أولاً. التنزيلات(1) :

هي جميع المصروفات التي يقدمها المكلف للحصول على دخله والمحافظة على مصدره والتي يحق له أن يطالب بخصمها من دخله الإجمالي إذا فرضت الضريبة عليه(2). وقد تعددت الاتجاهات التي ظهرت لتحديد مفهوم النفقة لكن أكثرها قبولاً هو الذي اعتمدته أغلب التشريعات المفهوم أعلاه والذي توسع في تحديدها ليشمل كل ما له صلة بإنتاج دخل المكلف والمحافظة عليه من قريب أو بعيد(3) ، ويدلل على ذلك توجه التشريعات إلى بيان النفقات على سبيل المثال لا الحصر ، وإدخالها ضمن مفهوم النفقة ما يمكن عده من قبيل استعمالات الدخل ليس تكاليفه(4). وفي مجال الشركات يبدو هذا التوسع مقبولاً أكثر منه بالنسبة إلى الأفراد ، ذلك أن الشركة وهي (منشأة) بطبيعتها يكون هدفها الأساس هو الربح وهذا لا يتحقق إلا باستمرار ودوام مصدره ألاّ وهو الشركة وبقاؤه الذي يحتاج بدوره إلى قبول البيئة المحيطة بها وان هذا القبول يظهر إذا تعامل الناس مع الشركة محققين فيها عنصر الاستمرار كما لو بادر الناس إلى شراء منتجاتها بكثرة أو تهافت العمال على العمل لديها لأنها تقدم لهم امتيازات أو خدمات لا توفرها غيرها من المنشآت كما لو بنت المدارس لأطفالهم ، أو فتحت المستشفيات لعلاجهم، ففي هذه النفقات تضمن الشركة بقاءها ، ومن ثمّ استمرارها في الحصول على الدخل على الرغم من ما يمكن أن يقال من أنها ليست تكاليف وإنما استعمالات لاحقة على نشوء الدخل لكنها ترتبط به بشكل غير مباشر لأنها ترتبط بالعمال الذي هم أدوات إنتاج الدخل الذي تستمر به الشركة(5). وتتفق التشريعات الضريبية والفقه المالي وتوجهات السلطات المالية على تحديد شروط عامة في النفقة يمكن إجمالها فيما يأتي(6):-

1-أن تكون النفقة حقيقية ومؤكدة : بمعنى أن لا تكون افتراضية (وهمية أو احتمالية) كمخصصات الديون المشكوك فيها مثلاً ، وهذا يقتضي أن يكون دفعها فعلي ومؤكد خلال فترة زمنية معينة ، ولا يهم بعد ذلك أن يكون مؤجلاً أو مستحقاً خلال السنة التي تم فيها أو مدفوعاً.

2-أن تكون النفقة مؤيدة بوثائق مقبولة: ويتم ذلك إذا قدمت الشركة المستندات الصحيحة التي تثبت ادعاءها بصرف النفقة وتمثل القرينة عليه ، وهذه المستندات يمكن أن تكون عقوداً أو فواتير أو حتى دفاتر الشركة ذاتها ، إلاّ إذا توافرت القناعة لدى السلطة المالية بصحة النفقة بوسائل أخرى.

3-أن تكون النفقة سنوية : يرتبط هذا الشرط بمبدأ السنوية الذي يحكم الكثير من الجوانب المالية، ويعني أن يكون صرف النفقة قد تم في السنة التي نجم فيها الدخل ، إلاّ إذا نص القانون على خلاف ذلك(7).

4-أن تكون النفقة متعلقة بإنتاج الدخل: بمعنى أن تكون ذات صلة بنشاط المشروع أو الشركة سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة ، ومن هنا تستبعد النفقات الشخصية التي ينفقها مدير الشركة على نفسه أو غيره ، والنفقات المتعلقة بالدخل غير الخاضع للضريبة أو المعفى منها.

5-أن تكون النفقة إيرادية لا رأسمالية: بمعنى أن تنفق لمواجهة عمليات الاستغلال العادي التي تدخل في النشاط الأصلي للشركات (عمليات إنتاج الدخل) ، أما عن النفقات الرأسمالية فلا تنزل لأنها تتعلق بالأصول الرأسمالية للشركة كالآلات والمعدات التي من شأنها أن تزيد القوة الإنتاجية للمشروع ، وهذه تمتد منافعها إلى أكثر من فترة زمنية ، كما أن التعامل معها يتم بتنزيل نسب معينة من اندثارها.

