيغة وأخرى متعلقة براهن العقار وشروط أخرى تتعلق بالعقار المرهون .

الفقرة الأولى : شروط صيغة الرهن العقاري الإتفاقي :الكتب

جاء بالفصل 275 م ح ع أنه لا يصح الرهن العقاري إلا بكتب يعين به ذات العقار المرهون ومبلغ الدين.
ويمكن أن يكون الكتب رسميا أو كتبا بخط اليد…
أما المكان الواجب لتحرير عقد الرهن العقاري فيه فقد جاء بالفصل 274 م ح ع “الكتب المحرر ببلد أجنبي لا يمكن أن يرهن به عقار كائن بالبلاد التونسية أو يعتمد لتسليط رهن عليه والغريب أنه في عقود أخرى لا تقل أهمية كعقود الزواج ,سمح المشرع التونسي أن يبرم العقد بقنصليات تونس بالخارج كما جاء بالقانون عدد 33 لسنة 1957 المؤرخ في في 01/08/57 المتعلق بالحالة المدنية.

الفقرة الثانية: راهن العقار

لما كان عقد الرهن العقاري من قبيل عقود التصرف فإنه يشرط أن يكون راهن العقار مالكا له , كما لا يصح رهن ملك الغير إلا في صورتي إذا ما أجازه المالك أو صار المرهون ملكا للراهن.
ينص الفصل 675 م أ ع “يجوز بيع ملك الغير أولا إذا أجازه ربه ثانيا أو صار المبيع ملكا للبائع “
ولكون البيع والرهن من عقود التصرف فإن الرهن العقاري يؤدي إلى البيع في صورة عدم الوفاء ومن شروط الراهن أن يكون أهلا لتوضيف رهنا عقاريا على مكاسبه لا قاصرا و ممثلا تمثيلا صحيحا لإبرام الرهن العقاري مع إشتراط الضرورة والمصلحة الواضحة في ذلك.

الفقرة الثالثة: العقار المرهون

ينص الفصل 276 م ح ع : “على أنه إذا هلكت العقارات المرهونة أو تعطبت بحيث أصبحت غير كافية لضمان الدين كان للدائن الحق في طلب الوفاء بالدين ومن هنا أهمية للدائن أن يكون الرهن قابلا للإحتجاج به على الغير”.فالمكاسب المستقبلية لا يمكن رهنها عقاريا إلا إذا كانت العقارات الحاضرة غير كافية لضمان الدين او هلكت.

المــــبـــحث الثالث الإحنجاج بالرهن العقاري الإتفاقي على الغير

القاعدة أنه لا يحتج بالرهن العقاري على الغير إلا بواسطة ترسيمه بإدارة الملكية.
هذه القاعدة ليست مطلقة إذ في بعض الصور الخاصة يمكن أن يحتج بالرهن على الغيرو بدون ترسيم.

الــفقـــــرة الأولى : الإحتجاج بالرهن على الغير بدون ترسيم : الصور

نص الفصل 202 م ح ع على أنه من ليس له على الشيء إلا حق قابل للفسخ أو الإبطال أو معلق على *شرط فرهنه للشيء لا يكون إلا بالشرط أو الفسخ نفسه.أي أن يكون الرهن العقاري معلقا على شرط لا يقبل الترسيم بإدارة الملكية و إنما لا يقبل إلا القيد الإحتياطي بشرط خلو الرسم العقاري من إعتراض أو عقلة .
وفي صورة أخرى بالنسبة للعقار الغير مسجل نص الفصل 366 م ح ع الفقرة الأولى: «يمكن ان تقيد قيدا إحتياطيا كذلك و يتم إنشاؤه وإحالته من حقوق عينية ويكون بشرط تعليقي إلا إذا كان الرسم العقاري خاليا من كل إعتراض أو عقلة هذا بالنسبة للعقار الغير مسجل حيث يعوض الترسيم بالتنصيص على الرهن برسم الملكية بواسطة عدلين”.