6-أن تكون النفقة متفقة مع ما تقره الأعراف والتقاليد المتبعة في كل مهنة ومراعية لظروف المشروع ، ويفيد هذا الشرط ضرورة عدم امتناع السلطة المالية عن تنزيل النفقة إذا كانت بحسب نشاط المكلف تمثل نفقة حقيقية إلا إذا ثبت المغالاة فيها بقصد التهرب أو كان هناك نص صريح يمنعها أو كانت مخالفة لسياسة الدولة ، كالغرامة التي تفرض على الشركة لمخالفتها القوانين مثلاً(8).

7-مشروعية النفقة : يقتضي هذا الشرط جواز تنزيل النفقة غير المشروعة ما دامت الارباح غير المشروعة تخضع للضريبة(9). إلا إذا كانت تتعارض مع سياسة الدولة كالغرامة الجزائية في الشرط أعلاه متى توافرت هذه الشروط في النفقة اصبح من الممكن تنزيلها من وعاء الضريبة، ولا تكتفي التشريعات بما يرد من نفقات على سبيل المثال ، بل يمكن أن يضاف إليها نفقات أخرى ما دامت قد توافرت فيها شروط النفقة ، وعليه يمكن تحديد هذه النفقات بما يأتي:

1- الفوائد

وتتمثل بالمبالغ التي تدين بها الشركة لقاء مبالغ تستثمر في إنتاج الدخل أو زيادته ، حيث تمثل بهذه الحالة عبئاً على أرباح وخسائر الشركة في نهاية سنتها المالية وهذا ما يستوجب تنزيلها من وعاء الضريبية(10). ويشترط لصحة خصمها فضلاً عن الشروط العامة أن تكون مدفوعة فعلاً فلا يكتفي بمجرد تثبيتها في عقد القرض ، وأن تقع بين ذمتين مستقلتين ، وهذا يتحقق بالنسبة إلى الشركة في حال اقترضت من أحد الشركاء ودفعت فوائد لقاء قرضها هذا(11).

2- بدل إيجار المحل(12).

تجيز التشريعات تنزيل هذا البدل من الوعاء الإجمالي للشركة وتشير إليه صراحة ، لكنها تميز فيما إذا كان المحل مستأجراً فيكون المبلغ الذي يجوز خصمه هو القيمة المثبتة في عقد الإيجار فعلاً ، أما إذا كان مملوكاً لها أو مستخدماً بطريقة أخرى كعقد المساطحة ، فقد أجازت بعض التشريعات كالتشريع العراقي تنزيل بدل اندثاره أو الأقساط السنوية لكلفة المساطحة(13). فيما أجاز البعض الآخر تنزيل القيمة الايجارية المقدرة للعقار أو أجرة مثله كما هو الحال في القانونين الأردني والمصري(14).

3- الديون المعدومة

تعرفنا على الديون المعدومة والأسباب التي تدعو إلى اعتبارها كذلك والتي تجعل التشريعات تعتبرها عبئاً على أرباح وخسائر أي مشروع(15). وعليه فانه متى توافرت فيها الشروط العامة المطلوبة في النفقة جاز تنزيلها على أن تكون فضلاً عن ذلك محققة أي غير مشكوك فيها وان تتخذ الشركة كافة الإجراءات اللازمة لاستيفاء هذا الدين دون أن تستطيع ذلك(16). وقد زاد المشرع العراقي على ذلك أن لا يكون الدين ناتجاً عن عقد تامين في (ف5/م8) ، وقد جاء القانون الأردني بحكم متميز بهذا الخصوص أجاز فيه استهلاك أقساط الدين سنوياً، شريطة أن لا يكون قد صدر حكماً قضائياً بهلاكها ، وتعذر تنفيذها في دوائر الإجراء(17).

4- الضرائب والرسوم

تجيز التشريعات صراحة استبعادها من وعاء الضريبة متى كانت مدفوعة فعلاً ومتعلقة بإنتاج الدخل سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة كالضريبة الكمركية والضرائب على الإنتاج والرسوم .. الخ ، وتستثنى التشريعات من هذا الحكم ضرائب الدخل والضرائب الأخرى التي تعد من استعمالاته كضريبة العقار وضريبة الأبنية والأراضي والخدمات الاجتماعية في القانون الأردني ، والضريبة على أرباح الشركات في القانون المصري ، أما عن ضريبة الرواتب والأجور فهي لا يصح تنزيلها ما دامت الشركة ملتزمة بتوريدها إلى السلطة المالية شهرياً ، إلا إذا تعهدت الشركة بدفعها عن موظفيها(18). ويسري هذا الحكم على الضرائب الأجنبية التي تدفعها الشركة لانتاج دخلها(19).

5- التبرعات

تتفق التشريعات الضريبية على اعتبار المبالغ التي تدفعها الشركة إلى جهة رسمية كالدولة أو أحد مؤسساتها أو إلى جهة علمية أو خيرية أو تهذيبية على سبيل التبرع من النفقات جائزة الخصم على الرغم من أنها تعدّ من استعمالات الدخل ، إلا أن ذلك يرجع إلى ما تحققه هذه التبرعات من اثر طيب يعود بالنفع على المجتمع أو فئة معينة منه، لكن يشترط لصحة خصمها أن تتم تلك التبرعات داخل الدولة ، وتكون موجهة إلى جهة معترف بها قانوناً حكومية أم غير حكومية ، وقد أجاز المشرع العراقي في التبرعات أن تتم بإكتتابات مجازة من قبل الحكومة(20). وتميز بعض التشريعات بين هذه الجهات فتجعل التبرع مطلقاً في الأولى ، وتقيده بنسب معينة في الثانية كالقانونين الأردني والمصري(21). فيما لا يوجد المشرع العراقي مثل هذا التمييز ، كما يشترط فيه أن يكون مدفوعاً فعلاً فلا يكفي مجرد التعهد به.

6- أقساط التأمين

تعدّ من النفقات جائزة الخصم سواء تعلقت بموجودات الشركة من جراء الإخطار التي تتعرض لها أو تعلقت بحياة العاملين لديها ضد إصابات العمل أو ما يمكن أن يتعرضوا له من أخطار ويجمع الفقه(22). المالي على اعتبار الصورة الاولى من النفقات جائزة الخصم ، أما الصورة الثانية فقد أوردت بعض التشريعات نصوصاً صريحة لاعتبارها كذلك كالقانونين الأردني (ف (ن)/ م9) ، والمصري (ف7/م114) فيما جرى العمل على اعتبارها شخصية ومتعلقة بدخل الموظف ذاته في العراق(23).

7- الرواتب والأجور وما في حكمها

تعدّ من النفقات جائزة الخصم بأية صورة كانت ، ويدخل في حكمها كل ما يعتبر من متمماتها كالمزايا العينية والنقدية التي تقدمها الشركة لموظفيها والعاملين لديها متى ثبت انهم مستخدمون لديها بموجب عقود عمل أو غيرها مما يثبت علاقة التبعية لها على أن تكون غير مبالغ بها بشكل يقيم قرينة التهرب ، ولم يورد المشرع العراقي نصاً صريحاً بها على الرغم من تصدرها لائحة النفقات في التشريعات الأخرى(24).

8- رواتب ومخصصات مدير الشركة

نظراً إلى تعلق هذه النفقة بمدير الشركة الذي يحمل صفة الممثل القانوني للشركة يؤجل الحديث عنها إلى حين تناول هذا الموضوع.

9- المخصصات والاحتياطات

المخصصات هي مبالغ تستقطعها الشركة من إيرادها الإجمالي لمقابلة التزامات معلومة أو خسائر مؤكدة لكنها غير محددة المقدار ، أما الإحتياطيات فهي مبالغ تستقطعها الشركة من أرباحها الصافية لتقوية مركزها المالي أو مقابلة خسائر محتملة أو توسعات مستقبلية(25). وتتفق التشريعات محل الدراسة على عدم اعتبار المخصصات من قبيل النفقات جائزة الخصم وإن كان بعضها يورد استثناءً وحيداً يتعلق بمخصصات شركات التامين كما في القانونين الأردني والمصري(26). أما عن الإحتياطيات فلم يمنحها المشرعان العراقي والأردني هذه الصفة أيضاً لكنهما أوردا استثناءً تعلق في القانون العراقي بإحتياطيات الشركات المشمولة بأحكام قانون الاستثمار التي تتعلق بتطوير وتوسيع المشروع ، فيما تعلقت في الآخر باحتياطات شركات التأمين ، حيث وفرّ هذان القانونان الإعفاء لهذه المخصصات والاحتياطيات ، أما عن القانون المصري فقد أجاز صراحة اعتبارها نفقة جائزة الخصم بموجب (البند 1/ف6 م114)على أن لا تتجاوز نسبتها 5% من صافي ربح الشركة.