الفقرة الثانية : الإحتجاج بالرهن على الغير بواسطة الترسيم

لقد جاء بالفصل 278 م ح ع :” أنه لا يحتج برهن العقار على الغير ولا يأخذ مرتبته بين الرهون العقارية إلا من يوم ترسيمه”.
هذه القاعدة القانونية تحمي الغير وذلك بإعلامه بوجود تحمل على العقار حتى يحتاط عند التعامل والترسيم لمصلحة الدائن المرتهن لأنه لو ما طل في ترسيم رهنه بالسجل العقاري وحدث أن إكتسب في الأثناء شخص آخر ذلك العقار بالشراء وقام بترسيمه بإدارة الملكية فإن الرهن يبقى عديم الفاعلية ثم أن الترسيم يحتج به على الدائنين الآخرين المرتهنين للعقار لإكتساب مرتبة مفضلة لأن الرهن لا يأخذ ترتيبه بين الرهون العقارية إلا يوم ترسيمه و العقار يمكن أن يقع رهنه لعدة دائنين فيكون الغير على بينة بأن الرهن السابق آخذ مرتبة مفضلة عليه وحين يقبل الإقراض يرضى بالعقار توثقة منها رغما عن وجود رهن سابق عليه.

الفقرة الثالثة : القوة الثبوتية للترسيم

يكون ترسيم الرهن بالسجل العقاري إما نتيجة سعي فردي من طالبه لدى إدارة الملكية العقارية و إما يكون مأذون به من قبل المحكمة العقارية.
ينص الفصل 335 م ح ع “تأذن المحكمة العقارية في صورة الحكم بالتسجيل بترسيم الحقوق العينية التي ثبت وجودها لديها” أي أن لها قوة ثبوتية مطلقة فيكون الرهن العقاري المأذون بترسيمه نهائيا بمعنى أنه لا يقبل الطعن بالإعتراض ولا بالإستئناف رغم أنه ليس في مأمن من دعاوى إبطال أو تشطيب ترسيمه.
فقد جاء بالفصل 361 م ح ع “أن رسم الملكية والترسيم يحفظان الحق موضوعها ما لم يقع إبطالهما أو التشطيب عليهما أو تعديلهما”.
غير أن الترسيمات الواقعة بمقتضى أحكام صادرة عن محاكم الحق العام لا تتمتع بنفس الحجية ويجوز الطعن بطرق غير الإعتيادية في الأحكام المرسمة قيدا إحتياطيا.
فالمشرع التونسي تحدث عن قيد طرق الطعن غير الإعتيادية في الأحكام المرسمة قيدا إحتياطيا يقوم بها حافظ الملكية العقارية وذلك بالنسبة للعقود المبرمبة من نقديم المطلب والحكم بالتسجيل وكذلك الصكوك والإتفقات المبرمة بعد إقامة الرسم العقاري أي أنها ترسيمات تتمتع بقوة الثبوتية النسبية.

المـــبحــــث الرابــــــع وضعية حائز العقار المرهون

يستشف من الفصول 281-382-283-م ح ع ” أن حائز العقار المرهون يكون في صورة من الصور التالية إذا مارس الدائن المرتهن حق التتبع مخيرا بين :
1-أن يقضي الديون المرهون فيها العقار
2-أن يسلك طريقة تطهير العقار
3-أن يتخلى عن العقار
4-أن يذعن لبيع العقار عليه بيعا جبريا