10-المصروفات العمومية

وتشمل الكثير من النفقات التي وردت بخصوصها نصوص صريحة في بعض التشريعات فيما لم يورد البعض الآخر نصاً إنما تعتبر كذلك لتحقق شروط النفقة : كمصاريف السفر والتنقل ، والمصروفات التجارية ونفقات الدعاية والإعلان ، كما أورد المشرع المصري خصماً لم يرد له ما يماثله في التشريعين العراقي والأردني هو الخصم الخاص بتلافي الازدواج الضريبي(27).

11- نفقات الصيانة والترميم والتبديل

تعدّ المبالغ المصروفة لصيانة وإصلاح وتحسين العدد والآلات أو تبديلها بأخرى نفقات جائزة الخصم متى تتحقق صحة دفعها وكانت تخدم سنة إنفاقها أما إذا كان من شأنها أن تحدث تغييراً جوهرياً يزيد القوة الإنتاجية للأصل بحيث تمتد فائدتها إلى أكثر من سنة أو كانت ذات طبيعة رأسمالية عندئذ تخضع لأحكام الاستهلاك(28). وهذا الأمر اتفق عليه المشرعان العراقي والأردني ، وإن كان هذا الأخير قد زاد على ذلك تنزيل نفقة تبديل الالات التي بطل استعمالها(29). فيما لم نرَ ما يشير إلى هذه النفقة في القانون المصري.

12- الاندثار (الاستهلاك)

يعتبر الاستهلاك (الاندثار) ذا أهمية بالغة بالنسبة إلى الشركة لأنه يحافظ على راس مالها في المقام الأول ويظهر ميزانيتها على حقيقتها بتحديده مقدار الربح الحقيقي والابتعاد عن كل ربح وهمي، ولذلك تجمع التشريعات على السماح بتنزيل تلك المبالغ والنسب(30). التي تدفعها الشركة لقاء الاندثار أو النقص التدريجي الذي يصيب أصولها من سنة إلى أخرى بسبب التلف نتيجة استعمالها في إنتاج الدخل متى كان متعلقاً بسنة استقطاعه ومؤيداً بوثائق مقبولة(31). وبهذا المفهوم يكون الاستهلاك صناعياً ، أما إذا كان متعلقاً بسداد الشركة لراس مالها في أثناء حياتها فيكون الاستهلاك مالياً وهذا يحصل في شركات الامتياز ، وقد انفرد المشرع العراقي بإجازته خصم هذا الاستهلاك دون أن يجيز للشركة أن تخصم إلى جانبه قسطاً للاستهلاك الصناعي إلا بالمقدار اللازم لتحديد الأصول في أثناء مدة الامتياز ، فيما توجه القانون الأردني لها بالإعفاء الكلي(32). واعتبر المشرع المصري إعفاءها جزئياً. وتنظم أحكام الاستهلاك بموجب تعليمات معينة تصدرها جهات متخصصة تحدد فيها طرق احتسابه ونسبه ، وهو يرد على جميع الأصول المادية والمعنوية المملوكة للشركة كالآلات والمعدات وشهرة المحل وبراءات الاختراع والاسم التجاري ، وكذلك بعض المصروفات الإيرادية المؤجلة كنفقات التأسيس ، وهذا ما أُخذ به في القانون العراقي(33). والقانون الأردني على الرغم من أن هذا الأخير لم يورد نصاً صريحاً بخصوص الأصول المعنوية إلاّ أن العمل جرى على السماح باستهلاكها عدا شهرة المحل ، فيما اتفق موقف المشرع المصري مع موقف المشرع العراقي بالنسبة إلى إخضاع جميع الأصول وبضمنها شهرة المحل إذا كانت مشتراة(34). لكنه تميز منه ومن القانون الأردني في انه منح الشركة استهلاكاً إضافياً عن أصولها المادية المنقولة وحصراً الالات والمعدات الجديدة التي تشتريها الشركة أو تصنعها لاستخدامها في الإنتاج متى كانت تؤدي إلى زيادته وكانت الشركة ممسكة دفاتر منتظمة (ف3/م114) .

ثانياً. الخسائر :

تتعلق الخسارة بالنقص الحقيقي والنهائي في رأس مال الشركة الذي ينتج بسبب مزاولتها لنشاطها الاقتصادي فيؤثر في دخلها الذي تحصل عليه بتقليله(35). ولهذا فهي تمثل عبئاً على ذمتها وتقر التشريعات باستبعادها من نطاق الخضوع للضريبة ، وهي إما أن تكون عادية (تشغيلية) إذا تعلقت بالنشاط المعتاد للشركة ، أو غير عادية (غير تشغيلية) إذا لم تتعلق بهذا النشاط ، أو تعلقت بالأصول الرأسمالية للشركة.وقد انقسمت التشريعات محل الدراسة بخصوص هذه الصور إلى قسمين: ميز الأول الخسارة التشغيلية فأجاز خصمها استناداً إلى مبدأ المعاملة بالمثل فكل ربح يخضع للضريبة من نشاط معين يقابله تنزيل الخسارة المتحققة من ذلك النشاط(36). أما عن الخسارة غير التشغيلية فلم يجز تنزيلها إلا على سبيل الاستثناء ، وهذا ما جرى العمل على الأخذ به في القانونين العراقي والأردني ، حيث أجاز الأول تنزيل الخسارة الرأسمالية بمقدار ما يقابلها من أرباح خاضعة للضريبة وهي تتحقق في حالة بيع العقار أو تصفية الشركة(37).

أما في الثاني فقد جرى العمل على تنزيل الخسائر المتعلقة بالسرقة والاختلاس وهي خسارة لا تتعلق بنشاط الشركة ما دامت الشركة لم تقبضها(38). فيما حظيت الخسائر الرأسمالية بنص صريح يقضي بعدم جواز تنزيلها هو نص (ف هـ/م11).

أما القسم الثاني ، فقد أجاز تنزيل الخسائر أياً كان شكلها ويتمثل بموقف القانون المصري وإن لم يتضمن سوى نص م (115) بخصوص خسائر الشركة إلاّ أن رأي الفقه مستقر على ذلك(39). وعموماً تتم معالجة الخسارة بإحدى صورتين:

آ. تنزيل خسارة الشركة في أحد مصادرها من أرباح المصادر الأخرى خلال نفس السنة التي تحققت فيها ويشترط لذلك(40):

-أن تكون مصادر الدخل الأخرى التي تنزل منها الخسارة خاضعة للضريبة أو غير معفاة منها، كما لو كان للشركة أنشطة تجارية وأخرى زراعية فان الخسارة في النشاط التجاري لا تخصم من ربح النشاط الزراعي لأنه معفو من الضريبة ، ويصدق هذا على المصادر التي لحقتها الخسارة أيضاً(41).

-أن تكون الخسارة فعلية ، بمعنى أن يتم إثباتها بوثائق أصولية وغير قابلة للطعن فيها بحيث تعكس صورة حقيقية عن نشاط الشركة ، وهذا يتطلب أن يكون لديها دفاتر وسجلات منتظمة.

-أن تكون الخسارة متعلقة بذات الشركة وتخصها وحدها ، فلا يعتد بخسائر المساهمين لاستقلال شخصيتها عنهم ، ولا خسائر المالك الجديد في حال انتقلت ملكية الشركة ، وتعتبر الشركة وفروعها شخصاً واحداً لأغراض هذا الشرط ، ولكن يستثنى(42). من ذلك في القانون العراقي حالة الخسارة التي تلحق بالشركة أو أحد فروعها خارج العراق ، فلا يجوز تنزيلها منعاً للتلاعب الذي يمكن أن يصدر من هذه الشركات بتحميل فروعها لخسائرها(43).

ب. ترحيل الخسارة ، في حال كانت على درجة من الضخامة بحيث أن جميع مصادر الشركة لم تكن كافية لتغطيتها ، أو لم يكن لديها غير مصدر واحد ولم يكن هو الآخر يكفي لتغطية هذه الخسارة ويتم الترحيل إلى أرباح عدد معين من السنوات المتصلة فيما يشكل استثناءً على مبدأ استقلال السنوات المالية من خلال اعتبار المشروع وحدة زمنية متكاملة تساند سنواته كل منها الأخرى للمحافظة على رأس ماله ، وتتحدد هذه السنوات بـ (خمسة سنوات) متصلة في القانونين العراقي والمصري ، و (6) سنوات في القانون الأردني ، لكن المشرع العراقي تميز في تقريره لهذا الترحيل بتطلبه شروطاً معينة فضلاً عن الشروط العامة المطلوبة في الخسارة تمثلت بـ(44).

1-قيد المشرع العراقي عملية ترحيل الخسارة بأن تتم من أرباح المصدر نفسه في السنة أو السنوات التالية حتى لو كان للشركة مصادر أخرى تدر الربح.