الفقرة الأولى : قضاء الديون المرهون فيها العقار

نص الفصل 281 م ح ع “إذا لم يقم من وضع يده على العقار المرهون بالإجراءات المبينة فيما بعد قصد تطهير ملكيته فإنه يكون بموجب الترسيم ملزما بأداء الديون الموثق فيها, ذلك العقار وينتفع بنفس الآجال الممنوحة للمدين الأصلي”
ويضيف الفصل 282 ” يكون واضع اليد ملزما في تلك الحالة بدفع الدين أصلا وفوائد مهما بلغ مقداره” ويكون واضع اليد مصلحة في إ تخاذ مثل هذا الموقف فهي في حالة التي يكون فيها قد إنتقلت له ملكية العقار بواسطة الشراء ولم يدفع بعد الثمن للبائع وكان هذا الثمن كافيا للوفاء بالديون المرهون فيها.
وحتى في غير هاته الحالة ليس من صالح واضع اليد أن يسلك طريق التطهير لأنه سيكون محملا بنفقاتها مما قد يهدد سند ملكيته. وإذا كان العقار قد إنتقل إليه بواسطة هبة أو وصية وكان مبلغ جميع مجمل الديون أقل من قيمة العقار فإن قضائها له فائدة كبرى بالنسبة إليه إذا أراد الإحتفاظ بالعقار.
وهنالك حالة أخرى يكون فيها واضع اليد ملزما بدفع جملة الديون: إذا ما تعهد تعهدا شخصيا بالوفاء عند إكتسابه للعقار. المرهون , ولكن في هذه حالة يكون فيها واضع اليد ملزما بدفع جملة الديون أصلا وفوائد مهما كات مقداره , بشرط أن تكون نسبة الفائض مبينة بالعقد وبالترسيم.
ولكن يمكن لواضع اليد ان يحتفظ بالعقار رغم عدم وفائه بكامل الديون وذلك بأن يدفع في حدود ثمن شرائه ديون الدائنين ذي الرتبة الأولى فيحل قانونيا محلها .ولا ريب في أن الدائنين ذوي الرتبة المتأخرة يمكنهم إستخلاص ديونهم والتنفيذ جبريا من متحصل البيع , الذي يبقى بعيدا عن متناول يدهم. ولكن بفضل حلول المشتري في الرهون العقارية ذات الرتبة الأولى يكون تتبعهم للعقار دون طائل. على أنه لا ينبغي الخلط بين صورة القضاء الجزئي للديون المرهون فيها العقار, وبين صورة تطهير العقار من الرهون.

الفقرة الثانية : تطهير العقار من الرهون

يكون تطهير العقار من الرهون بأن يعرض واضع يد على الدائنين المرتهنين ثمن شرائه للعقار إذا كان التفويت له فيه قد وقع بعوضا أو قيمة العقار إذا فوت له في العقار تطوعا. في هذه الصورة يجوز لكل دائن مرسم أو صاحب إعتراض تحفظي أن يطلب بيع العقار بالمزاد العلني لدى المحكمة وذلك بأن يعرض الزيادة في الثمن بقدر لا يقل عن السدس حتى لا يكون رفض الدائنين المرتهنين لعرض واضع يد رفضا إعتباطيا.
ويحصل الدائنين المرتهنين بواسطة التطهير على أعلى قيمة نقدية يمكن أن يحتوي عليها العقار وأرفع من الثمن الناتج عن البيوعات الخيرية. وإذا كان الدائن المرتهن مرسما وحيدا أو كان صاحب ترسيم من الرتبة الأولى كان البيع بالمزاد العلني مفيدا له بأن يبتت له العقار ولا يدفع إلا الجزء من ثمن التبتيت الذي يفوق مقدار دينه الموثق بالترسيم.
ينص الفصل 294 م ح ع ” يصرح المالك الجديد في الإعلام بأنه مستعد لخلاص الديون الموثقة برهن والتكاليف التابعة لها بقدر الثمن أو القيمة المصرح بها”.