2-وبالنسبة إلى المصدر ذاته اشترط أن لا يزيد مقدار ما ينزل من خسارة على نصف الدخل الخاضع للضريبة أما إذا زاد على ذلك لا ترحل الخسارة. فيما أطلق المشرعان الأردني والمصري عملية الترحيل بالنسبة إلى المصدر التي تحققت فيه الخسارة أو غيره وسواء استغرقت عملية الترحيل كل الدخل أو نصفه أو نسبة معينة منه(45). ويبدو توجه المشرع العراقي هذا أفضل من المشرعين الأردني والمصري لأنه وإن كان يتسم بالتشدد إلاّ أنه يمنح الشركة حافزاً مهماً للنشاط وتحقيق الربح حتى يكون بالإمكان التخلص من خسائرها ، على الرغم من أن جانباً من الفقه ينتقده ويعتبره غير مبرر فيطالب بإطلاق الترحيل أسوةً بالتشريعات الأخرى(46).

___________________

1- استخدم المشرع العراقي مصطلح التنزيلات، في حين جاء المشرع الأردني بعبارة تنزيل نفقات العمل، أما القانون المصري فقد أطلق عليها التكاليف جائزة الخصم .

2- حمزة شهيب ، مصدر سابق ، ص56.

3- في بيان هذه الاتجاهات وتفصيلها انظر : د. صادق الحسني ، مصدر سابق ، ص ص176-177.

4- استعمال الدخل يمثل الغاية منه ويكون لاحقاً على تحققه ، أما التكليف فيكون وسيلة الحصول عليه وسابق لتحققه ، انظر د. عاطف صدقي ، مصدر سابق ، ص232.

5- د. إسماعيل خليل إسماعيل ، قياس الدخل الخاضع للضريبة بموجب قانون ضريبة الدخل رقم 113 لسنة 1982 وتعديلاته ، مجلة العلوم الاقتصادية والإدارية ، المجلد 2 ، العدد 3، بغداد ، 1995 ، ص273.

6- انظر نصوص المواد (8) و (9) من قانوني ضريبة الدخل العراقي والأردني النافذين كذلك .

* سوسن أحمد سعيد العبيدي ، مصدر سابق ، ص ص 24-25.

*د. السيد عطية عبدالواحد ، مصدر سابق ، ص ص 192-193.

*وليد زكريا صيام ، حسام الدين مصطفى الخداش ، مصدر سابق ، ص ص99-101.

7- يتعلق الاستثناء هنا بالنفقات التي تستوجب الدفع النقدي كالفوائد ، والضرائب والرسوم ، أو إذا كان الأساس النقدي هو المعتمد في نشاط الشركة ، ولم يكن هناك مانع إداري وقانوني يحول دون ذلك ، كما هو الحال في القانون الأردني الذي أجازّ استثناءً تنزيل نفقات السنوات السابقة إذا لم تكن محددة ونهائية أو السنوات الأربع السابقة التي لم تنزل بسبب السهو أو الخطأ ، انظر الفقرات (ع،ف/م9) من هذا القانون.

8- يرجع السبب في ذلك إلى انتفاء صورة العقاب الذي يقابل مخالفة القانون المتحققة في الغرامة ، ويشجع على ارتكاب مخالفات اكبر وعليه تستبعد من نطاق النفقات ويؤيد القضاء هذا التوجه ، فعلى سبيل المثال قررت محكمة التمييز الأردنية عدم جواز تنزيل الغرامة إذا كانت عقوبة جزائية أما إذا كانت مدينة كالغرامة التأخيرية فيجوز تنزيلها ما دامت مصروفة في سبيل إنتاج الدخل ، القرار المرقم 503/86 نقلاً عن : محمود أبو نصار وآخرون ، مصدر سابق ، ص117.

9- طبقت السلطات المالية في العراق هذا عندما قررت جواز تنزيل الغرامة الواقعة على الشركة نتيجة عدم تعيين مشاور قانوني لأنها جاءت على سبيل التعويض ومرتبطة بنشاط الشركة ، قرار لجنة التدقيق الثالثة المرقم 119 في 26/7/1972 ، في تفاصيل هذا القرار أنظر : د. عادل فليح العلي ، مصدر سابق ، ص ص326-327.

0[1]- انظر (ف1/م8) من قانون ضريبة الدخل العراقي النافذ على سبيل المثال.

[1]1- فاضل حنتوش عبدالله، مصدر سابق ، ص78.

12- يقصد بالمحل “المكان الذي اشغل للحصول على الدخل سواء كان مركزاً للإدارة أو معرض أو بناية للمصنع أو الشركة” ، حمزة شهيب ، مصدر سابق ، ص59.

3[1]- البنود (ب، جـ) من الفقرة 2/م8 من قانون ضريبة الدخل العراقي النافذ.

4[1]- غليان الشريف ، مصدر سابق ، ص97.

5[1]- انظر ما سبق ، ص (168).

6[1]- يعدّ هذا الشرط ضرورياً لخصم الديون المعدومة ، وهذا ما يؤكده القضاء الأردني عندما اعتبر الديون هالكة إذا لم يكن بالإمكان تحصيلها من المدينين فمجرد الشك لا يعني أن الدين اصبح هالكاً فعلاً بالمعنى القانوني ، انظر قرار محكمة التمييز الأردنية المرقم 335 لسنة 1985 م-تميز حقوق ، نقلاً عن : وليد زكريا صيام ، حسام الدين مصطفى الخداش ، مصدر سابق ، ص125.

7[1]- (البند 3/ف ز/م9) من قانون ضريبة الدخل الأردني النافذ ، وحدد هذا البند الاستهلاك بمقدار لا يتجاوز 100 ألف دينار أو 25% من الدخل الصافي أيهما أكثر قبل تنزيل النفقة .

8[1]- د. منصور احمد البديوي ، د. محمد رشيد الجمّال ، المحاسبة الضريبية ، مصدر سابق ، ص 165 .

9[1]- ويشترط في القانون العراقي لهذا أن يجاوز المبلغ المخصوم المبلغ المقدر للضريبة في العراق على الدخل المكتسب في البلد الأجنبي ، كما أنه أجاز ترحيل الضريبة الأجنبية مدة خمس سنوات متتالية ، جاء هذا الخصم بمقتضى القسم 12 من الأمر المرقم (49) الخاص بالاستراتيجية الضريبية لسنة 2004 الذي أضاف إلى م (5) من قانون ضريبة الدخل النافذ فقرة جديدة تضمنت هذا الخصم ، ص 12 .

20- ف(8/م8) من قانون ضريبة الدخل العراقي النافذ.

[1]2- تتحدد هذه النسب بـ (25%) من صافي ربح الشركة في القانون الأردني (ف (ب) /م12) و 7% منه في القانون المصري (البند ب/ف5/م114) وهذه النسبة تتفق مع ما يأخذ به قانون الشركات المرقم 159 لسنة 1981 المصري المعدل النافذ .

22- انظر د. صادق الحسني ، مصدر سابق ، ص241 ، كذلك :

*د. احمد نور ، مصدر سابق ، ص175.

*غليان الشريف ، مصدر سابق ، ص109.

23- فاضل حنتوش عبدالله ، مصدر سابق ، ص99.

24- انظر الفقرات (هـ ، و ، ن ، س)/م9 من قانون ضريبة الدخل الأردني النافذ ، والفقرات (7،8،9،10،11)/م114 من قانون ضريبة الدخل المصري النافذ.

25- فاضل حنتوش عبدالله ، مصدر سابق ، ص ص92-94.

26- انظر الفقرة (و/م11) من قانون ضريبة الدخل الأردني النافذ ، و(البند 2/ف 6/م114) من القانون المصري النافذ .

26- م(118) من قانون ضريبة الدخل المصري النافذ ، ويتعلق هذا الخصم بتنزيل الضريبة النوعية المدفوعة عن الايرادات غير المتصلة بمباشرة المهنة والأبنية والعقارات التي تمتلكها الشركة وكل إيراد آخر سبق خضوعه للضريبة ، وكذلك الإيرادات التي أعفيت من الضريبة بمقتضى القانون للإبقاء على ميزة الإعفاء الذي قرره لها المشرع .

27- تقرر ذلك (ف2/م2) من نظام الاندثار والإطفاء للقطاعين الخاص والمختلط المرقم 9 لسنة 1994، إذ أجازت إضافة مقدار الزيادة التي أحدثتها النفقة في الطاقة الإنتاجية للأصل إلى قيمته الأصلية ، ويخضع لأحكام الاستهلاك بالقيمة الجديدة المعدلة.

28- الفقرة (ط/م9) من هذا القانون.

29- يتم ذلك بتحديد مدة معينة يتوقع فيها فناء الأصل وتقسيم قيمته على هذه المدة فتكون النسبة الناتجة هي نسبة الاستهلاك التي تستقطع من إيراد كل سنة حتى نهاية هذه المدة.