الفقرة الثالثة: التخلي

قيد المشرع ممارسة هذا الإختيار بأن لا يكون واضع اليد مطلوبا شخصيا فقد نص الفصل 285 م ح ع أن التخلي يقع ” بكتابة المحكمة التي بدائرتها الأعيان وعلى كاتب المحكمة أن يسلم وصلا في ذلك”
وبالنسبة للعقار المسجل يعلم كاتب المحكمة فورا مدير الملكية العقارية بالتخلي و الذي يتولى التنصيص على ذلك برسم الملكية ويقع التخلي بطلب من أحرص الطرفين بتعيين مؤتمن يباع عليه العقار طبق الإجراءات المتبعة في البيوعات الخيرية
ونص الفصل 282″ يكون واضع اليد ملزما في تلك الحالة بدفع الدين أصلا وفوائد مهما بلغ مقداره” ويجنب هذا الإختيار الحائز مشاكل الإجراءات ويعفيه من إدارة العقار وخاصة المضرة المعنوية التي تسببها له العقلة الموجهة ضده.
-أولا لا يمكن لواضع اليد ان يحتفظ بالعقار رغم عدم وفائه بكامل الديون المرهون فيها العقار. وذلك بأن يدفع في حدود ثمن شرائه ديون الدائنين ذوي الرتبة الأولى ويحل قانونا محل الدائنين المرتهنين الذين وفاهم ديونهم وذلك عملا بأحكام الفصل 226 ثانيا من م أ ع القائل في الصورة الآتية.
-ثانيا لمشتري العقار إلى حد ثمن مشتراه إذا دفع هذا الثمن في خلاص أرباب دين كان العقار مرهونا تحت يدهم. وذلك في حالة التي يكون فيها واضع اليد قد إنتقلت له الملكية .
ويمكن للدائنين ذوي الرتبة المتأخرة التنفيذ جبريا على العقار المرهون لكن متحصل البيع هذا يبقى بعيدا عن متناول يدهم لأن المشتري بفضل حلوله في الرهون العقارية ذات الرتبة الأولى يمكن أن يستحوذ على المتحصل من البيع عند ترتيب الدائنين وتوزع الديون.
لذا يحجم الدائنون عن تتبع العقار إلا إذا أملوا في ثمن وفير كافيا لخلاصهم بعد خصم ما إستحقه المشتري بواسطة الحلول ومصاريف التنفيذ.
هذا في صورة القضاء الجزئي للديون وليس قي صورة تطهير العقار عن الرهون كليا.

الخــــاتمـــة

الرهن العقاري الاتفاقي المرسم بإدارة الملكية العقارية إحدى مصادر الرهون العقارية الضامنة لمحاطر الإقراض التي تقوم بها البنوك للأشخاص و المؤسسات. مثله في ذلك مثل الرهن القانوني و الرهن القضائي.
ويتمثل الرهن العقاري الإتفاقي في عقد يخص المدين بحق استفاء دينه من العقار, إذا لم يوف المدين بما عليه. كونه حق عيني قابل للاحتجاج به على الكافة من حيث الأفضلية والتتبع, لإتصاله بالدين وعدم قبوله التجزئة. على أن ينشأ صحيحا بتوفر شروط متعلقة بالصيغة : ككتب يعين به ذات العقار ومبلغ الدين ومكان تحريره بالبلاد التونسية. وشروط متعلقة يراهن العقار: أنه مالك له مثلا، وشروط أخرى متعلقة بالعقار المرهون : بأن يكون قابلا للاحتجاج به على الغير مثلا.
وترسيم الرهن العقاري الاتفاقي بإدارة الملكية العقارية هو أساس الاحتجاج به على الغير, و يأخذ الرهن من يوم ترسيمه قيمة الاحتجاج به. لكن هذه القاعدة ليست مطلقة إذ يوجد رسوم غير القابلة للترسيم إلا كقيود احتياطية في بعض الصور وإن كان لها ثبوتية نسبية, كما يمكن الترسيم الرهن من أخذ مرتبته بين الرهون ويكون ذلك بسعي فردي أو من قبل المحكمة العقارية أو محاكم الحق العام.
و الترسيم يلزم حائز العقار باتخاذ إحدى هذه الصور: أما الأداء أوسلوك طريق التطهير, بعرض ثمن شراء للعقار بأن يباع بالمزاد العلني, أو التخلي عن طريق كتابة المحكمة الذي يعين مؤتمن بطلب أحرص الطرفين. وهكذا جعل القانون من مكاسب المدين ضمانا عاما لجميع دائنيه يستأثر به الدائن القائم لا يشاركه فيه بقية الدائنين غير المرسمين.
أما حق التتبع الناتج عن الرهن العقاري فإنه يمكن الدائن المرتهن من التنفيذ على العقار المرهون في أي يد إنتقل إليها. لأن ضمانه محدد ومعلوم , كما لا يخشى من المحاصصه لأن المشرع أعطاه حق الافضلية .
لذا يبدواالرهن العقاري الاتفاقي الأكثر رواجا لطابعه العيني التاميني غير ان المشرع التونسي لم يشترط لصحة الرهن الإتفاقي في ان يقع إفراغه في حجة رسمية رغم أن الإلتجاء إلى الرسمية يمكن من التثبت من أصل ملكية الراهن ومن أهليته للتعاقد وذلك فيما يخص صيغة العقد.
وإن مكن المشرع الدائن العادي من الطعن في عقود مدنية بواسطة الدعوى المنحرفة أو سلوك دعوى الصورية فإن عين هذه الدعاوى , أو ما ينتج عنها لا يستأثر به الدائن القائم وإنما يشاركه فيه بقية الدائنين على نسبة ديونهم وإذا ما لم يكف الثمن المتحصل من تنفيذ على العقار المرهون في الوفاء بدين الدائن المرتهن فإنه يأخذ في الباقي من الدين صيغة الدائن العادي بأن يسلك الطرق المخول له.
وحتى تقديم الدين الممتاز على الدين الموثق برهن عقاري لا يقلل من أهمية الرهن العقاري من ذلك أن الحكم القاضي بالتفليس إذا كان يعطل على الدائنين ذوي الإمتياز العام المطالبة لدى القضاء على إنفراد , فإنه ليس من شأنه أن يعطل.ذلك على الدائن المرتهن لعقار, يبقى على حقه في تتبع المدين المفلس منفردا. ونفس حكم التفليس له يوقف بالنسبة لجماعة الدائنين فوائض الديون ذات الإمتياز العام.
لكن ليس من شأنه أن يكون له هذا الأثر للديون الموثقة برهن عقاري (الفصل 460 م ت والفصل 195 م ح ع), لذا يظهر من المفيد أن تتعرض إلى مزيد دراسة مسائل الرهن الإتفاقي.

الفهرس :

الـــمـــقـــــدمــــــة

الــــمـــبـــحــث الأول : ماهــية الرهــــن العـــقــــاري الإتفــــاقي

الــفقـــرة 1) : الرهن حق عيني عقاري

الــفقـــرة2 ) : الطابع التبعي للرهن

الــفقـــرة 3 ) : خاصية عدم قبول الرهن للتجزئة

الــــمـــبـــحــث الــــثـــاني: صــــحة الـــــرهـــــن العــــقاري اللإتفــــاقي

الــفقـــرة 1 ) : صيغة الرهن العقاري-الكتب

الــفقـــرة 2) : راهن العقار

الــفقـــرة 3) : العقار المرهون

الــــمـــبـــحــث الــــثالث : الإحتـــجاج بالــــرهـــــن العـــقاري الإتفــــاقي على الغـــير

الــفقـــرة 1 ): الإحتجاج بالرهن العقاري الإتفاقي على الغير بدون ترسيم

الــفقـــرة 2):الإحتجاج بالرهن العقاري الإتفاقي على الغير بواسطة الترسيم

الــفقـــرة 3) : القوة الثبوتية للترسيم

الــــمـــبـــحــث الرابــــع : وضعــــية حائــــز العقــــار المرهون

الــفقـــرة 1) : قضاء الديون المرهون فيها العقار

الــفقـــرة 2) : تطهير العقار من الرهون

الــفقـــرة 3) : التخلي

إعادة نشر بواسطة محاماة نت