30- محمد علوم ، مصدر سابق ، ص ص127-128.

[1]3- انظر ما سبق ، ص ص (39-40).

32- انظر الفقرات (4،11/م8) من قانون ضريبة الدخل النافذ ، و م (4) من نظام الإطفاء والاندثار المرقم 9 لسنة 1994.

33- يأتي هذا من ارتباط شهرة المحل بالعنوان التجاري الذي لم يجز قانون التجارة الأردني بيعه ، ومن اعتبار العناصر المكونة لها خاضعة لأحكام الاستهلاك ، انظر ، عادل الحياري ، مصدر سابق ، ص363 فيما انتهت إلى هذا مصلحة الضرائب المصرية في تعليماتها المرقمة 27 بتاريخ 23/4/1969 ، المحامي محمد بدران ، مجموعة قوانين الضرائب في مصر ، مصدر سابق ، ص548.

34- حيدر نجيب احمد فائق سعيد المفتي ، الخسائر الضريبية في قانون ضريبة الدخل ، رسالة ماجستير مقدمة إلى مجلس كلية الحقوق ، جامعة صدام ، بغداد ، 2002 ، ص7.

35- د. إسماعيل خليل إسماعيل ، المحاسبة الضريبية ، مصدر سابق ، ص450.

36- انظر م(11) من قانون ضريبة الدخل العراقي النافذ ، و م(11) من القانون الأردني النافذ.

37- ينتقد البعض موقف المشرع العراقي هذا على أساس أن م(11) من قانون ضريبة الدخل العراقي جاءت على ذكر الخسارة بعبارة مطلقة مما يفيد عدم التمييز بين نوع وآخر منها ، انظر ، صالح يوسف عجينة، مصدر سابق ، ص404.

38- فؤاد توفيق ياسين ، احمد عبدالله درويش ، مصدر سابق ، ص160.

39- أجازت محكمة النقض المصرية تنزيل خسارة المكلف الناشئة عن سرقة أو اختلاس طالما كان الظاهر من هذه الخسائر أنها لم ترد إليه فعلاً ، الطعن المرقم 400 لسنة 21ق جلسة 4/6/1953 نقلاً عن
د. السيد عطية عبدالواحد ، مصدر سابق ، ص219.

40- د. طاهر الجنابي ، علم المالية العامة ، مصدر سابق ، ص219 ، انظر كذلك عجز م (11) من قانون ضريبة الدخل النافذ.

*غليان الشريف ، مصدر سابق ، ص215 ، كذلك الفقرات (حـ ، د)/م 10 من قانون ضريبة الدخل الأردني النافذ.

*د. احمد نور ، مصدر سابق ، ص182.

[1]4- ويعدّ خضوع المصدر الذي لحقته الخسارة للضريبة شرطاً جوهرياً للتمييز بين الخسارة الضريبية والخسارة المحاسبية ، انظر سوسن العبيدي ، مصدر سابق ، ص39.

42- جاء الأمر المرقم (49) الخاص بالاستراتيجية الضريبية لسنة 2004 باستثناء دخول السنة المالية 2003 والشهور الأربع الأولى من سنة 2004 في حالة تنزيل الخسارة ، وهذا الاستثناء هو استثناء مؤقت جاء مراعاة لما مرّ به البلد من ظروف أثرت في الجانب الاقتصادي للعديد من المكلفين ، وتقرر ذات الاستثناء بالنسبة إلى حالة الترحيل ، حيث إنه لم يجز ترحيل خسائر المكلف عن تلك المدد، فضلاً عن منح الخسائر غير المستعملة لسنة 2002 سنة إضافية للترحيل ، القسم (5) من هذا الأمر.

43- د. هشام صفوت العمري ، الضرائب على الدخل ، مصدر سابق ، ص290.

44- جاء بهذه الشروط الشق الأخير من م(11) من قانون ضريبة الدخل العراقي النافذ.

45- لا تكتفي بعض التشريعات بذلك بل تمنح الشركة حق ترحيل الخسارة لسنوات سابقة (إلى الوراء) كما هو الحال في التشريع الأمريكي، المرسي السد حجازي، النظم الضريبية..، مصدر سابق ، ص 143-144.

46- أنظر : تقي الوسواسي ، جـ2 ، مصدر سابق ، ص 290 .

المؤلف : زينب منذر جاسم الوائلي
الكتاب أو المصدر : ضريبة الدخل على الاشخاص المعنوية

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .